-->

رواية جديدة تعويذة العشق الأبدي لسمر إبراهيم - الفصل 23 - 2 - الخميس 17/7/2025

 

قراءة رواية تعويذة العشق الأبدي كاملة

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى




رواية تعويذة العشق الأبدي

رواية جديدة قيد النشر

من قصص و روايات 

الكاتبة سمر إبراهيم 


الفصل الثالث والعشرون

2

تم النشر يوم الخميس

17/7/2025


حين جاءها الخبر، لم تبكِ. لم تصرخ. لم تنهَار كما يفعل الآخرون حين يفقدون آباءهم، تجمدت، كأن الزمن توقف للحظة، لكنها لم تشعر بذلك الفراغ الذي يتحدثون عنه دائمًا. 

في داخلها، دوّى صمت غريب، لا حزن فيه ولا راحة، فقط دوشة مشاعر متداخلة، كأن عقلها لا يعرف أيّ زرٍّ يضغط. 

هل تُبدي الأسى على رحيله؟ أم ترتاح أخيرًا لأنه اختفى من عالمها؟ هو الأب، نعم، لكنّه كان الجرح أيضًا، كانت تتوق لغيابه، لكنها لم تتخيل أن حضوره سينتهي هكذا فجأة. 

ابتلعت ريقها بصعوبة، ونظرت في الفراغ بعينين قد تحجرت بهما الدمعات تمر الذكريات أمام عينيها كأنها شريط مصوَّر، لتنسكب مشاهد الماضي في عقلها دفعة واحدة متذكرة ما فعله بها من يوم مولدها حتى غاب عن حياتها منذ بضعة أشهر ذكريات عديدة لا يوجد بها ذكرى سعيدة واحدة لا تتذكر أن ابتسم بوجهها يومًا، أو أتى لها بلعبة، أو ذهب معها لمكان كما يفعل جميع الأباء مع أطفالهم لا تحمل له سوى الألم والبغض ولا تدري كيف يمكنها تخطي ذلك.


نظرت بتيه نحو باب الغرفة الذي فُتِح فجأةً لتجد رهف تدخل إليها تعانقها بشدة دون أن تنطق بشيء تعرف بأنها الآن لا تريد شيء سوى الشد من أزرها ومؤازرتها حتى تمر هذه الأزمة على خير.


تنهيدة متعبة خرجت منها وكأن حمل ثقيل ازيح من على صدرها فور عناق صديقتها لها شعور بالراحة والسكينة جعلت دموعها تنهمر دون إرادة منها فبكت دون توقف لا تعلم سبب بكائها ولكنها لا تريد التوقف لتبدأ رهف بالتربيت على ظهرها وهي تحثها على الهدوء:

- ششش اهدي يا حبيبتي ربنا يرحمه يارب.


هل حقًا تبكي حزنًا على وفاته أم حزنًا على نفسها لعدم استطاعتها مواجهته وإخراج مشاعرها تجاهه أمامه، لم تسنح لها الفرصة أن تعبر عن بغضها له وأنها لن تسامحه مهما حدث لم تشاهد ندمه على ما فعل ولم يطلب منها السماح، وفي لحظات عاد بها الزمن للوراء لما يزيد عن عشر سنوات لتشاهد ما حدث وكأنه اليوم، مرض شقيقتها ودخولها المشفى ومرافقة والدتها لها، وجودها بمفردها معه في المنزل، مشاهدتها له جالسًا يحتسي الكحل غارقًا في سحبٍ كثيفة من الدخان المُسكر لا يعي شيء مما حوله كانت تنظر إليه باذدراء من خلف الجدار بغرفتها لا تجرؤ على الظهور أمامه ولكنها هرعت نحو الفراش متصنعة النوم فور رؤيتها له يقف بترنح متجهًا نحو غرفتها.


صوت خطواته التي تقترب تثير الرعب بداخلها تحاول السيطرة على ارتجاف جسدها حتى لا يعلم بأنها مستيقظة.


وقف أمام الفراش يتجرع من الزجاجة التي يمسكها بيده ثم مسح فمه بكُم قميصه بطريقة مقززة واقترب منها وهو يتمتم:

- انتي اتخمدتي يختي أحسن برضه أهو أي حاجة تقضي الغرض والسلام على ما ترجع البومة التانية.


تجمدت مكانها لم تستطع الحركة أو النطق وكأن هناك من يقيدها لا تقدر على منعه مما يفعله بها وعيناها خلف الجفنين المغلقين تتوسلان النجاة.

كل خلية في جسدها كانت تصرخ، لكن صوتها بقي حبيس صدرها.

تمنّت لو كان مجرد كابوس، لو كانت ستصحو فجأة وتكتشف أن لا شيء حدث.

لكن يده اقتربت فعلاً، لمست ما لا يجب أن يُلمس.

تجمدت لم تستطع أن تفتح عينيها، لم تستطع أن تصرخ. كانت تعرف أن اللحظة التي تتحرك فيها، التي تفتح فيها عينيها، سيتحول كل شيء إلى جحيم وربما لن يصدّقها أحد فلقد تجرّد من كل ما يفترض أن يكون عليه: أب، ملاذ، جدار يحمي.

لم يكن مجرد انتهاك، بل سقوطٌ عنيف لكل ما كانت تؤمن به.


كيف لرجل أن يخون أبوّته؟ كيف يتحوّل إلى ذئب بين جدران بيتٍ كان يفترض أن يكون آمنًا؟


كانت عاجزة لا عن الصراخ فقط، بل عن الرفض، عن المقاومة، عن الفهم.

كأن الروح انسحبت منها، وخلّفت وراءها جسدًا صغيرًا يتلقى الألم بصمت.


وفي داخلها، كانت تنهار، تنهار دون صوت، دون دموع.

مجرد طفلة مغمضة العينين، تمثّل النوم، وتنتظر أن ينتهي الكابوس، لكنها بدأت تدرك أن الكابوس، هذه المرة، لن ينتهي بسهولة.


انتهى مما كان يفعله بها ونهض مغادرًا الغرفة دون أن يشعر بأدنى إحساس من الندم لتنهار باكية فور مغادرته لا تصدق ما فعله بها ولكنها عزمت ألا تجعله يفعل ذلك مرة أخرى مهما كلفها الأمر وإن كان الثمن إما حياتها أو حياته لن تسمح ليديه القذرتين أن تلمساها ثانية مهما حدث.


في اليوم التالي أتى بنفس الحالة التي كان بها بالأمس وهي متصنعة النوم كما فعلت من قبل ولكنها وقبل أن يمد يده نحوها عاجلته بوضع سكين نحو رقبته ليرتد للخلف سريعًا فوقع على ظهره من أثر المفاجأة لتقترب منه وعيناها مليئتان بالحقد والتحدي:


- جرب تحط إيدك الوسـ خة دي عليا تاني وهتلاقي السكينة دي مدبوبة في كرشك منزلة مصارينك قدامك.


جحظت عيناه لا يصدق الجرأة التي تتحدث بها هل تهدده بالقتل؟ فحاول الوقوف والاقتراب منها لأخذ النصل من يدها وهو يتحدث بغضب عارم:


- عايزة تموتيني يا بنت الكـ لب دا آخر يوم ليكي النهاردة على وش الدنيا.


ما أن حاول لمس يدها حتى جرحته بالسكين دون تردد ودون أن يرف لها جفن ليصرخ وهو يمسك بيده التي تتساقط الدماء منها بغزارة:


- آه إيدي يا بنت الكـ لب بتغزيني في إيدي وديني منا سايبك.


لوحت بالسكين أمامه بحركات سريعة وعشوائية حتى أحس بالذعر خاصة فور سماعه لصوتها المليء بالغضب:


- وديني وما أعبد يا عادل لو فكرت تقرب ما هيطلع عليك صبح أنا خلاص استبيعت ويانا يا انت النهاردة.


رجفة خوف انتابته من طريقة حديثها وتلويحها بالسكين ليفر هاربا من أمامها وهو يصرخ:


- ماشي يا بنت سميحة ماشي إن ما وريتك مبقاش أنا عادل.


كان يتجنبها منذ ذلك اليوم وهي لم تخبر أحد بما حدث فلقد كانت تعلم مدى ضعف شخصية والدتها أمامه وعدم قدرتها على مواجهته فحديثها لم يكن ليقدم أو يؤخر فليبقى مدفون بداخلها للأبد أفضل له ولها.


أفاقت من شرودها على صوت رهف القلق:


- إهدي يا عهد يا حبيبتي متعمليش في نفسك كدا دي سنة الحياة ادعيله بالرحمة.


ابتسامة سخرية ارتسمت على وجهها المغرق بالدموع فحتى الدعوات له تأبى الخروج  من فمها فما لا تعرفه رهف هو أنها تبكي حالها وليس هو.


حاولت إخراجها من هذه الحالة التي تستغربها بشدة فطوال مدة صديقتها بها لم تسمعها تتحدث بصورة جيدة عن والدها ولم تكن علاقتهما جيدة على الإطلاق فتحدثت باستفهام وهي تتلفت حولها تحاول إلهائها عن البكاء:


- هي وعد فين؟ مشوفتهاش من ساعة ما جيت ولا لسة متعرقش؟ 


مسحت دموعها وحاولت أن تنحي جميع ذكرياتها السيئة جانبًا فلقد ظلت دفينة بداخلها كل هذه السنوات فلتبقى كذلك لم يعد تذكرها يجدي نفعًا فلقد ذهب الآن بلا رجعة:

- وعد مسافرة هي وجوزها بقالها كام يوم محبتش أنكد عليها لما ترجع بالسلامة ان شاء الله تبقى تعرف.


عقبت باستفهام:


- طب هي مش هتزعل لما تعرف انكم دفنتوا عمو من غير ما تكون موجودة؟


صوت طأطأ جرج منها مع تحريك رأسها للأعلى بلامبالاة:


- مش هيفرق صدقيني انتي عارفة كويس علاقتها بيه كانت عاملة إزاي مش مستاهلة تقطع سفرها علشانه.


أومأت لها بأسف فحديثها صحيح هو لم يكن أب جيد على الإطلاق:


- طب معرفتوش مات إزاي؟


تنهيدة حارة خرجت من صدرها وأجابتها وهي تلوي شفتيها:


- لقيوه ميت في الشقة اللي اتجوز فيها بقاله كام يوم أصل البيه طلع متجوز بنت صغيرة علشان كدا ساب البيت ومشوفناش وشه من يوم فرح وعد بس لسة مش عارفين سبب الوفاة.


اتسعت عيناها بدهشة مما سمعت لا تصدق أن يكون بهذه الدناءة ولكنها لم تعلق على ذلك ففي النهاية هو والدها مهما فعل:


- طب انتوا عرفتوا إزاي؟


أجابت بهدوء متذكرة ما حدث:


- لقيت رقم غريب بيرن عليا ولما رديت قالي عاللي حصل طلع جارنا في البيت اللي جمبنا وعمه ساكن في نفس البيت اللي كان ساكن فيه عادل وبالصدفة كان عند عمه لما اكتشفوا الجثة ولما عرف هو مين بلغنا وقالنا إنه راح المشرحة ولما روحت هناك اتأكدت إن هو.


عقدت حاجبيها وهي تتساءل بغير فهم:


- هما خدوه المشرحة ليه؟ 


أجابت بلامبالاة:


- شاكين في شبهة جنائية علشان كدا الجثة بتتشرح علشان يعرفوا سبب الوفاة.


شهقة خرجت منها وهي تعقب باندهاش:


- يا خبر أبيض يعني ممكن عمو عادل يكون مات مقتول؟!


حركت كتفيها لأعلى ولأسفل بعدم معرفة وتحدثت باقتضاب:


- الله أعلم


- طب ما تكلمي يونس ممكن بمعارفه يقدر يجيبلنا الأخبار.


زفرت بضيق وهي تتذكر تجنبه إياها في اليومين الماضيين وعدم رده على مهاتفاتها ورسائلها فعقبت بقلق:


- أنا معرفش عن يونس حاجة بقالي يومين برن عليه وببعتله رسايل مبيردش ولا حتى بيفتحها وقلقانة عليه جدا.


انتابها القلق هي الأخرى وحدثتها باهتمام:


- طب مفيش طريقة تانية توصليله بيها؟


عقبت بحزن ظهر جليًا على قاسيم وجهها:


- مش عارفة مروان مسافر ومعرفش عنوانه ولا عنوان الشركة بتاعته هنا ودا اللي هيجنني واتصلت بفندق الأقصر قالوا إنه لسه في القاهرة ومرضيوش يدوني أي عناوين.


ضيقت ما بين حاجبيها وعقبت بتعجب ولكنها حاولت طمأنتها قدر استطاعتها:


- غريبة دي، بس عموما لو كان حصل حاجة بعد الشر كانوا أكيد قالولك ممكن يكون جاتله سفرية مستعجلة ولا حاجة وانشغل وملحقش يقولك.


اومأت برأسها بعدم اقتناع تحاول تصديق ما قالته وعقبت باقتضاب:


- ممكن


❈-❈-❈


منهمك في قراءة الأوراق التي أمامه ليتنبه على صوت طرقات على الباب فرفع رأسه وتحدث سامحًا للطارق بالدخول فدخل زميله حاملًا بعض الأوراق في يديه واضعًا إياها أمامه وهو يتحدث بجدية:


- اتفضل يا عمر بيه دا تقرير الطب الشرعي للراجل بتاع امبارح وكمان كل التحريات اللي طلبتها عنه.


أخذ الأوراق مسرعًا ليقرأ ما بداخلها ثم رافع رأسه متحدثا لزميله:


- طلع مقتول فعلًا.


أومأ له بموافقة وهو يعقب:


- أيوة التقرير بيقول انه انضرب على دماغه أكتر من مرة بحاجة تقيلة مما أدى لتهشم عظام الجمجمة ووقت الجريمة زي ما انت توقعت بالظبط التكييف اللي كان شغال كان سبب أن الطبيب الشرعي مقدرش يحدد الوقت بالظبط بس بحساب درجة حرارة الأوضة وسرعة تحلل الجسم في الدرجة دي قدر يقول إن الوفاة حصلت من اسبوع.


صمت قليلا ليفكر ثم عقب بيقين:


- يعني كدا وعلى حسب كلام الجيران الجريمة حصلت في نفس اليوم اللي مراته سابت فيه البيت.


حرك رأسه بموافقة معقبًا:


- بالظبط كدا كمان فيه حاجة غريبة أنا عرفتها من الجيران قالوا إن محدش فيهم شافه وقت الخناقة هي مراته اللي خرجت وهي بتزعق وبتقول إنه ضربها إنما محدش ولا شافه ولا سمع صوته.


ضيق عيناه وهو يفكر محاولًا ربط الأحدث ببعضها البعض:


- ومراته دي فين دلوقتي؟


أجابه دون تردد:


- عند أهلها احنا بعتنا نجيبها.


أشار إليه بيده وهو يقرأ الأوراق مرة أخرى:


- عايز كل حاجة عنها تكون على مكتبي قبل ما توصل وعايز تفريغ لكل مكالماتها ورسايلها الشهر اللي فات دا كله وفرغلي تليفون القتيل كمان مكتوب إنه كان متجوز واحدة تاتية ومخلف بنتين ابعت استدعيهم هما كمان علشان نستجوبهم.


عقب بجدية وهو في طريقه للخروج:


- ساعة بالكتير وكل حاجة هتكون قدامك وهبعت أجيبهم حالًا وخصوصا مراته التانية ولا أقولك أنا هروح أجيبها بنفسي.


حرك رأس بموافقه دون أن يرفع رأسه عن الأوراق التي أمامه فلن يهدأ له بال دون القبض على ذلك القاتل.


❈-❈-❈ 

لم يمضي الكثير من الوقت وطرق سمير الباب ليلج إلى الغرف  ومعه كافة المعلومات المطلوبة فابتسم وهو يعطيها لعمر متحدثًا بفخر:


- اتفضل يا سيدي كل حاجة طلبتها موجودة قدامك ومراتات القتيل الاتنين وبته موجودين برا كمان.


عقد حاجبية وهو يكرر كلمته الأخيرة:


- بنته؟ مش قولت عنده بنتين؟


أومأ له بموافقة وهو بجيب:


- أيوة عنده بنتين بس التانية مسافرة مع جوزها من قبل وقوع الجريمة مفيش غير واحدة بس اللي موجودة.


اكتفى بتحريك رأسه بتفهم وبدأ بتصفح الأوراق التي أمامه مصابا بالدهشة واتسعت عيناه كلما توغل في القراءة لتنطلق الكلمات من فمه دون تحكم منه:


- يخربيتها دي مش عاتقة.


قهقه سمير فور سماعه لكلمات صديقه فلقد كان ذلك نفس ردة فعله فور علمه بما ذُكر بداخل التقرير فتلك المدعوة سماح وبالرغم من صغر سنها إلا أنها أشتهرت بسوء سلوكها منذ أن كانت مراهقة صغيرة فلقد أجمع المحيطين بمنزل والدها على أنها كانت متعددة العلاقات حتى تزوجت المجني عليه والذين تعجبوا كثيرًا عندما رأوه فهو في سن والدها ولكنهم تنفسوا الصعداء بزواجها  ومغادرتها المنطقة.


كما أثبت تفريغ مكالماتها ورسائلها الهاتفية وجود علاقة بينها وبين آخر بعد زواجها واتفاقهم على اللقاء في شقة الزوجية يوم وقوع الجريمة مما يجعلها مشتبه به أساسي في الجريمة كما أنه بتفريغ هاتف المجني عليه وجدت آخر رسالة أرسلت إليه محتواها أن زوجته تخونه الآن مع الآخر في عش الزوجية مما جعل خيوط الجريمة تتضح أمامه زوج اكتشف خيانة زوجته فقامت بقتله بمساعدة عشيقها.


أمر عمر بالتحري عن رقم الهاتف الذي بعث بالرسالة للمجني عليه كما قام باستدعاء عهد ووالدتها لاستجوابهم أولًا قبل سماح حتى يتسنى له الإلمام بجميع خيوط القضية.


ولجت عهد الغرفة وهي ممسكة بيد والدتها الباكية تساعدها على السير فلقد كانت لا تقوى على التحرك من كثرة بكائها.


سمح لهما عمر بالجلوس ليبدأ بأخذ أقوالهما وبعد إعطائه بياناتهما بدأ في سؤالهما:

- س: تقدروا تقولولي امتى آخر مرة شوفتوا المجني عليه؟


أجابت عهد بثبات:


- من شهور آخر مرة شوفناه يوم فرح وعد أختي في أغسطس اللي فات.


- وإيه سبب الخلافات بينكم؟


عقدت حاجبيها وأجابت دون تردد:


- مكانش فيه بينا خلافات ولا حاجة احنا فجأة كدا ملقيناهوش من بعد الفرح ومكوناش عارفين راح فين لحد ما جالنا خبر وفاته وعرفنا ساعتها أنه كان متجوز علشان كدا ساب البيت.


- طب كان فيه خلافات بينه وبين أي حد:


فكرت قليلا قبل أن تجيب:


- معنديش فكرة بصراحة لأني مش متواجدة فالبيت كتير بحكم شغلي.


أومأ لها بتفهم وقبل أن يسأل من جديد استأنفت حديثها وكأنها تذكرت شيء:


- آه افتكرت بعد اختفاؤه فيه واحد من الحارة جه وسأل عليه واتخانق معانا وعمل ظيطة وزمبليطه لما عرف انه مشي وساب البيت.


عقب مستفهمًا:


- كان بيزعق ليه؟


- لانه كان عايز يتجوز وعد وتقريبا دفعله مهر وهو وعده وخلي بيه وجوزها لمروان جوزها الحالي فجه بقى وعمل عمايله خصوصًا إنه شخص مش كويس ومعروف في المنطقة بسوء سلوكه وتجارته في الممنوعات.


اتسعت عيناه بصدمة فور سماعه لحديثها فمن الواضح بأنه قد جاءته قضية أخرى دون سعي منه:


- اسمه إيه الشخص ده؟


- اسمه عزب عبد اللطيف تقريبا ميكانيكي وعنده ورشة تصليح سيارات بس معروف عنه في المنطقة انه بيتاجر في المخدرات.


كتب بياناته وقام بالإمساك بهاتفه ليجري مكالمة ما لتجده يتحدث لشخص ما وهو يمسك بالورقة بيده:


- عماد باشا ازيك عامل إيه؟ حبيبي يا باشا بص أنا هديك اسم واحد عايش في المنطقة التابعة للقسم بتاعك شكله هيطلع وراه بلاوي، تسلم يا معالي الباشا احنا في الخدمة ديما.


أغلق الهاتف واستأنف أخذ أقوالهما وفور انتهائه سمح لهما بالإنصراف وطلب دخول المرأة الواقفة أمام غرفة التحقيق.


دلفت سماح بخطى ثابتة جامدة الملامح لا يظهر عليها حزن أو تأثر على زوجها الراحل على عكس زوجته الأولى، جلست ببرود عندما سمح لها عمر بذلك كان يتفحصها بعينيه وكأنه يريد أن يخترق روحها فامرأة مثلها لن يحصل منها على اعتراف بسهولة.


أراح ظهره على الكرسي خلفه وقام بإشعال لفافة تبغ ونفخ دخانها عاليًا وهو ينظر إليها بتفحص مما جعل شعور القلق يتسرب إليها شيئًا فشيئًا ولكنها حاولت تمالك نفسها لتجيب على أسئلته بثبات سرعان ما تحول لانهيار فور مواجهتها بالرسائل والمكالمات الهاتفية لتكتشف أن جميع خططها باءت بالفشل وانكشفت جريمتها واعترفت في النهاية بتفاصيل ما حدث


يتبع

إلى حين نشر الفصل الجديد للكاتبة سمر إبراهيم، لا تنسى قراءة روايات و قصص كاملة أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية

رواياتنا الحصرية كاملة