-->

رواية جديدة في غياهب القدر لبسمة بدران - الفصل 40

 

قراءة رواية في غياهب القدر كاملة
تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى



رواية في غياهب القدر

رواية جديدة قيد النشر

من قصص و روايات 

الكاتبة بسمة بدران 


الفصل الأربعون والأخير

لحظات عصيبة


تَقَبَّلَ اللَّهُ مِنْكِ الصَوْمَ سَيّدَتِي

أما علِمتي بأنّ الحُسن يُفطرُنا ؟


تمشين بالارض فِطراً للأنام بما

لا تملكين فليت الله يعذرنا


إن استترتي فان الحسن يفضحكِ

و الحبُّ مهما تصدّدنا سيفضحنا


كأنك البدر غيماتٌ تضلّله

لا تحجب النور، هذا النور عذّبنا


حتى سكوتك اغرانا لان له

عينان تعقد بالاهداب السننا


ان التفتّي يميل الكل ميمنةً

و ان رجعتي رجوع الطرف ارجعنا


تقضين بالناس ما تبغين جالسةً

و كلنا نبتغي سجناً و يسعدنا


لله توبي اما تخشين عاقبةً

إنا دعونا وربُّ الكون يسمعنا


يا رب كم قد نوينا الصوم و اعترضت

و حسنها يا اله الكون افطرنا


(الحارث الخراز)


❈-❈-❈


ارتسمت أمارات الغضب جليا فوق قسمات وجهه قرع الجرس بهستيريا

  فاستمع إلى صوت والدته يأتي من الداخل: ما بالراحة يا اللي بترن الجرس هو أحنا يعني كنا قاعدين ورا الباب.

وما هي إلا ثواني حتى فتحت له فرمقها بنظرات مستهجنة وولج إلى الداخل

سارة بضع خطوات ثم نادى بصوته الجهوري: عبير يا عبير تعالي هنا.

تبدلت ملامح وجه والدته عندما أبصرت هيئته فخشيت أن يكون قد استمع إلى حديثها مع زوجته فراحت تفكر بسرعة في حل يخرجها من تلك الورطة لكن شعرت بأن عقلها قد شل فاجفلت على سؤال ولدها لزوجته: عبير أنا عايز اعرف إيه اللي كان بيحصل من ورايا من أول ما اتجوزنا؟

فتحت فاهها لتكذب عليه لكنه حذرها بنظراته مستطردا حديثه: واوعي تكدبي يا عبير لأني أنا بعرف من عينيكي اذا كنت كدابة ولا لأ.

صمتت قليلا ثم انفجرت في بكاء مرير يمزق نياط القلوب وكأن كلماته لها أشعلت فتيل الحزن بداخلها فقد كبتت حزنها لبضع أيام.

رمق والدته بعتاب ثم دنا منها يجلبها بين أحضـ انه وهو يمسد فوق ظهرها صعودا وهبوطا ويغمغم لها بكلمات معتذرة 

ثواني وأبعدها قليلا عن حضـ نه وراح يمسح دموعها بأطراف أنامله ثم سألها بلهفة: بقيتي أحسن دلوقتي؟

أومأت له عدة مرات بالموافقة.

فجذبها فوق أقرب أريكة وجلس بجوارها ثم أحاط كتفها بذراعه كي يؤازرها ويستحثها على التحدث بارياحية: احكي لي بقى كل اللي حصل بالتفاصيل.

أخذت نفس عميق وزفرته على مهل ثم راحت تقص عليه كل ما حدث من والدته وحديثها اللاذع لها ناهيك عن توبيخها باستمرار.

وبعد أن انتهت هب رؤوف واقفا يجذبها من يدها كي تقف معه هاتفا باختصار: لمي هدومك احنا مش نقعد هنا ثانية واحدة وحسابك معايا بعدين عشان خيبتي علىا حاجة زي دي أنت هتفضلي لحد أمتى تتهاني وتتبهدلي وتسكتي.

شعرات والدته بالحقد من تلك الفتاة فدنت منه تصرخ في وجهه: هتسيب أمك لوحدها وتصدق مراتك يا رؤوف يا خسارة تربيتي ليك وتعبي عليك.

ابتسم بسخرية ثم هتف بجدية ممزوجة باللوم: حضرتك وعدتيني أنك تعاملي عبير زي بنتك عشان كده أنا وافقت أنها تعيش معاكي هنا وحرمتها أنها تكون زي أي زوجة لها بيت لوحدها وعشان كده المكان اللي مراتي ما تحترمش فيه يبقى ما يلزمنيش وأنت يا أمي هتقعدي في بيتك معززة مكرمة واللي أنت عيزاه هيجي لك لحد عندك وطبعا أنا هشقر عليك كل يوم أما مراتي فملهاش قعاد هنا تمام؟

فتحت فاهها لتعترض لكنه لم يسمح إذ جذب زوجته باتجاه غرفتهما وبداخله بركان كبير

فلو لم تكن تلك المرأة والدته التي أنجبته لكان  حسابه معها عسير.


❈-❈-❈


قام واقفا وهو يهدر بعنف: انت بتقولي إيه يا رغد طلاق إيه وزفت إيه؟

 هتفت بإعياء شديد: متل ما سمعت يا رامي أنا ما فيني ابقى معك أو بقصد ما فيني ابقى بمصر أصلا.

 كاد أن يعترض على حديثها مرة أخرى لكنها أوقفته بإشارة من يدها إذا استطردت حديثها بهدوء: قرب الكرسي هون جنبي أكتر يا رامي بدي تسمعني منيح. 

زفر بقوة ثم إنصاع لطلبها وجلس بالقرب من الفراش الذي تقبع عليه مسندا بوجنته فوق مرفقه إزدردت ريقها بصعوبة ثم غمغمت بنبرة تقطر حزنا: راح احكي معك بصراحة أنا حببتك إيه لكن كان هدفي الأول اني أخدك من غزل كنت ادايق كتير لما شوفكن مبسوطين مع بعض وأنا كنت لحالي باختصار استخسرت فيكن السعادة لما زوجي الأول خاني كنت متل المجنونة ما تخيلت أبدا اني يصير معي هيك لحد ما اجيت وسكنت قبالكن وتعرفت على زوجتك وعليك حبيتك كتير بس كان من المفروض اني ما اعمل متل ما اتعمل فيني لكن حسيت بسعادة وأنا عم بعدك عنا بس للمرة التانية الدنيا استكترت فيني السعادة والله انتقم لغزل مني وحرمني اني صير أم

 كرمال هيك يترجاك اتركني وروح أنا بدي أبعد وأنسى يلي صار معي محتاجة اني ألاقي حالي مرة تانية.

 دمعت عينيه بتأثر من حديثها فأمسك بيدها وقـ بلها بقوة وهو يهتف بتأكيد: خليكي معايا يا رغد ما تسبينيش احنا الاتنين محتاجين بعض احنا...

 قاطعته بقوة: ما في نحنا في أنت ومرتك وأولادك صدقني هنا اولا بيك وأنت بدك ياهن نحن علاقتنا غلطا من الأول لهيك بترجاك تصلح هي الغلطة وترجع لحياتك مرة تانية وتنساني يترجاك يا رامي.

 وعلى الرغم من رفضه القاطع لحديثها ذاك إلا أنه أمام نظراتها الراجية وتوسلاتها لم يجد بدا سوى الموافقة على طلبها فهتف بهدوء: أنتي طالق يا رغد.


❈-❈-❈


استقبلته بابتسامة واسعة كعادتها في الآونة الأخيرة وهي ترحب به بلهفة: حمد الله على السلامة يا محمد.

 منحها ابتسامة هادئة: الله يسلمك يا وزة.

 راحا يتلفت يمينا ويسارا بحثا عن أولاده 

فدنت منه تطوق عنقه بكلتا يديها وهي تغمغم بدلال: الولاد نيمين وأنا حضرت عشة خفيف في اوضه نومنا بس طمني الأول لقيت حجز؟

 ضمها إلى قلبه وهو يستنشق رائحتها بعمق: أيوا يا حبيبتي لقيت حجز الساعة ستة الصبح يعني هنوصل قبل عملية عمار بفترة لأنها هتبقى الساعة اتناشر الضهر. 

ابتعدت عنه تسأله بلهفة: هو بابا قال لك إن العملية مضمونة صح يا محمد؟ 

أومأ لها بابتسامة مطمئنة مغمغما بهدوء ممزوج بالثقة: أيوة يا حبيبتي الدكتور الألماني أكد على نجاح العملية يعني أخوك بإذن الله بعد العملية هيعمل شويت علاج طبيعي وهيقوم ويبقى زي الحصان. 

تنهدت براحة ثم دنت منه تعـ انقه بقوة وهي تشكره على تحمله لها ومؤازرته لعائلتها دائما

 وهو بدوره بادلها العناق وهو يشعر بسعادة لا مثيل لها.

 فما أجمل أن تشعرك زوجتك بأهميتك لها ومسؤوليتك تجاهها.


❈-❈-❈


عند منتصف الليل

 فتح عينيه بهدوء فاستمع إلى صوت همهمات تأتي من بعيد تلقائيا وجه بصره إلى مصدر الصوت فأبصر زوجته تفترش الأرض في خشوع وتبكي في صلاتها. 

 استمع إليها وهي تناجي الله وتدعوه أن يحفظه ويشفيه ويحميه من كل شر.

 ابتسامة حانية ارتسمت فوق محياه وغمغمة بداخله: الحمد لله يا رب الحمد لله ان صَبا دخلت حياتي.

 لم يبعد عيناه عنها حتى انتهت من صلاتها

 لملمت سجادة الصلاة ثم استدارت فابصرته يرمقها بنظرات عاشقة بادلته الابتسامة ثم دنت منه تسأله بلهفة: انت كويس؟

 أومأ لها عدة مرات ثم مد كفه لها فتلقائيا وضعت كفها الصغير بين راحة يده

 جذبها برفق وطبع قبـ لة عميقة في باطن يدها جعلت جـ سدها بالكامل يرتعش

 جلست بجواره فوق طرف الفراش وسألته وهي تمسد فوق خصلاته الفحمية: خايف؟

 زفر بقوة ثم أجابها بخفوت: مش هكدب عليكي وأقول لك إني مش خايف بس أنا المرة دي واثق في ربنا ومطمن كمان عشان أنت جنبي يا صَبا الفضل في اللي أنا فيه دوه بعد ربنا ليكي أنتي وأنا هنا عشائك انتي.

 قاطعته بجدية وهي تسلط ذهبيتيها في بندقيتيه: انت هنا عشانك أولا يا عمار أوعدني انك ترجع لي أحسن من الأول.

 اتسعت ابتسامته وهتف بتأكيد وهو يضغط على يدها التي ما زالت محتجزة بين كفه: أوعدك يا صَبا أوعدك اني ارجع لك أحسن من الأول وهعوضك عن كل حاجة وحشة حسيتي بيها بسببي.

 رمقته باستفهام؟

 فاستطرد حديثه مغيرا الموضوع: أنا جعان قوي مفيش حاجة تتاكل في المكان ده يعني؟

 نظرت إلى الساعة الموجودة في هاتفها ثم هتفت بتأكيد: لا هتاكل طبعا بس كل كويس بقى عشان تصوم بعد ساعة من دلوقتي تمام.

 أومأ لها موافقا مغمغما بمشاكسة حاضر يا ماما.


❈-❈-❈


بخطوات مترنحة يلج إلى منزله وهو يدندن بصوت مزعج: هات القزازة واقعد لاعبني المزة طازة والحال عاجبني.

 لوت ليالي شدقها بغيظ وهي تجلس في بهو المنزل ثم أوقفته بصوتها المرتفع: ما لسه بدري يا حسام بيه.

استدار إليها يرمقها بغضب مغمغما بصوت متقطع: عيزة إيه بقى مني ما تسيبيني في حالي انت صاحية ليه أصلا؟

 دنت منه بخطوات واثقة حتى باتت قبالته وهي تهتف بجدية: أنا عيزة امشي من هنا أظن أنا نفذت لك كل طلباتك قعدت هنا وفهمت المحروسة طليقتك انك متجوزني وسبت شغلي طول الفترة دي ممكن بقا تديني الفلوس اللي وعدتني بيها عشان ارجع الكباريه صاحب الكباريه هددني لو ما رجعتش بكرة هيفصلني وأنا يا أخويا بقى ما ليش غير لقمة عيشي.

 متط شفتيها بإغواء ثم طوقت عنقه واستطردت حديثها بدلال: إلا بقى لو كنت ناوي تتجوزني بجد وجداني ساعتها بق هقول لبتاع الكباريه ده طظظ.

ألقت كلمتها الأخيرة وأطلقت ضحكة ماجنة جعلت الآخر يبتسم لا إراديا وسرعان ما تحولت ابتسامته إلى قهقهات عالية وغمغما بلهاث: اتجوزك انت يا بت ده أنت ماشية مع نص سكان القاهرة الكبرى وضواحيها بقول لك إيه تعالي نقضي الليلة دي مع بعض وبعدها هعمل لك اللي انتي عيزاه. 

ضحكت مرة أخرى بدلال أطاح بعقل الآخر 

فصفق بحماس: دي بينلها هتبقى ليلة قشطة يا قشطة.


❈-❈-❈


اتسعت ابتسامتها عندما أبصرته يلج من باب المنزل فاستقبلته بكلماتها المعتادة: نورت بيتك يا حاج. 

منحها ابتسامة مرتعشة مغمغما: بنورك يا صبوحة.

 سألها وهو يلقي بجـ سده فوق أقرب مقعد قابله: الأولاد ناموا؟

 أومأت له عدة مرات: ليث ولاتين ناموا وكمان نور ما تقلقش أنا أكلتهم ونيمتهم وحكيت لهم حدوتة كمان بس يا أخويا الواد ليث ده غريب كلامه قليل وما بيضحكش تقريبا.

ظفر بقوة مغمغما بصوت وصل إلى مسامعها: عارف منها لله أمه بقى هي السبب في الحالة اللي وصل لها الواد دي.

 أومأت له متفهمة

 فاستطرد حديثه بمرح: بتقولي حكيتي لهم حدوتة ألا عمرك ما حكيتي لي حدوتة من ساعة ما اتجوزنا.

 ضحكت ملء فاهها: والله أنت فايق يا حاج سعد يا أخويا أنت في إيه ولا في إيه؟

 تبدلت ملامح وجهه إلى الحزن وغمغما: والله أنا بعمل كده عشان اللي حوليا ما تتصوريش أنا خايف قد إيه الواد عمار ده هو ضهري وسندي خايف ان العملية لا قدر الله...

 قاطعته بتأكيد: إن شاء الله هيبقى كويس وزي الفل احنا نصلي ركعتين لربنا -سبحانه وتعالى-  وندعيه انه يشفيه ويشيل عنه إيه رأيك؟ 

أومأ لها بابتسامة صافية ودنت منه تجذبه من يده برفق

 وهو بدوره استسلم لها وللمـ ساتها الحانية.


❈-❈-❈


في صباح اليوم التالي

استيقظت بنشاط كبير فاليوم هو أول أيام عملها الجديد

انتهت من أداء فريضة الفجر التي فاتتها وعدلت من وضعية حجابها ثم دلفت من غرفتها فابصرت والديها يجلسان في ردهة المنزل

ألقت تحية الصباح وهي تدنو منهما منحها والدها ابتسامة هادئة بينما والدتها سألتها باهتمام: خلاص نازلة الشغل دلوقتي؟

أومأت لها موافقة وغمغمت بجدية: بصي يا ماما أنا عارفة انكم هتروحوا لعمار المستشفى كمان شوية عشان كده ودي يارا وتمارا عند طنط صباح مرات خالي يلعبوا مع ليث ولاتين عشان أنا مش عارفة هرجع امتى 

 ولو وديتيهم اديني تليفون عشان لو كده اجلكم على المستشفى. 

أومأت لها والدتها ثم هتفت بجدية: طيب استني كلي لك لقمة معانا. 

هزة رأسها نفيا وهي تذهب باتجاه الباب وتنتعل حذائها: مش هلحق يا ماما مش عيزة أروح متأخر من أول يوم كده يلا لا إله إلا الله.

 محمد رسول الله.

 تلك الكلمات رددها خلفها والدها ووالدتها

 بينما هي فتحت الباب بهدوء ودلفت وهي تدعو الله أن يوفقها في عملها الجديد ويشفي ابن خالها عمار.


❈-❈-❈


في المشفى تجمعت عائلة هنداوي بأكملها لمؤازرة عمار.

 وها هم يطمئنو عليه ويقدمون له الدعم المعنوي وخاصة والده الذي أمسك بيده وشد عليها هاتفا بإصرار: هترجع لي أحسن من الأول يا عمار هترجع ضهري وسندي أنا عيزك انت اللي تشيلني على كتفك لما أموت فهمني.

 ضغطا عمار على يد أبيه مؤكدا بحسم: ربنا يجعل يومي قبل يومك يابا ويخليك لينا ويديمك تاج فوق رسنا كلنا انت اللي ضهري وسندي وأنا بوعدك اني ارجع لك أحسن من الأول.

 منحه والده ابتسامة هادئة ثم دنا منه طابعا قبـ لة عميقة فوق جبينه واستدار ذاهبا للخارج تاركا المساحة لأخواته وصديقه وكذلك زوجته

 وبعد أن فعل كل فرد من عائلة هنداوي كما فعل الحاج سعد لم يتبقى سوى صَبا التي دنت منه وعلى وجهها ابتسامة جميلة وراحت تسأله بهدوء: جاهز يا بطل؟

 أومأ لها موافقا ثم هتف بجدية: صَبا عايز أول حاجة افتح عيني عليها بعد العملية وشك الحلو ده مفهوم.

 أومأت له موافقة فاستترد حديثه بعد أن أطلق تنهيده حارة: وعد مني اني اعمل لك أحلى فرح في الجمالية واجيب لك أحلى فستان واللي أنا متأكد إن أنتي اللي هتحليه مش هو اللي هيحليكي يا أحلى صَبا في الدنيا. 

اتسعت ابتسامتها ثم دنت طابعة قبـ لة عميقة في باطن يده ثم غمغمت بتضرع: ربنا يقومك بالسلامة يا عمار وما يحرمناش منك أبدا أنا ولا أولادك ولا عيلة هنداوي كلها يلا أنا هطلع بقى عشان الدكتور عايز يتكلم معاك ومستنية الفرح اللي وعدتني بيه يا عمار.


❈-❈-❈


ذهابا وأيابا تزرع غرفتها وهي تتآكل من الغيظ فقد علمت منذ قليل بأن زوجها السابق سيخضع لجراحة ستجعله يقف على قدميه كالسابق

 ضربت الأرض بسـ اقها من شدة غضبها وهتفت بغلق: بقى صَبا هي اللي تفوز عليا بعد كل ده وخدته مني زي ما كانت بتخطط وديني وما اعبد ما هسمح لها عمار ده حبيبي أنا. أنا آه غلطت لما سبته بس ما فيش حد ما بيغلطش وأنا متأكدة انه لسه بيحبني مش معقول فالكام شهر دول حب السنـ كوحة دي

 ماشي يا ست صَبا زي ما اخدتوا منك زمان وأنا عارفة انك كنتي بتحبيه هخده منك دلوقتي وأنا متأكدة برده انك لسة بتحبيه.

وأثناء حديثها مع نفسها أجفلت على صوت فتح باب غرفتها القديمة يليه ولوج والدتها التي رمقتها بسخط وهتفت بفظاظة: نويتي على إيه يا بنت بطني هتفضلي قاعدالي هنا كده من غير شغلة ولا مشغلة؟

 ابتسمت باسفرار ثم استدارت ترمق والدتها شذرا وتجيبها باستنكار: ما تخافيش يا أما مش ناوية اقعد لك هنا كتير أنا هرجع تاني بيتي ولجوزي. 

أشرق وجه والدتها بسعادة وهي تهلل بفرح: بجد هترجعي لحسام أنا برضو قلت إنك مش هتسيبيها تعدي منك كده أهو أنتي بقى...

 قاطعتها بجدية: حسام إيه وزفت إيه الله يلـ عن الساعة اللي أنا شفته فيها أنا أقصد جوزي يا اما جوزي عمار هنداوي.


❈-❈-❈


لحظات عصيبة عاشتها عائلة هنداوي خلال تلك الساعات المنصرمة فقد مضى الكثير من الوقت وما زال عمار بالداخل ولم يخرج أحد ليطمئنهم. 

وبعد وقت كبير انفتحت غرفة العمليات ودلف منها كل من الطبيب المصري والألماني بلهفة كبيرة دنى منهما والده يسألهما بلهفة: طمنوني. 

تنهد الطبيب المصري براحة ثم غمغمة بسعادة: مبروك يا جماعة العملية نجحت الحمد لله عمار بس محتاج يقعد 24 ساعة في العناية علشان نطمن على الأجهزة الحيوية بتعته بعد كده هيبقى كويس وتقدروا تشوفوه بعد ما ننقله أوضه عادية. 

هللا الجميع بسعادة وتعالت كلمة الحمد لله بين العائلة.

 فدنت منهم عزة بابتسامة كبيرة تهتف مخاطبة الطبيب المصري: يعني كده يا دكتور عمار هيمشي على رجله خلاص؟

هز رأسه إيجابا ثم أجابها بعملية: هو لسه طبعا مش هيمشي علطول لازم يخضع فترة للعلاج الطبيعي اللي هتابعها معاه بنفسي -إن شاء الله-   وبعد كده الله هيقدر يمشي زي الأول.

 دمعت أعين الجميع بفرحة كبيرة خاصة صَبا التي كادت أن تبكي من شدة سعادتها فعانقتها والدتها وكذلك أختها غزل التي قد أتت بعد انتهاء عملها الجديد.


 ومضت ال24 ساعة ببطء شديد على تلك العائلة التي عاشت أوقات صعبة خاصة في الآونة الأخير فمنذ حادث عمار والحزن خيم على تلك العائلة لكن هل يا ترى ستعود الحياة كما كانت عندما سيشفى عمار هذا ما سنعرفه.

 وها هم يلتفون حول فراشه في الغرفة ينتظرون لحظة استيقاظه وما هي إلا دقائق معدودة حتى فتح بندقيتاه بصعوبة واغلقها عدة مرات ثم فتحهما بعد أن اعتاد على ضوء الغرفة

راحا يمرر عينيه على الموجودين فابتسما تلقائيا عندما أبصر ابتسامتهم تملأ وجوههم لكنه قطب حاجبيه بدهشة عندما لم يجدها بينهم فهتف بتساؤل أذهل الجميع: هي فين زينة ليه مش وسطيكم.


 قرائي الأعزاء كل سنة وأنتم طيبين ورمضان كريم عليكم وعلى اللي بتحبوهم.

 انتهى الجزء الأول من رواية في غياهب القدر

استنو الجزء التاني بعد العيد إن شاء الله

 بعنوان (لأنني أحببت). 


شكرا جدا لمتابعتكم وتشجيعكم ليا 

بسمة بدران

في غياهب القدر

يتبع


إلى حين نشر الفصل الجديد للكاتبة بسمة بدران من رواية في غياهب القدر، لا تنسى قراءة روايات و قصص كاملة أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية


رواياتنا الحصرية كاملة