-->

رواية أسكن انت وزو جك - بقلم الكاتبة آية العربي - الفصل الواحد والعشرون


رواية أسكن انت وزو جك 

بقلم الكاتبة آية العربي 



الفصل الواحد والعشرون

رواية

 أسكن انت وزو جك



ومن قال ان الماضي ظل ماضي ! 

لقد امضى ليستهدف فؤادي 

لقد بات ف الامسٍ وظهر في الحاضرٍ وانتشر في الآتى

فهل لي نبتة حبٍ في قلبكِ تغفر لي خطيئتى وتعيد ميلادي !


بقلم آية العربي



❈-❈-❈


التفت يطالعها بنظرة منكسرة ويبتسم ساخراً بألم _ مظنش ان رابحة هانم الجابري ضعيفة للدرجادى ... رابحة هانم بجروتها اللى خلاها تجف وتخفي جهرتها يوم موت ابنها ومبينتش لمخلوق ضعفها هتيجي دلوك وتجتل حالها وتكون سيرة على كل لسان !! ..


تنهد يبتلع مرارة حلقه وهو يطالعها بروحٍ معذبة _ اجولك انى على حاجة ! ... مش انتِ عتهدديني علشان مرجعش مرتي ! ... انى بجى عجولك ان مهرة لو مرجعتليش معايزش اعيش ... حياتى جصاد بعدها عني ... معتخلاش عن الوحيدة اللى فهمتنى صُح ... الوحيدة اللى بعد كسرتك ليا جبرتنى ... هروحلها وهحب على يدها تسامحنى وهرجعها تانى .


اقترب منها خطوة ونظر لها بعيون حادة وقلبٍ متقطع _ خلاص يا امااااي ... زين الرجال اللى كان عيسمع وينفذ كلام امه من سُكات اعلن عصيانه ... استكفيت يا امااااي ... طفحت وجبت آخرى وانى بجول دى امك يا زين ... مهما غلطت هى امك وواجب عليك تطيعها وفرض عليك تبرها ... بس لع ... مش على حساب أذية غيري ... مش على وجع مرتى ... لحد أهنة وخلاص يا اماي .


طالعها بعمق والتفت يغادر للخارج وهى تقف بصمتٍ تام وذهول ... هل حقاً ابنها الكبير وزين عهدها واقوى جيوشها اعلن تمرده عليها !! ... لقد وضعت به كل قوتها وقسوتها حتى لا يهزم او يضعف او يسقط على يد احدهم  .... لما لا يفهم ان قوته في تحجر قلبه !! ... لما لا يفهم انه اعز عزيز لديها ... لما لا يفهم ان تلك الغريبة بحنوها وهدوءها مؤكد سيضعفه ... سيستشف اعداؤه نقطة ضعفه وسيؤلموه منها ... هي امرأة تطبعت بالقسوة والجبروت فأخفت مشاعرها تماماً خلف طباعها لذلك فالكل يهابها ويحسب لها الف حساب . 


اما زين الذى استقل سيارته وغادر بروحٍ معذبة لا يعلم الى اين ... ملامحه باهتة وعيونه مرهقة وقلبه مقهور  ... رن هاتفه برقم احدهم ... فتح الخط واردف متسائلاً بقلبٍ حزين تتناثر اشلاؤه بعبث وتشتت _ عرفت حاجة !


اردف الرجل بحماس _ ايوة يا زين بيه ... انى سألت في محطة الجطار وفعلا طلعوا مدليين على مصر ... وكلمت معارفنا هناك وسألوا وعرفوا انهم ركبوا جطر المنصورة .


كان يستمع له بتمعن ثم ذهل يتسائل باجهاد وحزن _ المنصورة !! ... كيف يعنى ! ... رايحين لمين هناك ! .


اردف الرجل بترقب _ معرفش يا زين بيه ! ... انى كل اللى عرفته جولتلك عليه ... بس انى هدلى على المنصورة دلوك وهسأل وهجولك على كل حاجة .


اغمض زين عينه بتعب وحزن واردف بأمر _ انى اللى عسافر ... روح انت ع الشركة وخليك هناك النهاردة .


اغلق معه واستعد للسفر فوراً يغير مساره الى وجهته حيث الطريق العام المتجه للقاهرة ومنه للمنصورة .


بعد حوالي ربع ساعة من القيادة والتفكير في مهرة وما فعله بها ووالدته وما فعلته بهما بدأت عينه تغمض بتعب بسبب ارهاق عقله وقهرة قلبه وعدم نومه ليلة امس .


ترنحت السيارة منه وبدأ يهز رأسه ويغمض عينه ويفتحهما ويقود ولكن لم يحالفه الحظ حيث ظهرت شاحنة فجأة محملة بأقفاص بلاستيكية فارغة لتعبئة الفواكهة .


اصبحت الرؤية ضبايبة وهو يراها تقترب وحاول الافلات ليبتعد ولكن بدلاً عن ذلك اصطدم بها بقوة ولم يشعر بعدها بشئ بعدما رآى صورتها آخر شئ قبل ان يغلق عيناه باستسلام لمصره المظلم وقد تحولت سيارته الى كومة معدنية مدعوسة والاخرى  تحطم جانبها الايسر ولم يتأذى سائقها الا من بعض الخدوش .



❈-❈-❈


في تلك اللحظة يجلس عزيز مع اشقاء يسرا الثلاثة ومتولي الذى يعدُ جاراً لهم ويجلس المأذون ورجلاً آخر مجاوراً لهم ايضاً .


تم عقد القران سراً بينهم وبعد حوالي ساعة اصطحب عزيز يسرا معه بعدما ودعت والدتها واشقائها تحت انظار متولى الذي يبتسم بخبث وانتصار  الى شقته التى استأجرها بعدما اخبر خيرية ان عليه السفر ضرورى ليومان لامر هام في المصنع ولاحضار آلات جديدة .



❈-❈-❈


في نفس اللحظة

المنصورة حيث كان مازال ابراهيم يتحدث مع بدر عن حكايتهما ... ولكن فجأة شعرت مهرة بانقباض حاد في صد،،،رها مما جعلها تحاول التقاط انفاسها تحت انظار والدها الذى طالعها واردف بقلق _ مهرة ! ... صار شي بنتى !


نظرت لوالدها بعيون زائغة حزينة وهزت رأسها تردف بصوت مهزوز وقلبٍ مرتعش _ ما بعرف بابا ... رح فوت ع الحمام من بعد اذنكم .


وقفت تتجه للمرحاض واسرعت تدلفه ثم وضعت كفها على صدرها بقوة تحاول تهدأة قبضة قلبها ... اتجهت لحوض الاغتسال ورفعت نقابها وهى تتنفس بقوة وتتطلع لهيأتها في المرآة بحزن وانكسار ... التمعت عيناها فرفعت كفها تزيل دموعها وهي تتنفس بقوة وتحاول التغلب على هذا الشعور السئ الذى راودها فجأة ... تتذكر صورته وتحفظها عن ظهر قلب ... ملامحه  حنانه  افعاله  طمأنينته وآخيرا قسوته وعنفه وشكه الذى قطم صلبها  ... اغمضت عيناها مجدداً تتنهد بقوة وعمق  لتستعيد ثباتها .   


بعد دقائق خرجت اليهم وجلست مجدداً بتعب فنظر لها بدر برأفة ثم نظر لابراهيم واردف بترقب _ رح تيجوا معي اخى ابراهيم ... عندى مكان مناسب لألكن ... بس بالاول خليني اساوى شغلة واجى .


اومأ ابراهيم وغادر بدر فاردفت عائشة بحزن _ شو يا بابا !  .... هو بيعتقد انه نحن عالم شحاتين !.


نظر لها ابراهيم بضيق ثم تابع _ لا تحكى هالحكى عائشة ... بيّك ما بيقبل حدا يدفعله مليم ... كل ما في الامر انه هالوضع مؤقت لوقت ما نلاقي حل ... وانا رح اشتغل ورح اسدد كل يللي مطلوب مننا .


اتجه بدر لخارج المطعم من الباب الخلفي ورفع هاتفه يهاتف قمر مردفاً بحب _ كيفك قمرى !


ملحوظة هامة (قمر وبدر هما ابطال رواية خسوف بقلمى آية العربي ) 


اردفت قمر باشتياق ودلع _ وحشتنى يا بدورى ... تعالى يالا .


ابتسم بحب عليها واردف بترقب _ هلأ جاي حبيبتى بس معي ضيوف رح يسكنوا بالشقة يللي تحت .


ضيقت عيناها متسائلة بترقب _ مين دول يا بدر ! ... ناس تعرفهم !


تنهد يردف بهدوء بعدما استمع الى ما حدث معهم _ ناس سوريين ... رجل وبناته التنتين ... هلأ بقفل معك ورح اجى معهن .. وئت اجى رح تتعرفي عليهن .


اردفت هي بترقب وغيرة لن تتخلى عنها  _ بناته ! ... كبار دول يا بدر !


تنهد بدر يهز رأسه بقلة حيلة واردف _ ايه حبيبتى واحدة متزوجة والتانية صغيرة لساتها عم تدرس بالصف الاعدادى .


تنهدت بارتياح واردفت _ تمام يا بدورة ... متتأخرش .


اغلق معها واتجه للداخل حيث يخبر ياسر انه سيغادر وبالفعل بعد دقائق كان يستقل السيارة ومعه ابراهيم ف الامام ومهرة وعائشة في الخلف .


❈-❈-❈



اتى الاسعاف بعدما هاتفه احد المارة الذين تجمعوا حول سيارة زين بحسرة وحزن عندما علموا هويته .


اخرجوه من السيارة مغطى بالدماء وفاقد الوعي تماماً وسط ذهول الجميع ونقلوا لداخل الاسعاف عبر الحامل وانطلقت السيارة مسرعة الى المشفى وسط همهمات البعض بأن زين الجابري مؤكد قد مات فلن يخرج من تلك الحادثة سليم .


انتشر الخبر كالنار ف الهشيم حتى وصل الى حراس القصر الذى اسرع احدهم يركض للداخل وينادى بصوت حاد صادم وحزين _ يا ست هاااانم يا ست هاااانم .


كانت تجلس على فراشها في غرفتها تفكر في كلمات عزيزها بعمق وشرود وحسرة الى ان استمعت الى صوت الحارس ... خرجت على أثره ببطء تطالعه بقوة ظاهرة وتردف بتعالى _ عتزعج ليه أكدة يا مخروب انت !


اردف الرجل بملامح وجه حزينة وبكاء على كبيرهم _ زين بيه عمل حادثة وعيجوله انه مات .


للمرة الثانية تشعر بذلك الصقيع الذى احتاج رأسها اولاً فأصدرت خصلاتها اصوات طقطقة دالة عن شيب خصلاتها وتحولهما الى اللون الابيض ثم انتشر الصقيع في باقي اطرافها وصولاً الى قدماها التى تجمدت وفجأة لم تعد تشعر بهما فسقطت ارضاً وسط صرخات الجميع والتوى فمها بشدة ولم يعد يصدر لها اي صوت واختفت في لمح البصر مظاهر الهيبة والقسوة جميعها ولم يبقى سوى الضعف والهوان  ... في المرة الاولي عندما وصل اليها موت عزيزها الصغير تحاملت على ذلك الألم وانتصرت عليه واخفته ببراعة ولكن هذه المرة لم تستطع ... لن تعود تلك القوية المتحجرة ... لتجعل ضعفها يظهر للعلن صارخاً بقهر يفتت الجبال معلناً عن قوة تفتتت وعن جبروت هدم رأساً على عقب لخسارة اقوى جيوشها واغلاهم (زين الرجال ) ... الآن اقتنعت بأنها لم تكن تحمى جيشها من العدى بل كانت تقضي عليه قبلهم ... كانت هى العدوة الاولى له دون ان تشعر .


هرولت شهد الى الاسفل عندما استمعت الى صرخات الخادمات ... خرجت ورأت والدتها على تلك الحالة فجحظت عيناها واسرعت اليها تدنو منها صارخة باسمها بقوة وهى تطالعها بذهول بينما رابحة تنظر لها بعيون باكية وهى تحاول تحريك فمها او اطرافها ولكن قد نفذ الامر .



❈-❈-❈



وصل بدر بسيارته اسفل منزله .


ترجل هو وابراهيم الذى طالعه بعمق واردف بامتنان  _ ما بعرف شو احكى لاتشكرك شيف بدر ... عن جد انت عملت معي معروف ما بنساه طول حياتى ... واطمن انا ما رح اقصر معك بأيجار او ايى شى بتحتاجه ... وهالوضع مؤقت لحتى اقدر ارجع ع قنا وابيع بيتي يللي هونيك واشترى هون  .


ربت بدر على كتفه واردف بود _ لا تحكى هيك اخى ابراهيم ما سويت غير واجبي ... يالا اتفضلوا فوتوا .


صعد بدر الى الطابق الثانى واوقف ابراهيم وبناته ثم اردف بهدوء _ رح اطلع اجيب المفتاح واجي .


كانت قد استمعت قمر الى صوته وهى تنزل الدرج وتحمل نجمة الصغيرة التى ابتسمت بسعادة عندما رأت والدها واردفت _ اتفضل يا بدر .


ناولته المفتاح وهى تتطلع على الاغراب بعيون متفحصة بينما بدر طالعها بحب والتقط صغيرته يقبلها تحت انظارهما فاردفت قمر بترحاب هادئ _ اهلا وسهلا نورتوا .


رد عليها ابراهيم بود واحترام مردفاً _ تسلمى بنتى ... بنعتذر اذا ازعجناكم .


كانت عيناها مسلطة على عين مهرة من اسفل نقابها ثم اردفت بهدوء _ لا ابدا يا عمو مافيش ازعاج ولا حاجة ... عن اذنكوا .


نظرت لبدر الذى فتح باب الشقة وهو يحمل صغيرته واردفت بترقب _ بدر هات نجمة عنك .


اردف بتروى وحب وهو يعيد تقبيلها  _ اتركيها معي قمر .


اومأت تطالعه بمغزى فأوما لها وصعدت تنتظره في الاعلى اما هو فدلف وادخلهم يردف بهدوء وترقب _ هون بتساووا شو ما بدكن ... وانا شقتى فوق اذا احتاجتوا اي شئ ... بس بالاول ارتاحوا وبعدها بنحكى .


اومأ له ابراهيم وشكره وغادر بدر للاعلى يحمل ابنته الصغيرة نجمة الجميلة التى تبلغ من العمر عشرة اشهر .


اما ابراهيم اغلق خلفه وتنهد يتطلع على بناته بحزن ثم اردف بقلة حيلة وترقب _ انا أسف الكن ... مافيني اساوى اكتر من هيك ... ما قدرت احميكن من هدول العالم غير بهاي الطريقة .


اسرعت عائشة تعانقه بحزن وحب بينما نظر لمهرة ومد يده اليها فأتت اليه تعانقه هى الآخرى بحزن وشعور سئ داخلها لا تستطيع تجاوزه .


دلف بدر شقته واغلق يتنهد ويستعد للاستجواب المحتوم ... اردف ينادى بترقب _ قمر ! ... وينك حبي .


خرجت من مطبخها تطالعه بعمق ثم ابتسمت بحب واتجهت تقبله مردفة _ حمدالله ع السلامة ... نزل بنت ابوها دى ... انا بدأت اغير منها .


ضحك عليها ثم قبل وجه ابنته الناعم منتفخ الوجنتين يردف بحب _ هاي حبيبة قلب بيّها ..


نظر لقمر وتسائل _ قوليلي وينه شهاب !


تنهدت واردفت بترقب _ راح يوصل ماسة ... مع انى قولتله هكلم سيدرا تيجي تاخدها بس هو صمم يوصلها بنفسه ... خدوم جداً زي بابا .


قالتها بمغزى فابتسم يجلس على الاريكة ووضع ابنته ارضاً حول العابها وتنهد يشير لها مردفاً بتروى _ تعي قمر اعدى هون .


اتجهت تجلس بجواره وتطالعه بعمق فتنهد واردف برتابة _ مابقدر اشوف حدا محتاج مساعدة وفيني اساعده واتردد ... هدول سوريين متلي وحتى لو مو سوريين فهنن عن جد وضعهم بيزعل كتير ... وبالاخص هاي البنت المنتقبة ... وضعها كتير مؤلم .


ضيقت عيناها بتعجب وتسائلت _ ازاي يا بدر ! .


اومأ وبدأ يقص عليها ما اخبره به ابراهيم بهدوء وهى تستمع له بتمعن .


في الاسفل اتجهوا الى الغرف التى كانت تحتوى على اسرة مغطاه بملائات تكسوها الاتربة الخفيفة حيث ان قمر كانت تراعي تنظيفها ولكن ف الاونة الاخيرة انشغلت مع ابنتها نجمة كثيراً وتركت امرها .


نزعت مهرة الملاءات بهدوء وبدأت عائشة تنظف خلفها تنظيف هادئ بسبب اجهادهما في السفر .


انتهتا بعض دقائق وتمددت مهرة فوق الفراش وتكورت على نفسها تغفو سريعاً بصمت تام وتبعتها عائشة .


وفي الغرفة الثانية تمدد ابراهيم هو الاخر ولكن لن تغفو عيناه يفكر بحزن في امر بناته وهذا الوضع الجديد والمستقبل المجهول.



❈-❈-❈


في المشفى الذى وصل اليها زين 


ادخلوه فوراً الى غرفة العمليات واسرعوا الاطباء اليه بعدما عاينوه وتبين لهم حالته التى عبارة عن اصابة بليغة في المخ وكسر في ساقه وذراعه وجروح في كامل جسده .


اما رابحة فقد تم نقلها الى المشفي في اسعاف آخر ومعها شهد تبكى بقهر على حال والدتها وما وصلت اليه ولم تعلم امر زين بعد .


❈-❈-❈



عند قمر التى استمعت الى حكاية مهرة من بدر .

نظرت لزوجها واردفت بحزن _ معقول يا بدر ! ... ايه الجبروت ده ! ... وازاي يتهمها كدة من غير ما يسمعها ! ..


اومأ بدر يردف بحزن _ مع انه رجال اله وضعه بقنا وعم يتقال عنه انه كتير قبضاي ... هيك قال ابراهيم عنه ... بس بيضل اتجوزها بالاجبار .


هزت قمر رأسها وتطلعت على بدر بحب وترقب مردفة _ لاء يا بدر ... ما انت اتجوزتنى بالاجبار ... فيه امور تانية اكيد ..


مال عليها يبتسم مردفاً بحب _ هاد كان احلى اجبار بحياتى .


اردفت بشرود تفكر بغيظ وشرود _ بس يضربها ويهددها معقووول ! ... اااه يانارى لو اطوله امسك في زمارة رقبته .


اقترب منها حد الالتصاق واردف بغيرة وحب _ ما ألك شغلة برقاب العالم قمر ... خليكي برقبة جوزك وبس .


ضحكت عليه تهز رأسها بقلة حيلة ثم مالت تقبل رقبته بحب فاغمض عينه يستمتع بقبلتها بنفس المشاعر الخاصة بها ثم ابتعدت تغمز له بطرف عيناها فتنهد بقوة ثم نظر لابنته التى تلعب واردف بترقب وهو يعود اليها بنظراته _ شو رأيك نترك نجمة تاخد راحتها مع هالالعاب !


اردفت بتروى وهى تنظر لصغيرتها _ لاء يا بدورة مش هينفع طبعاً ... استنى لما شهاب ييجي وياخد باله منها معاه في اوضته .


تنهد يومئ ثم وقف على حاله يردف بحب _ لكان انا رح ارجع ع المطعم وانتِ اذا صار شي دقيلي ... ورح ابعت حدا لهون بأكل لهدول العالم اكيد رح يجوعوا وما بيعرفوا حدا هون .


اومأت بترقب ثم اردفت وهى تقف تودعه _ تمام يا بدورة ... بس متتأخرش عليا انت عارف انك بتوحشنى .


ابتسم يطالعها بعمق وحب لم ينقص بل يزيد دوماً مردفاً _ ما بقدر قمرى ... رح ارجع بكير .


غادر هو بينما هى تناولت هاتفها مسرعة بحماس وهاتفت ريحانة تردف بترقب _ ازيك يا ريحانة ... عاملة ايه !


اردفت ريحانة بود وترحاب _ اهلين قمر كيفك ! ... بدك شهاب !... هو بالاساس كان بدو يمشي هلأ .


اردفت قمر وهى تجلس مجدداً _ اوكى يا ريحانة ... تعالى بقى احكيلك على مفاجأة حصلت  ..


ترقبت ريحانة وهى تجلس وتسائلت _ خير قمر شو صار !


اردفت قمر بترقب _ فيه ناس سوريين جم سكنوا ف الشقة اللى تحت ... لسة واصلين من شوية .


تعجبت ريحانة واردفت _ عن جد ! ... من وين هنن وكيف اجوا لعندكن !


مطت قمر شفتيها مردفة _ معرفش اوى بس تقريبا عرفوا بدر عن طريق فيديوهاته ... لانهم كانوا عايشين في قنا ... بس زعلت علشانهم جدا ... بصي انتِ لازم تيجي مش هينفع ابدا كلام ع التليفون .


اومأت ريحانة تردف بهدوء _ تمام ... رح شوف ظروفي واجى لعندك ... 


❈-❈-❈


بعد ساعات عدة في المشفي 


تجلس شهد بقلة حيلة تبكي بضعف وانكسار وحسرة بعدما علمت ما صار مع زين من الحارس الخاص بالقصر ... حاولت الاتصال على عمها عزيز ولكن هاتفه مغلق فهو الآن عند زوجته الجديدة غارقاً في الهناء غير عابء بمن حوله .


في نفس اللحظة دلف احمد ومعه معتز الى المشفى بعدما تلقيا خبر من الحراس ف القصر عن ما حدث مع زين ورابحة .


اردف احمد بلهفة وحزن عندما لمحها _ شهد !


لفت وجهها تطالعه ثم وقفت تركض اليه وتعانقه بقوة برغم ضعفها وحزنها واستقبلها هو بحنو وحزن يردف باطمئنان _ اهدى يا حبيبتى ... ان شاء الله خير .


كان معتز يقف يطالعها بعمق وعشق ... ماذا سيحدث ان عانقته هو بدل من والده ! ... اوليس زوجها !! ... عيب عليك يا رجل ليس هذا المكان ولا الزمان المناسبان لافكارك السخيفة هذه .


ابتعدت تطالع عمها بعيون حزينة وقهر ونواح مردفة _ زين وامى يا عمي ... انى خايفة جوي .


اردف معتز بحنو وهو يملس على ظهرها بيده _ متقلقيش يا شهد ... هيبقوا بخير اطمنى .


ارتعش جسدها أثر لمسته فهى ليست معتادة وابتعدت قليلاً تطالعه بحذر ثم اومأت بصمت ووقفت بالقرب من احمد تبكى بحسرة داعية الله ان ينجيهما ..


❈-❈-❈



في منزل عزيز الذى تحاول خيرية الوصول اليه ولكن دون جدوي بعدما علمت الخبر الذى انتشر في البلدة كلها .


ف نهاية الامر قررت الذهب هي الي المشفي .


ابدلت ثيابها واتجهت للخارج لتغادر فاوقفتها عليا مردفة بترقب _ راحة علي فين يا ماما !


نظرت لها خيرية بقوة واردفت _ رايحة على المستشفي يا عليا ... هفضل جاعدة أكدة وابن عمك وامه حالتهم ما يعلم بيها الا ربنا ! ... عيب يا بتى مهياش اصول دي !


اردفت عليا بغضب وتشفي _ واللى حُصل مع بتك هو اللى اصول يا ماما !! ... دي ذنبي والعيلة دي معدلناش صالح بيها ... وانتِ معتروحيش اي مكان ... لما ابويا يرجع يبجى هو اللى يروح .


اردفت خيرية بحدة _ عيب يا عليا ... عيب جوى دول عيلتك واللحم النتن لاهله ... مينفعش تشمتى في حد يابتى حرام ... بين المبتلي والشامت رحمة ربنا .


هزت رأسها تردف بغضب _ وانى مش ملاك يا ماما ولا جاية من المدينة الفاضلة ... انى بشر وانضربت واتهانت منيهم واترميت كيف الكلب ومهانش عليهم حتى ييجوا يطيبوا خاطرى ... كل ده ليه وعلشان ايه !! ... ايوة انى فرحانة فيه وف اللى حصله هو بالذات لان ده ذنبي .


نزلت اسماء من اعلى الدرج بعدما ارتدت ملابسها ونظرت لوالدتها بترقب واردفت _ يالا يا ماما نروح نطمن على اهلنا ..


قالتها بمغزى وهى تطالع عليا التى نظرت لها بحدة وغضب واردفت _ يعنى عتروحوا بردك ! ..


اومأت اسماء تردف _ عنروح يا عليا لان دى الاصول ... بزيادة ابوكى مش أهنة ومش خابرين مكانه ... بعدى دلوك  .


تنفست بغضب وهى تطالعهما ثم اومأت تردف بتوعد _ تمام ... اعملوا اللى انتوا رايدينه .


ابتعدت فغادرت اسماء ومعها خيرية للخارج ثم استقلتا سيارتهما وقاد السائق الى المشفي على الفور .


❈-❈-❈

#########


في منزل بدر 


استيقظ ابراهيم الذى غفا على طرقات خفيفة .


اتجه ليفتح بحذر فوجده عامل دليفري من مطعم بدر يحمل في يده اكياس مردفاً _ اتفضل يا استاذ ابراهيم الاوردر ده من شيف بدر .


اردف ابراهيم بترقب _ شو حسابه ابني !


اردف العامل بترقب _ لا شيف بدر مقاليش اخد حساب .


اردف ابراهيم بعزة _ لكان ما رح آخد شي ... قول لشيف بدر عن جد كفى ووفى ولا بقى يحرجنى اكتر من هيك .... اذا بدو يانى اقبل هالاكل بدى ادفع تمنه .


تنهد العامل وهاتف بدر يخبره بالامر فوافق بدر وبالفعل دفع ابراهيم حساب الاوردر ودلف يضعه فوق الطاولة ثم اتجه الى غرفة بناته وطرق الباب يردف بترقب _ مهرة ! ... عائشة ! ... فيئوا صبايا وتعو لناكل لقمة .


بعد دقائق فتحت له عائشة واردفت بترقب ونعاس  _ نعم بابا ! ... شو صار


طالعها ابراهيم بعمق  .... يعلم انها حزينة من اجل مدرستها وتركها كل شئ خلفها .


اردف بترقب وحزن _ بعرف انه انتِ كتير حزينة بس غصب عنى بنتى ... عن جد غصب عنى ... كان لازم احمى اختك ... بعد يللي صار معها كان لازم احميها من هالعيلة ... واطمنى انا رح قول لصاحب المحل يللي كنت اشتغل معه يسحب ورقك ويبعتلي اياه على هون وبقدملك ع مدرسة ثانوية هون ... بس لحتى تهدى الاوضاع شوية ... لانه اكيد هلأ عم يدور علينا ... وانتى لا بقى تستعملي هالشريحة يللي معك ... رح اجبلك رقم جديد ... بس هلأ فوتى فيئي اختك لحتى ناكل شي لقمة 


اومأت تبتسم لوالدها بامتنان ثم اردفت _ حاضر بابا هلأ بصحيها وبنلحقك .


اتجهت توقظ مهرة التى فتحت عيناها بارهاق وطالعتها مردفة _ شو في عائشة !


اردفت عائشة بحنو وهى تربت على كتفها _ بابا قالي افيئك لحتى ناكل ... يالا تعي .


هزت رأسها تردف بحزن ونعاس _ ما بدى عائشة ... ما ألي اي نفس عن جد ... قولي للبابا انو بدى انام لانى لو فتت واعدت بدون ما آكل رح يزعل .


التفتت عائدة لوضعها المتكور تنام او تهرب او تدخل في قوقعة حزنها ومشاعرها المتخبطة والسلبية التى تجتاحها .



❈-❈-❈



بعد ساعة آخرى ف المشفى خرج الطبيب بوجه عابث امام الجميع بعدما حضرت خيرية وابنتها .


اسرعت شهد اليه وهرول الجميع خلفها ثم اردف احمد بترقب _خير يا دكتور طمنى على زين ووالدته !! 


تنهد الطبيب واردف _ الاصابة كانت قوية جدا على المخ ... ده غير ان فيه كسور كتير ... احنا عملنا اللى علينا وحاليا الامر بيد الله ادعوله ... وبالنسبة للحاجة رابحة فهى للاسف حصل معاها جلطة دماغية نتيجة صدمة الخبر القوية اللى المخ متحملهاش وده لانها كانت بتعانى من مشاكل صحية ... الفترة الجاية هتكون صعبة ع الجميع ... استعدوا لاي شئ .


وضع احمد كفه على فمه بصدمة كما فعلت خيرية واسماء اما شهد فكانت في صدمتها وكادت ان تسقط لولا يد معتز الذى كان يتنبه لها جيدا حيث اسندها بلهفة واردف بحب وحزن _ اهدى يا شهد هيبقوا بخير صدقيني ... زين ومرات عمى قوايا وهيتخطوا المحنة متقلقيش .


كانت في حالة اللا وعى حيث استندت برأسها على صدره تبكى بقهر وحزن وهو يحتويها بحنو برغم حزنه على ابن عمه وما صار معهم بينما الانظار حولهما متعجبة ولكن الصمت هو السائد .


❈-❈-❈



في اليوم التالى حيث ظلت شهد في المشفي نائمة على المقعد المجاور لغرف العمليات تميل برأسها على كتف معتز الذى رفض المغادرة وظل معها بعدما اجبر والده على الذهاب ليرتاح ف القصر ويعود اليهما صباحاً .


كانت في حالة يثرى لها ... انتقلت من الضعف اللى التشتت والضياع ... يرقد في الداخل اثنان احداهما طمأنينة قلبها والآخر هو قوتها وعمودها الفقرى ... درعها الواقى التى هي من دونه مثل الورقة في مهب الرياح .


فتح معتز عينه يطالعها بحب وحزن ... ليلة امس كانت صعبة على الجميع بعد ما قاله الطبيب .


تنهد فاستيقظت على هزة كتفه البسيطة تتطلع حولها بعيون مشتتة ... رفعت نظرها اليه ونظرت داخل عينه فوجدت نظرة طمأنينة تحتاج اليها بشدة .


اردف هو بحنو وحب _ عاملة ايه الوقتى يا شهد !.


اعتدلت واومأت بصمت تنظر ارضاً ثم نظرت لغرفة العمليات وعادت تبكى فانخلع قلبه لاجلها واردف بترجي _ خلاص يا شهد كفاية بقى علشان خاطرى ... انا متأكد ان زين والحاجة رابحة هيتجاوزوا الازمة دى على خير .


نظرت له بعمق ... تريد التأكيد مثله ... من اين له كل تلك الثقة ! ... اومأ لها مؤكداً يردف بحنو _ صدقيني هيتجاوزا الوضع الصعب ده ... متقلقيش يا حبيبتى .


لكمها قلبها من كلمته التى ارعشتها برغم حزنها وتشتتها الا انها اتت كشمعة منيرة وسط ظلام دامس .



❈-❈-❈

#########


عند مهرة التى تنام متكورة ومستيقظة تعيد ما حدث وتفكر ... لا تمتلك مقدار ذرة طاقة لفعل اي شئ ... فقد تفكر وتتسائل ( لما زين ! ... لما فعلت بنا هكذا !... لم نكد نخطي في طريق سعادتنا !! ... لقد بدأنا لتونا لما وضعت كلمة النهاية قبل ان نكمل !! ... لقد احببتك زين واعطيتك مشاعرى كاملة ... لقد امتلكت قلبي في تلك الفترة القصيرة ... اولم يكن في قلبك مقدار ذرةٍ حبٍ لي ! ... مقدار ذرةٍ ثقة بي !! ... اعلم انك عانيت من قبلي ولكنى احترقت لألمك ... كان حزنك جمرة نار تتآكلنى ... احتويتُكَ زين واسكنتك داخلى ولكنك خذلتنى ... فكيف سيمحى هذا الألم ومتى سأنسى تلك النظرة وهل يمكن لقلبي ان يرتاح مجدداً !! .


اما ابراهيم فيجلس مع ابنته عائشة في الخارج يتناولون الفطور الذى احضره باكراً .


يأكل دون شهية ... حزين من اجل غاليته ولا يعلم ماذا يفعل ليخرجها من الظلم الذى وقع عليها  .


في الاعلى يستعد بدر للذهاب لعمله وتقف قمر تهندم ملابسه بسعادة وترقب فاستيقظت نجمة الصغيرة تبكى بضجر فزفرت قمر بتهكم مردفة وهى تتطلع على بدر _ البنت دى كل لما اقرب منك تصحى تعيط ... اكونش ضرتها وانا معرفش ! 


ابتسم عليها بحب ثم اتجه يحمل صغيرته ويقبلها بحب فتوقف نجمة عن البكاء وابتسمت لوالدها التى اتجه لزوجته يقبل رأسها ويردف مراضياً _ مو شهاب وهو صغير كان عم يعمل هالحركات وقت اقرب عليكي ! ... كنت احكى شي ! ... لا بنوب ... وانتِ كنتِ تطلعي علي وتعانديني ! ... خلص روقي لساتها صغيرة .


اومأت بتفهم وحب بينما نادا بدر على ابنه شهاب الذى اتى يردف باحترام _ اؤمر بابا !


نظرت له قمر بحب وفخر بينما تابع بدر _ انزل حبيبي دق على عمو يللي تحت وقوله ان بابا بدو يحكى معك وشوف اذا وقته بيسمح هلأ بنزل لعنده .


اومأ الصغير ذو السبعة اعوام واردف _ على راسي بابا .


اسرع شهاب للخارج ونزل الدرج يطرق باب ابراهيم الذى فتح يتطلع على الصغير بحنو فأردف شهاب باحترام _ من بعد اذنك عمو البابا بدو يحكى معك اذا وقتك بيسمح فيو ييجي هلأ !.


اومأ ابراهيم يبتسم مجبراً في وجه هذا الصغير الكبير ويردف _ ايه حبيبي بيشرف انا ناطره هلأ .


اومأ الصغير وصعد يخبر والده بما قاله فاردفت قمر بترقب _ بدر خدى معاك !


تعجب وطالعها متسائلاً _ لشو قمر ! ...  انا بدى احكى مع الرجال بشغلة شو رح تعملى انتِ معنى !


اردفت بدلال لتقنعه _ هتعرف على بناته ... علشان خاطرى يا بدورة ! ... علشان بردو متتحرجش لوحدك !


قالتها بمكر فاقتنع واردف بقبول _ تمام تعى .


ابتسمت واردفت وهى تحضر اسدالها وترتدبه وتغادر معه موجهة حديثها لشهاب _ شيبو خليك هنا ياقلبي وانا وبابا هننزل لتحت وهاجى بسرعة .


اومأ الصغير الذى جلس يتصفح التابلت التعليمي الخاص به مردفاً _ حاضر يا ماما .


نزلا سوياً وطرق بدر الباب ففتح له ابراهيم يطالعها مرحباً فدلفا وجلسا فاردف بدر بترقب _ زوجتى كان بدها تتعرف ع بناتك يا حج ابراهيم .


اومأ ابراهيم بود ونادا على عائشة التى مرحبة فطالعتها قمر بحنو ثم اردف ابراهيم _ بنتى قولي لمهرة انو زوجة الاستاذ بدر بدها تشوفها .


اومأت واتجهت لغرفتها تخبر مهرة التى كانت قد انتهت من فرضها وةقفت تتطلع على عائشة التى اخبرتها برغبة قمر في التعرف عليها فأومأت مهرة بحزن وخرجت عائشة تنادى قمر التى تناولت نجمة الصغيرة من والدها واتجهت للداخل .


دلفت قمر تتطلع على مهرة التى ترتدى اسدالها وتطالعها بابتسامة باهتة فابتسمت لها قمر بود وتفاجئت بملامحها الجميلة التى كانت تنتظر رؤيتها بفضول منذ ان رأت عيناها ليلة امس .


رحبت بهما وجلست قمر تطالعها بترقب ثم اردفت بهدوء _ انتِ اسمك مهرة ! 


اومأت مهرة بهدوء ثم اردفت _ وانتِ !


اردفت قمر بترقب _ انا قمر ... ودى نجمة .


قالتها وهى تنظر لصغيرتها بحب فابتسمت مهرة بحنو للصغيرة واردفت _ بتشبهك كتير .


اومأت قمر فهى حقاً تشبهها كثيراً بينما اردفت عائشة بترقب _ تحبي تشربي شي !


هزت رأسها تردف بود _ لا يا حبيبتى شكرا ... انا عارفة انكوا اكيد حابين تاخدو راحتكوا بس لان بدر حكالي شوية عنكوا كان نفسي اتعرف عليكوا .


التمعت عين مهرة بالدموع وهى تتذكر كل ما مر بها وبأهلها فاردفت قمر مسرعة وهى تربت على كفها بحنو _ لا لا انا مش قصدى ازعجك خالص بالعكس ... انا قولت اجى اعرفك على نجمة يمكن اقدر اخفف عنك شوية ... وكمان انا حاسة بيكي جدا لان حصل معايا موقف مشابه لدة من سنين ... بس وقتها انا كنت غلطانة .


تمعنت مهرة تطالعها بترقب ثم اردفت متسائلة _ كيف يعنى ! ... شو صار معك !  .


تنهدت قمر واردفت _ الاول امسحى دموعك واحكيلي ومتقلقيش انا بسمع من الودن دى وبخرج من الودن دى ولا كأنى سمعت حاجة ..


تنهدت مهرة تطالعها بترقب وتفكر في نفسها ... مؤكد ان رجلاً كبدر ومواقفه الاخلاقية مع اناس لا يعرفهم دالة على انه وزوجته اهل ثقة لذلك بدأت تخبرها ما حدث معها منذ زواجها من بدر الى تلك اللحظة المشؤومة متجنبة ذكر الجزء الخاص بعليا لانها تعلم مدى سريته .


في الخارج يجلس بدر مع ابراهيم يردف بترقب _شو قلت يا حاج ابراهيم !


نظر له ابراهيم بامتنان واردف _ شو بدى اقول يا شيف بدر ... عن جد ما بعرف كيف بدر اتشكرك على يللي عملته معى .


اومأ بدر يردف بترقب _ ما عملت شي اخى هاد واجبي ... وهلأ يالا لحتى نروح ع المطعم لنشوف شغلنا .


اومأ ابراهيم براحة وهو يطالع بدر بشكر وامتنان فهو عرض عليه العمل في المطعم في الجزء الخاص بالمخبوزات والذي يتقنه ابراهيم جيداً حتى لا يشعر بالخزى او الانكسار .


بعد ربع ساعة غادر ابراهيم مع بدر بعدما اخبر بناته وانتهت مهرة من سرد ذكرياتها لقمر التى التمعت عيناها تطالعها بذهول مردفة _ معقووول يا مهرة ! ... بعد الحب ده تبعدوا عن بعض بسهولة كدة ! ... صحيح بقالكوا مدة قليلة مع بعض بس اللى بينكوا مش قليل ! ... ليه كدة !


هزت مهرة رأسها واردف بحزن _ شو كان بيطلعلي اساوى بعد ما شك فيني ! ... بعد ما اتهمنى انى عم اخونه وهو بيعرفنى كتييير منيح ! 


اومأت قمر بحزن ثم اردفت بعدما تخلت عن نجمة التى تناولتها عائشة وبدأت تلاعبها _ فهماكى جدا ... بس الوضع اللى انتِ حكتيه غريب ويشتت اي راجل ... خصوصا لو كان صعيدي ... يعنى لولا انه بيحبك كان هيبقى رد فعله اقسى واعنف من كدة بس هو اكيد لما قرأ الرسايل دي مكانش في حالته الطبيعية ... بس السؤال هنا مين اللى عمل كدة ! ... وان تليفونك يختفي ويظهر ده اكيد حد من القصر ... والحد ده عايز يفرق بينكم ... وطبعا بعد كلامك عن حماتك مش بعيد ابدا تكون هى اللى دبرت القصة دي ... وبردو الله اعلم .


نظرت لها مهرة بصمت تفكر في حديثها ثم هزت رأسها واردفت بقهر متذكرة _ بس انا قلتله قمر ... قلتله انه مو انا ... اطلعت بعيونه وقلتله انا مهرة وما بساويها ... كان فيو يسمع قلبه اذا كان بيحبنى عن جد ... كان فيو يتركنى اشرحله شو صار ... هو كسرنى بنظرته الي ... كمان نزل قالها لامه انى خنته وهى طلعت طردتنى وسمعتنى حكيات بشعة كتير ... عن جد قلبي موجوع كتير منهن .


اتجهت قمر تعانقها واردفت بحنو وحزن لاجلها _ يا حبيبتى خلاص اهدى ... روقي بس وكله هيتحل ان شاء الله ... حسبي الله نعم الوكيل في اللى عمل كدة .


ابتعدت عنها بعد ثوانى تطالعها بعمق ثم تنهدت واردفت _ بصي ... انتِ دلوقتى تنسيلي كل ده وتفرفشي كدة وتبطلي عياط ... وهو بقى تسبيه يلف كعب داير لحد ما يوصلك وانا متأكدة انه هيدور عليكي وهيعرف يوصل لانه اصلا مكانش عايزك تمشي ... كله من العقربة امه ... استغفر الله العظيم يارب انا واعدة بدر مظنش في حد بس الست دي حارقة دمى .


ابتسمت مهرة بخفوت تطالعها ثم تابعت قمر بترقب _ بصي هيدور عليكي وبما انه واصل يعنى هيعرف يوصلك ولما ييجي بقى سيبي بدر يتصرف معاه ... وساعتها تقدرى تاخدى حقك منه زي ما انتِ عايزة ... بس بعدها سامحيه ... اديله فرصة لانه بيحبك ...وبعدين الرسايل بردو صعبة اوى .


نظرت لها مهرة بعمق تفكر في حديثها ثم اردفت قمر _على فكرة بقى انا مريت بنفس المشكلة دي ... بس وقتها انا كنت غلطانة ... كان فيه شاب معايا ف الجامعة وكنت مفكرة نفسي بحبه وصدقت كلامه ووعوده وهو طلع حقير بيستغل البنات وبيصورهم ويبتزهم ...وبابا جوزنى لبدر علشان يبعدنى عنه ... وفعلا بعد جوازى من بدر هددنى بصورى لو مروحتلوش هينزلهم زى ما عمل قبل كدة ... وقتها انا خوفت وبدر مكانش موجود فنزلت وروحتله وكنت ناوية لو قرب منى اقت،،له ... بس هو طلع خبيث وكلم بدر وقاله انى ريحاله بمزاجى ... وكان هيخطفنى لولا ربنا ستر وبدر جه ولحقنى منه بس صدقه وطلقنى من غير ما يسمعنى ..


كانت مهرة تستمع لها بذهول ثم تسائلت متناسية امرها _ يا الله ... وبعدين شو صار ! ... سامحتيه ! 


اومات قمر وتابعت متذكرة _ جه اخدنى بعد ايام وردنى تانى لما عرف الحقيقة من تليفونى ورجعت معاه لانى لو لفيت الدنيا كلها مش هلاقي حد يحبنى زيه .


تعجبت مهرة واردفت بحزن _ كيف هاد ! ... بس ليكو صدق ولولا الموبايل ما كان ردك .


هزت قمر رأسها تردف متأثرة _ انا عذراه ... صدق لانى كنت بعامله وحش اوى ... مكنتش بينتله انى بحبه ... اتحمل منى ياما ... بصي حكايتى انا وبدر غريبة اوى وعايزة وقت فاضي نعد انا وانتٍ فيه وابقى احكيهالك ... خلينا دلوقتى فيكي .


تنهدت مهرة واومأت بشرود ثم تسائلت _ طيب والشاب هاد شو ساويتوا معه !.


اردفت قمر بغضب _متلحق ف السجن ... كان محكوم عليه ب ١٥ قضية خطف وابتزاز ليا ولبنات كتير بس ابوه عينله محامى والحكم اتخفف ل ١٠ سنين بس .


اومات مهرة بتفهم بينما اردفت قمر بحماس _ بصي بقى انتِ هتسبيلي نفسك خالص ... اعتبري نفسك قاعدة معانا هنا يومين ترفيه ... هعرفك على ريحانة بنت عم بدر وهاخدك ونروح لماما سلوى ومش هسيبك تعدى مع نفسك ابدا .


نظرت لها مهرة بتعجب فهى شخصية عفوية مجنونة بعض الشئ خففت من على عاتقها منذ اليوم الاول لها .


❈-❈-❈


في المشفى 


جاء احمد وها هو يجلس مع معتز وشهد ينتظر خروج الطبيب ليطمأنهم على زين بعدما مر ٢٤ ساعة كما قال .


خرج الطبيب بعد مدة مرت عليهم كالدهر 


اتجه اليهم واردف بملامح حزينة _ للاسف اللى كنت خايف منه حصل ... زين بيه دخل في غيبوبة ... كان المفروض يفوق او يعطى اي اشارة على وعيه بس للاسف مافيش منه اي ردود افعال غير النبض .



سقطت شهد فاقدة للوعى بين يد معتز الذى صرخ باسمها بينما احمد جلس على المقعد يبكى فلم تعد قدماه تحمله .



في غرفة واسعة ومظلمة تماماً لا يرى لها ملامح يجلس هو في ركنها يحتضن ساقيه واضعاً بينهما راسه مغمض العينين ويعانق جسده بذراعيه مستسلماً لحالته بصمت تام ينتظرها الى ان تأتى وتفتح هي تلك الغرفة وتنتشله من ظلمته ... لتعيده اليها ولتفعل به ما تريد ... لم يعد لديه طاقة ... لقد اكتفى من العذاب والالم .


يتبع