-->

رواية نابغة بعصر الأغبياء - للكاتبة أسماء المصري - الفصل 39 - 2 الجمعة 12/7/2024

   قراءة رواية نابغة بعصر الأغبياء  كاملة

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى


رواية نابغة بعصر الأغبياء

للكاتبة أسماء المصري


الفصل التاسع والثلاثون

2

تم النشر يوم الجمعة

12/7/2024

اقترب منه سيتي ونظر له بتفحص وسأله بحيرة:

-ما سبب موافقتك على العبودية وانت انسان حر تعيش بالعصر الحديث؟


أجابه و عيناه تشع انبهارا:

-وهل نظرت حولك؟ كل العصور بقاطنيها ومعاصريها يريدون العودة بالزمن ليعاصروا فقط تقدمكم انتم ولو ليوم واحد، فعن أي تقدم تتحدث عنه مولاي.


ابتسم بزاوية فمه لذلك المتملق ولكنه لا زال رافضا بداخله ويشك بالأمر فعاد يسأله:

-هل تعلم أنك ستكون خادم للمعبود حورس ؟ بمعني انك لست فردا عاديا و حرا بما تفعله؛ بل ستظل بخدمة المعبود وإلى الأبد.


أومأ موافقا وراضخا وكأن حياته تعتمد على تلك التعويذة، فالتفت سيتي ناظرا لحبيبته وتفوه مصرحا:

-أنا خائف قيثارتي.


نظراتها الوالهة وصوتها الرقيق خرج بنعومة ليجيبه بطمأنة:

-لا تخف حبيبي، ستكون الامور على خير ما يرام.


زفر بضيق وتمنى لو يستطيع إحكام ذراعيه حولها ليحاوطها دافنا إياها بصدره ورد موضحا:

-مخاوفي لا تكمن في المراسم والتعويذة فحسب؛ بل هناك أمور أخرى تشغل عقلي.


سألته وهي مبتسمة وكأن ابتسامتها هي الدواء لداءه:

-ما هي تلك الأمور مولاي؟


أجابها واجما حزينا:

-أن تندمي فيما بعد وتظل ذكري ابنائنا بيننا فتهدم علينا سعادتنا.


ردت عليه بتأكيد:

-لا تقلق، سنكون بخير حبيبي.


ابتسم لذلك اللقب اللطيف الذي من المفترض انه اعتاده ولكنه لا زال هائما بها كأول ليلة وقعت عيناه عليها، فهل يمكن أن يعشقها أكثر من ذلك؟


بات يعرف أنه لن يستطيع الحياة دونها وأنها اصبحت أهم حتى من الماء والهواء بالنسبة له، فلم يمانع إظهار هذا العشق والولع وليكن ما يكون.


اقترب منها وقال:

-قيثارة الحب، قيثارتي التي لا امل منها ابدا، استمعي لي جيدا.


تنبهت حواسها له فهمس بجانب أذنها :

-أعشق كل تفصيلة بك، والآن اريد اخبارك بشئ مهم.


تنهد وأضاف متسائلا:

-تذكرين حجرتنا السرية أليس كذلك؟


أومأت مؤكدة فاخبرها:

-إن لم تفلح التعويذة فجدي الباب السري وخدي كل ما بها من ذهب وأشياء ثمينة حتى تساعدك على العيش دون الحاجة لأحد.


ابتسمت له وعقبت:

-إن لم تفلح التعويذة فسوف آتي اليك لنعش هنا سويا بأي شكل كان.


❈-❈-❈

فتح عيناه واعتدل بجسده فوجد اعينهم مثبتة عليه فسألهم بحيرة:

-هل كل شيئ على ما يرام؟


هرعت دورثي ناحيته ونظرت له بترقب هاتفة:

-هل أنت مستعد؟


ابتسم لها وعبث معها قليلا:

-لست مستعداً الآن، فلنرجئها للغد.


نهجت بأنفاسها ووجمت ملامحها وهي تسأله:

-لماذا بيتر؟ ألم نتفق على تأدية المراسم فور عودتنا ؟ ومولاي سيتي ايضا يستعد الآن وبتلك اللحظة ليساعدنا السحرة بالزمن الآخر.


حاول إخفاء بسمته المشاكسة وتحدث بجدية مصطنعة:

-أعلم ذلك ولكن لم أكن أعلم أنني...


قاطعته صارخة:

-إنك ماذا تبا لك؟


ضحك بيتر بهستيرية ورمقها بنظرات ساخرة ورد على إهانتها له:

-هكذا إذاً، أنا انسحب إذاً وأذهبي لتبحثي عن من يدفع بنفسه إلى التهلكة وبإرادته.


حاول التحرك مغادرا ولكنها بادرت بالهرع وامساكه من ذراعه تتوسله معتذرة:

-آسفة حقا، اسفة لم أكن بوعيي، رجاءً لا تذهب وتتركني بعد أن اعطيتني أملا بالحياة.


ابتسم لها وربت على كتفها هامسا بمداعبة:

-لا تقلقي بنترشيت، فأنا لن أحنث بوعدي معك.


اتسعت بسمتها ونظرت لدان الواقف بجوار والديها وقالت بلهفة:

-هيا دان، فلقد حان الوقت.


بدأ دان بإشعال أحواض النيران الرخامية التي تملئ المعبد؛ فتخوف ايدي قليلا من كشف أمرهم وسأله بحيرة:

-ألن يجذب كل هذا الضوء أعين الحراس؟ 


حرك رأسه قائلا بحيرة:

-لا يوجد حل آخر، فتلك المراسم تحتاج النيران لتعزيزها.


أومأ له وتحرك ليقف بجوار زوجته وسحبها داخل حضنه وهمس بأذنها:

-أتمني نجاح التعويذة هانده، أنا اريد استعادة ابنتي إلى حضني.


ربتت على وجهه وابتسمت هامسة بدورها:

-لا تقلق عزيزى، ستنجح وستعود دورثي إلينا.


بدأ دان بإلقاء التعاويذ بصوته القوي وبيتر ممدد على المذبح الرخامي أمامه وبنترشيت تنظر له بترقب ولهفة، فبدا جسده باﻻنتفاض لتشعر بالخوف قليلا وتوجهت لتقف بالقرب من دان وأمسكت براحته وبدأت تردد معه كلمات التعويذة بشكل قوي وهي تنظر أمامها لجسد بيتر.


اقتربا والديها وأمسكا راحتيهما وفعلا بالمثل بالرغم من صعوبة تلفظهم بتلك الكلمات ولكن من كثرة تكرارها أمامهما استطاعا أن يردداها معهما حتى ارتفع جسد بيتر في الهواء فذعرت هانده ولكن دورثي أحكمت قبضتها علي راحتها لتطمئنها وبالفعل هدأت وظل اﻻمر هكذا حتى ارتمى جسده مجددا على المذبح فاقدا للوعي.


ظلوا جميعا واقفين بصمت ولكن عكسها هي التي لم تستطع الصمود أكثر فهرعت ناحيته تهز جسده هاتفة بخوف وقلق:

-بيتر، هل أنت بخير؟ تحدث معي.


فتح عيناه بتباطئ واغلقهما مجددا فعادت تتحدث معه:

-هل تسمعني؟ هيا تحدث معي أرجوك أخبرني أنك مولاي سيتي.


سحب نفسا وفتح عيناه فنظرت للونهما اﻻزرق فتأكدت من فشل التعويذة؛ فدمعت عيناها وسألته:

-هل أنت بخير؟


أومأ لها وسألها بحيرة:

-ما الذي حدث؟


نزلت عبارتها تبلل وجهها وردت بحزن:

-لقد فشلت التعويذة ولا أعلم السبب.


مسح بيده على طول ذراعها وواساها هاتفا:

-لا تحزني، سنقوم بالتجربة مرة اخرى بوقت لاحق.


وافقته وبدأوا بتجميع متعلقاتهم وغادروا وسط بكاؤها الشديد الذي لم يتوقف ابدا.


ظلت بغرفتها تحاول إيجاد سببا لفشل التعويذة ولكنها لم تستطع المعرفة؛ حتى تحرك جنينها ببطنها وهنا علمت ما الخطأ الذي اقترفوه، فتحركت صوب غرفة دان وطرقت الباب ففتح لها فأسرعت بالتحدث:

-لابد ان ننفذ التعويذتين معا حتى نستطيع إعادته إلينا.


رمقها بنظرة حائرة وسألها:

-أنا لا افهمك.


أجابت فورا وبدون مماطلة:

-تعويذة تقديم القربان مع تعويذة نقل جسده، لابد من فعلهما سويا.


حرك كتفيه وسألها:

-هل تعين ما تطلبينه؟ من أين لي انا بكل تلك المعرفة أو الطاقة لتنفيذها؟ اليوم ولولا مساعدتك لي لما استطعت أن افعل ما فعلته باﻻساس.


بكاؤها ونحيبها جعله يرقق من صوته وتحدث معها بهدوء:

-تمهلي، سنجد طريقة.


أومأت له وخرجت فوجدت بيتر أمامها فجعد الآخر ملامحه واقترب منها يسألها باهتمام مبالغ:

-ماذا يحدث؟ هل أنتِ بخير؟


نفت برأسها ودموعها تبلل وجهها فأمسك راحتها وقادها صوب غرفتها وتحرك بها بهدوء وهو يطمانها:

-كل شيئ سيكون على ما يرام، فقط اهدأي.


دلف معها للغرفة وأخرج ملابسها المنزلية من خزانة الملابس وحاول مساعدتها بتغيير ملابسها ولكنها ابتعدت قائلة:

-شكرا لك بيتر يمكنك الذهاب اﻵن.


حرك رأسه رافضا واقترب منها اكثر وبدأ بتحريك راحته على طول ذراعها وانحنى ناحية أذنها هامسا بنبرة مثيرة:

-أريدك.


قوست حاجبيها وهي لم تستعب ما قاله فسألته بحيرة:

-ماذا تريد؟ لم أفهم.


ربما فهمت ولكنها لم تتخيل جرأة طلبة فعاد يؤكد لها حديثه بشكل علني وواضح أكثر:

-أريدك بفراشي بنترشيت، أريد أن اقضي معك الليلة بفراشك، ما العجيب بما اقوله؟


ابتلعت ريقها وهي لا تصدق حديثه فهدرت به بحدة:

-هل أنت بعقلك؟ ابتعد عني وإﻻ...


قاطعه مقتربا أكثر وكأنه يتحداها قائلا:

-وإﻻ ماذا؟ ها! 


أمسك ذراعها بقبضته القوية وتحدث بغضب:

-أنا اضحي بحياتي من أجلك وأنتِ ترفضين قضاء اللية معي! هل هذا عدل من وجهة نظرك؟


دفعته بقوة لتبعده عنها وهي تصرخ به بحدة:

-هل تحسبني عاهرة يا هاذا؟


رد بهدوء مغايرا للموقف:

-وهل تحسبينني مغفل لالقي بنفسي إلى التهلكة دون مقابل؟


صرت على أسنانها غاضبة وكتفت ذراعيها أمام صدرها تسأله:

-ما المقابل الذي تريده؟ و قبل أن تجيب أريدك اولا أن تكف عن التحدث وكانني قد عرضت عليك التضحية بنفسك فأنت من توسلتني وأقحمت نفسك باﻻمر لذا لا تشعرني أنك تفعلها لأجلي لأنه لا يوجد بيننا ما يدعو لذلك.


وافقها الرأي واقترب منها مجددا وهتف بثقة:

-حسنا، أنا أريد المقابل فقد علمت انني سأعيش عبدا مدى الحياة وأظن من حقي أن اتمتع قليلا بحياتي قبل أن يحدث ذلك.


تعجبت منه وسألته بحيرة:

-تعلم كل المخاطر التي قد تواجهها، وعندما سألتك عن سبب قيامك بهذا أخبرتني انك لا تهتم لحياتك وربما تود أن تنهيها، أنا اعلم حقيقة ما بداخلك فإن كان السبب أنك فقدت حبيتك كما اخبرتني من قبل وتود مساعدتي حتى لا أفقد أنا ايضا حبيبي، أو ربما تود انهاء حياتك التعيسة بعد أن فقدتها، وربما لك تفكير آخر لا اعلم عنه شيئ، فحتى عندما اخبرتني انبهارك بالحياة المصرية القديمة ورغبتك بل ورغبة كل علماء اﻵثار العودة بالزمن ليعيشوا معهم تلك الحقبة، أنا لم أصدق حديثك هذا ولا اعلم ما السبب وراء موافقتك، ولكنني لن اتظاهر باﻻكتراث فجل ما يهمني اﻻن هو استعادة حبيبي ومولاي سيتي مر ان بتاح وبأي ثمن.


اطنابها واسترسالها بالحديث بهذا الشكل جعله ينظر لها بصمت دون محاولة منه لاسكاتها، فاضافت بعد أن ابتلعت ريقها لتبلل حلقها الجاف من كثرة الثرثرة:

-فالمرأة التي أمامك ضحت قبلا بنفسها وجنينها في سبيل حبيبها، واﻻن سأضحي من جديد بابنتي فقط لاجله فلا تظن أنني قد اهتم لك بل ساضحي بالنفيس و الغالي فقط لأجله.


اتسعت بسمته وسألها:

-وهل تضحين بليلة تقضيها معي فقط لتنولي رضايا وتضمني موافقتي على تأدية تلك المراسم من جديد بالغد؟


اغلقت عيناها بغضب وصرت على أسنانها فعاد متحدثا:

-لم اسمع إجابتك، هل توافقين على ذلك؟


أومات له مجيبة:

-إن خيرتني بين الموت وبين خيانة مولاي سيتي فسأختار الموت، ولكن إن خيرتني بين حياته وبين تلك الليلة فبالطبع سأفعل أي شيئ فقط لأجله.


سحب نفسا عميقا وزفره بهدوء واقترب منها يحاصرها بين جسده والحائط و انحنى هامسا بأذنها:

-حسنا إذا، أريدك بفراشي اﻻن.


ابتلعت ريقها وبكت وهي تؤمي برأسها موافقة.


يتبع..


إلى حين نشر الفصل الجديد للكاتبة أسماء المصري من رواية نابغة بعصر الأغبياء ، لا تنسى قراءة روايات و قصص كاملة أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية


رواياتنا الحصرية كاملة