-->

رواية جديدة ظننتك قلبي « لكن بعض الظن إثم » مكتملة لقوت القلوب - الفصل 22 جـ 2 - 1 - الأربعاء 18/12/2024

 

 

قراءة رواية ظننتك قلبي « لكن بعض الظن إثم » كاملة 

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى


رواية ظننتك قلبي

« لكن بعض الظن إثم »

 رواية جديدة قيد النشر

من قصص و روايات 

الكاتبة قوت القلوب


الفصل الثاني والعشرون

الجزء الثاني

1

تم النشر يوم الأربعاء

18/12/2024

 « اليوم المنتظر ..»



أن أكون ذات قيمة لهو أسمى المشاعر التى يمكن الشعور بها ، بينما المُخزى أن يكون لي ثمن ، فشتان بين القيمة والثمن فلست سلعة تباع وتشترى ، لست أبدًا بهذا الرخص ..


أزمة صحية معتادة لكن زادها حِدة مقابلتها مع "رشيد" التى أثارت تخوفها وزعزعة ثبات نفسها ، بعد أن هدأت نفسها وإنتظم تنفسها تحت أنظار أعين أختها القلقة والتى تساءلت عما حدث بلقائها بهذا المتطفل بالأمس ، كانت إجابة "غدير" تحمل أكثر من معنى لمن لا يدرك الأمر وبدايته ...

- قالي وحشتيني ... وأنه غلطان إنه بعد عني ... وندمان ... ومش مهم إني إتجوزت ... مش فارق معاه موضوع جوازي من "عيسى" ... عايزنا نرجع ...


بجمود تام وأعين مصدومة غير مصدقًا بالمرة إتسعت عينا "عيسى" هاتفًا بذهول ...

- ليه ...؟؟! ليه كدة ...!!!!!!

فور خروج "عيسى" من مكتبه متجهًا للبيت للإطمئنان أولًا على صحة "غدير" توقف فجأة ليتذكر الملف الذى كان وضعه فوق المكتب فهو لم يعيده لموضعه حفاظًا على أهمية الأوراق التى به خاصة الورق الذى أحضره اليوم وبه إثبات براءة موكله ...

عاد أدراجه بعجالة مرة أخرى إلى المكتب ليفاجئ بـ"سندس" تقف خلف مكتبه تتطلع نحو الملف وتقلب به لتقرأ فحواه ...

نظرة مندهشة علت عينا "عيسى" ينهر بحدة إسلوب "سندس" المتعدى لحدودها قائلًا بنبرة غاضبة ...

- إنتِ بتعملي إيه عندِك ..؟!! ليه كدة ... هي دي الأمانة إللي أنا مستأمنك عليها ...؟!!

إضطربت "سندس" بقوة لتستقيم بوقفتها تبتلع ريقها الجاف من مفاجئة "عيسى" لها بعودته مرة أخرى لتجيبه بحشرجة ..

- أنا ... ااا ... أنا ... أصل اااا ...

عقص وجهه بقوة ليردف بذات الحدة والإنفعال فقد طفح الكيل من تطفلها طيلة الوقت ...

- أصل إيه يا شيخة ... دي بقت حاجة تقرف ... إنتِ متفهميش أى حاجة عن الأمانة ... !!!! 

إرتجف جسدها تحاول الدفاع عن نفسها من جانب مهني وبالطبع من إحساسها المغرم به فهي لا تود إشعال غضبه منها ...

- والله يا أستاذ "عيسى" هو الفضول بس .. كان نفسي أعرف عملت إيه ...

تقدم "عيسى" تجاه المكتب يغلق الملف بحركة منفعلة ليحمله معه معنفًا إياها ...

- وفضولك ده مسيره في يوم يقتلك ... لولا إنك كدة من يوم ما خطيتي المكتب ده لكنت قولت عنك كلام تاني ... لكن أنا بحذرك يا أستاذه "سندس" لو الأمر ده إتكرر تاني مش حصبر أكتر من كدة وحيكون آخر يوم ليكِ فى المكتب عندي ... فاهمه ...

إرتجف قلبها قبل جسدها فهي لا تريد ذلك ، هي كالسمك يعيش ببحوره التى يغرق بها لا يمكنها أن تعيش خارج أمواجه ومياهه ، لن تقدر على الحياة بدون "عيسى" لتومئ بقوة توافق على ذلك فقط حتى لا يبعدها عنه ...

حدجها "عيسى" بنظرة مشمئزة قاسية قبل أن يترك المكتب حاملًا للملف الذى بحوذته فسيتركه بالبيت كأمان له حتى موعد الجلسة بعد شهر كامل ....


هوت "سندس" جالسة بعد مغادرة "عيسى" فقد كادت أعصابها المنهكة أن تتحطم من هول فجعتها بعودة "عيسى" دون أن تنتبه لها ...


بهذا الوقت هدأت "غدير" تمامًا فما كانت تحتاج لأكثر من قلب حنون كقلب قمرها "مودة" التى بقيت معها تهدئ من روعها حتى عودة "عيسى" ، الذى لم يخيب ظن "غدير" به حين إستمعت لصوت مفتاحه يفتح الباب ليدلف نحو الداخل بتلهف وقلق على قطعة الشيكولاته خاصته ...

- "دورا" ... عامله إيه دلوقتِ حبيبتي .. ؟!

تطلعت نحوه بعيون مشتاقة وربما ممتنة لوجوده بحياتها فكيف تستبدل هذا الغالي الذى لا يقدر بثمن بهذا الرخيص الذى ظهر لها من العدم بعد أن كادت على نسيانه ، فقيمة "عيسى" وقلبه لا يمكنها أن تقارن بشئ آخر فمكانة "عيسى" بقلبها بموضع لا يمكن لغيره المساس به بينما الجميع فى مكان آخر بعيدًا عنه للغاية ، فقد تفوق على الجميع وملك قلبها كاملًا دون منازع ...

أجابته بهمس متعب ...

- الحمد لله ...

ترك كل ما بحوذته بعيدًا ليدنو من مالكة قلبه ليجلس إلي جوارها متحولًا لـ"عيسى" آخر يملك حنان الكون كله ساحبًا رأسها الصغير بلطف ليسكنه فوق صدره محيطًا بذراعه إياه قبل أن يقبل رأسها القابع فوق قلبه حيث تتربع عرشه ...

- سلامتك يا شيكولاته ...

إبتسمت "غدير" براحة لم يتمكن "عيسى" رؤيتها فملامحها إختبأت بين أحضانه فهذه اللحظة لا يمكنها أن تبدل بما هو أدنى ، إنها الفائزة الوحيدة به وبقلبه ولن تترك ما حصلت عليه مهما حدث ، لن تنساق خلف أوهام تخسرها حبيبها "عيسى" ، إنها تتبع قلبها لليقين الوحيد بحياتها ولن تدع الظن يتمكن منها لتخسر عشق لن يُكرر إذا خسرته ، ستحارب لحبه وقربه حتى لو ستحارب نفسها ...

ما كان من "مودة" إلا الإنسحاب بتلك اللحظة فقد وصل مُطمئنها الذى لن يعادله أحد الآن ، غبطة تمنت لو تحظى بمثيلتها يومًا مع من ملك قلبها ، لكن ذلك أمر مستحيل فلا داعى لأن تترك الظنون تهيئ لها ذلك ، عليها هي أيضًا أن تحيا بالواقع وليس بالخيال فـ"رؤوف" ليس لها ولا حق لها به ، عادت لبيتها لتكمل يومها بوحدتها المعتادة متفكره بأحداث اليوم كاملة ....


❈-❈-❈


بيت عائلة الأسمر ...

(عتاب) ...

بعد حثها لأخيها بالصعود لـ"وعد" وإنهاء تلك الحالة من الترقب والإنتظار لموافقتها على الزواج من "محب" ، حاولت أن تستمع لحديثهم لكنها كانت تشعر بالغيظ فأصواتهم الهامسة كانت خفيضة للغاية ولم تستطع إدراك عما يتحدثون ...

بعد مرور بعض الوقت هبط "محب" الدرج بخفة حتى ظهر أمامها بطوله الفارع الذى تمتاز به تلك العائلة ليستكمل طريقه متوقفًا بالنهاية أمامها دون التفوه حتى بسؤال عن سبب وجودها خارج الشقة ..

لكنها بادرت بسؤاله بفضول شديد ...

- هاااا ... عملت إيه ...؟؟! كلمتها ...؟؟؟ 

طال النظر إليها لبضع لحظات قبل أن يردف بهدوئه القاتل ...

- وافقت .. 

سحبت "عتاب" نفسًا طويلًا لتهلل بسعادة بالغة ...

- أخويا بصحيح ... جدع ... وحددت معاها معاد ولا لسه ...؟؟!

أجابها بذات الهدوء الذى يصل لدرجة البرود ...

- الخميس ... بعد بكره ...

نظرت نحو الفراغ كما لو كانت تحدث نفسها بينما كانت تستكمل حديثها معه ...

- حلو أوى .. أهو كدة نبدأ الشغل على أصوله ... خصوصًا إننا ملقيناش أى ورق بملكية الواد لأملاكنا ... يعنى هي أكيد معاها ومخبياهم ... بس مش حنسيب حقنا أبدًا لها ولإبنها المفعوص ... ( ثم وجهت نظراتها نحو "محب" الهادئ قائله ) ... مش كدة ولا إيه ...؟؟؟

- مظبوط .. مظبوط ...( ثم إلتف نحو الدرج ليتحرك مغادرًا منهيًا حديثها معه ) ... أنا رايح المعرض ... سلام ...

ودعته وهي تستكمل حديثها لنفسها ...

- سلام يا أخويا ... كدة تبقى إترسمت صح ... لما أدخل لماما أقولها ....

دلفت لداخل الشقة لتعبر الردهة الطويلة تاركة بناتها الثلاث يلعبون بغرفة المعيشة لتتجه لغرفة والديها أو بمعنى أدق الغرفة التى تستلقي بها والدتها بالوقت الحالي ..

لم يكن مرورها بها للإطمئنان على وضعها الصحي بل كان لأمر آخر ..

توقفت "عتاب" بمقدمة التخت تناظر والدتها بنظرات قاسية متجبرة لم تحمل أى نوع من الشفقة والحنان كما كانت مع والدها من قبل ، كيف نُزعت الرحمة من قلبها لتصبح بهذا الجفاء ، أم أن هذا بالتأكيد نتيجة لتنشئة قاسية تفرق بين معاملة والديها بينها وبين أخويها الذكور خاصة "عاطف" ...

رفعت رأسها الطويل لتطالع والدتها بأعين فارغة دون أي إحساس قائله بنبرة جافة للغاية ...

- "محب" كلها كام يوم وينفذ إللي قلت له عليه ويتجوز "وعد" .. وبعدها هي وإبنها يبقوا زي العجينة في إيدي زي "محب" بالضبط ... أنا يا "قسمت" بقيت صاحبة الأمر هنا ... الدنيا دي ماشيه بإشارة مني ... أنا الملكة ... ( ثم ضحكت بسخرية من وضع والدتها تتشفى بمرضها وعدم قدرتها على الحركة ) ... ده مكانك ... مشلولة ولا بتتكلمي ولا بتتحركي ... أنا إللي حمشي الدنيا دي وأخد كل حاجة ... أنا البنت إللي دايمًا كنتوا ترموا لها الفتافيت ... وكل تفكيركم فى رضا "عاطف" و"محب" ... أهو واحد مات ... والتاني ضعيف تحت طوعي ميقدرش يقول لي لأ ... شوفتي بقى إن أنا إللي كسبت في الآخر ...

ألقت بكلماتها السامة تاركة "قسمت" تصارع القهر المكتوم بقلبها لتخرج وقد تعالت ضحكاتها المتفاخرة بفوزها بأول خطوة بإسترجاع المال والإستحواذ عليه ...

خرجت لتجد إحدى السيدات تنتظرها بالخارج ، إنها الممرضة المرافقة التى إتفقت معها على رعاية والدتها فهي لا طاقة لها بتلك الأعمال فهي الملكة الآمرة صاحبة التملك و قريبًا جدًا الأملاك ...


❈-❈-❈

الليل رغم تجليه بالسواد إلا أن هناك قمر يتخلله ليبث بعض النور تمامًا كجرح القلوب فبعضها ينفذ النور من خلاله ليضئ عتمة ليل القلب المفطور فيشعر بدقات و وخزات توقظه من غفلته ..


بيت عائلة دويدار (شقة عيسى) ...

إنه وقت راحة الأبدان حين إستلقى "عيسى" ليرتاح من عناء يوم عمل طويل ليستغرق بالنوم على الفور لشدة إنهاكه ، بينما جلست "غدير" إلى جواره يجفو عيونها النوم لتنظر بدقة لتقاسيم "عيسى" الهادئة المستسلمة للراحة لتتنهد طويلًا بحزن أشبه بإنكسار وتحسر ...

غابت ضحكاتها عنها اليوم فهذا اليوم حزين للغاية بقلبها المتوجس ...

همست بصوت لا يسمعه سواها تُحدث هذا النائم الغافل عما يتنازع بداخلها ...

- قلبي خايف أوي لا في يوم تبعد عني ... حاسة إن اليوم ده قريب ... أصل السعادة إللي أنا عايشه فيها دي أنا مش واخده عليها ... أنا عارفة إن في يوم من الأيام حتتمنى طفل ولو مكنتش إنت حيبقى أهلك ، أكيد نفسهم يشوفوا حفيدهم ، وعندهم حق ( تنهدت بقوة لتستكمل محدثه نفسها ) ، لو ربنا يمن عليا وأحمل نفسى فى بيبي منك (رفعت نظرها للأعلى بتمنى وإبتهال) ، يا رب إرزقني بطفل أفرح بيه ويفرح بيا "عيسى" و أفرح قلبه ويقوى حياتنا بوجودة أحسن ما يتدخل واحد زي "رشيد" ده ويخربها لي ... يا رب ...

همهم "عيسى" بأعين ناعسة يغلبها النوم بقوة ...

- بتقولي حاجة يا "دورا" ...؟؟؟

إنتبهت له "غدير" بتوجس خشية من أن يكون قد سمعها ...

- لأ لأ .. مفيش حاجة ... أنا حنام أهو ... تصبح على خير ...

أسرعت "غدير" بالإستلقاء مدعية النوم لكن مازال قلبها الخاشع يدعو بما تتمناه نفسها حتى لا تخسر قلب محب كـ"عيسى" ....


❈-❈-❈


بيت النجار (شجن) ...

يوم يبدأ مبكرًا وينتهي مبكرًا أيضًا لتبقى "شجن" بغرفتها المشتركة مع "نغم" مستيقظة لإنشغال فِكرها بهذا الرجل المقعد الذى لا يتمكن من مساعدة نفسه وإضطراره للرحيل ، تنهدت بضيق قائله بإستياء ...

- بس أنا مكنش ينفع أروح معاه ... وأسيب ماما و"نغم" لمين ...!!! هم ليهم حد غيري .. كمان موضوع "نغم" ده لازم أشوف له حل ... "مأمون" مينفعش نهائي ... وهي ساذجة وخايبة أوى ...

ثم عادت أفكارها لهذا الرجل الوحيد ...

- والله صعبان عليا يا عم "أيوب" ... بس غصب عني والله ... يا رب حد ياخد باله منه ... ده راجل طيب وشكله غلبان وعايش لوحده ... ملهوش حد ....

نظرت تجاه "نغم" التى زادت برائتها حينما إستغرقت بالنوم لتشعر بكم هائل من الضغط والمسؤولية تجاه تلك الساذجة حتى لا تلقي بنفسها بمشاكل هي بغنى عنها ....


❈-❈-❈

لم تقتصر أفكار تلك الليلة على هؤلاء الحائرات بل شاركهم هذا العاشق الذى ربما يتجدد وصاله بمحبوبته بعد غياب ، خاصة بهذا الليل الساتر على أفكارنا وظنوننا ليبقى متيقظًا يحلم بلقاء جديد ...

تمدد "رشيد" هائمًا بملامح "غدير" التى إشتاق إليها كثيرًا متذكرًا لقائهم الأخير ، كم كان متلهفًا على لقائها وإشباع روحه لحرمانه من وجودها بحياته ، حدث نفسه قائلًا ...

- أنا غلطت إني سبتك وعرفت غلطي ... أنا كنت فاكر إني مش بحبك وإنك زي أى واحدة عرفتها في حياتي .. لكن لما غبتي عني فهمت وعرفت إني مقدرش أستغنى عنك أبدًا وإني كنت غبي لما قلت لك إحنا مينفعش نكمل مع بعض .. بس بسيطة ... طالما رجعت يبقى لازم ألاقى طريقة عشان ترجعيلي تاني ... أنا بحبك يا "غدير" ... بحبك أوى ...


الصفحة التالية