-->

رواية جديدة ذنبي عشقك لميرا كريم - الفصل 35


قراءة رواية ذنبي عشقك كاملة

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى




رواية ذنبي عشقك رواية جديدة قيد النشر

من قصص و روايات 

الكاتبة ميرا كريم


الفصل الخامس والثلاثون



ليس في العالم وسادة أنعم من حضن الأم.

–شكسبير

❈-❈-❈


عاد بوقت متأخر بعد يوم مرهق من العمل وفور أن دخل المنزل وجد السكون يعم المكان كا حال الأيام السابقة بلا الصغار الذين كانوا يضفون روح للمنزل يجعله يود أن يعود مهرولًا ليقضي الوقت أكثر معهم فلا ينكر انه اعتاد على ضجيجهم واصبح محبب له، والآن حقًا يفتقدهم.

فقد اخذته قدمه لغرفة والدته بعدما لاحظ الاضاءة المقادة بها  وحين فتح باب غرفتها برَوية وجدها تجلس على سجادة صلاتها تختم صلاة قيامها بوِترها ومن بعدها أخذت تلح بالدعاء إلى الله بصوت راجي مسموع ارجف قلبه:

-اللهم يا سامع الدعاء انت نعم المجيب يا من أجاب نوح حين ناداه يا من كشفت الضر عن أيوب في بلواه يا من سمع يعقوب في شكواه ورد إليه يوسف واخاه وبرحمته ارتد بصيرا وعادت إلى النور عيناه يا ودود يا ودود يا ذا العرش المجيد يا فعالاً لما تريد يا رحيم يا رؤوف يا ذا العزة والجبروت يا مالك الملك والملكوت يا من آمنت يونس في بطن الحوت يا من نجيت موسى في اليم والتابوت واطمأنت امه وجبرت خاطرها اجبر خاطر ابني بالذريه الصالحة التي تسعده وتفرح قلبه.


كانت تلح وتلح غافلة كونه يقف على اعتاب غرفتها يتابعها ولم يشاء أن يقاطعها لحين انتهت و شعرت به وقالت ببسمة حانية:

-واقف ليه كده يا "نضال" تعالى يا حبيبي


تقدم "نضال" منها وجثى أمامها يقبل هامتها مُستغربًا:

-كنت فاكرك نايمة يا كرملة


ربتت "كريمة" على كتفه قائلة:

-انام وانت بره دي عمرها ما حصلت لازم اطمن عليك الاول وبعدين ما انت عارف الوقت ده انا مبنامش وبحب اقعد مع ربنا وادعيلك


وعلى ذكر دعواتها سَكن الحُزن عيناه وبهتت بسمته دون أن يعقب، لتتنهد "كريمة" وتجدد عزيمته متأملة في عطاء الله:

-اوعى اشوف النظرة دي في عينك متيأسش من رحمة ربنا


هز رأسه ورغم عيونه التي غام الدمع بها إلا أنه بالأخير تغلب على ما يعتريه و قال متحليًا بالصبر ببسمة راضية، مُتفائلة: 

-ونعم بالله...حلوة الدعوة اللي دعتيها اوي يا "كرملة" كتري منها


ابتسمت "كريمة"بسمة حنونة، طيبة واجابته بقلب أم يتمنى كل الخير لأبنائها: 

-انا مبعملش حاجة في دنيتي غير اني بدعيلك انت ومراتك وربنا يعلم إني راضية عنك والدعوة بتخرج من قلبي


اتسعت بسمة "نضال" وباغتها كعادته المرحة وهو يفتح ذراعيه:

-طيب ما تجيبي حضن يا" كرملة" ده بيقولوا حضن الأم بيساع ويضم


قهقهت والدته وهزت رأسها بلا فائدة قبل أن تُرحب:

-تعالا يا عين كرملة 

قالتها وهي تحتضنه بحنو أمومي وتربت على ظهره ومن بعدها حثته قائلة:

-يلا قوم علشان مراتك زمانها مستنياك زي وقلقانة عليك  


فصل عناقه بمضض؛ فلا راحة تتساوى ويشعر بها سوى في براح احضانها، و رغم ذلك شاكسها وهو يُشهر سبابته بوجهها ليرى ضحكاتها:

-الحضن ده مكروت على فكرة انا هروح ل "رهف" تحضني بذمة


قهقهت من قلبها ثم ضـ ربته برفق وقالت مُحذرة:  

-اختشي بدل ما أملـ ص ودانك زي زمان وقوم يلا تصبح على خير انا عايزة انام


-وانتِ من اهله 

قالها ببسمة واسعة وهو يُقبل جبينها مرة آخرى وينهض ليغادر غرفتها كما أمرته ويذهب لغرفته التي تجمعه بزوجته.

❈-❈-❈

كان كمن يرقد على جمر مُشـ تعل طوال الليل بعد أن أخبروه رجاله بتحركاتها والسعادة التي ينعمون بها على حسابه؛ وهو من وجهة نظره العَطبة أحق بها. 

فقد زفر انفاسه الحـ اقدة وتناول هاتفه يهاتف ال"غجري" قائلًا ما أن أتاه رده: 

-عملت ايه لقيتهم؟


-ما تصبر على رزقك انت مستعجل ليه الرجالة مش مقصرة!


نهض يعـ دوا ذهابًا وايابًا هادرًا بنفاذ صبر:

-انا جبت اخري يا "غجري" 


-اصبر يا "سلطان" هانت كل حاجة هتم زي ما اتفقنا وياريت متوجعش دماغي 


-ماشي لما نشوف أخرتها 

قالها بغيظ واغلق الخط ثم

ظلت نظراته الحـ اقدة ترتكز في الفراغ يفكر كيف سَيحسب حُساب الآتي.

❈-❈-❈

فور أن دخل الغرفة وجدها  متأهبة والقلق جلي على تقاسيمها، ليغلق الباب خلفه ويفتح ذراعيه قائلًا بنبرة ظهر الارهاق جلي بها:

-حبيبي


اقتربت تلبي دعوة احضانه قائلة: 

-قلقت عليك وتلفونك كان مقفول اكيد نسيت تفتحه بعد العملية


اجابها متنهدًا وهو يفصل عناقه دون أن يخرجها من حيز يديه:

-فعلًا نسيت حقك عليا اصل الحالة دي انا اللي متابعها وعلشان كده استدعوني و الولاده كانت مُتعسرة شوية بس الحمد لله ربنا يسر


-والبيبي؟

طمأنها ببسمة بشوشة هادئة:  

-في الحضانة يومين بالكتير ويبقى كويس


ابتسمت ومرت برمادها على معالمه التي اشتاقت لها في حين تسأل هو بأهتمام صادق:

-مفيش اخبار عن الولاد وحشوني...


تنهدت ومطت فمها تجيبه: 

-انا كمان وحشوني اوي لتظهر بسمتها وتتعلق بعنقه وتتابع خَبريتها:

-بس "حسن" قال إنه بكرة او بعده بالكتير هيرجعهم علشان مسافر تبع شغله


وضع قُبلة على خدها خاطـ فة وتابعها بقوله:

-طيب كويس والله البيت وِحش جدًا من غيرهم 


هزت رأسها تؤيد حديثه ثم أخذت اناملها تساعده في حل أزرار قميصه قائلة: 

-طيب انا مأكلتش ومستنياك وكمان جهزتلك الحمام عقبال ما تاخد شاور أكون حضرت الأكل


شاكسها واشرأب برأسه يُصحح قولها هو يقـ بض على يدها التي تفقده صوابه دون أي قصد منها:

-نا...نا...انتِ دايمًا بتنسي كده!


زاغت نظراتها بعدما فشلت في صياغة ما نطق به وتسائلت بجدية: 

-بنسى ايه مش فاهمة؟


تراقص المـ كر بخضراويتاه وقبل أن يجيبها كان يرفـ عها عن الأرض هامسًا بخـ طورة أمام وجهها: 

-مفيش "ك" في "نا" مفروض تقولي حضرتلنا الحمام


قالت بعدما شهقت بخفوت من مباغته لها وتعـ لقت بعنقه كرد فعل طبيعي لجـ سدها:

-"نضال" انت شكلك مرهق وتعبان علشان خاطري نزلني


نفى برأسه وعينه تهيم بها ثم  قال صادقًا بنبرة تفيض فيض بعِشقها:

-عارفة لو فيا تعب الدنيا كله بنساه أول ما اقف قصاد عنيكِ


ابتسمت تلك البسمة التي تأتي بربيعها وعقبت على تغزله بها: 

-واللهِ انت مجنون


مال بر أسه لمستوى وجهها وقال بغمزة ماجـ نة وعينه تتفـ رس بها:  

-بذمتك في احلى من الجنان 


وكيف تعارضه وهي تعشق جنونه بها فقد اتسعت بسمة ربيعها   وأمام نظراته المترقبة نفت برأسها، ليعلق على تأيدها بخفة وهو يسير بها: 

-يبقى سيبي نفسك ليا وهبهرك


وهنا قهقهت على خِفته التي تهون أيامها، وكم شكرت الله على نعمة وجوده في حياتها.

❈-❈-❈ 


أما عنه فقد تسللت خيوط النهار الاولى لتد اعب عينه وتجعله يتململ بإنزعاج ويتـ قلب 

بجـ سده على شِقه الآخر وحينها شعر بالخواء ليفرج عن قاتمتيه ينظر للفراش بنظرة مُتجهمة لانت شيء فشيء حين استمع لصوت غلقها لباب المرحاض خلفها ليسدل نصف عينه ويسترق النظر لها وهي تجفف شعرها و مُرتدية منامة رقيقة مُحتشمة ذات اكمام وردية اللون تضفي اشراقة على وجهها، فبعد اُمسيتهم الرائعة في الأمس كان يأمل أن تتخطى حاجز خجلها ورغم أن لا شيء يستطيع ردعه إِن فعلها؛ إلا انه طمح في إشارة واحدة تنم عن استعدادها لكن يبدو أن انتظاره سيطول ويعلم الله انه تلظى بما يكفي في قربها.


أما هي فكانت تظنه مازال نائم حين قررت أن تبدأ يومها بحمام دافئ ينعش حواسها، فقد جلست على مقعدها الصغير ال بلا ظهر أمام المرآة وأخذت تمشط شعرها تنظر لإنعكاسها وخاصًة تلك القلادة التي تزين عُنـ قها لتبتسم متنهدة  وتتلمـ سها بأناملها وجملته الآسرة التي خصها بها تترد بأُذنها لتزيد وجـ يبها وتجعلها تتشجع و تسمح لصوت قلبها أن يُصرح بالنيابة عن ما يجتاحها بصوت وَله خافت للغاية ظنت أنه لن يصل لغيرها: 

-بحبك يا "سليم "


-وانا كمان بحبك يا "شمس" 

باغتها بها بصوت العميق الذي يحمل بقايا نومه وهو يتخلى عن إدعائه و يجلس على طرف الفراش خلفها، لتشهق بخُفوت ويشـ تعل وجهها وقبل أن تستوعب كان يجـ ذب مقعدها و يقـ ربها منه ويحتـ ضن ظهرها

دافـ ن وجـ هه داخل خصلاتها الرطبة لينعم بعبقها، تعالت 

وتيـ رة أنفاسها من فعلته وخاصًة حين همس بحر ارة بصوته العميق جوار أُذنها:

-قوليها تاني يا "شمس" عايز اسمعها. 


ابتلعت رمقها واجابته بنبرة ثقيلة مُحملة بتلك المشاعر التي اصبح يصعب إخفائها:

-بحبك...


زفر انفاسه الحا رة لتلفـ ح 

عنـ قها وتابع همسه وهو يضع قُبلات خفيفة متفرقة على جانب وجهها:

-مش هعاتبك واقولك ليه حرمتيني منها بس هقولك من اللحظة اللي خرجت حروفها من قلبك مش عايزك تبطلي تقوليها 


هزت رأسها بموافقة ضمنية، لتحين منه بسمة بسمة رائقة للغاية وهو يطالعها مغلقة العينين وخصلاتها المُبتلة تلتـ صق على  وجهها بشكل مغـ ري للغاية جعله يمَـ يل برأسه ويلتـ قط شفا هها في قُـ بلة عاصـ فة اطـا حت بكل شيء بها واولهم جـ سدها الذي تهاوى بضعف و ترك له زمام الأمور وهو يرفـ عها من على المقعد ويسـ حبها معه للفراش لينـ هال أكثر من ترياقها، فكانت تبادله باستحياء لطالما كان يليق بها في حين هو كان كالمـ غيب يأمل للمزيد من جُودها، ولكن اتى رنين هاتفه ليعكر صفو لحظتهم النادرة، لتتـ ململ هي بين يـ ده هامسة بنبرة ضعـ يفة مُتقطعة:

-"سليم" تلفونك ممكن تكون حاجة مهمة


نفى برأسه التي تستقر بين

تجـ ويف عُنـ قها وشفـ اهه 

الرطبـ ة تفعل الأفاعيل بها، وإن ألح المُتصل وتكرر الرنين رفع رأسه و زمـ جر غاضبًا ثم مد يـ ده يتناول هاتفه ويجيب بصوت ثا ئر مُنفعل للغاية:

-في ايه على الصبح 


استمع لرد الطرف الآخر لثوانٍ قبل أن يهدر آمرًا:

-كويس انك عرفت طريقه خد قوة واستناني هناك نص ساعة بالكتير وهبقى عندك 


قالها وقـ طع الخط يلقي الهاتف من يـ ده وينهض بمضض عنها قائلًا وهو يمـ سح على وجـ هه ليستعيد رباط جأشه:

-لازم انزل في حاجة ضرورية


أومأت برأسها واخفت عيناها 

بكـ فوفها دليل على بعـ ثرت شتاتها، في حين هو دلف للمرحاض وهو يلـ عن تحت أنفاسه حظه العسر الذي يحيل بينه وبين نَيـِ لها.

❈-❈-❈ 


كانت تهـ ز قدمها بحركة عصبية للغاية مستاءة من صوت صغيرها الذي كان يلـ هو بالألعاب أمامها  ويشوش تفكيرها فكانت تظن أنها حين هـ ددت والد ابنها بأنها ستغادر المنزل، سوف يمنعها ويسترضيها ويبديها عليهم هي وصغيره ولكنه خالف توقعاتها حين أخبرها أن تفعل ما تشاء     

وتركها تغادر دون أن يمنعها فكانت يكاد يجن جنونها ومع الضجيج الذي يفعله صغيرها فاق احتمالها فقد صر خت به لعله يصمت ويكف على الضوضاء الذي يدق مع الأفكار برأسها:

-اسكت بقى كفاية داوشة


فور صراخها انتفض الصغير ثم دون مقدمات انفـ جر باكيًا لتزفر انفاسها ويقرع ضميرها وتنهض ترفـ عه من الأرض قائلة:

-متزعلش يا "علي" ماما بتحبك


-لو بتحبيه كنتِ عرفتي مصلحته ومسبتيش بيتك من الاساس


باغتتها بها والدتها حين اتت على صرا خ الصغير، بينما "سميرة" فقد زفرت انفاسها متأففة من قول والدتها التي لم تنفك عنه منذ وصولها وردت وهي تُهدهد صغيرها بين احضانها لكي يتوقف عن البكاء:

-بطلي تقطـ ميني بكلامك يا ماما 

يعني كنتِ عايزاني اعمل ايه وهو جايب ولاد المسهوكة مراته القديمة وقالبنلي البيت مُرستان


-وماله مش ولاده وليهم حق عليه 


سخـ طت على مجيئهم وتحاملت على امهم: 

-لأ امهم اولى بيهم ليه تريح دماغها من داوشتهم وتسيبهم يقرفوني انا 


جلست والدتها على طرف الفراش تربع ساقيها وهي تُفسر بعاطفة أم:

-لعلمك بقى مفيش أم بتبقى عايزة ترتاح من ولادها واكيد هي قلبها واكلها عليهم 


قلبت" سميرة" عيناها ساخـ طة من دفاع والدتها وعقبت بعصبية وهي مازالت تُهدهد صغيرها الذي خفت بكائه:

-انتِ بتحاميلها ليه هو انتِ مع مين بالظبط 


-مع الحق يا "سميرة" ولازم اوعيكِ وانصحك قبل ما تخسري جوزك وعينه تزوغ على واحدة تانية تتحمله هو وعياله 


استبعدت الأمر وكأنه من المستحيل حدوثه وهي تضع ابنها الذي غفى على الفراش جوار والدتها:

-ميقدرش انا كنت اطين عيشته


جاوبتها والدتها تتهكم على ثقتها: 

-لأ يقدر ما هو اتجوز على مراته مرة قبلك مع انها كانت على حد قولك بنت ناس وزي القمر والخير اللي كان عايش فيه كان من فلوسها...تفتكري هتكونِ انتِ احسن منها! 


اعتدلت "سميرة"  في وقفتها و وضعت يدها بخصرها وقد اعتلى جانب فمها ببسمة ماكرة تنم عن امرأة لايُستهان بها: 

-يمكن مكنش احسن منها بس اذكى واحوط منها هي غبية و وثقت فيه وانا مش زيها انا روشاه معايا وشغلاه مع كل كبيرة وصغيرة تخص البيت وكمان محاوطة عليه وكل دقيقة تليفون و كل يومين يلاقيني قدامه في الشغل لغاية مخليته يمشي يبص وراه 


وهنا أجابتها والدتها بتلك القناعات المتوارثة من قديم الازل:  

-وانتِ فاكرة ده ذكاء الراجل لو عايز يغلط مفيش حاجة هتمنعه وانتِ بسيبانك بيتك بتفتحيله الباب لكده...اسمعي مني الست العاقلة هي اللي لازم تحافظ على بيتها وجوزها وتحاول تراضيه علشان يبقالها رصيد حلو يتشفعلها عنده ويعمي عينه عن الغلط وجوزك مش وِحش ومعيشك عيشة مكنتيش تحلمي بيها


لوحت" سميرة" بيدها دليل عن عدم اكتراثها:

-انا ميهمنيش المديات ومش علشان معيشني في مستوى كويس يجبرني اتحمل قرف ولاده


-بس جوزك انتِ متجوزاه وانتِ عارفة أنه عنده ولاد  ولو بتحبيه هتعملي أي حاجة علشانه واظن مفهاش حاجة لو جيتي على نفسك و كل كام شهر قعدو معاه يومين 


زاغت نظرات "سميرة" بشيء من الإقتناع ولكن مع ذلك تمسكت بعنادها:

-وليه انا اللي اتنازل ده حتى مسألش عليا ولا كلمني من يوم ما سيبت البيت 


نهضت والدتها تربت على كتفها وحاولت ترضيتها:

-كان بيتصل بيا وبيسأل على "علي" 


-وانا مسألش عليا؟ 


-واخد على خاطره منك ومرضاش اتدخل ومقبلش مني كلمة في حقك...كلميه انتِ وسايري امورك انا ما صدقت جوزتك بعد ما فات قطرك وعنـ ستي جنبي عايزة دلوقتي ترجعيلي مطـ لقة ومعاكِ عيل الناس كده هتعـ يب فيكِ ومش هتسلمي منهم


تأففت "سميرة" وزفرت انفاسها المثقلة بعد حديث والدتها ورغم بوادر إقتناعها إلا أنها عاندت وقررت منح ذاتها وقت اكثر لحسم أمرها:

-هفكر يا ماما... 


تنهدت والدتها داعية من قلبها:

-ربنا يهديكِ يا "سميرة" ويرجعلك عقلك

قالتها قبل أن تغادر الغرفة تاركة "سميرة" تتمدد جوار صغيرها تربت على ظهره بحنان وهي تفكر مليًا في حديث والدتها.

❈-❈-❈ 

       

أما عنه فبعد مكالمة معاونيه له  وبعد الكثير من التمحيص والبحث المكثف خلال الأيام السابقة استطاع أن يحدد مشتبه بهم بعينهم ولكن خدمهم حظهم واخرجهم من دائرة الاتهام فالبعض منهم محتجزون لارتكابهم جرائم مشابهة والبعض الآخر بعد التحريات وتتبعهم لايام واستجوابهم لم يجد ما يدينهم  ورغم ذلك لم ييأس من السعي و إن علم طريق واحد ممن اشتبه بهم ها هو يتربص به هو ورجاله 

لحين اتى بعد عدة ساعات بخطوات وئيدة يظهر عدم الإتزان بها، فقد  تأهب" سليم" ومن معه وعلى غير المتوقع فور أن استشعر الآخر وجودهم تراجعت خطواته وكاد يركض في الاتجاه المعاكس ولكن  "سليم" كان بالمرصاد له فقد اختصر المسافة بينهم بعدما حاصروه رجاله ثم جذبه بعنف من ملابسه متسائلًا بنظراته المُرعبة وبنبرة صوته النافذة:

-بتجري ليه؟


أجابه الآخر بعيون زائغة مُتسعة حدقتها وبأيدي مرتجفة بعدما ابتكر حُجة مناسبة: 

-الجري نص الجدعنة وخوفت تاخدوني تحري أصل لمؤاخذة مش معايا بطاقة


ضاقت عين "سليم" عليه بتقيم وقد فَطن للأمر ثم نفضه عنه وتابع تساؤلاته: 

-جيرانك قالوا أن المحل اللي هناك ده بتاعك وبتبات فيه


قالها وهو يؤشر على بعد خطوات منهم ليبتلع الآخر رمقه ويقول بملامح باهتة وهو يفرك طرف أنفه بحركة ملازمة له: 

-حصل أصل مليش مطرح تاني بعد ما بعت الشقة بعفشها اصل  الحوجة وِحشة يا باشا


-الحوجة ولا الكِيف يا روح أمك


نفى الآخر برأسه واستنكر الأمر بنبرة مهتزة:

-كِيف ايه بس يا باشا حد الله


اعتلى جانب فم "سليم" ساخرًا وقال بثقة أرهبت الآخر: 

-هيبان...ويلا افتح المحل خلينا نشوف جواه ايه؟ 


زاغت نظرات الآخر أكثر وحاول المماطلة: 

-مفهوش حاجة يا باشا غير شوية كراكيب والفارشة اللي بنام عليها


-وماله نشوف الكراكيب ونعاين بنفسنا 

قالها وهو يؤشر لواحد من معاونيه الذي تفهم وقام بتفيش جيواب الآخر مخرج سلسة مفاتيح مجمعة، وبالفعل بعد تفقد المكان لم يجدوا شيء يستحق أن يُذكر سوى تلك الدراجة النارية ذاتها، وقبل أن يأمر رجاله أن يصحبوه معهم للقسم اقترب منه يقـ بض على حاشـ ية ملابسه قائلًا بغـ يظ من بين 

اسـ نانه: 

-حلوة كراكيبك يا"حازم" وهي اللي كنت بدور عليها.


-باشا انا معملتش حاجة والمكنة دي مش بتاعتي ده واحد معرفة راكنها عندي علشان خربانة


جز "سليم" على نواجذه بسبب اكاذيبه الواهية ثم هدر صارمًا ليخـ رسه:

-وفر كلامك للتحقيقات 

قالها و دفعه نحو اثنان من رجاله أمرًا:

-خدوه 

تابع قراءة الفصل