رواية جديدة عازف بنيران قلبي لسيلا وليد - الفصل 15 - 2
قراءة رواية جديدة بقلم سيلا وليد
تنشر حصريًا على مدونة رواية و حكاية
رواية عازف بنيران قلبي
رواية جديدة قيد النشر
من قصص و روايات
الكاتبة سيلا وليد
الفصل الخامس عشر
الجزء الثاني
❈-❈-❈
في منزل عاصم المحجوب
تجلس بغرفتها تقوم بتصميم بعض المشروعات المطلوبة منها استمعت لرنين هاتفها، رفعته ثم ابتسمت ووضعته على اذنها قائلة
-مساء الخير...على الجانب الآخر يقف أمام منزلها ينظر لشرفتها
-اطلعي البلكونة ونزلي السبت معايا حاجتين عايزك تاخديهم، أسرعت تنظر من خلف الستارة، وجدت سيارته مصفوفة بمقابلة منزلها
ولكن قاطعها حينما أردف
-شعرك باين من ورا الستارة ياباشمهندسة
تراجعت بخطواتها قائلة :
-حضرتك اللي مدقق زيادة عن اللزوم، المهم إيه اللي معاك
-نزلي حاجة، وانتِ تعرفي، ارتدت اسدالها واردفت
-انا هنزل اخدهم، اطلق تنهيدة وهمس
-ياريت..شعرت بخفقات قلبها تنبض بعنف بقفصها الصدري فأجابته:
-خمس دقايق وأكون عندك، قالتها وخرجت لوالدتها التي تجلس على سجادتها تقرأ بمصحفها بدموع الحزن والوجع بآن واحد
-ماما هنزل تحت خمس دقايق، أستاذ حمزة معاه حاجة مهمة ليلى بعتاها ينفع أنزل
رفعت بصرها بعدما صدقت بقرأتها
-وليه مطلعش يابنتي، مينفعش تنزلي وتوقفي معاه لوحدكم افرض حد شافكم يقول إيه
اقتربت من والدتها تدقق النظر
-ماما إنتِ كنتي بتعيطي؟! طيب ليه؟!
أزالت دموعها وهي تهز رأسها قائلة:
-لا ياحبيبتي، ليلى وحشتني قوي، وتأثرت وأنا بقرأ القرآن، اتصلي بيه قوليله يطلع، مينفعش تنزلي
أومأت برأسها وتحركت لغرفتها تهاتفه
-آسفة ماما رافضة انزل، لو مش هتعب حضرتك ممكن تطلع
ترجل من سيارته وهو يحادثها وعيناه على غرفتها
-لو هشوفك أطلع حتى لو على سطح القمر
سرت بجسدها قشعريرة لذيذة إثر حديثه، فرفرف قلبها من السعادة، كالفراشة وأجابته بخجل
-مستنياك، تحرك للمصعد وهو يتنهد قائلا
-هديلك ورق بلاش مامتك تشوفه، وفيه صندوق صغير دا هدية مني للورق اللي هتشوفيه، تمام
ابتسمت بسعادة واجابته بحبور:
-شكرا، شكلي عرفت الورق فيه ايه، استمعت لرنين الجرس فاسرعت تقابله، فتحت الباب ومازالت تحادثه على الهاتف، أغلق هاتفه ينظر إليها بإشتياق:
-أسبوع كتير على فكرة، بس هعديها، نزلت ببصرها للأسفل تخجل من نظراته، وصلت والدتها
-اتفضل يابني واقف كدا ليه، دلف ملقيا السلام ثم بسط يديه بصندوق لدرة
-دا باعتته ليلى، وهتيجي بكرة ان شاءالله مع راكان، وآسف غلطت قدامها وعرفت أن باباها بيغسل كلى
استدارت درة لوالدتها تنتظر حديثها
-ولا يهمك يابني، هي كدا كدا كانت هتعرف
صمت حمزة للحظات ثم تحمحم مجليا صوته فتسائل
-ممكن أعرف الأستاذ عاصم صاحي ولا نايم
تحركت تشير إليه لداخل
-ادخل اشرب قهوة ونتكلم، هز رأسه رافضا
-آسف عندي ميعاد مهم، كنت عايز اشوفه
اجابته:
خرج هو آسر معرفش نوح طلبه، ممكن يكون عايزه في حاجة مهمة
-خلاص هشوفه في يوم تاني
-ان شاءالله لما يجي هخليه يكلمك
أومأ رأسه متفهما ثم ودعهم وخرج، دلفت لغرفتها وأغلقت بابها وجلست على فراشها، تفتح الصندوق وجدت به الكثير من أنواع الشيكولاتة المختلفة وبجانبها مظروف به رائحته وبداخله "مبروك" عقبال لما تتنقلي على أسمي
أمسكت الورق التي توضع بالمظروف الأخر ويوجد بها خلاصها من ماضي اسود كُتب عليها ورقة طلاقها
وضعتها بجوارها، وأمسكت تلك القصاصة من الورق التي بها عطره تستنشقه ثم تسطحت على مخدعها وهي تبتسم بسعادة من تلك الاحاسيس التي تجتاحها لأول نرة
عند ليلى جلست تنتظر نوح، دلفت العاملة تنظر لطعامها
-حضرتك ماأكلتيش حاجة ياهانم، رفعت رأسها بوهن تشعر بصداع يفتك بها تتسائل
-سيلين فين؟! جت ولا لسة من برة؟!
الباشمهندسة تحت مع الباشا بيتعشوا
أومأت برأسها وتحدثت قائلة :
-شيلي الأكل ماليش نفس، وابعتيلي سيلين
-بس الباشا هيزعق ياهانم، حضرتك مش تايهة عنه
رمقتها بنظرة نارية رغم ضعفها قائلة:
-قولي للباشا بتاعك الأكل مش بالعافية،
تحركت العاملة للخارج، شعرت بغثيان بعدتها استندت على الحائط متجه لمرحاضها، قامت بخلع حجابها الذي يلازمها معظم الوقت بسبب استخدامه اسلوب الهمجية التي وصفته به
ظلت تتقيأ ما بداخل معدتها حتى ضعفت وأصبحت هشة فنزلت بساقيها على أرضية المرحاض، لقد فقدت قدرتها تماما، وشعرت بسحابة سوداء تضرب جسدها، دلف لغرفتها كالمجنون يبحث بعيناه عنها، لم يجدها، دلفت خلفه سيلين وهي تتحدث:
-لو سمحت ياآبيه بلاش تزعلها عشان خاطري، صرخ بسيلين
-دي عايزة تموت اللي في بطنها، اطلعي يامدام إنتِ فين
لم يتلقى ردا، شعر بألمًا يغزو قلبه، فاتجه بنظره إلى سيلين
-شوفيها في الحمام كدا، هرولت سيلين عندما استمعت لهمهمات ليلى، صرخت تناديه عندما وجدت رأسها توضع على حافة الحوض كأنها مغشيا عليها
أسرع راكان بأتجاهها، ارتعدت أوصاله ودب الرعب به حينما وجدها بتلك الحالة، ثنى جسده يرفعها من فوق الأرضية، همست له بإعياء:
-عايزة أرجع ابعد عني، اتجهت سيلين إليها تمسح على وجهها بالماء وجذبت المنشفة تجفف وجهها الذي يغزوه العرق
جلس راكان خلفها حينما نزلت برأسها مرة أخرى وبدأت تتقيأ وآلام جسدها تضربها بقوة، حتى شعرت بالبرودة تتسرب لجسدها، فتح صنبور المياه وبدأ يغسل وجهها قائلا:
-ليلى اهدي، اضغطي على نفسك متسبيش نفسك لكدا
مسح بالمياه مرة آخرى يمسح وجهها وفمها، ثقلت برأسها عليه، مش قادرة، جسمي بيرتعش، قالتها ورأسها بأحضانه، فحملها متجها للخارج، وهو يضغط على نفسه من رائحتها الذي تسربت لأعماقه بالكامل، أيعقل أن هذا الألم يشطره لهذه الدرجة
كان جسدها يرتعش كالذي أصابه حمى، قام بمهاتفة الطبيبة المتابعة لحالتها
جلست سيلين بجوارها وقامت بدثرها جيدًا بالغطاء متحدثة:
-ليلى اجبلك حاجة، أغمضت عيناها
-اطفي النور عايزة أنام بس، كان يقف بعيدا يتابع حركاتها، يحاول السيطرة على نفسه حتى لا يصل إليها بخطوة ويضمها لأحضانه علها تشعر بالراحة،
همست إلى سيلين قائلة
-تعبانة قوي حاسة مش قادرة أخد نفسي ، هنا احس بإنقباض شديد في قلبه كاد يمزقه من الألم، تحرك للخارج استغرق بضع دقائق ثم عاد يحمل سرفيس يوضع به كوبًا من الحليب وبعض السندوتشات، طرق الباب لأول مرة ثم دلف بعض لحظات
وجد سيلين مازالت بجوارها تمسد على خصلاتها، وضع الطعام أمامها
-لازم تاكل ياسلين، كدا هتموت وتموت اللي في بطنها، ربتت سيلين على كتفه
-راكان انت مش شايف حالتها عاملة إزاي لو اكلت هترجع
سحب سيلين من كفيها وجلس على الفراش كانت تغط بنومًا عميق كأنها تغفو منذ ساعات وليست دقائق معدودة
نزل بجسده يهمس بجوار أذنيها
-ليلى قومي عشان تاكلي، وصلت والدته بمساعدة الممرضة، وجدته بهذا القرب، شهقة خرجت من فمها مع عبور دمعة على خديها، حينما تخيلته إبنها الراحل
-"ماما" قالتها سيلين، استدار راكان ينظر لوالدته، وشعر بالأرتباك من نظراتها التي تخترقه، فتحدث قائلا:
-بحاول أصحيها تاكل، من الصبح مااكلتش، وكان المفروض نروح للدكتورة وهي تعبت زي ماحضرتك شوفتي
تحركت إلى أن وصلت إليها بمقعدها
-ليلى قومي يابنتي، لازم تاكلي، قومي كلي أي حاجة...فتحت جفنيها بوهن وأردفت بصوتًا ضعيف:
-مش قادرة، عايزة أرجع بس، نظرت إلى سيلين
-ممكن تسنديني أروح الحمام، جن جنونه من حالتها فاقترب منها يميل بجسده مستندا بمرفقيه أمامها
-هتفضلي تعاندي لحد إمتى خافي على اللي في بطنك، ودلوقتي مفيش ترجيع وهتاكلي
راكان صرخت به والدته:
-مش المفروض تروح لباباك عشان هيخرج من المستشفى النهاردة، قالتها زينب حينما وجدت نظرات ليلى الخائفة منه وهي ترجع بجسدها للخلف
حاول التماسك فأسبل جفنيه وتحدث:
-بابا ميعاده بكرة ياماما، ونوح جاي في الطريق المدام رايحة شكياني له، وعلى العموم انا خارج ولما ارجع الاقي الأكل بتاعها اكلته، والأدوية اخدتها، الدكتورة هتيجي تشوفها، بدل إحنا ماروحناش
قالها وتحرك للخارج بخطوات تأكل الأرض كالنيران تأكل سنابل القمح
❈-❈-❈
هبط للأسفل قابله نوح وأسما، تو قفت أسما متسائلة:
-ليلى فوق..هز رأسه وهو يبعد نظره بعيدا، كان وجهه عبارة عن الغضب والألم، سحبه نوح متجها للأريكة:
-مالك عامل زي التنين على رأي ليلى
مسح على وجهه بغضب، وابتسم بحزن يمسح دمعة عالقة بين أهدابه الكثيفة متمسكا بسيطرته
-كدا كتير قوي عليا خالص قوتي بدأت تضعف، مش عارف الاقيها منين ولا منين
أخذ نفسًا ثقيلا ثم زفره بنيران غضبه وألمه
-كل ليلة بحلم بسليم بيعاتبني معرفش ليه، استدار إلى نوح متسائلا:
-تفتكر عشان قررت اتجوزها، ولا عشان اللي قتلوه لسة احرار
تنهد بألما شديد وكأنه يحارب نصل سكين حاد مغروس في صدره ثم أردف بخفوت:
- ولا عشان كنت بحب مراته، تفتكر سليم حس بحاجة، أنا بقيت اكره نفسي بطريقة قذرة قوي ياخي، واحد أخوه لسة مكملش خمس شهور وراح لمراته يهددها بجوازه
ربت نوح على ظهره
-كل اللي بتحس بيه دا عشان عايز تهرب من حب ليلى اللي محاصرك ياراكان، قسوتك معاها، واحلامك بسليم دا يأكدلك إنك خايف تقرب يقولوا عليك خنت أخوك، ودا مش صح
ساد صمتنا مختنق بنيران قلبه ثم أستدار بوجهه
-أنا حرمتها على نفسي مستحيل أنا وهي نكون مع بعض، مستحيل أنسى إنها كسرتني في يوم الأيام، مستحيل أنسى أنها وصلتني للحظة كرهت أخويا فيها، جوازي منها عشان الولد وبس، هي مش بتعنيلي حاجة ابدا
فتح نوح فمه للأعتراض ولكنه أشار بأصبعه
-ماما اللي طلبت يانوح ولولا ماما مستحيل كنت أقرب منها، ومتفكرش هسيب حقي لبنت خالتك
تذكر بعد وفاة سليم بشهرين
جلس يدخن سيجاره بشراسة بشرفته
دلفت له والدته. بالكرسي المتحرك الذي تدفعه سيلين..
- "راكان "
هب واقفا متجها إليها
- ماما فيه حاجة ياحبيبتي... ليه جاية كنتِ ابعتيلي وأنا أجيلك
امسكت يديه واردفت:
-اقعد ياحبيبي فيه موضوع مهم لازم نتكلم فيه
وقف مستندا على الجدار خلفه... ونظرة الحزن تتملك منه
- قولي ياحبيبتي أنا سامعك
نظرت اليه نظرة الغريق الذي يبحث عن منقذه... انتابها حالة من الوحشة لقرة عيناها... ظلت تناظره بقلب ام فقدت وليدها :
- تعالى ياراكان جنبي عايزة اتكلم معاك... قالتها وهي تحاوطه بنظراتها
جلس بجوارها ثم طبع قبلة مطولة على رأسها حينما وجد نظرات الحزن بعيناها، ليته يمسح على قلبها ويشعرها بالسعادة التي سرقت منها، رفع نظره إليها :
- سامعك ياست الكل قولي اللي نفسك فيه
مسدت على خديه... وانسدلت عبراتها على وجنتيها
- معدش ليا أمل في الدنيا غيرك وغير ابن الغالي ياحبيبي ربنا يكمل لمامته حملها ويجنا بالخلقة التامة
أمن على حديث والدته
رفعت ذقنه ونظرت داخل مقلتيه
- بتحب امك ياراكان ؟!
رفع يديها وقبلها:
- معنديش أغلى منك في الدنيا ياحبيبتي
رفع نظره إليها
- عندك شك في كدا ياماما، عندك شك ماكنش بحبك
ملست على خصلاته الناعمة
- ابدا ياحبيبي؛ علشان كدا جتلك وعارفة إنك مش هتكسر بخاطري
استمع إليها باهتمام
- عايزة منك تتجوز مرات المرحوم
خرجت كلماتها إليه كالسهم الذي اخترق قلبه دون رحمة
ارتجفت شفتيه وتحدث
- بتقولي إيه ياماما... ؟!عايزة مني إيه ؟!
لمست خديه ونظرت اليه بدموع عيناها تترجاه
- البنت لسة صغيرة وحلوة قوي... أنا مش هظلمك طبعا إنك تتجوز واحدة كانت متجوزة... ثم اكملت مستطردة:
- ليلى بنت حلال، وأنا حبتها ومش عايزة أخسرها والبنت تتحب ياحبيبي... والله يرحمه كان بيموت فيها، لولا الشيطانة اللي دخلت بينهم ، هقول إيه غير حسبي الله ونعم الوكيل فيهم زي ماحسروني على ابني
❈-❈-❈
أغمض عيناه مستسلمًا لعذاب روحه لعله يجد مايقوله، فتح جفنيه بهدوء يطالعها، وحاول الحديث، ولكن كلماته هربت كأنه ابكم لا يعلم الحديث
ربتت على كتفه وتحدثت:
-ليلى لو مشيت من البيت دا واخدت الولد أمك هتموت ياراكان، عارف يعني ايه، يعني أملي فيك كبير يابني أنها تفضل حواليا من ريحة الغالي، كل لما أشوفها هفتكره، كل مااشم ريحتها هشم ريحته ياحبيبي، ربنا يسعد قلبك يابني مش عايزة منك غير الطلب دا بس، وبعد كدا مش هطلب منك حاجة لعند ماأموت
رفع كفيها يقبله ودموعه تساقطت بغزارة على قدره الذي يصفع قلبه بقوة قائلا:
-انا حياتي كلها تحت رجلك ياست الكل، ومهما أعمل مش هوفيلك حقك ياأمي، لكن موضوع جوازي منها صعب، مش هقدر وحضرتك لسة قايلة سليم كان روحه فيها
احتضنت وجهه بكفيها المرتعش وتحدثت
-وانت إيه ياحبيبي وسليم ايه، عندك شك في حب امك ليك زي سليم الله يرحمه، يارب يابني مشفكش زيه ابدا، وافق ياحبيبي عشان خاطر امك وافق، أنا عارفة انك الوحيد اللي هتقدر تحافظ على ابن اخوك، غير جدك مش هيسيب البت في حالها صدقني انا اعرفه أكتر منك
صمت لبرهةقبل ان يقول بفظاظة:
- طيب انا لو وافقت هي هتوافق
ربتت على كتفه:
- هتوافق لما تعرف اللي جدك عايز يعمله
وقف كالملدوغ ونظر بتوهان إليها:
- ليه جدي عايز ايه قالها وهو يكور قبضته
اخذت نفسا طويلا :
- مش ناوي على خير... بيقول هيسبها تولد وياخد منها الولد... ومالهاش حق فيه.. بيقول دا حفيده ومستحيل يسيبه يتربى بعيد عنه
صدمة ذلذلت كيانه وشعر بإحتراق صدره... جعله يرفع يديه يمسح صدره مغمضا عيناه ألما لما يشعر به
- اكيد مش هتسيب جدك يعمل فيها كدا، مش كدا، وانت الوحيد اللي تقدر تحافظ عليها
استدار لوالدته
- موافق ياماما، أنا مش هسيب جدي يتحكم في ابن اخويا اللي لسة ماوصلش للدنيا
ابتسمت والدته
- ربنا يكملك بعقلك ياحبيبي ويباركلي فيك، نادي على سيلين توديني عند ليلى
تعالي أوديكي أوضتك، وسيلين هتقولها تروحلك :
- لا ياحبيبي أنا عايزة اروحلها بنفسي هي الحمل تاعبها، وزي ماقولتلك من شوية جدك مش ناوي على خير
دفعها متجها لغرفة ليلى
- خلاص هوديكي أنا عند ليلى، ابتسمت برضا ودعت في نفسها:
- يارب يابني تكون من حدك ونصيبك
وصل إلى الغرفة المنشودة وقام بطرقات خفيفة عليها:
قامت بفتح الباب وعيناها منتفخة من البكاء وشعرها يتطاير بعشوائية على وجهها،لم تعتقد انه سيصعد إليها بعد حديثه الأخير بحبسها بالغرفة لأنه لايريد أن يراها
نظرت إليه متفاجأة ودموعها محجرة بعينيها
- راكان قالتها بتقطع:
رعشة قوية ضربت جسده عندما وجدها بتلك الهيئة التي ادمت قلبه، وصوتها باسمه الذي جعله يحبس أنفاسه داخل صدره ضاغطا على كل عصب في جسده حتى يسيطر على قلبه الضعيف، حقا مهما يقسو عليها، ويحادثها بأبشع الأحاديث إلا أنها قلبه النابض، فلم يراه منذ وفاة أخيه بشهر
- ماما جاية، قاطعت حديثه عندما اسرعت للداخل تضع وشاحها فوق رأسها، رجعت بعد لحظات
- آسفة ياماما كنت مفكرة سيلين، متوقعتش حضرة النايب
ابتسمت لها وربتت على يديها :
- ولا يهمك ياحبيبتي، أنا اللي خليته يوصلني... وحشني الكلام معاكي، بقالي كتير مشفتكيش
عايزة اتكلم معاكي ياليلى ممكن يابنتي، قالتها زينب
ايوة طبعا حبيبتي اتفضلي
جاءت لتأخذ مقعدها المتحرك
- لا يابنتي راكان هيدخلني البالكونة لحد ماتغسلي وشك الوارم دا
رفعت نظرها إلى راكان وبهدوء ظاهري ونبرة عميقة وهي تناظره:
- ممكن تاخدها لجوا ياحضرة النايب لحد ماارجع
كانت والدته توزع نظراتها بينهما
رمقها بنظرة خاطفة وتحرك دون حديث وكأنها لم تكن
اتجه بنظره لثيابها الموضوعة على طرف الفراش.. كانت عبارة عن منامة شفافة باللون الاسود
ابعد نظره سريعا للجهة الأخرى، ولكن كيف لرجل عشق امرأة أن يتغاضى عن تفاصيلها
بلع ريقه بصعوبة وتحدث لوالدته:
-حاولي متتعصبيش ياماما ولو كلمتك بحدة عرفيني ..قالها ظنا انه يهرب بنظراته عن شيئا يخصها..
فكيف لقلبه المتألم الذي اعطاه القدر لكي يحيا مرة اخرى
وصلت اليهما ليلى... قبل جبين والدته
- أنا خارج دلوقتي... محتاجة حاجة
اتجهت بنظرها لليلى
- كنت عايزة تخرج مع ليلى مشوار ياحبيبي... حتى لو هتاخدها لامها حتى بدل ماهي حابسة نفسها كدا
نظرت إلى راكان ثم اتجهت لوالدته:
- أنا كويسة ياماما، لو تعبانة هقولك
روح ياراكان اجهز وليلى هتجهز علشان توديها بيت أهلها ياحبيبي وانت راجع من مشوارك تجبها
تحرك وهو يتحدث:
- جهزي نفسك وانزلي،فركت يديها قائلة
-مينفعش أخرج ياماما، أنا لسة في شهور العدة
وقف لدى الباب وأستدار يرمقها
-يعني اللي مانعك من الخروج شهور العدة، ليه المدام كانت ناوية على إيه لو مفيش شهور العدة
استدارت إلى زينب
-ماما زينب لو سمحتِ عرفي المستشار أننا بنلتزم بدينا مش بالمظاهر، وأنا مش هستنى بعد شهور العدة هنا، واتكلمت مع ماما زينب من يومين في كدا
هنا علم لماذا طلبت والدته الزواج منها، خطى سريعا للخارج وكأنه يهرب من عدو يطارده
ظلت تتابعه بنظراتها بحزن على معاملته الجافة لها منذ وفاة سليم وتحملها موته
كانت تتابعها بنظراتها، ثم تحدثت :
- حبيبي كل حاجة جت فوق دماغه... حزين اوي على اخوه، غير تعبي وتعب ابوه، وكمان حملك ومسؤليتك
ضيقت عيناها وتحدثت:
- وماله ومالي، أنا هعرف اتولى شؤن نفسي وابني كويس ياماما
تعالي ياليلى جنبي عايزة اتكلم معاكي
جلست بجوارها ،مسدت على ذراعيها بحنان
- راكان مفيش احن منه وكمان مفيش اجدع منه والله يابنتي مش بقولك كدا علشان هو ابني... بكرة لما تعاشريه هتعرفي قصدي
وقفت تفرك يديها وأردفت:
- لا اعرفه ولا يعرفني ياماما، أنا فيه موضوع كنت عايزة اتكلم مع حضرتك فيه بس لما ارجع من عند الدكتور
تمام روحي يابنتي اجهزي، علشان مش تأخريه عن ميعاده وهو هيروح معاكي، أومأت برأسها وتحركت تستعد للذهاب بصحبته للطبيب
بعد قليل تجلس بجواره في السيارة
وضعت رأسها على زجاج النافذة تنظر بالخارج وتذكرت تلك الليلة قبل وفاة سليم بأسبوعين
- كنت فين ياسليم؟! وأنا تعبانة في المستشفى
اهتزت نظراته أمام ثورتها فلم تسعفه الكلمات
مسح على وجهه بعنف واردف
- كنت سهران مع فرح ومعرفش نمت ازاي.. ثم استدار لها
- والله مااعرف دا حصل ازاي، يعني إيه نمت مع فرح
ابتلع ريقه وتحرك للمرحاض:
-هو انتِ هتحققي معايا، مش حضرتك اللي كل شوية مانعة نفسك عني ومش عايزة نتكلم ولا نخرج مع بعض، أهو رحت قعدت شوية مع بنت عمي ومحستش بنفس إلا وهي بتصحيني من الجنينة، لسة فيه أسئلة تاني
-أيوة، أشارت لباب الغرفة وتحدثت
-مش عايزة أشوف وشك هنا في الأوضة، مستحيل اقعد مع واحد اغتصبني
جن جنونه واقترب يمسكها بغضب
-مفيش راجل بيغتصب مراته إلا لما مراته بتبعد نفسها عنه، وانت منعت نفسك عني في وقت كنت محتاج مراتي إيه اجرمت
وتذكرت مرة أخرى اليوم الذي علمت بكذبه
اقتربت منه وبدأت تلكمه بصدره
- ليه تعمل فيا كدا؟! روحت خونتي بعد جوازنا بشهرين اومال لو قعدت سنه هتعمل ايه؟!وجاي تقولي كنت نايم في الجنينة وانت نايم في حضنها
ضمها لحضنه وأردف
- والله ياليلى ماأعرف أيه اللي حصل
دفعته بقوة وظلت تصرخ بوجهه
- اياك تلمسني ياخاين؟! إنت واحد خاين ياسليم!! مستحيل اكمل معاك دقيقة واحدة من اللحظة دي انت في طريق وأنا في طريق وابنك وقت مايجي على وش الدنيا يبقى تعالى شوفه
جحظت عيناه من كلاماتها
- لا ياليلى مستحيل أبعد عنك، اقترب محاولا ضمها
- والله ياحبيبتي غصب عني وأنا مش فاكر حاجة،معرفش ايه اللي حصل، نظر لأخيه ووالدته
-انا مش فاكر حاجة مستحيل اخون البنت اللي بحبها، مستحيل
خرجت من شرودها وهي تصرخ
وضعت يديها على اذنيها، وبدأت تبكي بهستريا، توقف راكان بجانب الطريق
-ليلى مالك إيه اللي حصل موجوعة من حاجة
استدارت ودموعها تنذرف بقوة:
-أنا مكنتش أعرف انه عمل حادثة، والله ماكنت أعرف، هو مات زعلان مني مش كدا، نظرت إليه بدموعها قولي وريح قلبي وهو مات زعلان مني مش كدا؟!
سحب نفسا طويلًا ثم زفره مرة واحدة وهو ينظر أمامه دون رد، حاول أن يسيطر على حاله حتى لا يصفعها فكلما تذكر ذاك اليوم ينشطر قلبه، حدجها بنظرة أستخفافية وتحدث:
-متخافيش سليم مش من النوع اللي قلبه اسود ممكن يشيل من حد قبل مايموت، وخاصة لو الحد دا كان معتبره كل حاجة في حياته، وبلاش كل شوية دموع التماسيح بتعتك دي
قالها ثم قاد السيارة دون حديث آخر ، تطلعت عليه بصدمة، ثم أغمضت جفونها محاولة استيعاب ماشطر قلبها به
بعد قليل وصل أمام العيادة النسائية ترجل وهو يرمقها قائلا :
-انزلي ولا مستنية أشيلك، أحست بإنهيار لم تشعر به من قبل، فرفعت بصرها إليه وتحدثت
-هتفضل تعاملني كدا لحد إمتى ؟!
تضجرت ملامحه بغضب وامال بجسده ينظر إليها من تحت نظارته السوداء التي تخفي معالم حزنه منها ومن نفسه فتحدث بهسيس
-إنتِ مين عشان احطك في دماغي، وأعاملك بكدا ولا غيره، انت معايا عشان ابن اخويا اللي حضرتك مهنش عليكِ تيجي تودعيه وهو مكنش بيقول غير اسمك
افترسها بملامحه الحادة وأشار بيديه عليها
-عايزة تعرفي أنا شايفك إيه دلوقتي، شايفك أسود نقطة مرت بحياتي، وياله انزلي مش عايز كلام تاني
❈-❈-❈
وصل لغرفة الطبيبة وهي خلفه كل انش بجسدها يتألم من قسوته، ماذا عليها أن تفعل حتى تخرج من تلك الأتهامات الشنعاء
تسطحت على فراش الطبيبة للكشف، وضعت الطبيبة السائل على بطنها بمساعدة جهاز الفحص، كان يقف بعيدًا بعض الشئ، رفعت الطبيبة نظرها إليه وابتسمت
- مش عايز تسمع نبضات قلبه ولا ايه، قرب عشان تشوفه، خطى بهدوء ودقات قلبه بالأرتفاع ينظر لتلك الشاشة التي يظهر بها ابن أخيه الذي لم يكتمل بعد
أشارت الطبيبة إليه:
- شوف هو خلاص على وشك الأكتمال الخارحي، النهاردة دخلنا في الشهر الخامس نقدر نقول مبروك، عقبال باقي الشهور
قامت بتشغيل نبضات قلبه، الذي بدأت بالأرتفاع وحركته أمامهم، انسدلت دموع ليلى عندما تذكرت سليم في أول كشف لهما
كان يقف مكانه وينظر بسعادة إلى الشاشة حتى دمعت عيناه ثم اقترب منها يطبع قبلة على وجنتيها هامسًا إليها:
-مبروك ياأجمل مامي في الدنيا كلها، ربتت على كفيها مبتسمة
-الله يبارك فيك ياسليم، ربنا يجيبه لنا بخلقة تامة ويجعله ذرية صالحة
رفع كفيها يطبع قبلة وينظر لعيناها:
-أهم من الولد انتِ ياحبيبة سليم، المهم تقومي بالسلامة، هنا فاقت من ذكرياتها بشهقة خرجت من فمها تبكي بنشيج حينما تذكرته، تمنت لو يعود بها الزمن لدلفت لأحضانه دون الخروج منها ابدا
اعدلتها الطبيبة وقامت بمساعدتها عندما خرج راكان سريعا من أمامها حتى لا يضعف ويضمها لأحضانه يربط على قلبها، ولكن كيف له أن يفعل ذلك وهو بدى يظهر بأنه الخائن لأخيه، ضغط على نفسه يلوم حاله
-كيف تفكر بذلك وأخيك لم يكمل بقبره سوى عدة شهور، ظل بالخارج حتى خرجت بمساعدة الممرضة جسدا خاليًا من الحياة
خرج من شروده يزيل دموعه التي خرجت عن سيطرته وهو ينظر إلى نوح
-بحاول الأقيلها عذر يانوح مش لاقي غير وجع قلبي أنا وأخويا، عارف إنك هتزعل مني بس حقيقي مش قادر أسامحها
بالأعلى بغرفة ليلى، وصلت الطبيبة وقامت بفحصها
-لا يا مدام ليلى كدا انتِ اللي هتموتي، إهمالك لنفسك كدا دا دمار لنفسك
قاطعت زينب حديثها تنظر لليلى بحزن
-كدا يابنتي عجبك نفسك كدا، ليه مش بتحافظي على نفسك، يعني أنا بلوم راكان بس هو عنده حق، مينفعش اللي بتعمليه دا
كانت تنظر في اللاشيئ ولم تجيب أحدا، دونت الطبيبة بعض المحاليل
-لازم من المحاليل دي، جسمها بقى ضعيف، الضرر مش على الجنين قد ماعليها، أتمنى يامدام ليلى تهتمي بصحتك شوية
خرجت الطبيبة بمصاحبة سيلين حيث وجود راكان الذي أوصى أخته بمقابلتها بعد فحص ليلى
وقفت أمامه وتحدثت قائلة:
-كان نفسي أطمنك ياحضرة المستشار، لكن للأسف حالة مدام ليلى كل شهر بتدهور عن اللي قابله، هي دلوقتي في أخر الشهر السادس، ولو فضلت بالطريقة دي ممكن تموت
اتسعت عيناه من هول ماتلفظت به وهبت زعابيب غضبه وهو ينظر لأخته
-أنا مش قولتلك لازم تهتمي بيها ياسلين وتغصبي عليها في الأكل، قاطعته الطبيبة قائلة
-مدام ليلى محتاجة دكتور نفسي، أنا معرفش ايه اللي حصل معاها، بس حالتها دي حالة نفسية وممكن تكون اكتئاب فياريت نراعي معاملتها شوية، قالتها وخرجت
طاحت يمينه بكل مايقابلها على سطح مكتبه وجهر بصوت غاضب:
-بتعمل كدا عشان تموت الولد، عايزة تهرب من البيت والله لأدفعك التمن ياليلى اصبري عليا
نهض نوح وتوقف أمامه
-الصراحة مش قادر افهمك انت بتعاقب ليلى على أساس ايه، عايز تهرب من نفسك، أهرب بعيد عنها، راكان انا مش هسمحلك انك تحملها مسؤلية موت سليم، انت عارف ومتأكد أنه مات بسبب قضيتك، غير انك كنت المقصود، بلاش تخليني افقد أعصابي عليك وانسى إنك صاحبي
ليلى قبل ماتكون بنت خالتي فهي بتعتبرني اخوها الكبير، اتأكد لولا مرض والدها مكنتش قعدت في البيت دا يوم واحد، عدتها خلاص باقي ايام وتخلص
جحظت عيناه ناظر لنوح وتحدث بدقات عنيفة
-قصدك إيه من عدتها
اقترب نوح وهو يدقق النظر بمقليته
-ليلى هتبقى حرة نفسها، يعني مالكوش دعوة بيها فأنا لو سبتها قاعدة هنا كام يوم كمان فدا اكراما مني عشان والدتك مش اكتر، إنما ضغطك عليها يوصلها أنها تدخل اكتئاب فلا ياصاحبي وقتها هدوس عليك ومش هرحمك، ومتقدرش تغصبها على حاجة هي مش عايزها
بلع غصة مريرة وهو يطالعه بصدمة من حديثه
-قصدك إيه يانوح، يعني ممكن تبعني عشانها
قاطعهم دلوف يونس قائلا
-مساء الخير ياراكان، اتجه بنظره إلى نوح وتحدث
-والد ليلى برة مع ابن عمها
اتجه بنظره إلى يونس وكأنه تلقى صفعة على وجهه، والدها برة
جلس نوح يضع ساقًا فوق الأخرى ينظر لأصابع يديه ثم غمز إلى يونس قائلا
-هو أنا مقولتلكش ياحضرة المستشار ان باباها هيجي ياخدها في وقت من الأوقات، بس هو جاي النهاردة عشان يعرفها ان ابن عمها طلب يتجوزها وراضي كمان بابنها، فأنا جيت امهد لطنط زينب، وأعرف حضرتك ليس إلا
وقف وكأن الأرض تدور به وكأنه شعر بالظلام يحاوطه حينما أحس انه مكبل الأيدي من فعلتهم النكراء، اقترب من نوح بخطى سلحفيه ونظرات جحيميه يود أن يحرقه بها، فنزل بجسده يحاوطه بذراعيه
-عارف ممكن اموتك دلوقتي ومالكش دية عندي، قالها حينما أطبق على عنق نوح، في حين كتم يونس ضحكاته واقترب من راكان يدفعه بعيدا عنه:
-اتجننت هو كان عمل ايه؟! ابوها برة مع والدتك وعايز بنته بعد عدتها ومن حقه
ظل يطبق فوق عنق نوح وهمس بفحيح
-هتخرج تقنعه وتقوله ليلى مش هتسيب البيت دا وراكان هيتجوزها عشان ابن أخوه ميبعدش بعيد، ومتنساش تقوله هي موافقه سمعتني يلا
دفعه يونس عندما وجد شحوب بوجه نوح
-يخربيتك هتموته، طيب ماتروح تقوله الكلمتين دول، مش انت العريس
تحرك من أمامهم وهو يردف
-وماله هروح أقوله، بس لازم اطلعلها الأول
وصل بعد لحظات لغرفتها دفعها بقوة ودلف للداخل، كانت أسما وسيلين تجلسان يطعمناها
ذهلت أسما من طريقة دخوله، رمق ليلى بنظراته قائلا:
-اطلعوا برة عايز الباشمهندسة في كلمتين
نهضت أسما أمامه وتحدثت:
-طيب ممكن بعد ماتخلص أكلها
-قولت برة عايز اكلمها على انفراد
سحبت سيلين كف أسما وتحركت حينما وجدت حالة أخيها، خطى حتى جلس أمامها على المقعد يطالعها لعدة لحظات وهي تنظر بعيدا عن مرمى عيناه
-والدك تحت جاي عشان يعرفك انه هياخدك بعد كام يوم، استدارت بوجهها إليه مبتسمة وحاولت النهوض، ولكنها تصنمت بجلستها حينما اكمل:
-وطبعا مينفعش تخرجي من بيت جوزك، نهض يبتسم على ذهولها وأكمل
- عشان انتِ هنا في حكم مراتي دلوقتي، يعني قدرك معايا
ارتجفت شفتيها وحاولت الحديث قائلة بصوت متقطع:
-بس أنا مش موافقة، مش عايزة اتجوزك، وقولتلك قبل كدا
نهض من مقعده واقترب ينزل بجسده يحاوط جلوسها، ودنى منها حتى استنشق عبيرها واختلطت أنفاسه بأنفاسها قائلا وهي ينظر لمقلتيها
-ليه مش أنا اللي خفتي عليا من أمجد وحاولتي تبعديه عني ليقتلني، مش أنا اللي حبتيه وروحتِ اتجوزتي أخوه
كان قريب من وجهها بطريقة غير المسموح بها، نظرت لعيناه تسأل نفسها:
-هل هذا بالفعل الذي أحبته وفعلت من أجله ماحطم قلبه،
دنى أكثر وأكثر هامسًا بصوته الرجولي
-عايز اقولك انت لو آخر واحدة عشان أحبها عمري ماهحبها عارفة ليه، نظر لداخل ليلها الأسود الذي لمع بخيط من الدموع قائلا:
-لأنك أكتر واحدة كرهتها في حياتي، وجوازنا هيتم غصب عنك وبشكل صوري، ودا عشان أعرفك يوم ماتحاولي تعاقبيني وتوجعي قلبي زي ماقولتي قبل كدا، تفتكري عملت فيكِ ايه
مش راكان البنداري اللي ياخد بقايا غيره، وانت بقايا من أخويا، انتِ النقطة السودا في حياتنا إحنا الاتنين، هو عشان مفهمش الست اللي اتجوزها ماهي إلا أنها ترضى غرورها وتعاقب اخوه، وأنا لاني في يوم من الأيام فكرت اني ممكن احب واحدة زيك
قالها ثم اعتدل يرمقها بسخرية على ملامحها التي شحبت وأكمل ليؤكد لها جوازه منها ماهو إلا انتقام ليس إلا
-باباكي مريض، واخوكي طبعا معدش زي الأول من وقت ماأمجد علم عليه، ومن عملية لعملية، ولولا تدخلي مكنش هيدخل امتحانات السنادي غير المدرسين اللي بيرحوا لعنده البيت، غير قضية طلاق أختك اللي جبتها من فم الأسد، ضيفي على دا كله اني ممكن اخد منك الولد واحرمك منه،
جلس مرة أخرى وأكمل بغرور رحل حطم كبرياء أنثى
-زي ماقولتلك هتعيشي هنا مكرمة معززة وأم حفيد البندارية اللي هتحميه برموش عيونك، وعلاقتي بيكِ زي ماهي يعني مش هقرب منك
قوس فمه ونظر بإستعلاء قائلا:
-مبحبش المستعملين وخصوصًا لو كانت في حضن أخويا في يوم من الأيام، نهض واقفًا وأكمل :
-بلاش شغل الضعف والمناحة اللي كل شوية تعمليها دي، لأنك مهما تعملي هتفضلي هنا برضو
استدار متحركا ولكنه تسمر حينما أردفت
-طيب لو الولد نزل، هفضل هنا بصفتي إيه
استدار سريعًا إليها، ووصل إليها بخطوة واحدة
-الولد لو نزل وكان ليكِ يد فيه صدقيني هدفنك معاه، أما لو نزل قضاء وقدر هتفضلي هنا برضو وهنتجوز اصلي نسيت اقولك امي قالتلي انها بتشم ريحة إبنها فيكِ يامدام
نزل بجسده واقترب يكرر كلماته بصوتًا مختنق
-بتشم ريحة سليم فيكِ، شوفتي أحسن من كدا كلمات، تخيلي بقى لما تكوني قدامي كدا زي ماما، ماقالت ريحة أخويا فيكِ يامدام، فياريت تحافظي على ريحة أخويا، وتعرفي أني مستعد احرق الكون عشان كلمة امي دي، ماهو انا حرقت قلبي قبل كدا لأخويا، فعادي أحرق الدنيا عشان أمي
❈-❈-❈
في فيلا خالد البنداري جلست عايدة وفريال
-بس دي مخاطرة ياعايدة، انتِ فاهمة يعني إيه ولد ينزل في الشهر السادس دا ممكن الأم تموت كمان
نهضت عايدة وهي تتحدث بفحيح:
-اومال اسبها تتهنى بالعز دا كله، بعد مانفى بنتي لأخر البلاد وحرمها تيجي هنا، لا وكمان عايز يتجوز المدام، والله لأحرق قلبهم على حفيدهم، استدارت تكمل حديثها كساحرة
-لو ليلى مشيت وابنها مات ممكن سلمى تتجوز راكان، شوفي بقى راكان يعتبر هو المالك الأساسي لأمبرطورية البنداري ، وفي نفس الوقت اكون شفيت غلى من زينب والزفتة ليلى
نهضت فريال تربت على ظهرها :
-أنا حاسة بيكِ بس متنسيش لو توفيق عرف ممكن يموتنا، وهو قال هياخد الولد بعد ماتولده، يعني بلاش نتسرع
استدارت ترمقها بسخرية
-إيه يافريال بقيتي تخافي ولا إيه، انتِ ناسية ان يونس لسة ماكتبش على سارة، ودفنو موضوع سيلين ومنعرفش إيه اللي حصل بين راكان وجده، مش واخدة بالك انهم بقوا يقربوا من بعض، دا حتى لسة شيفاه قاعد مع راكان بيشرب قهوته، مفكرتيش أن فيه موضوع ورا راكان من كدا
هزت رأسها وتحركت تعطيها زجاجة
-لازم نخلص من الولد، ودا هيتحط في قزازة الدوا وتاخده كأنه دوا، ولا مين شاف ولا مين دري
تنهدت فريال وبدأت تفكر بتلك الفكرة التي ستؤدي بهم إلى الجحيم، فأومات برأسها
-حاضر هروح كأني بطمن عليها واغيرها بالدوا، بس حلو نوع الدوا دا عرفتيه إزاي
أشارت للدوا قائلة
-دا اي حامل بتاخده، سألت يونس بخبث كدا، وجبته وطبعا بدلت اللي فيه
❈-❈-❈
بمنزل جواد الألفي
جلس جاسر أمام والده، يضع بعض الملفات الهامة
-ودا كمان وصلنا له، تراجع جواد بظهر يحرك قلميه ثم رفع نظره إلى جاسر
-المعلومات دي غلط ياحضرة الظابط، دقق في الملف وانت تعرف، دا كمين بيسحبوا بيه راكان ليس إلا
ضيق عيناه متسائلا
-معقولة يابابا، دا كدا يبقوا شياطين، أنا إزاي مااخدتش بالي فعلا من البنت دي، طيب ممكن يكون راكان عارف حاجة ومخبي
نهض جواد واتجه يجلس بمقابلته
-راكان عارف كل حاجة بس بيسويهم على نار هادية ، وأعتقد أنه مرديش يقولك حاجة عشان خاف عليك بعد اللي حصل لأخوه
مسح جاسر على وجهه محاولا إستيعاب حديث والده
-ممكن ياحضرة اللوا تفهمني براحة ماهو انا مش زي معاليك برضو، أنا لسة تلميذ
أمسك جواد الملف ورفعه أمامه
-هو فيه واحد هيروح يسيب ورق يوديه في داهية في غرفة اجتماعات قدام وكيل نيابة برضو، دا طعم ياأهبل، عايزين يشدوا بيه راكان، ويطلع صورته قدام الكل وحش، غير أن اسم جده وباباه في كل ورقة، هم عايزين يفهمه إن دا الورق المهم، بس عجبني وعرف يلعبها صح وأخد الورق يفهمهم انه المطلوب
وهو بيخطط من ناحية تانية، بس بيخطط لأيه دا اللي هنعرفه قريب
نهض يشير إلى جاسر
-اللي زي راكان دا ميسبش حقه ابدا، وغير انه ميغامرش بسمعة باباه، حتى جده اللي عرفنا انه بعيد تماما عن حادث اخوه، بدليل خناقاته وفض شركاته مع الشربيني
توقف جاسر متسائلا
-طيب يابابا ليه أمجد لحد دلوقتي مش بيحكموا عليه؟!
ربت جواد على كتف ابنه قائلا
-كل حاجة بميعاد وامجد مش واحد عادي، واللي متأكد منه أن راكان ناوي يوصله لأقصى عقوبة مش مجرد عشر او خمستاشر سنة
❈-❈-❈
عند عاصم جالسًا بجوار آسر الذي رجع من سفره
-يعني إيه يابني إنت هتتجوز ليلى، تدخلت زينب حتى تهدئ عاصم
-ليلى حامل في ابن سليم ياأستاذ عاصم، وأنا مقدرش ابعدها عني، وبعدين ليلى حلوة واي حد يتمناها، ولا إنت هتستكترها على راكان، ومتخافش راكان زيه زي سليم هيحطها جوا عينه
قاطعهم آسر محمحما
-عارفين طبعا حضرتك، وحضرة المستشار لاغبار عليه، لكن احنا آسفين والله، أنا أولى ببنت عمي، وأنا اصلا كنت ناوي اتجوزها بس الباشمهندس سابقني ومقدرتش اتكلم وقتها وسافرت، ولما عرفت اللي حصل رجعت عشانها
من الآخر كدا ياهانم انا بحب ليلى بنت عمي ومستحيل أتخلى عنها، وبما انكم اهم حاجة حفيدكم إحنا مش هنحرمكم منه
هب من مكانه يرمق نوح للتدخل، فوقف نوح أمام عاصم قائلا:
-عمو عاصم راكان كان لسة بيقولي انه عايز يروح لحضرتك عشان يطلب ايد ليلى، قبل مانعرف موضوع آسر
نزلت ليلى بمساعدة سيلين وأسما، هرولت لوالدها بجسدها الواهن تحتضنه وتبكي :
-بابا حبيبي وحشتني قوي، قبل جبينها يمحو دمعاتها
-إيه دا ياليلى ليه كدا يابنتي، إيه اللي عمل فيك كدا
مسدت على أحشائها مبتسمة من بين دموعها
-قول لجدو أنا تاعب ماما قوي، ومخليها مش عارفة تنام ياجدو
جذبها بقوة لأحضانه كأنه يحبسها بداخل صدره
-حبيب جدو، فداك جدو إنت وماما ياحبيبي
انسدلت دموع زينب تطالع ليلى، كان راكان يراقب والدته كور قبضته حتى ابيضت مفاصلها، خاصة عندما اقترب آسر منها ينظر بإشتياق حبيب إليها
-ليلى عاملة ايه وحشتيني، ابتسمت إليه واجابته
-الحمد لله حمد الله على سلامتك ياآسر جيت إمتى ؟!
قطع حديثهم راكان قائلا:
-اقعدي متقوفيش كتير عشان ماتتعبيش
جذبها والدها لأحضانه جالسا بجوارها ينظر لبطنها التي بدأت بالظهور
-وصلتي للشهر الكام حبيبتي، وضعت رأسها على كتف والدها تتحسس جنينها بحنان
-في السادس ياحبيبي، هانت اهو كلها كام شهر ويشرف حفيدك
رفع ذقنها وسألها :
-عايزة تيجي معايا بعد كام يوم، ولا تفضلي هنا لحد ماتولدي، ولا ناوية على إيه
رفعت نظر إلى راكان وتحدثت:
-لا يابابا هفضل هنا خلاص البيت دا بقى بيتي، ثم اتجهت إلى زينب قائلة
-مقدرش أبعد ماما زينب عن حفيدها
هب آسر كالملدوغ، فهو كان يأمل برفضها فتحدث متسائلا:
-بصفتك إيه ياليلى هتقعدي هنا، رمقه راكان شرزا فنهضت من مكانها متجهة إليه تقف بجواره:
-بصفتي هكون مرات حضرة المستشار ياآسر
لم يشعر بنفسه حينما سحب كفيها يشبك أصابعه بأناملها النحيلة، شعر كلا منهما برجفة تسري لجسديهما، اتجهت بنظرها إليه وحادثته بعيناها
-أتظن أنني أتخلى عن كبريائي سيدي القاضي، اجننت ألم تعرف أن الأنثى إذا تحطم كبريائها تحولت لمفترسة شرسة تأخذك بين أنيابها
مرحبًا بك معذبي في نار أنثى حطمت قلبها الذي عشقتك به، فاليوم منذ تلك اللحظة، سأحضنك مع ذكرياتي المؤلمة
أما هو ناظرها وتحدثت عيناه
- أعلم إنك لن تنهزمين بتلك السهولة، كما أعلم إنكِ ستعاقبيني بأشد عقابكِ وهو نبض قلبي لكِ، ولكن مهلا مولاتي ألم تعلمين ليس على العاشق حرجا، كما ليس على المجروح من عشقه حرج، مرحبًا بكِ مولاتي في جنةجحيم معذبك