-->

رواية روضتني 2 (الجزء الرابع من رواية ترويض الفهد) طمس الهوية -لأسماء المصري - الفصل 26 - 2 السبت 2/12/2023

   قراءة رواية روضتني 2 (طمس الهوية) كاملة

  تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى

 

 


رواية روضتني 2

(الجزء الرابع من رواية ترويض الفهد)

طمس الهوية

للكاتبة أسماء المصري


الفصل الخامس والعشرون 

الجزء الثاني

تم النشر يوم السبت

2/12/2023

❈-❈-❈

ارتمت بحضنه بالرغم من تجمع السجناء وزويهم بمكان الزيارة فأسند هو جسدها المستند عليه براحته وابعدها برفق وانحنى يقبل رأس ابنته وحفيده وهو يبتسم لهم ويتسائل:

-عاملين ايه؟ وحشتوني أوي.


جلست فريدة بجواره تستند برأسها على كتفه وهي تربت على طول ذراعه:

-وأنت وحشتني أوي يا مدحت.


نظر ﻷبنته نظرات شوق وحسرة وهو يسألها:

-وانتي يا ميار عامله ايه يا بنتي مع ابنك؟


ابتسمت وهي تشاكس الصغير وتشعث بشعره:

-أهو مجنني يا بابي والله، بس الحمد لله فارس مش منقصنا حاجه.


شعر بغصة فور ذكرها له فالتفت ينظر لفريدة وهو يحاول أن يكبت مشاعر الضيق والحزن التي اعترته منذ زيارة فارس الأخيرة له، ولم يود أن يفتح الحديث بوجود كل من ابنته وحفيده ولكن تلك ليست بزيارة استثنائية داخل مكتب آمر السجن، ولكنها زيارة عادية بالمكان المخصص للزيارات بوقت محدد فسحب نفسا عميقا وهو لم يستمع لثرثرتها عن كم اشتياقها له وما تعانيه من بعده عنها وسألها:

-ساهر مجاش ليه؟


ردت وهي تتعلق أكثر وأكثر بذراعه:

-عنده امتحانات وأصلا أنا نفسي مش بشوفه.


تسائل بملامحه فأجابت ميار عنها:

-بصراحه يا بابي ماما بتتخانق كتير أوي مع ساهر لدرجة انه ساب البيت وراح قعد عند عمي مراد شويه ولما فارس عرف قاله يروح يعيش معاه من تاني بس من كتر المصايب اللي فارس فيها ساهر مرضاش وقال كفايه على فارس الحمل اللي شايله على كتافه.


نفذ صبره بعد تلك الكلمات البسيطة الخارجة من فم ابنته فصاح محتدا:

-ايوه يعني فينه دلوقتي؟


ردت فريدة متذمرة:

-قاعد مع ولاد مروان، قال يعني هناك هيرتاح أكتر.


ضغط على أسنانه وهو ينظر لها يرمقها بنظرات نارية:

-لو كان لقى راحته في بيته يا فريدة مكانش راح عند حد، احتوي الولد شويه عشان ده في سن خطر وأنا معنديش استعداد أخسر حد من ولادي عشان تصرفاتك الغريبه دي.


تعجبت من حدته التي لم تعتادها أبدا وسألته بتوجس:

-أنت مالك بتتعامل معايا كده ليه من أول الزيارة؟


لم يجد بد سوى بفتح ذلك الحديث الذي ود ان يؤجله أو ربما يتجاوزه تماما:

-فارس كان عندي من يومين.


تعجبت وحدقت به بنظرات قلقة وهي تعلم تماما سبب زيارته فابتلعت ريقها واستمعت له يسألها دون حذر وأمام نظرات ابنتهما:

-انتي ليه قولتيله الكلام الفارغ ده؟ في ست عاقله تعمل عملتك دي؟


لم تجب بل أدرات وجهها وكأنها تنظر للحرس بانتظارهم لإنهاء الزيارة ولكن حظها لم يكن بتلك الجودة وانصاعت لإصراره عندما ردد:

-فهميني عملتي كده ليه؟ ازاي توصمي نفسك وتوصميني بالشكل القذر ده؟ وياريته حقيقه!


تسائلت ميار بفضول:

-في ايه يا بابي؟


لم يجبها ولكن جاءت الإجابة من والدتها الفاقدة لعقلها وهي تسرد لها كذبتها دون حياء فلمعت عين الأخرى وهي لا تعلم ما تقوله سوى بسؤال بسيط:

-واصلا الكلام ده مش حقيقي؟


رد مدحت فورا وهو يصيح:

-لأ طبعا، أنا عمري ما خونت أخويا وهي رايحه بكل بجاحه تقوله ابوك يبقى مدحت.


تنفست بحدة وهو يوبخها:

-تفتكري فارس ممكن يعمل ايه يعني لما تكدبي عليه كدبه زي دي؟ هيروح يخرجني من السجن مثلا؟ ده هيكرهني ويكرهك ويكره اخواته ومش بعيد يولع فينا كلنا.


بكت وهي تحاول ابتلاع حدته الجديدة عليها:

-أنا عملت كل ده عشانك يا مدحت.


دفع المقعد خلفه وهو يصيح:

-انتي اتجننتي خالص.


لم يكمل حديثه بعد اقتراب الحارس منه يحذره:

-وطي صوتك وبلاش لبش واقعد عدل بدل ما ارجعلك زنزانتك.


أومأ له وسحب المقعد وجلس أمامها وسألها وهو يخفض من نبرته قليلا:

-عملتي كده عشاني ازاي؟ هو فارس في ايده يخرجني مثلا؟


رمقته بنظرة حزينة وهي تجيبه:

-قولت لما يعرف انك ابوه ممكن يهربك بره مصر وأسافرلك ونعيش سوا من تاني وأنا كنت ناويه لما يهدى ويقبل بالوضع أقوله كده بس واضح انك قولتله الحقيقة و...


قاطعتها ابنتها متحدثة بنبرة حزينة ومتألمة:

-فارس عملك ايه يا مامي عشان توجعيه بالشكل ده؟ حرام عليكم والله طول عمركم  مخليني أكرهه وهو عمره ما اتأخر علينا.


مسحت عبراتها بظهر يدها وأضافت:

-ده كتبلي الڤيلا باسم سامر ابني عشان يأمن مستقبله و...


قاطعتها فريدة فورا:

-ڤيلة ايه؟ انهي ڤيلا؟


أجابتها بعد أن سقطت ذلة لسانها سهوا:

-الڤيلا بتاعتنا يا مامي، قالي دي عشان أمان سامر و....


قاطعتها مجددا وهي تنظر لمدحت:

-شوفت يا مدحت! أهو حتى الڤيلا مبقتش بتاعتنا، احنا ملناش حاجه هنا والحل الوحيد إن فارس يصدق انك أبوه ويهربك بره.


صر مدحت على أسنانه وارتعشت شفتيه وهو يسألها:

-انتي لعبتي ازاي في تحليل ال DNA؟


ابتسمت عندما تأكدت انه قام بفحص نسبه وتأكده انه ابنه:

-هو عمله؟


أومأ لها وأضاف:

-وطالع  في التحليل انه ابني، لعبتيها ازاي فهميني؟


شعرت بالفخر من نفسها وهي تتكئ على ظهر المقعد وتخبره دون حرج:

-كنت متاكده إن النتيجة هتطلع positive ما انت عارف اني علوم ودارسه علوم وراثية وعارفه كويس إن العم بيتطابق مع ابن الأخ.


مسكت راحته وهي ترجوه:

-لو جالك تاني قوله انك ابوه واتكسفت تقوله الحقيقة وهو هيهدى بعد شويه وساعتها نطلب منه يسفرنا بره، فارس بيطلع يطلع وينزل على مفيش صدقني واحساسه انه كبير العيلة مسؤل عننا هيخليه يقبل بالوضع.


احتدت ميار ووقفت معترضة:

-أنتو لو فكرتوا تلعبوا اللعبة دي على فارس فأنا هقوله على كل حاجه و...


وقفت فريدة تمسكها من ذراعها غارزة أصابعها بلحمها وهي تحذرها:

-عارفه لو عملتي كده، اعتبري إن أمك ماتت.


نظرت لها راجية:

-يا ميار دي فرصة ابوكي الوحيدة عشان يخرج بلاش تضيعيها.


جلستا وأطرقت ميار رأسها وهي تتمتم:

-حرام اللي بيحصل فيه ده، فارس مش بيلحق يفوق واحنا كمان مش راحمينه.


رفعت وجهها تنظر لوالدها فوجدت أمارات الرفض على وجهه وهو يعقب:

-أنا كمان مش موافق يا ميار، عمري ما أقبل أبدا إن حد يقول عني خونت اخويا وكفايه عليا إني عايش طول عمري مكسور عشان اتجوزت مراته...


قاطعته فريدة وهي تضرب بيدها على المنطدة:

-هو اللي اخدني منك في الأساس، متشيلش نفسك الذنب وهو اللي....


قاطعها هو صارا على أسنانه:

-يا فريدة انتي السبب في كل حاجه ومش عشان انا قبلت بيكي بعد ما خلفتي وعدك معايا وعيشتي معاه 9 سنين فهتيجي دلوقتي وتشيليه الليلة كلها لوحده وهو في دار الحق واحنا اللي في دنية الباطل.


قضم داخل فمه من الغيظ وهو يضيف:

-اعترفي لفارس بالحقيقة أحسنلك ﻷني مش هبقى عليكي لو وصمتيني الوصمة دي قدام العيلة كلها، وكفايه عليا شيل ذنب قتل مروان، فاهمه ولا أقول تاني؟

الصفحة السابقة          الصفحة التالية