-->

رواية جديدة قلب نازف بالحب لهاجر التركي - الفصل الأخير - 5 - الأحد 24/11/2024

  

قراءة رواية قلب نازف بالحب كاملة

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى




رواية قلب نازف بالحب

 رواية جديدة قيد النشر

من قصص و روايات 

الكاتبة هاجر التركي


الفصل الأخير

5

تم النشر الأحد

24/11/2024

_"أن شاءلله يا حبيبي كُله بأونه، وبعدين بقا أنا بغير عليك جدا عايزني أجيبلك ولد يشاركني فيك ولا بنوتة تبقي دُرتي وتأخدك مني، وأقعد أنا بقا أحط أيدي علي خدي". 


أرتفعت ضحكاتهِ بقوةٍ، وقد نجحت في تدبير الموقف وأنقذته قبل أن يأخذ منحدر آخر نحو حزن"مُراد "علي فُقدان طفلهم، ورغبته المُميتة في أن يكون لديه طفلة أو طفل.....أقتربَ من أُذنيها يهمس بنبرة رخيمة: 


_" بقولك أي؟ وأنا بشتري السرير اللي جوه ده الراجل قاعد يطبلي كتير ويقولي أنه مريح وحلو، وأنا بصراحه مش واثق فيه...... متجي أجربه واطمن بنفسي". 


ضحكت بصوت غنّاج خفيف، وكأنها تخلت عن كل حذرها للحظة. كانت ضحكتها تحمل نغمة دافئة، تنساب في الهواء مثل لحن هادئ، لكنها كانت مغطاة بخجلٍ خفيف، جعل خدّيها يكتسيان بوشاح من الورد. عيونها انغمست في الأرض للحظات، وكأنها ليست تلك الفتاة التي أشعلت الأرض أسفلها برقصها قبل قليل، وكأن جرأتها تبخرت....... 


❈-❈-❈


في وسط الصالة، جلست "رانيا" على الأرض، مرتدية بيجامة منزلية مريحة، تتكون من سروال قطني واسع وقميص فضفاض بلون هادئ. شعرها غير مصفف تمامًا، وربما لم تكلف نفسها عناء تعديله بعد استيقاظها من قيلولتها. الطاولة الصغيرة أمامها كانت مليئة بأطباق متنوعة: كيس من رقائق البطاطس المفتوح بجانب طبق من البسكويت المبعثر، علبة شوكولاتة فارغة تقريبًا، ووعاء من المكرونة بالجبنة بالكاد تركت منه لقمتين. بجانب ذلك، كان هناك كوب شاي فارغ وزجاجة عصير في منتصفها تقريبًا.


كانت يدها تمتد بعشوائية بين هذه الأطعمة، تأخذ لقمة من هنا، وتجمع لقمة أخرى من هناك، تأكل بنهم وكأنها لم تتناول الطعام منذ أيام. ملامح وجهها كانت غارقة في الرضا... 


في تلك اللحظة، فتح" طارق" الباب ودخل. كان يحمل حقيبته بيد، وحقيبة بلاستيكية بيد أخرى، وبدت عليه علامات التعب. لكنه توقف فجأة في مدخل الصالة، حاجباه ارتفعا قليلاً، وعينيه جالتا في الفوضى أمامه. لم يستطع منع نفسه من التحديق في" رانيا"، التي كانت ما زالت منهمكة في التهام قطعة شوكولاتة، ولم تلاحظ وجوده حتى.


"إيه ده؟ حفلة أكل من ورايا ولا إيه؟". 


قالها طارق بصوت نصف ساخر، نصف مصدوم.


رفعت رانيا رأسها ببطء، وشفتاها ملطختان ببقايا الشوكولاتة. حدقت فيه للحظة، ثم ضحكت ضحكة خفيفة، وقالت وهي تمد يدها بكيس رقائق البطاطس نحوه:


_ "تعالي شاركني  ."


رفع حاجبيه باندهاش، ثم وضع يده على رأسه، وهو يقول بنبرة لا تخلو من المرح:


_"أي ده؟ أي ده؟ بسم الله ما شاء الله... وأنا أقول مُرتبي بيخلص قبل نص الشهر ليه!"


رفعت" رانيا "رأسها منغمسًة في لقمة من بسكويت مغطى بالشوكولاتة، ثم ردت بلهجة دفاعية مزاحًا:


_"أي يا توتي يا حبيبي! أنت هتبصلي فالأكل؟"


وقف متكئًا على إطار الباب، يضع يديه على خاصرته قائلاً بنبرة تمزج بين الاستغراب والضحك:


_"توتي!... لا يا ستي، بالهنا والشفا. بس مش كده، أنت داخلة على علبة الشوكولاتة العشرين من إمبارح."


ابتسمت رانيا، تمد يدها له بكيس رقائق البطاطس وهي تقول بدلال:


_"تعالى، تعالى، كُل معايا."


نظر إلى الطاولة، ثم إليها، وأخذ خطوة للوراء قائلاً:


_"أكل إيه بقى! هو أنت سايبة حاجة! ده أنت منتقمة من الأكل... عليه العوض ومنه العوض."


ضحكت ضحكة خفيفة، ثم وضعت يدها على بطنها وقالت بنبرة مرحة، وكأنها تدافع عن شهيتها:


_"أي يا طارق بقى؟ أنا بأكل لاتنين. ابنك طالع مفجوع مش عارفة لمين؟"


طارق ضحك وهو يرد ساخرًا:


"لأمه أكيد... وبعد كل الأكل ده والمصاريف دي كلها، فالآخر هتولديه شبه البُرص."


ر رمت عليه وسادة صغيرة كانت بجانبها وهي تقول بنبرة مختلطة بالضحك:


_"دمك خفيف خالص يا حبيبي... تعالى هنا، جبتلي البسبوسة اللي قولتلك عليها؟"


أخرج من حقيبته كيسًا كبيرًا ووضعه أمامها، ثم جلس على الأريكة مستسلمًا وهو يقول:


_"جبتلك ياختي، اتفضلي اتنين كيلو بحالهم... ربنا يستر على باقي الشهر."


رانيا، بعينين تلمعان فرحًا، فتحت الكيس بسرعة وبدأت تأكل قطعة وهي تنظر له بمكر:


_"أنت عارف يا طارق؟ بعد الولادة، أنا اللي هحتاج اتنين كيلو بسبوسة في اليوم علشان أرجع طاقتي... حضر ميزانية جديدة من دلوقتي!"


"طارق"، برغم كلامه، نظر إليها بابتسامة دافئة، لم يستطع أن يمنع نفسه من الشعور بالسعادة وهو يراها بهذا المزاج المرح، حتى وسط الفوضى.... استلقى على الأريكة بجواره، متظاهرًا باليأس وهو يضع يده على جبهته:


_"ميزانية جديدة؟ يا نهار أبيض! ده أنا مش عارف أغطي الكيلو اللي بيختفي في نص ساعة. إحنا هنتحول لشركة إنتاج أكل مع نهاية السنة."


بفم ممتلئ بالبسبوسة، ردت بخبث وهي ترفع قطعة أخرى:


_"مش بقولك دمك خفيف؟ شوف بقى، لو ابنك طلع يحب الأكل زيي، هتبقى أنت السبب... ما أنت اللي دايمًا تجيبلي كل اللي أطلبه."


رفع يده متظاهرًا بالدفاع:


_"وأنا أقدر أقول لأ؟ يا ستي أنت بس تقولي، وأنا أنفذ. بس الواد ده لو طلع مفجوع، أنا هعلمه إزاي يعوض المصاريف دي لما يكبر."


ابتسمت، نظرت إليه نظرة دافئة مليئة بالحب وقالت وهي تمسح بقايا البسبوسة من شفتيها:


_"طارق، إيه رأيك نسميه مفجوع رسمي؟ يبقى اسم على مسمى!"


ضحك بصوت عالٍ، ثم مال نحوها يمسك يدها برفق وهو يقول:


_"بلاش اسمه مفجوع، بس خلينا ندعي إنه يطلع يحبني أكتر منك، علشان الميزانية تمشي عدل."


وضعت يدها على بطنها، تنظر إليه بنظرة عاطفية:


_"إيه رأيك بقا؟ هو أكيد هيحبك... بس هيحبني أكتر، علشان أنا اللي بأكله كل الحاجات الحلوة دي."


طارق اقترب منها أكثر، وضع يده على بطنها بلطف وهو يبتسم:


" أول حاجة هيقولها الواد مش ماما ولا بابا... هيقول بسبوسة."


رانيا انفجرت ضاحكة، ثم مالت على كتفه وهي تقول:


_"أهو ده السبب اللي خلاني أحبك، دمك الخفيف وابتسامتك اللي دايمًا تخليني أضحك حتى لو كنت بأكل علبة الشوكولاتة العشرين."


طارق وضع يده حول كتفيها بحنان، وهو يرد:


"وأنا اللي كنت فاكر إنك حبتيني علشان المرتب اللي بيخلص قبل نص الشهر.... أقولك حاجة تصدمك، أنا حاسس أنها بنوتة، الواد ياسين قال أنها بنت، والأطفال بيحسوا "


_"أممم تيجي نتراهن، أنا حاسة أنه ولد". 


_"وأنا حاسس أنها بنوتة أن شاءلله، وتكون شبهك.. بس مش مفجوعة ". 


أرتفعت ضحكاتها العالية تتحسس بطنها البارزة قليلاً، بعد دقائق من الضحك، استلقت" رانيا" على الأريكة بجانب" طارق"، وقد وضع رأسها على كتفه، بينما هو يحتضنها بذراعه بحنان. كان صوت التلفاز في الخلفية مجرد همسات بعيدة، لكن اللحظة بينهما كانت أكثر وضوحًا من أي شيء آخر. نظرت إليه بابتسامة صغيرة، كأنها تحفظ في قلبها هذا المشهد، ثم همست:


"عارف يا طارق؟ لو فضلنا كده طول عمرنا، أنا بأكل من كل حاجة، مش عايزة حاجة تانية من الدنيا."


نظر إليها طارق، وعيناه تلمعان بمزيج من الحب والامتنان، ثم قبّل جبينها برقة قائلاً:

"طول ما أنتِ معايا، كل يوم هيبقى أجمل من اللي قبله... حتى لو مرتبي بيخلص بدري."


غاصت رانيا في ضحكة خفيفة بينما تضع يدها على بطنها، وهمست وكأنها تتحدث للجنين:

"اسمعي بابا و هو دايمًا بيحاول يهرب ازاي."


ابتسم طارق وهو يلمس بطنها مجددًا بلطف، كأنه يخبر الجنين بهدوء:


"مستنيكِ يقلب أبوكِ  تيجي، علشان نشوف هتطلعي لمين أكتر... "


ساد الصمت للحظة، لكنه كان صمتًا مريحًا، مليئًا بالأمان والحب. خارج النافذة، كانت السماء مغطاة بنجوم متناثرة، تضفي على الأجواء دفئًا إضافيًا، وكأن الكون نفسه يحتفل بوجودهما معًا.... 


يتبع...


إلى حين نشر الفصل الجديد للكاتبة هاجر التركي، لا تنسى قراءة روايات و قصص كاملة أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية


رواياتنا الحصرية كاملة