رواية جديدة ظننتك قلبي « لكن بعض الظن إثم » مكتملة لقوت القلوب - الفصل 17 - 3 - الخميس 24/10/2024
قراءة رواية ظننتك قلبي « لكن بعض الظن إثم » كاملة
تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى
رواية ظننتك قلبي
« لكن بعض الظن إثم »
رواية جديدة قيد النشر
من قصص و روايات
الكاتبة قوت القلوب
الفصل السابع عشر
3
تم النشر يوم الخميس
24/10/2024
المستشفى ...
كما وعدت يجب أن توفي بوعدها ، هكذا هي "شجن" ، إتجهت نحو المستشفى للمرور بـ"أيوب" للإطمئنان عليه فقد شعرت بالمسؤولية تجاه هذا الرجل الوحيد ...
مرت أولًا بالطبيب المتابع لحالة "أيوب" لسؤاله عن حالته اليوم ....
- صباح الخير يا دكتور أنا "شجن" قريبة عم "أيوب" بتاع حادثة العربية ...
نظر إليها الطبيب بتفهم قائلًا ...
- أه أهلًا وسهلًا ... كويس إن حد من أهله جه علشان كنت عاوز أوضح حالة عم "أيوب" لحد من قرايبه ...
ضيقت "شجن" حاجيبها بتوجس لتردف متسائلة ...
- ماله عم "أيوب" ...؟؟ هو في مشكله ولا إيه ...؟!!!!
أشار إليها الطبيب بالجلوس أولًا ليشرح لها حالته الصحية ...
- شوفي يا آنسه عم "أيوب" بسبب الحادثة حصل له كسر مضاعف في عظم الحوض وده أثر على بعض الفقرات في العمود الفقري .. للأسف حيبقى صعب جدًا إنه يقف ويمشي على رجليه من تاني ... مش عاوز اقولك إن الأمل إنه يرجع لحالته الطبيعية يكاد يكون معدوم ... وحاليًا هو محتاج رعاية وإهتمام كبير جدًا ....
صدمة غير متوقعة لتتهدل ملامحها بذهول وتتشدق عيناها لتتسعا عن آخرهما ، فهل بهذه السهولة يتحول الإنسان من قادر إلى عاجز عن الحركة ، سبحان من يغير ولا يتغير ، أشفقت بتأثر لحال هذا الرجل الطيب فكيف ستخبره بالأمر ... وكيف سيتقبله ، بل وكيف سيتعامل معه بوحدته التي يعيش بها ...؟!!
هزت "شجن" رأسها بتفهم قبل أن تغادر مكتب الطبيب متجهة لغرفه "أيوب" وقد شعرت بثقلًا يجثم فوق قلبها ...
طرقت الباب بخفة تستأذن للدخول حين طلت برأسها المستدير وإبتسامتها العذبة ليتفاجأ "أيوب" بزيارة "شجن" ، لقد أتت من أجله مره أخرى ...
تهللت أساريره بسعادة وهو يتابع دخولها غرفته بوجهها البشوش وملامحها الرقيقة قائله بإبتسامة ...
- صباح الخير يا عم "أيوب" ...
حاولت "شجن" ألا تُظهر ما أخبرها به الطبيب ، فبالتأكيد نفس هذا الرجل المهترئة لا تتحمل خبر مثل هذا ...
قابلها "أيوب" بإبتسامة ونظرة ممتنة لعودتها ...
- صباح الخير يا "شجن" يا بنتي ...
جلست "شجن" على المقعد المجاور لفراشه لتضع عُلبة الطعام الكبيرة التى حضرتها والدتها بالصباح ...
- جايبه لك بقى فطار إنما إيه ... ملوكي ... كُل بقى و إدعي لي ...
تطلع "أيوب" بالعُلبة البلاستيكية الكبيرة التي من الواضح أنها صنعت بالمنزل ليتفاجئ برائحة الطعام الشهية تدغدغ أنفه ، فيبدو أن تلك البسيطة تكلفت الكثير لإعداد هذا الطعام ...
- إيه ده كله يا بنتي ... مكلفه نفسك أوي كده ليه ...؟؟!!
- لقمة بسيطة يا عم "أيوب" ... يلا كُل إنت بالهنا والشفا الأكل ده كله علشان تقوم لنا بالسلامة ...
إبتسم "أيوب" بوهن وحلت نظراته الحزينة بملامح وجهه المجعد حين أدرك بفراسة أكسبها له الزمن قائلًا ...
- شكلك طيبه و إللي في قلبك بيبان على وشك على طول ... شكلك عرفتِ يا بنتي الدكتور قال إيه ...!!!
إبتلعت "شجن" ريقها الذي جف بحلقها لتجيبه بأمل ويقين ...
- بس إحنا لسه قدامنا علاج وإن شاء الله حتبقى أحسن من الأول .. مش عايزاك تفكر خالص في الحكاية دي ...
بتقبل تام ورضا بما قسمه الله له أجابها "أيوب" ...
- إنتِ فاكره إني زعلان يا بنتي ... ؟؟! لا والله ده نصيب وقدر وأنا راضي بقسمتي إللي ربنا كتبها لي ...
شعرت بقلة الحيلة ، فماذا ستفعل لهذا الرجل الذى لابد من وجود رعاية كافية له ...
- طب وإنت حتعمل إيه يا عم "أيوب" و إنت لوحدك كده ....؟؟!!!
أجابها "أيوب" بإستكانة ...
- ربنا هو المستعان ... أكيد ليها حل بإذن الله ...
هزت "شجن" رأسها بعدم إدراك ...
- طب إنت ليه لوحدك ...؟!! فين أهلك فين ولادك .. فين الناس إللي بتحبهم ...؟!!!
تنهد "أيوب" بضيق رغم تقبله لحاله ...
- أنا مش من هنا يا بنتي ... أنا كنت جاي القاهره أخلص شوية ورق ... لكن أنا مش من هنا ... أنا ما ليش حد في الدنيا يقعد معايا بس أكيد حرجع بلدنا ... مش هينفع أقعد هنا على طول ...
حاولت إظهار تفهمها لكنها كانت مشفقة جدًا على حاله ووحدته ، إنتبهت لتأخرها عن العمل لتنظر لساعة يدها الصغيرة لتردف بتعجل ...
- إحنا لسه حنتكلم كتير ... المهم دلوقتِ تخلص أكلك ده كله و أنا لازم أروح المستوصف أحسن أنا إتأخرت أوي ... أنا حعدي عليك تاني عشان أعرف إيه حكايتك بقى بالتفصيل .. وتقول لي فين قرايبك دول عشان نتصل بيهم وترجع بلدك ...
أومأ "أيوب" برفق فيكفيه وجودها إلى جواره ..
- ما تشغليش نفسك بحكايتي ... كفاية إنك هنا و بتسألي عني ...
ضحكت "شجن" بخفه قائله بشقاوة ...
- لا أنا فضولية وعايزة أعرف إيه حكايتك بالتفصيل الممل ...
- وأنا حقول لك كل حاجة لما تبقي تيجي تاني ...
- ماشي يا عم "أيوب" أنا حروح الشغل وآجي لك بكره ... إستناني ...
- حاضر يا بنتي حستناكِ ....
أسرعت "شجن" بطريقها إلى المستوصف حتى لا تتأخر عن عملها الذى إستأذنت منه قليلًا للذهاب للمستشفى والعودة لإستئناف عملها مرة أخرى ...
❈-❈-❈
بيت النجار (زكيه) ...
تحضرت "زكيه" وهي تنظر لآخر مرة بمحفظتها الخاوية ، لتتنهد بضيق فمتى ستنتهي الهموم التي تلازمها ولا تتركها للحظة ، ماذا فعلت لتنال كل هذا الحظ العسر ...!!! لكنها تُدرك أن المؤمن مصاب ليتقرب إلى الله ويثقل ميزانه بالحسنات عوضًا عن حزنه وكربه بالدنيا ...
جرجرت ساقيها لهذا الطريق فليس لديها حل آخر فما زال الشهر بمنتصفه والنقود بنهايته ..
تحركت صوب إحدى جارتهم بالحي التي إعتادت على الإقتراض منها لحين قدرتها على السداد ، وعليها إنتظار أن تحصل إبنتيها على راتبهم ببداية الشهر الجديد لسداد الدين ...
مُجبرة وليست مُخيرة ، فمن أين تأتي بالمال لتعيش هي وبناتها ، تقدمت نحو بيت السيدة "خيريه" وهي كما تسمى تمامًا لا تتقاعس عن المساعدة ، لكنها تحب الإلتزام ...
لطالما وقفت إلى جوار "زكيه" بأوقاتها الصعبة ، دقت "زكيه" باب "خيريه" لتستقبلها الأخيرة بترحاب وحفاوة ...
- يا أهلًا يا أهلًا بالست "أم شجن" ...
- صباح الخير يا "خيريه" ... معلش أعذريني مقصرة معاكِ ...
قالتها "زكيه" وهي تدلف نحو الداخل وتقصد ما قالته حقيقة فـ"خيريه" سيدة وحيدة ليس لها زوج ولا أولاد تنتظر مرور أحبائها بها لقضاء وقتها معهم فوحدتها قاسية على من هم بعمرها فقد فاتت كل القطارات لتتركها وحيدو بمحطة الكِبَر ...
- أنا عتبانه عليكِ ... كده برضه تغيبي ولا تسألي عليا ...؟؟؟!
- حقك عليا يا "خيريه"... ما إنتِ عارفه دوخة البنات وعمايل "صباح" الله يسامحها ...
ذمت "خيريه" فمها بإستياء من سلبية "زكيه" حتى بدعائها ...
- هو إيه إللي ربنا يسامحها ... يا أختي الله لا يسامحها على عمايلها فيكِ وفي عيالك ... أنا عارفه بس إنتِ ساكته ومستحمله كده ليه ...؟! تغور السُكنه إللي مبهدلاكِ إنتِ وبناتك دي ...!!!!
تنهدت "زكيه" بقلة حيلة تجيبها بنفسها المتحشرج ...
- يعني نترمي في الشارع وبيت أبوهم موجود ...!!! أسيب لهم كل إللي حيلتي ...!!! ما إنتِ عارفه إنهم نفسهم يطفشونا من البيت عشان ياخدوا الشقة ...
ضربت "خيريه" بكفها فوق فخذ "زكيه" ببعض الملامة لتردف بقوة مستهزئة بحديث "زكيه" ...
- لاااا ... خليكِ في البهدله وقلة قيمتك وقيمة بناتك ..!!!! هو ده ينفع يا "زكيه"
.. دول عرايس بقوا واعين وفاهمين كل حاجة ... بقى علشان ورثكم تتبهدلوا كده مع الوليه أم لسان طويل دي ...!!!!
وكعادة الإستسلام لدى "زكيه" طأطأت رأسها بيأس وهي تجيبها مبررة إستسلامها الشديد ....
- الأمر لله حعمل إيه ...!! ده حتى فلوس العِيشة مش مكفيه ... ده أنا جايه لك و وشي منك في الأرض تسلفيني لحد أول الشهر ... قوليلي طيب لو سكنت في شقة إيجار أقل إيجار بكام !!! ... أهو في الأول وفي الآخر إسمه بيتنا ... وحقهم وحق أبوهم ووصيته إننا ما نسيبش الشقة ....
زفرت "خيريه" بغيظ من إستسلام "زكيه" المعهود ....
- طب حتى دوروا على عقد الشقة عشان تبيعوها ...!!
ضربت "زكيه" كفيها بعضهم البعض بتحسر ...
- يا أختي كله إلا موضوع العقد ده ... ده فص ملح وداب دورت في كل حته في البيت مش لاقياه أبدًا ... البنات كل يوم والتاني عايزيني أبيع الشقة ... طب إزاي ... ؟!! هو أنا معايا عقدها ...!!
بإندهاش هزت "خيريه" رأسها متسائله ...
- يكون راح فين يا أختي ..؟؟! ما يكونش "فخري" ولا مراته سرقوه ...؟!!!
مالت "زكيه" بفمها بسخريه قائله ...
- دول ولا بيخطوا عتبة شقتي ... عمرهم ما دخلوا عندي أبدًا ... حيكونوا أخدوه إزاي بس .. ده أنا من بعد جوزي الله يرحمه ما مات دورت عليه لما دُوخت ما لقيتلهوش أثر ..مع انه موصيني ما أفرطش في حق البنات ...
- عجيبة والله ..!!! ربنا يعترك فيه .. (مطت "خيريه" فمها بإمتعاض ثم أردفت مشفقة على حال جارتها)... خلاص يا أختي يبقى تكلمي "فخري" يلم مراته وعياله عنكم شويه ... ولا هو خلاص حط إيده في المياه الباردة وسايبهم عليكم ..!!!
رفضت "زكيه" بشكل قاطع أي تعامل بينها وبين "فخري" ...
- وعلى إيه يا أختي ... أنا ناقصة مشاكل مع "صباح" ... دي لو عرفت إني كلمته حتبقى ولا على حامي ولا على بارد ... دي ما بتستحملش أقول له كلمة ...
نهضت "خيريه" بضيق من حال "زكيه" الخانع ....
- والله غلبتيني يا "زكيه".... المهم يا أختي تشربي إيه ...؟!!
تشبثت "زكيه" بذراعها تدفعها للجلوس مرة أخرى ...
- لا والله ما إنتِ عامله حاجة ... أنا أصلي مستعجلة وجايه لك في قرشين أكمل بيهم الشهر ... قلت أشوف ظروفك تسمح ولا إيه ... لحد بس أول الشهر لما البنات تقبض ... وإنتِ عارفاني ما بتأخرش عشان أسدهم ...
بعتاب المحب نظرت "خيريه" لصديقتها ببعض الملامة ...
- ولو يا "زكيه" ... ده كلام ...!!! براحتك يا أختي ... حالًا أجيب لك الفلوس ...
بكرمها الطائي دلفت "خيريه" لغرفتها لتأتي لها بالمال الذي تحتاجه فهي ميسورة الحال وتساعد الجميع بكرمها وجودها ، عادت "خيريه" لتمد يدها ببضعة أوراق نقدية اتجاه "زكيه" ...
- خدي يا حبيبتي ... وعلى راحتك خالص ما تشيليش همهم ...
- كثر خيرك يا حبيبتي ... إن شاء الله ما أتأخرش عليكِ ... هو بس لحد أول الشهر ...
إستقامت "زكيه" تستأذن من "خيريه" بالمغادرة حين تمسكت بها "خيريه" تلتمس بعد الوناسة بوجودها ...
- خليكي معايا شويه ... أديكِ شايفه لوحدي ليل ونهار ...
إبتسمت "زكيه" بطيبه قلب لتعاود جلستها ومرافقتها لـ"خيريه" لبعض الوقت فهذا أقل ما يمكنها تقديمه لتلك السيدة الخيرة المُحبة ...
❈-❈-❈
مكتبة بحر ...
طريق السعادة يكمن في صوتك ثم حديثك ثم أنتِ ، هكذا رآها "بحر" لساعات حديثهم المختلف ، تلك الساعات التي لم يشعر بمرورها فقط بصحبتها ، تمنى لو أن حديثهم لم ينتهي ...
لكن وقع خطوات دبت بأرضية المكتبة معلنة قدوم زائر إنتبه إليه كلاهما ، حين تقدمت إحدى الفتيات نحوهم ...