-->

رواية جديدة نزيلة المصحة لريناد يوسف - الفصل 41 والأخير

 

قراءة رواية نزيلة المصحة

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى


قراءة رواية نزيلة المصحة

من روايات وقصص 

الكاتبة ريناد يوسف


الفصل الواحد والأربعون

والأخير


أنهي حمزه مكالمته مع حسام، واغلق هاتفه. وأخذ يزرع الغرفه ذهاباً وأياباً وعقله يكاد ينفجر وهو يتسائل.. كيف له أن يكون بمثل هذا الغباء! 

كيف له أن ينخدع بهذه السهوله؟ كيف لم يبحث جيداً ويتحري الحقيقه قبل أن يقدم علي مثل هذا التصرف الأهوج؟ 

وفرضاً أنه لم يكتشف الحقيقه في الوقت المناسب، أكان من الممكن أن تغادر ود البلاد، وأن تفلت كريمه بكل مافعلت وينتصر الشر؟! 


أكمل حمزه الساعات الباقيه من الليل وهو على شفا الجنون. 

وها هو الليل يطوى جناحه. ويكشف غطائه عن الدنيا. ويرفع ستره وستاره. 

فخرج حمزه من الغرفه. ومن الشقه كلها. وترك المكان الذي بدأ يضيق به حتي شعر أنه بدأ يطبق على أنفاسه. 

ونزل الي الشارع. وأخذ يتمشي وسط الناس؛ كي يستطيع التنفس بشكل طبيعي. 

أخرج هاتفه. ونظر في ساعته. وقام بالإتصال بحسام..الذي أخبره أنه الآن قد إقترب من العنوان كثيراً. وأنها مسألة دقائق ويكون عنده. 

وأخبره حمزه بدوره إسم الشارع الذي هو فيه الآن؛ ليمر عليه ويأخذه في طريقه. 

وأغلق هاتفه بعدها. 

وبالفعل ماهي إلا دقائق، وظهرت سيارة حسام من بعيد. 

فتأهب حمزة لمواجهة اللوم و العتاب من حسام، وحتي التوبيخ. 

ولكن ماحدث..أن حسام إستقبله بإبتسامة هادئه. وقاد به الي العنوان المنشود دون التفوه بأي حرف. 

ولم تخفي على حمزه السعادة التي كانت تشع من أعين حسام.

 وتأكد من لهفته الواضحه.. أنه لا يهتم في هذه اللحظات..سوى بالوصول إليها فقط ولا شيئ دون ذلك. 

توقف حسام أمام المبني الذي أشار له حمزه عليه. ونزل الإثنان. 

وفي ثوانٍ كان حسام قاطعاً درجات السلم صعوداً دون إنتظار. 

وحين وصل توقف أمام باب الشقه لاهثاً. وقام بوضع يده فوق قلبه. مهدئا لضرباته التي أصبحت تشبه طبول الحرب من شدتها. 

أدركه حمزه أخيراً. ووقف بجواره. ونظر إليه بنظره معناها..أن يستعد ويتمالك نفسه وألا يتهور. 

وأومأ له حسام بتفهم. 

رن حمزه جرس الباب. ولم تمر سوى ثوانٍ فقط، وكانت كريمه تفتح الباب، كأنها كانت خلفه. 

وما أن فعلت حتي وقفت متحجرة. بعد أن أطلقت شهقة عاليه؛ حين رأت حسام برفقة حمزه. وقد تحولت ملامحها من شدة الرهبه، كمن رأى ملك الموت أمامه. 

تراجعت للخلف بخوف وهي تنظر في أعين حسام مباشرة. 

وقد جحظت عيناها، وإبيضت شفتاها، وهرب الدم من وجهها وشحب لونه في الحال من الصدمه.

 وتبدلت أحوالها كلياً. وكل هذا حدث في هذه الثوانى القليله! 

تقدم حسام منها. وهو تارة ينتظر إليها، وتارة ينقل عينه في الأرجاء يبحث عن الأخرى. إلي أن رأها أخيراً تخرج من الغرفه.

 وماإن رأته..حتي صرخت بفزع، وبدأت ترجف بخوف مثل كريمه وأكثر. 

إقترب حسام من كريمه، وهو يطالعها بنظرة شامته.

وقتلتها إبتسامته الساخره؛ كأنه يخبرها أنها لن تفلت من قبضته أبداً-مهما حاولت-

ونظرته هذه، وحتي إبتسامته.. جعلت عيون كريمه تشتعلان قهراً من شدة الهزيمه. 

أما ود فقد إختلفت نظرته لها كلياً. 

وتبدلت إبتسامته لأخري مشتاقه. وهو يتقدم إليها كي يضمها إلي قلبه؛ فلا ذنب لها في كل هذا. 

ولكنه وقف مكانه حينما وجدها تبتعد كلما يقترب منها، وبادلت شوقه ببرود شديد. ونظرات لهفته بنظرات بغض..

كأنها تخبره إنها لم تكن ترغب في رؤيته مرة أخري. 

أغلق الطبيب حمزه الباب. وتقدم هو الآخر.. إلي أن وقف أمام كريمه. وسألها وهو ينظر في عينيها مباشرة:

-ليه؟ 

فردت على سؤاله بسؤال آخر:

هو أيه اللي ليه؟ 

فأكمل حمزه سؤاله:

ليه تكدبي وتعملي كل الحوارات اللي عملتيها؟ وازاي قدرتي تسبكي الكدب بالطريقه الإحترافيه دي؟


فتبسمت كريمه رغم كل مابها، وأردفت وهي تنحني بجسدها الي الأمام قليلاً، وخفضت نبرة صوتها كي تمثل انها ستخبره سر خطير:

-عشان إنت ساذج يادكتور. وقانون الحياة لا يحمي السذج. معلش تعيش وتاخد غيرها..

مع إنك كنت هتساعد أكتر من كده لو معرفتش الحقيقه. لكن يلا مش مهم. مسيري هشوف طريقه تانيه. واللي يدور ويفكر ياما يلاقي. 

بس هديك نصيحه لله مقابل اللي عملته معايا قبل كده، وتعبك اللي تعبته. 

مع إني عمري مابدي مقابل لأي حاجه باخدها..لكن إنت ليك استثناء. 

إتعلم يادكتور تاخد من اللي حواليك علي قد ماتقدر.

 إعلا حتي لو هتقف علي رقاب الناس. متفكرش غير فنفسك. وصدقني كل ماتفكر فنفسك وتكبر؛ اللي حواليك هيزيدوا.

لأن الفلوس هي المنصب، والجاه، والسلطه. لاعلم ولا منصب بيدوموا الفلوس بس هي اللي بتدوم. 


إنحني عليها الطبيب حمزه بطريقه مماثله وأردف مجيباً على ما قالت:

دا قانونك إنت دا،وبيتصنف تبع قوانين الغابه، وميمشيش غير مع الحيوانات بس. 


أنهي جملته ثم إعتدل في وقفته، وإبتعد عنها. وبدأ في إغلاق كل نوافذ الشقه. وإغلاق جميع الأجهزه؛ إستعداداً للعوده بهم من حيث أحضرهم. 

ولكن قبل أن يفصل الغاز عن الموقد..قام بتحضير قدح من القهوة- في كوب كبير- من ألاكواب الخاصه بالعصائر. وأخذه معه. وأغلق الشقه، بعد أن خرج منها الجميع. 


إستقل حمزه سيارته. وحسام وكريمه وود إستقلا سيارة حسام.

وإنطلق حسام عائداً

 وقد أعاد ود لحضنه مرة أخري ، وكريمه لأسره مجدداً. 

والأن فقط أصبح يشعر بالأمان. 

وبأن كل شيئ عاد الى نصابه الصحيح. 

❈-❈-❈


رافقه حمزه بسيارته طوال الطريق لم يتخلف عنه، الي أن أوصله الي الفيلا، 

ثم إكتفي بهذا القدر وأشار له مودعاً. ورد له حسام الإشاره مبتسماً وهو يراقبه يبتعد. 

طالع حسام ود بنظرة أخيره، قبل أن يترجل من السياره،

 وبمجرد أن فعل ذلك.. حتى شعر بشيئاً  قاسياً يخترق جسده..جعله يختبر ألماً لا يحتمل. 

ولم يحدث هذا الشيئ لمرة واحده..بل  تكرر الأمر مرات عديده لم يستطع حسام عدها. وفي كل مرة نفس الألم يتكرر. ولكنه عرف أنها طلقات من رصاص قاسٍ لا يعرف الرحمه. ولم يخلق إلا للأذي. 

كانت طلقات كثيره تأتي من كل إتجاه.. وكأن السماء تمطر رصاصاً.

 

صرخت ود من هول الموقف. وأشار لها هو فور أن سمع صرختها، بكل مايحمل من ألم.. بأن تنخفض للأسفل في دواسة السيارة، 

ومن شدة خوفها فعلت. وظلت عيناها متعلقة به،وعقلها لا يستوعب بعد مالذي قد يحدث! 

أما هو فنظر إليها نظرة مودع؛ وهو يرى الدماء تفيض من جسده وتغرق ملابسه، وفاض الدمع من عينيه؛ وهو يطالع دنياه المتمثلة فيها لآخر مره وهو يعلم أنه لا تفصله عن مفارقتها سوى قليل من الوقت. 


تلفت حوله وهو مستند بكلتا يديه علي باب السياره، وهو الحائل الوحيد دون سقوطه علي الأرض في هذة اللحظه. 

ولكن صموده لم يدم طويلاً فها هو يهوى أرضاً مودعاً عيناها المصدومه، مودعاً وجهها الجميل، مودعاً كل مافيها وكل ماعشقه وهام به وأودي بحياته للجحيم ثم للموت.

كل هذا حدث في ثوانٍ معدوده. حتي لم يدرك العقل فيها مالذي حدث. 

هدأت الأجواء.. إلا من أنفاس ود اللاهثة بخوف، ومن صرخات توالت بعد ذلك لم تعرف ود مصدرها. 

رفعت نفسها رويداً رويد لتستطلع ماحولها، وتتأكد من الذي حدث تواً، وهل كان حقيقياً أم محض خيال. 

وحين نظرت للخلف صرخت بقوة؛ وهي ترى كريمه مصابة بطلق نارى في جبهتها تماماً.

وبدا واضحاً أنها فارقت الحياه. 

وتوالت صرخاتها وهي تميل بجسدها لتري حسام الممدد أرضاً وقد فارقته الروح وأصبح جثة هامده. 

وعلى صرخاتها خرجت كلا من سعاد وسمر من الفيلا.. وماأن رأوا حسام بهذا المنظر،

حتي وقعت الإثنتان مغشياً عليهم في آن واحد. 


❈-❈-❈


بعد مرور عامين. 

وتحديداً في مشفي الأمراض العقليه.. 

تجلس علي سريرها. تعاني من نوبة جديده من الهلع. أصبحت لا تفرق بين الحقيقه والخيال. تحاول الإنتحار باليوم عشرات المرات.

 يأس الجميع من شفائها أو حتي تحسن حالتها. 

وسلم الجميع بأن لا علاج لحالتها. وخاصة بعد أن اعلن الطبيب حمزه ذلك، وكتب تقريراً بأن حالة ود" حالة ميئوس منها". وذلك بعد أن حاول معها بكل الطرق أن يعالجها. وتكون آخر حالاته. ولكنه للأسف فشل. 


خفتت صرخاتها قليلاً؛ وهي تراه يختفي من أمامها، بعد أن أدي مهمته اليوميه في جعلها تصارع الموت خوفاً ورعباً، 

ليحل محله ذلك الصوت الذي يتردد علي مسامعها منذ ان سمعته لأول مره..حينما أتي لها زيارة. الي المشفي..


صوت من أصر على رؤيتها.. وحين رأها أخبرها بصوته الأجش، وهو يطالعها بتركيز بأنها تشبه أمها كثيراً.. والعجيبه أنها لم تكن تشبه أمها بالمره بشهادة الجميع ومن واقع الصور أيضاً! 

فمن أين له ذلك الكلام! 

وزادت الغرابه أكثر في كل مره يناديها بإسم مصرية وقد كررها عدة مرات؟ 

وأيضاً حين أردف بقهر وهو يستعد للرحيل..جننتك كريمه وضيعت عقلك.. كنت خابر إن آخرتك هتكون سو علي أديها.

 يلا ربنا يجحمها موطرح ماراحت. 

نعم هو ذلك الرجل، الذي كان يأتي لكريمه بين الحين والآخر، وكانت هذه المرة الآخيره التي رأته ود فيها فقد ذهب ولم يعد بعدها.. ولكنه زرع بداخلها الآف الأسئله.

ولكن في ذلك اليوم حمزه تبعه قبل أن يغادر المشفى.

وغاب طويلاً، ثم عاد بعدها ووجهه لا تتفسر ملامحه من التجهم. 

ونظر لها يومها نظرة تحمل الشفقه من ذي قبل ولم تعلم أيضاً لماذا. 

ولكنها لم تهتم وقتها بشيئ، ولم تسأل ولم تتفوه بكلمة واحدة من وقتها وحتي اليوم. 



أما في مكان آخر.. 

أمسك الطبيب حمزه هاتفه ورد على صاحبة الإتصال سريعاً وهو يتبسم:

-أيوه ياأمي.. حاضر ساعه بس وجاي..لأ مش هتأخر.. إديني الولد العفريت اللي بيتكلم جنبك دا. 

أيوه حبيبي إذيك.. أوعي تكون زعلت مامي ولا دايقتها ومسمعتش كلامها، ازعل منك. 

صمت قليلاً يستمع ثم اردف.. شطور حبيب بابي. يلا قول لمامي أول ماتخرج من الحمام.. إن بابي قرب ييجي، ووصلها بوسه علي خدها قولها دي من بابي. 


أنهي مكالمته. وأغلق هاتفه. وعاد للزبونه التي لازالت تقف حائرة لا تعرف أي الأنواع تأخذ. 

فقام بمساعدتها في الإختيار..بين أنواع عصافير الزينه المختلفه، ورشح لها النوع الانسب لها..من حيث السعر، والمواصفات، والألوان التي تهوى النظر إليها. 

فأخذت الزبونه قفص العصافير بعد أن دفعت ثمنه. وغادرت المحل وهي سعيده.

وحتي حمزه أيضاً سعد بإتمام هذه الصفقه الناجحه. 


نعم أصبحت هذه هي مهنته، فقد فتح محلاً لبيع وشراء طيور الزينه، والحيوانات الأليفه.  بعد أن ترك مهنة الطب تماماً. ورفض أن يعمل الا في هذه المهنه..التي بدت له أكثر المهن أمناً وأماناً علي عقله. 

فهو الآن أصبح يتعامل فقط مع الحيوانات والطيور الخرساء..التي لا تتحدث، ولا تكذب، ولا تخدع، أو تخون. 

يتعامل مع من لايتطلب أمر فهمهم أي عناء. والأهم من ذلك..أنه لن يتسائل طوال الوقت.. حول إن كانوا كاذبين أم صادقين مثلما يفعل مع كل من حوله. فثقته بالبشر قد تلاشت تماماً بعد كل ماحدث. 


أغلق المحل أخيراً، وعاد الي بيته الدافئ فهو أصبح لا يجد راحته الا فيه.

وسط من شعر إنهم عائلته. وأصبح هو لهم كل الدنيا. وعوضهم عمن غاب عنهم بسببه. 

وقرر أن يقوم هو بدوره؛ وذلك تعويضاً لهم عن خسارة هو السبب فيها.

ومحاولة منه لتخفيف إحساسه بالذنب، الذي ظل ينخر في روحه طويلاً، حتي شعر إنه سيقضي عليه. 

وصل حمزه الفيلا. وترجل من السياره. وبمجرد أن دلف من البوابه..أتي إليه قاسم مسرعاً. فارتمي في حضنه. وإحتضنه الآخر بشوق حقيقي. وتقدم وهو يحمله برغم كبر جسمه.. الى تلك القابعه علي كرسيها المتحرك..فقبل رأسها بعد أن ألقي عليها تحية، ردتها له بكل سعادة وهي تردف بعدها :

حمداله ع السلامه ياحبيبي نورت بيتك. 


إبتعد عنها وقد تطايرت عيونه حائرة؛تبحث عنها في كل مكان.

 فأشارت له سعاد للأعلي، فعرف أخيراً موقعها. 

فأنزل قاسم وذهب مسرعاً إليها. 

وبمجرد أن فتح باب الغرفه.. إستكان قلبه النابض بشوق؛ وهو يرى سمرائه تجلس أمام المرآه وتمشط شلال الحرير الأسود المتدفق علي متنيها وصولاً لخصرها، ليكمل لوحة حسنها بهاءً. 

ووقفت هي فور أن رأته، وظلت تنظر له في المرآه وإبتسامتها الساحره تزداد   وتزين وجهها؛ كلما إقترب منها أكثر. 


واستمر هو في التقدم رويداً رويداً..الي أن أصبح خلفها تماماً، وقام بإحتضانها، وضمها اليه، وحاوط خصرها بكلتا يديه، ومسد بحنان علي بطنها المرتفع قليلاً. والذي تسكنه قطعة منه،وأردف هامساً  بجانب أذنها:

وحشتتتتيني جداااااً ومبقتش عارف أعمل إيه في إشتياقي ليكي الي بيزيد يوم عن يوم؟

أنهي جملته وهو يديرها نحوه بهدوء؛ كي يري ذلك البريق المتلألئ في عينيها، والذي يحبس أنفاسه حين يتناغم مع إبتسامتها الجميله. فيظل يتأملها بحب يفيض من عينيه. 

نعم فهو قد وقع أسيراً لسمرائه الهادئه. وأصبحت تتغلغل في ثنايا روحه. ولا يستطيع الإستغناء أو الإبتعاد عنها قيد أنمله. 

عوضها بمحبة نابعة من أعماق قلبه عن كل مارأت. وكل مامرت بع وعمن فقدت بسببه. 

علمها أن القلب يستطيع العشق مرة أخري حين يجد من يشاطره الحياة بأدق تفاصيلها. 

وهي علمته أن جمالها النساء يكمن في جمال الروح قبل الوجه، وبياض القلب قبل بياض البشره. 

فأصبحت شمس سعادته لا تشرق إلا من سمار بشرتها. وفرحته لا تنبع الا من بريق عينيها. وراحته العظمي تتحقق وهو يراقب إبتسامتها الدائمه. 

كان يظن في البدايه أنه هو العوض لها عما إقترفت يداه في حقها. 

ولكنه إكتشف مع مرور الوقت.. أنها هي  من كانت عوضاً له وتعويضاً عن وحدته السابقه، وعن أي شيئ سيئ حدث معه طيلة حياته. 

أعمت عيونه عن جميع إناث الكون. وإكتفت منه منه غزلاً بكلمة واحدة..حين يقولها لها تنفرج أسارير قلبها..

 "أنتٍ أنثى بمذاق القهوة". 

فهي تعلم عشقه للقهوة. وتتيقن في كل مره يناديها فيها ب" ياقهوة قلبي"

بأن لها مكانة في قلبه لم ولن يصلها أحد. تماماً مثل مكانة قهوته لديه. 


أما هو فكان يراها بالفعل قهوته، ولم يكذبها القول؛ فهي حقاً هادئة، دافئة، مريحة، منعشه. بقربها تختفي جميع الضوضاء التي برأسه. ويحل محلها فقط الهدوء والسلام. تماماً كقدح من القهوة. 


أخذها وهبطا إلي الأسفل؛ لتناول الغداء سوياً.. وبعد الإنتهاء من وجبة غداء شهيه طبخت بيدها له بكل محبه.. شكرها عليها عشرات المرات، وتغزل في طيب مذاقها عشرات أخرى.. 

خرج الي الحديقة.. التي تخلص من كل الورود التي كانت فيها،

 وقام بزرعها من أول وجديد. 

بورود جديده..زرعها بيديه من أجلها هي فقط. 

فأخذ يتفقدهم بسعادة وهو يراها في كل زهرة فيهم،

 ويري قاسم صغير قلبه في كل برعم يزهر. 

ثم جلس بعد أن إطمئن أن جميع وروده وشتلاته بخير.

 وهم في قراءة جريدة اليوم الموضوعه علي المنضدة..لحين وصول سمرائه، بمجرد أن تعد له قهوة عقله اللعين. 

فتح الصحيفة، وإعتدل في جلسته سريعاً؛ حين وقعت عيناه علي خبر يتصدر العناوين الرئيسيه. 

"مقتل إبن رجل الأعمال الوحيد صاحب شركات الهادي فى ظروف غامضه" . وقيدت الحادثه ضد مجهول. 

فرفع عيناه عن الصحيفه وهو يتأمل عدالة السماء! 

فها هو هادي يختبر ما حكم به علي غيره، ويتلقي القصاص العادل علي كل مافعل..

مع أنه من وسط جرمه قد أسدي للبشرية خدمة جليله؛ بقتله لكريمه..والتي لم يكن يليق بها سوي القتل. 

وخاصة بعد الذي عرفه حمزه مؤخراً.. والذي حرص علي الإحتفاظ به لنفسه. فلا ود تحتمل اكثر. ولا سعاد تقوي علي فاجعة جديدة. 

وقرر أن يترك كل شيئ علي حاله مبهماً. ويترك المياه راكدة كما هي فالبوح بمصائب جديده، لن يزيد النفوس إلا عكاراً، ويقلب أوجاع قد بدأت تستكين. 


وتبسم وهو يلقي الجريدة من يده ويستقبل سمراءه التي أتت له بقهوته وهي تتهادي بخفة، وتتمايل..

فتتمايل معها خصلات شعرها الفَرِحه بفعل نسمات الهواء فيتمايل معها قلبه طرباً.


يتبع..

إلى حين نشر الفصل الجديد للكاتبة ريناد يوسف لا تنسى قراءة روايات و قصص أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية


رواياتنا الحصرية كاملة