-->

رواية جديدة عازف بنيران قلبي لسيلا وليد - الفصل 17

 

قراءة رواية جديدة بقلم سيلا وليد

تنشر حصريًا على مدونة رواية و حكاية



رواية عازف بنيران قلبي

 رواية جديدة قيد النشر

من قصص و روايات 

الكاتبة سيلا وليد


الفصل السابع عشر



وكيف لي أن أخبرك .!! 

عن تعب قلبي عندما أفتقد حديثك ..

لن أقول إشتقت لگ

لكنني سأكتفي بكتابة....

ينقصني أنت  ل أكون أنا، حبيبي كيف أقول لك أن:

‏الرحيل و اللقاء...

كلمتان متساويتان في عدد الأحرف فكل منهما يحدث ضجة بنفس الحجم في القلب ....

لكن في اتجاهين مختلفين....

فالرحيل... يبقي مؤلم حتى اللقاء... 

واللقاء... يبقي مفرح حتى الرحيل... 

فكل من ذاق حلاوة اللقاء... لم يسلم من مر الرحيل...

وبين هذا وذاك.. تبقى غصه في القلب 

❈-❈-❈


خرج متحركا وخطواته تأكل الأرض كالنيران التي تلتهم سنابل القمح، توقف نوح أمامه الذي وصل للتو

-راكان إيه اللي حصل، لسة عارف من يونس 

سحب نفسًا طويلا ثم طرده يمسح على وجهه بغضب

-تعبت امبارح مع نزيف وجبتها وجيت بقالنا حوالي عشر ساعات والحمد لله يونس والدكتورة طمنوني 

شعور مقيت داخله حينما تذكر ماقاله الطبيب منذ قليل، جعل دقات قلبه تتقاذف بين ضلوعه تحرقها، فاطبق على جفنيه قائلا 

-الدكتور بيقول فيه حاجة اخدتها سببت النزيف، وكان ممكن نخسرها او نخسر البيبي 

كان يناظر نوح بهدوء يتنافى مع ضجيج قلبه ماذا عليه يفعل قاطعه كلمات نوح 

-ناوي على إيه؟! 

استند على الجدار خلفه يعقد ذراعيه 

-انا مخصصلها واحدة لأكلها وشربها يانوح، واحدة واثق فيها مليون المية، دي معلهاش غبار، أنا كنت هحط كاميرا في اوضتها لكن حستها مش كويسة، دي مهما كانت لسة غريبة عليا 

أظلمت عيناه وارتسم بها نظرة قاسية 

-لو اتأكدت ان هي اللي حاولت تقتل الولد صدقني وقتها حبي ليها هحوله لجحيم 

هز نوح رأسه رافضًا حديثه 

-لا مستحيل ليلى تعمل كدا؟!  متظلمهاش 

اتجه ينظر إلى الفراغ بعينان تقطران ألمًا وملامح يكسوها الحزن الذي تغلغل لقلبه فأردف:

- هي قالتلي قبل كدا تتمنى تموت ولا تتحوزني يانوح، انت عارف معناه ايه، يارب المرادي تخيب ظني 

اقترب نوح يربت على كتفيه

-دا كلام ياراكان، ليلى بتحبك 

تحدث من بين أسنانه قائلا 

-كان يانوح، دي مش طيقاني، وكل شوية ابعد كأني عدوها 

راكان ليلى مش نورسين ولا غيرها عشان تاخدك بالأحضان، وانت عارف تربية ليلى غير البنات اللي نعرفهم، وعندها دينها أهم حاجة 

معتقدش هتخليك تقرب منها حتى لو بتموت فيك، يارب تفهم كلامي، أنا ابن خالتها وبيكون في حدود بينا، تخيل كدا انت بقى هيكون ايه 

تحرك متجهًا لغرفتها 

-روح وبعدين نتكلم كدا كدا إحنا هنمشي، لازم أعرف مين اللي بيحاول يموت الولد، لولا عارف تعلق جدي بالولد كنت قولت هو، دا مستني الولد قبل امي نفسها 


اوقفه نوح قائلا :

-أسما عندها، ...أومأ رأسه وتحرك للغرفة 

عند ليلى قبل قليل 

وصلت سيلين إليها، فتحت الباب وهي تنظر بالداخل :

-ممكن ادخل ياام الولد، ابتسمت ليلى لها وهي تشير بيديها بتعبًا 

-تعالي ياعمتو، دلفت للداخل تطالعها بنظرات تقيمية ، لا دا لولا قمر والله ياناس ثم رفعت الهاتف

-مامي ليلى كويسة وافتحي الفيديو ياحبيبتي عشان تكلميها، تناولت الهاتف من سيلين ثم تحدثت: 

-ماما زينب أنا كويسة وهجي بعد شوية متخافيش حفيدك كويس 

على الجانب الآخر بكت زينب بنشيج ام ملكومة

-صحيح ياليلى، يعني الولد كويس ياحبيبتي، يعني هشوف سليم الصغير 

انزلقت عبرة على وجنتيها وأجابتها

-متخافيش مستعدة افقد حياتي عشان ابنه يجي لوش الدنيا ياماما، مستحيل اخليكي تحزني مرتين، ادعيلنا انتِ بس ياست الكل 

دلفت أسما وهي تتحدث مع زينب، وبعد اغلاقها، توجهت إليها 

-ليلى ألف سلامة عليكي يا حبيبتي كدا مش تعرفيني 

ابتسمت بهدوء وهي تضع كفيها على أحشائها:

-الحمد لله كله عدى ياأسما، ساعدتها سيلين في تغيير ثيابها بعد دلوفها للمرحاض، مع وضع حجابها، نظرت ليلى لها 

-مالك ياسيلي، فيه حاجة مزعلاكي، وزعت نظرها بينها وبين أسما

-ماما من وقت ماعرفت وهي مش مبطلة عياط، أنا خايفة عليها قوي 

سحبتها ليلى وأجلستها بجوارها 

-عايزة أقولك أنا كنت هموت عليه، ابني دلوقتي أغلى من حياتي، صدقيني ياسيلين لو خيروني بينه وبين حياتي هختاره هو 

ازرد ريقها بصعوبة تستجمع الكلمات التي جفت على طرف لسانها 

-بتمنى يكون شبه سليم،  اتجهت أسما تجلس بمحاذتها وتدقق النظر في مقلتيها قائلة

-ربنا يباركلك فيه حبيبتي ويقر عينك بيه، والمهم يكون ذرية كويسة تفتخرِ بيه 

أومأت رأسها دون حديث واتجهو بنظراتهما  إلى سيلين التي وقفت تنظر في هاتفها بذهول 

تسائلت ليلى مالك ياسيلي، إيه اللي شوفتيه مخليك متصنمة كدا 

قطبت جبينها وتحدثت ومازالت تحت الصدمة

-هو مش المفروض انتِ وابيه راكان هتتجوزوا، طيب إزاي نورسين منزلة خبر خطبتها منه لا وكمان متصورة بخاتم الخطوبة، إزاي أبيه راكان يعمل حاجة زي كدا 

شعرت بالدوار يضرب رأسها بالإضافة إلى تهدل ذراعيها بعدما رأت صورتهما التي انزلتها نورسين بمشاركة راكان 

نهضت أسما تجذب الهاتف من نورسين، عندما وجدت تبدل ملامح ليلى وشحوبها 

-تلاقي نورسين بتقول أي كلام، هنا تذكرت حديثه، ابتلعت ريقها بصعوبة 

-لا الكلام حقيقي، اخوكي قالي انه هيتجوزها، أنا وهو مستحيل يكون بينا جواز حقيقي 

رفعت نظرها إلى سيلين بعينيها المترقرقة بالدموع

-متزعليش مني، بس راكان دا مش إلانسان اللي امنله على حياتي، وعايزاكي تتأكدي

هو لو هيتجوزني هيكون بالغصب عني، ومضطرة أوافق عشان ابني، 

انزلقت دموعها بالعجز وأكملت 

-الشخص دا اكتر واحد كرهته في حياتي، وكل مااتخيل ان هيربطني بيه حاجة بتمنى الموت 

شهقات خرجت من فمها كلما تذكرت صورته مع تلك النورسين وأكملت ماشطر قلبه لنصفين وهو بالخارج

-لو بأيدي كنت قتلته واتخلصت منه على جبروته، ماهو مش معقول بعد مااكون مرات الباشمهندس سليم، اسمي يرتبط بواحد زي راكان دا، ولو بأيدي أخلص عليه عشان مربطنيش بيه حاجة  

قالتها بانين حطم قلبها وعبراتها تنسدل بقوة عبر وجنتيها حتى تمنت الموت 

قبل قليل وصل ترك نوح قائلا

-هعرف مين عايز يموت ابن سليم، لو مش ليلى ليها يد يبقى مفيش غيرها مرات عمي بتنتقم، لازم أتأكد، وهعرف وقتها قالها متحركًا متجها إليها 

رفع يديه للطرق على باب الغرفة ولكنه استمع ماشطر قلبه نصفين من حديثها 

لحظات بل دقائق معدودة، ابتلع غصة مريرة ونبرة تقطر وجعًا 

-ليه ياليلى؟! ليه شايفني وحش كدا؟! 

تراجع للخلف بهدوء حينما شعر بفقدان وعيه من كلماتها التي اخترقت روحه، شعر بانقباض ضلوعه داخل صدره، بل نيران تحرقه بالكامل


تحرك سريعا قبل أن يراه احدًا، ظل يتحرك بسرعة جنونية ورغم خطواته السريعة إلا أنها متعثرة، لم يعلم أين يسير واين يتجه، طابق فوق الأخر حتى وصل إلى سطح المشفى، وهو لم يشعر بكم الطوابق التي صعدها 

كتم صرخة مهتاجة بآلامه شقت صدره، هو يملس على صدره حينما شعر بكم آلامه 

وقف بانفاسا متسارعة كمتسابق لمارثون  من الكيلومترات، دمعة خائنة انزلقت بجوار جفنيه بعدما حاول السيطرة على نفسه بالا يضعف مرة آخرى، ولكن شعوره بضعف قلبه وانهياره جعله يشعر بضعف الدنيا أمامه 

سقط كمن تلقى ضربة موجعة اخترقت صميم قلبه حتى شعر بتوقف نبضه 

آآآهة صرخة خرجت من أعماق روحه قائلا لنفسه بعتاب من قلبه الذي تمادى على شخصيته 

-انت تستاهل، اللي يخلي واحدة ست تعمل فيك كدا، غبي وضعيف، حب ايه اللي يعمل كدا 

دقائق وهو بتلك الحالة حتى استمع إلى رنين هاتفه، نظر للهاتف محاولا السيطرة على نفسه 

-ايوة يايونس

على الجانب الآخر تسائل يونس 

-راكان إنت فين، أنا روحت أوضة ليلى وانت مش موجود 

أطبق على جفنيه بألما يعتصر عيناه قائلا 

-نزلوها تحت وأنا كنت في مشوار، شوية وجاية، هستناكم تحت 

قطب يونس جبينه متسائلا

-راكان انت كويس؟! صوتك بيقول فيه حاجة، راكان عرفت مين حاول ينزل الولد 

-لا لسة معرفتش، ياله انا مستنيكم تحت

نظر يونس إلى نوح بإندهاش قائلا: 

-دا بيقول نزلوها تحت، تفتكر صدق إنها هي اللي حاولت تنزل الولد 

هز نوح رأسه رافضًا حديثه 

-لا مش معقول دا يبقى اتجنن رسمي، هو لسة قايلي هتاكد منها، واللي عرفته انه مجاش عندها 

لا فيه حاجة تانية حصلت معاه توصله انه ميجيش ينزلها، لدرجة يقولك هاتها، مش راكان دلف نوح إليهم يوزع نظراته 

-متاكدين راكان مجاش هنا 

-لا ياآبيه هو قابلني برة، ومن وقتها مشفتوش

نظر لليلى التي تنظر في شرود، وعيناها الذابلة 

-ليلى هتقدري تمشي، ياله عشان نوصلك 

رفعت نظرها إليه بحزن، وتسائلت بعينها 

-أين هو؟! اقترب نوح يساعدها على الوقوف بمساعدة أسما هامسًا لها 

-هو تحت، مستنيكِ، نهضت ثم جلست على المقعد المتحرك للخروج بها 

وصلت للأسفل، في أثناء هبوطه من مبنى المشفى، استقل السيارة دون التوجه إليها  بنظره 

فتح يونس الباب الأمامي حتى تركب ولكن قاطعه راكان 

-ركبها ورا عشان تاخد راحتها، قالها وهو ينظر أمامه 

ذُهل يونس من جموده الذي ظهر على وجهه، وعيناه التي أخفاها بنظارته السوداء 

رفعت ليلى نظرها إلى نوح 

-نوح وصلني، شكلي تقلت على حضرة النايب، بس عايزة أقوله، أنا مكنتش هركب جنبه 

كانت النيران مازالت مشتعلة بصدره حتى أصبحت عيناه بلون نيرانه فتحدث

-خلاص اقفل يايونس، وخلي نوح يجبها، أنا هسبقكم، قالها وهو يتحرك بسيارته دون حديث آخر 

صدمة أصابت الجميع مما فعله نظرت أسما إلى نوح بصدمة قائلة:

-هو فيه ايه؟! 

جلس نوح أمام ليلى التي بكت بنشيج من أفعاله،

-ليلى متزعليش منه، انتِ متعرفيش إيه اللي حصل، راكان مفكرك إنك اللي حاولتي تجهدي نفسك، بعد ماعرفوا الإجهاد بفعل فاعل 

هزة عنيفة أصابت جسدها وشعرت بإنهيار عالمها، لم تستمع لباقي حديث نوح إلا من كلماته 

-شاكك فيا يعني ممكن توصل بيه أنه يفكرني مجرمة واقتل ابني، لم تشعر باحدا حولها، تساقطت دموعها بشهقات مرتفعة، حتى ضمتها ليلى تنظر بحزن إلى نوح 

-ودا معقول انها عايزة تقتل إبنها برضو، 

دقق نوح النظر إليها 

-مش إنتِ اللي قولتي له، بتمنى اموت وابني يموت ولا اتجوز واحد ذيك 

تجمدت بجلوسها وشعرت للحظة برغبتها في التلاشي، فلم تعد تتحمل كلمة أخرى يكفيها ماعانته منذ معرفته   

بعد قليل وصلوا إلى قصر المحجوب 

ترجلت ببطئ كانت تنتظرهم زينب بمقعدها المتحرك على أعتاب الباب الداخلي للقصر، وصلت ليلى إليها بمساندة أسما وسيلين 

طالعتها زينب بعيناها المغروقتين بالدموع 

-عاملة إيه ياحبيبتي؟! والجنين عامل إيه 

أومأت برأسها حينما شعرت بعدم قدرتها على الحديث، فأجابتها سيلين 

-ماما ليلى كويسة، ممكن تسبيها ترتاح وبعد كدا نتكلم، دلفت إلى المصعد جسدًا بلا روح؛ حتى وصلت غرفتها 

❈-❈-❈ 


مساءا اليوم بمزرعة نوح 

دلف للداخل يبحث بعينيه عليها، وجدها تقوم بإعداد مائدة الطعام، وضع أمامهم صندوق كبير وبجواره علبة صغيرة 

رفعت نظرها إليه وتسائلت 

- إيه دا ياحبيبي؟!

اقترب، ثم طبع قبلة على جبينها قائلا

-افتحيه وانتِ تعرفي، قامت بفتح وإذ بها تضع كفيها على فمها من الذهول 

-فستان فرح!! إحنا هنعمل فرح، اقترب ياحاوط خصرها رافعا ذقنها 

- أنا آسف حبيبتي،  كان لازم أعملك فرح، جهزي نفسك هنعمل حفلة صغيرة، ولو عايزة تعرفي مامتك واختك معنديش مانع 

احتضنت كفيه ورفعت عينيها المترقرقة بعبراتها 

-نوح أنا بحبك قوي، ضمها لأحضانه وطبع قبلة على خصلاتها 

-وأنا بعشقك ياقلب نوح 

بفيلا خالد البنداري 

استيقظ يونس بعد عدة ساعات استغرقها بالنوم، بسبب سهره بمشفاه الخاصة ليلة أمس 

هبط للأسفل بعد روتينه اليومي،  قابلته أخته سلمى 

-أخيرا صحيت، إحنا فكرناك مغمي عليك

تحرك للخارج ولكنه توقف عندما تسائلت:

-يونس هو حمزة معدش بيجي عندنا ليه؟! 

استدار مضيقًا عيناه 

-وانتِ يخصك في إيه ؟! رجع إليها بخطوة ووقف أمامها 

-سلمى حبيبتي انسي حمزة هو خلاص لقي البنت اللي هيكمل معاها حياته 

جحظت عيناها ودمعاتها التي انسدلت على وجنتيها فجأة فهمست 

-بتقول ايه ؟! خطب حمزة خطب غيري 

احتضن وجهها وأردف 

-حبيبتي ليه جاية تندمي دلوقتي!! مش دا حمزة اللي قولت مبشوفش غير انه أخ 

وضعت كفيها على فمها لتمنع شهقاتها وتحركت سريعا من أمامه، صدمة أصابته، وقف ينظر إلى تحركها بذهول 

-إيه اللي حصل ياسلمى، ياترى ليه دلوقتي حمزة عجبك، الموضوع دا مش مريحني 

تنهد بألمًا متجها لقصر عمه الذي بجوارهم،  قابلته درة تدلف من البوابة الرئيسية 

-مساء الخير يادكتور 

أومأ رأسه بأبتسامة 

-عاملة ايه باشمهندسة؟! نظرت للأسفل واجابته: 

-الحمد لله، بعد أذنك رايحة أشوف ليلى 

أومأ برأسه، فتحركت من أمامه، وقف وقام بإشعال سيجاره، ينفثه ينظر لمكان تحركها 

-تستاهل ياحمزة، صبرت ونولت ياصاحبي

جز على شفتيه ورفع هاتفه بابتسامة تسلية 

-عامل إيه يانص متر؟! على الجانب الآخر 

-اهلا بدكتور الستات 

قهقه يونس بعدما جلس على الاريكة في الحديقة 

-عقبالك لما انثاك توقع تحت ايدي 

-ولا...اتجننت ولا إيه هو أنا اهبل عشان اخلي مراتي تروح لواحد فاشل زيك، دا إنت اخرك تضرب سرنجة عضل 

رفع إحدى حاجبه وتحدث

-لا والله انا فاشل، غيرك قالي قبل كدا، وامبارح كان هيتجنن وأول واحد فكر فيه العبد لله 

قطب حمزة مابين حاجبيه متسائلا 

-قصدك راكان، ليه إيه اللي حصل؟! 

وضع ساقا فوق الأخرى وهو يقهقه

-كان نفسي اصوره وابعتهولك، شوفت المجنون اللي هرب من مستشفى المجانين 

نهض حمزة وصاح فيه بغضب:

-انت واحد مجنون يابني، وليلى حصلها حاجة 

توقف يونس متجها لسلين الذي ترجلت من سيارتها

-كويسة وروحت، وحبيبة القلب هنا، جاية تزور اختها 

زفر حمزة بغضب قائلا 

-عارف قالتلي رايحة اشوف ليلى، لكن مقالتش انها تعبانة، أغلق يونس واتجه سريعا إلى سيلين بعد قال له

- تمام تعالى وصلها يابغل بدل ماتروح لوحدها 

دلف سريعا خلف سيلين ثم جذبها بقوة حتى أصبحت بأحضانه 

-دفعته بقوة وصاحت بغضب

-ميت مرة اقولك بلاش تبقى قليل ادب كدا، مش مشكلتي إنك هلاس 

خرج راكان من مكتبه على صوت صرخات أخته، وقف يوزع نظراته بينهما، فهو في حالة لا تنم الا على الغضب 

دفعها يونس اتجاه راكان، ودلف يجذبها لداخل المكتب، وهو يصيح بغضب أمام راكان

-البت دي كانت فين، هي معندهاش جامعة النهاردة 

جلس راكان على مكتبه واضعًا رأسه بين كفيه

عندما اسرعت سيلين تلكمه بقوة كقطة شرسة

-اوعى تفكر عشان اكبر مني بكام سنة، هكون ملزومة منك، أنا ملزومة من اخويا وابويا، انت مالكش دعوة 

جذبها من خصلاتها ودفعها يلكمها بقوة بالحائط

-لمي نفسك يابت، هو عشان انا ساكت هتسوقي فيها وحياة ربي ادفنك في سابع أرض 

نظرت إلى راكان بعيناها الباكية من عنف يونس إليها، ولكنه كان مازال واضعًا رأسه بين كفيه، فهمست بصوتًا مفعم بالبكاء

-سايبه يهين فيا وانت قاعد، طيب لما بيعمل كدا وانت موجود، هيعمل ايه وانت مش موجود 

رفع نظره إلى يونس وتحدث بهدوء رغم نيران قلبه المشتعلة

-يونس، سبها، ثم اتجه بنظره لأخته 

-اطلعي اوضتك، بعدين نتكلم، تركها يونس وهو يرمقها بنظرات جحيميه بعدما اقترب يهمس لها بصوتُا كفحيح أفعى 

-هموتك لو شوفتك قريبة من اي جنس مذكور انه ذكر، حبيبتي الجميلة 

تحركت سريعًا من أمامه وشهقاتها بالأرتفاع، اتجه يونس إلى راكان يدقق النظر بملامحه

-مالك ياراكان، من وقت ماعرفت نتيجة التحليل، وانت متغير، هو انت عرفت مين عمل كدا 

فتح الكاميرا التي أمامه ووجهها إلى يونس 

-محدش طلعلها غير والدتك، هب فزعا كالملدوغ 

-اتجننت ياراكان، انت عارف بتقول ايه، ماما مستحيل تعمل كدا 

نهض راكان متجها للنافذة ينظر بالخارج وكأن الأكسجين انسحب من غرفته 

-كله هيتحاسب يايونس، اتأكد الاول، هعرف انا لسة متكلمتش مع الباشمهندسة 

اتجه يقف بجواره يرمقه متسائلا

-باشمهندسة؟! إنت حكايتك إيه يابني، مرة تقولي امي، ومرة تشك في ليلى 

-أمشي دلوقتي يايونس مش عايز اتكلم مع حد 

استدار له بجسده فتحدث

-عايز افحص ليلى، وأطمن عليها، كان المفروض اكون شوفتها من ساعة، بس نمت من التعب 

تحرك معه للأعلى مرتديا نظارته الشمسية، توقف يونس أمامه 

-بعد مااطمن عليها لازم تحكي لي كل حاجة 

تحرك دون حديث، صعد للأعلى دلفا بعد الطرق 

كانت تخرج من مرحاضها بمساعدة اختها، تعثرت بخطواتها حينما وجدته بغرفتها، لولا أيدي يونس الذي تلقفها ودرة من جانب آخر 

-مدام ليلى خلي بالك، نزلت ببصرها بعيدا عنه تهز رأسها وتحركت للمخدعها 

-شكرا لحضرتك، قالتها بألمًا حينما توجه راكان للشرفة

-خلص كشف يايونس، معاك الباشمهندسة درة لو محتاج حاجة 

اطبقت على جفنيها، وتسطحت بمساعدة أختها

-أنا هكشف مبدئي ضغط، ونبض، لكن طبعا بكرة لازم تروحي تراجعي سونار 

بعد قليل انتهى من كشفه قائلا 

-عال العال، نسيت أسألك ناوية تسمي زعبولة ايه، تسائلت درة بإبتسامة

-هي هتجيب ولد، هز رأسه بابتسامته الخلابة ونظر بالخارج إلى راكان الذي ينفث تبغه بغضب 

-ايوة هتجيب ولد، واتمنى مايكونش نرفوز زي عمه 

اتجهت بنظهرها سريعا إلى يونس :

-وهو يطلع شبه عمه ليه، وصل راكان على حديثها فابتسم بسخرية وأجابها 

-لا طبعا لازم يطلع محترم لأبوه، معقول بعد سليم الباشمهندس المحترم هيطلع لعمه الحقير بتاع الستات 

اقترب يرمقها بنظرات لو تقتل لأوقعتها صريعة قائلا:

-صدقيني لا إنتِ ولا ابنك حتى تهموني، وخليكي فاكرة ان وقوفي معاكي ومع ابنك عشان خاطر أخويا وأمي، أما لو عليا مش هبص في وشك، مش عشان الجميلة معجبتنيش لا عشان تفضلي ليلى هانم المحترمة اللي مبتعرفش غير المحترمين، أما أنا واحد حقير وزي ماقولتي كل حياتي باطل في باطل يامدام 

اقترب يونس حينما وجده خرج عن سيطرته 

-راكان اهدى، إحنا بنهزر 

دفع يونس بعيدا عنه قائلا بصوت جهوري حتى وصلت والدته على أثره 

-إيه شايفني مجنون، أنا برد على المدام مش اكتر، متحاولش تقرب مني ولا ليها دعوة بحياتي، بدل حياتي هتفضحها 

.قطع حديثه على صوت والدته

-راكان...صاحت بها زينب 

تحرك متجها لوالدته وجلس بمقابلتها ثم رفع كفيها يقبله

- ماما عاملة، نظرت إليه بتقييم، ثم رفعت نظرها إلى ليلى

-بتزعق ليه مع ليلى...؟! توقف يضع يديه بجيب بنطاله قائلا بهدوء:


-آسف ياست الكل، مش هقدر أحقق لك رغبتك، واتجوز أرملة اخويا، شوفي حد تاني ، يونس مش غريب عن العيلة، وحتى لو يونس موافقش، متخافيش محدش يقدر يقرب من حفيدك ويحرمك منه، لكن أنا هتجوز واحدة تانية 

قالها ثم نهض سريعًا متجها للخارج، صاحت زينب تناديه، ولكنه اختفى

-الحق ابن عمك ياحبيبي، معرفش ايه اللي حصل معاه 

أما هي، فشعرت وكأن روحها خرجت من جسدها بسبب ماقاله، وتذكرت ماقالته إلى سيلين فهمست لنفسها

-معقول سمعنا، اطبقت على جفنيها بقوة، اقتربت زينب منها تطالعها متسائلة 

-راكان طيب يابنتي، بلاش تقسي عليه بالكلام، ميغركيش قسوته، لكن جواه طفل محتاج الأحتواء، زعلتيني ياليلى،  آه انت غالية عليا، بس مش أغلى منه 

قالتها وخرجت متجهة لغرفتها بمساعدة الممرضة 

ارتفعت دقات قلبها وارتجف جسدها، عندما تحدثت درة قائلة:

- حبيتي راكان واتجوزتي سليم، ودلوقتي إيه اللي بيحصل،  هو انتِ مين، أنا معرفكيش 

فرت دمعة من عينيها تسيل فوق وجنتيها ببطئ فوضعت كفيها المرتعش تزيلها

-أنا اكتر واحدة ظلمت نفسي، أنا اللي كسرت قلبي وقلب واحد مالوش ذنب، ومات ومفكرني زعلانة منه، شهقة خرجت من جوفها ثم رفعت نظرها إلى أختها

-انا ضعت يادرة، ومش لاقية نفسي، ليلى القوية ضاعت، تفتكري دا ذنب سليم، عشان اتجوزته وقلبي مع حد تاني 

انتفض جسدها وازداد احمرار وجهها من البكاء 

-والله ماكان قصدي أوجع حد، حتى لما قولت لراكان عشان أوجع قلبك كان مجرد كلام، ماهو مفيش حد بيتمنى لحبيبه الوجع، قالتها بصوت المفعم بالبكاء 

جلست أمامها درة تنظر إليها بذهول، فجذبتها لأحضانها عندما ارتفع صوت بكائها

-ليلى حبيبتي اهدي، أنا مش هلومك على اللي عملتيها لكن ليه راكان بيقول هيتجوز واحدة تانية، وهو فعلا بيحبك ولا إيه مش فاهمة حاجة 

-درة ممكن تنامي جنبي أنا محتاجة أشعر بالراحة وللأسف مش لاقيها، للأسف قلبي وجعني على الشخص الغلط 

مسدت درة على خصلاتها وتسطحت بجوارها، وظلت تمسد على خصلاتها حتى غفت، ثم توقفت وتحركت للشرفة وقامت بمهاتفة والدتها

-ماما ليلى تعبانة للأسف، ونفسيتها مش تمام، هقعد معاها للبليل، وهكلمك تبعتي آسر ياخدني 

-أختك تعبانة قوي يادرة، أنا مش عارفة أسيب باباكي تعبان واجي اشوفها 

أخذت عدة أنفاس لعلها تهدأ من حالة والدتها المرتابة

-لا ياماما، هي كويسة حبيبتي وكمان الدكتور يونس بيقول هجيلك حفيد زي القمر، وآه ياست ماما متنسيش ان درة هتتجوز، يعني بلاش الحب كله لسيادة حفيدك 

بعد فترة أنهت اتصالها، واجابت على حمزة الذي هاتفها عدة مرات 

-"حمزة" ..قالتها بصوتها الهادي 

كان جالسا على مكتبه يتابع قضية له، ولكنه أغلق ملفه وتحدث:

- عرفت الأخبار عندك مش تمام 

شعرت بوجع حاد في كامل جسدها والألم الذي بصدرها فأجابته

-جدا ياحمزة، راكان صرخ في ليلى ومعرفش ليه، وكمان قال كلام مفهمتوش، انه هيتجوز واحدة تانية 

نهض حمزة من مكانه يجمع أشيائه

-هعرف كل حاجة حبيبي واقولك، أنا رايح لعنده النيابة، هضطر أقفل دلوقتي ومتمشيش لما اعدي عليكي اوصلك 

هزت رأسها رافضة 

-لا آسر هيعدي عليا، أنا قولت لماما

قاطعها حمزة بصوت صاخب

-قولت هعدي عليكِ، واعملي حسابك بعد كدا، لا آسر ولا غيره له حكم عليكي، وأنا هتكلم مع باباكي ونشوف هنعمل ايه 

سلام بهدوء دلوقتي يادرة مش عايز اتعصب عليكِ

باليوم التالي، ذهبت أسما لزيارة ليلى، قصت لها ليلى ماصار 

جلست ليلى بمحاذتها 

-يبقى كلام نورسين مش صح، وأي راجل طبعا هيسمع الكلام دا هيعمل اكتر من كدا 

قفلت جفونها بشدة تحاول أن تستوعب كلمات أسما، فهمست لها

-هو قالي هيتجوز نورسين، يعني حقيقة ياأسما

-وهتسيبيه يتجوزها

فتحت عيناها تطالع أسما بصمت 

-عايزة مني أعمل إيه، أنا واحدة لسة جوزها ميت من كام شهر، وعمال يضغطوا عليها عشان تتجوز اخوه، اللي معرفش اصلا نيته إيه، وأنا عند رأيي لو هو آخر راجل مستحيل اوافق عليه، أنا عايزة ابني وبس 

-ليلى لازم تتكلمي مع راكان، لازم تعرفي آخر اللي انتوا فيه دا ايه، قاطع حديثهما طرقات على باب الغرفة، دلفت العاملة 

-غداكي ياهانم، وحضرة المستشار بيقولك اجهزي عشان هتروحي تكشفي 

اومأت برأسها بإبتسامة هادئة 

-تمام ياهدى، ممكن تحضريلي الحمام 

اومأت العاملة برأسها متجهة لمرحضها 

ابتسمت أسما على صديقتها بسخرية

-ايوة فعلا باين إنك مش طيقاه، ولو آخر راجل مش هتوافقي 

توقفت أسما وسحبت طاولة الطعام 

-اتغذي حلو حبيبتي عشان متوقعيش من طولك وتضطري التنين الوحش اللي مش طايقة تشوفيه، واللي مش هتموتي وتشوفيه 

ربتت على كتفها بسخرية رافعا حاجبه

-يابت دا وشك ردت فيه الدموية مجرد ماعرفتي انه هياخدك للدكتور، اومال لو اتجوزك هتعملي إيه 

شردت بكلمات أسما، نعم أسبوع بعيدا عنها لم تلمحه وكأنها جسدا بلا روح، ولكن كيف تغفر له ما فعله معها، كيف تفعل لرجل مثله تعشقه تريده ولا تريده، كان شعور متقلب لا تعلم ماذا عليه فعله 

رجل رغم صلابته إلا انه متهاون في بعض المواقف، ينهزم أمامه اعتى الرجال، ذكاء يكلله بعض الدهاء، تذكرت ماصار بينهما في المشفى، فابتسمت بغرور وتوقفت متجهة لمرحاضها 

كانت أسما تراقبها ، فتحدثت متسائلة:

-الضحكة دي وراها حاجة، ناوية على إيه، بس قبل اي حاجة عايزة اقولك الكلام اللي قولته يوم فرحك كان كله كذب، بالعكس راكان جه المزرعة وشرب كتير ليلتها، وكان حالتها صعبة جدا، لدرجة ضرب نوح 

اقتربت منها 

-انا معرفش ليه عايز يتجوز نورسين، بس اللي متأكدة منه، انه مجروح ومكسور من جوا ياليلى، واوعي تفكري اني غبية ومعرفش نظرة الحب بتكون إزاي، ممكن هو عايز ياخد حق قلبه اللي كسرتيه، فبكدا يقرب من نورسين، ويعيش يومين انتقام لكرامته مش أكتر 

كانت الغيرة تتشعب بداخلها، كالنيران التي تلتهم أحشائها فابتسمت بمكر قائلة 

- تمام ياأسما. 

ضيقت أسما عيناها متسائلة

-ناوية على إيه؟! 

مش حضرة المستشار خطب، مش الواجب اباركله، ولازم هدية كمان 

أطلقت أسما ضحكة مرتفعة 

-ايوة ياواد ياجامد، ايوة كدا، مش عايزة ليلى الضعيفة محبتهاش، خدي حقك ياقلبي، وحياة ربنا ياليلى راكان بيحبك،    

بعد قليل هبطت للأسفل بمساعدة أسما، تبحث عن سيلين 

-سيلين لسة مرجعتش من الجامعة؟!

تسائلت بها أسما للعاملة، قاطعهما وصول زينب 

-الله واكبر ياحبيبتي انت شكلك كويس، أومأت لها بإبتسامة:

-أيوة الحمد لله خلاص ياماما دخلت في التامن اهو، ربنا يعدي الشهرين دول بسرعة 

خرج من مكتبه وهو يتحدث بهاتفه

-قدامي ساعتين تلاتة كدا، مش عايزه يبعد عن عينك، بغضب لون ملامحه وامتزج صوته الفظ

-لا متعملش حاجة بغباء، قول لجاسر وهو هيتصرف، تحرك أمامها بعدما رمقها بنظرة متجاهلا وجودها، فأشار للعاملة 

- هاتي للمدام شال على كتفها، لتتعب وطبعا التعب يؤثر على الولد، عايزين الولد يجي بصحة كويسة، مش كدا ياماما

.تشعب الغضب بجوفها فأجابته 

-محدش هيخاف على ابني أكتر مني 

تحرك للخارج وهو يبتسم بسخرية

-أيوة طبعا، ماهو من ريحة الغالي، حياته بتساوي حياتك