-->

رواية جديدة ذنبي عشقك لميرا كريم - الفصل 20

 الفصل العشرون

قراءة رواية ذنبي عشقك كاملة
تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى




رواية ذنبي عشقك رواية جديدة قيد النشر

من قصص و روايات 

الكاتبة ميرا كريم

الفصل العشرون


يوماً مَا سَتدرِك أنَّ أقسَى ما مررْت بهِ، كَان خيراً عظيماً أَنقذَك ليجْعَلك أقْوى ممَّا كنْت علَيْه."

- جيفارا

❈-❈-❈

كان صوت الزمر والطبل ينـ خر عقلها فكانت لا تطيق و تسد

بيـ دها أُذنها وكأن ماتستمع له هو تعزية عزائها، فمع عودة ذلك اللعين تلاشت سُبل خَلاصها والأنكى أنها تعلم أنها اخطأت في قرارها ولكن ماذا تفعل في مخاوفها التي تقيد افعالها، فكانت تجلس ومازالت تسد أُذنها وتضرب الأرض

 بقد مها حين دخل "صالح" يتأرجح في مشيته قائلًا بعدم اتزان:

-واخيرًا يا بت المعلم خرج وهنرجع لأيام النغنغة من تاني 

ده عامل ليلة علشان رجوعه إنما إيه آخر بحبحة


وهنا وبلا أي مقدمات وكأنها كانت تنتظره لتفض به غليلها اندفعت كالنمرة الشرسة  لعنده و رفـ عت يد ها عاليًا و

هـ وت بها على وجـ هه صارخة بقهر:

-يا معدوم الر جـ ولة يا عديم الشـ رف


ارتد أثر صـ فعتها لا يصدق ما بدر منها لتبرق عيناه وكأن مفعول ما تناوله من سموم تلاشى مع فعلتها  فقد قبض على ذراعيها الإثنين يؤرجحها هادرًا من بين اسنانه المصتكة:

-بتمدي ايدك عليا يا "شمس" !


أكدت هي تجابهه: 

-اه يمكن افوقك يا "صالح" و تفتكر أن اللي إني اختك والمفروض بدل ما تخاف على شرفك وعرضك أنت بنفسك اللي رخصتني وخليت الكـ لب ده كان عايز

ينـ هش فيا


زعق يتستر على شح رجـ ولته: 

-عارفة وربنا لو مكنش "سلطان" منبه عليا كنت عجنتك في بعض 

على اللي عملتيه


نزعت ذراعيها من قبضته و دفعته بصدره هادرة: 

-طول عمرك جبان ومش ر اجل 


لعـ نها بفجـ وج ثم رفع سبابته قائلًا بتهد يد مقيت يضغط به على بواطن ضعفها: 

-بطلي كلامك اللي زي السم ده احسنلك انتِ عارفة اقدر على إيه 

حانت منها بسمة مريرة ساخرة تسخر بها من ذاتها قبله: 

-هتعمل ايه يا "صالح" مبقتش اخا ف ومفيش حاجة هتقدر تضغط عليا بيها وإذا كان على ابنك ده لحـ مك ود مك ولو فكرت تأذيه مفيش حد قلبه 

هيتـ وجع غيرك 


قلب عينه وقال بلامبالاة لعـ ينة وكأنه لا يتحدث عن شيء يعني له: 

-مش هعمل ولعلمك بقى انا شيلت ايدي و عملت اللي عليا وحافظتله عليكِ لغاية ما يخرج ازيد من كده مليش فيه وهو حر  يعمل اللي يعمله معاكِ ومهما حاولتي تهربي مش هتعرفي 

رجا لته في كل شبر في الحارة ده غير أنه ناوي يكتب عليكِ كمان يومين


نفت هي برأسها قائلة برفض قاطع: 

-مش هيحصل يا "صالح" مش هيحصل 


صدر صوت ساخر من فمه يهزأ به منها ثم أكد بخنوع وكان الأمر مُسلم به: 

-هيحصل وبلاش تعاندي اكتر من كده ونصيحة من اخوكِ بلاش تقفي قصاده علشان بالرضا أو بالغـ صب هيتجـ وزك ومحدش يقدر يمنعه وانا عن نفسي مش هقف في وشه 


وهنا لم تتحمل فقد عرت حقيقته كاملة بنبرة تقطر بخزيها منه: 

-أد ايه انت و اطي وخسـ يس وعديم الشـ رف انا مستغربة إزاي مفيش جواكِ ذرة نخـ وة كده وإزاي البـ طن اللي شالتني هي نفسها البـ طن اللي شالتك انا ندمانة حقيقي على كل اللي ضحيت بيه علشانك وندمانة أكتر إن في يوم كان قلبي عليك... 


لوح بيده يستنكر تضحياتها وكأنه لم يكن سبب اساسي في بؤسها: 

-يووه بقى ما تتهدي يا بت وبطلي تعايريني وبعدين ياحسرة 

عملتي ايه يعني!


ليتابع يدعي بلؤم يكمن خلفه العديد من المطامع: 

ــ وبعدين انا عايز مصلحتك وبعمل الصالح ليكِ "سلطان" بيحبك وهيستتك والخير هيعم على الكل


طالعته بنظرة غائمة مغلفة بخيبة أملها قبل أن تقول بحُرقة 

ألـ هبت حروفها: 

-انا ضحيت بحاجات كتير اوي لكن لغاية هنا ولأ يا "صالح"


اعتلى جانب فمه وعقب يستخف بها قبل أن يغادر غرفتها: 

-طيب يا اختي انا عايزك تقفي قصاده وتقولي كده وابقي افتكري إني نصحتك.


طالعت أثره ودموعها تتهدل تنعي حظها وكأن ردة فعلها أنها رفعت نظراتها لأعلى وقالت بحُرقة والقهر ينقط مع حروفها: 

-يــــــــــــــارب... أنت حسبي و وكيلي 

❈-❈-❈

لم تغمض لها عين طوال الليل وشيء واحد يدور برأسها هل حقًا ستستسلم لمصيرها، نعم ضعفت في الآونة الأخيرة وكادت تيأس من خلاصها ولكن لمن تقدم تضحياتها!

فكل ما فعلته استنكره هو و ذهب هبائاً إذا لتتخطى خوفها وليكن ما يكون بعدها لذلك نهضت ترتدي ملابسها وهي تنوي أن تذهب ل"عماد" لعله يجد معها سبيل لخلاصها...فكان باب غرفتها الموصود منذ عدة ايام ولا يفتح إلا للضرورة ها هو مفتوح على مصراعيه مما جعل بسمة مريرة تعتلي ثغرها حين تذكرت قول شقيقها بالأمس أن دوره في  الحفاظ عليها انتهى بخروج "سلطان "فقد سارت بضع خطوات لغرفته تتفقد حاله لتجده يغط في سبات عميق وبجوارة طبق ممتلئ بالتبغ ولفافة سلفانية مفضوضة يبدو أنه استخدم محتواها كاملًا وهنا 

هزت رأسها بلا فائدة قبل ان تخطو لباب الشقة ومنه إلى الشارع ففور أن وطأت قدمها خارج بنايتها وجدت رجال "سلطان" الذين يجلسون على المقهى المواجه متأهبين لها ويترقبون خطواتها، تناولت نفس طويل من اعماقها تشجع به ذاتها قبل أن تكمل سيرها ولكن وهي تصحب معها اثنان منهم يسيرون خلفها كظلها، فلم تبدي رفضها ولكن سايرت أمرها لحين وصلت لتلك البناية التي يقطن "عماد" على سطحها.

❈-❈-❈

في تلك الاثناء كان استعد للنزول  لتفقد أمور عمله التي اناب عنه في سيرها ذراعه اليمين "جلال" ومن بعدها كان ينوي مباشرة تحضيرات الزفاف فكان متحمس للغاية وكلما مرت الساعات يشعر بالإنتشاء كونه اخيرًا وبعد طول انتظار سينالها. ففور أن أغلق باب شقته توقف هنيهة متنهدًا وكأن تذكر أمر ما وبدل من أن ينزل وجد ذاته يصعد قاصد تلك الغرفة التي يقطن بها شقيقه،  حقًا لا يعرف السبب كل ما يعرفه انه يظل شقيقه الأصغر الذي يكن له الكثير وقلبه يهفو عليه رغم جفائه ومقاطعته له.

تنهد بتثاقل وهو يطرق على باب الغرفة وثوانٍ معدودة من الانتظار كان يفتح "عماد" له متسائلًا بحدة:

-ايه اللي جايبك هنا...عايز إيه؟


تنهد "سلطان" يحاول أن يكسب وده من جديد:

-امبارح كنت في نص هدومي وانا بين الرجالة وأنت مش جنبي  وزمان الناس شمتت فيا وقالت اخوه الصغير خرج عن طوعه


حانت من "عماد "بسمة هازئة قبل ان يتهكم:

-ده كل اللي يهمك مش كده!


نفى "سلطان" وقال بمرارة:

-لأ وأنت عارف إن مش ده اللي يهمني بس أنت اخويا ويعز عليا مقطعتك ليا و وقفتك قصادي


لوح "عماد "بيده وأكد بصوت منفعل يدافع عنها غافل تمامًا أنها بالقرب متوارية ومتجمدة بأرضها:

-وهفضل زي اللقمة اللي في الزور ليك يا "سلطان" ومش هسيبك تضيعها زي ما ضيعت اخوها وكنت هتضيعني انا كمان


تقلصت معالم "سلطان" الخشنة وقال بشيء من الندم:

-اخوها عمره كده وبعدين هو انا كنت بقرأ الطالع علشان اعرف ان كل ده هيحصل


احتدت نبرة "عماد" وكشف نواياه السابقة وهو يقبض على تلابيه:

-لأ كنت عارف ومخطط لكل ده علشان تذل "عزيز" وميعارضتش جوازك منها وعلشان تورطه معاك في نفس القرف و تثبت لنفسك أن مفيش حد احسن من حد 


نزع" سلطان "يده عنه وبرر أفعاله وقتها:

-لولآ "الغجري" خطفك مكنتش بعته مع الراجل بتاعه يسلم البضاعة 


عقب" عماد" بصوت مختنق  وشريط من الذكريات المؤلمة تمر أمام عينيه:

-و"الغجري" خطفني ليه! هاا مش علشان كان مخونك وقطع صباعي ليه! مش علشان كنت ناوي تغدر بيه وكان بيحذرك أنه هيقطع من لحـ مي ويبعتهولك


قال ما قاله بصوت منفعل وهو يرفع كف يده المنقوص أمام عين الأخر لعله يذكره بدنائة أفعاله، وهنا تهدلت معالم "سلطان" ينظر ليده ثم نطق نادمًا وهو يسير بضع خطوات يجلس على الاريكة في الزاوية يكوب رأسه بيده: 

-البضاعة راحت والحكومة لقيتها في العربية وخدتها بس هو أصر ارجعله الفلوس وكان صعب عليا ارجع مبلغ زي ده في كام يوم وعلشان كده كان بيضغط عليا بيك ليرفع رأسه المطأطأة بخزي ويتابع وهو يرفع سبابته يذكره بإنجازاته العظيمة من وجهة نظره:

-بس انا مسكتش وخدت عينه قصادها واتسجنت تلت سنين بسبب اللي عملته فيه...لتخفت نبرته ويضيف معاتبًا:

-انا خدت حقك وانت لغاية دلوقتي مش راضي تسامح وتغفر


اقترب"عماد" من موقعه وعلى  ثغره بسمة تنم عن خزيه منه قبل أن يقول مؤنبًا:

-وحتى لو سامحت في اللي ليا  عمري ما هقدر اغفرلك انك ندل وجبان و استغليت حوجة "عزيز" للفلوس علشان يسافر وكنت السبب في موته


استنكر "سلطان" وبرر وهو ينهض  يتمسك بذراعه بكل إصرار وكأن تبريره سيتشفع له ويتستر على ما كان يكنه وقتها:

-انا مليش ذنب هو كان خايف عليك وحب يساعد ويخلصك لما "الغجري" اشترط عليا ابعت واحد مع الراجل بتاعه يكون وشه مش محر وق ولا سوابق عند الحكومة


نفض "عماد "يده عنه وقال بصوت مُعذب ينبض بتقريع ضميره الملازم له:

-حتى صوحبيتي ليه استغلتها لصالحك وعيشتني عمري كله بذنبه... "عزيز" كان كل أمله في الدنيا أنه ياخد شهادته ويسافر  لاخته ويعيشوا في سلام بعيد عن شرك بس أنت استكترت عليه  و ورطته معاك


وهنا تأفف وطفرت اسبابه التي من وجهة نظره كافية لتبرر افعاله الغادرة:

-يووه أنت ليه مش عايز تفهم لو كان سافرلها مكنتش هترجع البلد تاني ومتنساش انها سافرت من غير رضايا ولولآ أنت وهو ساعدتوها وقتها كان زمانها 

مرا تي من سنين ومكتوبة على اسمي



-شوفت أنك كنت قاصد تورطه


وهنا ثارت ثائرته وانزلقت الحقيقة من فمه دفعة واحدة: 

-اه كنت قاصد وعندي استعداد اعمل المستحيل علشان تكون ليا


قالها منفعل دون تفكير ودون ذرة ندم غافل أنها بالقرب و استمعت لكل كلمة نطق بها فكانت متجمدة بأرضها كأن خنجر مسموم طعن بقلبها وسرى سمه الزحاف داخل وريدها ليشل جـ سدها ويلـ جم لسـ ـانها وبدل أن تنـ قض عليه تفض غليلها وتثأر لعزيز قلبها وجدت ذاتها تكتم انفـ اسها وتنفي برأ سها وكأن عقلها يرفض يقينها، فلم تعي لذاتها وكأن جـ سدها فقد مقاومته و هو من قرر الفرار رأفة بها، فقد تراجعت منسحبة تهرول بلا وجهة محددة. 

بينما "عماد" بعد اعترافه الآثم وكشفه لنواياه الكاحلة، صرخ في وجهه بالحقيقة التي يتغاضى عنها كاملة:

-مش بالعافية هي مش عايزاك ولا بتطيقك ولاعمرها ريحت قلبك بكلمة أنت ليه مش عايز تفهم؟ 


-مش مهم عندي كفاية انا بحبها


زمجر "عماد "ناهرًا: 

-انت ايه يا اخي شيطان كفاية أذى بقى وسيبها في حالها


رد" سلطان" بصوت جهوري و بإصرار لعـ ين: 

-مش هسيبها وعلشان يكون عندك علم هكتب عليها بكرة والحتة كلها عرفت ابقى وريني هتمنعني إزاي 


انقض "عماد "يمسكه من تلابيبه متحديًا: 

-همنعك يا "سلطان" همنعك


زمجر سلطان غاضبًا ثم دفعه بصدره مجابهًا بكل ثقة: 

-قولتلك متخلقش اللي يمنعني عنها وانا عايزك توريني أخرك يا "عماد"

قال ما قاله قبل أن يغادر يدك الأرض دك تحت قدمه تارك "عماد" يلـ عنه ويلـ عن إصراره المقيت بشأنها. 

❈-❈-❈

كان يتدلى الدرج بخطوات غاضبة للغاية حين وجدها تفتح بابها ببسمة تكاد تشـ ق وجهها، ليقلب عينه متأفف في حين اقتربت هي معاتبة:

-طول الليل وانا مستنياك كده يا "سلطان" هونت عليك


عقب على عتابها بحدة نفضتها: 

-بقولك ايه انا مش ناقصك 

وعفاريت الدنيا بتتنطط قدامي


ابتلعت ريقها واقتربت تتمسك بذراعه متسائلة: 

-ليه بس ايه اللي حصل احكيلي يا "سلطان" ده انا مراتك


نفض يدها بعنف عنه و رد محتدًا:  

-يادي الكلمة اللي بتستفزني دي قولتلك مبحبش اسمعها ويلا

غو ري جوه شقتك انا مش فايقلك 


كتمت انفاسها بكف يدها ثم عقبت تستسمحه بكرامة بالية: 

-طيب هتكتم حقك عليا يا سيد الناس كلها بس انا عملالك أكل تعالى كُل معايا وهنسيك كل اللي مضايقك


اعتلى جانب فمه وهو يشملها ببنيتاه القاتمة التي تضاهي نواياه ثم رد غير مباليًا كي يشعر بالزهو من إلحاحها: 

-مليش مزاج


حاوطت وجهه وأخذت تداعب بأناملها الرفيعة جرح حاجبه قائلة بنبرة راجية الهدف منها استمالته: 

-علشان خاطري يا "سلطان" بلاش تقـ سى عليا وتحرمني من قربك انا بحبك ومليش في الدنيا غيرك 


تأثرت رغباته الكامنة بها فقد غامت عيناه بالرغبة وقبل أن تستوعب كان يدفعها لداخل الشقة ويغلق الباب خلفه هادرًا وكأنه يَمن عليها: 

-ماشي لما اشوف اخرتها معاكِ

قالها ببسمة ذئب ينوي الفتك بفريسته قبل أن ينقض عليها مبررًا ان لا شيء سيضر إن رَوح عن ذاته واستغل استسلامها كي يفرغ شُحنات غضبه بها.

❈-❈-❈

استيقظ بمزاج عكر للغاية فلم تغمض له عين طوال الليل فمنذ ان تركه صديقه بالأمس وهو يشعر أن حرب ضارية تقام بداخله يصعب الحسم بها لذلك قرر أن يلهي ذاته بالعمل. 

فبعد أن ارتدى ملابسه وخطى للمطبخ ليعد قهوته الصباحية قبل ذهابه وجد ذاته يستمر أمام باب الغرفة التي ظلت مغلقة منذ غيابها فكان شيء ما بداخله يدفع دفع لفتح بابها و فور أن فعل و ادار مقبضها لفحته رائحتها التي وجد قلبه يـ خر من شدة اشتياقه لها فنعم رغم ادعائه الصمود اشتاق لكل ما بها وأولهم ذلك الوهج المـ شتعل بالكبرياء داخل عينها الذي يدفئ قلبه مع قربها، وايضًا، حديثها، ضحكاتها، نظراتها، تساؤلاتها، شراستها في غضبها التي تخالف تمامًا مسايرتها لنوبات غضبه وامتصاصها ورغم أن كل ما به يخور من أجلها إلا أنه كان صامدًا أمام الجميع حتى لا يشفق أحد عليه حينها.

فكان يجول الغرفة بعينه ويهيأ له أنها مازالت تتواجد بها يخطو بداخلها و يلامس كل شيء بأنامله بداية من فراشها و وسادتها لحتى ورقها وذلك الكتاب التي كانت تنوي ترجمته لولا رحيلها، لتتقلص معالمه حين فتح خزانتها و وجد داخلها ثيابها ومن بينهم سترته القديمة التي منحها إياها بتلك الليلة العاصفة ليبتلع غصته ويسحب أحد أثوابها ويقربها من أنفه وهو مغمض العينين يسـ تنشق 

عبـ قها. وهنا أدرك أن مهما كانت سُلطة عقله، قلبه لن يتحمل خسارتها فكيف سيفعل وهو للأن لم يتخطى عصيان دواخله وشوقه القاتل لها فنعم صديقه محق رغم كل شيء لا يجب أن يتخلى عنها، فبعد تفكير مضني منه استنتج أنه من الممكن أن يتنحى عن كبريائه من أجل حمايتها ولكن ماذا إن رفضته هي مرة أخرى.

حقًا لا يود أن يتخيل الأمر من الأساس.

لذلك كان حائر وبشدة ما بين لين دواخله وقلبه الذي يهفو لها ويتألم من أجلها وبين عقله الذي يعلن عصيانه ويفرض سُلطته فور طرح احتمال رفضها.

ولكن بمجرد فكرة عابرة أنها ستقسم لغيره وجد قلبه يصرخ مستنكرًا ويحثه على المجاذفة وهنا لأول ينصاع لصوت قلبه  فقد تراجع يجلس على طرف الفراش يخرج هاتفه من جيب سترته يتأمله وهو بين يده  لبعض الوقت وكأنه يرتب أفكاره قبل أن يفعل ما نوى عليه من أجل راحة قلبه وخَلاصها.

❈-❈-❈  

كانت تهرول باكية لحين ساقتها قدمها لبيت "بدور" ففور أن فتحت بابها ارتمت "شمس" بحضنها قائلة بقهر يغلف حديثها: 

-"سلطان" يا "بدور" اللي كان السبب في مو ت "عزيز" اتأكدت وسمعتهم...انا شكوكي كانت في محلها انا اتوقعت كل ده لكن عمري ما تخيلت أن "عماد" يكون عارف ومخبي عليا أنا لا يمكن اسامحه انا إزاي وثقت فيه كده!


كانت تتحدث بهستيرية ودموعها تغرق وجهها، لتسحبها بدور للداخل وتجلسها تربت على ظهرها بمؤازرة قائلة: 

-استهدي بالله يا "شمس" والحمد لله أن عرفتِ الحقيقة في وقتها


نفت برأسها  بعدم اتزان وكأنها فقدت عقلها ثم غمغمت بنبرة

تخـ تنق حروفها كأخـ تناق روحها: 

-انا لازم انتـ قم منه يا "بدور" لازم


_أنتِ مش أده يا" شمس" ده مفـ تري ومفيش في قلبه رحمة ده غير أنه قال للحتة كلها أنه هيكتب عليكِ


قالت بلا تفكير دون أن تعي للعواقب كعادتها المجاذفة: 

_لا أده إن شا الله اقـ تله واقضي الباقي من عمري في السجن اهون عليا ألف مرة إني اتجـ وز الر اجل اللي كان السبب في مو ت"عزيز" 


ضربت "بدور" اعلى صـ درها تحاول تعقيلها:

_يالهوي عايزة تضيعي نفسك

انا مستحيل اسيبك تعملي كده


نفت برأسها وقالت بهستيرية من بين نحيبها: 

_امال عايزاني اعمل ايه...اعمل إيه... انا هتجنن...هتجنن


تهدلت دموع "بدور" تضامنًا معها وحاولت مواستها وهي تزيح 

خـ صلاتها التي ابتلت بدموعها عن وجـ هها: 

_استهدي بالله وخلينا نفكر...اكيد هنلاقي حل


هزت "شمس" رأسها والدموع تزف قهرها وقلة حِيلتها، لتضمها "بدور" من جديد تربت على ظهرها:

_اكيد في حل و ربك هيدبرها وقادر ينتـ قم منه ومن كل

ظـ الم مفـ تري


خفت نحيبها وقالت وهي ترفع نظراتها لأعلى راجية من قلبها: 

_يارب...يارب


وكأن أبواب السماء كانت مفتوحة وقتها فقد تعالى رنين هاتف "بدور" ليلفت انتباهها فقد خرجت من أحضانها واعتدلت متأهبة ونظراتها لا تفارق موضعه اعلى الطاولة وكأن مع رنينه تبلورت فكرة في عقلها بينما "بدور"  في بادئة الأمر لم تلقِ لرنينه بال ولكن مع تتبع نظراتها  و إلحاحه المستمر نهضت  تتناوله لتتهلل أساريرها وتقول ببسمة تكاد تمزق 

وجـ هها قبل أن تجيب: 

_ ياما انت كريم يارب...ده الباشا 


وهنا تسارعت دقات قلبها وعاد ذات الصوت يصرخ يستغيث من اعماقها فلم تشعر بشيء إلا وهي تسحب الهاتف من يد "بدور" وتجيب بصوت مختنق، 

مُـ عذب فضح ندمها واستسلامها:

_ أنا محتجالك.  

يتبع


إلى حين نشر الفصل الجديد للكاتبة ميرا كريم من رواية ذنبي عشقك، لا تنسى قراءة روايات و قصص كاملة أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية


رواياتنا الحصرية كاملة