رواية روضتني 2 (الجزء الرابع من رواية ترويض الفهد) طمس الهوية -لأسماء المصري - الفصل 26 - 3 السبت 2/12/2023
قراءة رواية روضتني 2 (طمس الهوية) كاملة
تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى
رواية روضتني 2
(الجزء الرابع من رواية ترويض الفهد)
طمس الهوية
للكاتبة أسماء المصري
الفصل الخامس والعشرون
الجزء الثالث
تم النشر يوم السبت
2/12/2023
استيقظت على رنين هاتفها فنظرت لشاشته وهي تتوقع أن يكون رب علمها يحاول التأكد ما إن كانت جدية بشأن استقالتها أم ماذا بعد أن عزمت قرارها على ترك العمل، ولكنه لم يعلم أنها لن تترك العمل هكذا مباشرة وبشكل غير قانوني.
تمتمت وهي تجيب المتصل بعد أن علمت أنها توأمها:
-في ايه يا شيري على الصبح؟ أنتي نايمه تحلمي بيا ما كنا سوا امبارح في حفلة عيد الميلاد.
صاحت بها شيرين فورا بوجل:
-يا بنتي اسمعي.
اعتدلت وهي تمسح وجهها بظهر يدها:
-في ايه يا شيرين؟
ارتبكت الأخرى وتلعثمت وهي تخبرها:
-حصلت حاجات كتير أوي امبارح بعد ما روحنا والدنيا والعه وشكلها مش هتتطفي تاني يا نرمين.
بكت بنهاية حديثها فقوست نرمين حاجبيها وهي تزيح الغطاء عن جسدها وتترك الفراش تقف أمام النافذة حتى تستيقظ بشكل كامل علها تفهم مغذى حديث توأمتها وهي تضيف:
-شادي بوظ الدنيا خالص وياسمين في المستشفى هي وچاسمين وهو اتقبض عليه والوضع مش مبشر بالخير أبدا.
اتسعت حدقتي نرمين وتسائلت وهي لا تستطيع فهم ما دار أو يدور:
-يا بنتي ما تفهميني براحه، مالها ياسمين وايه علاقة شادي ومين اللي اتقبض عليه؟
أجابتها تشرح لها تفاصيل ما حدث وهي قد علمت معظم ما دار بمنزل فارس عن طريق حنان التي قصت لها كل ما حدث منذ لحظة دخول أمجد للڤيلا في محاولة منه القبض على المربية وحتى لحظة خروج شادي وبوسي بعد أخذهما لياسمين وصغيرتها.
وأكملت قصها لحالة ياسمين المتردية بعد أن أخبرها مازن بما يعلمه عندما ذهب هو لمنزل فارس بعد إصرار الأخير على فعل ذلك.
كل هذا ونرمين تستمع لها وهي غير مصدقة لما تقصه عليها أختها وقد توقفت عن الأهتمام بتفاصيل ما حدث مساءا واستمعت بانصات واهتمام فقط لحالة ياسمين الصحية والأخرى تخبرها:
-ياسمين في غيبوبة يا نرمو.
بكت منهارة وأضافت:
-الدكاتره مش عارفين هتفوق منها امتى والوضع بتاعها مش كويس.
خرجت مهرولة تتجه لغرفة أبويها لتخبرهما ما قصته عليها توأمها.
نهض الجميع على حالة الذعر التي انتابت نرمين فأمسك محمود هاتفه ليستعلم عما يدور وتكلم مع أخيه الأكبر الذي لم يكن على دراية بما حدث وتفاجئ مثله مثل أي غريب بما فعله ابنه البكري فصرخ بمحمود لنجدته:
-أكيد ملفقين له الكلام ده كله يا محمود، ألبس وحصلني أشوف ابني فين؟ وتعالى عشان نلحقه.
هدر به محمود بعد أن انتهى من جملته:
-ملفقين ايه يا أحمد؟ بقولك خطف ياسمين وبنتها وبالرغم انه عارف حالتها حبسها في شنطة العربيه، وأنت جاي تقولي ملفقين له! البنت دخلت في غيبوبه يا أحمد.
امتعض وجهه وهو ينظر لوالده الذي اهتز مما سمعه وتحرك بخطا ظن أنها سريعة ليحلق بحفيدته ومحمود يكمل توبيخه ﻷخيه:
-هو ده حبه ليها؟ هي دي أمانه أخونا لينا يا أحمد، يعمل فيها وفي بنتها كده؟
صرخ أحمد أخيرا وهو لا يجد فرصة للتحدث من التوبيخ اللاذع والمستمر من أخيه الأصغر:
-اسمعني طيب، تعالى معايا نشوفه ونفهم منه لأن حتى لو كان عمل اللي انت بتقول عليه ده فبالنهاية ده ابني ومش هسيبه لوحده وهقوم له محامي لو انت هتتخلى عنه.
صر محمود على أسنانه وعقب عليه:
-أنا مش محامي جنائي يا أحمد، ابنك باللي عمله هيحتاج محامي جنائي فكده كده هتحتاج له محامي يدافع عنه، روح أنت شوف ابنك وأنا هشوف بنتي ﻷن ياسمين بنتي مش بنت أخويا وبس.
أغلق معه فتفاجئ بنرمين ووالده قد ارتديا ملابسهما فأومأ لنرمين وهو يناولها مفتاح سيارته:
-أنزلي مع بابا واحده واحده على ما ألبس.
❈-❈-❈
مسح على رأسها وقبل أهدابها المبللة بعبراته التي لم تتوقف عن السيلان وهمس بأذنها وكأنها تسمعه:
-فوقي يا سلطانه، متعمليش فيا كده أنا مقدرش أعيش من غيرك.
قبل راحتها وعاد ينظر لوجهها الشاحب وبكى كما لم يبك من قبل وهو يحدثها علها تجيبه:
-مش كنتي دايما تقوليلي أوعى تسيبنا يا فارس احنا محتاجينك! جايه دلوقتي أنتي اللي تعملي كده؟
اعتدل بوقفته وهو يعض شفتيه حتى أدمتا:
-أنا كان عقلي فين لما سبته ياخدك؟ ازاي اسمح له يخرج وهو واخد روحي معاه؟
توحشت نظراته ﻷنعكاس صورته بالمرآة التي أمامه تظهر نصف وجهه فقط واخشوشنت نبرته الحادة وهو يتوعد لغريمه:
-أنا استخفيت بيك كتير أوي ودي كانت النتيجه، بس الغلطة دي مش هتتكرر تاني وهقتلك يا شادي الكلب.
استمع لطرقات تبعها دخول الممرضة التي وقفت تتفقد ياسمين بعد أن أومأت له باحترام فسألها وهو لا ينظر لها بل شخص نظراته بالفراغ:
-چاسمين عامله ايه؟
اجابته وهي تبتسم:
-خلصوا نقل الدم وحاليا في الحضّانه وشويه وتخرج.
نظر لها وحدقتيه الشاردتين تحكي وتقص بدقة عما يدور بداخل عقله:
-الجرح اللي في رقبتها كان جامد!
حركت رأسها بمعنى معك حق ولكنها أجابت تسائله الخفي:
-الدكاتره قاموا بالواجب يا باشا، إن شاء الله ربنا يطمنك عليهم.
خرجت بعد أن وضعت بعض العقاقير بالمحلول المغذي لتلك الجميلة النائمة فعاد هو يمسك راحتها وقد تذكر لتوه آخر لحظاتهما الجميلة:
-أنا وأنتي ملحقناش نغتسل يا سلطانه وملحقتش أصلي الفجر وكلها كام ساعه والظهر يأذن.
حاول استنباط الوقت من تعامد الشمس بالخارج ولكنه لم ينجح بذلك فتنهد وهو يحدثها:
-أنا لازم اسيبك شويه وأرجع البيت اغتس لعشان أعرف أصلي وهرجعلك بسرعة.
قبل أعلى رأسها وخرج فتقابل وجها لوجه مع عائلتها التي جاءت للإطمئنان عليها، ومع اقتراب الجد منه بلهفته المعتادة على حفيدته.
ابتعد هو ناظرا لهم بغضب والسيد يسأله:
-ياسمين عامله ايه يا بني؟
رده الهادر جعل أمن المشفى يستدعي مراد لما أحدثه صراخه من حالة توتر بأرجاء المشفى من المرضى أو زويهم:
-أنتوا ملكومش حد هنا، أنا مش عايز أشوف وش حد فيكم واللي جوه دي متخصكمش من انهارده.
حاول محمود الإعتراض عليه ولكن منعه والده عندما أمسك راحته واقترب من فارس بحذر:
-ليك حق يا بني بعد اللي حصل، بس أنا وعمها ملناش ذنب باللي عمله شادي وأنت عارف إننا واقفين في صفك في الموضوع ده بالذات.
وقبل أن يرد عليه حضر مراد وهدأه:
-اهدى يا فارس احنا في المستشفى، أهل مراتك ملهومش ذنب في حاجه.
عبراته شوشت رؤيته وقد تعجب كل منهم من حالة هذا المارد الذي يبك بتلك الحرقه فتغلل الرعب والخوف لقلب ذلك الكهل الذي يعتبر من تقبع بالداخل ليس فقط حفيدته بل هي الذكرى الوحيدة الباقية من ابنه الذي رحل عنه وهو لا يزال بريعان شبابه:
-هي ياسمين حالتها خطر للدرجة دي؟
أجاب عنه مراد الذي حرك رأسه باستسلام:
-يا جماعه بلاش الكلام ده، ياسمين هتفوق وتبقى كويسه إن شاء الله بس ادعولها.
رفع السيد راحتيه للسماء يدعو ويتضرع لله:
-يارب نجيها هي وبنتها.
تحرك من أمامهم فلحقت به نرمين تمسكه من ذراعه:
-فااارس.
سحب ذراعه منها بقوة ورمقها بنظراته الحادة ولكنها لم تهتم بها كثيرا فهي تعلم ما يمر به بتلك اللحظة:
-هتعمل معاه ايه؟
صوت اصطكاك أسنانه معا جعلها تعود خطوة للخلف خوفا من رده الذي جاء من بين إطباقه لشفتيه:
-كنت بقول هخليه يتمنى الموت، بس خلاص وقت موته جه.
أطرقت رأسها تنظر للأرض فاستمعت له يسألها:
-عندك اعتراض؟
لم تعقب وشعرت أنها زادت من غضبه بسؤالها هذا فابتعدت عنه وظل هو ينظر لخطواتها المتجهة لجدها الجالس أمام غرفة العناية المركزة فلمح حارسها قادم من داخل إحدى الغرف فتأكد أنها لحارسه.
انتظر وقوفه أمامه وسأله:
-حالة زين عامله ايه؟
رد وهو يعلم أنه سيتفاجئ بما قد يلقيه على مسامعه الآن:
-للأسف حصل تليف جامد في الكبد وهم أصلا كانوا مستئصلين منه جزء وحاليا الدكتور مراد بلغني انه محتاج متبرع.
تحرك صوب الغرفة التي خرج منها أمجد لتوه ولكن الأخير أوقفه وهو يخبره:
-ده المعمل ياباشا، زين في العناية اللي في الدور التالت.