-->

رواية جديدة المتاهة القاتلة لحليمة عدادي - الفصل 9 والأخير - الإثنين 9/9/2024

 

قراءة رواية المتاهة القاتلة كاملة

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى


رواية المتاهة القاتلة

 رواية جديدة قيد النشر

من قصص و روايات 

الكاتبة حليمة عدادي


الفصل التاسع والأخير


تم النشر يوم الإثنين

9/9/2024 


كانوا يحلمون ويخططون أحلامًا مع أحبتهم، لكن سعادتهم لم تدم.. ذهبت كل أحلامهم كالسراب وحل مكانها الرعب عندما زاد اهتزاز السفينة، كانوا ينتظرون "رام" الذي ذهب إلى قبطان السفينة لمعرفة السبب، تبخر أملهم وأصبحوا يخشون أن يحدث كما حدث في السابق وتبدأ متاهة جديدة في حياتهم، وقف كل واحدٍ منهم شاردًا يفكر في أمرٍ ما، الحزن خيَّم على المكان، مرت الدقائق عليهم كأنها أعوام، كانوا ينتظرون على أحر من الجمر، وعندما رأوا "رام" ركضوا إليه بلهفة، تحدثوا بصوتٍ واحد:

إيه اللي بيحصل يا رام؟ السفينة عطلت ولا إيه؟ اتكلم

أجابهم بابتسامة والفرحة تملأ عينيه:

فاضل شوية ونوصل لميناء إسطنبول، والاهتزاز دا بسبب قوة الرياح.

قفزوا بفرحةٍ وظهر السرور على ملامحهم، حلت البهجة في المكان، كل واحد منهم بقي يقول حلمه بكل حماس، كانت كلمات "رام" كالبلسم الذي شفى قلوبهم من الألم، كشمسٍ أشرقت بالأمل من جديد، ما أجمل الفرح!

 تنهيدة حارة خرجت من صدره، استند بذراعيه إلى سور السفينة ينظر إلى السماء الصافية مع بزوغ الفجر، أخذ نفسًا عميقًا محملًا برائحة نسمات الهواء البارد، شرد يفكر في كل ما حدث لهم، ضميره يؤنبه لأنه كان السبب في كل الذي عاشه أصدقاؤه، بل هم إخوته، وفي الوقت نفسه سعيد لأن هذه المغامرة المجنونة التي خاضها كانت السبب في لقائه مع تلك الجميلة التي أسرت عقله، أخذ نفسًا وانتصب واقفًا، عقد يديه أمام صدره.. يفكر هل يا ترى ما زال ذلك البيت الصغير الذي استأجره موجودًا، فهو الآن أصبح مسؤولًا عن عائلة، وكذلك زواج صديقه، ظهر شبح ابتسامة على ثغره، فكر كيف يصارحها بحبه، هو لا يريد الانتظار أكثر، يريدها أن تكون معه لبقية حياته، أفاق من شروده على يدٍ توضع على كتفه، استدار.. وجدها تنظر إليه، تحدثت قائلة:

رام، أنت كويس؟ بتفكر بإيه؟ لسه الجرح بيوجعك؟

نظر إليها فوجد معالم وجهها حزينة، ورأى الخوف والقلق ظاهرين عليها، ابتسم وتحدث قائلًا:

متخافيش أنا كويس، نسيت موضوع الجرح، أنتِ كويسة؟

نظرت إليه وتنهدت بتعب أنهك روحها، تلألأت الدموع في عينيها وتحدثت قائلة:

هربت من الخطر اللي هنا، ورحت لخطر تاني، ودلوقتِ رجعت لنفس المكان، يا ترى إيه الخطر اللي هنتعرض له دلوقتِ.

يؤلمه قلبه كلما رأى حزنها، فدموعها تخنقه، تحدث قائلًا:

مش هتروحي لأي مكان من دلوقتِ، أنتِ هتفضلي معايا، مش هسمح للخطر إنه يقرب منك تاني.

تنهدت بتعب، ومسحت دموعها بأناملها وتحدثت:

أنت ذنبك إيه علشان تستحملني أنا وأخواتي، أنا مش عايزة إننا نكون عبء على حد.

نظر إليها مطولًا، تحدث بشرود:

أنتِ شبه القمر، حالك بيتغير كل ثانية، أوقات بتكوني منورة وسعيدة، وأوقات في حاجة بتكون نقصاكِ بتخليكِ باهتة شوية، لكن في كل الأحوال أنتِ قمر بتنوري سما غيرك وأنتِ مطفية.

أكمل كلامه وهو ينظر إلى عينيها:

عمري ما عرفت إيه هو الحب، أنا عشت بعيد عن الحب والحنان، مكنتش بصدق الحب، ولما شوفتك صدفة أسرتِ قلبي، وقتها صدقت نبض قلبي لما سمعت دقاته وحسيت إنه هيطلع من صدري، كنت خايف الحجر يؤذي رجليكِ، كنت بخاف التعب يكسر قلبك، في كل خطر تتعرضي ليه كنت بحس إن قلبي بيطلع من مكانه، كنت بخاف إني أفقدك، كل اللي بتمناه سعادتك، ابتسامتك هي اللي بتزرع الأمل جوايا من جديد.

احمرت وجنتاها بخجلٍ وتحدثت:

كل الحب دا ليّ؟ أنا كنت طمعانة بالقليل.

أيوه ليكِ أنتِ، أول نبضة لقلبي.

صفق بيديه وتحدث بصوت عالٍ:

تعالوا هنا بسرعة.

اجتمع الكل حوله ينظرون نحوه بتساؤل، نظر إليهم بابتسامة، نزع خيطًا من ملابسه ثم عقده على شكل دائرة، وجثا على ركبتيه أمامها والسعادة تطل من عينيه، تحدث بحب:

سيدتي الجميلة، تقبلي تكوني صديقتي وأختي، تقبلي تكوني لقلبي بيت ومأوى وسند.

نزلت دمعة من مقلتيها، وابتسامة تزين ثغرها، مسحت دموعها بيدٍ مرتعشة، وكست حمرة الخجل وجنتيها، أجابته بصوتٍ تُبعث منه السعادة قائلة:

أقبل. 

مدت يدها له، وضع ذلك الخيط في إصبعها وقبّل يدها، وتحدث قائلًا:

دا مجرد خيط لبدايتنا، كأنه رباط بينا، نوصل بس بالسلامة وأنا هجيبلك أحلى خاتم يليق بيكِ.


تعالت التهاني بفرحة، لقد مر زمن طويل والحزن ينهش قلوبهم، حان وقت الفرح، حان وقت الراحة، وقفوا يشاهدون طلوع الشمس بنورها الساطع، تهللت أساريرهم حين رأوا موطنهم، نعم موطنهم، رأوا وصولهم إلى الميناء، يا لها من سعادة! فقد اشتاقوا لسماع أصوات الطيور وهي تغرد بصوتها العذب، وكأنها تعزف ألحانًا.

وقفت السفينة بهدوء، لم ينتظروا ونزلوا ركضًا، يشعرون بالحرية، وقفت "ماريا" تنظر إلى السفينة تارة، وإلى أصدقائها تارة أخرى، هنا بدأت الحكاية، نعم.. هنا عاشت الألم، لكن فازت بأصدقاء وحبٍ جميل، تحركت باتجاه "رام" عندما رأته يتشاجر مع صاحب السفينة، اقتربت منهما لكي تعرف ما يحدث، تحدث صاحب السفينة بصوتٍ غاضب:

أنا عايز شغل أو فلوس، مش عايز أتشرد معاك.

حاول "رام" أن يسيطر على غضبه وقال:

قلتلك معنديش شغل، أنا هدورلك على شغل بس استنى شوية.


رفض الرجل وظل مصرًا على رأيه، كان يصرخ بغضبٍ وبصوتٍ عالٍ ويدفع "رام" بيديه، وقفت "ماريا" بينهما وتحدثت قائلة:

أنا عندي حل يرضي الطرفين.




اتجهت الأنظار إليها.. تظهر على وجوههم التساؤلات، ابتعدت "ماريا" قليلًا ونزعت القلادة من عنقها ومدت يدها بها إلى صاحب السفينة، حل الصمت لدقائق... حتى تحدث "رام" قائلًا:

ماريا، أنتِ بتعملي إيه؟ العقد دا بتاعك.

أجابته قائلة:

رام، العقد دا لو مفكتش بيه زنقتي يبقى مالوش لازمة.

بعدها وجهت كلامها لصاحب السفينة:

وأنت خذ العقد، دا دهب هيكفيك.

أخذ العقد من يدها، ونظر إليها بابتسامة.. كان يقلبه بين يديه بسعادة، رفع رأسه ونظر إلى "ماريا" قائلًا:

كدا اتفقنا خلاص، أنا ماشي، مع السلامة.


قبل أن يتحرك من مكانه أمسك "رام" ذراعه بقوة وأخذ القلادة من يده، نظر إلى "ماريا" وقال:

ماريا، خدي العقد بتاعك، أنا هلاقي حل، مش هياخد منك حاجة.

أخذت "ماريا" القلادة منه ووضعتها في يد الرجل، وطلبت منه الرحيل، وقبل أن يعترض "رام" أمسكت بيده، أحست بغضبه وحاولت تهدئته، فتحدثت قائلة:

رام، أنا مستعدة أقدم حياتي مقابل إننا نبعد عن الخطر.

سحب "رام" يده بغضب، وتحدث بصوتٍ كالرعد:

ماريا، أنتِ مبتسمعيش الكلام ليه، هو أنا مش مالي عينكِ ولا إيه، قلتلك خلي العقد معاكِ وأنا هحل الموضوع معاه.

حاولت أن تخبره أن كل ما يهمها هو سعادتهم وأن تبعدهم عن الخطر، وأن القلادة يمكن أن تُعوض، لكن هم إن حدث لهم مكروه فلن تستطيع تعويضهم، فهي لا تتحمل فكرة أن تفقدهم، لكن "رام" لم يستمع لها والغضب ما زال ظاهرًا على معالم وجهه، تدخل "جان" لكيلا تكبر المشكلة، فتحدث قائلًا:

رام، احنا ملناش حد هنا، العقد ممكن يتعوض، يلا نمشي من هنا. 

تحرك "رام" من دون أن يتفوه بكلمة وتحركوا خلفه، أحست "ماريا" بالحزن، هي كانت تريد مساعدتهم، فلماذا هو غاضبٌ منها، هي تعلم جيدًا أنه لولا تلك القلادة لأصبح ذلك الرجل بلاءً عليهم، وقفت "ماريا" وهي عاقدة يديها أمام صدرها وتحدثت قائلة:

رام، احنا بقينا واحد مفيش فرق بيننا، أنا قدمت العقد بتاعي علشان نحل المشكلة ونبعد عن المشاكل، ونعيش حياتنا بسعادة، لكن الظاهر إن الحزن مش راضي يسيبنا.

أخذ "رام" نفسًا عميقًا، مسح وجهه بيده، التفت إليها وحاول أن يكون هادئًا، تحدث بهدوء:

ماريا، العقد دا بتاعك، وأنا مش هاخد منك حاجة، كنت عايز أحل الموضوع بنفسي.

 

اقتربت منه "ماريا".. نظرت إليه، نظراتها أصبحت كالإدمان بالنسبة له، تأخذه إلى عالم آخر، ينسى أين هو، ينسى كل من حوله، أصبح لا يسمع شيئًا سوى دقات قلبه، أفاق من شروده على صوتها:

رام، خلاص انسى وخلينا نفكر هنعمل إيه، وهنروح فين.

 تحركوا يسيرون في الشوارع وهم يستنشقون الهواء النقي بشوق، كانت الأنظار مصوبة نحوهم، منهم من ينظر إليهم بشفقة، ومنهم من ينظر إليهم بسخرية، ومنهم من ينظر مستغربًا من حالهم، أحست "ماريا" بالإحراج من نظرات الناس لهم، كانت ملابسهم متسخة، وأحذيتهم ممزقة، كان حالهم صعبًا، فهم "رام" ما تفكر به، اقترب منها وتحدث بهمس:

سيبك منهم ومتهتميش لنظراتهم، فاضل شوية ونوصل بيتنا الصغير.


نظرت إليه بابتسامة، وعادت تنظر أمامها.. كانوا يدخلون شارعًا ويخرجون لشارع آخر، حتى وصلوا إلى أحد الأحياء البسيطة والمبهجة، وفور دخولهم تعالت الأصوات.. الكل يصرخ باسم "رام"، تحدث أحد الأطفال بصوتٍ عالٍ قائلًا بسعادة:

رام وإخواته رجعوا، رام رجعلنا.


ابتسم "رام" باشتياقٍ إلى هذا المكان الذي نشأ فيه، وعاش بين هؤلاء الناس البسطاء، كان محبوبًا من الجميع، ويساعد الجميع، وكان عونًا للكبير والصغير، وقف في منتصف الحي، اجتمع أهل الحي حوله بفرحةٍ لم يصدقوا أنه عاد، كانوا قد فقدوا الأمل بعودته، اقتربت منه امرأةٌ عجوز.. ركض نحوها قبّل يدها ورأسها بحب، تحدث بدموعٍ واشتياق:

خالة مريم، ازيك؟ وحشتيني أوي. 

نظرت إليه والدموع في عينيها، وتحدثت بفرحة:

من لما مشيت وأنا تعبانة، أنت اللي كنت بتسأل عليّ، أنت ابني اللي مخلفتهوش، كنت فين طول المدة دي.

ربت على كتفها بحنان، وأخبرها أنه سوف يحكي لها كل شيء حدث له لكن ليس الآن، فهو بحاجة إلى الراحة، ثم سأل عن البيت الذي كان يعيش فيه، هل ما زال فارغًا أم أخذه صاحبه، انتظر الرد منهم... خاف أن يكون أحدٌ آخر قد أخذه، فهو لا يملك مكانًا آخر.

ردت "مريم" قائلة:

صاحب البيت مات، وقبل ما يموت كتب البيت باسمك أنت وأخواتك، والشباب كانوا بينظفوه مرة في الأسبوع على أمل إنك ترجع.


تلألأت الدموع في عينيه، فذلك الرجل كان أقرب شخص له، كان حنونًا، كان يرغب برؤيته وأن يقص عليه ما حدث معهم، كان بمنزلة أبٍ له، مسح دمعة نزلت من عينيه، ثم استدار للجميع وتحدث قائلًا:

عن إذنكم، أنا محتاج أرتاح شوية، وبالليل نجتمع هنا بالساحة زي زمان، وهبقى أحكيلكم كل حاجة.

وافق الجميع على كلامه، الكل كان سعيدًا بعودته، توجه كل واحدٍ منهم إلى بيته للتحضير لوليمة المساء، طلبت "مريم" من إحدى النساء أن ترسل بعض الطعام إلى "رام" ورفاقه.

فتح "رام" باب منزله، تفحص كل زاويةٍ فيه بشوق، مرت أمام عينيه جميع ذكرياته، هنا فرحته وحزنه مع أصدقائه، استدار وتحدث قائلًا:

أهلًا وسهلًا بيكم، اتفضلوا، اعتبروا البيت بيتكم، دينيز، خدي البنات لأوضتك واهتمي بيهم. 

أومأت "دينيز" برأسها، أخذت الفتيات معها، نظرت "ماريا" إلى المنزل.. فعلى الرغم من صغره فإنه منظم، مكونٌ من ثلاث غرف ومطبخ، يبدو عليه النظافة، ورائحته جميلة وكأنه لم يكن فارغًا. 

دخلت "دينيز" بفرحة، قفزت فوق سريرها بفرحةٍ وتحدثت قائلة:

أوضتي وحشتني أووووي، يلا يا بنات خلونا ندخل الحمام، كل حاجة زي ما كانت نضيفة.

فتحت خزانتها ووجدت ملابسها نظيفة ومرتبة، وبعد مدة من الوقت، بعدما أنهوا حمامهم وغيروا ملابسهم، اجتمعوا في غرفة الاستقبال.. وجدوا الطعام موضوعًا على المائدة، جلسوا يتناولون الطعام بنهمٍ شديدٍ وبصمت.

بعد مدة انتهوا من طعامهم وذهب كل واحدٍ إلى غرفته لكي يأخذ قسطًا من الراحة، فكل واحدٍ منهم بحاجة إلى الراحة النفسية والجسدية، فقد أنهك التعب أجسادهم وأرواحهم، حل الهدوء والطمأنينة بداخل قلوبهم، لكن ذلك الهدوء لم يدم طويلًا، فقد استفاقوا فزعين عند سماع صوت صراخ "ماريا".




فزعوا من صوت صرخاتها العالية، ركض "رام" سريعًا حتى كاد يقع، اقتحم الغرفة وقلبه يرتعد خوفًا، رأى الفتيات يجلسن بجانبها و"ماريا" تبكي، رفرف قلبه هلعًا، اقترب منها وجلس بجانبها هو الآخر وتحدث بقلقٍ ولهفة:

في إيه؟ ماريا، أنتِ كويسة.

وضعت رأسها بين يديها، وزادت وتيرة بكائها، آلمه قلبه وزاد قلقه عندما لم يجد منها ردًا، فهو لا يعلم ما حدث لها، مسحت دموعها بأناملها، ورفعت رأسها وتحدثت قائلة: 

أنا شفت كابوس مخيف، شفته كأنه... كأنه حقيقة. 

أكملت كلمتها وانفجرت في البكاء، كان جسدها يرتجف فزعًا من ذلك الحلم الذي رأته، كم يؤلمه قلبه كلما رآها في هذه الحال، تحدث بصوتٍ يبدو عليه الحزن، كان يحاول أن يخرجها من حالة الذعر التي سيطرت عليها وقال: 

دا مجرد حلم، امسحي دموعك ويلا قومي البسي علشان نخرج.

مسحت دموعها بأناملها، وحاولت أن تنسى هذا الحلم، انشغلت بالتحدث معه هو و"دينيز"، كانوا يتحدثون عن زفاف "جان"، وأنهم سوف يعلنون عنه في اجتماع المساء، وانضم إليهم "جان" عند سماع حديثهم، وأنه يخص حفل زفافه، اعترض في البداية لأنهم لا يملكون المال، وليس لديهم عمل، فكيف سيقيمون حفل زفافه هو و"رام" في هذا الوقت الصعب؟! 

رفض لكن "ماريا" اعترضت، وطلبت منهم أن يتم عقد قرانهم لكي يعشيوا براحة، أما حفل الزفاف فغير مهم.

تحدث "رام":

ازاي يعني الفرح مش مهم، كتب الكتاب والفرح هيكونوا في يوم واحد.

أجابته "ماريا":

مينفعش نعيش مع بعض من غير ما يكون في بينا حاجة، لازم نكتب الكتاب، والفرح نبقى نعمله لما ظروفنا تتحسن.

وافق "رام" على حديثها واتفقوا بأن يُعلن عقد قرانهما في المساء، وأن تكتمل فرحتهم بين الجميع، عادت لهم السعادة من جديد وامتلأ البيت بالفرحة.

في المساء خرجوا من المنزل، وجدوا جميع أهالي الحي مجتمعين، وقد أعدوا الموائد البسيطة وسط فرحة الأطفال والكبار، كأن الذي عاد هو ابنهم.


 نظر "رام" إليهم وكم هم سعداء بعودته، صحيح أنه لا أهل له، لكن ومنذ أن قدم إلى هذا الحي ونشأ بينهم أصبحوا يدًا واحدة.

اجتمعوا في ساحة الحي وقُدمت الوليمة، وبعد أن انتهوا من عشائهم وقف "رام" في المنتصف، وأخبرهم عن عقد قرانه هو و"جان"، تعالت التهاني من الجميع، فزادهم ذلك فرحًا لفرحهم وسعادة لسعادتهم. 

بعد التهاني حدث ما لم يكن يتوقعه "رام" قط، حين أصر أهل الحي على أن يقيموا له ولـ"جان" حفل زفاف، حاول أن يرفض... لكن الأهالي أصروا على ذلك، دمعت عيناه من السعادة، فقد حُرم أشياء كثيرة، لكن الله عوضه بهؤلاء الناس الطيبين. 

بعد يومين، في صباح اليوم المنتظر الذي أشرقت سماؤه بالأمل من جديد، أخيرًا اجتمع العشاق بالحلال، وبدؤوا حياةً جديدة بعد كل الألم والتعب الذي مروا به، في إحدى القاعات اجتمع جميع أهل الحي في أبهى حُلة، أمسك كل واحدٍ منهم يد زوجته بسعادة، بعد انتهاء عقد قرانهم وقفوا في المنتصف بفرحة يتلقون التهاني والتبريكات من الجميع.

نظر إليها "رام" بابتسامة زينت ثغره وتحدث:

أنتِ وتيني.

تعجبت من كلمته تلك وسألته:

إيه هو الوتين؟

قال لها:

شريان متصل بالقلب، لو اتقطع الحياة تنتهي.

ابتسمت وقالت: 

يا ريتني عرفتها من زمان، كنت هقولها لك.

وقف "جان" أمام "دينيز" وقال:

مراتي حبيبتي، أنتِ سندي وضلي ودفئي.

ستبقين قمرًا مضيئًا في حياتي، فأنتِ طفلتي المدللة، فكل السعادة لكِ ولقلبكِ الحنون.

طلبت منهم "إليف" و"نايا" أن يجتمعوا، وتحدثتا بصوتٍ واحد:

كنتِ لينا السند، كنتِ لينا الأم والأب، أنتِ ملجأنا وشمسنا اللي بتنور طريقنا، ربنا يسعدك.


تمت بحمد الله.

إلى حين نشر الرواية الجديدة للكاتبة حليمة عدادي، لا تنسى قراءة روايات و قصص كاملة أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية


رواياتنا الحصرية كاملة