-->

رواية جديدة ثنايا الروح لرانيا الخولي - الفصل 30 - جـ 2 - السبت 13/9/2025

 

قراءة رواية ثنايا الروح كاملة

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى


رواية ثنايا الروح

 رواية جديدة قيد النشر

من قصص و روايات 

الكاتبة رانيا الخولي


الفصل الثلاثون

الحزء الثاني 

تم النشر السبت  

13/9/2025


_للاسف يا سند الحالة اللي شوفت فيها نغم لما سمعت صوته يأكدلي انها عانت كتير معاه

تنهد سند 

_خابر بس اللي شوفته في عينيهم هما الاتنين النهاردة أكدلي انهم حبوا بعض، وقفت جاسر النهاردة زي الأسد عشانها

ودموعها هي الاي حبساها قدامه كأنها بتقاوم مشاعرها 

نظراتها كان كلها عتاب وقتها فهمت إنها هربت منه لما عرفت بجوازه من بنت عمه.

جاسر... حبها بجد يا وعد وللأسف مش هيسبها

نظرت إليه وعد باستغراب.

_ حبها؟ كيف بعد كل اللي عمله فيها؟


_ اللي زي جاسر لما بيحب بيبجى حبه مدمر لنفسه وللي حواليه هو أذاها بس أذى نفسه أكتر وصدجيني، هو مش هيستسلم بسهولة هيعمل المستحيل عشان ترچعله. 

ودورنا إننا نجوي نغم عشان تجدر تواچه ده، وتجرر هي عايزة إيه.


كانت كلماته منطقية وحنونة، وقد أزاحت كل المخاوف من قلب وعد شعرت بالأمان الكامل معه، وبأنها محظوظة بهذا الرجل الذي يفهمها ويحتويها بهذا الشكل.

نظرت إليه بحب وامتنان، وقالت

_ بحبك.

_ وأنا بموت فيكي. 

رد عليها، وقد رأى أن الوقت قد حان ليطمئنها بطريقته الخاصة.

مال نحوها ببطء وقبلها لم تكن قبلة عادية، بل كانت قبلة تحمل كل الطمأنينة كل الحب وكل الشغف الذي يكنه لها. 

كانت قبلة طويلة وعميقة بدأت هادئة ثم اشتعلت، لتأخذ عقلها وعقله معاً إلى عالمهما الخاص، عالم لا وجود فيه للشكوك أو المخاوف، فقط حب صافي وقوي يجمعهما.


❈-❈-❈


عاد جاسر إلى جناحه في وقت متأخر من الليل، خطواته ثقيلة وروحه منهكة وجد والدته تنتظره في الصالة، والقلق يرتسم على وجهها. 

ما إن رأته يدخل وحيداً، حتى فهمت كل شيء.

سألته بصوت خافت تخشى من إجابته.

_ مرجعتش وياك؟ 

هز جاسر رأسه بالنفي ثم ألقى بجسده على أقرب أريكة وأرجع رأسه للخلف وأغمض عينيه بتعب.

قال بصوت أجش ومبحوح.

_ عرفت...... عرفت بچوازي من شروق، رفضت ترجع.

#جروب نسائم روائيه رانيا الخولى 


لأول مرة في حياتها رأت والدته هذا الكم من الحزن والهزيمة في عينيه

لم يكن جاسر القوي الجبل الذي لا يهتز كان مجرد رجل محطم، قلبه ينزف

لقد وصل إلى أقصى درجات التحمل، لكنه كعادته كان يحاول أن يبني جداراً من القوة حول نفسه، قناعاً من الجمود يخفي وراءه حطامه.

_ طب وهتعمل إيه يا ولدي ؟

بعد صمت دام للحظات

_ هعمل اللي لازم يتعمل. 

قالها بنبرة غامضة ثم نهض دون أن يضيف كلمة أخرى، واتجه إلى جناحه.

دخل إلى عالمه الذي عاد بارداً وفارغاً 

كل شيء فيه يذكره بها. 

رائحتها التي لا تزال عالقة في الهواء، لمسة يدها على الأثاث، وجودها الذي ملأ كل زاوية. 

اتجه مباشرة إلى غرفتها، المكان الذي شهد على أسعد وأقصر لحظات حياته.

وقف في وسط الغرفة وأغلق عينيه، فمرت تفاصيل ليلتهما الوحيدة أمامه كشريط سينمائي حي.

تذكر قبلتهما الأولى الحقيقية قبلة جائعة ومتلهفة، وكيف حاول أن يمتلكها بالكامل في تلك اللحظة. 

تذكر مقاومتها الضعيفة، وكيف كان جسدها يرتجف بين يديه.

تذكر كل خطوة كان يخطوها نحوها في تلك الليلة، وكيف كانت تصده بنظراتها الخائفة، لكنه كان يجبرها على الاستسلام بنظراته هو التي كانت مليئة بالرجاء والألم والحب.

تذكر همسها المرتعش وهي بين ذراعيه على السرير: "متعملش فيا إكده... أرجوك".

وكيف رد عليها بصوت متحشرج من فرط الرغبة: "متعمليش فيا إنتي إكده...أرجوكي"

وفي النهاية استسلامها. 

تلك اللحظة التي تلاشت فيها كل مقاومتها، وفتحت له أبواب روحها قبل جسدها.

في تلك اللحظة شعر وكأنه في الجنة

لم تكن مجرد امرأة بين ذراعيه، بل كانت حورية كائناً من نور ونقاء، أُرسلت لتطهره من كل ظلامه.

كان حنانها ورقتها يتناقضان بشكل صارخ مع قسوته وعالمه المليء بالدم لقد شعر معها بأنه إنسان حقيقي لأول مرة، إنسان قادر على الحب، قادر على الشعور.


فتح عينيه على الواقع المؤلم

الغرفة فارغة، وهي ليست هنا

لقد ذاق طعم الجنة لليلة واحدة، ثم طُرد منها. 

شعر بألم حاد يعتصر قلبه، ألم لم يكن يعرف أنه قادر على الشعور به. 

لقد أدرك في تلك اللحظة أنها لم تأخذ جسدها وترحل، بل أخذت روحه معها، وتركته مجرد جسد فارغ في عالم لا معنى له بدونها.


❈-❈-❈


في إحدى الأمسيات الهادئة، دخلت وعد إلى غرفة نغم بتردد. 

وجدتها تجلس على الشرفة، شاردة في الأفق منذ عودتها، ورغم كل محاولات الجميع، كانت وعد تشعر بحاجز خفي بينها وبين نغم، حاجز من صنع إحساسها بالذنب.


قالت بصوت خافت.

_نغم..

التفتت نغم وابتسمت لها ابتسامة باهتة.

_ تعالي يا وعد اجعدي جارى.


جلست وعد على الفراش بجوارها لكنها لم تستطع النظر في عينيها مباشرة. 

فركت يديها بتوتر ثم قررت أخيراً أن تواجه ما في صدرها.

_ أنا... أنا كنت رايدة اتحدت معاكي في حاچة.


نظرت إليها نغم باهتمام، وشعرت بترددها.

_ اتكلمي يا حبيبتي، فيه إيه؟


أخذت وعد نفساً عميقاً وقالت بسرعة كأنها تريد أن تتخلص من عبء الكلمات

_ أنا وسند... أنا خابرة إنك ممكن تكوني زعلانة مني. 

عارفة إني أخدت مكانك في حياته بس والله العظيم... الموضوع كان مفروض علينا في الأول، مكنش باختيارنا. 

جدك هو اللي أصر وبعدين... بعدين لما عشنا مع بعض كزوجين... رضينا بالأمر الواقع... أنا آسفة لو كنت جرحتك أو...

قاطعتها نغم بهدوء، ومدت يدها وأمسكت بيد وعد المرتجفة.

_ بصيلي يا وعد.


رفعت وعد عينيها الممتلئتين بالدموع لتجد في عيني نغم صفاءً وحناناً، لا عتاباً أو لوماً.

قالت نغم بصدق

_ إنتي عمرك ما أخدتي مكاني، عشان أنا أصلاً مكنش ليا مكان في حياة سند غير مكان الأخت. 

أنا وسند عمرنا ما حبينا بعض حب الراجل للست

اللي كان بينا كان تعود كان أُلفة كان عشرة عمر كنا زي التوأم بنخاف على بعض وبنحمي بعض بس إكده وده مش حب جواز يا وعد.


شعرت وعد بالدهشة والراحة معاً.

_ يعني... يعني إنتي مش زمقانه مني؟


ضحكت نغم ضحكة حقيقية ربما للمرة الأولى منذ فترة طويلة.

_ أزعل منك ليه يا عبيطة؟ عشان لجيتي نصك التاني؟ عشان حبيتي واتحبيتي؟ بالعكس أنا فرحانة ليكوا جوي. 

سند ده أطيب جلب في الدنيا، ومفيش واحدة في الدنيا دي تستاهله غيرك

وإنتي... إنتي تستاهلي كل السعادة اللي في الدنيا.


ابتسمت نغم لها ثم أخذتها في حضن دافئ وقوي.

_ إنتي أختي الصغيرة وفرحتك من فرحتي إوعي تفكري في الموضوع ده تاني أبداً.


ابتعدت عنها قليلاً ونظرت إلى بطنها التي بدأت تظهر بوضوح ووضعت يدها عليها بحنان.

_ وبعدين، لازم أباركلك على الكتكوت اللي چاي ده.

مبروك يا حبيبتي ألف مبروك.


انفجرت وعد في البكاء لكنها هذه المرة كانت دموع راحة وفرح.

_ الله يبارك فيكي يا نغم.


جلستا مرة أخرى لكن هذه المرة كصديقتين مقربتين، لا تحملان أي ضغينة.


وبدأت تحكي لها كل شيء وفي تلك اللحظة انكسر الحاجز تماماً، وعادت علاقتهما أقوى مما كانت عليه، علاقة مبنية على الحب الصادق والدعم غير المشروط.


❈-❈-❈


مرت الأيام وتحولت سرايا الرفاعي إلى خلية نحل هدفها الوحيد هو إعادة البسمة إلى وجه نغم. 

كان الجميع يحيطونها بالحب والرعاية التي حُرمت منها طويلاً

 ليل لا تفارقها، تعد لها أكلاتها المفضلة وسالم يجلس معها ويحكي لها نوادر من طفولتها رغم التحفظ الذي تبديه

ومالك يتعامل معها بحنان أخوي، يسألها عن احتياجاتها دون أن يضغط عليها.

لكنها لا تقبل ان تتناول طعامها معهم

مازالت ترفض الخروج من غرفتها ومواجهة جدها الذي حاول مراراً التحدث معها لكنها ترفض بشكل قاطع.

في أحد الأيام كانت نغم تجلس في الحديقة مع روح ووعد بعد أن اقنعاها بمعجزة

كانت وعد في قمة سعادتها وبطنها قد بدأت في البروز قليلاً.

قالت وعد وهي تضحك وتنظر إلى نغم وروح.

_ شايفين؟ بيقولوا اللي بطنها بتكبر بسرعة كده بتبقى حامل في ولد 

ضحكت روح وقالت

_ يا رب يطلع هادي زي سند عشان نعرف نسيطر عليه وميطلعش زي أمه.

نظرت إليها وعد بحنق

_يا سلام، على أساس إن سند بعرف اسيطر عليه.

وبعدين اتشطري إنتي كمان واعملي زيي، وهاتي لـمالك بنوتة حلوة إكده، عشان اجوزها للولد


تجمدت نغم للحظة، ونظرت إلى وعد ثم إلى روح بحيرة وارتباك.

_ مالك؟ بنوتة لـمالك؟ هو... هو إنتي ومالك اتچوزتوا؟

تبادلت روح ووعد النظرات، وأدركتا أنه في خضم كل الأحداث، لم يعرف أحد كيف يخبر نغم بهذا التطور السعيد في حياة روح.

اقتربت روح من نغم وأمسكت بيدها برفق.

_ أيوه يا نغم... أنا ومالك اتچوزنا.

اتسعت عينا نغم بصدمة ودهشة.

_ ميتى؟ وكيف؟ أنا... أنا مش فاهمة حاچة.

بدأت روح تحكي لها كل شيء بهدوء حكت لها كيف كان مالك يحبها منذ سنوات، وكيف انتظرها وكيف تقدم لجدها بعد وفاة عدي، وكيف انتظر حتى انتهت عدتها وطلبها للزواج.

_ هو كان بيحبني طول الوجت ده يا نغم... وأنا كنت عميا

كنت بدور على حاچة تانية خالص

بس الحمد لله، ربنا أراد إننا نكون لبعض في الآخر.


كانت نغم تستمع، وعقلها يحاول استيعاب تدفق الزمن الذي فاتها.

حسبت في رأسها... عدة روح... ثم خطبتها وزواجها... حمل وعد... كل هذه الأحداث السعيدة التي شكلت حياة جديدة لأخواتها، مرت وهي حبيسة في جحيمها الخاص.

سألت بصوت خافت كأنها تخشى الإجابة.

_ هو انا غبت جد ايه؟

نظرت إليها روح بحنان.

_ حوالي أربع شهور ونص يا حبيبتي.

سقطت الكلمات على نغم كالصخر. أربعة أشهر ونصف.

لقد مر كل هذا الوقت وهي هناك

كانت تظن أنها أيام أو أسابيع، لكنها لم تتخيل أبداً أنها قاربت على النصف عام أربعة أشهر ونصف من حياتها ضاعت في الكراهية، ثم الوهم، ثم الخيانة.


بدأ الحزن يعود ليلفها من جديد

شعرت بأنها كانت في غيبوبة واستيقظت لتجد العالم قد تغير من حولها، وأنها الوحيدة التي ظلت عالقة في نفس النقطة المؤلمة. 

ابتسامتها التي بدأت ترتسم على وجهها في الأيام الأخيرة تلاشت، وعاد إلى عينيها ذلك الظل الحزين، ظل امرأة أدركت للتو حجم ما خسرته من وقت ومن حياة.


❈-❈-❈


كانت صبر تستريح في حضن أكمل على الفراش رأسها على صدره، تستمع إلى دقات قلبه المنتظمة التي أصبحت لحنها المفضل. 

لم تكن نائمة بل كان عقلها يموج بالأسئلة بالشكوك، وبمخاوف المستقبل كانت تشعر بالأمان في حضنه، لكنها كانت تخشى ما هو خارج جدران هذه الغرفة.


شعر أكمل بأسئلتها الصامتة شعر بتوترها الخفيف رغم استسلامها بين ذراعيه

مرر يده على شعرها برفق وقال بصوت هادئ وعميق

_ اللي بيدور في راسك ده، اسأليه متخبيش حاجة.

رفعت رأسها ونظرت إليه بدهشة.

_ إنت... إنت إزاي بتحس بيا من غير ما أتكلم؟

ابتسم ابتسامة خفيفة.

_ عشان بقيتي حتة مني بقيت بحس بيكي زي ما بحس بنفسي يلا، اسألي.


أخذت نفساً عميقاً، وقررت أن تواجهه بكل مخاوفها.

_ ليلى...

نطقت اسمها بتردد ففهم هو على الفور

وقال دون مقدمات كي يطمئنها

_ ليلى موضوع وانتهى من زمان يا صبر. 

حتى قبل ما أعرفك علاقتنا كانت غلطة من الأول، كانت مجرد ترتيبات عائلية مفيهاش أي مشاعر حقيقية الموضوع اتقفل نهائي.


ارتاحت قليلاً، لكن السؤال الأهم كان لا يزال ينتظر.

_ وحياتك... حياتك في القاهرة؟ شغلك هناك لما ترجع... أنا... أنا هعمل إيه؟ إيه هيكون وضعى في حياتك هناك؟


تنهد أكمل تنهيدة طويلة، فهذا هو السؤال الأصعب. 

شدد من احتضانه لها، كأنه يريد أن يحميها من إجابته القادمة.

_ وأهلك... هل... هل ممكن يقبلوا بيا؟

هنا، قرر أن يكون صريحاً تماماً معها


لم يعد هناك مجال للكذب أو التجميل.

_ بصي يا صبر، أنا مش هكدب عليكي وأقولك إن اللي جاي سهل. 

لأ مش هيكون سهل أبداً. 

أهلي... وبالذات أمي... مستحيل يقبلوكي بسهولة هما ليهم حسابات تانية، وتفكير مختلف تماماً

هيشفوكي بنت فقيرة من بلد منسية، وهيشوفوا بكذا اتجاه معاكس

شعرت صبر بوخزة ألم من كلماته لكنها قدرت صراحته.

أكمل بنبرة جادة وحنونة في نفس الوقت

_ هيحاربوكي، وهيتكلموا كلام يوجع وهيعملوا كل اللي يقدروا عليه عشان يخلوني أسيبك بس أنا عايزك تعرفي حاجة مهمة قرارهم ده مش هيغير حاجة عندي أنا اخترتك، وإنتي مراتي وهتفضلي مراتي بس عشان نعدي المرحلة دي، لازم تبقي قوية لازم تتحملي معايا مهما حصل. 

متضعفيش قدامهم، ومتسمحيش لكلامهم يكسرك لو ضعفتي، هنخسر إحنا الاتنين.


نظرت إليه بعينين دامعتين، وقد تأثرت بصدقه وبثقته فيها.

_ يعني... إنت مش هتسيبني؟

ضحك بسخرية من سؤالها.

_ أسيبك؟ بعد ما لقيتك؟ أنا كنت ميت وإنتي اللي صحيتيني يا صبر أنا مستحيل أتخلى عنك هنواجههم مع بعض، وهنتعب شوية في الأول، بس في الآخر هيضطروا يوافقوا.


كانت كلماته هي كل ما احتاجت أن تسمعه. 

شعرت بأن جبلاً من القلق قد أزيح عن صدرها. 

لم تعد تخشى شيئاً ما دام هو بجانبها، يواجه معها.


مالت إليه وقبلته قبلة رقيقة على شفتيه لكنها خجلة، قبلة تحمل كل امتنانها وحبها.

_ أنا معاك وهتحمل أي حاجة عشانك.

نظر إليها بعينين تلمعان بالحب والرغبة وقد أثارتها هذه القوة الجديدة التي رآها فيها.

_ بتعرفي إيه أكتر حاجة بحبها فيكي دلوقتي؟

هزت رأسها بالنفي.

فهمس وهو يقترب منها أكثر.

_ قوتك دي، قوتك وإنتي ضعيفة في حضني كده.

لم يمنحها فرصة للرد جذبها إليه في قبلة جريئة وعميقة، من تلك القبلات التي اعتادتها منه، قبلة تمحو كل المخاوف، وتؤكد لها في كل مرة أنها في مكانها الصحيح وأنها ملكه وهو ملكها، وأن حبهما يستحق أن يحاربا من أجله.

مال بها يأخذها إلى عامله الذي لن يسمح بغيرها دخوله.


❈-❈-❈


في اليوم التالي

كانت صبر تستلقي على السرير، تسند رأسها على صدر أكمل العريض، وهو يمسك بكتابها الجامعي ويشرح لها بهدوء إحدى النقاط المعقدة. 

كان المشهد يبدو طبيعياً، لكنه لم يكن كذلك بالنسبة لـأكمل. 

كان يشرح بعقله لكن كل حواسه كانت معها مع رائحة شعرها، مع دفء جسدها بجانبه.

كان يشتاق إليها بجنون حتى وهي في حضنه.

كل بضع دقائق كان يترك الكتاب جانباً، ويحاول أن يأخذها إلى عالمه الخاص يميل ليقبلها أو يشدد من احتضانه لها

لكن في كل مرة، كانت تبتعد عنه برقة وتمنعه.

قالت بصوت جاد مصطنع

_ أكمل، أرجوك... ركز معايا عندي امتحان بكرة ولازم أفهم الجزء ده.


تنهد أكمل وحاول مرة أخرى.

_ والامتحان ده أهم مني؟

قالت وهي تبتسم بخفة

_ لأ طبعاً...... بس لو سجطت، شكلي هيبقى وحش جوي جدامك.

همس وهو يحاول تقبيل عنقها.

_ شكلك حلو في كل حالاتك.

أبعدته مرة أخرى وهي تضحك.

_ بطل بجى! خلينا نخلص.


استمرت هذه المحاولات لبعض الوقت، هو يحاول إغواءها وهي تقاوم بدلال 

لكن صبر أكمل بدأ ينفد.

في النهاية، لم يعد قادراً على التحمل أغلق الكتاب ورماه بعيداً على الأرضية، ثم جذبها إليه بقوة، متجاهلاً احتجاجاتها الضاحكة.

_ كفاية مذاكرة لحد كده.

_ لأ يا أكمل الامتحان صعب

صرخت وهي تضحك وتحاول الإفلات من قبضته.


لكنه لم يستمع، وأخذها إلى عالمه رغماً عنها.


............


في وقت لاحق من الليل، قُبيل الفجر، استيقظ أكمل مد يده إلى جانبه كعادته، لكنه لم يجدها

فتح عينيه على الفور السرير كان فارغاً.

_ صبر؟

نادى عليها بهدوء لكن لم يأتي رد

شعر بقلق فوري. 

نهض من السرير وارتدى بنطاله وقميصه بسرعة، وخرج من الغرفة يبحث عنها.

نزل إلى الطابق السفلي، وقلبه يخفق بقلق.

وفجأة سمع صوت الباب الأمامي يُفتح بهدوء. 

وقف في الظلام ورآها تدخل من الباب، تتلفت حولها بحذر. 

ما إن رأته واقفاً أمامها كالشبح، حتى تجمدت في مكانها، وظهرت على وجهها صدمة حقيقية.

رددت اسمه بصوت مذهول، وكأنها ضُبطت متلبسة.

_أكمل 

اقترب منها ببطء وعيناه تضيقان بحيرة وشك.

_ كنتي فين؟

ارتبكت بوضوح وتلجلجت للحظة لكنها حاولت أن تبدو طبيعية.

_ أنا... أنا كنت... كنت ناسية كتابي في الچنينة من امبارح. 

افتكرته دلوجت، فجلت أنزل أچيبه جبل ما الفجر يأذن لازم أراجعه جبل ما أروح الچامعة السواج زمانه جاي.


نظر إليها طويلاً يدرس ملامحها، يحاول أن يرى أي أثر للكذب

كانت تبدو مرتبكة لكن قصتها كانت منطقية. 

قرر أن يصدقها أو على الأقل أن يتظاهر بذلك في الوقت الحالي.

تنهد وقال بنبرة تحمل تحذيراً واضحاً

_ تاني مرة متخرجيش من البيت في وقت زي ده لوحدك

لو كنتي عايزة حاجة، كنتي صحيتيني مفهوم؟

أومأت برأسها بسرعة.

_ مفهوم أنا آسفة.

تقدم نحوها، ووضع ذراعه حول خصرها، وأخذها معه عائداً إلى السلم

_ يلا نطلع مفيش داعي تراجعي دلوقتي، شكلك مرهق نامي ساعتين كمان قبل ما السواق يوصل.


صعدا معاً إلى غرفتهما وهو يحتضنها بقوة، لكن عقله كان لا يزال يعمل هل كانت تقول الحقيقة؟ أم أن هناك سراً تخفيه عنه في جوف الليل؟

يتبع...

إلى حين نشر الفصل الجديد للكاتبة رانيا الخولي، لا تنسى قراءة روايات و قصص كاملة أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية

رواياتنا الحصرية كاملة