-->

رواية جديدة كله بالحلال لأمل نصر - الفصل 18 - 1 الخميس 16/11/2023

 

قراءة رواية كله بالحلال

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى


رواية كله بالحلال

 رواية جديدة قيد النشر

من قصص و روايات 

الكاتبة أمل نصر


 الفصل الثامن عشر

1

تاريخ النشر الخميس

16/11/2023


عابث!

نعم هو العابث الفاسد الذي قضى الشطر الأكبر من سنوات عمره في الركض خلف الفتيات، وتعليق هذه في عشقه، ثم كسب الرهان الذي عقده بين اصدقاءه على أخرى، مغتر بجمال هيئته، وجاذبية التصقت به،  نظرا لوسامته، وذكاء تصرفه في أصعب اللحظات. 


إلا هذا الموقف، أن يجبر على فعل على غير ارداته، هذا ما لم يتوقعه ابدا. 


- بشمهندس عزيز ساكت ليه؟

توجهت له المرأة بالسؤال تقطع عنه حالة الصمت التي تلبسها منذ دخوله المنزل، الامر الذي قد يظنه البعض ادبًا منه، وهذه الملحوظة بالطبع،  لن تفوت والدته:


، سيبي عزيز في حاله يا ست نرجس، هو أكيد مكسوف منكم، ولا انتوا فاكرين الكسوف لبنتكم انتو بس؟ 


قالت باشارة نحو الفتاة التي اطرقت رأسها بخجل تداري ابتسامتها المترافقة مع ضحكات والديها، استجابة لمزاح منار التي كانت تجاهد كي تغطي على وجوم ابنها وعزوفه عن المشاركة بالأحاديث الدائرة معهم، في هذه الجلسة التي جمعتهم بمنزل رانيا لإتمام الخطبة.


رسم عزيز ابتسامة صفراء، ظهرت جليًا لمن يراه، ليحدج والدته بنظرة محتدة، تدخلت ريهام ملطفة هي الأخرى بطريقتها، رغم حالة الضجر التي تكتنفها، من أجله، بعد أن اتى مجبورًا معهما:


- هو مش كسوف بمعنى الكسوف يعني، بس تقدروا تقولوا كدة، متهاب الموقف، دي اول مرة يخطب يا جماعة، ولا انتوا مش واخدين بالكم ولا ايه.


تبسمت السيدة نرجس، لتعلق ردًا لها:

- لا طبعًا يا حبيبتي واخدين بالنا، بالظبط زي بنتنا ، رغم ان جالها عرسان كتير اوي يطلبوها، بس النصيب بقى.......


- زي ما رفضتوني انا قبل كدة، مش كدة برضوا؟

باغت المرأة برده حتى تلجمت تناظره بتوتر، فتكفل زوجها قائلًا بحرج:


- يا بني دا كان سوء تفاهم، وراح لحاله خلاص، ربنا يجازي بقى اللي كان السبب، احنا والله بعد ما فهمنا الحكاية من الست منار والدتك، اجبرنا رانيا  تقطع علاقتها مع البنت صاحبتها دي دوغري، بنت قليلة ادب.


التقط الأخيرة ليتوجه بحديثه الحاد نحو الأخيرة سائلًا:

- وانتي بقى يا رانيا، لما قالولك اقطعي علاقتك مع صاحبتك، روحتي فاطعة دوغري كدة، طب مش يمكن البنت كانت بتكلمك لمصلحتك زي ما انتي كنتي فاهمة ، ما هو الفيديو حقيقي على فكرة. 


- هاا 

دمدمت بها تطالعه بتشتت، حتى تطلعت لوالديها تبتغي الدعم،  والذي اتى اليها من جهة أخرى، وقد تكفلت منار بالرد مدافعة:


- دي تفارقها من طول دراعها كمان، رانيا بنت شطورة وبتسمع كلام اهلها، اللي زيها من البنات يتعدوا على الصوابع دلوقتي.....

توقفت عن اللهجة القوية نحو ابنها ، لتردف موجهه خطابها للرجل وامرأته بتملق مبالغ فيه :


- انا بجد بهنيكم على تربيتها، يا خير ما فعلتوا، بنت جميلة وترفع الراس، حقيقي اتشرفت بيكم وبنسبكم، هي دي اللي تتمناها اي ام لابنها 


كان لحديثها اثر كالسحر على الرجل والمرأة، والفتاة التي زاد خجلها حتى لم تعد قادرة على كبح ابتسامة الفرح، بعد هذا الإطراء الكبير، الذي تتلقاه من جبهة قوية يعتمد عليها في المستقبل.


ومن ناحيتها، انتقلت منار بنظرة محذرة نحو ابنها، حتى يكف عن هذه المحاولات المكشوفة من اجل إفساد الخطبة، وقد خاضت معه حربًا ضروس، طوال الايام الماضية، ما بين الضغط بعاطفة الامومة، ثم كرامتها التي سوف تهدر بعدم تنفيذ ما اقدمت عليه، امام البشر التي شهدت على إعلانها،  لتصل اَخيرا به إلى هنا، تتوعد انها لن تتركه سوى بغلق باب شقته، بعد ان تزوجه بالفتاة،  اختيارها الصحيح. 


سرى بينهما حديث بالنظرات والرسائل الحادة انتبهت عليه ريهام بينهما،  لتقبض بكفها على رسغه بدعم ، جعله يتطلع لها مذهولا لهذا التغير المفاجئ منها، ليستدرك انه أصبح يلتمسه هذه الأيام منها كثيرًا، ولكنه كان غافلا عن ذلك، في غمرة انشغاله بما تورط به، والمطالبه بإتمامه على غير ارادته .


❈-❈-❈


وفي المنزل 

والذي رفضت مغادرته،  لتلتزم محلها في عدم الذهاب معهم، ومشاركه هذا الحدث الهام رغم الضغط المضاعف من والدتها نحوها والمحاولات المستميتة، تارة باللين وتارة بالشدة، وتارة بالسباب، حتى يأست منها، لتلكزها بضربة قوية على ذراعها، ما زالت تدلك موضعها حتى الآن، وتمرر على اثره بالثلج؛


- اه يا دراعي، ماشي يا ماما، وديني ما انا حاضرة اي اجتماع ما بينكم، ولو حصلت، همنع نفسي كمان عن الفرح نفسه، واشوفك بقى ساعتها هتجريني ازاي غصب عني؟


تمتمت بها بتوعد،  وهي تبحث داخل صندوق الاسعافات ، حتى وجدت الدهان المخصوص بالكدمات، لتأخذ منه جرعة وتمررها على الموضع المحتقن:

- اه اه، دا بيحرق دا ولا ايه؟


كانت غمغمت بها حتى اجفلها صوت جرس المنزل، والذي كان يدوي باستمرار، لتُحكم اغلاق الانبوب سريعًا واعادته الى مكانه، قبل ان تتحرك وتشد قماش كمها عل  الجزء المكشوف،  


وصلت الى المدخل كي تقوم بفتح باب المنزل الخارجي، وما ان وقعت عينيها عليه واقفًا امامها، حتى تراجعت للخلف، مقررة غلق الباب دون أدن كلمة واحدة، ولكنه كان الأسرع بأن تصدر بكتفه،  يمنع عنها فعل ذلك، ليردد لها بغضب:


- عايزة تقفلي الباب في وشي يا ليلى؟ بقى ده زوق ولا فعل يخرج من بينت اصول ولا مر عليها الأدب حتى؟


قارعته بتحدي من خلف الباب الذي تجاهد لغلقه:

- تمام يا سيدي، انا لا عندي أدب ولا مر عليا الزوق فعلا، انت بقى خلي عندك دم وجر عجلك وارجع ، عايز مني يا ايه غتت؟ البيت مفيهوش حد غيري .


تابع بإصراره:

- وافرضي مفيهوش حد غيرك، ما انا برضوا مش غريب، ولا اخلاقي تسمح باي حاجة مش كويسة، ولا انتي مصدقتي تلاقيها فرصة، اعقلي بقى وبطلي شغل العبط  ده،  انتي ملكيش حد غيري اصلا. 


توقفت فجأة لتزجره بغضب:

- ودي خدتها فين ان شاء الله؟ معاك عقد الملكية ولا حد قالك اني فاقدة الاهلية، ولا عقلي راح مني عشان انكفي دماغي واوافق على حد زيك، ما تفوق يا سامح بقى من أوهامك دي.


- لا يا حبيبتي الكلام دا تقوليه لنفسك.

قالها ليستقيم بجسده يعدل من هيئته، بعد ان استرعى انتباهاها وجعلها تتوقف عن دفع الباب، ليتسطرد بغرور:


- اعقلي يا لولو، وبلاها من الغباء اللي بيأذي صاحبه ده، انا مقدر إنك عايزة تتمردي على سلطة خالتو، بإنك تتحديها وترتبطي بحد تاني غير اللي هي عايزاه، بس تفتكري يا قلبي، واحدة زي مامتك،  اللي أجبرت عزيز بجلاله قدره،  يروح برجليه ويتمم خطوبته برانيا...... هتغلب مع كتكوتة زيك؟ 


قال الأخيرة وقد امتدت اصابعه نحو ذقنها، دفعتها هي عنها بغيظ، زاده انتشاءًا ليردف بتسلية:

- انا مقدر ان انتي لسة صغيرة يا لولو، ومش فاهمة الدنيا صح، ودا اللي خلاكي تقعي فريسة في ايد البنت اللي اسمها بسمة دي، لفت عليكي وخلت اخوها التافه يرسم دور الحبيب عشان مصلحتها،  مصلحتها في انها توقع عزيز ، عزيز اللي كل البنات تتمنى الارتباط بيه، فهمتي بقى يا لولو؟


- يا عم وانت مالك؟

صاحت بها بوجهه باحتقان دفع الدماء بأوردتها،  لتتدفق كحمم تغلي.

-  هو بيضحك عليا ولا اخته عاملة خطط، انت مالك؟.

انا في كل الحالات مش قبلاك، مبطيقكش ولا طايقة ابص في وشك، حل عني بقى، دا انا واصلة معايا لاخر الكوكب منك يا أخي، صنفك ايه يا جدع انت؟


بصراخها الاخير به امتقع وجهه وانتفخت اوداجه غيظًا وغضب، ليهدر بتهديد ووعيد:

- تمام يا ليلى، خليكي قد الكلام اللي بتهلفطي بيه ده، عشان بكرة هتدفعي تمنه غالي اوي، انا مش هفوتلك من هنا ورايح ولا كلمة، كله هيبقى مرتد عليكي في الاخر، وخلي دماغك الناشفة دي تنفعك. 


لم تكلف نفسها عناء الرد عنه بعد ذلك، لتباغته فجأة بصفق الباب بوجهه بقوة اهتزت لها جدران المنزل، ليغمغم هو بغيظ بعدها:

- ماشي يا ليلى، ماشي، ما بقاش انا سامح ابن الدكتور الفيومي ولا والدتي تبقى نغم هانم، ان ما كانت احاسبك حساب الملكين على كل غلطك ده، ماشي يا ليلى، مااااشي.


تابع قراءة الفصل