-->

رواية جديدة ذنبي عشقك لميرا كريم - الفصل 35 - 2

 

قراءة رواية ذنبي عشقك كاملة

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى




رواية ذنبي عشقك رواية جديدة قيد النشر

من قصص و روايات 

الكاتبة ميرا كريم


الفصل الخامس والثلاثون

الجزء الثاني

عودة للصفحة السابقة

❈-❈-❈



ساومت عفش بيتها واحتفظت فقط بما يفي بالغرض وها هو المُشتري يحمل قطع الأثاث ويغادر به أمام نظراتها، لحين اتت جارتها طرقت على بابها المفتوح قائلة والفضول يطل من عينها:

-السلام عليكم يا "بسمة" خير كفى الله الشر انا لقيت الناس نازلة بالعفش اتخضيت قولت اطلع اشوفك هو انتِ هتعزلي ولا إيه؟


اجابتها "بسمة" بملامح باهتة: 

-وعليكم السلام...اه يا ست "محاسن" بعت العفش وبدور على سكن تاني


شهقت جارتها وتسائلت تود الاستقصاء عن اسبابها:

-ليه يا بت حد زعلك؟ 


لا احد فعل، فكل ما يحدث معي استحقه ولن اسـ خط بعد اليوم فسوف اتحمل العواقب وحدي واُكـ فر عن ذنبي، آملة أن يسامحني الله ويُعينني على لملمت ما تبقى مني، ذلك ما كان يدور برأسها ولكنها عجزت عن التفوه به واستبدلته بحُججها:

-الشقة ايجارها بقى غالي عليا وكمان اتشائمت منها بعد اللي حصل


وهنا تحسرت جارتها على ما اصابها بلؤم:

-ده انتِ كنتِ هتروحي في شربة ميا لولا "عماد" الله يباركله ده يومها البيت اتقلب من الريحة ونزل كسـ ر الباب وصرخ بعلو صوته فينا ان محدش يدخل معاه وشالك وطلع يجري بيكِ وانتِ يا مسكينة كنتِ شبه حتة الخرئة في ايده


ابتسمت ببهوت وقالت حين تذكرت موقفه النبيل وملازمته لها في المشفى، و رغم حدته الغير متوقعة معها حين لجأت له إلا أنها رغم كل شيء مازالت تشعر بالامتنان فيكفي أنه الوحيد من أَذرها وقت شدتها وظل بجانبها،  و رغم موقفه 

الهـ جومي ضدها حين علم امر تفريطها إلا أن تصرفه تجاهها فاق كل توقعاتها: 

-جميله عمري ما هنساه "عماد" جدع وشهم وابن اصول


اعتلى حاجبي جارتها ومالت على أُذنها مُعقبة على حديثها:

-عارفة يا بت كلام في سرك من لهفته عليكِ قولنا ده بيحبك


انكمشت معالمها لا تستسيغ ما تفوهت به، وكان الأمر مُستبعد من عقلها، او بالأحرى يفوق استيعابها وضئالة شأنها فسابقًا كانت تثق أنها لا تملك شيء مميز يجعل شخص يغرم بها؛ ما بالك الآن وبعد تفريطها.

لذلك أجابت بثقة معدومة من نفسها:  

-حب ايه بس يا ست "محاسن " هو كان عِمي انا و هو اخوات وجيران وانا صعبت عليه مش اكتر


قلبت جارتها عيناها وقالت مجاملة و ببسمة مُصطنعة صفراء تَفطن "بسمة" أنها ليست صادقة:

-العلم عند ربنا بقى...قُصره ابقي تعالي طلي من وقت للتاني وطمنينا عليك


اومأت لها وقالت ببسمة باهتة يكمن قرار قاطع خلفها:

-لو اراد ربنا 

لتغادر جارتها تاركتها تنظر بعيون بائسة حزينة للفراغ حولها الذي يشبه خواء روحها وتتجـ رع بقلب مُنفطر مرارة التوابع وحدها.

❈-❈-❈


-مش عايز تتكلم برضو 


قالها "سليم" بضجر من تكتم الآخر الذي أصر عليه مُستنكرًا:

-باشا اتكلم اقول ايه انا معملتش حاجة


ضاقت عين "سليم "عليه بنظرة مُرعبة للغاية قبل أن ينطق بصوت هادئ كالموت: 

-و الموتوسيكل اللي لقيناه في المحل


زاغت نظرات الآخر بشيء من الارتباك التقطه "سليم" قبل أن يقول وهو يفرك طرف انفه:

-باشا قولتلك الموتوسيكل مش بتاعي بتاع واحد معرفة وشايله عندي


انفعل "سليم" ضاربًا بقبضته سطح مكتبه:

-انت هتستهبل يا روح أمك والمعرفة ده يسيبه عندك بأمارة ايه؟


-لو اعرف كنت قولت يا باشا


-طيب اسمه ايه اللي ساب الموتوسيكل؟


تلجلج الآخر ولم يجب 

ليعتلى جانب فم "سليم "من موقفه ويقول بنبرة واثقة:

-انطق وهحميك

ظل على صمته منكس الرأس وكأنه يخشى شيء بِعينه حين أصر:

-معنديش كلام يتقال يا باشا


-طيب شكلك هتشرفنا كتير يا "حازم"


قالها من بين اسـ نانه المصـ طكة قبل أن يضغط على ذر الاستدعاء وإن حضر احد الامناء أمره صارمًا:

-خده على الحبس الانفرادي   لغاية ما ابلغك


رد العسكري بطاعة بعد تأديته التحية الرسمية:

-تحت امرك يا "سليم" بيه


-باشا ده ظلم وافترى حرام عليك انا معملتش حاجة

لم يعير "سليم" صرا خه المحـ تج أي أهمية بل كل ما فعله أنه 

أشـ عل سيجارة ينفث بها ثم همس متوعدًا وهو يستند على ظهر مقعده بكل ثقة:

-انا هعرف اخليك تتكلم كويس بس صبرك عليا

قالها وأخذت رأسه تدور بكل الدوائر الممكنة ينهكه التفكير لدرجة أنه شعر إن لم يكف

ستـ نفجر رأسه بما في جوفها لذلك تناول نفسٍ عميق من الهواء يلهي عقله ويستحضر صورتها أمامه وحينها باغتته ومضة عابرة  أمام عينه قشعر بَدنه مع مرورها ليفرج عن قاتمتيه و يتناول هاتفه ويطلب رقمها وإن اتاه صوتها، رد متمنيًا:

-يارب اكون وحشتك، زي ما وحشتيني


اتاه صوت انفاسها الذي يدُل على ابتسامتها الناعمة وتبعها ردها:

-فعلًا وحشتني


-مش اكتر مني يا "شمس"


كان يود أن يتطرق لما حدث بينهم في الصباح ولكن لم يجد طريقة تناسبه ليعبر لذلك تسأل سؤال روتيني لا يعلم من اين اتى به:

-قوليلي عملتي ايه النهاردة؟


ردت من الطرف الآخر تخبره: 

-عملت حاجات كتير أوي 


-يااه ده شكلك ما صدقتِ


-اه ما صدقت مش الدكتورة طمنتك لما فكتلي السلك يبقى ملكش حِجة

ابتسم بسمة واسعة من عنادها واعتراضها الدائم وعقب يحثها كي ينعم بدفء صوتها أكثر:

-ماشي...قوليلي ايه الحاجات الكتير  اللي عملتيها


استرسلت معه بكل اريحيه تخبره ما فعلته بيومها:

-ساعدت ست "صباح " وطبختلك ورق العنب اللي بتحبه


-ورق عنب حرام عليك أنتِ عارفة مش بعرف اقاوم وهيطلعلي كرش بسببك


ردت بتلقائية أضحكته:

-مليش دعوة متحملنيش مشكلة كرشك وبعدين فيها ايه يعني لو بقيت بكرش هتبقى حلو برضو


قهقه بصوت مسموع ثم حثها:

-بقى كده! طيب كملي وعملتِ ايه كمان


-قضيت وقت حلو في القراية مع ماما "ليلى" وبعدها طلبت مني اعملها ضفيرة زي اللي كان باباك بيعملها وقعدت حكيتلي كتير عليه...ليأتيه صوت تنهيداتها وتبعها استرسالها:

-عارف لما بتحكيلي عن باباك بشوفك أدامي بحنيتك وخوفك وغيرتك عليا وبصراحة عذرتها انها لسه بتتكلم عنه بحب لغاية دلوقتي 


-تفتكري هتحبيني زيها كده وهتفضلي فاكراني لو...


قاطعته بنبرة تعكس مخاوف قلبها:   

-انت بتقول ايه! بعد الشر عليك 

انا بدعي ربنا كل يوم يديمك ليا وميفرقناش ابدًا


ابتسم بسمة هادئة وحاول مراوغتها ليستمع للكثير منها:

-مش شرط اللي يفرقنا المـ وت


وهنا اتاه ردها كبلسم لقلبه العاشق:

-"سليم" انا روحي اتعلقت بروحك ازاي نفترق


اتسعت بسمته وتراقصت دقات قلبه بعد حديثها ولكن بعد وهلة وحين تذكر شيء بِعَينه، اندثرت بسمته شيء فشيء وتسائل متراقبًا:

-توعديني ان ثقتك متتهزش فيا مهما حصل


-انت مش محتاج وعد مني لأنك من الثوابت في حياتي يا "سليم" ومعرفتش يعني ايه ثقة وآمان غير معاك 


بشكل ما سَكنت هواجسه بعد حديثها فقد تنهد تنهيدة مُرتاحة مُسهدة حملت أنـ ين قلبه المُغرم بها ثم همس بنبرة عميقة صادقة: 

-بحبك يا شمسي


ردت بنبرة صادقة ترتجف ذبذباتها عبر الهاتف:

-وانا كمان بحبك


-لا إله إلا الله 


-سيدنا محمد رسول الله   

فور أن استمع لقولها اغلق الخط متنهدًا وبسمة هادئة تعتلي ثغره قبل أن ينكـ ب على عمله من جديد لعله ينهيه سريعًا ويعود ينعم بقربها.

❈-❈-❈


أما هي اغلقت معه وهي تضم الهاتف لحضـ نها وبسمة حالمة تعلتلي ثغرها وتبعها قشـ عرة طفيفة بسائر جـ سدها وهي تعترف أنها تعشقه والعشق يفيض ولم يسعه قلبها، فرغم تقاربهم الحذر في الايام السابقة إلا انها تعلم انه يتحامل على ذاته من أجلها وقد قَدر ما اصابها وكان دومًا يخبرها أن سلامتها اهم بكثير من لهفته عليها، ولكن الآن هي تعافيت بالكامل و بالنهاية هو زوجها ولديه كل الحق في نيلها، ولابد الآن أن تشجع ذاتها وتخطوا خطوة للأمام تعلم انه ينتظرها؛ لذلك نهضت تفتح خزانتها تخرج منها ذلك الصندوق الذي سبق أن جلبه لها تضعه على الفراش أمامها ورغم علمها ما يحويه من قبل إلا أنها لم تتفقد محتوياته كاملة، فقد تناولت نفسِ عميق من الهواء تملأ به رئتها قبل أن تخرج كل قطعة على حدى تتأمل تفاصيلها وحينها فغر فاهها لا تصدق أن شخص مثله هو من قام بإقتنائهم.

❈-❈-❈


 ملقي على فراش المشفى

كالجـ ثة الهامـ دة لا شيء يدل على حياته سوى طنين الاجهزة من حوله، 

فبعد تعـ دي رجال "حوكش" تم العثور عليه بواسطة عُمال البناء وهو في حالة يرثى لها وقد تم نقله لمشفى حكومي ومن يومها يتم حقنه ليظل اطول فترة ممكنة غائب عن الوعي رحمة من شعوره بالألم، ويتم تغذية جسده من خلال المحاليل الطبية التي تدس بأوردته والتي انهت الممرضة للتو تركيبها قائلة لزميلتها التي تقف جوارها وتقوم ايضًا بمهامها:

-يعيني عليه ده شكله غلبان 

هيعمل ايه لما يفوق ويعرف اللي حصله


نظرت زميلتها نظرة مُشفقة قبل أن تتسائل:

-معقول كل ده محدش سأل عليه ولا ظهرله اهل


-ملقوش معاه ورق نهائي وحتى المقاول اللي لقوه مرمي في أرضه قال أنه اشتغل مع العمال بتوعه وقاله انه غريب مش من هنا وانه اتحايل عليه وهو مكنش راضي يبيته في مكان البنا بس في الأخر صعب عليه.


-لا حول ولا قوة إلا بالله 

ربنا يشفيه 


-يارب  

-طب يلا نشوف بقية العينين 

قالتها تحثها بها، لتغادر الآخرى معها تاركينه على وضعه لا يحرك ساكنة.

❈-❈-❈ 


عاد للمنزل و أول ما فعله هو أن  اطمأن على والدته و وجدها تغط في سبات عميق ليدثرها جيدًا ويمـ سد على رأسها مرورًا بجديلتها لتحين منه بسمة مُرتاحة قبل أن يخرج ويسير في طريق غرفته، ففور أن فتح بابها وقبل أن يدخل تسمر بمكانه حين وجدها تجلس أمام مرآة الزينة بكامل حُسنها الذي أصبح مُهلك اكثر بإطلاقها خصلاتها منسدلة بنعومة على كتفها و بوضعها 

لمـ سات من الكحل وأحمر شفاه يضاهي لون ذلك القميص النبيذي التي ترتديه من خامة الحرير الناعمة التي انسابت على 

جـ سدها وبرزت بإثـ ارة 

منحنا ياتها فقد فرغ فاهه لثوانِ وظل بأرضه كمن شُـ ل عقله وشُل معه اعضائه كلها.

أما هي فكانت في قمة حرجها تود لو انشـ قت الأرض وابتلعتها بجوفها فقد اشـ تعل وجهها و وقفت تفر ك اناملها بكفوفها ورغم خجلها وشعورها بأن عيناه

تلتهـ مها قررت أن تشجع ذاتها ولكن كان لجـ سدها رأي آخر حين اندفع من تلقاء ذاته و التقطت المأذر تنوي أن ترتديه ولكن هو اغلق الباب و اسرع يمنعها معاتبًا:

-بلاش...انتِ كده احلى 


همس بها بصوته العميق المتحشرج بعض الشيء وهو ينزع المأذر من يدها وعينه مازالت تلتـ هم تفاصيلها، مما جعلها تتقهقر متلعثمة وهي تضع يدها تستر مقدمة قمـ يصها:   

-اصل...يعني عر يان اوي واول مرة البس حاجة كده...لتبتلع رمقها وتُندفع بقولها من شدة إرتباكها:

-وبصراحة مكنتش اعرف ان ذوقك قليل الأدب كده


لثوان استوعب ما نطقت به ثم بعدها ودون مقدمات قهقه بكامل صوته الرجولية بتلك الضحكة  التي كانت تستغرب من قبل كيف يمتلك مثلها، لتلتمع عيناها ويذدهر زيتونها قبل أن تعاتبه بلطف:

-انت بتضحك يا "سليم" حرام عليك 

خفتت ضحكاته واختصر المسافة التي صنعتها بمحاوطته

لخـ صرها ثم رد بعتاب مُعذب لا يقارن  بعتابها: 

-حرام عليكِ انتِ حد يبقى جميل كده.


رفرفت بأهدابها الكثيفة ثم رفعت نظراتها متسائلة:

-بجد حلوة؟


اجابها متنهدًا وهو يقـ ربها منه أكثر ويُسـ ند جبـ ينه على جبينها: 

-احلى حاجة شافتها عيني يا شمسي


ابتسمت لإطراءه اولًا ثم لوضعه ياء ملكيته بجانب اسمها وقبل أن تنطق كان هو يسبق نطقها يتغزل بجملة أسرت قلبها:

-حُرية من الجنة وربنا وهب حُسنها وقلبها ليا


اتسعت بسمتها الناعمة شيء فشيء من تغزله بها و كل ما فعلته أنها قطمت شفاهها بخجل لطالما كان يليق بها بينما هو  

ضمها لجـ سده أكثر و كرد فعل لجـ سدها استندت على ذراعيه التي تطوق خصرها ثم عانقت نظراته العاشقة التى تهيم بها في حين هو كان يحدق في انعكاسه كاملًا داخل عينها يتعـ مق بنظراته وكأنه يتيه مُسلمًا داخل غابات زيتونها   

قبل أن يقتـ رب ببطء كالمـ غيب بحُسنها يتنفس أنفاسها ويطبع قُبلات متقطعة على سائر وجهها وهو يشعر بشعور مثـ ير لم يختبره من قبل، تتدفق الدماء في جـ سده وكأنه تعاطى جرعة زائدة عبثت بخلاياه و فعلت مفعولها، لتبتلع هي رمقها وتتعالي وتيرة أنفاسها حين شعرت بيـ ده الحرة تسير على جـ سدها مُحدثه قـ شعريرة

نفضـ تت كل إنش بها جعلته يهمس بخـ طورة أمام أُذنها:

-لازم تتعودي على لمستي ليكِ 


هزت رأسها وبداخلها تشجع ذاتها على المضي قدمًا ولكن يده 

تجـ رأت أكثر بشكل استـ رق انفاسها 

وجعلها تتأهب حين مال

بشفـ اهه الرطبة يلثـ م عنـ قها و صولًا لنحرها يقبل كل ما تطاله شفـ اهه بشكل ارهـ قها للغاية وجعل أَنـ ة خافتة تنم عن استجابتها تنفلت من بين شفاهها ليرفع رأسه هامسًا بانفاس ثقيلة وعيون مُسـ بلة تلتمع الرغبة بها:

-انا محتاجك يا "شمس" 

وهنا طالعته بنظرة مُسبلة،

راغبة منحته بها موافقة محسوسة لإمتلاكها، وقبل أن تستوعب ما حدث كان يجـ ذبها من مؤخـ رة رأ سها يلتـ قم

شفـ اهها في قُبـ لة نَهـ مة، عاصفة اطا حت بدفـ عاتها وجعلتها كغصن رطب يتمايل بنعومة مع أعاصير عِشقه الضار ية التي عصـ فت بكيانها.

❈-❈-❈

دلف من باب الشقة برفقة أطفاله وضحكاتهم تزين وجههم بعد أن قرر التفرغ لهم اليوم بأكمله واصطحبهم في نزهة طويلة قبل أن يعيدهم لوالدتهم، ففور أن اغلق الباب وجد "سميرة" أمامه تهز قدمها كعادة ملازمة لها و تربع يدها على صـ درها ترمقهم بنظرة مُغتاظة، أخافت الصغار وجعلتهم  ينكـ مشوا خلف ظهره ينظرون لها نظرة متوجسة في حين هو تسائل مُتعجبًا:

-رجعتي ليه؟


ابتلعت غصة كبريائها وحاولت دثر ما يجتاحها ولكن دون وعي خرج صوتها يحمل غيـ ظها:

-مكنتش عايزني ارجع يا "حسن" 


تأفف ساخـ طًا ثم هتف بأسم المُربية وإن أتت أمرها:

-خدي الولاد علشان يغيروا هدومهم ويناموا هما اتعشوا خلاص


أجابت المربية بطاعة وهي تتناوب نظراتها بينهم:

-حاضر يا بيه

ليلتفت مبتسم يحث صغاره الذين يختبئون خلف ظهره:

-يلا تصبحوا على خير يا ولاد


خطوا الصغار مع المربية هاتفين في نفس واحد وهم يتوجسون خِيفة من نظرات تلك ال "سميرة":

-وانت من اهله يا بابي 


جزت "سميرة" على اسنانها تشعر بالحنق حين لم يعيروا وجودها أهمية وكاد ينفلت لسانها 

السلـ يط كعادتها ولكنها بالأخير قررت أن تساير وضعها كما نصحتها والدتها، لتقترب منه قائلة:

-انا عارفة انك زعلان و واخد على خاطرك مني بس انا معذورة


كادت تسترسل وصلة حُججها وتبرر أفعالها لولا أنه زفر انفاسه بملل و ابتعد عنها متسائلًا بجمود جمد أطرافها:

-انا معنديش دماغ ليكِ فين "علي"؟


برقت عيناها من جفائه الغير متوقع معها وأجابته ومراجل مُشـ تعلة تحـ رق اعصابها وتهـ دد بثباتها: 

-نايم جوه في سريره


ما أن تفوهت بها حتى هرول لداخل غرفتهم يقف أمام فراش الصغير يُقـ بل جبهته وبسمة هادئة مُرتاحة تعتلي ثغره، لتقترب هي متهكمة:

-لو كان وحشك بجد كنت سألت عليا وجيت رجعتنا


صدر من فمه ذلك الصوت الساخر الذي يشتهر به ثم اجابها وهو ينزع عنه سترته:

-انا مكرشتكيش علشان ارجعك انتِ مشيتي بمزاجك وانا سيبتك براحتك


قالها ببرود وأخذ يحل أزرار قميصه بهدوء استفزها وجعل طباعها تغلب على ثباتها: 

-كنت عايزني اعمل ايه بعد ما فرضت ولادك عليا


كانت جملتها صا رخة جعلته 

يحـ تد عليها ناقـ مًا وهو يلـ وح في وجهها:  

-مش انا اللي مفروض اقولك كان مفروض تعملي ايه والمفروض تحمدي ربنا إني سمعت كلامك ومرضتش اخدهم من امهم يعيشوا معايا علطول


انفلت زمام لسانها ولم تتمالك اعصابها ودافعت عن ما هو لها بكل أنانية:

-يعيشوا فين ده بيتي انا وبيت ابني


اشدّت عرو قه ونفـ رت وقال والد ماء تكاد تَبُك من وجهه من شدة عصبيته وهو ينكز صـ دره بسبابته:  

-البيت ده بيتي انا مش بيتك ودول ولادي زي ابنك بالظبط ياريت متنسيش


هيئته وعصبيته المُفرطة لجـ مت لسانها فتخوفت أن يصيبه مكروه  وخاصًة كون الطبيب أخبرها في مرة سابقة أن الانفعال يجعله أكثر عُرضة للإصابة بغيبوبة سكري آخرى مثيلة السابقة، و رغم خلافاتهم الدائمة إلا أنها لا تتمنى السوء له لذلك تراجعت وخوف حقيقي لم تدعيه يظهر في عينها:

-طيب يا "حسن" اهدى و خلينا نتفق


لم يعير رجائها اهمية بل تابع وصلة شجاره وكأنه كان ينتظر أن يُنـ زع فَتـ يله: 

-انا عارف انك مش بتحبيهم وعمرك ما هتعامليهم زي "علي" ويمكن ده السبب الوحيد اللي خلاني اوافقك واسيبهم لأمهم لإني مستحيل هبقى أمين عليهم معاكِ لكن ده مش معناه ابدًا إنك تنسي انهم ولادي وليهم حق عليا


سايرته بشيء من اللين لكي يهدأ وهي تقترب تربت على صـ دره بحركة حانية: 

-انت عندك حق انا غلطانة 

بس اهدى الانفعال مش حلو علشانك...هو انت بتاخد علاجك في غيابي ولا لأ


وهنا نفـ ض يـ دها عنه متهكمًا وهو يجلس على طرف الفراش و يمرر يده على رأسه بعصبية: 

-خايفة عليا اوي وجاية دلوقتي تسألي عن العلاج وانتِ حا رقة

د مي ومضايقاني...فيها ايه يعني لو تريحيني! 


جلست جوار تحاول مسايرته دون اقتناع لكي يهدأ فقط: 

-إذا كان على ولادك من هنا ورايح هعاملهم كويس وهتحمل شقاوتهم بس متزعلش واهدى...رفع بُنيتاه القاتمة لها بنظرة جعلتها تبتسم له بسمة مهتزة وتجذب رأسه لحضنها قائلة بصدق لم تدعيه وهي تمـ سد على ظهره بحنان:

-انا مش عايزة اخسرك يا "ابو علي" ويعلم ربنا رغم طباعك الصعبة واللي بتعمله فيا إني بحبك وهتحمل علشان ارضيك


حانت منه بسمة جانبية ساخـ طة وهو بين احضانها  

فحين نطقت بها لم تكن خالصة بل تعمدت أن تذكره بمساوئه قبلها كأنها تستكتر عليه أن يستشعر صدق شعورها ورغم أنه ناقم ايضًا على طباعها وسلاطة لسـ انها إلا أنه اعتاد عليها و لايريد  سوى الاستقرار والرعاية الذي

حُـ رم منهم بخسارته السابقة، ولكن دعونا نكون مُنصفين؛ هي مختلفة عن غيرها فلولا طباعها التي لا يُستهان بها وحذرها المُستديم؛ ما كان هَاب شخصها فإن لم تكن على هذا الحال كان استخف بها كما فعل مع غيرها.  


يتبع

إلى حين نشر الفصل الجديد للكاتبة ميرا كريم من رواية ذنبي عشقك، لا تنسى قراءة روايات و قصص كاملة أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية



رواياتنا الحصرية كامل