رواية جديدة نفوس طاغية لشهد السيد - الفصل 11
قراءة رواية نفوس طاغية كاملة
تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى
رواية نفوس طاغية
رواية جديدة قيد النشر
من قصص و روايات
الكاتبة شهد السيد
الفصل الحادي عشر
ركض خلفها يبحث عنها وسط الظلمة المحيطة بالمكان بأكمله غير مُبالي بغزارة الأمطار التى تهبط فوق رأسه ولا بشدة الرياح المفاجئة وعندما يأس من العثور عليها بنفسه وقف مكانه يصيح بصوت مرتفع بعض الشئ:
-"فجــــر".
دويّ صوت الرعد بالأجواء وأكمل حديثة بترجي:
-"سبتيني ليه.. انتِ لازم تساعديني.. تعالى يا فجر".
أنتظر قليلًا قبل أن يشعر بشئ قوي يهبط على رأسه من الخلف بعنـ ـف أسقطه أرضًا فوق أغصان الشجر المتناثرة فوق الأرض يبصرها أخيرًا واقفة أمامه تُمـ ـسك بجزع شجرة عريض و صرخت "فجر" بوجهة قائلة:
-"سبتك عشان مش عاوزة أكون الضحيـ ـة التانية ".
رمقها بتشوش يستمع لصوتها فقط يسُبها داخل عقله الذى غاب عن الواقع بعدما كانت ضـ ـربتها كفيلة بجعله يغشي عليه، لم تتلقي أى حركة منه فـ أقتربت بحذر شديد تحرك يـ ـده بقدمها تردف بخفوات:
-" ولا.. مهران".
لم تأتيها أجابة فـ زفرت بقلق وتركت الجزع الموجود
بيـ ـديها وأنحنت تضع أصبعها أمام أنفه فوجدت أنفاسه لم تنقطع مما يدل على أنه مازال على قيّد الحياة
أتت بحقيبة ظهره الذى يحافظ عليها بشدة وقد أعطاها لها قبل مغادرته لمكان لا تعلمه هي وتركها وحدها وسط تلك الأشجار الكثيفة الموجود جوارها مصنع مهجور
تذكرت وعده لها بأن يخبرها بكل شئ حين عودته لكن رؤيتها لذلك النصل والد-ماء كانوا كافلين بجعل أشباح الخوف تتلبسها وتركض دون ذرة تفكير واحدة
فتحت الحقيبة فـ لم تجد سوي هاتف صغير وحاسوب آلي وبعض شرائح الأتصال واموال ليست بالكثيرة، بحثت بجيوب بنطالة فـ وجدت هاتفة الشخصي وهاتف أخر ذو شاشة مُهشمة، وضعتهم بالحقيبة رفقة النصل ونظرت نحوه طويلًا وبداخلها صراع يفوق تحملها على ما فعلته به، أليس هو من أحبته.!
كيف لا تثق به.؟
سخرت من نفسها بعدما تذكرت أمر خطبتهما الزائفة والتي أيقنت أن السبب خلفها ما هو إلا للحصول على معلومات تفيدة بالوصول لـ "زينة"
حتى وإن كان فـ هي مازالت تحمل بقلبها بعض المشاعر تجاهة رغمًا عن رأسها العنيد الذى يحارب ليقنعها بأنه أصبح لا يعني لها شئ
تذكرت الأموال الذى تركها لها "رضا" والتى تركتها هي بمنزل المعلم "فتحي" عندما أتي فجأة وهربوا سويًا، تركت ملابسها وأموالها وكل شئ وسارت معه نحو المجهول الذى يأتي بكل مرة يرغمها على السير نحوه
نظرت حولها قليلًا قبل أن تتخذ قرارها وتحمل الحقيبة فوق ظهرها بعزم..
❈-❈-❈
توقفت الأمطار بعد سيول غزيرة جعلتها كالقطة المُبتلة، ملابسها وخصلاتها تتساقط منهما المياة وهى تجلس فوق رصيف جانبي تحتضن جـ ـسـ ـدها بهدوء مُريب تنظر نحو الفراغ بصمت وقد أختلطت دموعها بماء الأمطار، ما رأته جعل عقلها فى حالة لاوعي مؤقت، تسترجع كل ما حدث من جديد..
عادت كما كانت لا مأوي لها سوي الطرقات المُظلمة التى نشأت بين أحضانها منذ الصغر، تستطيع الأعتراف بالغرق الآن بعدما أنتزع منها طوق نجاتها الوحيد "أيمان".!
أبتسامتها الحنونة كان بها شئ من الوداع وأعينها الباكية كانت بمثابة عناق فى غاية القسـ ـوة
نهضت تسير بخطوات ثقيلة وعقل شارد، يظهر على محياها الأبتسام تارة وتارة أخري يرتفع نحيبها وسط الصمت السائد حولها، رغم شدة البرودة كانت نيـ ـران قلبها طاقتها الوحيدة للتحرك
كامل جـ ـســدها يُعلن عليها حـ ـرب شـ ـرسة وكانت الهزيمة لصالحها فـ سقطت على ركبتيها تشعر بألـ ـم يفوق تحملها يزداد لحظة تلو الأخري
جذبت خصلاتها بقوة حتى تمزق البعض منها بين أصابعها تحاول أخماد لو القليل من ذلك الضجيج اللعين، أنفلت منها أنين متألـ ـم بعدما شعرت بأن الروح على وشك مفارقة جـ ـسـ ـدها وبضعف شديد نطقت برجاء:
-" يارب ".
تحاملت على جـ ـسـ ـدها ونهضت تعبر للجهة الأخري من الطريق حيث الكثير من الأشجار الغزيرة علها تجد من يساعدها بذلك الوقت الباكر وقد أوشكت الشمس على البزوغ
خطوات قليلة فقط أستطاعت تحملها قبل أن تسقط فى بركة من الوحل مغشي عليها مُستسلمة لمصير مجهول غافلة عن كل الأعين المتراقبة للحظة الحصول عليها بعدما أصبحت مُتـ ـهمة بشهادة الجميع ضدها..
❈-❈-❈
وبعد تشريـ ـح الجثـ ـمان وصدور تصريح الدفن كان النعش يشق طريقه داخل سيارة مخصصة ليوصل
" أيمان" لمثواها الأخير
وخلفها مُباشرة كان العديد من السيارات وبالقدمة كان "رياض" الذى حاول قدر الأمكان أخفاء خوفه مما حدث، لا يصدق بأنه يبكي الآن!
هو من كان يفتعل الكثير من المشاكل ويتركها على عاتقها أصبحت هي الآن أكبر مشكلاته ولم يجد من ينوب عنه بحلها
لم تذق أعينه النوم خشية أن تظهر "زينة" وتعترف بما رأته، لأ يعلم أين ذهب الخنجر الذى طعنها به كل ما يتذكره هو ركضه المتواصل خلف "زينة" التى أختفت تمامًا وعندما عاد لم يجد الخنجر بمعدتها كما تركه
الخوف ينهش قلبه كل ثانية يتوقع كل ما هو سئ بأى لحظة، وجد سيارة "شوقي" المحامي تعترض طريقة فـ توقف على مضض يمسح دموعه سريعًا وأقترب "شوقي" من النافذة المجاورة له يتحدث بثبات:
-"من ضمن وصايا المرحومة أنك متحضرش جنازتها ".
حديث" شوقي"كان بمثابة صعقة سقطت عليه!
كيف توصى بشئ كـ هذا لكن مهلًا.. أى وصايا تلك من الأساس؟
وقبل أن ينطق أكمل "شوقي" قائلًا بأبتسامة جانبية مستهزئة:
-"المرحومة كتبت وصيتها قبل وفاتها بيوم واحد، شوف ياخي سبحان الله زى ما تكون كانت حاسة".
أنهى حديثة ورحل يبتسم بأستهزاء على تلك الدموع الكاذبة بأعين حقيرة، يكاد يقسم بأنه هو من قتـ ـلها يشعر بذلك وبقوة لكنه لا يملك دليل على شعورة كل الشهود أجمعوا بأن "زينة" الوحيدة هي من كانت موجودة مع "أيمان" وهبطت هاربة
"أيمان" تلك المرأة الجميلة والحنونة، أخفي لها حبًا كبيرًا بقلبه بعد وفاة "عصام" لكنها رفضت ذلك بلباقة قائلة بود:
-"أنا مشاعري كلها أتدفنت مع عصام، أرجوك خلينا صحاب".
تبدلت أبتسامته للحنين وأردف وهو يعيد تشغيل محرك سيارته:
-" أرقدي بسلام حبيبتي أيمان".
بعد مرور ساعتين..
كان واقفًا كـ زو ج نبيل بحديقة القصر وسط المؤدين لواجب العزاء قبل أن ينسحب للداخل قاصدًا غرفة مكتبها وقبل أن يخطو تفاجئ بمن يجذبة بعنـ ـف ولكمة قوية أتت من قبضة "ظافر" الذى كانت أعينه حمراء كـ الد-ماء يردف بفحيح:
-"قتـ ـلت أبني ليه يا رياض".
أصابه الذعر حقًا من حالة "ظافر" وحاول أبعادة ينفي ما قيل بشدة:
-"محصلش معملتش كده ".
شدد" ظافر" من تمـ ـسكه به وأردف بصراخ وهياج:
-"محدش كان يعرف إني عندي أبن غيرك، انتَ الوحيد اللى له مصلحة فى الأنتـ ـقام مني".
أصر "رياض" على موقفة وأجابه بصراخ مماثل:
-"هيكون ليا مصلحة ليه ياغبي"
فتح "ظافر" باب المكتب ودفع "رياض" للداخل ولحق به يغلق الباب من خلفهم يخرج سـ ـلاحه من خلف ظهره وأمسكه بيـ ـد وبالأخري أخرج هاتفة الذى صدح منه صوت "رياض":
-" أنا مش مقتنع بحكاية مهران دى، محدش يعرف كل المعلومات دى عننا غير ظافر، أنا متأكد من أنه هو اللى بيهددنا، طب على الأقل يخاف على أبنه ".
شحب وجه" رياض" وحاول تهدئة الشياطين المُسيطرة عليه قائلًا:
-"مش هنكر أنا قولت كده فعلًا بس عمري ما كنت هأذي أبنك أنا.. "
منعه عن أكمال حديثة صوت طرقات فوق باب المكتب يتبعها صوت العاملة:
-"رياض بيه أستاذ جلال اللى بيحقق فى قضية أيمان هانم مستني حضرتك بره".
ورغمًا عن "ظافر" أعاد سـ ـلاحه حيث ما كان ورمق "رياض" بنظرة سوداوية متوعدة يردف بفحيح:
-"الحساب لسه هيبدأ يا رياض".
هكذا أنهي حديثة وغادر المكتب بأكمله فقابل "جلال" الواقف بالخارج يراقب خروجه بأعين ثاقبة ولحظات قليلة وخرج "رياض" يدعو "جلال" للدخول
دقائق قليلة كانت كفيلة بحـ ـرق أعصاب رياض وأعتراه التوتر وهو يتابع نظرات "جلال" التى أصابت ريبته قبل أن ينطق أخيرًا وقال:
-"قولي يا رياض، لما تبقي بيسان بنت أيمان هانم بينهم خلافات كبيرة بالشكل اللى انتَ والخدامة والبواب قولتوا عليه أى يخلي شوقي محامي المرحومة يشهد بعكس كدا تمامًا ويقول أن الخلافات دى كانت معاك انتَ، ولو هو غلط أى يخلي المرحومة تكتب كل أملاكها بأسم بيسان عصام أبو المكارم.. المتهمة الهاربة".
صاعقة شلت جميع أطرافه وجعلته غير قادرًا على النطق بشئ سوي أنه شعر بكل شئ ينهار من حوله.. كيف تفعل به هذا.!!
❈-❈-❈
شعر بتلف أعصابه وترك "إدريس" يكمل قيادة سيارته متجهين سويًا برفقة والده "شاهين" لقضاء واجب العزاء بالقاهرة..
طوال الليلة السابقة لم يتوقف عن محاولة الوصول لـ "زينة" حتى أنه كان متشتت اليوم بشكل ملحوظ وحين عاد لمنزله تفاجئ بالخبر منتشر على منصات التواصل الأجتماعي وما زاد ريبته كانت بعض الأقاويل عن أنها توفيت مقتـ ـولة بظروف غامضة.
ترى كيف حالها الآن.؟
تجلس مع "رياض" وحدهما الذى سنحت له الفرصة بالأختلاء بها مجددًا ليثير ذعرها..
شعر بثقل أنفاسه فـ عاد برأسه للخلف يستنشق الهواء بعمق محاولًا تهدئة نيـ ـران أفكاره وقلبه الملتاع..
حل الليل عليهم ورغم عدم تذكر "عدي" للمنزل بشكل جيد إلا أنهما أستطاعوا الوصول بالأخير، كان "رياض" جالسًا بأول الصف يبدو عليه الشرود التام، أنتبة لوقوف "شاهين" أمامه يردف بصوت وقور قوي:
-"البقاء لله ".
نهض "رياض" وصافحة يجيبه قائلًا:
-"الدوام لله ".
نظر لـ" عدي" الذى كان واقفًا خلف والده يصافحة بخشونة ويليهما شخص أخر لم يعرفه، راقب جلوسهما وشعر بالضيق يعتريه من وجود ذلك المتطفل الذى قد جاء سابقًا وأفسد عليه فرصته بمحاصرة اللعينة "زينة"
أما "عدي" كانت أعينه تجوب المكان بأكمله فى محاولة بائسة للعثور عليه لكنه أنتبة لحديث رجلان جالسان خلفهما وأردف الأول منهم قائل:
-" بيسان بنتها هربانة والحكومة بتدور عليها، رياض قالي إن بنتها هي اللى قتـ ـلتها وهربت، البت كانت بتشم مخدرات زى أبوها الله يرحمه، أكيد مكانتش فى وعيها".
صدمة لجمت عقله ودون ذرة تفكير واحدة نهض بخطوات سريعة يجذب "رياض" جانبًا بشكل لاحظة أغلب المتواجدين وأردف بقلق:
-"وينها بيسان".
أحتدت أعين "رياض" وأجابة بغل:
-"قول بقى إنك جاي عشان تشوفها المصيـ ـبة لتكون شريكها فى اللى عملته وجاي تدور على نصيبك".
أتسعت أعين "عدي" وأردف بحدة وحزم:
-"حاسب على كلامك وأعرف انتَ بتكلم مين".
أشتـ ـعل غضب "رياض" وأردف بفظاظة:
-"مش عاوز اعرف ويلا من غير مطرود".
رمقة "عدي" بتوعد شديد وود لو ينهال عليه بالصفعات المتلاحقة لكنه لجم نفسه بقوة وتحرك نحو والده و "إدريس" يحثهما على المغادرة وفور أن اصبحوا خارج المنزل قال بعزم:
-"هنبيت الليلة ونعاود بالغد".
❈-❈-❈
بدأ بأستعادة وعيه بالتدريج وحاول تحريك أطرافه فـ شعر بعدم قدرته على ذلك، فتح أعينه ببطئ فـ تفاجئ بنفسة مقيد اليـ ـد والقدم بأحدي زوايا منزل خشبي متهالك من الرطوبة والعوامل الجوية، تحرك بقوة يحاول تحرير قيده إلا أن محاولته قد فشلت..
أسند رأسه للجدار من خلفة وسعل ليستعيد صوته المبحوح وصاح "مهران" بغيظ:
-"انتِ كده خايـ ـفة على نفسك مني، ده أنا اللى المفروض أخـ ـاف منك يا شبر ونص.. فجـــر.. انتِ يابت".
لم تأتيه أجابة فـ صمت بأجهاد يُعيد ترتيب حساباته من جديد، يتذكر ما حدث بالأمس بعد مكالمتة لـ "أيمان"..
عودة لأمس...
بعد عبورة تلك المنطقة المُمتلة بالأشجار الضخمة وأصبح على بعد مترات قليلة من منزل" أيمان " الذى يحيطه من جميع جوانبه سور ليس شاهق الأرتفاع، نظر لـ "فجر" وقال:
-"دى أنسب لحظة للتدخل بينهم وهي مش طيقاه، أستنيني هنا".
وقبل أن يستمع لأجابتها ركض سريعًا بخفة وحرص وقفز عدة مرات حتى أستطاع الأمساك بحافة السور وتسلقه بمهارة عالية حتى أصبح داخل المنزل..
تحرك بحرص كى لا يراه أحدًا يضع قبعة سترته فوق رأسه لكنه اختبئ سريعًا عندما أستمع لصوت "رياض" الصارخ:
-"عــــوض أقفل البوابة وأمـ ـسك بيسان".
نظر من خلف المبني بتراقب فـ وجد "زينة" تهرول نحو الخارج قبل أن يمـ ـسك بها "عوض" الحارس ولحظات قليلة وتبعه "رياض" والسؤال الوحيد الآن كان أين هي "أيمان".!!
بأستخدام أدوات معدنية أستطاع فتح الباب الخلفي للخدم ودلف للمطبخ بحرص بالغة فوجده فارغ ولم يستغرق الكثير وكان بالدور العلوي من القصر يسير فى ممر الغرف بحثًا عن" أيمان" ومن حين لأخر ينظر حيث الأسفل بقلق
نظر بجانبة بسرعة عندما أستمع لصوت أنين يأتي من الغرفة الشبة مغلقة فـ دفع الباب بحرص وكانت الصدمة من نصيبة عندما وجدها ملقاة أرضًا ويستقر بمعدتها خنجر
أقترب فـ شعر بشئ أسفل قدمه ولم يكن سوي هاتفها فـ أنحني يأخذه وأقترب منها يجلس جوارها على ركبتيه يراها تلفظ أخر أنفاسها
كل شئ يعاد من حوله مجددًا يشعر برؤيته تتشوش بشكل أثار أرتجاف جـ ـسـ ـده وتسأل "مهران" بأحرف ثقيلة:
-"مين".
تعلقت أعين "أيمان" به وأردفت من بين أنفاسها قائلة:
-"رياض.. بنتي.. ألحق بنتي".
شهقت بعـ ـنف وانتفض جـ ـسـ ـدها وأندفعت الد-ماء من فـ ـمها فـ لوثت يـ ـديه الذى أمتدت دون وعي منه تنتزع الخنجر من معدتها، بين لحظة والأخري يرى كف يـ ـده صغير الحجم يرتجف خـ ـوفًا وكلمة واحدة تتردد بعقله بابا
أستفاق من دوامته فور أن أستمع لصوت "رياض" بالأسفل فـ نهض سريعًا يشعر بالخـ ـطر ولا يوجد مفر حوله فـ أندفع للشرفة يقفز منها فوق الشجرة المقابلة للشرفة وتمتد فروعها لخارج سور المنزل..
عودة للوقت الحالي..
أنتبة لصوت صرير الباب وتبعه دلوف "فجر" المُمـ ـسكه بحقائب بلاستيكية يظهر الأرهاق بوضوح عليها تنحني مستندة على ركبتيها بألـ ـم أصاب قدميها من سيرها لمسافة طويلة..
أعتدلت سريعًا بفزع عندما تحدث "مهران" فجأة:
-"ممكن بعد أذن روح المُجـ ـرم اللى جواكِ تفكيني".؟
أستعادت أتزانها وأجابت بجمود مصتنع:
-"لأ ومفيش مُجـ ـرم وكداب هنا غيرك، وأنا مش هفكك غير ما تحكيلي كل حاجة ".
صمت للحظات قبل أن تتسع أعينه بقلق وتسأل
بتوجـ ـس:
-" الشنطة.. شنطتي والتليفون و.. ".
أبتسمت"فجر" بتباهي وهي تجلس بعيدًا عنه بمسافة أمنة تردف بكل ثقة:
-"دفـ ـنتهم كلهم".
كادت أن تسقط فور أن صاح "مهران" بجنون وبدأ بالتحرك محاولًا فك قيوده:
-"نعم ياختي دفنتي أى يا متخلفة انتِ ازاي تتصرفي من دماغك اصلًا".
نهضت تمـ ـسك بالعصاة الخشبية التى هوت بها على رأسه أمس وقالت بلامبالاة:
-"مش محتاجة حد يقولي أنا بحب أسمع كلام نفسي، ودلوقتي بقى قولي كل اللى انتَ مخبية عني يا فلين رايدر.. قصدي يا مهران".
حاول تهدئه نوبة غضبة وأجابها بنفاذ صبر:
-"فى بيني وبين جوز أيمان مشاكل واعرف عنه مصايب كتير عشان كده روحت بيتهم أمبارح ولما روحت لقيته.. لقيته قتـ ـلها".
أتسعت حدقة أعينها وجفّ حلقها، فاقدة النطق للحظات وقد أعتراها شعور قاسٍ من مجرد التخيل وأردفت بأختناق وشك:
-"هو اللى قتـ ـلها ولا انتَ الـ... ".
طفح الكيل وفقد السيطرة على أعصابة وصاح بغضب تراه لأول مرة:
-" ما كفاية بقى انتِ دماغك دي بتفكر ازاي لو أنا وحش أوي كده أى هيخليني محافظ عليكِ وساعدتك تلاقي مكان تعيشي فيه بس حظك النحس لازقك فيا، أنا اللى غلطان عشان شايل مسؤولية واحدة مش مقدرة ده اصلًا، أرجعي لأهلك وريحيني ".
أهتز ثباتها للحظات قبل أن تحمحم بهدوء وتترك العصاة من يـ ـدها وأقتربت تفك القيود قائلة بحزن عميق:
-" صدقني لو أعرف هما مين او فين مكنش زماني متمرمطة معاك كده من بدري، وشكرًا لو كنت أستحملتني بس أفتكر كويس أنك انتَ اللى كنت بتجيلي دايمًا ومبلحقش حتى أفهم حاجة غير إن فيه حد بيلاحقنا ".
أعتدلت بعدما أنتهت وتحركت نحو الخارج تزيح فروع أشجار صغيرة متجمعة بأحد الجوانب وهو واقف بصمت أمام المنزل يراقب ما تفعله، دقائق قليلة واعتدلت وهي مُمـ ـسكه بحقيبة الحاسوب وأقتربت تعطيها له قائلة بهدوء:
-" هتلاقي كل حاجتك موجودة فيها، عن أذنك".
تحركت خطوتين فـ سارع بالأمـ ـساك بها وقال بلهفة:
-"رايحة فين".
أبعدت يـ ـدها بهدوء وحركت ذراعيها ببساطة قائلة:
-"بعفيك من مسؤوليتي".
هم بتصحيح مقصده منذ دقائق وقال:
-"بس أنا.. ".
أبتسمت بصعوبة تجيبة بهدوء:
-" أنا مبقاش ينفع أبقى معاك يا مهران، انتَ قربك مني فى البداية كان لهدف الوصول لزينة وأهلها، مكنتش أنا هدفك.. ودلوقتي انتَ حياتك متلخبطة وكل شوية بمفاجأة شكل فـ أنا مليش لازمة فى كل ده، بس لو سمحت زينة ملهاش دعوة بحاجة خلص مشاكلك بعيد عنها... سلام".
أنهت حديثها ببساطة ورحلت قبل أن يريّ الدموع التى تجمعت بأعينها، وتركته واقفًا بعمق أفكاره مُعلنة عن نهاية أجبارية فرضها عقلها عليهما بتلك اللحظة.
❈-❈-❈
كل ما كانت تمتلكه أموال قليلة لا تعرف كيفية التصرف بها، حالتها تسوء كل لحظة عن سابقتها تشعر وكأن
حمم بركانيّة تسري بأوردتها، جفت دموعها وأنهك
جـ ـسـ ـدها وجلست فوق أقرب حافة طريق، تحاول الوصول لحل.. الشخص الوحيد المتاح اللجوء إليه "شوقي" كما أخبرتها "أيمان" سابقًا لكنها لا تعلم عنه أى شئ سوي أسمه وأنه محامي..
توقفت أمامها سيارة حمراء وهبطت منها سيدة يظهر عليها الرفاهية ترتدي ثوب من الجلد وخصلات شعر صفراء تبتسم قائلة:
-"مستنية حد".؟
شعرت "زينة" بالتشتت والقلق وحركت رأسها بالنفي وأردفت بصوت مبحوح:
-"كنت بدور على مكتب محامي أسمه شوقي".
صمتت السيدة للحظات قبل أن تجيبها بحفاوة:
-"عرفاه طبعًا تعالي معايا أوصلك المكتب قريب أوي من هنا".
ورغم شعور الريبة لم يكن أمامها حل أخر لذلك نهضت تصعد لجوارها تتحاشي الأجابة على اسئلتها الفضولية
القليل من الوقت وكانت تقف أسفل بناية بحيّ سكني هادئ نوعًا معاه وشجعتها على الهبوط قائلة:
-"تعالي يا بسبوسة هو ساكن فى العمارة دي".
أستنكرت "زينة" الحديث وتسألت بشك:
-"هو المكتب هنا ولا ساكن هنا".
ضحكت السيدة بتوتر وهبطت قائلة:
-"قصدي المكتب معلش أتلخبطت أنا اللى ساكنة هنا".
اومأت باستسلام وهبطت تصعد للأعلي برفقتها حتى توقفوا أمام باب مُغلق، دارت أعين "زينة" فى الطابق فـ لم تجد أى لافتة تشير لوجود مكتب هنا وقبل أن تتسأل وجدت يـ ـد تجذبها للداخل وتغلق الباب من خلفها
نظرت حولها فوجدت نفسها بمنزل واسع المساحة ذو أثاث أنيق وبه ما يقارب سبع فتيات يرتدين ملابس
عـ ـارية
حاولت تخطي السيدة بهدوء وقالت محاولة عدم أظهار خوفها:
-"أنا لازم أمشي مش هو ده شوقي اللى أقصده".
دفعتها السيدة للخلف ونزعت قناع لطفها وأطلقت ضحكة رقيعة قائلة:
-"تمشي ده أى يا عنيا، رحبوا بزميلتكم الجديدة يا بنات".
يُتبع..
إلى حين نشر الفصل الجديد للكاتبة شهد السيد، لا تنسى قراءة روايات و قصص كاملة أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية