غِنى بيجاد رواية جديدة بقلم سيلا وليد - الفصل 29
رواية ونوفيلا جديدة بقلم سيلا وليد
تنشر حصريًا على مدونة رواية و حكاية
غِنى بيجاد
نوفيلا جديدة بقلم سيلا وليد
إنك لا تختار حين تحب
ولا تحب حين تختار.. وإننا مع القضاء والقدر حين نولد وحين نحب وحين نموت.. وإذ يسألونك عن الحب قل هو إندفاع روح إلى روح.. وإذ يسألونك عن الروح قل هي من امر ربي
❈-❈-❈
في المزرعة
عند حياة
غفت مكانها وهي تتكأ بظهرها على الفراش وتضع إطار صورته بيدها... ارتجفت اوصاله من مظهرها.. أقترب بهدوء يطالعها للحظات.. ثم اتجه يجلس في المقعد بمقابلتها عله يشبع روحه من قربها.. حالة من الوحشة انتابته، أغمض عيناه بوجع عندما أوشك على البكاء.. هناك ضجيج بين قلبه وعقله.. كيف يغفر لها وكيف يتركها
ظل يراقبها بعيون مرتعشة وأنفاس تعلو بصدره من حين للأخر
اعدل رقبتها ودثرها بالفراش جيدا.. وجلس يمسد على خصلاتها المموجة..
ثم رجع يجلس بجوارها يتذكر أول يوم إلتقى بها
جالسا في مكتبه دلف إليه أحد الضباط.. ثم وضع صورتها أمامه وأردف:
- دي حياة العتال.. دكتورة في الجامعة عندها تمانية وعشرين سنة، كانت مخطوبة لواحد من رجال الأعمال بس سبته لما عرفت ان أعماله مشبوه.. علاقتها بأبوها مش جيدة.. بس أبوها بيخاف عليها جدا.. زي ماتقول كدا بيقول نور عينه، بيحبها أكتر من مدحت أخوها، آه هي دايما ضد تجار المخدرات والأثار وغيره.. هي دكتور في كلية الأعلام، جالها شغل في قنوات كتير بس كانت بترفض عشان علاقة رجال الأعمال بأبوها.. بتكتب مقالات بس في الجرنال، وكمان ليها شعبية كبيرة على التواصل الأجتماعي
أمسك باسم الصورة لعدة لحظات.. ثم أشار للضابط بالخروج بعدما ترك ملفها أمامه
ظل يقرأ معلوماتها بدقة.. ثم تراجع بظهره يفكر بشيئا
بعد عدة أيام.. دلف للجامعة بطلته الجذابة وطوله الفارغ.. يرتدي نظارته الشمسية.. يخطواته خطواته الواثقة كنجم هليود.. متحركا بجانبه غزل التي تقوم بندوة طبية في الجامعة عن تجنب العادات الخاطئة تجنبا من الأورام
ظل باسم يجوب المكان من تحت نظارته هو يعلم إنها تعشق هذه الأشياء والثقافات
وصلت حياة وجلست تستمع إلى محاضرة غزل.. بعد إنتهاء غزل اتجهت حياة إليها لكي تحيها.. وقف أمامها كسد منيع
- ابعدي ممكن تكلميها من بعيد
انكمشت ملامح وجه حياة بإمتعاض.. واقتربت متعمدة إغاظته
- متحسسنيش اني ملغمة نفسي بحزام ناسف.. توقف يدفعها بيده.. ثم رفع بصره للمسؤل عن حماية غزل
- وصل الدكتورة للعربية يامحسن.. قالها باسم وهو يطالع حياة بنظرات صقرية
تهكمت حياة ورفعت نظرها لغزل التي تتحدث مع عميد الجامعة وهي تتحرك بجواره ولم تكن على دراية بما يحدث بين باسم وحياة..
قاطع وصلة الغضب بينهما دلوف أحد الأشخاص يجذب حياة بعنف
- مبترديش عليا ليه.. جذبت يدها بقوة تنظر حولها وهي ترى البعض يحاصرها ثم أشارت بسابتها
- إياك تتمادى معايا.. متستهبلش، قالتها وخرجت متحركة لسيارتها.. أسرع المدعو خطيبها السابق خلفها.. يجذبها بعنف.. ولكن باسم توقف أمامه ودفعه بقوة:
- مش عيب تتعرض لبنت في وسط الزحمة دي.. وكمان رافضة الكلام معاك
اتجهت حياة إليهما بعدما وجدت تشاجرهما.. كزت على فكيها اغتياظا وهي ترمق باسم بنظرات نارية:
- خلاص ياحضرة العقيد متشكرة لحضرتك
رفع حاجبه بسخرية مردفا بزهو:
- لا والجميلة بتلقط كويس وعندها حس سمعي وقوة ملاحظة
ارتسمت بسمة سخرية ثم أردفت
- لا دا أنا اللي مستغربة إزاي حضرتك ضابط ومتسيب كدا
ارتفعت انظاره لأعلى على اثر ضحكتها الرقيقة التي انطلقت وهي تشير على من حوله من ضبطة أمنية
عض على شفتيه السفلية بغل يود لو يضعها بين فكي أنيابه ومن حسن حظها تحركت بسيارتها وهي ترفع يدها تلوح
- فرصة سعيدة ياحضرة العقيد.. وعلى فكرة هعرف اعمل حوار صحفي مع د. غزل الالفي.. تشاووو
خرج من شروده عندما استمع لتأوها وهي تغفو بعمق وتضع يدها بين أحشائها.. فتحت جفنيها وجدته يجلس بجوارها
توقف يضع يده بجيب بنطاله ينظر من النافذة على سقوط الأمطار.. ثم تحدث وهو يواليها بظهره
- محدش قالك يامحترمة انك مينفعش تدخلي اوضة عازب.. ولا إنتوا معندكوش أخلاق
اعتدلت ثم نهضت متجه إليه تقف بجواره وتحدثت بصوتاً خافض:
- عارفة إنك زعلان مني.. وليك حق تزعل وتموتني كمان.. صدقني أنا كنت مضايقة منك في الأول، لكن بعد ماقربت منك وحسيت بحنيتك مقدرتش أكرهك رغم اللي عملته فيا
ضيق عينه وتحدث:
- عملته فيكي؟
على ماأعتقد يامدام أنا بعد كتب الكتاب حكت لك كل حاجة.. وجيت وفهمتك طبيعة علاقتنا.. وحضرتك مشيتي ورجعتي تاني، بس جيتي بلعبة خبيثة حبيتي تأذيني في أقرب الأشخاص
رفع سيجاره وقام بنفثها بوجهها ثم أكمل
- بس الحق مش عليكي الحق عليا اني فكرتك زوجة مش هتاخد ضعف جوزها عشان تتلاعب بيه
اقترب ينظر لمقلتيها ثم تحدث وهو يشير على بطنها
- وثقتِ في الغُرب وكانت النتيجة إنك تضيعي ابني.. ثم رفع سبابته وأكمل:
- أوعي تفكري هصدق كلامك الأهبل وموضوع التهديد.. حيااااة لو عايزة تتخلصي من كل اللي حواليكي كنتي اتخلصتي منهم كلهم بس انتِ عايزة تنتقي من باسم عشان خلاكي تعشقيه
رفع كفيه على خصلاته وأردف بصوتا حزين
- منكرش أني أخدتك عشان انتقم من ابوكي اللي حرق قلوبنا كلنا من تلاتين سنة وهو بيحاربنا.. بس دا في الاول وزي ماقولتلك قبل كدا مجرد ماكتبتك على أسمي مقدرتش أذيكي وكل اللي كنت بعمله فيكي كان رد فعل طبيعي بعد ما طلعت أسرار شغلنا برة
كسا الوجوم ملامحه وأكمل:
- مفكرتيش في سمعة جوزك وانه يوقف قدامهم بموضع الأتهام وإنه خاين.. لولا جواد كنت زماني خرجت من وظفتي بفضيحة تلاحق ولادي طول عمرهم..
ترقرق الدمع بعيناه وأكمل
-ورغم كدا مقدرتش تبعدي عني لأني حبيتك بجد.. عارف إني ظلمتك بالسن اللي بينا، بس ياما فيه بينهم سنين كتيرة وعايشين مبسوطين ومتنسيش أنتي اللي اصرتيي على جوازنا..
دار حولها ومازال يدخن بشراسة ثم أكمل
- فكرتك هتكوني زي غزل وتعرفي تحتويني وأحتويكي ونكمل حياتنا.. لكن كنت بحلم.. اللي بينك وبين غزل زي اللي بين المية والنار.. مختلفين تماما
أشار بيده وأكمل
- ايوة غزل بينهم اتناشر سنة بس لو شوفتيهم ماتقوليش حتى خمس سنين بسبب قوة الحب والترابط اللي بينهم..
ضرب بقبضته على صدره وأكمل
- معرفش إزاي قلبي غدر بيا وخلاني أحب واحدة أصغر مني بستاشر سنة.. مع إن مراتي كان بينا خمس سنين بس وكنت بعشقها.. توقف عن الحديث على ذكر زوجته الأخرى.. ثم تحرك متجها للباب
- مش عايز اشوفك تاني قدامي.. ومبروك عليكي فوزتي وكسرتي باسم وخدتي قلبه ودوستي عليه بجذمتك.. ياريت مشفش وشك تاني.. عندك حاجتك خدويها وكمان هبعتلك مؤخرك.. استدار ينظر إليها. واكمل
- شقة جاسر كتبتها بأسمك كمان.. لانحه كرهها مش عايز حاجة تفكره بست الحسن فيروز عروستك الدمية اللي كسرتينا بيها
❈-❈-❈
عند بيجاد وغنى
بعد ليلة تحسب من أقوى الليالي الرومانسية لقلوبهما.. فكانت عبارة عن معزوفة موسيقية كان العازف بها مشاعرهم وترابط قلوبهما.. ليلة تحسب من ألف ليلة وليلة.. ليلة تخط بأنفاسهما الشاعرية القريبة من بعضهما البعض.. ظل يجوب العشق لفترة ليست بالقليلة حتى غفى بيجاد يضع رأسه بعنقها يتلذذ برائحتها التي تفوح لرئتيه كالمسك..ثم ذهب بثبات عميق بعدما شعر بسعادة روحه وماتوصل إليه
وضعت أناملها الرقيقة تمسد خصلاته ودموعها تنذرف بصمت.. نعم تعشقة كعشق الروح للجسد.. أمالت برأسها تضع قُبلة على جبينه.. تسلطت عيناها على شفتيه وعيناه المغلقة.. ابتسمت بخفوت عندما وجدت هدوئه رغم ثورته الشاعرية التي كان عليها منذ قليل.. احمرت وجنتيها بحمرة الخجل من وقاحته التي تعمدها معها
لامست وجنتيه بحب ولكن تراجعت بجسدها عندما تذكرت حديث تاليا منذ يومين
كانت تجلس بحديقة منزلها بعدما رجعت من منزل ريان حينما علمت بأمر ابنه.. بعد ذهاب بيجاد تحركت تستنشق بعد النسيم المحمل بهواء البحر
جلست على الشيزلونج مغمضة العينين.. وصلت إليها العاملة وتحدثت قائلة:
- فيه واحدة برة عايزة تقابل حضرتك
اعتدلت ثم تسائلت
- مقلتش إسمها إيه؟
هزت العاملة رأسها بلا
نهضت متحركة متجهة إليها
تسمرت بمكانها عندما رأت تاليا تقف تنتظرها وتضم الولد لأحضانها
خطت بخطوات مهزوزة بعض الشئ إلى أن توقفت أمامها
لثوان كان الصمت يعم المكان يتنافى مع إرتجافة قلبها وهي تنظر لذاك الطفل الذي يبلغ من العمر سنة ونصف
رفعت بصرها لتاليا
- بيجاد مش موجود خرج من شوية
دنت تاليا بخطواتها ثم أردفت بهدوء رغم إشتعال نظرات غنى إليها
- أنا عارفة بيجاد مش موجود اتقابلنا عند عمو ريان من شوية.. أنا آسفة إني بزعجك، لكن كان لازم أجي لك
جلست غنى وأشارت إليها بالجلوس
- تشربي أيه؟
هزت رأسها رافضة.. أنا مش جاية اشرب
أنا جاية اتكلم معاكي شوية وهمشي قبل بيجاد مايجي ويضايقني زي ماعمل من شوية
لفت انتباه غنى جملتها الأخيرة فتسائلت
- وهو هيضايقك ليه.. أنا شايفة ان أفضل حل انكوا تعملوا تحليل DNA عشان ترتاحي ويرتاح هو كمان...
قالتها غنى بصوت مهزوز بعض الشئ..ربما يكون حديث زوجها صادق
اشفقت تاليا كثيرا عليها عندما رأت نبرة الحزن بعينيها فأردفت
- أنا مكنتش ناوية أرجع واهد حياته.. لكن مامتي اتوفت من تلات شهور وطبعا اختي اتجوزت في شقة ماما والدنيا قفلت معايا.. الولد بيكبر ومصاريفه بتكتر..
تنهدت بحزن ثم أكملت مستطردة
- مينفعش أبوه يكون مليونير وهو يكون محروم.. انا متابعة أخباره اول بأول وعرفت إنك كنتي مريضة لوكيميا.. وعرفت كمان فرصة انجابك ضعيفة غير إنها ممكن تكون منعدمة
أغمضت غِنى عيناها بألما وابتعلت غصة بجوفها بصعوبة عندما طعنتها بحديثها الذي شقها لنصفين
حمحمت تاليا معتذرة واكملت بأستبانة
- صدقيني مش قصدي خالص ازعلك.. أنا مستعدة اسيب الولد لأبوه وانتوا تربوه
انسدلت دموعها وأكملت
- مستعدة أتنازل عن أمومتي في حق إنه يكون في حضن ابوه ويراعيه.. لازم ياخد حنان ابوه.. أنا عاشرت بيجاد واعرف اد ايه هو حنين جدا ويستاهل يكون أعظم أب
أعتصرت غنى عيناها بقوة.. عندما شعرت بجمرات تحرق صدرها ودقات عنيفة تصفع قلبها من كلاماتها التي أدمتها
رفعت غنى عيناها وتحدتث بصوتا حزين
- المطلوب مني إيه وبيجاد مش معترف بالولد.. هو متأكد الولد مش ابنه اعذريني
أخرجت تاليا من حقيبتها كيسا صغيرا يوضع به بعض خصيلات من الشعر.. ومدت يديها لغنى
- دي عينة من الولد.. شعر، لو عايزة دم معنديش مانع.. هو لسة صغير زي ماانتِ شايفة.. جوزك عندك خدي عينة منه وحللي براحتك عندك معامل مصر كلها ولو ينفع تبعتيه برة معنديش مشكلة
رفعت يديها المرتعشة وتناولت منها الكيس
الذي أشعرها كأنها تقبض جمرة ملتهبة تحرق كل أعضائها عندما وجدث ثقة تاليا من نظراتها وحديثها أن الولد ماهو الا ابن زوجها
نهضت تاليا بعدما أدت مهمتها على اتم وجه ثم رفعت نظرها لغنى وتحدثت
- وزي ماقولت أنا مستعدة اضحي بسعادتي أني اتنازل عن ابني عشانه وكمان عشان بيجاد يستاهل يكون أب
قالتها وتحركت دون حديث آخر
توقفت غنى بخطوات متمهلة متعثرة متجه للشاطئ ولا تشعر بما حولها.. فقط دموعها التي تنسدل بقوة تغسل وجنتيها بحرقة
جثت على ركبتيها وآهة عالية خرجت من صدرها شقته لنصفين وهي تصرخ وتضم قبضتها لصدرها علها تهدئ من نيرانه المستعيرة.. ظلت فترة كما هي إلى أن وصل بيجاد إليها
- غنى قاعدة كدا ليه؟
ابتسمت تنظر للبحر تبتعد عن أنظاره ثم أجابته
- بشوف غروب الشمس.. بحب التحام الطبيعة اوي.. تعرف أنا قعدت معظم حياتي في تركيا ورغم مفيش فيها المظاهر الخلابة زي مصر.. بس كان لازم اروح الأماكن اللي فيها بحر واقعد فترات طويلة كدا عشان اشوف الغروب
جلس بجوارها يجذبها لأحضانه
- عارف الكلام دا.. قولتي لي حاجة زي كدا في مرة لما كنا في المزرعة.. عشان كدا حبيت اشتري لك بيت جنب البحر
اتجهت بنظرها إليه وابتسمت رغم عيناها الحزينة التي مازالت بها أثار الدموع:
- تعرف أنا بحبك أد إيه يابيجاد.. رغم إننا بقالنا فترة بسيطة متعرفين على بعض
رفع ذقنها يمسح وجنتيها بأنامله ثم تسائل بصوتا حزين ممزوج بالغضب
- كنتِ بتعيطي ياغنى.. طيب ليه؟
زفر بحزن وتحدث
- مش أحنا اتفقنا الدموع دي لما أموت
القت نفسها بأحضانه وبكت بنشيج
- بيجاد أنا بحبك أوي وعايزاك دايما سعيد حبيبي... أوعدني أنك تعيش سعيد
ضيق عيناه ونظر لمقلتيها:
- غِنى الولد مش ابني الكلام اللي سمعتيه امبارح مش صح.. خليكي واثقة في كلامي لو سمحتي.. والله الولد مش ابني
رفعت يدها تلمس خديه ثم أردفت
- اعمل التحليل
هب واقفا يصرخ بوجهها..
- الولد مش ابني عشان اعمل تحاليل.. جثى على ركبتيه وأردف
- والله مالمست حد قبلك.. انتِ كنتي جوايا عشان كدا ماأخدتش خطوة صريحة مع حد.. كل الموضوع شوية لقاءات وتليفونات.. مفيش تعمق في العلاقة
تنهدت بحزن ثم تسائلت
- انت حضنتها وبوستها مش دا كلامك يابيجاد
- بس مقربتش منها.. غنى مش تجنيني هو انتِ هتكوني عارفة اكتر مني.. تاليا كويسة منكرش بس مش اللي تخليني اتمادى واعمل علاقة في الحرام..أنا معرفش عملت كدا ليه دا اللي هيجنني
وليه جاية دلوقتي تقولي الولد ابنك.. معرفش هي عايزة توصل لأيه
ضم يديها وقبّلها ثم أردف:
- وحياتك عندي ياحبيبتي الولد مش ابني.. أنا اه عملت حاجات كتيره غلط بس متوصلش للزنا.. دي اكبر معصية.. ازاي اكون كدا
-انت شربت خمرة يابيجاد ودي برضو معصية وكبيرة من الكبائر
اخترقت كلاماتها أعماقه فأجابها حزينا:
- انا توبت ياغنى.. ودا كان كام مرة بس.. يعني مكنتش مدمن عليها ولاحاجة.. دول مرتين تلاتة.. يوم رأس السنة، ويوم توديع عذوبية صديق ليا.. هو أصر وقتها
والمرة التالتة إمتى يابيجاد... تسائلت بها غنى وهي تنظر لعيناه بقوة مش يمكن لما كنت معاها
إشتعل غضبه فاحتدت نظراته إليها:
- يوم ماوقفتي قدام أبوكي وقولتي إنك بتحبيه وعملتي قضية أنه اتحرش بيكي.. نسيتي ياهانم.. ولولا وجود جاسر وجواد يوميها صدقيني كنت هموتك
شعرت وكأن دلوا من الماء سقط فوق رأسها في تلك اللحظة فنظرت إليه
- أنا كنت مفكرة المشاعر دي مشاعر حب مكنتش أعرف إنها مشاعر أبوية ابدا وكنت متضاربة بينك وبين بابا
استنشقت بعض الهواء ثم زفرته بهدوء وهي تنظر للبحر
- لسة فاكر الموضوع دا.. وبعدين دا ميدكيش الحق انك تسكر يوميها وتضربني
جلس وفرد ساقيه ثم جذبها تجلس بأحضانه
- وقتها كنت هعمل حاجات تانية وحشة لو مضربتكيش ياغنايا صدقيني.. كنت عايز احط غضبي في أي حاجة.. والحمد لله ان الليلة عدت وعمو صهيب أنقذك من بين أيدي
خلع حجابها يقبل عنقها ثم أكمل بصوتا ممزوج مختلط بمشاعره الفياضة بعشقها
- كنتي مراتي وكان ممكن أعمل حاجات كتيرة بس خفت عليكي من نفسي.. محبتش أقرب منك وانتِ كرهاني
وضعت رأسها بعنقه وانسدلت دموعها بصمت كلما تذكرت ثقة تاليا.. وإنها سوف تتخذ قرارا تحرم منه للأبد... حملها ثم نهض متجها للمنزل وهو يتحدث
- ممكن تنسي اللي حصل.. وخلي عندك ثقة في حبيبك شوية
بعد فترة دلف بيجاد للمرحاض.. امسكت غنى هاتفها وقامت بالأتصال على والدها ثم قصت له ماصار
تنهد جواد بحزن فأردف قائلا:
- هبعتلك ياسين بكرة تديله العينات وهو هيتصرف عشان لو راقبتك انتِ او بيجاد.. ممكن يكون لعبة.. أنا واثق في بيجاد جدا ياغنى وخلينا ورا كلامه
بعد أسبوع من زيارة تاليا لغنى..ذات صباح وصل ريان بنتيجة التحليل التي شقت قلبها وجعلتها كصفور فقد اجنحته... ورغم ذلك انتظرت نتيجة التحليل التي ارسلتها لأحدى المعامل بالقاهرة..
مساء في ذلك اليوم الذي علمت من ريان بنتيجة التحليل.. أتصل جواد وأبلغها:
- النتيجة ايجابية ياغنى.. ورغم كدا بقولك بلاش تهور.. أنا هنزل لريان بكرة واتكلم واشوفهم ناوين على إيه
تنهد ثم صمت للحظات عندما استمع لشهقاتها المرتفعة بالهاتف
- مش هقدر يابابا.. مش هقدر أكون عائق في حياته ويكون عنده ولد ويتحرم منه
متعملش حاجة.. أنا لحد كدا ونصيبي خلص معاه.. بابا لو سمحت متضطرنيش أخد قرار بعيد عنك.. مش عايزة اوجع قلبك وقلب ماما
نظرت من النافذة لارتطدام امواج البحر ثم أردفت:
أنا لازم أفكر في حل يرضى الكل ومايوجعش قلبي.. بس أهم حل يابابا إني مستحيل أكون مراته مع واحدة تانية
شعر جواد بالحزن على ابنته الذي جعل قلبه مفطور عليها فتحدث قائلا:
- حبيبة قلبي ولد الزنا دا مش معترف بيه.. يعني كدا كدا بيجاد مينفعش ياخد الولد
وأنا هتكلم مع ريان
هزت رأسها رافضة حديث والدها وأجابته
- وأنا مستحيل اسرق فرحته ويكون عنده ولد يابابا.. هو يستاهل.. سبني شوية أتخذ قرار وهكلم حضرتك تاني
نهاية الفلاش
ابتسمت عندما استمعت لهمهمات زوجها
- غنايا نامي ياحبي هتفضلي تبصيلي كدا.. قالها عندما فتح عيناه نصف فتحة ثم ذهب بنومه مرة اخرى
أمالت برأسها تقبله:
- شوية حبيبي هشوف حاجة في الفون
استمعت لشعار رسالة لهاتفها
- غنى حبيبة قلبي عاملة إيه.. بكلمك فونك مش مجمع ليه
رفعت الهاتف برسالة وارسلت
- بابي أنا كويسة ولسة عند رأيي اللي قولته لماما.. لازم ابعد فترة عن الكل عشان أشوف هقدر اتأقلم مع حياتي من غير بيجاد ولا لا
ارسل والدها
- انا بعت العينة في مكان تاني ياغنى.. والنتيجة ايجابي.. يعني زي مالبنت قالت الولد ابن بيجاد.. ممكن يكون سكران زي ماهي فهمتنا ومش حس بحاجة
تلألأ الدمع بعيناها وهي تنظر إلي بيجاد بجوارها
- خلاص يابابا شوفلي مكان برة مصر استقر فيه
- مينفعش.. لازم بيجاد يعرف، هو كدا كدا هيوصلك.. متنسيش أنه طيار ومعارفه كتيرة وبسهولة هيوصل لمكانك غير طبعا ريان لو ادّخل هيجبك قبل مانوصل المكان
اغمضت عيناها علها تستتنشق كم من الأكسجين لرئتيها المتألمة.. ولكن كيف ورائحته تغلف المكان بالكامل غير أثاره التي مازالت على جسدها
نزلت بجسدها بعدما أرسلت لوالدها
- اصرف خلال ساعات.. هو هيسافر ويغيب يومين.. عايزة أمشي قبل مايرجع.. لو سمحت يابابا لو بتحبني بجد حاول تبعدني عنه.. لاني مش هقدر اشوفه قدامي كدا واحرمه من ابنه حتى لو معترفش بيه
وضعت رأسها بأحضانه تتمسح به كقطة أليفة..ثم اردفت
من عشقي ليك هتنازل على قلبي عشان اسعدك وأشوف السعادة في عينك..أنت تستاهل تكون أجمل أب..بحبك،قالتها ثم ذهبت بنوم عميق ولم تصحو إلا على حركة أنامله وقبلاته التي توزع على وجهها بالكامل
فتحت عيناه تنظر لصورته الخلابة وهو يوقظها كعادته بلمحات عشقه المتناثرة
مسد على وجنتيه ثم اردف بحب:
- النهارده ممكن اقولك صباحية مباركة عروستي الحلوة
وضعت رأسها بأحضانه خجلا من مغذى كلماته..ثم لكزته بكتفه
- عيب على فكرة متقولش كدا..إحنا داخلين على سنة جواز اهو وجاي تقولي صباحية مباركة..لو حد سمعك يقول ايه
قهقه عليها ثم أخرجها بهدوء
- تعرفي لو معنديش سفر بعد نص ساعة وكان المفروض أكون في المطار من ساعة اصلا كنت رديت على الناس اللي هتتكلم..المهم أنا صحيتك ليه ياترى.. أيوة عشان كدا..ثم رفعها متجها للمرحاض
لم تجادله ولم تتحدث معه..تركت له نفسها يعمل مايحلو له
بعد أكثر من ساعتين وصل جواد وياسين إليها
- قبل مانتحرك ياغنى..اللي بتعمليه غلط..أنا وافقتك عشان متعبش قلبك حبيبتي..لكن غلط،إنك تسبي جوزك وتمشي من غير مايعرف غلط..الولد بيحبك جدا..ممكن تقعدوا وتقولي له كل اللي حاسة بيه
توقفت أمام والدها وأردفت بجديه
- بابا أنا كان ممكن امشي من غير مااعرفكو..لكن محبتش اوجع قلوبكم عليا..ياريت تحترم قراري يابابا..أنا وبيجاد مننفعش نكمل..انا هفضل ست ناقصة في نظر نفسي قبله..جذبها جواد لصدره وتحدث بوجع
- إنتِ ست البنات كلهم ياحبيبة قلب ابوكي
رفعت بصرها لوالدها وتحدثت:
متنساش جوازنا جه إزاي،غير كمان موضوع ماسة اللي اكتشفته بالصدفة..
أمسكت بيد والدها وتحدثت
-بابا بيجاد حياته كانت هلس وكل شوية اكتشف حاجة..بلاش تعب لقلبي اكتر من كدا..هو هينساني مع الوقت ف لو سمحت يابابا انا كدا هكون أحسن..وهرتاح مش عايز بنتك ترتاح
ضمها مرة اخرى لصدره يربت على ظهرها عندما بكت بقوة..تدخل ياسين في الحديث
- طيب ياغنى هناخدك ياقلبي لمكان بعيد عشان تفكري وتاخدي قرارك بهدوء..بس لازم تعرفي جوزك عن قرارك دا..بلاش يتفاجئ
هزت رأسها رافضة وتحدثت
- مش هقدر..وكمان هو هيرفض خالص،بيجاد لو موجود مستحيل يخليني ابعد وممكن نأذي بعض
حمل ياسين حقيبتها وتحرك دون حديث
نظر جواد إليها وتحدث
- سبتيله رسالة ولا لا
اومأت موافقة وهي تنظر لأركان المنزل ودموعها تتساقط بقوة عندما تخيلته بكل مكان وماسيفعله عندما يعود..خرجت من أحضان والدها ولكنها توقفت فجأة وكأنه يناديها بصوته
- " غنى أنا بحبك ماتمشيش" وضعت رأسها بأحضان والدها تبكي بنشيج
- هيسامحني يابابا
حاوطها والدها وهو يتنهد بحزن
- هيعاني كتير ياحبيبتي..ومش أي معاناة دا ممكن تكسريه ياغنى وميقدرش يلملم نفسه بعد كدا... إنت مش مجرد مراته وبس..حبيبته وبنته وكل حاجة..أنا شوفت في عينه حب يهد الدنيا كلها عشانه
رفع ذقنها ونظر لعيناها واردف بيقين
- اللي هتعمليه فيه هيموته ياغنى..عشان كدا بقولك بلاش..اقعدي اتفاهمي معاه
تحركت رافصة حديث والدها ثم تحدثت
- بابا لو سمحت متتعبش قلبي..متخلنيش اندم إني لجأتلك
استقلت السيارة بجوار والدها وهي تنظر لحديقة المنزل تشاهدها كوداع أخيرا
تحدث جواد حتى يخرجها من حالة حزنها
- عايز اقولك انتِ حطيتني كبش فدا لبيجو باشا هيبلعني ويقرقشني في قضمة واحدة كالاسد المفترس..
ابتسمت من بين دموعها واردفت
- بابا اوعى تزعله مهما يعمل..رفعت يدي والدها وقبلتها
- عشان خاطري اعذره..عارفة هيكون مجنون شوية بس هيهدى
ابتسم بسخرية وأجابها
- يهدى دا..وحياتك دا ممكن يولع في البيت..دا بتخيله زي الاسد المفترس اللي مكلش بقاله سنين
نظر ياسين من خلال مرآة السيارة وأردف
- ربنا يستر وميعملش جريمة ويخلي جاسر يتغابى