-->

رواية نابغة بعصر الأغبياء - للكاتبة أسماء المصري - الخاتمة - الجمعة 19/7/2024

    قراءة رواية نابغة بعصر الأغبياء  كاملة

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى


رواية نابغة بعصر الأغبياء

للكاتبة أسماء المصري


الخاتمة

تم النشر يوم الجمعة

19/7/2024

شمس خلدت للنوم

وظلها يهيم ويحلم

في ملكوت الروح

وأمواج شواطئ

مرفأها ليالي العاشقين

أصابها مس من الجن

هو حب عذري

في ترانيم سنابل

نفضت غبار الأيام

دفاترها شبابيك ذكرى

لصدى حلم

عزف أمنيات التوحد

أحبك يا فراشتي

حسنك رباني عذب

وتقاسيمك خليط سماوي

لك جبين

يعشقه ندى صباح

شروق سحره

بخيالات مدارات المساء

فاقرأ تعويذة هي حرزي

بهموم دقات قلبي

تشتكي من سنين الجفاء

وأشواق قتلها صمت

تراقص على مساحات صدر

بشغف في خيالها الباطن

وأمام رعشة خريف العمر

نزف فجر بوحه

بتراتيل عشقها الصباح

عيناك تشبهان عيني

تبتسم بأدب

أمام شفاه الغرام

تبحر صوب الزهور

أنفاس تبحث عن مخرج

تنهد صوتها

أمام مرآة خيال

ابتسمت بعفوية موسيقى

تسربت أوتارها

في فوضى الزمن

لأنسجة الهم

رسم رأسا

ما زال ردائه

يحمل في ذاكرته

يأسا قتل قلبي


تعويذة القلب للشاعر طاهر مصطفى




جالسا القرفصاء على اﻻرض وعارٍ تماما كما ولدته أمه، يحاوط قدميه بذراعيه ولا يعلم أين هو ولا ماذا هو بفاعل؟ ولكنه يشعر بالذعر والخوف بل والرهبة من القادم.


لعن نفسه وغباؤه على تلك الفكرة المجنونة التي قام بتنفيذها، فحقا من العاقل الذي قد يضحي بحياته وحريته بهذا الشكل؟


أطرق رأسه مسندا إياها على ركبتيه ونحب صامتا وهو مرتعد ويرتعش من البرودة الشديدة التي يشعر بها تسري بجسده ولكن صبرا جميلا فبالتأكيد لن يظل هنا وعلى تلك الحالة أبد الدهر ولا بد من أن أمرا ما سيحدث،  لكن السؤال هو متي؟


استمع لصوت خطوات فرفع رأسه ليرى شخصا قادما من بعيد يحمل شعلة بيده ولكنه لم يستطع تبين ملامحه بسبب القناع الذهبي على رأسه، ولكن كلما اقترب كلما اتضحت معالمه؛ فوجده رجل طويل جدا قد يتخطى طوله الثلاثة أمتار مقارنة به هو الذى لا يتعدي طوله المائة والسبعين سنتيمترا، ولكن لحظ!


هل هذا من يظنه هو؟ إنه نفس القناع الذي درس ملامحه ورسوماته على المعابد واﻵثار واشتهر بفقدان إحدى عينيه.


بالفعل هو قناع المعبود حورس، فلمعت عينيه ونهض فورا احتراما وتقديرا له وانحنى مبجلا اياه وهاتفا:

-مولاي.


رد المعبود حورس بصوته الغليظ والمزدوج:

-مرحباً بيتر، أهلاً بك بمملكتي وعالمي.


ابتسم بيتر وهتف بسعادة:

-أنا أكثر من سعيد بوجودي هنا كخادم لك مولاي.


ربت المعبود حورس على كتفه العاري وقال موضحا:

-بل كاهني.


لم يفهم فرفع رأسه ناظرا له بحيرة و رد:

-لم أفهم ما مقصدك مولاي.


أجابه الأول:

-قلت خادمي وأنا قلت بل كاهني، فأنت مرشح لتكون أحد كهنتي المخلصين بيتر أوز حور.


جعد جبينه فأكد له:

-فور أن تنتهي من اختباراتك سيكون هذا اسمك، الكاهن بيتر اوز حور.


أبتسم بسعادة وسأله:

-متى تبدأ اﻻختبارات مولاي؟


أجابه ضاحكا:

-لا تتعجل، فهي ليست بهذه السهولة ولن تستطيع انجازها بيسر أيضاً.


وقف أمامه مطرقا لرأسه وأومأ بطاعة، فوجد عدة رجال يدخلون أحدهما يحمل معه ملابس رثة، واﻵخر يمسك بيده شفرة حادة وثالث يحمل شعلة وإناء خشبي به ماء وبدأوا بتجهيزه للاختبارات فحلق شعره ولحيته وكل الشعر الذي يغطي جسده من رأسه لأخمص قدميه حتى بات حليقا أملسا وبعدها قاموا بغسل جسده جيداً بالماء وألبسوه تلك الملابس الرثة من الخيش الناشف والخشن.


تركوه وذهبوا فوقف منتظرا أن يحدث أمرا ولكن طال انتظاره فهو لا يعلم ما عليه فعله فحتى بالجامعه لم يدرس أي مما يمر به اﻵن ولابد أن تكون تلك الطقوس سرية للغاية لا يعلمها إلا من عاصرها وقام بتأديتها.


دخل أحد الكهنة يرتدي زيا فاخرا ولكن شكله مثل البقية حليق الرأس أملس الجسد وكأنه نمط موحد للكهنة أن يتجردوا تماما من الشعر بجسدهم، وقف أمامه فانحنى الآخر باحترام واعتدل ليستمع له وهو يعرف عن نفسه: 

-أنا الكاهن الأكبر بيتا حور كبير كهنة المعبود حورس والخادم المخلص له ولعقيدته.


أكمل حديثه هاتفا:

-اﻵن لابد أن تثبت جدراتك بتولى منصب كاهن حتى تؤهل لتحتل كرسي الكهنوت، ولابد من اجتيازك لتلك اﻻختبارات الصعبة.


لم يعقب بل ظل صامتا منصتا باهتمام وتركيز لما يقوله الكاهن الأعظم فاستمع له يضيف بإطناب:

-أولاً يجب أن تعلم أن لولا المعبود حورس هو من أرادك أن تنضم لنا ما وافقت ابدا أن يتساوى احدا من العامة وخصوصا شخص من المستقبل لا يعرف أي ما عاداتنا ولا حضارتنا فيأتي ليتقاسم معنا قوتنا وألقابنا وعلمنا، ولكن أمر المعبود حورس نافذ ولا يمكن النقاش به.


سحب نفسا و زفره بحدة وبدأ بتعريفه على مهمته ولكن بشكل مبسط حتى لا يفسد عنصر المفاجأة فقال:

-يجب أن تعلم أن تلك الاختبارت معدة فقط لتهيئتك على التعلم السريع لأساليبنا ومعتقداتنا وأيضاً حتى تستطيع حمل أسرارنا وكتمانها ما حييت وربما بعد موتك ورحيلك أيضاً.


لم يفعل بيتر شيئ سوى أن أومأ إيمائة طفيفة وانتظر ليكمل اﻻخر حديثه:

-مهمتك الأخيرة ستكون سهلة وبسيطة وهي أن تستلم القربان المقدم من الكاهنة بنترشيت والملك سيتي مر إن بتاح.


ابتلع ريقه وأومأ مستمعا لشرح الكاهن:

-هما وافقا على تقديم ابنتهما كقربان وعروس للنيل ولكن المعبود حورس رأى بها منفعة كبرى غير الوفاء بالنيل لذا فور أن تتعلم كل أساليبنا وتنجح بكل اختبار ستمر به وقتها فقط ستنفذ تلك المهمة المكلفة لك، وبعدها ستعود لجسدك لتنفذ باقي أوامر المعبود حورس.


لمعت عينيه ونطق متفاجئا:

-أعود لجسدي! انا فعلت كل هذا حتى أعيش بهذا العصر وانتمي لكم و....


قاطعه الكاهن:

-مهمتك ستكون أكبر وأهم من ذلك بكثير صدقني، وياليتني استطيع أن أحل محلك.


غزا الفضول وجهه فاستمع للآخر يوضح له:

-مهمتك الأولى واختبارك الأهم الآن هو الطاعة وفقط الطاعة العمياء هي ما تقبل هنا.


أومأ له فأكمل:

-ومهمتك القادمة هي زيارة بنترشيت بعالم الأحلام لتتسلم منها قربانها وتحضرها هنا من جديد.


وافق بحركة طفيفة من رأسه وحتى لم يحتاج أن يسأل عن كيفية فعلها فبالتأكيد سيعلموه كل شيئ.


❈-❈-❈


فتحت عينيها لتجد نفسها بداخل منزل النيل، ذلك المكان الشاهد على عشقها ومآساتها بنفس الوقت.


لم تأخذ وقتا طويلا لتعلم أنها تحلم ولكن السؤال هنا، لماذا تحلم بتلك الذكرى وذلك المكان ومليكها وحبيبها نائما بجوارها؟


وقفت تهندم زيها الفرعوني الخفيف من الكتان  وخرجت لتتفاجئ بوجود بيتر بشكل مغايرا عما عاهدته به فقد كان يرتدي زيا رثا من الخيش وحليق الرأس حافي القدمين فهتفت بجزع:

-بيتر! ماذا تفعل هنا؟


اقترب منها بخطوات بطيئة وهتف مركزاً بصره ناحيتها:

-جئت لاستكمال الطقوس بنترشيت.


ارتعدت على الفور وعادت خطوة للوراء تضع يدها على بطنها وترجوه:

-أرجوك، أتركها لي أنا....


قاطعها بشدة وحزم:

-ليس من حدك أو حدي أن نتدخل بذلك الأمر بعد أن وافقتي على تلك المساومة، وقد نفذ المعبود حورس الجزء الخاص به والآن جاء دورك.


بكت رغما عنها وحاوطت بطنها تسأله بنبرة حزينة:

-هل ستتألم الصغيرة وأنت تأخذها؟


نفى  موضحا:

-بالعكس تماما، انت فقط ستتألمين.


تنهدت باستلام وأغلقت عينيها ولم تفتحهما حتى شعرت بتلك  الآلام التي أخبرها عنها ولكنها كانت أكبر من توقعها، فصرخت صرخة عاتية أيقظت النائم بجوارها ففتح عينية بذهول وهو يجدها غارقة بالدماء وكانها وضعت للتو جنينها فنهض سيتي على الفور محاولا تدراك الأمر وهو يهدأها:

-حسنا حبيبتي، اهدأي قليلا فيبدو أنهم قد أخذوا الصغيرة كما هو متفق عليه.


بكت صارخة:

-الألم لا يحتمل فلتفعل شيئا.


دار حول نفسه بتيه فصرخت مجددا:

-خذني للمشفى قبل أن تتصفى دمائي.


أومأ وحملها كما هي بملابس النوم الغارقة بالدماء وخرج من الغرفة الفندقية مسرعا صوب المصعد وصرخ بالعامل المرابط بداخله:

-النجدة.


حدثه العامل بعد أن أوقف المصعد بالطابق الأرضي:

-يمكن لموظفي الاستقبال مساعدتك سيدي.


هرع مسرعا تجاه الاستقبال والذي بدوره استدعى سيارة الإسعاف ومنها للمشفى القريب للفندق وقام الأطباء بإسعافها.


خرج الطبيب بعد وقت قصير ينظر له بحزن ويسأله:

-هل أنت زوجها؟


أومأ ولكنه عاد ليتذكر أن بيتر ليس كذلك فنفى مصححا:

-أنا صديقها.


تنفس الطبيب وسأله:

-هل هي بمفردها معك؟ أين زوجها أو أحد أقاربها.


ابتلع سيتي وأخبره:

-والديها لا زالا بالفندق ويمكنني إخبارهما ولكن طمئني عنها أولاً.


ابتسم له الطبيب بتكلف:

-هي بخير، ولكنها فقدت الجنين مع الأسف.


❈-❈-❈

فتحت عينيها فوجدت والديها وسيتي يجلسون بالغرفة فهمست بصوت مجهد:

-مولاي.


هرع ناحيتها ممسكا راحتها ومقبلا إياها وسط ذهول والديها اللذان لم يصدقا إلى الآن أنه تلاعب بهم جميعا ولم يخبرهم حقيقة أن التعويذة قد نجحت.


اقتربت هاندة تقبل جبهتها:

-ابنتي الحبيبة، أنت بخير والجنين يمكن تعويضه فلا تحزني.


بكت دورثي رغما عنها واضعة يدها على بطنها تشعر بالألم والأسى فقبلها سيتي على الفور ونظر لها بحب:

-أحبك، أعشقك قيثارة الحب.


حدثته بالهيروغليفية حتى لا يفهم والديها حديثهما:

-هل معنى ما حدث أننا على وشك العودة لعالمنا؟


أوما موضحا:

-تبقى القليل فقط وتعود الصغيرة لتسكن جسدك ويعود بيتر لجسده، فلا تحزني فأنت لم تفقديها حقا فهي ستعيش كدورثي لويز إيدي.


بكت مجددا:

-ولكنني لن أراها أو أحضنها وأقبلها وأشتم رائحتها، وكل عزائي أننا سنعود لزماننا ويمكننا إنجاب الكثير من الأطفال تعويضا عن صغارنا الذين فقدناهم.


ابتلع ريقه وأومأ مبتسما بتصنع فهو حتى تلك اللحظة لم يخبرها أنه اتفق على ألا ينجبا مجددا لا بهذا العصر ولا بغيره.


ظل يرمقها بنظرات عاشقة ووالهة فتعجبت من تركيزه بها وسألته تحاول خلق حديث لتخفيف الألم النفسي والبدني الذي تشعر به:

-بما أنت شارد.


أجابها وهو يداعب وجهها بأنامله:

-تذكرني ملامحك الآن بأول لقاء لنا وسقوطي ببئر عشقك يا صغيرة.


ابتسمت لتلك الذكرى الجميلة التي ذكرها فشرد هو بماضيه عندما كان عائدا من حملته العسكرية بعد أن جاءت تعيش بالقصر كمرافقة لابنته الاميرة تيا وبدأ يقص لها تلك الذكرى التي قد تبدو بعيدة تماما عن معرفتها أو ملاحظتها.


❈-❈-❈

المشهد القادم من تأليف المتابعة: سماح حسن

تدقيق لغوي وإعادة صياغة وإخراج: اسماء المصري

❈-❈-❈


كان عائدا من تلك الحرب مع الحيثيين ومع قائده المخلص توت، وكانت من سرقت قلبه جالسة تعلم ابنته بعض الفروض الدينية.


فور أن دلف ورآها لم يستطع إبعاد عينيه عنها فتوجه إليهما مع قائد جيوشه ورحب بإبنته الصغيرة التي هرعت إليه فور رؤيته هاتفة بحب:

-أبي ومولاي لقد إشتقت لك.


انحنت له باحترام تلك السمراء وأنظاره لاتفارقها مسلطة عليها؛ مما جعل دقات قلبها تخفق وهي لا تجد تفسيرا لتلك النظرات بالرغم من غزلة الدائم بها كلما سنحت له الفرصة، ولا تجد سببا لخفقات ذلك القابع بين ضلوعها وهي أبعد ما تكون عن الوقوع بالعشق وخاصة أن من أمامها هو الفرعون ذاته وليس صبيا مزارعا.


تسائلت بداخلها ما سر تلك النظرات؟ هل يشعر بخفقات قلبها؟ ولكنها استبعدت الفكره فهو الفرعون العظيم وهي ليست سوى أحد رعاياه.


أما عن هذا الذي من وقعت عينيها عليه، فكان يفتقد صاحبة تلك البشرة السمراء حد الألم، ولكنه دائما ما كان ينهر نفسه ويؤنبها وكثيرا ما تسائل عن سر هذا الاشتياق وهو الذي لم يكن يهتم للنساء؟!


بعد أن أطال النظر بها تحمحم ورد علي ابنته الصغيرة:

-اشتقت لكِ صغيرتي، ولكن يبدو أن صديقتك الكاهنة قد آنست وحدتك كثيرا في غيابي، أليس كذلك؟


ردت الاميرة تيا وهي تنظر إلى التي أصبحت لاتفارقها إلا عند النوم:

-نعم مولاي فهي نعم الصديقة والمعلمة.


أومأ لها متفهما ونظر لها وسألها مبتسما:

-وياتري أنتِ أيضاً سعيدة بتواجدك هنا بقصر الفرعون ومع ابنته؟


أومأت مبتسمة ناظرة في عينيه:

-لم أكن بأفضل حال مولاي.


فقال بسعادة:

-يبدو أننا أيضاً أصبحنا بأفضل حال منذ مجيئك.


قالها غامزا بعينه مما جعل قلبها يزداد خفقاته، تحرك من أمامها مبتسما ومتعجبا مما أصبح عليه وتأثير تلك العيون عليه.


تحرك باتجاه جناحه مودعا قائد جيوشه ودخل بهيبته علي جناح قرينته تويا فوجدها بكامل زينتها فإنحنت احتراما لحضرته مرحبه:

-مولاي ومليكي العظيم سيتي مر إن بتاح.


ابتسم في وجهها مرحباً:

-مرحباً تويا.


أجابت بحب:

-عودة حميدة مولاي، ومبارك على انتصاراتك.


قضمت اسفل شفتها وهمست له:

-إشتقت لك كثيرا مولاي.


رد مقتضبا:

-اشكرك تويا.


اقتربت منه محتضنه وتقبل شفاهه وكل ما يقابل شفاها من وجهه، ابتسم لها وأخبرها مبتعدا:

-انا متعب تويا.


تنحت جانبا وقالت بحزن:

-كما تأمر مولاي.


استبدل ملابسه وتوجه إلى فراشه، ولكن تلك التي اشتاقت له لم تيأس من محاولة أخذها له بين أحضانه، فاقتربت منه مرة أخرى تدعوه لها وهي بقمة إثارتها قائلة:

-لقد تعذبت بنار غيابك مولاي، أكاد أشعر أن كل ما بداخلي يحترق شوقا لك.


اقتربت منه وظلت تقبله قبلات محمومة، أما عنه فكان يفكر بتلك التي تبعد عن عيونه الآن وكأنه يراها لم تفارق مخيلته لحظة، ولكن التي بجواره قرينته وهي بكامل أنوثتها وإثارتها؛ فحزم أمره أن يتناسى التي في مخيلته وأن يغوص بمفاتن قرينته عل قلبه يهدأ قليلا.


تجاوب معها أخيراً وظل يقبلها ويبادلها قبلاتها المحمومة، ولكن خيالها مازال أمامه في وجه قرينته،

ابتعد عنها قليلا مؤنباً نفسه علي تفكيره الشاذ في تلك الصغيرة التي بالكاد بلغت الرابعة عشر من عمرها وهو الذي اوشك على الخامس والعشرون.


نفض عنه أفكاره الشاذة والتفت إلى قرينته واعتلاها وظل يقبلها ومارس معها الحميمة بقوة وكأنه يحاول بذلك إشباع رغباته وأفكاره التي تنتابه تجاه تلك الصغيرة.


اعتدل لاهثا بأنفاسه وما كان منها إلا أن طوقته بذراعيها قائلة بتعجب:

-ماهذا الشوق مولاي؟ لقد تكسرت عظامي، لا أصدق أنك كنت عازفاً عني ومتعب!


نظر لها بنصف عين وقال مدعيا:

- نعم كنت متعباً، ولكن اشتياقي لكِ بعث بي القوة.


تمدد علي الفراش وحاول أن يغفو مرارا وتكراراً، ولكنه أيضاً لم يستطع فظل يتذكرها بجمالها وأنوثتها التي تضرب جدران قلبه والتي تلهب جسده بالرغم ما عاشه مع زوجته منذ قليل.


نظر للجانب الآخر فوجد زوجته غطت في نوم عميق، فما كان منه إلا أن قام من فراشه مرتدياً ثيابه متوجها إلى غرفتها فهو لم يعد يستطيع أن يقاوم شوقه وأن ياخدها بين ذراعيه.


وصل إلى باب غرفتها فدق قلبه بعنف شديد وفتح بابها متوجها إلى فراشها فغدا قلبه يخفق بعنف من رؤيتها نائمه بمثل هذا الجمال، وكأنها إله بأحد أساطير الجمال.


حاول الإقتراب منها وأخذها بين ذراعيه ليطفئ نار شوقه لها ورغبته في امتلاكها قلبا وجسدا وروحا، مده يده يتحسس بشرتها التي هي بلون القمح، ولكنه ابتعد وقاوم نفسه في اخر لحظة وفر هارباً من حجرتها مؤنباً نفسه علي ماقد يرتكبه في حق تلك الصغيرة وما قد يتبعه من نتائج.


نهاية المشهد.

❈-❈-❈


استمعت له وقد تذكرت بعض الأحداث ولكن ما فاجئها هو اعترافه الآن ولأول مرة أنه اقتحم غرفتها من قبل أن يعترف لها بعشقه الأبدي فتناست ألمها وهمست تسأله:

-لا أصدق، هل حقا حاولت أن تخبرني بمشاعرك بتلك الليلة؟


أومأ مبتسما ومقبلا إياها بعد أن ترك والديها الغرفة حتى يعطيهما خصوصيتهما فسألته:

-ولما تراجعت؟


حاول إخفاء ملامحه الخجلة مجيبا:

-نهرت نفسي للفارق العمري بيننا، وأيضا خوفا عليك لأنك كاهنة ولكن شوقي غلبني وفعلتها بالليلة التي تليها.


ابتسمت وتنهدت وهي تشعر بتضخم قلبها من عشقه الذي لا ينتهي.


بعد مرور شهر..

استيقظت لتجد نفسها بمنزل بسيط دون إضاءة ويبدو من شكله أنه لا ينتمي أبدا للعصر الحديث، فانتفضت تبحث عنه بالمنزل حتى وجدته بالحديقة يقطف الثمار وهو بهيئته الفرعونية التي تحفظها عن ظهر قلب.


اقتربت منه حتى باتت خلفه تماماً فرأت انعكاس وجهها ببركة المياة الراكدة على الأرض فاقتربت تنحنى أكثر لتتمعن بنظرها لشكلها الذي افتقدته.


ابتسمت عندما التفت لها حبيبها واحتضنها يقبل عنقها ويهمس بحب:

-أحبك قيثارة الحب، أعشقك يا فتاة.


التفتت تتعلق بعنقه متسائلة:

-هل انتهى كل شيئ الآن مولاي؟


قبلها قبلة سطحية وأومأ:

-نعم حبيبتي، إننا الآن بعصر ابني الملك رعمسيس الذي يشهد رخاءً لم يشهده ملك من قبل وها أنا ذا أشاهده كفرد من رعيته.


ابتسمت بحزن وهي تتذكر صغارها الثلاث، فأغلقت عينيها تتنهد ولم يحتَج تفسير لتنهيداتها فاحتضنها وربت على ظهرها:

-دفعنا ثمنا باهظا حتى نكون سويا وعزائي الوحيد أن ابننا سيتي يعيش برفقة إمام يعتني به كأنه فلذة كبده وابنتنا الآن أكبر عالمة آثار بمصر ويأت لها الأثرين من كل أنحاء العالم فقط ليتعلموا منها بعضا من علمها، فهي أصبحت نابغة بعصر الأغبياء.


تمت بحمد الله..



يتبع..


إلى حين نشر رواية جديدة للكاتبة أسماء المصري من، لا تنسى قراءة روايات و قصص كاملة أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية


رواياتنا الحصرية كاملة