رواية جديدة ومقبل عالصعيد لرانيا الخولي - الفصل 40
قراءة رواية ومقبل عالصعيد كاملة
تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى
رواية ومقبل عالصعيد
رواية جديدة قيد النشر
من قصص و روايات
الكاتبة رانيا الخولي
الفصل الأربعون
كانت تنظر إلى والدها الشارد فى أفكاره وهي تعلم تمام العلم بما يدور فى عقله
لكنها ستعمل على إفشال مخططاته ، لن تسمح له بالتلاعب بهم وأخذ ما ليس له بحق
تنهدت بضياع وهي تفكر في تلك المقابلة التي ستكون أصعب من غيرها
لو يعلم كم تشتاقه؟
لكان صبر وتحمل معها حتى تمر تلك الأزمة، لكنها تعلمه جيدًا و تعلم على وشك الانسحاب من تلك العلاقة المنهكة للأعصاب
وربما تكون هذه فرصتها كي تقطع اى أمل لوالدها فى حصوله على المال
هبطت الطائرة وترجل منها الجميع ولكنها لا تستطيع تحريك قدمها خارجها
تسابقت دموعها على وجنتيها من تحت نظارتها وهى تتذكر زيارتها الاولى لهم
كيف جاءت إلي تلك البلد مكسورة الفؤاد وخرجت منها أيضًا مكسورة الخاطر
قلبها يناجيها أن تسامحه وتعود إليه تنعم بعشقه
لكنها نظرت لأبيها بعتاب لاستمراره في تعذيبها
لو تركهم من البداية لكانت الآن تنعم بالحب بين يديه دون غدرٍ أو خداع
تحاملت على نفسها وهي تنزل سلم الطائرة وتستنشق هواء المدينة و كأنه محمل برائحة أفخر أنواع العطور بما تحمل من شوق وحنين لمن ملك قلبها و عقلها
وها هو ذا يقف أمام المطار ينتظر خروجها على أحر من الجمر.
كانت ترى نظراته التي تحمل عتاب آلم قلبها وقد أخفت نظارتها عينيها الذابلتين من كثرة ما ذرفت من دموع
تقدم منهما ليصافحهما فقال بفتور
_ حمد لله على السلامة
رد منصور بابتسامة مجاملة
_ أهلًا ياجاسر عامل ايه؟
كان ينظر إليها وهو يحدثه بمغزي
_ بخير الحمد لله
ارتبكت نظراتها وهي ترى كم العتاب الذي يظهره لها
مد يده يأخذ منها الحقيبة ليضعها في السيارة لكنها أبت ذلك وتركته ودلفت من الباب الخلفي لتجلس دونما اكتراث لذلك الذى يحترق شوقاً لقربها
لكن حينما بدأت السيارة فى التحرك ندمت اشد ندم لأنها وضعت نفسها تحت مرأى عينيه المتلهفتين، حيث كان يراقبها من المرآة الداخلية للسيارة وهو ينطلق بها فيدق قلبها بعنف من لوعة الاشتياق
كانت نظراته موزعة ما بين الطريق وبين المرآة التي تعكس صورتها
وعندما رأى دمعة تسيل على وجنتها من خلف نظارتها قبض بألم على مقود السيارة لعجزه عن مسحها بيده
الحياة بدونها أصبحت لا تطاق
واهمة هى إن ظنت أنها تستطيع إخفاء عينيها خلف زجاج نظارتها الداكن، لكن كيف تخبىء حزنها عمن يراها بعين قلبه
كان منصور يلاحظ نظراته لها ويلاحظ أيضًا وجوم ابنته لكنه لا يعرف كيف يقنعها بضرورة عودتها لزوجها مراعاة لمصالحه
فقد أصبح على وشك الإفلاس
والبنك يبعث له بالإنذار تلو الآخر مع تحذيرات بالحجز على أملاكه سدادا لديونه المتراكمة
إذا استطاع أن يقنع جمال بحقه في الميراث دون أن يعرف والده سيستطيع بذلك سداد دفعة من القرض، وسيعمل حينها على تعويض تلك الخسائر التي تراكمت فوق رأسه
ظلوا على تلك الحالة حتى وصلوا إلى المنزل مما جعلها تلقف انفاسها براحة
لحظات عذاب مرت عليها وهو يرمقها بسهام نارية لا ترأف بقلبها العاشق
وظنت لوهلة وهي تترجل من السيارة بأنها ستُرحم منها لكن كيف ذلك وقد جمعهم سقفٍ آخر
دلفت المنزل لتجد عمها يصافح أبيها بود ومحبه وكأنه لم يغدر بهم يومًا
أما هى فقد أخذها الحنين و الشوق إلى وسيلة التي ما أن رأتها حتى أسرعت إليها تعانقها بحب
_ وحشتيني اوي ياطنط
تحدثت وسيلة بصدق
_ وانتي اكتر ياغالية
ثم تحدثت بعتاب
_ مع إني زعلانه منك متفكريش تاچي تشوفي مرات عمك ولو ليوم واحد
ابتسمت سارة بإحراج
_ معلش بقى كان غصب عني
أومأت لها وسيلة بتفهم
_ طيب ادخلي سلمي على جدتك لأنها مستنياكي من الفچر وانا هخلي سعدية تطلعلك الشنطة في اوضتك
تبدلت ملامح سارة وقالت برفض
_ لا.. لا.. انا هنام مع ليلى
فهمت وسيلة سبب رفضها فطمئنتها قائله
_ متقلقيش جاسر سابها من وقت ما مشيتي ورجع لاوضته القديمة
لم تقتنع سارة بحديثها فقالت برجاء
_ معلش سيبيني على راحتي انا عايزة افضل مع ليلى
اومأت وسيلة بتفهم
_ اللي تشوفيه
أسرعت سارة إلى الداخل كي تسلم على عمها الذي استقبلها بحفاوة
وكذلك مصطفى الذي عانقها بحب تحت نظرات الغيرة من جاسر
وكذلك البقية
وعندما لم تجد ليلى سألت جليلة
_ تيتا أومال فين ليلى؟
أجابت وسيلة وهى تنظر لجمال بحدة
_ بقالها تلات ايام في اوضتها مبتخرجش منيها
قطبت جبينها بدهشة
_ ليه مكسوفه؟
أجاب حازم بمزاح
_ لا متعاقبة
وكزه جاسر ليلتزم الصمت فقالت وسيلة
_ هي فوق في اوضتها اطلعيلها
نظرت إليهم وقالت
_ بعد إذنكم
ذهبت إلى غرفة ليلى لتطرق بابها قبل أن تدلف إليها التي ما ان رآتها حتى عانقتها بسعادة غامرة
_ سارة حمد لله على السلامة
بادلتها سارة العناق وهي تجيب بحب
_ الله يسلمك يا ليلى ألف ألف مبروك
أجابت بسعادة
_ الله يبارك فيكي يا قلبي تعالي
أخذتها وجلست معها على الفراش وسألتها سارة وهى تحاول ابعاد تفكيرها عنه
_ قولي ايه اللي حصل؟
شرحت لها ليلى كل شئ من البداية حتى تلك اللحظة
_ ومن وقتها وانا محبوسة في الاوضة زي المساجين، ومش عارفه لما ييجوا هيرضى يخليني أخرج أقابلهم ولا لأ
طمئنتها سارة
_ لأ مش للدرجة دي، انتي صحيح غلطتي بس في نفس الوقت كان غصب عنك.
ردت باعتراف
_ صدقيني حاولت احارب مشاعري دي بس فشلت ولقتني فجأة بستسلم لقلبي.
أومأت بتفهم وهى تأكد بحزن فشلت في إخفاءه
_ دي الحاجة الوحيدة اللي مش بتقدري تتحكمي فيها، وكل ما تهاجميها كل ما تتمكن منك أكتر
بابتسامة لم تصل لعينيها غيرت حديثها بمرح
_ طيب يلا مفيش وقت وريني هتلبسي ايه.
همت بالنهوض لكن ليلى منعتها وهى تسألها
_ مش كفاية بقى يا سارة
بوغتت سارة بسؤالها ليسقط قناع الثبات ويظهر ذلك الضياع الذي يصف مدى آلامها وأجابت بحزن
_ مبقاش ينفع خلاص، اللي بينا عمره ماهيتصلح
آلمها رؤيتها بتلك الحالة وكذلك أخيها الذي أصبح منطويًا ونادرًا ما يجلس معهم
_ انا معرفش ايه اللي حصل بينكم بس صدقيني جاسر بيموت حرفياً من غيرك، وبعدين أي اتنين متجوزين بيحصل بينهم خلافات بس مش لدرجة البعد ده
انا معاكي انه زودها لما مد ايده بس اقسملك انتي لو شفتي حالته بعد ما رجعنا من المستشفى واللهفة اللي كان بيسأل عنك بيها كنتي التمستي ليه ألف عذر
كانت تستمع إليها وقلبها يتمزق ألمًا على حالهما
لتتابع ليلى جلدها
_ صدقيني جاسر ميستهلش كدة، برغم شدته وعصبيته إلا إنه فيه حنان الدنيا كلها، والأهم من كل ده انه بيحبك وكلنا عارفين ده، اديله فرصة تانية وانا واثقة انه اتعلم ومش هيكررها تاني، خلي فرحتنا تتم وارجعي بقى
تنهدت سارة بضياع لكن طمئنتها قائله
_ هيحصل يا ليلى بس مش دلوقت، يلا بقى قبل ما العريس ييجي.
لم تضغط عليها وتركتها ربما تواجدها معه يلين قلبها ولو قليلاً
❈-❈-❈
كان أمجد يقف أمام غرفة والده في منزلهما في البلدة يستعجل والده كل دقيقة
_ بابا ارجوك بسرعة شوية اتأخرنا عليهم
أجابه والده من الداخل
_ حاضر يا أمجد خارج حالاً
أمسك هاتفه يحاول الاتصال بها لكنها كـ العادة لا تجيبه، فقال بتوعد
_ ماشي ياليلى لما اشوف حجتك دي.
خرج والده من الداخل وهو يقول باستياء
_ في ايه يابني مستعجل ليه دي كلها خمس دقايق ونكون هناك
_ ايه ياجماعة متحسوا بيا انا صابر داخل في سنة مش قادر اصبر اكتر من كدة، اه وقبل ما تمشي الفرح هيكون بعد شهر عشان البنات يكونوا موجودين
ربت صابر على كتفه وقال بحب
_ ان شاء الله
اخذ والده وذهبوا إلى منزلهم وكانت الفرحة تعم المكان بعد تلك المآسي التى عاشوها
كان استقبالاً حارًا من تلك العائلة المترابطة لأمجد ووالده
كان ينظر إلى الغرفة التي بات فيها ليلته ورآها فيها لأول مرة
لم يكن يتخيل يومًا أن زيارته المقبلة لهم ستكون بتلك المناسبة
❈-❈-❈
كان مهران يتلوى على صفيح ساخن وقد بحث عنها في كل مكان ولم يجد لها آثر
شعر بأنه تلقى ضربة قاتلـ.ـة على رأسه وهو لا يعرف أين هي.
ماذا فعلت؟ هل لاذت للانتحار كما فعلت والدته؟
أم فضلت نار الطريق على الزواج منه.
والأدهى من ذلك هو جده الذي يعلم جيدًا بأنه لا يبالي سوى بسمعة العائلة
كيف ترك نفسه لجده ليصنع منه نسخة أخرى منه بقسوته وحدته
كيف سمح لنفسه بأن يستقوى على تلك الضعيفة التي لم ترد شيئًا من الحياة سوى أن تعيش بسكينة و هدوء دون ان تشعر بالخوف الذي اصبح ملازمًا لها منذ صغرها
لن يلومها على فعلتها فالقسوة التي ذاقتها على يدهم جعلتها لا تفكر سوى بالخلاص من جحيمهم
ولم تفكر لحظة واحدة في عواقب فعلتها
لقد راقبه وراقب عائلته حتى أصدقاءه المقربين مما اكد بأنه ليس طرفًا في هروبها وهذا ما جعل الخوف يتمكن منه
كان ينظر لزوجة عمه التي تؤكد حالتها أيضًا تأكد بجهلها التام بحالة ابنتها أو مكانها الحالى
وها هى ذى تنزل الدرج وهى تحمل حقيبتها والدموع تسيل من عينيها
تقدمت منهم لتنظر لذلك الذي يقبع على مقعده بثبات بالغ فتقول له باستياء
_ ياريت تكون ارتحت دلوقت بعد ما دمرت بنتي وخليتها تهرب منك
لم يجبها وظل على صمته مما جعلها تتابع بشماته
_ تعرف على قد ما قلبي بيتقطع من الخوف على بنتى على قد ما انا شمتانه فيكم
تطلع إليها بتحذير لكنها أكملت بعناد
_ أيوة شمتانه فيكم انكم مش هتقدروا ترفعوا راسكم وتتجبروا على خلق الله بعد النهاردة
بس اللي قهرني أنها جات في بتي
انا ماشية لإن اللي كنت متحملة عشانها راحت خلاص
تقدم منها مهران وهو يقول بصوت متحشرج
_ مرات عمي خليكي وانا أوعدك إني هرچعهالك..
قاطعته بحدة
_ ولا كلمة زيادة انا عارفة انك عايزني افضل هنه عشان تضمن رجوعها، بس صدقني بتي لما بتمشي مش بتبص وراها، وكمان أنا خلاص جبت اخري منكم ولازم امشي
حملت حقيبتها وخرجت من المنزل تاركة وراءها قلب نادم
وقلب آخر جاحد لا يكترث لشىء و لا يشغله سوى مرارة الفضيحة.
❈-❈-❈
دلفت ليلى ألى المضيفة وهى تحمل القهوة بيدين ترتعدان من شدة الارتباك بعدما سمح لها جمال بالولوج إليهم
ساعدها الجميع في عمل القهوة بسعادة عامرة فأخذتها وسارت بها بخطوات هادئه وصادفها حينها دلوف حازم للدار يسألها عن تأخرها
_ كل ده بتعملي القهوة
نظرت إليه شزرًا وهي تقول بغيظ
_ اوعى من قدامي بسرعة لاحسن ادلقها عليك
هم بالحديث لكنها منعته
_ انت هترغي بقولك اوعى من قدامي قبل القهوة ما تبوظ والوش يسقط
أخذ منها القهوة وقال بغيظ
_ اتفضلي ادامي
حاولت الرفض لكنه قاطعها
_ انتي هترغي خلصي بسرعة قبل الوش ما يسقط
اومأت له وأسرعت خلفه حتى وصلا للمضيفة
تقدمت منهم لتضع القهوة على الطاولة ثم تستدير لتخرج لكن جمال اوقفها
_ مش تسلمي الأول
ازدادت وتيرة تنفسها عندما وقعت عيناها عليه لتجده يغمز لها بمرح جعلها تنتفض في وقفتها فزمت فمها بتوعد ثم تقدمت من صابر تلقي عليه السلام بخجل
_ إزي حضرتك ياعمي
ابتسم لها بود
_ الله يسلمك يا بنتي، مش هتديني القهوة من إيدك ولا أيه
حمحمت باحراج
_ اه طبعًا اتفضل
قدمت له قهوته وكذلك فعلت مع جدها ووالدها ثم انصرفت تحت نظرات أمجد العاشقة الذي مازال لا يصدق مدى تبدل الأحوال
هم جاسر بأخذ الفنجان ليعطيه لأمجد الذي أبى أن يأخذه منه وهو يقول
_ بصراحة المسلسلات التركي خلتني أخاف أشرب فـ خليني فى الأمان أحسن.
طمئنه جاسر
_ لأ اطمن ليلى ملهاش في الدراما عامةً
تردد كثيرًا وهو ينظر إلى القهوة بتمني لكنه أصر قائلاً
_ الأمر برضو ميسلمش خليها مايه أحسن
اعتدل صابر فى جلسته متنحنحا لإجلاء صوته و هو يتحدث لعمران بجدية قائلاً
_ انا يشرفني إني اطلب منك ايد حفيدتك لأبني أمجد واحنا تحت أمركم في اللي تطلبوه قلت ايه ياحاج عمران
رد عمران بصدق
_ والله الولد ابنك والبنت بنتك واحنا مش هنلاقي أحسن منك نأمن عليها في بيته
رد صابر بامتنان
_ وده العشم برضو انا معنديش أغلى من أمجد ابني وان شاء الله ليلى هتعيش فى بيتى معززة مكرمة
تحدث جمال برصانة
_ واحنا مش رايدين أكتر من إكدة
تحدث أمجد بسعادة
_ خلاص يبقى نقرا الفاتحة
التفت الجميع إليه مما جعله يشعر بالاحراج و الخجل منهم
_ مش بيقولوا بردوا خير البر عاجله
أومأ له عمران
_ اللي تشوفوه
علت الزغاريد داخل المنزل بسعادة غامرة
سوى من القلبين الذين يتذكر كلاهما لحظات مشابهة لكنها كانت اشد قسوة و ضراوة
لم ينتبه أحد لمصطفى الذي تسلل من جوارهم ليعد في حديقة المنزل ويخرج هاتفه ليجري تلك المكالمة التي ما أن جاءه الرد حتى تبسم قائلًا
_ حبيبتي عامله ايه النهاردة؟
❈-❈-❈
ذهب جاسر للداخل كي يرى والدته لكنه لم يجدها
فأخبرته الخادمة بأنها في غرفة ليلى
صعد إليها ليتفاجئ بها تخرج من غرفة أخته
فتتقابل أعينهم لحظات وقلبه الخائن يدق بعنف حد الجنون
ولم يكن حالها أفضل منه وهي تزدرد ريقها بصعوبة
بمحاولة فاشلة منها للتظاهر بالقوة
وعندما لاحظ شتاتها قام بجذبها إلى غرفتهما التي تركها منذ ذهابها وأغلق الباب خلفهم رغم رفضها ومحاولاتها للإفلات منه وصرخت به
_ انت بتعمل ايه؟ سيبني
أجبرها جاسر على الوقوف أمامه لتواجهه وقال بحدة
_ مش هسيبك الا لما اعرف سبب لنشفان دماغك ده، عايزة ايه تاني، عايزاني اعمل ايه أكتر من اللي عملته، عمال اراضي فيكي وانتي كل مدى ما تزدادي عناد، ايه اللي يرضيكي وانا اعمله
تسلحت بسلاح القوة كي لا يرى مدى ضعفها من كلماته التي تعذبها وقالت بحدة
_ مش عايزة غير إنك تسيبني في حالي، رجوع لبعض تاني مش هيحصل لأي سبب من الأسباب
نظر إليها بشك وسألها باحتدام
_ يعني أيه؟
كانت تبعد عينيها عن مرمى عينيها كي لا يضيع ثباتها وردت بامتعاض
_ زي ما قلتلك مش هسامحك مهما حصل، ولو كنت فاكر إن اللي حصل بينا ده هيرجع حاجة فتبقى غلطان، دي كانت لحظة ضعف وخلاص وفقت منها
الاستياء الواضح في حديثها جعله يشعر بطعنه حادة في صدره ويسألها بهدوء بعكس ما بداخله من لهيب
_ يعني متعنيش ليكي اى شئ؟
أجابت بعناد كي تقطع أمامه أى خيط يربطهما ببعضهما
_ بالظبط كدة، انت لو تعرف الاشمئزاز اللي حسيت به بعدها هترأف بحالي وتطلقني.
وصلت لما أرادته عندما نظر إليها بوجوم ليقول بعدها بهدوء قاتـ.ـل
_ انتي طالق.
نزلت تلك الكلمة كالصاعقة المدوية على قلبها الذي أخذ يهدر بعنف وخاصةً عندما نحاها من أمامه كي يخرج ويصفق الباب خلفه بعنف ليتركها في صدمة قوية لم تتخيل مدى قسوتها
نعم كان ذلك ما تسعى إليه لكن لم تكن تعلم أن وقعها سيكون بتلك القسوة عليها
سقطت على الأرض ودموعها تنهمر بغزارة وهي تجهش في بكاء يمزق القلوب حتى أخذ صوت بكاءها يعلو ليصل إلى ذلك الذي وقف يستند بظهره على باب الغرفة يسمع نحيبها
إذا كانت هذا ما تريده فلما البكاء إذًا
تدحرجت دمعه على خده ولم يعد يستطيع الثبات أكثر من ذلك لتنهار قوته الزائفة
وكم أراد في تلك اللحظة أن يصرخ بأعلى صوته ربما بتلك الطريقة يخرج نيران قلبه المشتعلة
زاد نحيبها وازدادت آلامه حتى دقات قلبه اخذت تنبض عنف آلمه
أرادت الفراق فـ لتتحمل ألمه
أما هو فسيعمل على نسيانها مهما كلفه الأمر
ارتدى قناع الثبات وعاد إليهم متظاهرًا بقوة واهنه
جلس معهم وترك لقلبه العنان ليبكي كيفما يشاء
رغم أنها لا تستحق تلك الدموع
فيهمس قلبه
_ انت من اخترت وعليك التحمل
اندهش منصور من عدم تواجدها في المكان منذ مجيئهم
استأذن منهم وذهب لوالدته يسألها
_ أمي هى فين سارة انا مشفتهاش من وجت ماجينا
ردت جليلة
_ تلاقيها فوق مع ليلى
اومأ لها
_ طيب انا هعطلع لها عشان ابارك لليلى قبل ما امشي
لاح الحزن على وجه جليلة من قسوة ابنها فردت بثبات
_ اللي تشوفه
قرر منصور الذهاب إليها كي يعرف قرارها
وعند مروره من أمام الغرفة استمع لنحيبها الذي اربكه
دلف الغرفة ليجدها مستلقية على الأرضية تضم قدماها لصدرها وتنتحب بشدة
أسرع إليها يسألها بلهفة
_ سارة انتي كويسة..
قاطعته سارة وهي تبعد يده التي امتدت إليها كي يساعدها على النهوض وصرخت به وهي تعتدل
_ ابعد عني
زاد قلقه عليها وسألها بوجل
_ في ايه قلقتينى
هزت راسها وهي تجيبه بضياع
_ انت السبب فـ كل اللي انا فيه
عقد حاجبيه مندهشًا من قولها وسألها بريبة
_ أنا؟
اومأت بألم وهي تصرخ به ببكاء
_ جاسر طلقني
اربكته تلك الكلمة وشعر بانهيار كل شئٍ من حوله وفقد كل أمل له في اكتمال خطته
هزت رأسها لتقول بمرارة
_ طبعًا انت كل اللي همك خطتك اللي هتفشل انا مفرقش معاك
متفرقش النار اللي قايدة جوايا وانا بتخلى عن اقرب الناس لقلبي عشان خاطر احميهم منك
انا سبت ماما وعشت معاك على امل انك هتتغير بس انت زي ماانت مش هتتغير
بقيت تايه مش لاقية مكان اروحه
انت انتهيت بالنسبالي انتهيت
قالت كلمتها الاخير بضياع ونهضت لتخرج من الغرفة وهي تائهة لا تعرف إلى أين
يُتبع..