رواية جديدة وحش قمران لمحمد رمضان - الفصل 1 - السبت 30/12/2023
قراءة رواية وحش قمران كاملة
تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى
رواية وحش قمران
رواية جديدة قيد النشر
من قصص و روايات
الكاتب محمد رمضان
الفصل الأول
تم النشر السبت
30/12/2023
متى يكون السر سرًا برأيكم؟ هل عندما يحكيه لكَ شخصًا قائلًا: لا تُخبر أحد؟ أم عندما يقول لك صاحبُ السّر لا تقول لهذا الشخص؟ ولكن هل هذا يعني أنه مسموح لكَ أن تُخبر الجميع إلا هذا الشخص الذي تم تحذيرك منهُ؟
أعرفكم بنفسي الغير حقيقية..
أنا ليث ابن قمران، أمارس الطب.. أقصد أنا طبيب، و لي من العمر 37 عامً. محل الإقامة: بايرن ميونخ|المانيا.
بدأ كُل شيء عندما أتى لي جوابٌ بالذهاب ضمن بعثةٌ للطاقم الطبي الألماني وهذا لحضور مؤتمر يتحدث عن الأمراض العصبيِّة ويحضره أكثر من 100 طبيب هُم الأشهر والأمهر على مستوى العالم العربي والغربي.
لا يجدر ان اقول العالم الغربي فقط، فأنا الوحيد من كان عربيٌ هُناك.
❈-❈-❈
يتحدث بلهجة عربية ركيكة قائلًا:
- دكتور "ليث" أنرت بايرن يا رفيق خمسة سنوات مروا ولم نراك فيها يا رجل.
رتبتُ ياقة قميصي، ونهضتُ من ما كنتُ عليهِ، متشرنقًا حول مقعدًا لا يُريحني البتة، وبعد أنتهاء المؤتمر..
- دكتور "كارلسفيني" مرحبًا يا رجل كيف الحال؟
ثم نظر إلي دكتور كارلسفيني في غضبٍ مصطنع، قائلًا:
- نعم أيها الطبيب المُخادع تتظاهر بأنك على تواصل دائم أيها الماكر.
- لا صدقني دكتور "كارلس" كُل ما في الأمر عبارة عن سخافات وانشغالات لمزاولة كابوسنا الأبدي "الطب" يا رفيقِ..
- أيًّا كان يا ليث، عشائك اليوم عليّ. ثمَّ أنَّ لدي موضوع في غايةِ الأهمية أريد أن احدثك بهِ، ولذلكَ سأنتظركَ في تمامِ التاسعة مساءً.
تعجبت كثيرًا فليس من عادة الأجانب أن يتبادلوا السلام بحرارة، والأهم ليس من عادتهم أن يعزموا بعض على عشاءً هنيئًا! ولكن لم أُفكر كثيرًا وقبلت العشاء..
❈-❈-❈
الساعة الآن التاسعة تمامًا وهو كما يُعرف عند الغربيوُّن، يُسلمك زوجته وابنته وعمته ولا يُسلمك وقتًا اضافيًّا
نجلس الآن على مائدةِ الطعام معي دكتور كارلسفيني وميس كارلسفيني والإبنة الصغري جين كارلسفيني.
سُرعان ما انتهينا من الطعام وذهبتُ أنا و دكتور كارلس إلى غرفة الزائرين، جالسين وحولنا تلك المدفأة الموقدة بالنيران الطفيفة.
- ليث، لدي حالة مستعصية، ليست حالة من المُعتاد أن نراها.
- كيف دكتور كارلس؟
- سأحكي لك القصة:
أمس جاءنا طفلين في المستشفى وحالتهم حرجة. الأولى هي فتاة في الحادية عشر من عمرها وهي "لورا ماكدانيل" والثاني هو صبي في الثانية عشر من عمره يُدعى " غونتر ماكدانيل".
في ليل يوم الأثنين جاءنا خبر بموت الناخب الألماني
"ثيودور ماكدانيل" وزوجته "فينسا ماكدانيل".
وكان موتهم عن طريق عيار ناري في منتصف الرأس لكلًا منهما.
وعندما ذهبت الشرطة على صوت اطلاق النار.
وجدت جثتهما ووجدت الصبي" غونتر" مصاب بشظايا طلقة نارية في رأسه..
- مُصاب! يفترض أن يكون ميت دكتور كارلس! إنَّها الرأس يا دكتور!
- دعنى أكمل.
- آسف تفضل.
- لقد احضروا الفتاة "لورا" وهي لا تستطيع التحدث، تعاني من صدمة عصبية حادة، مما أدى لفقد ذاكرة مؤقت لديها.
أما عن الطفل فوجدنا اعضاءه الحيوية تعمل رغم اصابته! وأين في رأسه!
- دكتور كارلسفيني، سؤال من فضلك؟
- بالطبع.
- هل تلك عند المراكز العصبية المسؤلة عن الشعور والأحساس! أقصد هل يعمل الجهاز العصبي ويوصل الشعور بالألم للصبي.
- هذا تمامًا ما اريد قوله.، تلك الشظيه اصابت هذهِ المنطقة بالتحديد.
صدمةٌ أعترت أوصالي وأيتمت مداخلُّ عقلي الفكريّة مما سمعته، وسرعان ما بادرت بالسؤال لدكتور كارلسفيني.
- وعندما.. أقصد وعندما اخرجتم الشظية هل وجدتم تفسيرًا لِمَّ حدث؟
بدأ دكتور "كارلسفيني" يضحك قائلًا:
- ومن قال لكَ أنَّنا اخرجناها؟ إنَّها المرة الأولى التي نجد بها حالة مثل هذهِ، وكنا سنجري العملية، ولكن عملتُ بمجيئك.. قيمة مثلك وطبيبٌ يملك عبقريةً فذّة، هو من يصلح لتلك الحالة.
سُرعان ما نهضت من مكاني و ارتديت معطفي وقلتُ لدكتور "كارلسفيني":
- هذا خطر، ان هذا الصبي في خطر، الآن سنذهب لهُ
- الآن؟
- الآن كارلس لا وقت لدينا.
❈-❈-❈
اقف الآن مرتديًّا الزي الخاص بالأطباء في العملياتِ الجراحيِّة وبجواري دكتور كارلسفيني واثنين من المساعدين.
بدأت بشق الرأس ومُمسكًا بالأدوات الجراحية التي سألتقط بها الشظية وأخرجها.
ولكن سأخبرك بشيءٍ هام وهذا بحكم خبرتي كطبيب جراحي:
عندما يُعالج الدماغ الإشارة العصبية ويُفسرها على أنها إحساس بالألم، يُصبح الشخص مدركًا للألم. تتباين مُستقبلات الألم ومساراتها العصبية في مناطق الجسم المختلفة. ولهذا السبب، فإن الإحساس بالألم يختلف بحسب نوع وموضع الإصابة.
- لماذا كل هذا دكتور ليث؟
- اخبرك يا دكتور تفسير منطقي لِمَّ قلتهُ لي، لا وجود لشخص لا يشعر بالألم.
- سرعان ما بدأت اصبُ كل تركيزي على تلك الحالة واخرج تلك الشظية.
ولكن تبًا! تبًا للطب وللعلم..
إنَّ للمشاعر منقطة بالمخ تتحكم، تُسمى بالجهاز الحوفي، الذي يقع في الفص الصدغي، بينما يتكون الجهاز الحوفي من أجزاءٍ متعددة من الدماغ، ومركز المعالجة العاطفي هو اللوزة، الذي يستقبل مدخلات من وظائف المخ الأخرى، مثل الذاكرة والانتباه.
كنت اتحدث قائلًا هذا للحضور..
- دكتور ليث! لماذا تقول هذا الأن!
- لأنه.. لأنه لا جهاز حوفي لديه ومستأصل نصف لوزته التي تستقبل أي مشاعر، الخوف، الحزن، الألم، كل هذا. إن هذا الصبي لا يشعر بكل تلك المشاعر المُستقبلة لهُ.
وقع المشرط من يد دكتور كارلسفيني وبدأ على وجههِ قسمات الخوف والرعب تظهر.
- تقول، حتى الوحوش تشعر، فما موقف الإنسان في هذا...
- لا، نحن لا نعرف، وانا اخرجت الشظية، متبقي وقتًا فقط، ويفيق الصبي.
- هل تدري ما معنى هذا حقًا!
- نعم.
- سأذهب للفندق اليوم للنوم وأنت لن تذهب للبيت، لتبقى مع الصبي "غونتر" للغد، سأتي مساءً. والآن وداعًا د.كارلسفيني.
❈-❈-❈
وهنا بدأ كل شيءٍ:
في مساء اليوم التالي من اجراء العملية ذهبت للمستشفى وكان بها عدد مهول من الصحافيين، ورجال الشرطة أيضًا.
ماذا حدث لكل هذا!
لقد عبرتُ من التجمهر الإعلامي وافراد الشرطة، بعدما اريتهم الكارنيه الخاص بي كطبيب (بطاقة الهوية الخاصة بمزاولة المهنة).
وعندما دخلت ذهبت لأحد المُمرضات لأعلم ماذا يحدث، توجهتُ لإحداهن قائلًا:
- ما كل هذا ماذا حدث؟
- سيدي من انت؟
- انا دكتور ليث صديق دكتور كارلسفيني.
نظرت لي بحزن لم أفهم عِلتهُ في بدايةِ الأمر وانحت برأسها في الأرض، ثُمَّ أعقبت على تعريفي بنفسي قائلة:
- لقد مات الدكتور كارلسفيني اليوم.
- لقد تركته يرعى صبيًا يُدعى غونتر، مات؟ كيف ومتى؟
- غونتر؟ إن هذا الطفل اختفى قبل هذهِ الأحداث بقليل، اعتقد نصف ساعة. ولم يعثر أحد على أي ورق يخصه ويحمل معلوماته الشخصية أو تسجيل من اي كاميرا.
- لا افهم من الذي اختفى؟ هذا شخص مصاب بطلق ناري في الرأس اتفهمين؟
- اقسم لك أنه اختفى تمامًا وكأنه لم يكن ولم نجد إلا الفتاة "لورا ماكدانيل".
ثمَّ اكملت حديثها قائلة:
- لقد مات دكتور كارلسفيني و رئيس المستشفى ديكنز ومساعده.
- ماذا؟ ماتوا؟ كيف هذا، وكلهم في نفس الوقت؟
- لا إنَّها جريمة قتل لقد تسمموا عن طريق وجبة من الحلوى.
- قتل وحلوى؟
- نعم هذا ما قالة فريق الفحص الجنائي لقد قتلوا عن طريق تسمم بواسطة حلوة.
- لا.. هناك شيء غير صحيح.. وأين ذهب الطفل، هل بحثتُمَا في اوراقه؟
- لا.
- لماذا؟
- دعنا من أنني أخبرتكَ بعدم وجود أوراق لهُ، ولكن سأضيف تعليقًا آخر وهو أيضًا، لا لم نبحث لأنه لا يوجد أي ورقة في المستشفى الأن. لقد حدث حريق في مخزن الأوراق والارشيف الخاص بالمرضى بدون سبب، والكاميرات تم مسحها.. من ثم اختفى الطفل، والأمر ما زالت الحادثة قيد التحقيق.
- من أين اتوا بالحلوى؟
- إن هذا الولد غني عن التعريف هو أبن الناخب الألماني "ثيودور ماكدانيل"، وقد أُرسل له الكثير من الهدايا من مختلف الناس، ومن ضمن تلك الهدايا..
- من ضمنها كانت الحلوى.
قد نطقت بهذهِ الكلمات بلا شعور أو تفكيرًا.. إنّه شيء بديهي على كل حال.
ثم نظرت إلي الممرضة نظرةٌ جامدة، نظرت لي قائلة:
- نعم، من ضمنها كانت الحلوى.
- ما كل هذا العبث، بحق ﷲ كفى.. كفى هزلًا..
- حسنًا ولكن هناك شيءً أخير.
- لا أريد معرفته كفى.
❈-❈-❈
- ريتا، لماذا رحل هذا الطبيب الوسيم غاضبًا وتظهر عليه الصدمة؟
- لقد كان صديقًا لدكتور كارلسفيني.
- ماذا؟ المسكين.. لقد قُتل صديقه..
- ولكنه طبيب أحمق قال أن اسمه ليث، وتوجب علي أن اخبره رسالة وجدتها قبل ان تأتي الشرطة.. ولكنه لم يعطيني أي فرصة.
- رسالة؟
- نعم وجدنا بجانب جثة دكتور كارلسفيني، رسالةٌ مدون بها كالآتي:
«ليث لقد أنقذنا وحشًا»
يُتبع..
إلى حين نشر الفصل الجديد للكاتب محمد رمضان، لا تنسى قراءة روايات و قصص كاملة أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية