-->

رواية روضتني 2 (الجزء الرابع من رواية ترويض الفهد) طمس الهوية -لأسماء المصري - الفصل 27 - 5 السبت 16/12/2023

  قراءة رواية روضتني 2 (طمس الهوية) كاملة

  تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى

 

 


رواية روضتني 2

(الجزء الرابع من رواية ترويض الفهد)

طمس الهوية

للكاتبة أسماء المصري



الفصل السابع والعشرون

تم النشر يوم السبت

16/12/2023

ذهب الجميع وظل هو جالسا مكانه حتى اقترب منه يزن وجلس بجواره مربتا على كتفه:

-وحد الله.


رد بعد تنهيدة عميقة:

-لا إله إلا الله.


نظر له من بين حدقيته المحتقنتين فابتسم له يزن وهو يؤكد له:

-كل حاجه بتتولد صغيره وتكبر ما عدا الحزن بيتولد كبير وبيصغر مع الوقت، ربنا يصبرك.


بلل شفتيه وانحنى يرتشف ما تبقى من قهوته المرة فاقترب مازن بعد أن تلقى تلك المكالمة من والده ووقف أمامه مبتسما فتعجب فارس من منظره وسأله مندهشا من تعابيره فأجابه الآخر دون مماطلة:

-ياسمين فاقت.


نهض مسرعا وركض صوب سيارته ولكنه وجدها تصطف خلف عدد من السيارات التي ما زالت بموقع العزاء وحاوطه الكثير من رجال الصحافة يسألوه العديد من الأسئلة عن ملابسات الأمر فتحرك يزن سريعا ناحيته وسحبه بعيدا عنهم وأدخله سيارته وركب هو خلف المقود وقاد باتجاه المشفى وهو يبتسم له:

-حمد الله على سلامتها يا فارس.


كانا أول الواصلين للمشفى فتقابل مع عائلتها وهم يغادرون فتجهم وجهه ونظر لهم بحنق وكره وقبل أن يتفوه بأي كلمه أمسكه يزن من ذراعه هامسا له:

-مش وقته، اطمن على مراتك الأول.


ابتلع غضبه بداخله وأكمل صعود درجات المشفى مسرعا نحو غرفتها فتقابل مع جدها وابنة عمها عند مدخل الغرفة والجد سعيد وبسمته تتسع لأذنيه وهو يفتح له ذراعيه مطالبا بعناقه:

-الحمد لله يا بني ياسمين فاقت.


تجمد جسده عندما اقترب منه الجد وعانقه هكذا بدون مقدمات فابعده ببطئ دون أن دفعه ودلف للداخل فتحركت نرمين تسند جدها ليستريح بالمقاعد المتراصة أمام غرفتها وجلست بجواره وهي تعاتبه:

-ليه اتكلمت مع فارس يا جدو؟ افرض كان اتهور عليك وزقك زي ما عمل يوم قراية فاتحة دعاء وزين؟


ربت على فخذها:

-فارس كويس يا بنتي ومحترم وبيحبني واللي حصل منه وقتها كان لحظة غضب معاه فيها كل الحق ومحدش يقدر يغلطه.


دلف مازن بنفس اللحظة برفقة كل من ساجد وشيرين التي هرعت تحتضن توأمتها وتسألها بلهفة:

-بجد ياسمين فاقت؟


أومأت لها مبتسمة وعادت للجلوس بجوار جدها تنتظره أن يتمالك نفسه حتى يغادرا فقد خارت قواه ولم يعد قادرا على الوقوف على قدميه.


اقترب يزن وانحنى يهمس لها:

-نرمين ممكن لحظه؟


استأذنت من جدها وتحركت معه بعيدا عنهم قليلا ولكنهما ظلا على مرأى من الجميع ولكن يزن لم يهتم وسألها:

-عامله ايه انهاردة؟


أجابته وهي تصر على أسنانها:

-الحمد لله، ولو حضرتك بتسأل عن غيابي عن الشغل اليومين اللي فاتوا فأكيد حضرتك عارف السبب واللي احنا فيه بس إن شاء الله هرجع من بكره عشان أقدم استقالتي وهفضل بس المهلة اللي في العقد تكون حضرتك جبت حد مكاني.


ألقت بكلماتها على دفعة واحدة لم تعطه الفرصة لمقاطعتها ولا للرد عليها فأومأ وهو يتحدث بصوت حزين:

-أنا لا كنت هسأل عن الشغل ولا هاممني الغياب.


حدقته بنظرة جامدة وسألته:

-أومأل ايه المطلوب بالظبط؟


زفر باستسلام:

-تمام يا نرمين أنا عرفت اني غلطت لما صارحتك بمشاعري بس الشغل ملوش دعوه.


ضحكت ساخرة:

-لا والله، اوعى تكن عايزني أفضل في الشركة؟


أومأ وقد حاول كتم غيظه من طريقتها وأسلوبها الحاد:

-أيوه وانسي أي كلام قولته، والمعامله بينا هتبقى رسمي من انهاردة.


رفضت وهي تصر على أسنانها:

-ﻷ، أنا مش هبله عشان أصدق الكلام ده ومبحبش بصراحه نظام أنا بعرف افصل بين الشغل وبين حياتي الشخصية ﻷن مبيحصلش ف...


قاطعها محتدا:

-فكرتك عن الاستقالة اننا نبطل نشوف بعض مش كده؟


أومأت فسخر منها:

-لو بطلنا نشوف بعض في الشغل تقدري تقوليلي هنبطل نشوف بعض في الإطار العائلي إزاي؟


قوست فمها ونطقت بأسلوب حاد:

-عادي هتجنبك زي ما بعمل مع مازن بالظبط.


رغما عنه دارت رأسه تجاه مازن فوجده مركزا بصره نحوهما وكأنه يراقبهما فشعر يزن بنيران تحرقه من غيرته عليها وتأكده أن الأمر لم ينته بداخل مازن، فكما حذره سابقا من التقرب منها بحجج واهية ولكنه ها هو أمامه يكاد يقترب منهما ليسترق السمع أو حتى ليجبرهما عن الابتعاد عن بعضهما البعض.


انتبه لحدتها عندما هتفت:

-وأصلا يا عالم فارس ناوي يتعامل معانا كجزء من العيلة ولا خلاص زي ما قال بقينا بره حساباته.


أدار وجهه ناحيتها ورد على آخر حديثها:

-فارس هيعمل اللي يرضي ياسمين، متقلقيش من النقطه دي.


أطرق رأسه وتمتم بصوت مسموع:

-لو كنت أعرف إنك هترفضيني بالشكل الصعب ده وإن لسه في بقايا من مازن متعلقه جواكي مكنتش سبت مشاعري تغلبني بالشكل ده بس...


قاطعته غاضبة:

-مازن! انت سامع نفسك؟ بترمي سبب رفضي لكلامك على مازن وأصلا أنا موضوعه انتهى من زمان، من زمان أوي يا يزن.


ابتسم رغما عنه بعد أن نطقت اسمه بعفوية وانتبهت هي لذلة لسانها فصححت حديثها:

-أقصد يزن بيه.


سحب شهقيها محملا بالكثير من المشاعر وزفره بتمهل وهو يقول:

-أنا مش طالب أكتر من انك تعرفي مشاعري ولا طلبت منك ارتباط ولا رد وكان ممكن أفضل مخبيها بس حسيت اني بكدب عليكي وعلى نفسي، وطالما انتي مش قبلاها فخلاص اعتبريني مقولتش حاجه بس بلاش تسيبي الشغل أنا لسه مش مستعد مشوفيكش كل يوم زي ما اتعودت.


نظر بعمق عينيها وهو يضيف:

-سبيني واحده واحده يا نرمين لحد ما اتعود على بعدك.


تزامن حديثه مرور دينا من جوراهما فاستمعت ﻷخر كلمات خرجت من فم يزن فابتسمت بداخلها وهي تقول لنفسها:

-دعيت عليكي إن بالك ميرتحش بعد ما سبتي ابني وهو تعبان وأهو راجل واتنين وتلاته وعمرك ما هترتاحي ابدا يا نرمين عشان دعوة الأم لا ترد.

❈-❈-❈

ظل يقبلها من وجنتها وفمها بحضور عمه وجمع الأطباء وهو يهتف بلهفة:

-حمدالله ع السلامه يا روحي، الحمد لله يارب.


اقترب منه مراد وهمس له بحذر:

-بالراحه عليها يا فارس، لسه مش عارفه تاخد نفسها بشكل منتظم.


أومأ له وقبل راحتها بدلا من ثغرها وجلس بجوارها فهتف مراد:

-اتفضلوا يا دكاتره وسيبوهم شويه.


عاد يحذره مجددا:

-متنساش، واحده واحده عليها.


فور خروج الجميع ابتسم وانحنى يقبلها من تجويف عنقها وراحتها وكل ما طاله من وجهها:

-حبيبتي، اوعى تعملي فيا كده تاني.


خللت أناملها بخاصته وابتسمت تتحدث بصوت مبحوح:

-الحمد لله عدت على خير.


اعتدلت بجلستها فساعدها واضعا المزيد من الوسائد خلفها وسألته بقلق:

-ولادي عاملين ايه؟


ابتسم وقبلها من فمها وهو يرد:

-زي الفل الحمد لله.


نفت متأثرة وهي تسأله:

-هم فين؟ ليه كل ما اسأل عليهم تتهربوا؟ هاتهوملي هنا يا فارس.


وافقها ومسح على رأسها:

-حاضر، ارتاحي و10 دقايق وهيكونوا عندك بس ارتاحي شويه.


نظرت لبدلته السوداء وقميصه الأسود وهي تعلم أنه لا يرتدي مثل تلك الملابس إلا وقت العزاء فسألته والفضول والذعر قد تملك منها:

-أنت كنت في عزا؟ مين اللي مات؟


سعل قليلا ليبحث عن كذبة ورد:

-ده عزا واحد من رجال الأعمال روحت حضرته بسرعه ورجعت.


لم تبتاع حديثه وفسرت له:

-شكلك وعينك بتقول غير كده، بتقول حد مهم أوي في العيلة جراله حاجه.


دمعت عينيه رغما عنه فتوسلته باكية:

-مين يا فارس؟ قلبي هيقف من الخوف، عشان خاطري قولي الحقيقة.


أجابها بعد أن مسح عبراته بظهر يده:

-داده حنان يا ياسمين.



يتبع..


إلى حين نشر الفصل الجديد للكاتبة أسماء المصري من رواية روضتني 2، لا تنسى قراءة روايات و قصص كاملة أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية


رواياتنا الحصرية كاملة