-->

رواية جديدة جوازة ابريل 2 لنورهان محسن - الفصل 11 - 2 - السبت 9/3/2024

  

قراءة رواية جوازة ابريل الجزء الثاني  كاملة

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى



قراءة رواية جوازة ابريل

الجزء الثاني

 رواية جديدة قيد النشر 

من روايات وقصص 

الكاتبة نورهان محسن

الفصل الحادي عشر

2

تم النشر يوم السبت

9/3/2024


تشكلت ملامحه بتعبير صارم تجلى بوضوح في لهجته القوية مثل سيف حاد وهو يذبح ببرود وحسم : مابفكرش فيه ولا يهمني انا مش شايفو غريم ليا حتي .. عشان حكايته معاها خلصت يوم ما هي فسخت الخطوبة اللي محدش كان عارف بيها دا كان مخبيها كأنه عامل عملة .. وخليه يعمل اللي هو عاوزو .. وانا هعرف ازاي اتعامل معاه واي حاجة هيعملها هتتردلو اضعاف


❈-❈-❈


خلال تلك الأثناء


فى غرفة منى 


_مني يا حبيبتي الف حمدلله علي سلامتك


هتفت سوسن بلهفة ، وهي تتجه نحو منى التي كانت تجلس فوق السرير بوجه جامد ، وعندما سمعت صوت أمها رفعت عينيها إليها فسقطت من مقلتيها دموع حارقة ، وانفجرت في البكاء المرير بمجرد أن احتضنتها والدتها ، وقالت بحزن شديد ، وهى تربت علي ظهرها بتعاطف تفهم ما تمر به ابنتها : قدر الله ما شاء فعل يا قلب امك بكرا هتعوضيه وربنا هيفرحك صدقي امك ماتزعليش نفسك 


أجهشت منى تبكي بصوت عالٍ ، منهارةً من الألم الذى يدمر قلبها بلا رحمة ، بينما الأم تمسد على شعرها بحنان فطري وتعزيها بكل ما لديها من كلام ، لكن مهما قالت فإن جراح ابنتها النازفة حد الموت لن تشفى بأبجدية اللغة العربية أجمع ، فقالت في حيرة : عملتي في نفسك كدا ليه يا مني؟! ايه اللي جرا يا حبيبتي بينك انتي وعز ايه وصل الحال بينكم للطلاق؟!


خرجت منى من حضن أمها ، وهي تنظر إليها بعينين منتفختين وحمراء من شدة البكاء الذي لم تستطع السيطرة عليه ، وصاحت بعنف منهار : هو السبب في اللي انا فيه .. بسببه خسرت ابني .. البني ادم دا خلاص انتهي من حياتي يا ماما .. انا كرهته قد ما حبيته .. دا اكتر واحد اناني ووحش في الدنيا يا ماما .. ماتجبيش سيرته ليا تاني مش عايزة اشوفه تاني .. ماتوجعتش في الدنيا من حد قد ما انا اتدمرت واتوجعت علي يده هو


ألقت بنفسها على صدر أمها ، وواصلت النحيب بصوت يمزق قلب سوسن من الألم ، فهمست لها بنبرة هادئة نوعا ما وهى تعانقها بشدة، وتبكي معها ، فمن الواضح على عز وكلام منى الآن وحالتها المزرية، تؤكد أنه ارتكب بحقها فعلًا لا يغتفر : حاضر خلاص اهدي يا قلب امك واللي انتي عايزاه هنعمله واخوكي زمانه علي وصول كمان هيقعد معاه ويشوف عملك ايه ويجيبلك حقك منه


ابتلعت منى الغصة التي تشكلت في حلقها بألم ، ثم دمدمت بصوت باك، وسيطرت عليها نوبة من الهستيريا. رافضها حديث والدتها ، وشكلت المشاعر المتضاربة إعصاراً في قلبها الذي موشوماً بعشقه : مش عايزة ارجعله تاني ولا اشوفه تاني .. انا بحبه اوي يا ماما .. بحبه بس .. بس علي قد ما حبيته كرهته حاسة قلبي بيتحرق كل ما اتخيل ان خلاص مش هشوفه واكون في حضنه تان وعشان هيوحشني اوي .. بحبه اوي وهو مايستاهلش ذرة من اللي في قلبي ليه .. انا بكرهه يا ماما بكرهه .. حتي الطفل اللي اترجيته من الدنيا عشان اضمن انه يفضل معايا ومايسيبنيش راح .. وهو قبلها طلقني واتخلي عني يا ماما .. بس خلاص خلي دعاء هانم تفرح خليها تروح تجوزه .. خليها هي تكسب انا خلاص خسرت كل حاجة علي ايده ومابقتش عايزاه مش عايزاه


ربتت سوسن على رأسها بحنان قبل أن تستفهم بتعجب : بس يا حبيبتي اهدي اهدي .. قوليلي بس دعاء مالها ومال اللي بينك انتي وجوزك يا مني .. ماتظلميهاش يا بنتي الست دخلت عليها من شوية لاقيتها قاعدة جنبك ومفلوقة من العياط عليكي


أجابت منى عليها من بين شهقاتها : بتعيط من فرحتها عشان وصلت للي هي عايزاه يا ماما


رفعت سوسن يديها ، وأخرجتها من داخل أحضانها ، وأردفت بصوت حنون : طيب طيب بطلي عياط .. امسكي نفسك واحكيلي في ايه دعاء عملتلك ايه؟


أغمضت منى عينيها بأنفاس متلاحقة ، وهي تحاول تمالك أعصابها ، ثم مسحت دموعها بظهر يديها ونظرت إلى سوسن التي ابتسمت مطمئنة وحثتها على إخبارها بالأمر.


استنشقت منى كمية كبيرة من الهواء ، وزفرتها على المهل ، ثم بدأت تروي لها كل الأحداث التي أخفتها عنها خلال الأيام القليلة الماضية.


إختتمت حديثها ، قائلة من بين شهقاتها الممزقة : انا بموت يا ماما الوجع اللي في قلبي هيموتني مش قادرة استحمله


_انا اللي هموت من غيرك يا مني ومش هقدر استحمل اعيش في الدنيا دي من غيرك


جمدت معالمها فور أن جاءها صوته العميق الهامس ، لتسمع قلبها الخائن ينبض بقوة مثل المطارق بين ضلوعها تأثرًا به ، وهذا ما كانت تخشى حدوثه ، فإنها تكذب على نفسها ، فقط تشعر أنه أصبح شخصاً غريباً عنها ، يتدفق كالسم في عروقها ، يستهدف هذا الشريانرالمسمى بالوتين الذي يسكنه هذا العز ، بينما العقل يعزز من وفرة هذا السم ، لأنه يريد التخلص من هذا العز ، ولكن بمجرد حدوث هذا الشيء اللعين ، سيصبح قلبها مجرد نبضات عديمة الفائدة ولا قيمة لها.


❈-❈-❈


عند هالة


عبس وجه ياسر بغضب ، وهو يطلق زفرة قوية من ضغطها المستمر على أعصابه المضطربة حرفياً ، خاصة أن عقله أيضا لا يرحمه ، مجسدا صورة يارا أمامه ، وهي تقبله الليلة الماضية ، لكنه قمع شعوره بالخيانة بكل ما أوتي من قوة ، فهو لم يخطيء بتاتاً : يوووه .. انا زهقت انتي ليه مش عايزة تفهمي .. المفروض يبقي عندك ثقة فيا وفي نفسك اكتر من كدا


واجهته هالة بصدق ، وهى تحدق في عينيه مباشرة : الثقة بتتبني بالوقت والمواقف مابتتخلقش في يوم وليلة و اللي شفته منك يخليني ازاي اثق فيك .. خلاص اخري جبته مش هقدر اتحمل فكرة انها في حياتك دي يا ياسر عشان دا بيجرحني فاهم يعني ايه


زم ياسر شفتيه قبل أن يضغط على فكه بقوة ، وهو يتحاشى النظر إلى عينيها الزرقاوين المتألمتين ، ثم هتف بنفاد صبر : يعني عايزة ايه من الاخر يا هالة 


_عايزة اكون الوحيدة في حياتك وجوا قلبك .. عايزة تتنافس مع العشاق وانت بتعبرلي عن حبك ليا .. عايزة ابقي انا وبس تكون ليها كامل الحقوق فيك .. عايزة كل وقتك كل اهتمامك عايزة ابقي كل حاجة في حياتك


دار هذا الحديث الداخلي في ذهنها ، عيناها فقط هي التي عبرت عما تريده وتتمناه بشدة.


مرت عليهما لحظات صمت ثقيلة قبل أن تتحدث بهدوء ، ليشعر بانقباض في قلبه بمجرد سماع كلامها : اذا طلبت منك تقطع علاقتك بيها هتوافق يا ياسر؟!


صدمها رد فعله عندما صاح بالرفض القاطع : لا يا هالة .. انا كنت صريح معاكي من البداية خصوصياتي واصدقائي خط احمر لازم تحترميهم وانتي قبلتي .. يارا انا مش هقطع علاقتي بيها عشان شوية اوهام مالهاش اساس الا جوا دماغك وانتي اللي ليكي عندي اني احترمك ومقصرش معاكي وبحبك


أنهى ياسر كلامه بثقة لم يشعر بها ، إذ أخذ كف يدها الناعمة بين كفيه بحنان ، لقد كان يكذب وكان يعلم ذلك ، لكنه لم يرد أن يخسر أيًا منهما ، فوجدت هالة نفسها تنظر إليه باستغراب في البداية ، قبل أن تنجلى طبقة بلورية من الحزن على عينيها الزرقاوين ، وطغى على قلبها ألم لا يحتمل نتيجة نزيف جرح الغائز فى كبريائها كامرأة ، هو ألم يخص شخصها ولا علاقة له به.


حملقت هالة في يدها المتشابكة مع يده ، لعدة ثواني قبل أن تسحبها بهدوء يخالف حقيقة مشاعرها في تلك اللحظة ، بجهد شاق بذلته للحفاظ على ثباتها الإنفعالي ، حتى لا تنفجر بالبكاء في وضح النهار أمام العيون الفضولية المحيطة بهم ، سألته بنبرة مقتضبة : مقصرتش خالص فعلا .. تقدر تقولي موقف واحد حقيقي اتحطيت انا فيه وانت كنت جنبي فيه؟! مفيش صح .. بس تروح عادي توصلها هي لبيتها وتسيبني انا في مشكلة مش كدا .. صاحب البالين كداب يا دكتور


أخفض ياسر بصره بإرتباك من عودة اتهاماتها تتقاذف عليه ، لتجرده أمام ذاته بحقيقة إهماله الغامر تجاهها ، لينظر إليها بسرعة مرة أخرى ، مستشعرًا بخطر يقترب ، وهى تستكمل بسخرية مريرة : وبعد دا كله تاعب نفسك وجاي لحد هنا عشان تعاتبني علي حاجة ماليش ذنب فيها .. بدل ما تدعمني بكلمة طيبة تخفف عني التوتر اللي كنت فيه .. لا كنت بتلومني علي مساعدتي لانسانة كانت بتموت قدامنا يا دكتور و بتنتقد تصرفات اخويا .. قد كدا انت زعلان علي نفسك..!!!


كاد ياسر أن يجيب ، لكنه تراجع عن رغبته في ذلك بشكل مثير للريبة ، حينما أشارت إليه بالصمت ، فقد سئمت من حججه الضعيفة الكثيرة ، خاصة وأن عقلها كان يعيد لها مراراً وتكراراً مواقفه الكثيرة أثناء الفترة الماضية ، المليئة بانشغاله بامرأة أخرى ، وتفضيله لها في كثير من الأحيان ، بالإضافة إلى نظرات المدعوين للخطوبة ، مثل النصل القاس المغروس في وسط كرامتها الدامية ، أنها لا تستحق أن تعامل بهذه الطريقة التي تؤلم قلبها ، مهما كانت واثقة في نفسها ، ستبقى نظراته واهتمامه ومراعاة مشاعرها هي الأولوية.


مررت هالة نظراتها مغمورة بالدموع على ملامحه ذات الحاجبين المقعدين ، وكم كانت ترغب في البقاء معه ، لكن عليها أن تضع حداً نهائياً لهذا الألم العميق الذي يسكن أعماقها ، حتى تتحرر أنفاسها محبوسة في رئتيها.


_خلاص انا لاقيت الحل اللي هيريح جميع الاطراف


توترت ملامحه وسألها بقلق حائر وهو يرى أصابع يدها اليسرى تنزع الخاتم من بنصر يدها اليمنى : انتي بتعملي ايه؟!


أمسكت هالة كف يده الباردة بأطراف أصابعها المرتجفة وبسطتها ، لتضع خاتم الخطوبة الذي لم تلبسه إلا ساعات قليلة ، قالت بابتسامة باهتة : اتفضل .. دي مش بتاعتي وماكنش المفروض البسها وهي من حق واحدة تانية



يتبع..

إلى حين نشر الفصل الجديد نورهان محسن، لا تنسى قراءة روايات و قصص كاملة أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية..

رواياتنا الحصرية كاملة