-->

رواية روضتني 2 (الجزء الرابع من رواية ترويض الفهد) طمس الهوية -لأسماء المصري - الفصل 23 - 3 الأحد 12/11/2023

  قراءة رواية روضتني 2 (طمس الهوية) كاملة

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى

 

 


رواية روضتني 2

(الجزء الرابع من رواية ترويض الفهد)

طمس الهوية

للكاتبة أسماء المصري


الفصل الثالث والعشرون 

الجزء الثالث

تم النشر يوم الأحد

12/11/2023


وصل المصعد فخرجا وهي تكمل حديثها:

-يعني لغيت من حياتي فكرة الارتباط عموما.


وقفت بجواره وهو يشير لفرد الأمن حتى يحضر سيارته واستمعت له متحدثا بجدية:

-رأيك طبعا يحترم، بس يمكن انتي مقرره ده دلوقتي عشان لسه تجربتك الأخيره مأثره عليكي، بس متعرفيش ربنا شايل لك ايه في المستقبل.


دلفت بعد أن قام بفتح الباب لها كلفتة رقيقة منه دائما ما فعلها بحضرتها وعقبت عليه فور أن هم بالقيادة:

-يمكن، بس انا حاليا الموضوع مرفوض بالنسبة لي نهائي وهي مش متقبله ده، فياريت وحضرتك بتتعامل معاها متاخدش على تصرفاتها.


أومأ وهو ينظر للطريق أمامه فسألته وكأنها تذكرت أمرا:

-صحيح خطيبتك عامله ايه؟


انعقد حاجبيه والتفت ناظرا لها وأجاب:

-أنا مش خاطب.


نسى للحظة أنه اضطر للكذب عليها بشأن ارتباطه سابقا ولم يتذكر حتى سألته متعجبة:

-هو حضرتك مش كنت مرتبط وهتخطب؟


تذكر واتسعت حدقتيه وتدارك خطأه فورا:

-ايوه بس معتبرش خاطب لسه والصراحه كده أنا وهي بينا مشاكل وتقريبا على وشك الإنفصال.


تحاورت معه وكأن الأمر يخصها هي:

-ليه بس؟ حاول تحط نفسك مكانها لما يبقى في مشاكل وهتلاقي مشاكلكم بتتحل من غير زعل.


ركز بصره على الطريق وهو يحاول إيجاد مخرج لتلك الكذبة وبنفس الوقت لا تظهره شاب يتلاعب بمشاعر الفتيات:

-صدقيني بعمل كده واكتر، بس هي سطحيه اوي وعايزه بس خروج وسهر وهدايا ومش بتفكر غير في كده وآخر مشكله جت بالصدفه اصلا.


نظر لها بلمحة سريعة وعاد ينظر للطريق بعد أن وجدها منصتة باهتمام وتابع:

-لما جبت سيرة الخطوبة والجواز والمسؤليات والأطفال لقيتها بتقولي انها مش عايزه تخلف عشان جسمها ميبوظش.


التفت يسألها رأيها:

-تفتكري اللي زيها تنفع تبقى زوجه أو على الأقل الزوجه اللي في بالي؟


فاجئته بسؤالها الذي قلب موازين المحادثة:

-وشخصيتها اللي قاعد تنتقد فيها دلوقتي دي مكانتش باينه في الأول يعني؟ ولا كنت عارفها بس غيرت رأيك؟


عض على شفته وهي تحاصره بفكرها الناضج:

-لو شخصيتها زي ما بتحكي فمستحيل تكون مستخبيه واتفاجئت بيها، أكيد كانت واضحه من الأول وكنت قابلها بدليل أنك فكرت تتجوزها، صح؟


وافقها ورد وهو يتنفس بعمق محاولا الخروج من هذا المأزق:

-كانت باينه صح، بس كلنا قبل الجواز بنحب الفسح والسهر وحياة الشباب وبعد الجواز والاستقرار كل ده بيتغير، أنا اتفاجئت أنها عايزه تكمل حياتها بنفس النمط حتى بعد الجواز وده أنا مش ممكن أقبله ولما أصريت على رأيي لقيتها بتقولي نبعد شويه عن بعض عشان ناخد قرار صح من غير مؤثرات.


تعجبت وسألته:

-هي اللي طلبت الإنفصال؟


أومأ وبدل سرعة السيارة ليبطئها حتى يدلف الشارع الضيق المتواجد به منزلها:

-فبصراحه كده أنا قررت انفصل عنها لاني متأكد انها مش هتوافق تكون أسره بشكل طبيعي زي باقي الناس.


صعدا للطابق الذي تسكن به وطرقت الباب ففتح لها والدها الذي رحب برب عملها ترحيبا حارا بناء على توجيهات زوجته التي حثته على محاولة التقرب منه ليصبح المخرج لابنتهما من حالتها الحزينة.


دلف يزن وهو يحمحم بحرج:

-السلام عليكم، ازي حضرتك يا عمي.


ابتسم محمود له وأجلسه بالصالة وفور أن جلس خرج السيد ليرحب به فوقف منتفضا ليصافحه باحترام:

-أهلا يا حاج، ازيك وصحتك عامله ايه.


ربت ذلك الكهل على كفه:

-الحمد لله يا بني.


تحدثت نرمين وهي تتحاشي التقاء عينيها بخاصتيه:

-أنا هروح أساعد ماما وطبعا البيت بيتك يا يزن بيه.


هز رأسه وتحدث فور مغادرتها:

-مش قادر اتعود على الرسميات دي خالص والله يا حاج، بس واضح إن تأثير فارس قوي جدا.


هز السيد رأسه موافقا على حديثه ونظر ﻷبنه:

-روح يا محمود خليهم يعملولنا حاجه تتشرب على الأكل ما يخلص.


فهم الأخير نظرات والده بتركهما بمفردهما ففعل على الفور وتحرك الجد ليقترب منه وربت على قدمه متحدثا له وهو يبتسم:

-ازيك يا بني ونرمين عامله معاك ايه في الشغل؟


رد مطريا عليها:

-ممتازه والله، شاطره جدا وبتتعلم بسرعه.


أيده الجد وهو يهز رأسه بعد أن استند براحتيه على عصاه:

-هم أحفادي الحمد لله ربنا فرحني بيهم كلهم، شاطرين في شغلهم وناجحين في حياتهم بس نرمين حاجه تانيه.


التفت يركز بصره عليه وتابع:

-نرمين كلنا دايما بنقول عليها أنها أشطر واحده في البنات وأجدع واحده وحتى أعقل واحده مش بتكلم بس عن شيرين وياسمين، دي أحسن واحده في أحفادي كلهم بس نصيبها كان وحش.


ظل مستمعا له وهو يضيف:

-موضوعها مع مازن أخدت القرار فيه لوحدها وكان المفروض مننا دعمها بس بدل ما ندعمها ضغطنا عليها بجوازها من مالك وده السبب في اللي حصل.


عقب عليه يزن:

-ﻷ يا حاج اسمحلي، ضغطكم عليها يمكن سرع الجواز بس مش هو السبب في النداله اللي حصلت منه ومن اخوه.


تنهد السيد وهو يخبره:

-ما احنا لو كنا اديناها الفرصه والخطوبه طولت شويه كانت هتعرف شخصية الشخص اللي قدامها لأنك مش هتعرف حقيقة الي قدامك إلا بالوقت.


رد عليه الآخر:

-اللي زي أنس ده بيعرف يمثل كويس أوي ومكانتش هتعرف حقيقته إلا بالشكل اللي حصل ومش معنى إن حظها كان وحش مره ولا اتنين حتى فتتعامل في حياتها إن ده مبدأ وترفض أي تجارب جديده.


ابتسم السيد فورا وسأله:

-وأظن مهمة تغيير رأيها ده هتبقى عليك لوحدك ولا ايه؟


غمز له بعينه اليمنى فشعر يزن بالخجل ولمعت عينه وقد فهمه هذا الكهل وصرح توا بقبوله فهمس متسائلا:

-هو أنا باين عليا؟


ضحك الجد وهو يومئ له:

-باين بس، ده أنت عنيك بتقول أذوب شوقا.


ضحك الجد وبادله يزن الضحك عاليا ولكنه عاد لهدوءه وجديته وهو يهمس بالقرب من أذن الجد:

-ساعدني يا حاج، أنا خايف أحاول وأفشل وهي وكأنها دايما بتأكد قدامي إنه مستحيل.


ربت الجد على كتفه وهو يطمئنه:

-أنت إنسان كويس وكفايه إنك قريب فارس أصل فارس عندي حاجه كبيره أوي يا بني وانا كمان ليا مكانه عنده غير كل الناس بس خد خطوات بطيئه كده عشان متهربش منك.

❈-❈-❈ 


خرج الطبيب ليطمئن ذلك الجالس قلقا فوقف فورا يستمع له:

-الحمد لله قدرنا نوقف النزيف وأصلا الرصاصه خرجت من ظهره بس اضطرينا نستئصل جزء من الكبد.


اتسعت حدقتي فارس وهو يستمع لوصفه الطبي:

-أول ما يفوق هيحتاج رعايه جامده لحد جسمه ما يقدر يشتغل بكبد ناقص بس واحده واحده هيتحسن إن شاء الله.


تركه الطبيب بعد أن أخبره بنقله للرعاية المشددة وظل فارس يقف متسمرا أمامه وهو يتخيل كم سيعاني حارسه الأمين بعد شفاءه وجسده لم يعد يعمل بكفاءته المعتادة.


مسحت ياسمين براحتها على ظهره:

-إن شاء الله هيبقى كويس يا فارس.


أومأ وهو يصر على أسنانه يسب ويلعن:

-غبي، بني آدم غبي ومعاشرته لچنى خلته متهور وتصرفاته عرضت حياته قبل كده للخطر وبرده متعلمش، ودلوقتي كمان بيخاطر بحياة الناس.