-->

رواية جديدة عازف بنيران قلبي لسيلا وليد - الفصل 31 - 1 - الخميس 26/10/202


قراءة رواية جديدة بقلم سيلا وليد

تنشر حصريًا على مدونة رواية و حكاية



رواية عازف بنيران قلبي

 رواية جديدة قيد النشر

من قصص و روايات 

الكاتبة سيلا وليد


الفصل الواحد والثلاثون

الجزء الأول


تم النشر الخميس

26/10/2023



كالذي  ينتظر ذنباً يُغفر...

                          أنتظر مجيئك..

" ألم يخبرك قلبك بأني إشتقت لك !!

تعال وأعد ترتيب النبض ؛؛ الذي بعثره غيابك " 

أتيتك بقلبًا ينتفض عشقًا وشوقًا؛ لأعد ترتيب نبضك ونبضي

ألم تعلمين ان قلب العاشق لايهدأ حتى يبادله محبوبه الوله


❈-❈-❈ 


خرجت ليلى من غرفة الاجتماعات وقلبها ينتفض بشدة، تكاد تأخذ أنفاسها بصعوبة، هي لم تحتاج سوى الأختلاء بنفسها، دلفت سريعا إلى مكتبها وهي تضع يديها على صدرها تحاول أن تلتقط أنفاسها التي شعرت بإنسحابها، انسدلت دمعة بجانب جفنبها إزالتها وهي تضغط على هاتفها بقوة حتى لا تفقد سيطرتها وتقوم الإتصال به..ارتفع صوت شهقاتها حتى وضعت كفيها على فمها ظلا لفترة ثم اتجهت إلى سيارتها  

قبل شهر فلاش باك 

جاء الصباح استيقظت على ألمًا يفتك بها فتحت عيناها تنظر حولها متذكرة أحداث الأمس، وجدت أسما تجلس بجوارها تقرأ بمصحفها ..اتجهت أسما لها بعدما استمعت لتأوهاتها ابتسمت تمسد على خصلاتها 

- صباح الخير حبيبتي، نمتي كويس..اتجهت تنظر بشاشة هاتفها متسائلة 

-الفجر أذن ولا إيه؟!

اجابتها أسما بإبتسامتها الجميلة 

-صبح ، صبح ياعم الحج..الساعة خمسة ونص حبيبتي الفجر إذن من ساعة..اعتدلت تتثاءب وهي تضع كفيها على فمها، ثم توقفت فجأة، بللت حلقها وابتلعت ريقها بصعوبة تتسائل عنه 

-راكان..راكان فين ؟!

وضعت أسما وجنتيها على راحتيها تتأملها بصمت وبؤس مزق روحها، رفعت ليلى رأسها متسائلة 

-فيه إيه ياأسما بتبصي كدا ليه، أنا بسأل عن راكان...قالتها وهي تنزل من فوق مخدعها 

وبعدين إزاي متصحنيش للفجر، كدا تضيعي صلاة الفجر..قالتها وهي تتحرك إتجاه مرحاضها ، قاطعتها أسما 

-راكان مشي امبارح بعد ماحضرتك قلبتي التربيزة عليه، ومش بس كدا وعدني انه مش هيقرب منك وقالي خلي بالك منها 

تحركت عندما شعرت بأن قلبها هوى بين قدميها..اغلقت باب المرحاض خلفها واستندت تبكي وهي تهمس لنفسها 

-ارتحتي كدا، ودا هعرف أعيش من غير مااشوفه إزاي ولا اشم ريحته، ابتلعت غصة مريرة ملئت جوفها بطعم الصدأ، لازم تفوقي ياليلى، متخليش قلبك يجرك، وضعت كفيها على قلبها 

-يارب ريحني من الوجع دا...اتجهت لتقوم بالوضوء متجهة للحي القيوم 

بعد قليل أنهت صلاتها وجلست تذكر ربها وتقرأ وردها إلى أن أشرقت الشمس وقامت بصلاة الضحى ...نعم حبيباتي فصلاة الضحى تعادل ثلاثمائة وستون صدقة عن أعضاء الجسم وهي سنة وليست فريضة 

انتهت ليلى من صلاتها، وجلست بأجندتها كاعادتها تتدون بعض الأشياء التي تشعر بها، 

ثم دونت بعض السطور متنهدة وكأن صورته على صفحات دفترها 

ولا زال الخريف يأخذنا معه في رحلته بين الفصول ..

يتعمد أن يبعثر مشاعرنا .. 

ليخبرنا أن لا شييء يدوم .. 

و أن الأحوال تتغير .. 

و أنه يخبئ في نهاياته أمطارا غزيرة 

يسڪبها على قلوبنا الظمأى ..

ليتنا مثل الخريف ننـفض أوراق مشاعرنا الجافة ..

لننتـظر أن تعود خـضراء في ربيـع ننتظره بـڪل شـغف... مرت الساعات تلو الأخرى إلى أشرقت الشمس، وملأ شعاعها بنور ربها بقطرات فصل الخريف الندية..توقفت تعقد ذراعيها تحتضن نفسها تنظر لتلك المناظر الجميلة مبتسمة وكأن حبيبها يعلم بما تشعر به من حضورها بين تلك الأشجار، ابتسمت وهي تضع كفيها على أحشائها 

-اتمنى ماأشعر به أن يكون حقيقيا وليس حُلمًا، فيارب تجعل لي نطفة في أحشائي لكي اتذوق حنانه الذي حرمت منه..دلفت أسما وجلست بمقابلتها تتفحصها بنظراتها 

-سمعاكي ياليلى، قولي إيه ال وصلكم لطلاق، والحب الكبير دا بينكم

رفعت بصرها إليها تكاد تسمع دقات قلبها من فرط اضطرابها، نظرت بالخارج وقامت بقص كل شيئا لها ابتداءً من خطف والدها إلى أن أتى بها لذاك المنزل 

فغرت شفتيها بعدم تصديق ثم نهضت واقتربت منها تتحدث بعصبية

-ايه الناس دي، وازاي ترمي ودانك للي اسمها عايدة وتوفيق، وبعدين تعالي هنا طنط زينب حذرتك ليه مسمعتيش منها 

وضعت كفيها على وجهها واجهشت بالبكاء

-عارفة اني غلطت، بس ميكنش نتيجة غلطي انه يرميني بالطريقة دي 

ساد صمتًا مختنق بحزن بينهما فربتت أسما على ظهرها متحدثة:

-ليلى راكان معذور، اي حد مكانه كان هيطلقك من وقتها، ماهو ال اتعمل مش سهل عليه 

اتجهت بأنظارها وتحدثت بصوتها المفعم بالبكاء

-ولا سهل عليا يااسما، أنا شوفته بعيوني والحقيرة دي بتقرب منه، تستحملي تشوفي جوزك واحدة تتحسس جسمه يااسما وتقفل في وشك، تتحملي تكون في حضن جوزك طول الليل وهو بيبنيلك قصر في الجنة وفجأة تلاقي القصر دا جدرانه عبارة نار تحرق قلبك 

ابتسمت أسما بسخرية تنظر للخارج 

-لا عيشت أكتر من كدا ياليلى، شوفت جوزي وهو بعلاقة كاملة، أنا اتجردت من ملابسي كلها وتصورت مع راجل، عايزة أكتر من كدا إيه 

تنهدت بألم شديد وكأنها تحارب نصل سكين حاد مغروس في صدرها ثم أردفت بخفوت 

-عارفة حسيت بإيه، حسيت وكأني في قبر وعايزة اصرخ بس صوتي مش طالع لحد..اتجهت بجسدها تطالعها بنظرات حزينة 

-انا عيشت جوا الوجع ياليلى، ونوح واقف متكتف، بس إنتِ جوزك بيحارب وبيتحارب من الكل، راكان بيعشقك ودا مش كلام، دا حقيقة، متخليش شيطانك يلعب بيكي، وحاولي تحافظي على جوزك، وزي ماقولتي هو مكنش قصده انه يقرب منك ولا يدبحك ياليلى، بس قلوبكم اتحكمت فيكم، وراكان مش الشخص الضعيف ال يسمح لقلبه يضعفه كدا 

رفعت كفيها تمسد على خصلاتها بعدما استمعت لتأوهاتها ونحيبها

-انا ضايعة يااسما مبقتش عارفة دا حب ولا لعنة، بيحبني ولا بيلعب بمشاعري لما اتأكد اني بحبه اوي كدا 

اقتربت أسما تجلس على عقبيها أمامها وامسكت كفيها 

-والله بيحبك وكتير كمان، أنا أكتر واحدة عارفة ومتأكدة من كلامي، أنا عشت معاه وجعه، مش هقولك بلاش انت بتحسي بأيه لما بتقربوا من بعض، بس هثبتلك دا لحظة وراجعة 

اطبقت على جفنيها وعبراتها كزخات المطر تغسل وجنتيها إلى أن أتت أسما إليها وقامت بالرنين عليه ثانية مجرد ثانية من رنين الهاتف، رفعه سريعًا

-أيوة ياباشمهندسة ليلى حصلها حاجة..نظرت بعمق لداخل عيناها وأجابته 

-لا ..ليلى كويسة، آسفة اتصلت بدري بس كنت بستأذنك هاخد ليلى عندي البيت تغير جو شوية 

مسح على جبينه وهو جالسًا أمام غرفة العمليات 

-أسما ليلى مش هتطلع من بيتها دا إلا بعد موتي وعشان منتعبش مع بعض وتقولي شعارات، أنا اه دكتاتوري ياستي ومتحكم ودا آخر كلام، واسف مضطر اقفل، خلي بالك منها 

اغلقت الهاتف وهي تطالعها 

-ايه رأيك دا واحد بيتلاعب بالمشاعر، بلاش دا، قاطعتها ليلى قائلة

-صوته باين عليه الحزن والإرهاق ياترى وصلوا لسلين، كنت عايزة تسأليه 

ربتت على كتفها متحدثة

-دا مش تسأليه حبيبتي، دا تروحي وتقابليه وتقوفي جنبه، بلاش تقولي الكرامة وشغل الهبل دا، انتِ ال غلطتي من الأول، ولو باقية عليه لازم تتنازلي شوية..فيه حاجة كمان عايزاكي تشوفيها، بس أشوف مين بيخبط


  

نهضت متجهة إلى طفلها بعدما استمعت إلى بكائه مع مربيته 

-صباح الخير ياميرو..رفع ذراعيه وهو يبكي 

-بابا ..بابا هنا تجمد جسدها للحظات وهو يجذب ثيابها مردفا بين بكائه "بابا" 

اتجهت بنظرها إلى مربيته 

-هو بيعيط من زمان ..حملته بين ذراعيها محاولة تهدئته 

-مالك ياحبيبي..ارتفع بكائه اكثر بصوته ينادي أبيه 

وصلت أسما إليها 

-ليلى طنط زينب تحت، بتقول جاية تشوف أمير وحشها، بس شكلها حزينة أوي 

اتجهت وهي تحمل طفلها متجهة إلى زينب 

-ماما زينب صباح الخير!! ..ليه تعبتي نفسك كنتِ عرفيني وأنا اجيبه لحضرتك 

تلقت الطفل وجلست والحزن يتعمق على وجهها 

-يعني أهمك ياليلى، لو أنا مهمة عندك مكنتيش مشيتي وسبتيني في الظروف دي، وأنا هموت على سيلين..ربتت ليلى على ظهرها 

-والله ياماما راكان محذرني من الخروج، وحضرتك عارفة هو مضغوط بسبب موضوع سيلين محبتش اضغط عليه بأمير كمان 

هزت رأسها وهي تتسائل هو بيعيط ليه كدا

اهتزت شفتيها وللحظة شعرت بأن لسانها غير قادر على اجابتها ثم رفعت نظرها لأسما واجابتها:

-بيسأل على راكان عايزه..قالتها وهي تهرب بنظراتها منها 

ضمته زينب بكل شوق زرع في قلوب الأمهات المكلومين على فلزات أكبادهم..ودمغته بقبلة مطولة وانزلقت عبراتها وهي تتلمس خصلاته 

-ياحبيبي يابني اتحرمت من ابهاتك الأتنين واحد مدفون تحت التراب والتاني عايش فوقه زي اللي تحته بالظبط ..قالتها وهي تطالع ليلى بأنظارها الحزينة..قاطعهما دلوف نوح 

-صباح الخير..عاملة ايه ياماما زينب 

-صباح الخير ياحبيبي..إيه خير جاي ليه على الصبح كدا 

وقف صامتا للحظات ينظر إلى ليلى، يشعر بأنياب حادة تنهش قلبه فتحدث بهدوء

-روحت القصر فنعيمة قالت راحت تشوف أمير، عرفت انك هنا..هبت ليلى فزعة من مكانها ودقاتها بالأرتفاع وشعور جسدها بالدوران وكأنها ستفقد وعيها متسائلة بلسان ثقيل 

-راكان حصله حاجة ولا ايه، بس إزاي 

برقت زينب عيناها متجهة بنظرها سريعا إليه 

اردفت بتقطع عندما وجدت صمته وشحوب ملامحه

-اب.ني ..را..كان، اقتربت ليلى وجسدها ينتفض بقوة وروحها كادت أن تفارقها حينما رسم عقلها سيناريو مفزع ومؤلم لقلبها، فامسكت نوح الصامت 

-جو..زي فين يانوح؟!

ابتلع ريقه وهو ينظر إلى زينب 

-راكان كويس بس سيلين اتصابت بطلق ناري وهي في المستشفى..ضربت زينب على صدرها وهي تصرخ 

-بنتي، ياحبيبتي يابنتي..أنزلت أمير من احضانها وبدأت تبكي ممسكة بيد نوح 

-قولي إنها عايشة يانوح، قولي إنك مش مخبي عني حاجة..وديني لبنتي يانوح

استنى يانوح هلبس واجي معاكم بسرعة 

صرخت زينب التي وصلت لباب المنزل نوح 

أشار لأسما التي تقف متجمدة تبتعد بنظراتها عنها، فأردف

-أنا لازم أمشي وانتِ تعالي مع أسما، قالها وتحرك للخارج..أسرعت لغرفتها وقلبها ينفطر 

-ياترى راكان عامل ايه دلوقتي..اقتربت أسما وتوقفت أمامها 

-قبل ماتقابلي راكان، ولو مقتنعتيش بكلامي، شوفي الفيديوهات دي، طبعا انتِ عارفة نوح حاطت كاميرات في المزرعة، ومكنش قصدي اشوفهم، بس شوفتهم صدفة وافتكرت حاجة حبيت ابرئ نفسي منها، يمكن تثقي في جوزك شوية..أنا هروح ألبس 

جلست ليلى على مخدعها تنظر لذاك الفيديو الذي ظهر به راكان وهو يوم زفافها على سليم، 

وهو يضرب نوح عندما اردف له

-اووه حضرة المستشار قاعد بيشرب هنا، وحبيبته في حضن اخوه، اقترب نوح يطالعه، ياترى عارف اخوك بيعمل ايه في حبيبتك..هجم عليه راكان وبدأ يلكمه بكل قوة ويركله حتى اقترب حمزة للفكاك بينهما..انسدلت عبراتها وهي تتحسس وجهه والألم يعصف به..فيديو آخر 

-عايز تعرف ايه يانوح 

-اه بحبها، ومش بحبها بس بعشقها، تقول اني واطي ان خنتك وخبيت عليك قول، عايز تعرف ان بقالي سنة وانا بقفل في وشها كل الشركات علشان توصل لعندي، علشان بس اشبع من النظر فيها، اقترب نوح قائلا 

-ليلى مش زي البنات ال تعرفها، ماتخلنيش ازعل منك 

-ومين قالك ان ليلى كدا، أنا بحبها يانوح، وناوي اخطبها لا مش هخطبها هنتجوز، بس لازم اتأكد من مشاعرها الأول، مش عايز وجع لقلبي تاني، المرة دي صدقني هتكون بموتي 

اهتز جسدها بالكامل وهي ترى فيديوهات كثيرة له عن حبه لها، شعرت بنبضها يحترق المًا، ونيران بداخل صدرها تمنت لو انه أمامها الآن حقًا مظهرها أصبح مبعثرًا ونظراتها ضائعة وشفتيها ترتجف هامسة بإسمه 

-"راكان" آسفة حبيبي..  

بعد فترة قليلة وصلوا إلى المشفى، كانت تبحث عنه بقلبها قبل عينيها، قابلهم حمزة على باب المشفى 

-هي كويسة مفيش قلق، الحمدلله الرصاصة مش في مكان خطر 

هزت ليلى رأسها تتسائل عنه 

-فين راكان ياحمزة؟! قالتها وقلبها ينتفض اشتياقًا لضمه..أشار بسبابته 

-قاعد جنب ماما زينب هناك أهو...أسرعت بخطى متعثرة وعينيها لم تفارق وجوده الطاغي لقلبها وصلت وهي تستمع لصوت زينب ولكنها كالصم البكم وهي تراه بتلك الهيئة 

نظرت إلى زينب 

-الحمد لله يابني، الحمدلله، يارب اني استودعتك ابنتي، ظلت ترددها وهي تجلس بقلب ام انتزع قلبها على فلذة كبدها إلى أن وصل إليها يونس الذي كان يقف أمام غرفة العمليات

-ان شاءالله هتقوم بخير، مستحيل ربنا ياذيني فيها لا مستحيل ظل يرددها وهو يذهب إيابا وذهابا أمامهم   

...أما راكان الذي جلس بكتفين متهدلين وقلبًا يأن وجعًا وكأنه فقد أخيه اليوم..وقفت تتأمل شحوب وجهه بأعين دامعة ولم تشعر بنفسها وهي تتحرك بإتجاهه تجلس على عقبيها أمامه تحتضن كفيه التي بها أثار الدماء 

-"راكان" أردفت بها بصوتها الهامس، رفع عيناه 

لامست وجنتيه وملامحه المتوجعه التي ظهرت على وجهه جعلها تأن المُا 

❈-❈-❈ 


انزل كفيها بهدوء وانكمشت ملامحه مع نظرات متهكمة مردفًا 

-ياترى جاية تشمتي فيّا ولا كنتِ مستنية اموت وتفرحي ...قالها بنبرة قوية يشوبها قسوة رغم مايشعر مابه من حزن والمًا على أخته.. نصب عوده ناهضا اتجاه والدته التي استمع لبكائها بأحضان والده بعدما اتجهت إليه 

وقفت ليلى محاولة السيطرة على نفسها، فأخذت عدة أنفاس علها تهدأ من دقات قلبها العنيفة، جلست مكانه ونظراتها تحاوطه، وهو يضم والدته، جففت عبراتها ..اتجه نوح يجلس بجوارها مع أسما 

-ليلى راكان محتاجك أوي، متسمعيش كلامه، أنا معرفش ايه اللي حصل بينكم وأنا زي ماقولتلك معاكي في أي حاجة، بس مش الوقت دا حبيبتي، هيكون عيب في حقك، أخته اخدت الرصاصة مكانه فاحساسه بالذنب هيموته 

نهضت وهي تتوجه بحديثها إلى نوح 

-مش مستنية منك دا يانوح والله، أنا مش هسيبه الوقت دا ولا غيره مهما يعمل..نهض يقف بمحاذتها 

-ليه راكان طلقك ياليلى رغم الحب اللي بينكم؟!

ظلت للحظات صامتة ولم تجيبه، ثم تنهدت قائلة 

-عقاب لينا احنا الاتنين، أنا غلطت كتير وهو غلط أكتر فبناعقب بعض دا اللي أقدر اقوله ..قالتها وتحركت خلفه بعدما وجدته يدلف للمرحاض بعد خروج الطبيب من غرفة العمليات وحديثه الذي هدأ من روعهم 

دلفت للداخل وهي تراه يضع رأسه تحت صنبور المياه، وكأنه يريد برودة جسده، اتجهت تقف خلفه، شعر بها نظر للمرآة وجدها تقف بعينين ضائعتين طمس بريقها من الحزن، كور قبضته عندما شعر بعدم سيطرته على نفسه حينما فقد قدرته على التحكم ودّ لو يلقي نفسه بأحضانها 

-را..كان...قالتها بتقطع ونبرة يشوبها التوسل..استدار إليها سريعا 

-عايزة ايه جاية للحقير ليه..أشار على نفسه واردف بصوتًا متألم حزينًا

-انا واحد حقير بجري ورا غريزتي، مش دا كلامك يامدام..اقترب منها وعيناه ترمقها بنظرات نارية وهي تتراجع للخلف مردفًا  

-نزعتك من حياة الحقير المقرف دا عشان متربطيش نفسك بواحد قذر بيجري ورا غريزته، واحد كل همه السرير يامدام ..دنى يهمس بجوار اذنها 

-رميتك برة حياتي عشان تفضلي ليلى النضيفة بعيد عن راكان القذر ..أشار بكفيه للخارج 

-القذر اللي بتقولي عليه لولا سيلين كان زمانكوا دافنينه تحت التراب لولا سيلين، موتيها لما تفوق، قوليلها ليه انقذتي الحقير دا 

هزت رأسها ودموعها تسيح بغزارة على وجهها من اتهاماته التي أصبحت كالسهام تخترق صدرها، فلم تتحمل ذاك واقتربت تلقي نفسها بأحضانه وتجهش بالبكاء بشهقات مرتفعة

-بعد الشر عليك، يارب أنا ولا إنت..متقولش كدا لو سمحت...رجفة قوية اجتاحت جسده حتى تجمد من فعلتها وحديثها الذي بعث قشعريرة قوية سرت بعموده الفقري إلى سائر جسده بعدما استمع إلى صوتها الحزين وهي تعتصر نفسها بأحضانه

-راكان مقدرش أعيش من غيرك، إنت حبيب قلبي وحياتي كلها..سحب نفسا قويا حتى يسيطر على نفسه من قوة المشاعر التي اجتاحت جسده، ظل للحظات متجمد لا يبادلها أحضانها رغم تمنيه اذابة عظامها وفرم لحمها بين ذراعيه، ولكن كفى لما صار بينهما 


حرب دامية اجتاحت قلبه حتى شعر به كأنه فوهة بركانية فتراجع للخلف حتى تبتعد عن أحضانه 

-حرام يامدام اللي بتعمليه إيه نسيتي إنك طلقتي زيك زي اللي قبلك، وأنا اللي بطلقها برميها ورايا ومبصش عليها تاني 

نزلت كلماته على قلبها كالطلقات النارية التي اخترقت قلبها دون رحمة رغم كلماته التي مزقتها إلى أشلاء إلا أنها حاوطت عنقه وتعمقت بعيناه التي يهرب بها 

-لا ما حبيبي هيرجعني تاني لعصمته، دا لو مرجعنيش مش كدا ولا إيه..مش إنت رجعتني ياراكان 

انزل ذراعيها وتهكم مبتسمًا بسخرية 

-شكل الباشمهندسة مسمعتش كويس انا اللي بطلقها او بمعنى أصح برميها برة حياتي مش برجعلها تاني، واه مش مشكلتي أن أحلامك كبيرة 

أصابها بخنجر غرزه دون رحمة في جدار كبريائها..ابتلعت اهانته وشعورها بإنسحاب أنفاسها وشحوب وجهها بالكامل، تراجعت للخلف مستديرة المغادرة ولكنه اوقفها 

-مدام ليلى شكرا لاهتمام حضرتك مالوش داعي وجودك في المستشفى ممكن تمشي تروحي لابنك ماينفعش تسبيه لوحده 

اجابته بصوتها المكتوم بالبكاء وهي تواليه ظهرها 

-هطمن على سيلين وأمشي، آسفة لو هضايق حضرتك لكن متخافش هقعد بعيد عن حضرتك

قالتها وتحركت سريعا ودموعها تفترش خطوايها المبعثرة حتى وصلت إلى غرفة، فتحتها ودلفت سريعا تقف خلف الباب، تنزل بجسدها وصوت بكائها يرتفع مما جعلها تضع كفيها تمنع شهقاتها..جلست لفترة تعيد سيطرتها على نفسها ثم خرجت متجهة للمرحاض تغسل وجهها وتزيل دموعها العالقة بعينيها..تنهدت تجمع شتاتها المبعثرة، متيأسيش ياليلى كنتِ عارفة انه هيكون دا رده، فترة وقفت تسترد نفسها ثم خرجت محاولة السيطرة على حزنها..قابلتها درة بجوار حمزة 

ضمتها لأحضانها 

-وحشتيني اوي حبيبتي عاملة ايه؟!

اجابتها ليلى برسم إبتسامة على شفتيها 

-الحمد لله..بابا وماما عاملين ايه، بفكر اجي اقعد يومين قبل ماانزل الشغل ..قالتها وهي متجهة لجلوس الجميع ..استمعت لصرخات يونس وهو يقوم بتوبيخ والده 

-مش عايزهم هنا، حقي واللي مش عاجبه يخبط دماغه..اقترب حمزة منه يدفعه بعيدا عن والده وعايدة وفريال

-يونس اهدى، دا لا وقت ولا مكان لل بتعمله 

اتجه بنظره لحمزة جاحظًا عيناه يشير عليهم 

-دول يقتلوا القتيل ويمشوا في جنازته، معرفش هما عاملين ايه، بس اللي متأكد منه انهم خربوا حياتي كلها ياحمزة، دمروني ودمروا البنت اللي بحبها 

❈-❈-❈ 


ربت حمزة على ظهره 

-بعدين ياحمزة، نتكلم بعدين مش دا وقته، إحنا عايزين نطمن على سيلين اهم حاجة 

اتجهت ليلى تجلس بعيدا عن زينب التي يضمها راكان لأحضانه مطبقًا على جفنيه، ورغم مافعله وقاله إلا أن حالته ادمت قلبها 


نهضت  زينب تنظر إليه

-ممكن تدخلني اطمن على اختك، مش قادرة يابني عايزة اشوفها، توقف وهو يضمها من أكتافها متجهًا لغرفة العناية، دلفت زينب بجسد مرتعش وكأن الذي أمامها ابنها الفقيد 

-ياحبيبي يابني، ياحبيبي..انزلقت عبراتها المتلألئة على وجنتيها تزيلها بكفيها وهي تقترب من فراش ابنتها تهمس باسم سليم 

كتم صرخاته وهو يكور كفيه بعدما استمع لهمسها الذي أدمى قلبه، فاتجه إليها يمسك كفيها ويحتويها

-ماما حبيبتي دي سيلين مش سليم عشان خاطري بلاش توجعي قلبي أكتر ماهو موجوع 

هزت رأسها رافضة مانطقه 

-اطلع برة ياراكان سبني مع ابني شوية..تجمد جسده وشعر بإنسحاب أنفاسه، فانعقد لسانه وتوقف الكلام بحلقه ..دفعته للخارج وهي تصرخ 

-أمشي ولادي بيموتوا بسببك أمشي من وشي مش مسمحاك على عملته حتى مااستكترت فيا حفيدي، أمشي ياحضرة المستشار روح شوف ابن اخوك صاحي من النوم ومفيش على لسانه غير بابا..هزت رأسها ارتفعت شهقاتها 

-ربنا يسامحك يابني على عملته فينا 

آه خفيضة خرجت من اعماقه لتحرر مدى آلامه المحفورة بقلبه، ثم استدار متجهًا للخارج بخطوايه الذي يجزم من يراه انه يتحرك على بلور يشحذ قدميه دون رحمة..وصل حيث جلوسها يجذبها بعنف من ذراعيها وسط الحضور 

-تعالي معايا، تحركت معه دون مقاومة حتى وصل إلى غرفة ودفعها بقوة داخلها ثم حجزها بين ذراعيه يحرقها بنظراته 

-إنتِ قايلة لماما ايه، إيه موضوع أمير وأنه عايزني دي، بترسمي على ايه قولي 

بأعين زائغة غير مستوعبة حديثه، ارتجفت شفتيها وتسائلت

-تقصد إيه من كلامك دا؟! 

طحن ضروسه ضاغطا على كل كلمة تخرج من فمه بقسوة قائلا

-أنا مش هرجعك تاني لحياتي ياليلى، وبلاش تضغطي على ماما بأمير، انتِ قتلتيني مرة مش مسموحلك تقتليني تاني، أنا تعبت من سلبيتك في حبي ليكي كل شوية شك تعبت 

انا حياتي متعرفيش عنها حاجة عشان تحكمي عليا، رغم اللي عملتيه وجوازك من سليم جيتلك وفتحتلك قلبي، انتِ عملتي ايه، ولا حاجة روحتي ودوستي على قلبي ورجولتي بكل جبروت واتفقتي مع ناس يدمروني لولا أدخلت في الوقت المناسب كنت زماني بقيت اضحوكة 

ابتلعت ريقها الجاف بصعوبة تحاول الحديث لكنها فقدت النطق من شرارة نظراته وكلماته النارية ..ضغطت على نفسها ورفعت كفيها تحتضن ذراعيه 

-مش أنا اللي رفعت القضية، وحياة ربنا ماانا، أنا اتجبرت على الامضا دي 

دفعها بقوة وابتعد عنها 

-مش مهم المهم النتيجة واحدة اتكسرت وخلاص، كسرتيني، عارفة يعني ايه تكسري جوزك وتحطي  السيف على رقبته، مفكرتيش شكلي هيكون إزاي وسط صحابي 

دنت منه ودموعها تنسدل على وجنتيها

-كنت هقولك والله بس سبقوني..أشار بسبابته 

-اخرصي، دلوقتي انا عايز اتعالج من قلبي اللي خلاني انسان كاره نفسي بسببه، سبيني اتعالج لو سمحتِ 

اتجه بأنظارًا متألمة وحاوط ذراعيها 

-عارف انا ساعات بقسى عليكي كتير، وعارف ردود فعلك بتحاولي تحافظي على كرامتك، بس أنا بضعف قدامك، مش هنكر وأقولك أنا بكرهك وعايز انتقم منك ورميتك زي غيرك 

أنا قولتلك كدا من قهرتي، هتصدقي اني قولتلك كدا عشان اقنع نفسي بكرهك، بس لا ياليلى مقدرتش اكرهك ولا قدرت انتقم منك 

لامس وجنتيه باصبعه 

-احنا وجعنا بعض مافيه الكفاية، مش هقولك انتِ لوحدك غلطانة للأسف أنا كمان غلطت، لازم ارجع نفسي ال ضعيتها، وانتِ كمان، لازم تعالجي نفسك زي ماقولتيلي، يمكن نرجع نقدر نكمل مع بعض 

أنزلت ذراعيه وهي تهز رأسها 

-حاضر ياراكان، هبعد عنك، أنا كمان لازم اداوي قلبي من كتر الضغوط والوجع الل شفتهم معاك 

استدارت للتحرك، أمسك كفيها مردفًا 

-هكون قريب منك وقت ماتعوزيني هتلاقيني..تحركت وهي تمسح دموعها متحركة حتى تفتح الباب ..جذبها من كفيها يوقفها أمامه، رفعت اهدابها المنطفئتين وأردفت: 

- راكان أنا تعبانة، وضايعة عايزة الل يقويني، أنا آسفة حقيقي آسفة، عارفة اني وجعتك وتعبتك قوي، سامحني 

شهقاتها اخترقت جدار روحه تطعنه بخناجر مسمومة وللحظة أحس بأن الأرض  تميد به وأصبح قاب قوسين او أدنى من فقدان وعيه أمام بكائها  وشعوره بضعف الدنيا يحتل كيانه ورغبة بآختطافها وسحق كرامته بعيدا عن قلبه 

-صدقيني كدا أحسن لكل واحد فينا، علاقتنا ماخدناش منها إلا الوجع، وشوفتي انتِ قولتي ايه امبارح هفضل في عيونك زي مارسمتي مهما عملت 

تحركت تخرج بخيبة أمل تلوم نفسها على ماوصلت إليه ..أما هو ظل بمكانه يود لو يصرخ من أعماقه ويجذبها لأحضانه، جلس لبعض الدقائق حتى استعاد شتات نفسه وتحرك للخارج 

جذبه نوح من ذراعيه، يجاهد في إخفاء غضبه منه..خرجا إلى حديقة المشفى جلس وأشار إليه بالجلوس 

-وعدتك قبل كدا من يوم ماقولت بتحبها، قولتلك هكون معاك، ولكن لو اذيتها هقفلك ياراكان..إيه ال حصل وصلكم لكدا 

مسح على وجهه بغضب فالنقاش حاليا سيصل إلى خسارة بعضهما البعض..أشعل تبغه وهو ينظر للبعيد 

-مشكلة بيني وبين مراتي مالكش دخل فيها..

تنهد نوح وحاول سحب نفسًا طويلا يزفره بهدوء حتى لا يغضب عليه 

-مرات مين يلاَ، انت من كام يوم قولت طلقتها، جاي دلوقتي بتقولي مراتي

نفث دخان تبغه بوجهه وهو يرمقه بنظرات غير مفهومة وتحدث

-طول مااحنا في شهور العدة هي مراتي، اطلع منها انت 

استدار إليه 

-راكان لو سمحت، ليلى مش زي البنات اللي انت اتجوزتهم قبل كدا 

توقف راكان وولاه ظهره قائلا 

-ماتدخلش بينا، ملكش دعوة بينا، واسمها الباشمهندسة مش ليلى، ليلى دي مراتي يعني اقربلي منك 

-رااااكان، صرخ بها نوح 

-دلوقتي ابعت ورقة طلاق ليلى، وإياك تقرب منها 

التوت زاوية فمه بإبتسامة باهتة 

-لم نفسك يلا وشوفلك جثة العب معاها بشوية التجميل بتوعك وأبعد عني وعن مراتي عشان متندمش

اقترب نوح بعدما فقد سيطرته وامسكه من تلابيبه

-انت طلقتها ياراكان ابعد عنها، سبها تعيش، ليلى من يوم ماقابلتك وحياتها ادمرت،  لو سمحت وحياة صداقتنا لتسبها في حالها 

فجأة احس بإنقباض شديد في قلبه يكاد يمزقه من الألم فرفع رأسه مضيقًا عينيه

-بتتكلم جد يانوح، انت عايزني ابعت لليلى ورقة طلاقها 

لكزه نوح بقوة في صدره: 

-راكان متبقاش غامض معايا، قولي إيه مشكلتك بالضبط، ماشي بمثل لا بحبه ولا قادر على بعده، ليلى دي اختي وأنا مرضاش اشوفك بتبهدل فيها واسكت، قولي آخرة اللي بتعمله ايه، الحب مش بالكلام، واكيد عرفت أنا عملت إيه عشان أسما 

-أنا معملتش حاجة يانوح، ولا اي حاجة عشان حبي، بس برضو هسبها كدا متعلقة لاهي مطلقة ولا متجوزة..أشار بسبابته قائلا: 

-عشان تعرف مش كل ال تلعب معهم، أنا راكان البنداري مش حتة بنت تدوس عليا ..أشار على نفسه يضرب على صدره 

-على آخر الزمن حتة بنت ترفع عليا قضية طلاق، وكل شوية طلقني، طلقني مش متحملة اكون مراتك 

دنى منه يغرز عيناه بعينيه مردفا

-بنت خالتك بتقولي أنا مستحيل اجيب منك ولاد، علشان ميعتبهاش على أبوهم ياحضرة الدكتور، كرهت نفسها لأنها ارتبطت بواحد زي 

رفع سبابته قائلا 

-متقربش مني يانوح علشان ماوجعكش، 

-خلاص ياراكان طلقها طلقة بائنة وكل واحد يروح لحاله خليها تأسس حياتها مع حد تاني، يعرف يلملم جروحها، بدل انت موجوع منها أوي كدا 

قبضة بكفيه على عنقه وهو يدفعه بقوة على الجدار حتى كادت أنفاسه تخرج، عندما تغير وجهه للشحوب، وأصبح كشحوب الموتى 

لولا حمزة الذي وصل بالوقت المناسب يدفع راكان بعيدا عن نوح ، ورغم قوة حمزة إلا ان غضب راكان فاق الحدود وهو يجز على على أسنانه متحدثًا بصوت كالفحيح :

-دا إن شاءالله  في قبرها، لما تدفنها كدا يبقى خليها تبني حياة الآخرة ياحيوان

دفعه حمزة بكل قوة حتى صفعه على وجهه ليفيق من حالة غضبه الأعمى اتجاه صديقه 

بدأ يسعل نوح ليلتقط أنفاسه بصعوبه، حتى شعر بالأختناق، ساعده حمزة في الجلوس، يربت على ظهره ل استعاد أنفاسه وجلس يطالع راكان المتجمد يرمقه بنظرات نارية قائلا: 

-متقربش مني تاني عشان مدفنكش عايش، مراتي خط أحمر حتى عليكوا، محدش يقولي أعمل ايه، انا قولت عايزة تربية يبقى لازم اربيها، لازم تتربى عشان متغلطش تاني   

قالها وتحرك بخطوات تأكل الأرض كالذي يتربص بعدوه وصل إليها وجدها تجلس بجوار سيلين التي استيقظت للتو، ابتسمت سيلين عندما رأته، احتضن وجهها 

-حبيبة قلبي حمدالله على السلامة، كدا تخوفيني عليكي..قبلت كفيه 

-فداك ياحبيبي، فاكر قولتلي ايه بعد العملية زمان ..افديكي بروحي ياسيلي مش بكليتي، كنت مستخسر فيا حتة رصاصة يتيمة 

طبع قبلة مطولة على جبينها متحدثا:

-ولو طلبتي روحي مش هتأخر، قاطعهم دلوف يونس، بخطوات متعثرة وعينيه تعانق عينيها، سحب راكان ليلى من كفيها 

-تعالي عايزك، خلي يونس مع سيلين شوية 

خرج للخارج وجلس أمام الغرفة يشير بعينيه إليها

- كلمتين حطيهم حلقة في ودنك..سحب نفسا ثم زفره متجها بنظره إليها ثم رفع نظره إلى عايدة التي تطالعهم بترقب فتحدث مبتسما وهو يطالعها:

-ابعدي نوح عني، بلاش يخليني أفقد اعصابي، عايزة تعيشي حياتك اعملي تنازل عن الولد..نزل ببصره إليها يدقق النظر بعيناها 

-ورقة طلاقك هتوصلك، ووقت ماتفكري مجرد تفكير بس انك تتجوزي صدقيني مش هرحمك وهدوس عليكي واخد الولد حتى لو موتي قدامي، ودلوقتي روحي لابنك 

ضحكت ضحكة مستهزئة

-مستر راكان، متتعبش عقلك بيا، وقت ماأحب أمشي همشي، بلاش تعمل واصي عليا، ودلوقتي أنا ال بقولك ابعد عن حياتي وملكش دعوة بيا


❈-❈-❈ 


قالتها ونهضت متحركة اتجاه نوح الذي دلف بجوار حمزة 

-نوح أنا هاخد أسما ونمشي، اطمنت على سيلين، دلوقتي مالوش داعي القعدة 

اتجه بنظره إلى راكان الذي يصوب نظراته اليهما..

-هي فين أسما؟!..أشارت للخارج 

-برة مع درة، لازم امشي علشان أمير..اتجه بنظره إلى راكان مرة اخرى، فبسط يديه إلى ليلى 

-تعالي ياله، عشان أوصلكو، وكمان اشوف أمير 

استدارت تنظر إلى راكان، ثم احتضنت كفيه وتحركت معه للخارج، توقف سريعا، ولكن حمزة توقف أمامه 

-بتغلط ياصاحبي الل بتعمله غلط، نوح عنده حق، انت مش عارف بتعمل ايه ياراكان، اتغلب على غضبك شوية، بص حواليك شوف بيبصوا عليك إزاي 

ضغط على قبضته يحاول التمسك بكل قوة حتى لا يخرج يدمر فك نوح المبتسم له، ثم جلس يضغط على نفسه وهو يهمس 

-وحياة امك يانوح لاموتك، بتغظني وبدوس عليا ماشي 

أطلق حمزة ضحكة خافتة 

-ماتتهد ياعم الحبيب، هو انت مريض، طلقتها ومش عايز حد يقرب منها، دنى يهمس بإذنه 

-اقطع دراعي من لغلوغه لو كنت طلقتها فعلا

رمقه راكان باحتقار قائلا 

-دراعي ولغلغوه ليه دراعك بيتكلم 

رفع حمزة حاجبه بسخرية وأجابه 

-سايب المهم وماسك في المقشة، انت مطلقتش ليلى صح يلاَ، أنا مش مختوم على قفايا ياكنج، وافهمها وهي طايرة، ماهو مش معقول بعد مطحنة العشق اللي بتفكرني بمبارة خنزير ضرب خنزير وبعد كدا تطلقها بسهولة كدا 

رجع برأسه على الجدار مغمض الجفنين وهو يتحدث بصوتًا متألم 

-سبني ياحمزة عندي مشاكل بالكوم، آخرهم ليلى..قطب حمزة مابين جبينهم 

-فيه حاجة حصلت ولا إيه؟! 

-فرح..قالها راكان وهو مازال على وضعه 

-فرح راجعة بولد وبتقولي ابن سليم، والولد فعلا ابنه، أنا عملت التحليل بنفسي 

شهقة خرجت من حمزة متسائلا 

-وبعدين ناوي تعمل ايه ..فتح عيناه ثم هز كتفه 

-معرفش سليم كاتب كل حاجة لليلى، ودا وراه سر مخوفني، إزاي سليم يغامر بحاجة زي كدا، هو كان عارف انه هيموت ولا ايه، لا وموضوع حضانة أمير دا ورا لغز، ليه ربطنا ببعضنا 

قاطعه حمزة

-طيب إنت عارف الحاجات دي من زمان ليه خايف وشاكك من ايه دلوقتي !! 

مسح على وجهه ينفخ بكفيه قائلًا:

-الأول مكنش فيه ولد تاني، دلوقتي فيه حاجات مريبة بتحصل، ودا خطر على حياة أمير وليلى

-اووووه، أنا كدا فهمت عشان كدا طلقتها وبعدتها عن البيت مش كدا 

اتجه ينظر إليه بضياع 

-ياريت كدا بس، بقسى علينا بطريقة توجع، إحنا الاتنين بنشيل اغلاط غيرنا، ليلى حواليها تعابين وهي غبية، عايدة بترتب لحاجة نفسي ادخل جوا دماغها، وانت شوفت أهو توفيق باشا شلله مش في صالحنا ابدا، كنت عايز اوصل مين ال بيحاول يقتلني، مين ال قتل سليم، هتجنن وانا بربط بين الشربيني والنمساوي، وجواد الألفي بيقولي بيلعبوا بجدك، يعني جدي فيه حاجات كتير خرجت من وراه، انت تعرف أنا حاسس بأيه، حاسس بالعجز والوجع وانا طول الفترة دي بعامله كأنه مجرم حرب، واتضحلي انه ضحية من غير مايعرف، لعبوا بيه كويس، واخرتها أهو لا كلام ولا حركة، والدكتور بيقول حالته مفهاش تقدم وممكن يموت 

لم تظهر تعابير على وجه حمزة وهو يحاول التفكير بمعضلته  قائلا 

-نورسين..دلوقتي حلك الوحيد دا اللي بتفكر فيه مش كدا 

ابتسم بسخرية قائلًا 

-تعرف الغبية حطتلي جهاز تصنت في تليفوني، شوفت وصل بيهم الحال لفين، والله يابني دول مجرمين، عايزين يخرجوا ابن التيت من السجن عشان شحنة الأسلحة، بيحمدوا ربهم بعد ماجواد استقال، اغبية ميعرفوش انه بيدكنلهم..نظر إليه حمزة 

-طيب ليه جواد يغامر بحاجة زي كدا معاك

اجابه وهو يزفر بغضب 

-عشان ميوصلوش للورق دا، غير انهم فاقدين الثقة فيه  

-دا كله عشان الورق ..تسائل بها حمزة 

اعتدل بجلسته يميل بجسده مستندا على مرفقيه ينظر إليه 

-الورق مش مجرد قضية عادية، إحنا بس مستنين الأشخاص اللي برة عشان يرجعوا مطمنين، وبعد كدا نعرضه للنائب العام تعرف مين على رأس الورق دا ..اقترب يهمس له حتى جحظت أعين حمزة قائلًا

-بتهزر، الراجل ال كل كلامه مواعظ وعبر، يطلع بالقذارة دي، غسيل ومخدرات ..ابتسم راكان ساخرا 

-ودعارة وحياتك، وتجارة اعضاء، دول شبكة قذرة، اصبر بس وهيوقعوا كلهم، المهم دلوقتي نورسين مفكرة مطلق ليلى عشان هتجوزها، أنا عايز الفكرة دي تكون مترسخة عندهم، فيه حاجة لازم اعملها، ودي مش هتتعمل الا لما تتأكد بعدي عن ليلى فعلا بس طبعا فرح ال نطتلي زي عفريت العلبة دي وقفت عقلي، وخلتني افكر في حاجات تانية..اتجه بنظره إليه 

-نور فاكره، دا بيخطط مع عايدة على ايه، بشوفه عندهم معظم الوقت، طيب لو بيحب سارة زي ماهو عايز يفهمني، ليه اللعبة الحقيرة دي، طيب لو عايز فرح ..ازاي بعد مابقى عندها ولد..فيه ريحة مش عجباني 

-الحقير دا رجع إمتى من السفر، هو مكنش اترفض من الجامعة..ربت راكان على كفيه 

-وحياة ابوك متتجنش، كفاية عليا نوح، هو بعيد عن خطيبتك، وأنا مراقبه متخافش، بلاش تخليني اندم اني قولتلك 

بالداخل عند سيلين نهضت زينب 

-هروح اصلي العصر حبيبتي، ثم اتجهت إلى يونس 

-خلي بالك منها يادكتور..اقترب يونس وجلس بجوارها 

-عاملة ايه حبيبتي؟! اطبقت على جفنيها متألمة 

-إزاي تتجوزني من غير ماترجعلي، إيه مفكرني هرضى بالأمر الواقع 

-دلوقتي انا مش هتكلم كتير، خفي وبعدين نتكلم ..

-مفيش كلام يتقال بعد ال شفته منك يايونس

ودلوقتي طلقني لو راجل محترم يادكتور، الجواز كان من ورايا، ودلوقتي بطلب الطلاق 

هب فزعًا يحاوطها بذراعيه

-بت اوعي تفكري عشان تعبانة هعديلك كلامك لمي الدور، أنا قولتلك قبل كدا يابنت عمي، موتيني وبعد كدا عيشي بعيد عني، وبما انك عرفتي اني جوزك، شيدي حيلك عشان بعد ماتكملي شفاءك، هنعمل الفرح، وضع اصبعه على شفتيها عندما أتت للحديث فاقترب يهمس أمام شفتيها 

-وحياة سيلين عندي لأتجوزك حتى لو غصب عنك، ومهما تقولي مش هسمع، أنا مش محترم، ولا راجل ارتاحي ومتفكريش غير في حاجة واحدة بس؛ إزاي هتبسطي جوزك ال حرمتيه منك سنتين كاملين وانت بتموتي فيه 

لامس وجنتيها وهو يحاوطها بنظراته الهائمة وأكمل 

-فكري هتسمي عيالنا ايه، مش كلام غبي زيك 

-هطلقني يايونس، حتى لو غصب عنك 

قهقه ودنى من شفتيها يلمسها بهدوء

-عادي ياحبي نموت مع بعض هو دا خلاصك مني 

دفعته بضعف

-ابعد كدا، احتضن شفتيها بين خاصتيه بقسوة كأنه بيعاقبها على ماتفوهت به، ثم فصل قبلته قائلا 

- ريحي نفسك ياعروسة، وبعد كدا نتكلم 

تابع قراءة الفصل