-->

رواية روضتني 2 (الجزء الرابع من رواية ترويض الفهد) طمس الهوية -لأسماء المصري - الفصل 26 - 4 السبت 2/12/2023

   قراءة رواية روضتني 2 (طمس الهوية) كاملة

  تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى

 

 


رواية روضتني 2

(الجزء الرابع من رواية ترويض الفهد)

طمس الهوية

للكاتبة أسماء المصري


الفصل الخامس والعشرون 

الجزء الرابع

تم النشر يوم السبت

2/12/2023

سأله متعجبا بعد أن اختنق تنفسه:

-وأنت كنت في المعمل ليه؟


أجابه وهو يطبق أسنانه على شفتيه:

-كنت بعمل تحاليل عشان لو ينفع اتبرع له بجزء من الكبد بتاعي.


علت أنفاسه المضطربة وهو يومئ برأسه لحارسه والأخير يخبره:

-لازم نلاقي متبرع بسرعه والعمليه كمان مش هتتعمل هنا وهتتعمل في تركيا ﻷن فيها أكبر مستشفى للعمليات من النوع ده.


لم يعقب عليه سوى بسؤال بسيط:

-هو فايق؟


أومأ مضيفا:

-والآنسه دعاء معاه، هي كمان عملت التحاليل ويارب يطلع حد فينا ينفع.


تغيرت ملامحه من الجمود للغضب ومن الهدوء للجنون عندما استمع لاسمها وصاح به وهو يسبه بأبشع الألفاظ:

-أنت يا *** فاكر نفسك مين عشان تسمح لها تيجي هنا و...


أضطر لمقاطعته يدافع عن نفسه:

-يا باشا أنا جيت بياسمين هانم وكان الحرس جابوا زين من بدري وهي كانت معاه من وقتها، حتى هي عملت التحاليل قبلي أصلا.


تركه وتوجه للمصعد وصوب غرفة حارسه وفتحها على الفور دون سابق انذار أو استئذان فوجدها تتفقد محلوله الطبي الذي أوشك على النفاذ فابتلعت ريقها من شكله المخيف وأشارت له حتى يهدأ وسحبته وخرجت للخارج وأغلقت الباب بهدوء وبدأت بالحديث فورا:

-عارفه كل حاجه انت عايز تعملها فيا ومش هعترض على أي حاجه، بس اديني فرصه انقذ زين لو تحاليلي طلعت تنفع وبعدها هخرج من حياته ومن حياتكم كلكم.


كلماتها لم تشفع لها، ولكنه أمسكها بغلظه وجرها بشكل مهين نازلا الدرج وهي تحاول التخلص من حصار يده عليها وقد كادت أن تتعثر وتسقط أثناء نزولها بتلك الطريقة، ولكنه لم يهتم مطلقا بل ظل يسحبها بقوته مارا بالمقاعد التي يجلس عليها عائلة زوجته الذين رأوا ما يحدث منه بحقها فضربت هدى على صدرها من شدة صدمتها والآخر لا زال يسحبها حتى وصل لمدخل الإستقبال وألقى بها كما لو يلقي بكيس من النفايات فارتطم جسدها بالسلالم الرخامية للمدخل.


صاح بزئير أخاف كل العاملين وأولهم حارس زوجته الذي ظل واقفا مكانه يرى ما يحدث من رب عمله الذي عاد لشراسته القديمة بل يكاد يجزم أنه أصبح أشرس وأقوى من ذي قبل:

-لو شوفت وشك تاني هقتلك، أنتي فاهمه؟


لم يستطع أحد تخيل ما فعله للتو بعد أن رأى عائلتها تهم بالخروج لنجدتها ولكنه وقف قبالتهم بجسد مشدود:

-اللي هيخرج لها منكم يعتبر نفسه عدوي، وياويله اللي يعادي فارس الفهد.


ها قد عاد الوحش الكامن بداخله، ألم يعلموا بعد كم يجاهد حتى يخفيه بداخله! وكم صعب عليه التحكم بشراسته التي تخلى عنها من أجل من أحبها قلبه!

ولكن الآن قد خرج السهم من قوسه وانتهى وعاد ذلك الفهد الضاري -والذي ظن الجميع انه تم ترويضه- إلى سابق عهده بل عاد أكثر شراسة وقوة.


أشار ﻷمجد ليقترب منه بسبابته ففعل الأخير بخضوع:

-روح البيت خلي أي حد هناك يجهز هدوم ليا ولياسمين واطمن على جاسر وزود الحراسه على الڤيلا.


أومأ له وهو ينهى حديثه بصيغة تحذيرية:

-ومتتأخرش.

❈-❈-❈


حملت صغيرها وتحركت صوب السيارة برفقة زوجة عمها ولكنها توقفت عندما شاهدت سيارة والدتها تقترب منها وترجلت الأخيره ومعها اختها ميار تسألها باهتمام بالغ:

-ايه اللي حصل يا چنى؟ فارس ماله ومراته حصل لها ايه؟


لم تكن چنى بحال تسمح لها بقص كل ما دار وعلمته من مازن ومراد فقصت لهما باختصار:

-واحنا رايحين كلنا على ڤيلة فارس عشان نفضل هناك مع جاسر لأنه رفض اننا نروح له المستشفى.


أومأت وتحركت لتركب سيارتها برفقة ابنتها ولكنها تذكرت أنه أبلغ الحرس بعدم السماح لها بدخول منزله مرة أخرى فغيرت وجهتها متحججة:

-اركبي انتي مع اختك عشان انا عايزه اتكلم مع دينا.


وافقتها ودلفت السيارة مع أختها وكل منهما تحمل صغيرها معها وركبت فريدة برفقة دينا لغرض ما في نفسها وهو دخول ڤيلته دون مواجهة اعتراض من رجاله.


دلفن جميعا فهرعت دينا تحمل الصغير من بين يدي حنان وهو لم يكف عن البكاء:

-يا حبيبي، الولد مفلوء من العياط.


عقبت عليها شيرين:

-من ساعة ما جيت أنا وساجد بنحاول نسكته ومش عارفين ولا داده عارفه وساهر راح يجيب له لعب يمكن يسكت بس مش راضي يسكت لحظه.


علقت عليها حنان موضحة:

-من اللي شافه يا حبيبي، كبر وبقى فاهم واترعب من اللي حصل.


جلست فريدة بجوارها ودفعتها قاصدة إبعادها عن الالتصاق بها:

-أومي شوفي شغلك، اهله كلهم هنا مش محتاجين مساعدة منك.


بالعادة تتحمل تلك الحنون تصرفاتها ونفورها الدائم منها ولكنها الآن حقا تغلى على موقد مشتعل ولن تتحمل إهانتها لها بهذا الشكل فردت عليها وهي تعتدل بجسلتها:

-أنا مش شغاله يا فريدة هانم.


ضحكت بسخرية تلك التي نظرت لها نظرات محتقرة:

-أومال انتي ايه؟ صاحبة بيت؟!


أومأت لها حنان بعد أن وقفتا ندا لبعضهما:

-أيوه، أنا هنا مكانتي اكبر من أنك تعتبريني مربية ابنك، فلو سمحتي ابعدي عني وكفايه اهانه لحد كده.


تركت دينا الصغير من يدها وناولته لمازن الواقف يحثها على الوقوف بينهما:

-سكتيهم يا ماما الله يخليكي الواحد فيه اللي مكفيه.


وقف بينهما تسحب فريدة وهي توبخها:

-هو ده وقته يا فريدة، حرام عليكي احنا كلنا اعصابنا مش متحمله.


ابتعدت رغما عنها وتحرك مازن لفتح الباب ليجد أمجد أمامه يبلغه برغبة فارس بتجهيز ملابس له ولزوجته فأومأ وابتعد دالفا يخبر زوجته:

-أطلعي يا چنى جهزي شنطه لفارس وياسمين.


قفزت فريدة تأمر ابنتها بشكل أثار حنق كل المتواجدين:

-خليكي انتي، أنا هجهز حاجة ابني ومراته.


وقبل أن تصعد منعها مازن الذي هم بالحديث فورا معترضا عليها:

-مظنش إن فارس يقبل إن حضرتك تدخلي جناحه، فبلاش نعمل معاه مشاكل يا فريدة هانم.


اجتاح الغضب وجهها وحاولت الشجار معه لولا والدته التي وقفت أمامها تمنعها من الدخول معه بشجار وهو بتلك الحالة:

-كفايه بقى يا فريده حرام عليكي كلنا مش مستحملين.


صعد برفقة زوجته ودلف جناح فارس فوجد تلك الأريكة التي تنتصف الجناح وهو يعلم استخداماتها جيدا نظرا لحرفتيه بما يختص تلك الأمور فابتسم وجهه رغما عنه ولكنه عاد لجموده وچنى تسأله:

-احضر لهم هدوم أد ايه؟


حرك رأسه بحيرة وأمسك هاتفه واتصل به فرن الهاتف بداخل الجناح فتذكر أنه يحمل الهاتف الخاص بحارسه فعاود الإتصال على ذلك الرقم فأجابه فارس وهو يتنهد بتعب:

-ايوه يا مازن؟


سأله الأخير بلهفة:

-طمني على چاسمين وياسمين.


رد وهو يطرق رأسه سامحا لعبراته بالنزول:

-تعبانين، چاسمين سخنت تاني بعد نقل الدم وبيحاولوا ينزلوا الحرارة والجرح اللي في رقبتها خيطوه.


بكى وأنهار فخرج صوته متقطعا:

-تخيل طفله مكلمتش 8 شهور تتخيط في رقبتها يا مازن.


لم يجد كلمات مناسبة لمواساته فآثر الصمت والإستماع له يخبره البقية:

-وياسمين مفيش أي مؤشرات انها عايشه أصلا غير جهاز يسمعني ضربات قلبها، دي حتى مش بترمش ولا بتتنفس بنفسها.


زاد بكائه وقد وصل لشهقات عالية وهو ينتهز فرصة تواجده بمفرده بالعناية برفقة زوجته وسمح لنفسه بإخراج ما بداخله مع رفيق دربه بالرغم من حدته عليه قبل مغادرته ولكن يظل مازن له مكانه خاصة لديه والجميع يعلم بذلك:

-وزين بقى حالته محتاجه متبرع وهسفره بره بأسرع وقت لو لقينا متبرع مطابق لعينته.


كل هذا ومازن يستمع له وهو يفتح مكبر الصوت سامحا لچنى بالإستماع لحالة أخيها الواهنة وهو يكمل:

-خلي چنى تجهز هدوم ليا ولياسمين وهاتلي موبايلي معاك واتأكد انه مشحون.


تحرك صوب الكومود الموضوع عليه الهاتف وهو يخبره:

-أنا كنت لسه هسألك عايز هدوم أد ايه؟


مسك الهاتف فوجده مغلق ببصمته وفارس يجيب:

-اي حاجه يا مازن البيت مش بعيد، بس أنا محتاج آخد شاور عشان أفوق وأصلي.


سأله مازن عن كلمة مروره حتى يتأكد من شحن هاتفه فأخبره:

-حرف ال Y.


ابتسم وفتحه:

-تمام مشحون كويس.

الصفحة السابقة          الصفحة التالية