رواية جديدة كله بالحلال لأمل نصر - الفصل 19 - 1 الجمعة 17/11/2023
قراءة رواية كله بالحلال
تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى
رواية كله بالحلال
رواية جديدة قيد النشر
من قصص و روايات
الكاتبة أمل نصر
الفصل التاسع عشر
1
تاريخ النشر الجمعة
17/11/2023
- ابوة يا بسمة، هما فعلا راجعين من عندهم، قروا الفاتحة واتفقوا على كل حاجة، انتي مين قالك؟
خرجت الكلمات ثقيلة على اللسان ومؤلمة للقلب، فهي تشعر بوجعها، مهما ادعت الأخرى القوة وهذا التماسك الذي تلمسه منها بصورة تثير العجب، ولكنها مجبرة فقد وصل اليها الأمر من جهة ما، قبل ان تخبرها هي بذلك.
- مردتيش يا بسمة، مين اللي قالك؟ دول يدوب راجعين ملهومش نص ساعة، لحق الخبر ينتشر؟
وصلها صوت زفرة ذات صوت عالي قبل ان تجيبها:
- الخبر جاني من المصدر نفسه يا ليلى، رانيا اتصلت بيا تبلغني وهي طايرة من الفرح، تصدقي بقى؛ ان البنت دي اول مرة تحصل منها، عمرها ما قالت عن اي شيء يخصها مهما حاولت اجرجرها في الكلام ما بينا، مش تتصل بيا مخصوص عشان تبلغني، بحاجة مهمة زي دي، رانيا كمان طلعت مش سهلة يا ليلى .
- دي بنت مستفزة ووقحة،
صدرت من الاخيرة بانفعال لم تكتمه، فعقبت الآخرى بسخرية:
- ما تظلمهاش يا ليلى، دي ماشية بالريموت كنترول اساسًا، تلاقي حد وزها تعمل كدة، الشيء اللي انا، مستغرباه بقى؟ اشمعنا انا اللي دونا عن الخلق تتصل بيا؟ انا كلمت كذا واحدة اعرفها من صحابنا اسألها عن الموضوع، ولا واحدة فيهم كانت عارفة، وانا صداقتي بيها بصراحة مش لدرجة الانتيم ولا درجة الترابط حتى، عشان تحطني في قائمة أولاوياتها
وصلها مغزى كلمتها، فهي ليست غبية حتى لا تفهم الى ماذا ترنو بحديثها:.
- بسمة، هو انتي شاكة ان ماما هي سلطتها؟ معقول ؟ طب هي تعرف منين؟ عزيز اخويا مجبش سيرتك نهائي قدامها، مهما حاولت تستفزه بكلامها.
ضحكت ترد بدون مرح:
- انتي طيبة اوي يا ليلى، كل اللي بيحصل ده ولسة مفهمتيش ان مامتك فاهمة كل حاجة...
تابعت امام صمت الاخرى، التي ينتابها الشك بالفعل:
- مش عايزة اقول انها مستقصداني، بس ع الاقل انا متأكدة اوي انها عارفة اللي ما بيني وبين عزيز.... ياللا بقى
رددت خلفها باستهجان وعدم تصديق:
- ياللا ايه؟ انتي بجد عايزة تفهميني ان الموضوع بقى بالنسبالك عادي؟ انتي بتتكلمي عن عزيز وعن خطوبته يا بسمة.....
- لا مش عادي يا ليلى، وعشان تبقي عارفة، انا متأكدة ان اخوكي كان هيعمل كدة، انا انسانة بتفكر بعقلها، حتى لو قلبي بيبكي من جوا ، عمري ما هخلي حد يسمع شكوته ولا أنينه من الداخل، ويوم ما تحكم ان ادوس عليه هعملها، قولتها قبل كدة، انا لا يمكن هفبل ادخل معركة صاحبها، مش هماه.
خيم الصمت لفترة طويلة من الوقت، حتى ظن بها المرابض خلف الباب بانتهاء المكالمة، حتى وصله صوت شقيقته:
- عندك حق يا بسمة، انا كمان معاكي في الرأي ده، هو يستاهل اساسًا كل اللي يجراله، خليه مع رانيا بشخصيتها المش مفهومة دي، ان كان ضعف ولا سهتنة ، انا فرحانة فيه.
- اه يا حيوانة.
دمدم بها بغيظ، ليتراجع عن الدخول اليها،، مقررًا العودة لغرفته، يؤجل مناقشته معها لوقت اَخر حتى يستفيق لها، هذه الملعونة التي تقف معها ضده، ألا يجدر بها الإصلاح!
❈-❈-❈
دلف الغرفة ليصفق الباب خلفه بغضب، يركل بقدمه الكرسي الذي أمامه، حتى قلبه على الأرض للناحية الأخرى، تخصر واضعًا كفيه على خصره من الخلف، يزفر انفاس خشنة، يجاهد بصعوبة السيطرة على حريق يسري بداخله، لماذا انقلب كل شيء فجأة ضده؟
لماذا لا يتمكن من الحصول على ما يرغبه؟
- ولكن ما هو ما يرغبه؟...... تبًا
لقد تأكد الان انه يريدها ولا يريد امرأة غيرها، لقد جلس اليوم مع الفتاة التي ابهرته في أول مرة رأها بها، حتى انه وافق على خطبتها على الفور، وقد اغراه حسنها الظاهر للعيان بقوة، اما اليوم... فقد رأى هذا الجمال شيء عادي، بل وأقل من العادي، بالإضافة إلى ما لمسه من عيوب في شخصيتها المرتبطة دائمًا بما يقرره لها والديها، ومن ينوب عنها في الرد كلما حشرت في زاوية وطلب منها الرد
عكس الأخرى، يا إلهي... لقد كانت تنعشه في ردودها، تجمع بين الخصال الجيدة ومكر الساحرات، حتى وان لم تكن بجمال الأخرى، ولكنها تتفوق عليها في كل شيء، ماذا يحدث لك يا عزيز؟ ماذا يحدث؟
سقط بثقله على التخت ، يتناول هاتفه ليعيد الكرة
بمهاتفتها مرة أخرى بإصرار لن يمل منه، ولكن وقبل ان يفعل، تفاجأ باتصال شقيقها، في صدفة غريبة استعجب لها بالفعل، يبدوا انه كان يتصل به منذ فترة ولكنه لم ينتبه ، وذلك لتفعيله في وضع الصامت،
استجاب يجيبه على الفور:
- الوو.... اهلا يا ممدوح.
- اهلا يا عم الحج، جرا ايه يا عم عزيز؟ تماتين مرة ارن عليك ولا مرة فبهم ترد.
- يا راجل، تمانين تمانين، انت متأكد
خرجت منه بلهجة مرحة، قابلها الأخر ضاحكًا:
- يا عم الحج، مدوقش، بس انا فعلا والله حاولت كتير معاك في الاتصال.
رد بأسف موضحًا له:
- معلش انا بعتذر، بس بصراحة انا كنت مخليه على وضع الصامت عشان كان عندي مشوار مهم، ويدوب راجع مبقاليش فترة كبيرة .
قابل اعتذاره بتسامح يجيبه:
- خلاص يا عم ولا يهمك انا مش هدوق معاك، خلينا دلوقتي في الموضوع اللي انا عابزك فيه.
- قول يا باشا الموضوع اللي انت عايزني فيه، انت تؤمر.
- الأمر لله وحده، اقولك با سيدي.
❈-❈-❈
خلعت عنها النظارة التي دائمًا ما ترتديها اثناء المطالعة على اللوح الإلكتروني، أو القراءة كي تصفح وسائل التواصل الاجتماعي عليه، لتعطيه انتباهاها بالكامل سائلة باستفسار عما تفوه به:
- بنقول مين؟ مين اللي عايز يتقدم لليلى؟
رد يجيبها بهدوء ، غير مباليًا للعاصفة التي تلوح في الافق بتصربحه:
- بقولك ممدوح يا ماما، دا شاب ممتاز بيشتغل في شركة محترمة، والده يبقى رجل الأعمال الاستاذ شاكر، شاكر عبد اللطيف...
- اللي هو والد بسمة صاحبتها صح؟.
خرجت منها مقاطعة له بحده وانفعال ظهر جلي ، انتبه له جيدًا، وبفعل عبثي لعب حاجبيه لتزداد اشتياطًا، مع تذكرها بهوية الشاب، الذي التقت به منذ أيام ، بعد الشجار الشهير بينه، وبين سامح، فصاحت به موبخة:
- انت مجنون؟ عايز تدخل بيتنا الولد قليل الأدب اللي اتخانق مع ابن خالتك وضربوا، دا اللي لايف على اختك ، وبيخرج معاها في الكافيهات.
علق بهمس محذرًا
- ماما خلي بالك، عشان انتي بتتكلمي على بنتك؛ اللي هي قالتلك من الأول عن نية الولد في الارتباط بيها، يعني مش بيسرح ولا يتسلى بيها.
- عنه ما نيل، احنا مالنا بيه؟ روح قولوا ما عندناش بنات للجواز .
قابل ثروتها بحزم متحديًا:
- لا يا ماما مش هقول، عشان انا اديت الراجل ميعاد، وهيجي هو ووالده يطلبوها وساعتها نقرر احنا بعد ما نشوف الدنيا.
بشراسة اعتلت ملامحها، حتى احتقن وجهها بالدماء ليصبح ككتلة حمراء ملتهبة، احتجت بانفعال شديد:
- انت عايز تشلني، الموضوع مرفوض من البداية، يبقى ندخل الناس دي ليه عتدنا؟ ولا هو غباء وبس؟
وكأنه وجد فرصته، واصل بتحديها قائلًا:
- لأ يا ماما مش هيحصل، واعتبريه غباء زي ما بتقولي، انا اديت كلمة للراجل ومش هرجع فيها، لو شايفاني عيل، اعملي اللي في دماغك بقى واطردبهم، عشان ساعتها اسيبلك البلد واللي فيها......
توقف وصوت ضجيج انفاسه يدوي بقوة في محيط الغرفة التي ساد بها الصمت، ولم يتبقى سوى حرب النظرات بين الاثنين، قبل ان يستأذن بأدب وابتسامة مستفزة:
- انا شايف ان قولت كل اللي عندي، عن اذنك بقى يا ست الكل.
ذهب من الغرفة لتُلقي هي من خلفه باللوح الذي كانت تمسك به، تدفعه عنها بعيدًا، صارخة بغضب:
- ابو بسمة ع اللي يعرف بسمة، هو انا مش هخلص من الزفتة دي؟ ابعد عنها من ناحية، تلفلي من الناحية التانية.