رواية جديدة جبل النار لرانيا الخولي - الفصل 33 - 2 - السبت 4/1/2025
قراءة رواية جبل النار كاملة
تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى
رواية جبل النار
رواية جديدة قيد النشر
من قصص و روايات
الكاتبة رانيا الخولي
الفصل الثالث والثلاثون
2
تم النشر السبت
4/1/2025
ظل داغر مع حارس المبني ليعرف اسماء المقيمين العرب بها
وبعد محاولات عديدة استطاع العثور على الاسماء فينقبض قلبه عندما قرأ اسم سليم حسين النعماني مدون أمامه.
لم يمهل نفسه لحظة واحدة وأسرع بالذهاب للطابق الذي به شقة سليم
اوقف المصعد وخرج منه يسير في الرواق يبحث عن رقم الشقة حتى استطاع إيجادها
كان قلبه ينبض بعنف وهو يطرق على الباب الذي يخفي عنه حبيبته
لكن لا من مجيب
أعاد الكرة مرة وأخرى حتى خرجت داليدا على ذلك الصوت تسأله
_مين حضرتك؟
التفت داغر باتجاه الصوت فيجد فتاة تتحدث العربية
سألها بلهفة
_فين صاحب الشقة؟
ردت داليدا
_تقصد أبيه سليم؟، مش موجود.
_طيب مفيش حد جوه؟
هزت راسها بنفي
_لأ هو من امبارح في المستشفى لأن أخته تعبانة ومعاها هو ومراته.
توقف قلبه عن النبض للحظات ثم سألها بتوجس
_مالها؟
_معرفش بس بابا لما كلمه قاله انها هتعمل عملية الليلة دي.
رمش بعينيه يحاول استيعاب ما سمعه وردد الكلمة كانه يحدث نفسه
_عملية؟
رفع بصره إليه يرجوها ان تطمئنه
_عملية ايه؟ وانهي مستشفى
هزت دليدا كتفيها قائلة
_معرفش.
لم ينتظر لحظة واحدة واسرع بالذهاب وهو يهاتف الطبيب المعالج لها والذي وجد اتصالات عديدة منه
دلف المصعد وضغط على الزر مرات عديدة باستعجال
اجابه الطبيب
_اين انت سيد داغر زوجتك على وشك الدخول للعمليات.
ازدادت حدة انقباضة قلبه حتى اشعره بالألم
وسأله بصوت مهزوز
_عملية ايه؟
اندهش الطبيب من عدم معرفته بالنتيجة
_الم يخبرك سيد سليم.
اغمض عينيه بضجر وعاد يسأله
_عملية ايه؟
رد الطبيب رغم حيرته
_ورم دموي.
لم يستمع داغر سوى لكلمة ورم والتي جعلت الدنيا تسود أمامه
حتى شعر بأن قدميه أصبحت كالهلام لا تقوى على حمله
توقف المصعد مما جعله يتحامل على نفسه وخرج متوجها إلى سيارته يقودها بأقصى سرعة
لا لن يجعلها تدخل قبل ان يعتذر لها
لا يقبل بدخولها حتى تغفر له وتسامحه
لن يقبل
كان يقود سيارته والتي برغم سرعتها التي ستعرضه للمسائلة إلا إنه شعر بأن السيارة ثابتة لا تتحرك
تدحرجت دموع الندم من عينيه يدعوا ربه ألا تدخل قبل أن يراها.
إن حدث لها شيء فلن يسامح نفسه ولن يستطيع العيش بدونها لحظة واحدة
أصدرت السيارة ضجيج عالي عندما توقف بها أمام المشفى وترجل مسرعًا للداخل يسأل الاستقبال عن مكان غرفة العمليات
ترك المصعد عندما وجده في الدور الاخير لن ينتظر هبوطه لذا اسرع الصعود باستخدام السلالم حتى وجدها موضوعه على الحامل ويدلفوا بها الغرفة هز رأسه برفض وقد اتسعت عينيه متمتمًا باسمها بدون وعي
_أسيل.
ركض باتجاه الغرفة وهو يناديها بأعلى صوته مما لفت انتباه سليم فعلم أنه هو
هم باقتحام الغرفة لكنهم أغلقوا الباب خلفهم فصاح بأعلى صوته وهو يراه ينغلق أمامه
_أسيل.
رفض أن يتركها دون أن تسامحه فهم باقتحام الغرفة لكن منعته تلك الأيدي الحازمة بلكمة شديدة كادت تسقطه أرضًا
❈-❈-❈
لم يكف الطفل عن البكاء وكأنه يعلم ما تعانيه والدته
توقفت هايدي عن السير به وقد يأست حقاً من تهدئته
فقالت لأمينة
_الولد كأنه حاسس بها مش راضي يبطل عياط.
لم تكف أمينة أيضاً عن البكاء منذ ان هاتفهم سليم كي يخبرهم بما حدث ويطمئن على ابنها
_وانا كمان قلبي بيتقطع عليها، صعبانة عليا اوي.
دلف حازم من الخارج في وجوم تام
_السلام عليكم.
رد الجميع السلام ثم جلس على الأريكة فتسأله هايدي
_مفيش أخبار عن أسيل.
هز رأسه بنفي وتحدث
_لا مفيش سليم قالي لما تخرج من العمليات هطمنك ولحد دلوقت مكلمنيش.
تنهد بتعب وتابع
_بس العملية دي مش سهلة ربنا يستر.
تطلع إلى إياد الذي هدئ نحيبه وغفى من شدة التعب.
_سليم طلب مني أسفرله إياد بس مش عارف ده هيحصل ازاي.
سألته أمينة بتوجس
_ليه هي مش هترجع؟
نفى حازم
_لأ سليم قالي انها مش هترجع تاني وانها هتفضل معاه.
❈-❈-❈
في المشفى
وقف سليم امام داغر يمنعه من الدخول وهو يقف أمامه يرمقه بسخط
مسح داغر جانب فمه من الدماء وقال بتحذير
_أوعى من قدامي.
رمقه سليم بسخط وغمغم بانفعال
_احمد ربنا إننا في مستشفى وإلا كنت موتك بايدي.
تطلع إليه داغر بازدراء وقال ببغض
_زي ما عملت في اختك والاخر رمتها لغيرك.
ازداد انفعاله ورغبة ملحة بأن يقتله بيده على ما فعله بأخته لكنه أحجم تلك الرغبة حتى يطمئن عليها وتمتم بغضب
_وانت بتتكلم بأي صفة بعد اللي عملته فيها.
رد داغر بهدر يدل على مدى عذابه
_مكنتش في وعيي ومش فاكر اي حاجة من اللي حصل وبدل ما حضرتك تسمعها وتقف جنبها رمتها لغيرك
أشار باصبعه على نفسه وتابع
_انا اللي حبتها وعملت المستحيل عشان اسعدها واعوضها عن العذاب اللي شافته معاكم.
و لولا اللي حصل واللي كان غصب عني كان زماني مخليها أسعد واحدة في الدنيا.
انا بحب أسيل ولو الدنيا كلها وقفت قدامي مش هتقدر تمنعني عنها.
تقدمت منهم احد الممرضات وقالت بتهذيب
_ارجو عدم الازعاج والتحدث بخفوت.
اومأت لها وعد وردت
_حسناً نأسف للازعاج.
انصرفت الممرضة وقالت وعد
_اللي انتو بتعملوه ده مش وقته خالص خلينا نطمن عليها الأول ونسيبها هي اللي تقرر.
جلس داغر على الأرض بأرهاق وأسند ظهره على الجدار خلفه
أغمض عينيه بندم يكاد يفتك به وازداد تضرعه لله أن ينجيها.
❈-❈-❈
في منزل شاهي
عادت من الخارج تسير بتبختر بعد أن استولت على كل شيء كان لوالدها يومًا
لا يهم الطريقة التي حصلت عليه بها المهم أنها بالنهاية أنه عاد إليها
قامت بتغيير كل العاملين في المنزل لا تريد أن يذكرها أحد بهم
نادت على احد العاملات الجدد
_سامية..
خرجت الفتاة من المطبخ وهي تقول بتهذيب
_حمد لله على السلامة يا هانم.
تحدثت شاهي بأمر
_حضري الغدا بسرعة عشان عندي مشوار ضروري.
اومأت لها بمكر
_تحت امرك دقيقة وهتكون السفرة جاهزة.
صعدت شاهي إلى غرفتها كي تبدل ملابسها وتستعد للخروج مرة أخرى.
وضعت العاملة الطعام أمامها ثم انصرفت لتعود إلى المطبخ ومنه للخارج بعد ان اجرت مكالمة أخيرة.
كانت شاهي تتناول طعامها على عجاله ولم تعير هاتفها الذي يصدح منذ فترة اي إهتمام
زفرت بضيق عندما علمت بأنه لن يكف عن الرنين لذا ردت باحتدام
_وبعدين قولتلك ستين مرة لما مردش من اول مرة اعرف اني مشغوله.
ضحك وائل من الجانب الآخر وسألها بمكر
_مشغولة في ايه عرفيني يمكن اشيل عنك شوية.
نهضت شاهي من السفرة وقالت بضيق
_عايز ايه إخلص.
_عايز سلامتك يا حبيبتي انا قلت بس اكلمك مكالمة أخيرة عشان متموتيش وانا مقصر معاكي، سلام بقا عشان يادوب الحق الطيارة اللي راجعة مصر عشان اخد العزا بنفسي.
وقبل ان تفهم شاهي مقصده شعرت بألم حاد بمعدتها فتتأوه بألم وهي تضع يدها عليها
استندت على المقعد عندما ازداد الألم وحاولت ان تصرخ لتستنجد بأحد لكن لم تساعدها قوتها على ذلك
هوت على ركبتيها تصرخ بألم لكن صرخاتها واهنة لن يسمعها أحد
حاولت النهوض والتحرك كي تخرج من المكان تستنجد بمن بالخارج لكن هوى جسدها على الأرض وبدأت تتقيء دماً وجسدها ينتفض بحدة حتى خرجت روحها.
❈-❈-❈
ظلت العملية لأكثر من ساعتين وداغر يجلس على الأرضية مستنداً برأسه على الحائط خلفه
ينعاد المشهد أمامه مراراً وتكراراً
فينكوي قلبه بألم لا يستطيع أحد تحمله
ظل يتضرع إلى ربه أن ينچيها وسيعمل بكل الطرق على تعويضها
فقط تعود إليه.
اغمض عينيه بألم شديد عندما تذكر اتهامه لها وكيف كان يضربها بكل قسوة غير عابئ بحالتها
أما سليم فقد عراه داغر أمام نفسه حتى شعر بالخجل من نفسه.
ماذا كان دوره بحياتها؟
والإجابة الوحيدة بأنه لم يكن له اي دور.
فمنذ طفولتها وهو بعيدًا تمام البعد عنها
وتركها لحازم هو من يعوضها عن ذلك الجفاء
وكيف يعوضها وفاقد الشيء لا يعطيه
لم يشعر يوماً بالحنان التي تطالب هي به
ولا الاهتمام التي تنتظره منه
لا يعرف كيف يقدم حنانًا ولا حتى اهتمام
كل ما يعرفه هو الجمود وعدم الاعتراف بالمشاعر.
هو حتى لا يستطيع اظهار حبه لزوجته والتي يعشقها حد الجنون
ويعلم جيدًا بأن غيرها لم ولن تتحمل ذلك
لكن هذه أصبحت طبيعته ولن يستطيع تغييرها
وقد يتطلب الأمر مجهود مضني منه حتى يستطيع التعبير عمّ بداخله.
قاطع شرودهم خروج الطبيب من الداخل
فاسرع إليه الجميع يسألونه بقلوب تلتاع خوفاً فقال مطمئناً
_لا داعي للقلق لقد تمت العملية بنجاح وهي الآن بافضل حال.
سقط داغر بركبتيه على الأرض ويردد لله شكرًا حتى ادمعت عيناه
أما سليم فقد سأل الطبيب
_هل نستطيع رؤيتها الآن؟
نفى الطبيب
_لا ليس الآن، سوف يتم نقلها إلى غرفة العناية المركزة تحت الأجهزة حتى تفوق، ونأمل ان يتم ذلك بأسرع وقت.
مر يومان وأسيل تحت الأجهزة لا يصدر منها أي حراك وداغر بجوارها لا يتركها لحظة واحدة
لم يستطيع أحد منعه من البقاء معها حتى رضخوا له بالأخير وتركوه معها
لم يقبل أن يدع أحد يهتم بها غيره
وكان يعتني بها في كل شيء
كان دائم الحديث معها يخبرها عن العذاب الذي آلمه وهي بعيدة عنه
يعدها بأن يعوضوا تلك السنين التي عانها كلاهما
كان كل من بالمشفى يشعر بالآسى على ذلك الزوج الذي لم يترك زوجته لحظة واحدة ويقوم هو بعمل كل شيء لأجلها
لم يغمض عينيه سوى لحظات قليلة ثم يفتح عينيه بلهفة كأنه غاب عنها الكثير أو يخشى يومًا أن يستيقظ فلا يجدها أمامه.
كان يتطلع إليها بمشاعر تحمل بين طياتها الكثير والكثير من المشاعر
ما بين قلب ملتاع وبين عقل يشعر بالندم وأعصاب على وشك الإنهيار
كان دائم الحديث معها عن ذكرياتهم وعشقهم الذي مازال حيا في قوبهم
بيد حانية أخذ يمسح على وجهها بمنشفة عطرة كما يفعل كل يوم
لم يسمح بأن تقوم الممرضة بفعل ذلك
بل كان يرفض أن يهتم بها غيره
لم تشعر تلك الحبيبة النائمة بما يقاسيه ذلك الحبيب وهي مستلقية أمامه دون حراك
فقط أنفاس تخرج وتدخل تدل على انها مازالت على قيد الحياة
هزل جسده وشحب وجهه ولم يعد ذلك الشاب المفعم بالحياة
بل رجل كُسر خاطره مع كسرت روحه
كان يمرر المنشفة على ذراعها بعيون دامعة
وقلب يأن ألماً عليها
ومشاعر الحزن والألم والندم تتضارب في صدره
ما ذنبها في كل ذلك
ما ذنبها ان تتحمل خطأ المقصود به غيرها
ولما هي من تلقيها الدنيا في وجه الطوفان.
أقسم في تلك اللحظة ان يعوضها عن ذلك العذاب وألا يكون سبب في حزنها بعد اليوم
رفع أناملها إلى فمه ليقبلها بحب وشوق وتمتم بعيون رطبة
_آسف حبيبتي.
كلمات مقتضبة لكنه لم يجد أبلغ منها كي يعبر بها عن مدى ندمه.
يريد أن يعود به الزمن ويقوم بخطبتها في اليوم الذي رآها فيه ولا يأجل ذلك لثانية واحدة.
متحاشياً ما حدث.
مازال ذلك المشهد يعاد أمامه مراراً وتكراراً ليزيد من عذابه
اغمض عينيه عندما وصل الألم منه مبلغه عندما تذكر كيف قام بضربها وإهانتها واتهمها بالخيانة.
مال على جبينها يقبله بأسف وتمتم بندم
_إرجعي يا أسيل واوعدك إني انسيكي العذاب اللي عيشتيه بسببي…إرجعي وسامحيني
مد يده ليحتضن يدها ومازال واضعاً جبيبنه على خاصتها وغمغم ببكاء
_إرجعي يا أسيل مش هقدر اعيش وأكمل من غيرك، انتِ أحلى حلم حلمت به ولو اديتك عمري كله مش هيعبر عن مدى حبي ليكِ.
انهمرت دموعه أكثر وهو يردف بضياع
_أرجعي يا عمري أرجوكي إرجعي.
رفع وجهه عنها عندما شعر بحركة أناملها بين أنامله…
مما جعله يتطلع إليها بأمل
رمشت بعينيها قبل ان تفتحها……
يتبع...
إلى حين نشر الفصل الجديد للكاتبة رانيا الخولي، لا تنسى قراءة روايات و قصص كاملة أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية