رواية جديدة أنا لست هي مكتملة لبسمة بدران - الفصل 18 - 2 - الجمعة 15/11/2024
قراءة رواية أنا لست هي كاملة
تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى
رواية أنا لست هي
رواية جديدة قيد النشر
من قصص و روايات
الكاتبة بسمة بدران
الفصل الثامن عشر
2
تم النشر يوم الجمعة
15/11/2024
استفاق من نومه على صوت رنين هاتفه.
التقطه ثم أجاب وهو مغمض العينين: "أيوة."
استمع إلى صوتها الناعم على الطرف الآخر: "إيه ده يا بشمهندس انت لسه نايم؟"
اعتدل سريعًا في جلسته وهو يمسح عنقه بحركة لا إرادية: "لا لا، أنا مش نايم أنا صاحي أأمري يا آنسة جميلة."
أجابته بلطف: "الأمر لله يا باشمهندس عموماً كنت في الموقع وجبت فطار وقلت نفطر سوا بس بما إنك لسه نايم خلاص هافطر لوحدي وأمري لله."
قفز من فـ راشه سريعًا وهتف بشغف: "لا لا، خمس دقايق وهكون عندك."
ابتسمت بعذوبة فهي تعلم أنه معجب بها كثيرًا وهي كذلك لكنه لم يعترف لها حتى الآن ويعاملها بطريقة رسمية ويخاطبها بالألقاب وكأنهما ما زالا في العصور الوسطى.
هزت رأسها لتنفي تلك الأفكار من ذهنها وقالت بجدية: "طيب ماشي، بس ما تتأخرش عشان الطعمية ما تبردش."
أجابها بسرعة: "حاضر حاضر يلا مع السلامة."
أغلق الهاتف على عجل وبدأ في ارتداء ثيابه، وفي أقل من عشر دقائق كان ينتعل حذاءه
استوقفه صوت والدته تسأله باهتمام: "مش هتفطر يا فضل؟"
ردّ سريعًا: "هافطر في الشغل يا أمي، يلا سلام عليكم."
تابعته بعينيها حتى اختفى ثم تمتمت بعدم رضا: "هو ماله متسربع كده ليه؟"
ابتسمت بخبث عندما تذكرت شيئًا في خاطرها وهتفت بسعادة: "يكونش هايعزم البت جميلة على الفطار! يلا ربنا يهنيك ويسعدك يا ابن بطني."
❈-❈-❈
وضعت آخر طبق فوق المائدة ثم جلست بجوار زوجها وهتفت بدلال: "يلا يا سي مختار عملت لك شكشوكة عارفة إنك بتحبها."
التقط يدها ثم وضع قبـ لة طويلة في باطنها
قائلاً بسعادة: "تسلم الإيدين الحلوة دي."
لوت والدته شفـ تيها بعدم رضا، فقد استحوذت الفتاة على عقل ابنها بالكامل حتى إنه أصبح متصابياً
تكاد تجزم بأنه عاد إلى سن المراهقة والفضل لتلك الحية الملعـ ونة التي أمامها.
أطلقت شهقة عالية عندما أبصرتها تضع الطعام في فم ابنها
وهو يقـ بل أصابعها ويأكل مما تضعه له بلا حياء وكأنها غير موجودة.
هبت واقفة دون أن تمس طعامها، مما جعل ولدها يسألها باهتمام: ايه ده إنت ما كلتيش حاجة"
رمقته بغضب مكتوم وهي تهمس بسخرية: "المهم تشبع انت ومراتك يا مختار.
ألقت عليهما نظرة حانقة ثم اتجهت إلى غرفتها وهي تطوي الأرض تحت قدميها من شدة الغضب.
شيعها ولدها بنظرات متعجبة ثم تساءل: "مالها الحاجة ؟"
أجابت بلا مبالاة: "سيبك منها تلاقيها شافت حلم وحش ولا حاجة كل يا حبيبي عشان تتغذى."
أطاعها بابتسامة واسعة ثم شرع ينفذ ما طلبته منه
فاستغلت غياب والدته وهتفت بدلال أنثوي: "أقول لك يا حبيبي."
تطلع إليها بتساؤل؟
فأكملت: "أنا حاسة إني تعبانة اليومين دول ومحتاجة حد يساعدني في شغل البيت وانت عارف الشقة كبيرة وما بقيتش أقدر عليها لوحدي
وبما إنك ربنا فتحها عليك وبقى عندك سوبر ماركت كبير ما فيش مشكلة لو تجيب لي واحدة تساعدني."
صمت يفكر قليلاً ثم قال بجدية: "طيب، هشوف یا نرجس.
التصقت به ثم راحت تمسد فوق صـ دره بإغراء بعد أن طبعت قبـ لة أسفل فكه وقالت: ولو قلت لك عشان خاطر نونو حبيبتك ؟"
حمحم كي يجلي حنجرته ثم أوماً بالموافقة مما جعلها تمطره بوابل من القبـ لات: "ربنا ما يحرمنيش منك يا سي مختار.
أجابها مبتسماً: "ولا يحرمني منك يا مربة بالقشطة انت."
❈-❈-❈
ابتعدا عن بعضهما بعدما استمعا إلى صوت السيد حسن الغاضب: "إيه اللي بيحصل ده؟ وإيه المـ سخرة دي يا رائف؟!
وانتِ يا هانم إزاي تسمحي له يقرب منك كده؟ طب احترمي الحجاب اللي انتِ حطاه على دماغك!"
وقعت كلمات حسن المسمومة على أذنيها كالصـ اعقة مما جعل عينيها تدمع.
تمتمت بصوت منخفض وهي تجاهد دموعها كي لا تنهمر أمامهم: "أنا آسفة."
ثم غادرت إلى غرفتها ودموعها تسبقها.
بينما وقف رائف ينظر إلى والده بتمعن قائلاً بجدية: "مين البنت دي يا بابا؟"
أغمض حسن نصار عينيه بقوة فلقد كشف رائف كل شيء ولا سبيل للكذب عليه بعد الآن.
جذبه من يده عائدًا إلى غرفته ودفعه برفق ليجلس على الأريكة ثم جلس بجواره.
ساد الصمت بينهما حتى قطعه حسن بجدية: "كنت عارف إنك انت اللي هتكشف الحقيقة يا رائف."
رد عليه رائف بحدة: "يعني انت كنت عارف! أنا فكرت إن البنت دي حد زاققها علينا بس لما شفت رفضك المستميت عشان ما أتجوزهاش خلاني أشك.
يلا قل لي مين البنت دي؟ وفين سيلا؟"
أخذ حسن نفسًا عميقًا ثم أجاب بجدية: "هقول لك بس قولي انت كشفت الموضوع إمتى؟"
أجابه رائف بنفاد صبر: "امبارح كنت داخل علشان أشوفها قبل ما أنام سمعتها وهي بتقرأ القرآن بصوت جميل، والأغرب إنها بتقرأ بسلاسة وكأنها متعودة على كده. وسيلا ما كانتش حتى حافظة الفاتحة فمن فضلك احكي لي عشان أنا صبري ابتدى ينفذ."
"عايز تعرف إيه يا رائف؟"
"كل حاجة ومن فضلك ما تخبيش علي أي تفصيلة كفاية إنك خدعتني الفترة اللي فاتت دي كلها."
نظر حسن إلى عينيه مباشرة واستطرد بجدية: "سيلا في غيبوبة يا رائف أخدت جرعة مخدرات زيادة عشان كده اضطريت إني أعمل كده.
والبنت دي كنت مرة رايح أزور دكتور صاحبي وشفتها هناك في الصيدلية أول ما شفتها افتكرتها سيلا بس لقيت لون عينيها متغير وكمان البنت دي كانت محجبة سلمت عليها ومشيت.
وبعد اللي حصل لسيلا ما بقيتش عارف أعمل إيه لما شفت عمك منهار ومرات عمك فقدت النطق ما كانش قدامي غير إني أجيب البنت دي تحل محل سيلا لحد ما تفوق."
قاطعه رائف بحزن: "طب وأنا؟ ما فكرتش في مشاعري؟ انت عارف انت عملت إيه يا بابا؟ انت جبت ملاك مكان شيطان، علقتني بيها تاني بعد ما كنت كارهها.
لما لبست الحجاب وابتدت تصلي حبيتها أكتر من الأول وكنت مستعد أغفر لها أي حاجة عملتها قبل كده لكن انت خدعتني وهي ضحكت عليّ. ما صعبتش عليك وانت شايفني كل يوم بتعلق بيها أكتر؟ ما هنّش عليك تيجي تصحيني وتقول لي دي مش بنت عمك ليه خدعتني؟
لو كنت طلبت مني إني ما أجيبش سيرة لحد ما كنتش هقول."
رفع رأسه بكبرياء كي لا تخونه دموعه أمام والده ثم استطرد حديثه بقسوة: "بنت أخوك مش بس مدمنة بنت أخوك كانت على علاقة مع وليد الشامي وغيره ومش بس كده ده ماسك عليها فيديوهات وبعتها لي.
شوف بقى يا كبير عيلة نصّار اللي انت خايف على اسمها، هتلم الفضـ يحة دي إزاي؟"
نزلت كلمات رائف على أذن والده كالصاعقة فلطالما حافظ على سمعة العائلة ومكانتها الاجتماعية أمام الناس لتأتي تلك الصغيرة وتفسد التضحيات التي قام بها طوال حياته.
نظر إليه حسن بضياع قائلاً: "انت بتقول إيه يا رائف؟"
هب رائف واقفًا يهتف بفظاظة: "زي ما سمعت يا حسن بيه."
أمسك حسن بيده متوسلًا: "طب ممكن ما تتصرفش أي تصرف لحد ما أشوف أنا هعمل إيه أنا ما صدقت إن عمك بقى كويس ومرات عمك كمان بتضحك. ما تبقاش أناني يا رائف."
جذب رائف يده بعنف من يد والده ثم قال بحدة: "أنا اللي أناني يا حسن بيه! انت وهي دُستوا على مشاعري وقلبي اوي ودي الحاجة الوحيدة اللي أنا مش هسامحك فيها لا انت ولا هي الشيخة دي ألا هي اسمها إيه؟"
أجابه حسن بخفوت: "ليلى."
رمى رائف بسخرية:"ليلى؟"
صمت قليلًا ثم استدار للخروج دون أن يضيف أي كلمة. لكنه توقف ونظر إلى عيني والده مباشرة وقال: "ما تخافش يا حسن بيه مش هبوز لك خطتك العظيمة دي ومش هقول لحد لا عمي ولا مرات عمي ده عشان بس سمعة العيلة اللي حضرتك بتحافظ عليها."
فتح الباب بقوة ثم دفعه بعنف وخرج بخطوات غاضبة وكل ذرة في جـ سده تشتعل تجاه تلك المخادعة ليلى.
❈-❈-❈
"أنا مش عارفة إنت مستعجل على إيه!"
قالتها السيدة أحلام والدة سالم وهي تضع أطباق الطعام فوق المنضدة.
أردف والده بعقلانية: "ما تسيبي العيال تفرح يا أم سالم وبعدين هنأخر ليه يعني؟"
فأجابه سالم مبتسمًا: "يسلم فمك يا أبو سالم إحنا هنستفيد إيه يعني لما نطول فترة الخطوبة ما دام أنا وهي متفاهمين يبقى هنستنى إيه؟"
هتفت والدته بامتعاض: "خطوبة إيه اللي تطول؟! ده أنتم ما بقالكوش شهرين تلاتة مخطوبين هو يعني الجواز ده سلق بيض يا ابني فيه حاجات وترتيبات لازم تتعمل!"
ثم أضافت: "هو انت أي حد؟"
ابتسم سالم ابتسامة خفيفة ثم أمسك بيد والدته التي كانت فوق الطاولة ووضع قبـ لة على ظهر يدها مغمغمًا: "هوني عليّ بقى يا ست الكل أنا عارف إنك لما بتحطي حاجة في دماغك بتعمليها على أحسن وجه وكمان أنا واثق في ذوقك."
استطاع سالم بكلماته المعسولة أن يكسب رضاها فهتفت مبتسمة: "اللي تشوفه يا حبيبي."
تبادل سالم ووالده النظرات وبداخل كل منهما ابتسامة مكبوتة على تلك المرأة التي تعشق المدح والثناء على كل شيء تفعله ولو كان صغيرًا.
❈-❈-❈
بعدما قصَّت ليلى على نورسين عبر الهاتف ما حدث معها، أردفت نورسين بحنو: "ما تزعليش نفسك يا ليلى هو uncle حسن عصبي شويتين بس أكيد فيه حاجة مضايقاه فطلع عصبيته عليكِ انتِ."
هتفت ليلى بنشيج من أثر البكاء: "آه، أهنَّي جامد أوي يا نور وحـ رق دمي لدرجة إني كنت بقول يا أرض انشقّي وابلعيني والمشكلة إن كل ده كان قدام رائف."
ضحكت نورسين بقوة مغمغمة: "آه، قولي كده بقى إنك زعلانة عشان الكلام كان قدام سي رائف. عمومًا يعني ما هو زيه زيك يا أختي قفشه بالجرم المشؤوم
أنتم ما لقتوش غير قدام الأوضة يا مراهقين؟! ما كنتوا استروا نفسكم في أي أوضة تانية."
ضحكت ليلى من وسط بكائها، فاستطردت نورسين بسعادة: "أيوة كده اضحكي ما تخليش حاجة تزعلك. قومي قومي اغسلي وشك وانزلي افطري معاهم وأنا هاجي لكِ بعد الضهر أشوف الدنيا فيها إيه وممكن كمان نخرج سوا واهو تعزميني على الغدا ماما وبابا لسه ما بعتوليش المصروف بتاع الشهر."
مسحت ليلى دموعها بأناملها ثم غمغمت بامتنان: "ربنا يخليكِ لي يا نور بجد انتِ هونتِ عليا كتير ده أنا قبل ما أكلمك كنت همـ وت."
ردت نورسين بابتسامة: "بعد الشر عليكِ يا ليلى. يلا يا حبيبتي قومي عشان ما تتأخريش على الفطار وتجنبي الكلام خالص مع أونكل حسن وصدقيني هو هيجي يصالحك ده راجل طيب يلا سلام يا قمر."
أغلقت ليلى الخط ثم نهضت عازمة على تنفيذ ما أخبرتها به صديقتها لكن ما زال بداخلها خوف من المواجهة.
❈-❈-❈
كانوا ملتفين حول طاولة الطعام يتناولون فطورهم في صمت بينما في داخل حسن نصار الكثير من المشاعر المتضاربة فكلما وقع بصره على ابنه وجده يرمقه بعدائية شديدة فكَّر ماذا لو أخبرهم الآن بقصة زواجه؟ بالطبع ستزداد العلاقة سوءًا بينه وبين ابنه
لكنه لم يكن يعرف ماذا عليه أن يفعل وحياة زوجته في خطر دائم بسبب الحمل.
صمت قليلاً يفكر لكنه حسم أمره في النهاية فتنحنح بقوة ثم قال بجدية: "في حاجة كده كنت عايز أتكلم معكم فيها."
نظر إليه الجميع باهتمام، فسأله ماجد: "حاجة تخص الشغل يعني يا حسن؟"
هز رأسه نافيًا: "لا، حاجة تخصني أنا."
ظن رائف أنه سيتحدث بخصوص سيلا لكنه سرعان ما نفض هذه الأفكار من رأسه فوالده لن يفعلها من أجل عمه وزوجته.
أما حسن فقد أغمض عينيه ثم فتحهما مردفًا بسرعة: "أنا اتجوزت ومراتي حامل."
جحظت أعين الجميع في صدمة وعدم تصديق، فهب رائف واقفًا يهتف بجنون: "إنت بتقول إيه؟ أكيد بتهزر، صح؟"
أجابه حسن بصرامة: "وهي دي حاجة يتهزر فيها يا رائف مالك فيه إيه؟ هو ده مش من حقي؟"
رد رائف بغضب: "لا، مش من حقك يا حسن بيه! إنت بأي حق تتجوز على ماما؟!"
وقف حسن قبالته مردفًا بصراخ: "أمك مـ اتت. أنا ما اتجوزتش على أمك اتجوزت بعد ما مـ اتت بكتير إيه هي مش دي حاجة ربنا حللها لي؟"
رد رائف بصوت يقطر ألمًا: "ربنا؟ وهو إنت أصلاً تعرف ربنا؟"
تصاعد الدم في رأس حسن من غضب ابنه ورفع يده ليصفعه لكن رائف كان الأسرع فأمسك بيده هاتفًا بغضب: "مش هسمح لك ترفع إيدك عليَّ تاني ومن النهاردة انسى إن لك ابن اسمه رائف."
ألقى كلماته دفعة واحدة ثم نفض يد أبيه وانطلق وكأن شياطين الأرض تطارده.
أما ليلى فقد استفاقت من صدمتها وركضت للخارج لتوقفه. نادته بصوتها الرقيق: "رائف"
توقف مكانه وهو ما زال غاضبًا منها ومن والده ومن كل شيء. استدار إليها وجذبها من يدها بقوة حتى توارى بها عن الأعين ثم انقض عليها يقـ بّلها بعنف وغضب وكأنه يعاقبها على كل شيء حدث له في حياته.
حاولت دفعه لكنه كان كالجبل الشامخ لا يتزحزح.
دمعت عيناها بقوة وثقلت أنفاسها
بينما رائف كان في عالم آخر لا يشعر ولا يسمع ولا يرى.
لم يتركها إلا عندما تذوق طعم الدماء من شفـ تيها.
ابتعد عنها قليلاً فرأى الدموع تغطي وجنتيها بالكامل.
احتقنت عيناه ثم ابتسم بسخرية وهو يزيل دموعها بعنف قائلاً: "وفّري دموعك دي لبعدين عشان هتحتاجيها يا سيلا. ولا تفضلي أناديكِ ليلى؟"
إلى حين نشر فصل جديد للكاتبة بسمة بدران، لا تنسى قراءة روايات و قصص كاملة أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية