رواية جديدة المتاهة القاتلة لحليمة عدادي - الفصل 6 - الإثنين 12/8/2024
قراءة رواية المتاهة القاتلة كاملة
تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى
رواية المتاهة القاتلة
رواية جديدة قيد النشر
من قصص و روايات
الكاتبة حليمة عدادي
الفصل السادس
تم النشر يوم الإثنين
12/8/2024
اقترب الرجل من "ماريا" وأمسك يدها بقوة، لكن "ماريا" لم تتحرك، على عكس أصدقائها الذين كانوا يصرخون بفزع، يخشون أن يصيبها مكروه، أما "ماريا" فكأن جسدها بلا روح، تنظر إلى ذلك الشخص بعينين متسعتين، وكأنها بعالم آخر لم تتحرك قط، عندما قَرَّب السكين من يدها، لم يصدر منها أي رد فعل.
وضع السكين على يدها، ومررها سريعًا، تساقطت الدماء من يدها بغزارة، "ماريا" لم يصدر منها أي حركة ولم تخف، خرجت منها شهقة... وبعدها سقطت فاقدة الوعي، جلس ذلك الشخص الغريب بجانبها وأمسك يدها، وضعها على قطعة قماش حتى امتلأت تلك القطعة بالدماء، ثم رفع يدَها، ركض الأشخاص الذين خلفه، حملوا "ماريا" ووضعوها بجانب رفاقها ثم خرجوا، كاد "رام" يجن، كان يشعر بالعجز، فليس بيدِه حيلة، هو مقيد لا يقدر على فعل شيء وقلبه يحترق، أما أختاها فالدموع تلألأت بداخل أعينهما.. سمعوا صوتًا غريبًا، بدأت قطعٌ من الحجارة تتساقط من سقف الكهف.
هنا "ماريا" شهقت بقوة وفتحت عينيها، ظهرت علامات الألم على وجهها، نظرت إلى يدها وتلألأت الدموع في مقلتيها، نظر إليها بقلبٍ مفطور من شدة الحزن، تحدث بلهفة:
ماريا، أنتِ كويسة، ماريا، ردي عليّ.
نظرت إليه مطولًا، إنها المرة الأولى التي ترى في عيني أحدهم هذا الخوف واللهفة من أجلها، رغم ألم يدها فإن سعادتها كانت كبيرة، أجابته بصوتٍ متألم:
متخافش أنا كويسة.
نظرت إلى أختيها بابتسامة، تخفي وراءها ألمها، بمحاولة منها بأن تطمئنهما، أما "رام".. فنظرت إليه لأول مرة، رأت مدى حزنه، ورأت نظرات الحب في عينيه، نظرت أمامها.. وحل الصمت في المكان، هدوءٌ مخيف، فجأة الرياح القوية ملأت المكان، برودة غير عادية، قطرات من الدماء تتساقط في المكان، وصوتٌ قوي تقشعر له الأبدان، دخل كائنٌ غريب الشكل، جسده من الأعلى شكل ذئب وقدماه قدما إنسان، وقف ينظر إليهم يتفحصهم وكأنه يستعد لكي يفترس أحدًا منهم، فجأة صدر صوت خشن في المكان، يقول بصوتٍ مرعب:
اجلس، اجلس، اجلس.
جلس ذلك الكائن الغريب على الأرض، دخل أشخاص من دون رؤوس، ابتلعوا لعابهم برعب، تصلبت أجسادهم وتصبب العرق من أجبنتهم، اقترب أحد تلك الكائنات منهم، أمسك سكينًا في يده، ومرر السكين على رقبة ذلك الكائن الجالس أرضًا، سقط رأسه على الأرض، اتسعت حدقات أعينهم عندما وقف ذلك الكائن، والماء ينزل على جسده، خرج بسرعة البرق وترك رأسه مرميًا على الأرض.
دب الرعب أوصالهم من هول المنظر، اقترب أحدهم ووضع السكين على رقبة "ماريا"، صرخت بفزع.. وقبل أن يمرر السكين على عنقها... اهتز المكان بقوة، وطار ذلك الكائن في الهواء، وتعالت أصوات مخيفة، نظروا باستغراب إلى السلاسل التي كانت تقيد أيديهم فلم تعد موجودة واختفت، نهضوا سريعًا بفرحة، ركضوا إلى خارج ذلك الكهف، كانوا يسمعون صراخًا مرعبًل، خرجوا منه ركضًا.. وعند باب الكهف أوقفهم صوتٌ خشن قائلًا:
أنا قولتلكم امشوا من هنا.
نظروا إلى مصدر الصوت بصدمة، نعم هي "أوليفيا"، المرأة التي ساعدتهم في السابق، لكن لماذا ساعدتهم، دارت هذه الأسئلة في رؤوسهم، نادت مرة أخرى قبل أن تختفي:
ابعدوا عن المكان دا.
بعدما أكملت كلمتها اختفت فجأة، لم يهتموا للأمر وركضوا سريعًا، لم يعد يهمهم شيء سوى الابتعاد عن هذا المكان اللعين، وما عاشوه فيه من رعب، ركضوا حتى شعروا بانقطاع أنفاسهم، سقطوا أرضًا يلتقطون أنفاسهم المسلوبة منهم، وقف "جان" مذهولًا مما رآه على الأرض
وقف "جان" مذهولًا عندما رأى شيئًا يلمع على الأرض، اقترب منه.. أزال عنه أوراق الأشجار فظهر جزءٌ منه، وكلما أزال المزيد من الأوراق يظهر أكثر، اقترب منه أصدقاؤه وساعدوه في إزالة الأوراق والتراب من عليه، ظهر أمامهم شيءٌ يشبه الباب لونه ذهبي لامع، ورغم التراب الذي كان عليه فإنه ما زال يلمع، نظروا نحوه بذهول وصدمة، تحدث "رام" بصدمة:
إيه دا؟
أفاق "جان" من ذهوله، وأجابه بالاستغراب نفسه:
مش عارف، دا شكله باب.
اقتربوا منه وسحبوه بعيدًا، وجدوا تحته فتحة تشبه النفق، نظروا إليها بذهول.. هل يُعقل أن يوجد نفق في هذا المكان.
تحدث "جان" بحماسٍ وفضول:
رام، خلينا ننزل ونشوف إيه دا.
وقفوا لدقائق يفكرون.. هل يدخلون ليستكشفوا هذا النفق، أم يذهبوا، قطع صمتهم صوت "دينيز"، تحدثت بحيرة:
ندخل، ولا نكمل طريقنا.
"رام" بحماس، فهو يحب المغامرات واكتشاف الأماكن الغامضة، اتخذ قراره بأن ينزلوا وليحدث ما يحدث، نظر إليهم قائلًا:
خلونا ندخل متخافوش.
نزل "رام" أولًا، كان يوجد درج، نزلوا عليه بهدوء حتى وصلوا إلى أسفل النفق، تحركوا إلى داخل النفق.. شعروا كأنهم بعالمٍ آخر كل شيء فيه مختلف ولا يصدقه العقل، جدران ضخمة عليها علامات غير مفهومة، صناديق من الخشب توجد عليها رموز، تحركوا بذهول لكي يكتشفوا المكان، وبينما هم في ذهولهم، سمعوا صوت ارتطام شيء على الأرض.. وقفوا بفزع حين رأوا هيكلًا عظميًا، بدأ الخوف يتسلل إلى قلوبهم كلما خطوا خطوة سقط أمامهم هيكل عظمي، حتى وصلوا إلى مكانٍ يخرج منه ضوء، ذهبوا نحوه.. وما إن اقتربوا منه حتى صرخوا بفزع وعادوا إلى الخلف، حينما رأوا هيكلًا عظميًا يتحرك باتجاههم والدماء تخرج من فمه.
عادوا بظهورهم إلى الخلف عندما رأوا اقترابه منهم، التفتوا وركضوا دون أن يعرفوا وجهتهم، وصلوا إلى مكانٍ في النفق به طريقان، اندفعوا إلى أحدهما من دون تفكير، كل ما يفكرون به هو الهرب، تصبب العرق من أجبنتهم وأكملوا الركض وسط الظلام، تحدث "جان" وهو يلهث بصوتٍ متقطع:
هنخرج من هنا ازاي، دي أخرة مشينا ورا أفكارك.
أجابه "رام" بصوتٍ متقطع:
جان، دا مش وقته، اجري علشان نخرج، إليف، أنتِ فين؟
تحدثت "إليف" بصوتٍ مختنقٍ باكٍ:
أنا مش قادرة خلاص.
اقترب منها "رام" بعد أن حدد مكانها من صوتها، حملها على ظهره.
"ماريا" بفزع:
إليف، أنتِ فين؟ في حد سحبها!
"رام" بصوتٍ مطمئن:
ماريا، اهدي، إليف معايا أنا شايلها، اجروا بسرعة.
ظهر لهم من بعيدٍ شعاعُ نور أعاد لهم الأمل من جديد، تحركوا نحوه سريعًا، وعندما اقتربوا منه لم يصدقوا أنه طريق الخروج، وأخيرًا رأوا ضوء النهار بنوره، تحدثت "دينيز" بابتسامة وهي تقفز من الفرح:
احنا خرجنا من المتاهة؟
التفت إليها "رام" وأجابها بفرحة:
بتمنى إن دا هو اللي حصل، يلا بينا نخرج بسرعة.
خرجوا بحماس وفرحة، لعل تلك المتاهة تكون قد انتهت، فجأة اختفت ابتسامتهم وحل مكانها الصدمة والذهول.
اختفت ابتسامتهم وحل مكانها الصدمة من ذلك المكان الغريب، فقد ظنوا أنهم قد خرجوا من المتاهة، لكنهم خرجوا لمكانٍ مجهول، مكان كله خيام، تشبه خيام القبائل القديمة، أشخاص ملابسهم غريبة يرتدون فوق ظهورهم فرو ذئاب، تحركوا متجهين نحو الخيام لعلهم يحصلون على ماء أو طعام، كانوا يشعرون بالخوف من هذا المكان الغريب، تحدث "جان" بقلق:
رام، أنت متأكد إن مفيش خطر علينا؟ مش يمكن يحصل حاجة.
أجابه "رام" يطمئنه:
اطمن دول شكلهم بني آدمين زينا، يمكن يكون شكلهم غريب.
استمروا في السير حتى اقتربوا من الخيام، أتى رجلٌ ضخم القامة يركض باتجاههم، كان خلفه مجموعة من الرجال، نظر "جان" إلى "رام" وتحدث بمزاح:
بص يا عم دا الراجل جاي يجري ناحيتنا، خلينا نهرب.
أجابه "رام":
خليك مكانك يا بطل، احنا هنطلب المساعدة.
وقف الرجال أمامهم وشهروا الأسلحة في وجوههم، تراجعوا عدة خطوات إلى الخلف حتى استجمع "رام" قوته وتحدث:
احنا جينا علشان نطلب المساعدة، مش هنعملكوا حاجة.
تحدث الرجل الضخم بصوت خشن وقوي متسائلًا:
أنتوا مين؟ ومين اللي باعتكم؟
أجابه "رام":
محدش باعتنا، احنا تايهين وعايزين مساعدة.
نظر إليهم الرجل يتفحصهم، كان ينظر إليهم من الأعلى إلى الأسفل، ثم نظر إلى الرجال الذين خلفه وتحدث بأمر:
هاتوهم عند القائد علشان يعرف مين اللي باعتهم.
فزعوا وتراجعوا للوراء بخوف، نظر إليهم "رام" وتحدث:
اهدوا، احنا نشوف قائدهم وهنقوله إن محدش باعتنا.
تحركوا والرجال من خلفهم، نظروا إلى المكان.. كل شيء مختلف، الكثير من الخيول، أشخاص لباسهم مختلف وخيام منصوبة بنظام، ساروا حتى وصلوا أمام خيمةٍ كبيرة، أوقفهم أحد الرجال وطلب منهم الانتظار، ودخل الخيمة، وبعد مدة قصيرة رجع إليهم وطلب منهم الدخول، سار أمامهم وهم خلفه، دخلوا إلى الخيمة.. كانوا يتفحصون المكان فرأوا رجلًا لديه شعرٌ أبيض طويل، يرتدي ملابس من الجلد وعلى ظهره فرو ذئب كبير، يجلس على كرسي من الخشب وبجانبه يقف رجلان يبدو أنهما لحراسته.
نظر إلى ملابسهم وأحذيتهم الممزقة، وإلى التعب الظاهر على وجوههم، تحدث بصوتٍ صارم قوي:
أنتوا مين؟ ومين باعتكم؟
أخذ "رام" نفسًا عميقًا وتحدث:
محدش باعتنا، احنا جينا هنا علشان نطلب المساعدة.
وقف بغضب كاد الكرسي يسقط، واقترب منهم.. وقف "رام" أمامه وأخفى الفتيات وراء ظهره، شعر بالقلق من نظرات هذا الرجل، سحب الرجل خنجرًا من خصره ووضعه على عنق "رام"، خرجت شهقةٌ قويةٌ من الفتيات، ورغم قلق "رام" فلم يتحرك له جفن، تنهد وتحدث:
احنا مجناش علشان نعمل حاجة، احنا هنا علشان نطلب المساعدة.
أنزل الرجل الخنجر من عنق "رام"، وصرخ بأمر:
خدوهم للسجن استجوبوهم، ولو ما اتكلموش عذبوهم لحد ما يعترفوا مين اللي باعتهم.
صرخ "رام" بنفاد صبر:
مفيش حد باعتنا، احنا توهنا وبنطلب المساعدة.
أمسكوه بقوة هو و"جان"، ارتجفت الفتيات من الخوف عندما اقترب الرجال منهن وأمسكوهن بقوة إلى خارج الخيمة، كلما حاول "رام" أن يفلت من أيديهم يُجلده بقوة تحت صراخهم، حتى أوصلوهم إلى خيمةٍ سوداء، دفعوهم بقوة حتى سقطوا أرضًا، بدؤوا بتقييد أيديهم وأرجلهم، اقتربوا منهم وكل واحد يحمل في يده سوطًا، رفعوا أيديهم إلى الأعلى ونزلوا به على "جان" و"رام" وتركوا الفتيات، ضربوهما ضربًا مبرحًا حتى سقط "جان" فاقد الوعي، تعالت صرخات أصدقائه بفزعٍ ورعب، تحدث "رام" بصوتٍ غاضب، والشرر يتطاير من عينيه:
سيبوه، أنا قولتلكم محدش باعتنا.
ضحكوا بسخريةٍ من حديث "رام"، اقترب واحدٌ منهم من "جان" ورفع السوط إلى الأعلى، لكن ضحكته اختفت وحل مكانها الألم، حين شعر بشيءٍ حاد اخترق ظهره.
اتسعت أعينهم من الصدمة.. حين وقفت "ماريا" وسحبت خنجرًا من خصر الرجل الذي يقف بجانبها، وطعنت ذلك الرجل المتسلط بقوة، سقط السوط من يده وسقط الرجل، صرخ الرجال الذين كانوا معه فتراجعت "ماريا" إلى الخلف بخوف وجسد مرتجف، والسلاسل التي في قدميها تعيق حركتها كانت تتعثر بها، تجمعت الدموع في عينيها ولم تصدق ما فعلت، شعرت بالخوف عندما اقترب منها أحد الحراس وصفعها بقوة حتى سقطت أرضًا، خرجت منها صرخة، فنظر باتجاه الحارس الآخر وتحدث بأمر:
تعال ساعدني علشان ننقله لخيمة العلاج.
حملا الرجل المصاب، ثم التفت إلى "ماريا" والشرر يتطاير من عينيه، تحدث بشر:
هتدفعي روحك تمن للي عملتيه دا.
قال كلماته بشرٍ وخرجوا.
تسارعت أنفاس "رام" والشرر يتطاير من عينيه، كان يشعر بالغضب، أقسم إنه سيكسر اليد التي تمس حبيبته، ولأن السلاسل طويلة استطاع الوصول إليها، جلس بجانبها وكم آلمه قلبه حين رأى دموعها، تحدث بحزن:
أنتِ كويسة؟ ماريا، أنا آسف.
نظرت إليه مطولًا، حاولت أن تخفي ألمها، عيناها كانتا تلمعان، هل كل هذا الحب الذي تراه لها هي، هل كل هذا الخوف من أجلها، لم تعرف معنى الأمان إلا من بعد ما رأته، ولم تعرف معنى للحب إلا في وجوده، أفاقت من شرودها على صوته القلق:
ماريا، اتكلمي، طمنيني عليكِ.
تحدثت بابتسامة:
متقلقش عليّ، أنا بخير طول ما أنت بخير، شوف جان حصله إيه.
ابتسم وكأن كلماتها أعادت الروح له، ثم التفت إلى "جان".. رآه يفتح عينيه و"دينيز" بجانبه عيناها تذرفان الدموع، وكان جسدها يرتجف، تحدث "رام" بمزاحٍ كي يطمئنها:
طب ليه الدموع دي، أهو زي الحصان قدامك محصلوش حاجة.
ابتسم "جان" بتعب وحاول الجلوس، نهض بتعبٍ وصرخ بألمٍ شديد، اقتربت منه "دينيز" بلهفة وأمسكت يده، فطول السلاسل ساعدها على التحرك بسهولة، تحدثت ببكاء:
جان، أنت كويس طمني
رفع يديه المقيدتين وأمسك وجنتيها بين يديه بحنانٍ وتحدث:
أنا قلتلك مش عايز أشوف دموعك دي، أنا بخير متخافيش.
مسح دموعها ونظر إليها بقلب متألم كيف لصغيرته أن تتحمل كل هذا، ابتسم مداعبًا أنفها بيده بمزاح:
عيون الغزالة دول مش لازم يبكوا، ماشي، أنا كويس.
بعينين تلألأت فيهما الدموع، وضعت يدها على ذراعه الظاهرة عليه آثار السوط، تحدثت بتساؤل:
بيوجعك؟
مسح دموعها، ومسح على شعرها بحنان:
صغيرتي أنا بخير، الجروح الصغيرة دي مش ممكن توجعني.
تحدث "رام" بمزاح كي يخفف توتر الجو:
هي دينيز كدا، دايمًا عيوطة وقلبها رهيف، خلاص يا حبيبتي.
تحدث "جان" بغضب مصطنع:
متقولش عليها كدا، هي بس خايفة عليّ، مش زيك ملكش حد يخاف عليك.
تحدث "رام" بابتسامة:
كفاية إن عندي أخوات زيكم يخافوا علي.
نظر إلى "إليف، ونايا" بابتسامة.. وأكمل كلامه:
أميرات أخوهم ساكتين ليه، اتكلموا قولوا حاجة.
"إليف" بصوتٍ هامس يبدو عليه الخوف، تحدثت بدموع:
أنا خايفة أوي من الناس دول، ممكن يعملوا فينا حاجة.
كم أحزنته كلماتها الحزينة، وقف بصعوبة حتى وصل إليها وجلس بجانبها، رفع يده مسح على شعرها بحنان:
متخافيش يا حبيبتي، زي ما خرجنا من كل حاجة صعبة مرت علينا، هنخرج من هنا كمان، كوني متأكدة.
تحدثت "نايا" بخوف:
بس أنا خايفة على "ماريا"، دي ضربت الراجل، والظاهر إنهم مش هيرحموها.
تنهد "رام".. كان يشعر بدقات قلبه تكاد تخترق صدره، فهو من الداخل يموت خوفًا من أجلها، لكنه يحاول أنا يطمئنهم، ولن يسمح بأن يحدث لها شيء ولو كلفه ذلك حياته، فتحدث بابتسامة:
اطمني يا نايا أنا هنا، مستحيل أسمح إن يحصلها حاجة.
فجأة فُتح باب الخيمة ودخل ثلاثة من الحراس أشكالهم مخيفة، تحدث أحدهم بصوتٍ خشن وهو يشير بيده نحو "ماريا"، تحدث بأمر:
هاتوا البنت دي، لازم تتحاسب على الجريمة اللي عملتها، واربطوا دول بسلاسل صغيرة علشان ميقدروش يتحركوا.
صرخ "رام" بغضبٍ كأسدٍ يزمجر، كان الشرر يتطاير من عينيه:
خدوني مكانها، هي ملهاش ذنب.
لم يستمع له، سحب "ماريا" من ذراعها بقوةٍ إلى الخارج، تحدثت "ماريا" بصوتٍ عالٍ:
رام، أخواتي أمانة عندك، احميهم.
سحبها الحارس إلى أن وصلت أمام قائدهم، دفعها بقوة حتى وقعت أسفل قدميه، وتحدث قائلًا:
هي دي البنت اللي ضربت الحارس بتاعنا سيدي.
رفعت عينيها بنظراتٍ مرتجفة، والدموع تلألأت فيهما.. تحدث قائدهم وهو يسحب سلاحه من خصره:
الحكم اللي هيتنفذ على البنت دي هو...
أخذت نفسًا عميقًا.. كانت تشعر أن نهايتها قد كتبت هنا، حين سحب سلاحه من خصره ارتجفت أوصالها، ارتفعت دقات قلبها كانت كطبول الحرب، تلألأت الدموع في عينيها حين تذكرت أختيها و"رام"، ماذا سيحدث لهم، توقفت عن التفكير لكي تسمع حكمها.
تحدث قائلًا:
أنا بحكم عليها بالجلد بالكرباج، ودا لأن الحارس مماتش.
خرجت منها شهقة وأجهشت بالبكاء، كأنها كانت ستغرق وأُنقذت، عاد لها الأمل من جديد حين سمعت حكمه، فالجلد بالسوط سوف تتحمله.
اقترب منها أحد الحراس كان ممسكًا بيده سوطًا، أغمضت عينيها وكان جسدها يرتجف، وضعت يدها على فمها ونزلت دموعها، لكن قبل أن ينزل السوط على جسدها أوقفه صوت "رام"، الذي خرج من الخيمة يركض والحراس يحاولون الإمساك به، حتى وصل أمام قائدهم، تحدث بصوتٍ لاهث:
أنت بتظلمنا ظلم كبير، ودا مش لايق بسيد شجاع زيك.
كلمات "رام" زادته غرورًا تحدث بغرور:
أنا فعلًا سيد شجاع، بس أنا مظلمتكوش، أنتوا اللي اتجرأتوا ودخلتوا قبيلتي.
أخذ "رام" نفسًا عميقًا، حاول أن يكلمه بذكاء لكي يستطيعوا الخروج من هنا دون أن يتأذى أحد منهم، تحدث "رام":
احنا جينا هنا علشان نطلب المساعدة، بص لحالتنا، هو دا شكل حد ناوي يؤذي حد أو ناوي على شر.
تحدث الرجل وهو ينظر إلى "رام" بنظراتٍ نارية:
وأنا أعرف منين إنك بتقول الحقيقة، ما يمكن دا يكون جزء من خطتكم أنكوا تدخلوا علينا بالحالة دي.
حاول "رام" أن يسيطر على أعصابه كي لا يرتكب أي خطأ، تحدث قائلًا:
احنا خرجنا من المتاهة لقينا نفسنا هنا.
ظهر التوتر على وجه الرجل، ووقف بذعر وكأن أفعى لدغته، تحدث بصوتٍ قلق:
أنت قلت المتاهة؟ أنتوا خرجتوا من المتاهة؟!
استغرب "رام" من القلق والخوف الظاهر عليه، فأجابه قائلًا:
أيوه، احنا توهنا جوا المتاهة ولما
يتبع....
إلى حين نشر الفصل الجديد للكاتبة حليمة عدادي، لا تنسى قراءة روايات و قصص كاملة أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية