-->

رواية جديدة عازف بنيران قلبي لسيلا وليد - الفصل 28 - 1

 

قراءة رواية جديدة بقلم سيلا وليد

تنشر حصريًا على مدونة رواية و حكاية



رواية عازف بنيران قلبي

 رواية جديدة قيد النشر

من قصص و روايات 

الكاتبة سيلا وليد


الفصل الثامن والعشرون

الجزء الأول


تم النشر بتاريخ

15/10/2023


و قالوا : ما الوجع؟

قلت : إسألوا قلبا عشق قلبا ليس له فيه نصيب 

                    قالوا : ما الشوق ؟

قلت : إسألوا روحا تحن لروح لقائهما مستحيل 

                    قالوا : ما الحب ؟

قلت : إسألوا شخص يدعوا لحبيبه بالسعادة 

         رغم أنه لغيره حبيب 

                   قالوا : ماالعشق ؟

قلت : إسألوا قلمًا كتب لحبيب وهو عنه بعيد 

فلا سلامًا علىٰ أولئك:

الذين أطفؤوك، وفي عتمةٍ لا تزول ألقوك.. 

الذين سلبوكَ نبضَ القلبِ ودِفءَ الروح.. 

مَن جَعلوكَ في عزلةٍ، تخافُ القُرب ومنهُ تَفِرّ.. 

لا سلامًا عليهم.. 

مَن تركوكَ تحيا.. وأنتَ تموت!

#جيهان_عبدالهادي 

❈-❈-❈ 


وقف أمام يونس يخرج مافي جوفه من عصارة الوجع عن طريق تنيهدات متحسرة، وقلبًا مفطور ملئ بالثقوب وفاجعة أكبر أن يخفيها من الحزن الذي يقتحم أعضائه 

-مفيش امل تاني يايونس، شعر يونس بوجع صديقه وابن عمه، فنهض يربت على كتفه قائلا 

-انا مشفتش الحالة ياراكان، بس الدكتورة بتأكد، فلو عايزني ادخل اكشف عليها معنديش مانع، بس إنت اكيد عارف ليلى هترفض


تحرك وهو يتجه ببصره إلى يونس قائلاً:

-حضر نفسك يادكتور، واعمل اللازم ومراتي أمانة عندك، ثم توجه إلى غرفتها..توقف أمام غرفتها ولكن قاطعه يونس الذي وصل خلفه 

-استنى بلاش انت تدخل حاليا، هدخل اشوفها وبعدين اقرر..أومأ برأسه فحالته الآن لا تستعدي أي نقاش 

خانته ساقيه فجلس وجسده يرتعش وكأن الهواء ينسحب من رئتيه حينما شعر بعدم قدرتها على الأنجاب مرة أخرى 

دقائق مرت كالدهر وكأن الدماء جفت من عروقه وأصبح جسده يحاكي الموتى، خرج يونس يطالعه بنظراته الحزينة 

رفع نظره إليه بنظرات مشتتة وعقل تائه وقلب مفطور فتحدث بلسان ثقيل 

-إيه فيه جديد؟! 

ربت يونس على كتفه وجلس بجواره يتحدث بحزن على وضعه

-اول مرة اشوفك كدا ياراكان، لدرجة دي موت الطفل مأثر فيك 

مسح على وجهه وصرخ بآهة عالية خرجت من جوف حسرته قائلا

-إحساس صعب أتمنى ماتعشهوش يايونس، ودلوقتي طمني بكل حاجة، أنا راضي ب اللي هيحصل 

نهض يونس وهو يرمقه بهدوء من تدهور حالته لهذا الحد فاردف 

-الحمد لله النزيف مالوش علاقة بالرحم، الدكتورة كانت مش منضفة الرحم كويس وفيه قطعة من الجنين هي اللي عملت النزيف دا 

ودلوقتي هتدخل عمليات تاني، وفيه حاجة كمان البيبي كانت بنت كانت داخلة في الرابع تقريبا، دا اللي شوفته في الاشاعة اللي دكتورة عملتها، أنا شوفت الإشاعات بس ياراكان يعني مدخلتش في الأول، لكن دلوقتي انا اللي هدخل أعملها العملية، ولو عندك اعتراض 

أطبق راكان على جفنيه متألما، وهو يشير بكفيه

-أعمل اللي انت شايفه، حقيقي ماليش حيل اتكلم مع حد وخصوصا ليلى، مش عايز ادخلها عشان منأذيش بعض 

زفرة حارة أطلقها يونس ثم تحدث

-يعني افهم من كدا إنك مكنتش عارف ان مراتك حامل الفترة دي كلها، إزاي ملاحظتش دا، انت عبيط ياراكان 

احس بضلوعه تتمزق من كلمات صديقه، كيف يخبره بما يشعر ويمر به الآن، أغمض عيناه ولم يجب عليه، فتحرك يونس مغادرا بعدما وجد حالته 

مر وقتا ومازال جالسًا وهاتفه الذي لم ينقطع عن الرنين، جلس وكأنه طائر مقصوص الجناحين، لا يستطيع الطيران ولا مواجهة ماهو آتي عليه، قلة حيلته كزلزال يهتز تحته فاقد المقاومة للحركة، حتى وصل إليه يونس 

-هتفضل قاعد كدا، قوم شوف مراتك، هي فاقت وبقت كويسة وتخلص المحلول وتروح 


هز رأسه بالموافقة،ونهض يجر اقدامه بصعوبة، لابد من المواجهة،كانت سيلين تقوم بأعتدالها 

اطبقت على جفنيها من الألم الذي إجتاحها فتسائلت بصوتًا هزيل متقطع 

-يعني الحمدلله معملوش عملية، ولا يونس كان بيضحك عليا ياسيلين 

ربتت سيلين على ظهرها

-والله مفيش حاجة، وبعدين إنت عايزة تسوئ سمعة يونس، لا فوقي كدا دكتوري شطور والله،  الدكتورة منضفتش كويس 

وضعت كفيها على أحشائها

-يعني خلاص معدش فيه بيبي، بنتي نزلت من قبل مااشوفها واحضنها 

احتضنت سيلين وجهها 

-ليلى احمدي ربنا إنك بقيتي كويسة، بلاش اقولك حالة راكان ازاي، دا مش قادر يقف ولا يتكلم مع حد 

هزة عنيفة أصابت جسدها بعدما ذكرتها سيلين به، هل سيشفع لها 

وصل راكان أمام باب غرفتها ولكنه توقف حينما استمع لشهقاتها

-سيلين أنا عايزة أمشي من هنا، اتصلي بدرة خليها تيجي تاخدني على بيت بابا، ارتفع صوتها بشهقات عالية وهي تستكمل آلامها

-معدش فيه حاجة تربطني بأخوكي، خلاص طرقنا اتفرقت 

تنهد بقلة حيلة على مااستمع إليه ولكنه وتمرد على حديثها الذي ذلذل كيانه وبدأ يدمر استقرار دواخله، دفع الباب وولج للداخل محاولا السيطرة على آلامه التي تنخر قلبه 

جلس بجوارها يربت على خصلاتها 

-حمدلله على سلامتك حبيبتي..استدارت للجهة الأخرى وتحدثت بصوتًا كاد أن يخرج من آحزانها 

-سيلين خليه يطلع برة مش عايزة أشوفه.. جلس لبعض اللحظات وصمتًا مريبا مشحونا بالتوتر والخوف من جانب سيلين..فأقتربت تربت على كتف أخيها 

-راكان سبها دلوقتي هي تعبانة وعايزة ترتاح 

لا يعلم أي جُرم فعله بحقها حتى تصل به لتلك الحالة، هو آلان روحه تأن كأنين وتر مقطوع من آلة عتيقة، وينخر الألم عظامه نخرًا عميقًا 

رفع وجهه إلى أخته قائلا بصوت هادئ اكتسبه من حالتها التي رآها بها 

-سيلين سبينا شوية مع بعض، روحي مع يونس 

تجمدت ليلى بجسدها عندما أحست بصوته الحزين الذي يخرج بصعوبة، رفعت نظرها إلى سيلين تهز رأسها بعدم خروجها 

حاول قدر المستطاع التفكير بشكل متزن حتى لا يفقد ثوابه بحالتها تلك، أشار بعينيه إلى سيلين بالخروج واتجه إليها يتأملها بشمسه الضائعة، كحالته لا يعلم ماذا يفعل بها، فحزنه ووجعه منها فاق الحد حتى أعجز عن وصفه في قاموس اللغة العربية 

-جهزي نفسك عشان نمشي..ارتعشت ملامحها واحست بدموع غادرة تتجمع تحت ستار أهدابها فتحدثت بصوت متألم

-نمشي نروح فين؟! بيتك!! 

انا مش هرجع البيت دا تاني مهما حصل، ودلوقتي اللي كنت بستحمل عشانه نزل، ومفيش بينا رابط، عايز عقاب من ربنا أكتر من كدا إيه عشان يقولك إننا مننفعش لبعض 

صفعة قوية نزلت على قلبه كضربة سوط مشتعل، رفع نظره إليها وبآهة خفيضة، كأن كلماتها عصرت صدره ومزقت رئتيه ف  تحدث  

-فعلا ربنا عاقبني أشد عقاب، بس عارفة عقابي إيه.. دنى من جسدها فحزنه على جنينه يحرق روحه 

-عاقبني عشان كل مرة اتجوز فيها اشرط عليها ممنوع حمل عشان مش دي الست اللي قلبي يشفعلها وتكون أم لأولادي، ربنا عاقبني عشان علق قلبي بواحدة أكتر حاجة عملتها فيا، اني اعشقها بجنون وهي تدبحني كل مرة واعدي واقول مقدرش أبعد عنها حبها بيجري في عروقي، ورغم كدا كانت بتغلط وأسامح 

رفع كفيه يمسد على خصلاتها وبعينين تائهتين، ولسان ثقيل طالعها حتى عانقت عينيها وأردف 

-واحدة كانت في حضني وبتقولي بحبك وهي حامل في ابني ومخبية عني، تلات شهور شوفي قعدت معاها كام مرة، حضنتها كام مرة 

تحول جسده للانتفاض يضع جبينه فوق جبينه، وآهة حارقة من جوفه بأنفاسًا مرتفعة 

-واحدة متمنتش  غيرها ان تكون ام لأولادي، حبيبتي اللي لو طلبت روحي مكنتش هتأخر، تلات شهور وهي مخبية، إزاي قدرتي تحرميني من الفرحة دي، إزاي قدرتي تكوني قاسية أوي كدا، بتكرهيني لدرجة دي، ابتعد برأسه عنها وهو يهز رأسه 

-أيوة ماهو مش معقول دا حب، لا دا انتقام على كره، معرفش انتِ مين، وليه حبيتك، تلاقيكِ فرحانة عشان الولد نزل، ويمكن كنتِ رايحة مع الحقير عشان تنزليه وتكسريني 

شهقة خرجت من جوفها وهي تهز رأسها رافضة حديثه

-أنا مخبتش عنك هو..هب فزعا من مكانه وهو يصيح عندما فقد قدرته على الصمود

-اخرسي مش عايز أسمع صوتك، اقترب بمقلتين متقدين كجمرتين من قعر جهنم وبعصبية مفرطة، ضغط على ذراعها 

-ماهو أنا الراجل اللي مستهلش اكون أب لأولادك، إزاي قدرتي تدمريني كدا، إزاي قدرتي تكسريني كداااا، قالها صارخا وكأنه أمام عدوه وليس حبيبته 

ولجت سيلين بعدما استمعت لصراخ اخيها، أسرعت إليه تحاول جذبه بعيدًا عن ليلى بعدما وجدت شهقاتها بالأرتفاع 

-راكان حبيبي ابعد عنها هي لسة تعبانة، لم تقو سيلين عليه، قاطعهما دلوف يونس، الذي أسرع يجذب راكان بعيدا عنها 

دفع يونس صارخًا به

-انت اتجننت ابعد عني، مفكرني هضربها

اتجه إليها بنظرات قاتمة، ووجهه عبارة عن لوحة فنية من الغضب

-أسمعك تقولي طلاق تاني هولع فيكِ، سمعتيني، والله لادفعك تمن اللي عملتيه فيا غالي 

جذبه يونس للخارج ينظر إلى سيلين ان تهدأ ليلى ..خرج متجهًا إلى مكتبه، أشفق يونس عليه كثيرا يعطيه كل الحق فالأمر صعب ومؤلم 

عند ليلى ..ارتعش جسدها وقلبها انتفض ذعرًا مما رأته منه لأول مرة يكون بتلك الهيئة المؤلمة 

-سيلين روحي هديه، والله ماكان قصدي والله ماكان قصدي، قالتها وشهقاتها بالأرتفاع 

-اهدي حبيبتي لو سمحتِ، وصلت الطبيبة إليها 

وقامت بحقنها بمهدئ بناءً على تعليمات يونس 

ارتجفت اوصالها وذاد من ارتجافها وشعرت بأن قلبها سيتوقف من اتهاماته لها 

-انا محاولتش اقتل بنتي، هو فاهم غلط..ظلت ترددها إلى أن غفت بسبب المهدئ 

❈-❈-❈


بمنزل عاصم المحجوب 

خرجت من غرفتها بهدوء وجدته نائمًا على الأريكة بالخارج.تغلغلت روحها بإبتسامة مفرحة بمجرد ما وجدته بتلك الهيئة أمامها، كفراشة جميلة تحركت متجهة إليه..جلست على عقبيها أمامه تنظر للوحته المرسومة بعناية 

رفعت كفيها تمسد على خصلاته ثم أمالت تطبع قبلة على وجنتيه، ونهضت تستدير لتغادر، فوجدت من يعانق كفيها بحضن كفيه 

استدارت تنظر إليه وابتسامة تشق ثغرها، فدنت منه مردفة

-صباح الخير ياحضرة الأفاكاتو..تسلطت عيناه على وجنتيها المشعة بالأحمرار، وشفتيها التي تشبه حبة الفراولة الناضجة، ورغم نضجها إلا أنها تمتاز بلذعتها المحببة لديه 

سحبها معتدلا لتجلس بجواره 

-صباح الحب على درة قلبي..ابتسمت خجلا قائلة

-إيه اللي نيمك هنا، مش كنت بتقول هتروح 

أدار وجهها إليه يسبح بمقلتيه على ملامحها الجميلة فتحدث 

-كنتِ وحشاني ومقدرتش أمشي من غير ماضمك لروحي 

احمرت وجنتيها بحمرة الخجل، فطرقت انظارها ارضًا هاربة من مغذى كلماته، ومس كيانها بعطر كلماته 

قربها من جلوسه وحاوطها بذراعيه يدفن أنفاسه بعنقها هامسًا لها 

-هو احنا لازم نستنى لما تخلصي الكلية، على فكرة كتير على قلبي 

-حم.زة ابعد ماما ممكن تصحى وتشوفنا، قالتها بشفتين مرجتفتين ..ظل يقاوم نيرانه الملتهبة عاجزًا عن جمالها الذي أذاب صمته، فاقتطف قبلة سريعة وهو يضع جبينه فوق خاصتها 

-إيه رأيك تكملي السنة الجاية عندي، ونتجوز بعد ماتخلصي امتحاناتك الشهر الجاي 

رفعت نظرها لعيناه المنغلقة وانفاسه التي كانت تعصف بكيانها، شعرت بفراشات تطير في معدتها من فرط السعادة، فحقا لم تتحمل ذلك فوضعت رأسها بأحضانه تحاوطه بذراعيها 

-كلم بابا ولو وافق معنديش مانع، سكت هنيهة يحاول ضبط انفاعلاته التي بعثرتها بقربها المهلك ورقتها التي خطفت قلبه فلم يعد قادر على بعدها، ود لو يحطم حصونها آلان 

ابتلع ريقه بصعوبه وهو يعتدل بجلوسه متخذ البعد لبعض السنتيمترات حماية لكلاهما، احتضن كفيها وتحدث 

-هتكلم مع  عمو عاصم وأشوفه هيقول ايه، قاطعهم رنين هاتفه..رفع ينظر بشاشته، فقطب جبينه 

-خير يونس بتصل بدري كدا ليه..نهضت متجهة للمطبخ قائلة:

-رد عليه لما أعملنا فطار حلو كدا وكوباية نسكافيه..أومأ برأسه موافقًا، ثم اتجه للشرفة ليجيب يونس 

-صباح الخير يادوك..استمع حديثه الذي جعله متصنمًا لبعض اللحظات يستمع إليه بقلب يأن وجعًا على صديق عمره فاجابه 

-وهو عامل ايه دلوقتي..أجابه يونس على الجانب الآخر 

-مش كويس خالص، هدوء ماقبل العاصفة ياريت تيجي، حاسه هيعمل مصيبة مش مرتاح لسكوته 

-ارجع خصلاته للخلف ساحبًا نفسًا عميقا ثم زفره بهدوء 

-هي اتمادت المرادي يايونس، ليلى كدا اتمادت ومقدرش ادخل في حاجة خاصة كدا، لازم راكان يفوقها، مش هتفضل تغلط وهو يعدي كفاية لحد كدا وجع له، أنا لو مكانه مش هسكت 

أغلق الهاتف بعد عدة دقائق وهو ينظر للخارج وصدره يستعير كالحمم البركانية، يتمنى الا يصل صديقه بحياته لنهاية اللانهاية 

كور قبضته بعدما تذكر مامر به راكان كأن حياته شريط سينمائي أمامه..قاطع شروده دره حينما اقتربت تلكزه بكتفه 

-حمزة بنادي عليك من بدري، مالك فيه ايه يونس قالك حاجة، نظرت للذي بيديه، فجذبتها غاضبه وألقتها بالخارج 

-سجاير على الريق، ينفع كدا، مش خايف على صحتك 

رمقها بهدوء ثم تسائل

-كنتِ تعرفي بحمل ليلى..أصبحت نبضاتها الهادرة تتخبط بعنف بين ضلوعها، وكأن قلبها سيتوقف من نظراته المصوبة إليها

-حمزة أنا كنت هقولك، بس ليلى قالت مش عايزة حد يعرف قبل ماتقول لراكان 

-من إمتى؟!

تسائل بها حمزة..فركت كفيها وارتجف جسدها قائلة

-عرفت قبل عملية بابا بيومين..

قبضة قوية اعتصرت قلبه وهو يطالعها بنظرات خذلان قائلا:

-أكتر من شهرين يادرة وانتِ مخبية حاجة زي كدا..ضغطت على كفه تستعطفه بنظراتها 

-دي حاجة ماتخصنيش عشان اقولها ياحمزة، هي قالت فيه مشكلة بينهم ولازم يحلوها وبعد كدا هتقوله 

انزل كفيها بهدوء، متجها يجمع أشيائه، متجها لباب المنزل قائلا

-واهو البيبي نزل قبل مايعرف، تلات شهور وهو قدامها واختك مخبية على جوزها، أنا لو مكانه هطردها من حياتي، قالها وتحرك سريعا من أمامها 

بمزرعة نوح 

جلس بجوارها يمسد على خصلاتها بحنان، يرسم ملامحها الجميلة، قاطعه طرق على باب غرفته 

-دكتور نوح الست راندا جت وعايزة تقابلك..أومأ برأسه، خرجت العاملة وهو ظل يطالع زوجته التي تجلس تضم ركبتيها وتنظر بشرود وكأنها لم تشعر بما يوجد حولها 

نهض متحركًا للخارج، وجدها تتحدث مع العاملة بغرور وكبر 

-أمشي من قدامي، معدش اللي أنتِ اللي هتعمليلي حاجة اشربها 

أشار نوح لسيدة 

-اعمليلي قهوة سادة ياسيدة، وجهزي فطار المدام، لحد مااشوف ضيوفنا عايزين ايه 

جلست وقامت بإشعال سيجارها حتى ترى ردة فعله، ثم تحدثت وهي تنفث دخان سيجارها

-دكتور نوح الي بعد عني عشان واحدة حقيرة من بيئة ذبالة.. لم تكمل حديثها بسبب صفعة قوية على وجهها وجذبها من خصلاتها 

-عايزة ايه يابت، هو انتِ مفكرة اني نايم على وداني، لا فوقي كدا واعرفي انتِ واقفة قدام مين وبتغلطي في مين 

سحب نفسًا حتى يسيطر على غضبه فجذبها للخارج من خصلاتها 

-البيت دا نضيف عن امثالك، روحي كملي قرفك مع الدكتور يحيى بعيد عني، ومتفكروش هسكت عن اللي حصل، اطمن على مراتي الأول ..قالها ثم دفعها بقوة بعيدًا عنه 

تماسكت بصعوبة حتى لا تسقط أمامه، واقتربت منه تضع كفيها على صدره 

-نوح أنا بحبك بجد، تعالى نربي ابننا مع بعض، بدأت تتحسس صدره تنظر لعيناه

-نوح مش عارفة أنساك من الليلة إياها، عشان خاطري تعالى نكمل حياتنا ونربي ابننا مش قادرة ابعد أكتر من كدا 

نفضها بعيدًا وأشار بتحذير

إياكِ تقربي مني تاني، أنا اتجوزتك عشان الدكتورة يحيى، وطلقتك عشان مراتي، شايفة العلاقة بينهم إزاي.. أما عن ابنك لما تولديه وأعمل تحليل، ولو اتأكدت انه ابني اكيد هعرف اربيه كويس.. 

اقتربت وهي تتحدث بغضب

-هندمك على كل حاجة، اللي كان بعدني عنك هو ابني بس وحياة ابني لأخد حقي كويس 

ضحكة خرجت بسخرية وهي يشير إليها بغضب

- حياة ابنك، هو لدرجة دي غالي عشان كدا بدخني ..روحي عند الدكتور يحيى يمكن يفيدك تعملي ايه 

استدار ليدخل ولكنه توقف عندما ألقت إليه بعض الصور

-هترجعني لعصمتك تاني يانوح، ومش بس كدا هطلق مراتك، وتمشيها من المزرعة ياإما الصور دي هتنزل في كل مكان ومتنساش القنوات الحلوة اللي الشباب بيعشقها ..وطبعا عارف الصور دي حقيقة مش مفبركة،  تشااااو يانوح 

   

❈-❈-❈ 

   

عند راكان بالمشفى

ولج بعد فترة لغرفتها، قام بخلع المحاليل من كفيها واتجه لأخته 

-ياله عشان نروح، كفاية كدا، ويونس هيتابعها هناك ..اقتربت سيلين منه 

-راكان لو سمحت ممكن تهدى وبلاش تكون عصبي كدا 

حملها يضمها لصدره وتحرك للخارج بساقين هلامتين دون حديث آخر، انتفض قلبه ذعرا حينما رفعت ذراعيها تحاوط عنقه وكأنها تحلم وابتسمت من بين النوم واليقظة

-رايحين فين حبيبي 

تحرك سريعا إلى السيارة حتى لا يفقد سيطرته عليها فهو آلان في حالة لا تستجدي الضعف أمام سحر عيناها 

كعاصفة هوجاء تتعثر برياحها تحرك بالسيارة بشق الأنفس حتى يصل إلى غرفته ويحتمي بنفسه حتى يداري ضعف قلبه الخائن الذي اوصله بضمها ل يريح روحه المتألمة منها..وصل بعد رحلة شاقة إلى قصره..توقف لمدة لحظات يسحب أنفاسًا ويطردها بهدوء كي يستطع للمواجهة 

اتجه للخلف يلتقطها وحملها متجهًا للداخل، وجد الجميع بإنتظاره، توقف توفيق أمامه وبنظرات نارية صاح بغضب :

-انت جايب الذبالة دي هنا ليه؟!

صعق من حديث جده، فيما توقفت عايدة مقتربة تقف بجوار توفيق تشير لليلى التي يحملها راكان

-إزاي تكون بالهدوء دا ياراكان بعد مامرات اخوك عملته، اقتربت فريال متهكمة وهي تنظر بتشفي إلى راكان قائلة:

- يمكن صعبت عليه ياعايدة، أويمكن عشان أم أمير، ولا يمكن عايز ينتقم منها بطريقة بعيدة عن الصحافة 

اقتربت زينب وتساقطت عبراتها وهي تجدهم بتلك الخسة والندالة،في حين وصل أسعد وتوقف أمامهم 

-مش عايز أسمع صوت حد فيكم، هي ليها راجل يقدر يتكلم ومتنسوش انهم متجوزين، أنا واثق في ليلى، اد ثقتي في راكان 

ضرب توفيق عصاه وهو يرمق راكان بحيرة قاتلة عندما وجد هدوئه فتحدث

-مهما كان اللي حصل، مستحيل البت دي تقعد في البيت دا، ولازم ..صرخ راكان حتى استيقظت ليلى تنظر حولها بخوف، فهمست وهي تنظر إلى مقلتيه بخوف لا تعلم ماذا يحدث حولها 

-فيه إيه إحنا مش كنا بالمستشفى..اتجه بها للمقعد ووضعها فوقه بهدوء واستدار يوزع نظراته بينهم ثم اقترب من توفيق 

-سمعني كدا كنت بتقول ايه، ارمي مراتي برة بيتي عشان سقطت ابني 

صاعقة نزلت على الجميع وشهقات مرتفعة وهمهمات بينهم..دار حولهم وهو يطالعهم بجفاء ونيران صدره تكويه بلا رحمة 

-إيه..صرخ بها وصاح كزئير أسدًا جائع  

-سمعوني كدا كنتوا بتقولوا ايه، هز رأسه وهو يطالعهم بنظرات نارية 

-بتعيبوا في شرف مراتي، مرات راكان البنداري قدرتوا بكل فجر ترموها بمحصناتكم 

دلفت بتلك الأثناء نورسين تتحرك بخيلاء تنظر إلى ليلى التي اغروقت عبراتها وجهها، وبشماتة متأصلة في ابتسامتها، وبخبث شيطاني تحركت إلى أن وصلت إليها قائلة

-حمدلله على سلامتك يامدام ليلى، كان نفسي ازورك في المستشفى بس خفت راكان يزعل مني، ويلومني إزاي أزور واحدة لا مؤاخذة 

بخطوة واحدة وصل إليها يدفعها بقوة بعيدا عن ليلى، وجذبها كوحش جائع يدفعها للخارج

-برررة، إنتِ مين عشان تهيني مراتي

جحظت أعين الجميع من ردة فعله، اتجه توفيق إلى نورسين يقف بينهما 

-راكان اهدى هي متعرفش، ومحدش مننا اتوقع انك تكون على علاقة بمرات اخوك 

ترنح جسده وحدقيته تتسع شيئا فشيًا وصدمة قوية هشمت قلبه، كيف لايقرأون الوجع فوق جبهته، حرر أنفاسه المحروقة، ورفع كفه يتحسس عنقه، ثم سحب نفسا وزفره قائلا بهدوء رغم مايشعر به:

- علاقتي بمرات اخويا، متخيل بتقول ايه، استدار بجسد منتفض وعينًا ذائغة وقلبًا مفطور ينظر إليها 

-دي مراتي أنا، دي ليلى راكان البنداري، اللي حضرتك كل ماتشوفني تقولي أرملة اخوك، مرات اخوك، وكلكم ناسين انها مراتي، فلو سكت فسكت عشان محسسش امي بالوجع على ابنها، ولو رفضت أعلن حملها فدا برضو عشان موجعش قلب امي..قالها بقلبًا مفطور 

أشار على نورسين وأكمل 

-ومش معنى اني وافقت اتجوز نورسين يبقى بلغي ليلى، ابدا، قالها وعيناه تفترس ملامح ليلى الصامتة، وقبل أي حاجة، ليلى اللي طلبت مني اتجوز نورسين،  عشان مظلمهاش، ولولاها مكنتش وافقت على كدا  

ودلوقتي الكل يعتذر من مراتي، واللي مش هيعتذر يبقى بيعاديني انا شخصيا..تحرك متجها إليها، وساعدها على الوقوف يحاوطها بذراعيه 

-مدام عايدة، حضرتك غلطي في مراتي وهي مستنية اعتذارك وبتقولك البيت دا بتاعها لما تدخليها تحترمي اهله ومش ترميهم بالباطل، ماهي مش تربية عايدة الرفاعي 

جحظت أعين عايدة ورمقتها بإحتقار خفي فاقتربت تشير إلى ليلى

-عايزني اتأسف لمراتك، طيب أنا إيه اللي عرفني انكوا كنتوا مع بعض، ماهو إنت ياراكان ماشي مع الكل..

-اخرصي، قالها راكان بغضب واوعي تفكري عشان سكت على عملتيه وأنا مسافر انت وتوفيق باشا هعديه، تبقي غلطانة، ومش معنى إنك مرات عمي يبقى احترم اللي يقل من مراتي 

-مراتي خط أحمر ولو معتذرتيش حالا منها، اطلعي برة البيت دا كله، واياكِ تدخلي هنا 

اقتربت تنظر لليلى بحقد وتحدثت بخفوت

-آسفة مدام ليلى، اعذرني مكناش نعرف انك وراكان يعني..قاطعها راكان 

-دورك خلص اتفضلي على بيتك، وبعد كدا وجودك يكون في مناسبات العيلة البيت دا بعد كدا ندخله بإحترام 

توجهت فريال عندما وجدت نيران راكان التي تحرق الأخضر واليابس 

-آسفة ياليلى، واعذروني اللي يشوفكم وانتوا بتاكلوا في بعض مايقولش انكم يعنى

-شكرا مدام فريال، علاقتنا بينا مالوش داعي تتعبي نفسك بالتفكير فيها عشان عقلك ممكن يجن

اما توفيق الذي تحرك خطوة للخروج، 

-رايح فين ياتوفيق باشا، إيه عندك جلسة كيماوي ولا حاجة، ترك ذراع ليلى واتجه له ووقف يضع كفيه بجيب بنطاله وهو يطالعه بصمت قائلا  

-توفيق باشا ياجماعة اتجبر على مراتي وخطف ابوها المريض، وهددها لو مطلبتش الطلاق هيقتل باباها، ومش بس كدا، ركب صور لمراتي واتهمها بشرفها وهددها ياخد ابنها، وضربها، كنتوا عايزين منها إيه بعد دا كله 

استدار إليها ونظر لمقلتيها 

-أنا كمان اذيتها كتير وضغط عليها كتير، اقترب منها واحتضن وجهها ثم طبع قبلة على جبينها

-آسف ياليلى، حقك عليا، وجعتك كتير..ودلوقتي اللي عايزاه من توفيق باشا هينفذه ..قاطعهم توفيق

-والله مش انا اللي عملت الصور، الصور دي جاتلي ولو مش مصدق شوف تليفوني أهو وشوف الصور دي جاتلي أهو 

أمسك هاتف جده، وقام بفعل شيئا ما، ثم أرسله لهاتفه، واتجه لليلى يحاوطها 

-أومري ، واللي تطلبيه ردا لأعتبارك وأولهم مني 

أنزلت كفيه بهدوء ورجفة بقلبها وهي تحاوطه بنظراتها 

-عايزة ارتاح ممكن مش عايزة حاجة من حد لو سمحت..تدخلت فريال في الحديث قائلة

-متزعليش مننا مكناش مصدقين إنك يعني إنتِ وراكان تكونوا مع بعض بعد موت سليم، وخصوصا كلنا عارفين ارتباط راكان بنورسين 

-مرات عمي ..صرخ بها ثم اتجه يرمقها شرزًا 

-بلاش تقولي كلام متعرفيش معناه،

-جه الدور عليك ياتوفيق باشا، حضرتك اهنت مراتي واجبرتها على حاجة غصب عنها، ودلوقتي لازم تعتذر منها..اقترب توفيق منها، وسحب راكان بعيدًا عنها ثم ضم وجهها وطبع قبلة على جبينها قائلا 

-أنا آسف يابنتي، ماهو اللي تخلي راكان البنداري يجيب اخيرًا ولاد لازم اشلها فوق دماغي، وحقيقي آسف على كل حاجة 

صدمة نزلت على الجميع من كلمات توفيق، ابتسم أسعد لوالده، فهز توفيق رأسه 

-لو كدا هتكون سعيد يابني فأنا اعتذرت من مراتك أهو 

ياريت كل واحد على بيته، رفع نظره لنورسين التي تقف صامتة  ثم اردف 

-روحي يانور دلوقتي وزي ماقولتلك قبل كدا عن ليلى، دي مراتي وزع نظراته بين الجميع  

-احترامها من احترامي، واللي هيزعلها من مجرد نظرة مش هسكتله 

رفعت نظرها إليه سريعًا وكأنه صفعها بقوة  على وجهها، قام بحملها دون حديث، متجهًا للأعلى والجميع كأن على رأسهم طيرا 

سحب توفيق كف نورسين متجهًا للخارج وتوقف أمام سيارتها

-إيه اللي راكان قاله ومخبياه

فتحت باب السيارة ونيران الغيرة تأكل صدرها، استقلت السيارة وهي تصوب نظراتها له

-أنا مستحيل أوافق اتجوزه وهو بيعشق اللي اسمها ليلى دي، أنا كنت مفكرة بيقول اي كلام وخلاص، بس حضرتك شوفت عمل ايه عشان 

-أمشي دلوقتي يانور، واياكي تتهوري 

بغرفة راكان بالأعلى، وضعها على فراشه بهدوء، كقطعة أثرية نادرة، وجلس أمامها وانفاسه تتسارع كطبول حرب ..صمتا ران بالمكان محاولا كظم غيظه فتحدث بعد لحظات

- طبعا احنا قدام الكل متجوزبن، لكن بينا معرفكيش، نهض واتجه إلى الشرفة وقام بإشعال تبغه عله يضع إحراق نيرانه التي يشعر بها آلان ..ظل لبعض اللحظات ثم ولج وجلس يضع ساقًا فوق الأخرى 

-بما إن الحياة بينا بقت مستحيلة، الأوضة دي هتكون بتعتك من دلوقتي، أنا هطلع فوق، والاوضة التانية هخليهم يقفلوها مش عايز أشوفك فيها 

كانت اللحظات الأشد وجعًا وغضبًا بحياته، لأول مرة يريد تحطيم كل شيئا حوله حتى تخور قواه، حتى لايؤذيها..رجع بجسده للخلف مطبقًا على جفنيه

اعتدلت وحاولت التحرك خارج الغرفة، هي آلان في حالة لا تسمح للجدال معه 

نهضت وتحركت خطوة، فتح عيناه 

-رايحة فين؟! قالها وهو جالس يطالعها بغضب 

ابتلعت ريقها بصعوبة وحاولت الحديث، فتحدثت بصوت متقطع 

-احنا كنا متفقين على كل حاجة، انت قولت هتتجوز، وأنا قولت هصبر عشان حملي ودلوقتي مبقاش فيه حاجة تخليني أفضل عشانها ..أنهت حديثها وتحركت خطوة أمامه محاولة الأ تتعثر بخطواتها الواهنة 

صرخ بها مما جعلها تتسمر بوقفتها 

-انا بس هنا اللي اسمحلك إنك تمشي ولا تقعدي، أنا بس اللي انهي الجواز والعلاقة، انتِ هنا مالكيش أهمية غير انك ام امير فقط 

استدارت بجسدها والدموع تترقرق بعيناها ثم أردفت بصوتًا متحشرج 

-انا بس اللي أقدر احدد حياتي ازاي، ودلوقتي حياتنا خرجت عن السيطرة 

نصب عوده ناهضًا وأطلق ضحكة صاخبة ثم غرز نظراته بعمق عينيها 

-حياتنا، هي فين دي حياتنا، ولا احنا، مين احنا، ليه بتجمعي، قولي من يوم مااتجوزنا وجمعتيني معاكي في ايه، دا حتى علاقتي معاكي مرتين بس ..اقترب ومازالت نظراته النارية تهاجم عيناها 

-

حملك كان من المرة الأولى، على ماأظن،مش صح، أيوة اربع شهور وانا مختوم على قفايا، وحضرتك بتعلبي بيا، أنا اللي عمري مافكرت إنك تكوني بكل الاذى دا كله

❈-❈-❈ 


جذبها بعنف حتى ارتطمت بصدره وتحدث من بين أسنانه 

-أنا الغبي اللي اتلعب عليا، وشرف مراتي اتهدر قدامي ووقفت عاجز معرفتش ارد، هرد اقول ايه وأنا معرفش بحملها، شوفتي واحد مراته لعبت عليه وقرطسته كدا 

-راكاااان من فضلك..ضغط على خصرها وكاد ان يؤذيها بضغطته القوية حتى صرخت وانسدلت عبراتها 

-وأنا فين في حياتك، وانت بتطردني من اوضتك، أنا فين وانت جاي توجعني وتقولي هتجوز عليك، أنا فين وانت بتتهمني وتقولي انتِ وابن عمك 

اشتعلت عيناه بلهيب مستعر وأجابها ومازال يحاوطها بذراعيه 

-انتِ ولا حاجة في حياتي من وقت مارضيتي انهم يضحكوا عليكي وتنزلي بجوزك الأرض، جوزك اللي عمره ماحب واحدة قدك 

دفعها على الفراش وصرخ 

-اقعدي ومفيش خروج من باب الأوضة دي تاني، وقبل ماتتكلمي ياغبية، بصي حواليك وشوفي الأوضة دي كنت بعملها لمين، رغم اللي عملتيه كنت بقول معذورة ومضغوطة، بس كدا انتِ كتبتي النهاية بإيدك 

قالها وتحرك مغادرًا حتى لايفعل بها شيئًا يندم عليها 

أحست بالأختناق واعترتها رعشة جعلت قلبها يرتعش مما يفعله معها، اهتز جسدها وبكت بنشيج على ماصار لها، دلفت سيلين تبحث عنها -ليلى حبيبتي إيه اللي حصل 

ألقت نفسها بأحضان سيلين وبكت بنشيج 

-راكان هينتقم مني عشان الولد، عايزة امشي، ساعديني ياسيلين أمشي.. بكت بشهقات مرتفعة

ربتت سيلين على كتفها 

-ليلى اهدي حبيبتي، راكان بيحبك ومستحيل ياذيكي صدقيني..نهضت واحضرت دوائها واعطتها بعضًا منه ثم دثرتها..دلفت والدتها إليها تنظر إلى الغرفة التي تغيرت بالكامل 

-اخوكي راح فين؟!..جلست تضع رأسها بين كفيها

-راكان صعبان عليا أوي ياماما، حبيبي مش شفتيه كان عامل إزاي لما قالوله فقدت الجنين، ولما قالوله هتشيل الرحم اول مرة في حياتي اشوفه بالشكل المنهار دا 

مسدت زينب على خصلات ليلى واجابتها

-اخوكي بيحبها من قبل ماتتجوز سليم..شهقت سيلين تضع كفيها على شفتيها، فاتجهت إلى والدتها 

-انتِ بتقولي ايه ياماما..جلست زينب وتنهدت بحزن تطالع ليلى وهمست

-وممكن ليلى تكون حبته قبل سليم، استدارت تنظر إلى سيلين التي تقف مصدومة من حديث والدتها 

-في يوم جالي وقالي بحب مهندسة جميلة أوي ياماما وعايز اتقدملها واكون أسرة، سحبت نفسا عميقًا واخرجته وهي تطالع ليلى بحزن 

-فرحت لما شوفته أخيرا هيتجوز، قولت أخيرا لقي اللي حبها وهيقدر يعيش معاها، بعدها بيومين جالي سليم وقالي نفس كلام راكان، وعرفت ان ليلى شغالة معاهم في الشركة 

صمتت للحظات وأكملت بنبرة حزينة

-سيلم أصر اروح اخطبها معاه، مع إني رفضت قولتله لازم نخطب لراكان الأول، هو وافق حبيبي ورحت اتكلم مع راكان لقيته متغير وقالي وقتها 

-لا خلاص انا وهي مش متفقين، وعدت الأيام، ولقيت راكان دايما بيهرب من اليوم اللي المفروض نكون كلنا مع بعض، وجوازه المفاجئ من حلا، وطريقة تعامله مع سليم وهروبه من فرحه، لحد ماعرفت ان ليلى حامل، وقتها عرفت البنت اللي كان بيتكلم عليها هي ليلى، أنا شكيت في الأول، بس بعد كدا اتاكدت من طريقته وخوفه عليها بعد موت اخوكي؛ عشان كدا أصريت انهم يتجوزوا 

جلست سيلين بجوارها وطبعت قبلة على جبينها

-انتٍ عظيمة أوي ياماما، لو واحدة تانية كانت قالت دي مرات ابني والمفروض متتجوزش بعده

جحظت أعين زينب من كلماتها ونهرتها قائلة 

-وهو مش راكان ابني ياسيلين، كدا تزعليني منك ..هزت سيلين رأسها رافضة حديث والدتها 

-مش قصدي والله ياماما..المهم دلوقتي لازم تبعديه عنها دا من وقت مافاقت وهو مش سايبها

-طيب هو لسة فيه خطر على النزيف، يعني هي بقت كويسة 

هزت سيلين رأسها 

-أيوة الحمد لله كان فيه مشكلة بسيطة، ودكتورنا العبقري تدخل، متنسيش مش أي حد دا الدكتور يونس البنداري 

لكمتها والدتها 

-أيوة ياختي مين يشهد للعروسة، الله يكون في عونها اللي هتتجوزه 

نهضت تضع يديها بخصرها 

-بتغلطي في يونس يامامتي على فكرة..دفعتها زينب ضاحكة 

-اه ودا بيتغلط فيه، دا نفسي اديله قلمين على وشه، سيبك من يونس وركزي مع مرات اخوكي،بعد اللي حصل النهاردة فريال وعايدة مش هيسكتوا، وخصوصا راكان أعلنها قدام الكل، مراته وحبيبته مش هيهدوا لما يفرقوهم 

وضعت ذراعها على كتف والدتها 

-خافي من ابنك على المسكينة دي ياماما مش فريال وعايدة، دا خرج وطلب من نعمية يجهزوا الجناح اللي فوق   

اومأت برأسها قائلة:

- متخافيش مش هيقدر يتحمل كتير، أنا عايزة منك خدمة، أنا عايزاكِ تشعللي راكان بليلى، أنا النهاردة اتاكدت اخوكي لو بعد عنها ممكن يحصله حاجة، انتِ مشفتيش عمل ايه تحت 

نظرت بشرود وأكملت 

-ليلى مش لازم تطلع من البيت دا، ودلوقتي انا هتصل بنوح يجي هو اللي هيقدر يوقف راكان، غير انها بنت خالته، انت اهتمي بليلي واشتغلي على نورسين فهماني طبعا 

احتضنتها سيلين وطبعت قبلة على وجنتيها 

-زوزو حبيبتي عايزة بوسة كبيييره اووووي 

لكزتها زينب 

-بكاشة أوي ياسيلي، إنما فين دكتور الستات ياخوفي ليكون بيجري ورا ست ..قالتها زينب وتحركت وهي تضحك عندما وجدت نظرات سيلين النارية 

-خلي بالك من ليلى 

على صعيدًا آخر عند راكان وصل إلى غرفته بالأعلى، وانفاسه يكاد يلتقطها بصعوبة، وقف أمام المرآة ينظر لصورته التي تشوهت وحدث حاله 

-ليه تعمل فيا كدا، لدرجة دي شيفاني وحش قوي كدا، طيب فين الحب اللي بتقول عنه..شعر بالأختناق، فقام بفك زر قميصه والقاه على الأرض بغضب بعدما وصلت لرئتيه رائحتها ثم اتجه لمرحاضه دلف لكابينة الأستحمام وقام بفتح المياه الباردة عله تطفي نيران صدره المشتعلة من ذاك الحب الذي دمر حياته، ظل لبعض الوقت وهو يلكم الحائط على قلبه المكلوم، استند على حوض الاستحمام بعدما خارت قواه منحنيا الجسد، وبكى بصمت كاتمًا صرخة توغلت بصدره 

هوى جالسا وعبراتها تحرق وجنتيه حتى شهق بداخله وهو يبكي على مأساة قلبه المفطور، من الذي يشعر بكم الألم الذي بداخله، ربما اعتقد يومًا إنها نصفه الآخر الذي تشاطره أحزانه، ولكن ظنها أصبح كسراب، فهي التي أقسمت برب العزة ان تذيقه من الألم مايكفي لأحراق قلبه 

ظل جالسًا وهو منحني الظهر كالذي يحمل الكثير من حقائب الوجع التي اثنته بطريقة مؤلمة 

فترة لا تقل عن ساعة وهو بتلك الحالة، حتى نهض وهو يلتف بمنشفة متجها للخارج وقام الأتصال بأحداهما 

-عايزك تجهزلي بيت المزرعة، وأمن داخلي وخارجي، وكاميرات في كل مكان، المزرعة القديمة، والكلام يكون سري 

أغلق هاتفه ثم استدار ينظر إلى فراشه وألقى نفسه عليه وذهب بثبات عميق، هروبا من واقعه المرير        

تابع قراءة الفصل