-->

رواية جديدة ترنيمة حب الجزء الثاني من رواية قلوب ضائعة لفاطمة الزهراء - الفصل 33 - الأربعاء 5/11/2025

 

قراءة رواية ترنيمة حب الجزء الثاني من روابة قلوب ضائعة كاملة

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى

رواية ترنيمة حب 

الجزء الثاني من رواية قلوب ضائعة

رواية جديدة قيد النشر

من قصص و روايات 

الكاتبة فاطمة الزهراء


الفصل الثالث والثلاثون 

تم النشر يوم الأربعاء 

5/11/2025


وغرستُ حُبكِ في الفؤادِ وكلما

‏مضت السنينُ أراهُ دوماً .. يزّدهر

‏وأمامَ بيتكِ قد وضعتُ حقائبي

‏يوماً وودّعتُ المتاعبَ والسفر

‏وغفرتُ للأيامِ كُلَّ خطيئةٍ

‏وغفرتُ للدنيا .. وسامحتُ البشر


نزل السائقان من السيارتين، وبدأت فاطيما تنظر لعلياء بخوف. تقدم أحدهما وطرق على زجاج السيارة، فشعرت علياء بالتوتر وابتلعت ريقها. فتح جسار باب السيارة وبدأ يتحدث مع الرجل بهدوء، في حين ظل نزار جالسًا يتابع الموقف بهدوء، محاولًا تهدئة روع زوجته وشقيقته. بعد لحظات، عاد جسار إلى السيارة ونظر إلى الجميع، ثم قال لفاطيما: 

ـ تعالي معايا.

نظرت فاطيما إلى جسار بقلق، وبدأت الذكريات السيئة تعود إلى ذهنها، وكأن توقف السيارة أحيى في داخلها مشاعر الماضي. هتفت بتوتر: 

ـ أجي معاك فين؟ مش فاهمة حاجة، إنت هتعمل إيه!!

نظر نزار إلى شقيقته وتحدث بهدوء، محاولًا تهدئتها بعد أن رأى الخوف في عينيها: 

ـ متخافيش يا فاطيما، روحي معاه، أكيد مش هيأذيكي وأنا موجود.

صرخت علياء معترضة، وهي ممسكة بيد فاطيما في محاولة لطمأنتها: 

ـ تروح معاه فين؟ إنت بتهزر؟! ثم إزاي تطلب منها تروح معاه من غير ما تعرف إيه الحكاية؟ قولنا نكلم آسر، ليه الإصرار على تخويفنا؟ مش هننزل من العربية غير لما نعرف كل حاجة.

نظر جسار إلى نزار الذي خرج من السيارة وفتح الباب الآخر. في تلك اللحظة، صرخت علياء بعنف، بينما بقيت فاطيما صامتة، وكأنها متوقعة حدوث شيء سيء لها. حاول نزار إخراج علياء من السيارة، لكنها كانت تقاومه وتحاول دفعه بعيدًا، مما أثار غضبه فحملها. ظلت تضر.به بقوة حتى فتح نزار باب السيارة وأجلسها في المقعد الأمامي، ثم أغلق الأبواب بإحكام. أشار نزار لجسار بعلامة النصر قبل أن ينطلق بالسيارة ويترك جسار.

نظر جسار إلى فاطيما وتنهد بعمق، ثم حملها واتجه إلى السيارة الأخرى. ظلت صامتة طوال الطريق. بعد قليل، وصلوا إلى فندق فخم. فتح جسار باب السيارة ونظر إليها بهدوء، وقال: 

ـ تعالي معايا، هندخل جوا وهفهمك كل اللي بيحصل.

نظرت فاطيما حولها بذهول، وهي تحاول فهم ما يحدث.

سارت معه وهي شاردة، لا تعلم ما يحدث حولها. صعد بها جسار إلى إحدى الغرف، وكانت مزينة بطريقة رومانسية خاصة. بعد أن أغلق باب الغرفة، وقف أمامها وهتف بهدوء، وهو يقبل باطن يدها: 

ـ آسف على كل لحظة حزن أو قلق عيشتها بسببي في الفترة الأخيرة.

بدأت دموعها تنهمر بصمت وهي تنظر إليه، فشعر بالأسى وأحاطها بذراعيه بقوة. حاولت مقاومته والابتعاد عنه، لكنه لم يتركها. بعد لحظات، تراجع قليلًا، لكن غضبها انفـ.جر فجأة. صرخت فيه بحدة، وهي تضر.به على صدره وكتفه: 

ـ إنت اتجننت؟ أنا كنت هموت، إزاي قدرت تعمل فيا كده تاني؟ ليه بتحب تإذيني؟ مش مسامحاك يا جسار، عاوزه أرجع لأولادي، يلا خرجني من هنا.

سقطت فاطيما على ركبتيها، وهي منهارة تمامًا. جلس جسار أمامها، وبدأ يتحدث بلهجة نادمة: 

ـ عارف إني جيت عليكي كتير، صدقيني كان غصب عني، مكنتش عاوز أعرضك للخطـ.ـر معايا. فاطيما، أنا ممكن أتحمل أي شيء، بس اللي مش هقدر أتحمله خسارتك. أوعدك إن اللي عشناه في الفترة اللي فاتت مش هيتكرر تاني.

شاهدت الندم في عينيه، لكنها لم تعد تشعر بشيء سوى التعب والإرهاق. هتفت بصوت منهك: 

ـ أنا تعبانة جدًا، عاوزة أنام.

وضع جسار فاطيما على الفراش بحرص، وجلس بجانبها، وبدأ عقله يتأمل ما سيحدث في الأيام القادمة. لكن إرهاق جسديه وتوتره العصبي أخذا الكلمة العليا، فنام هو الآخر بجوارها.

❈-❈-❈

عند نزار، كان الوضع مختلفًا تمامًا. أثناء قيادته للسيارة، كانت علياء تصرخ فيه، تطالبه أن يتركها تخرج من السيارة. كعقاب لها، قرر نزار أن يوقف السيارة في منتصف الطريق ويفتح لها الباب. نظرت علياء حولها بخوف، فقد كان الوقت متأخرًا جدًا. أشار لها نزار بالنزول، فنظرت له بضيق وخرجت من السيارة لتقف بجانب الطريق، محاولة إظهار عدم خوفها أمامه. تحرك نزار بالسيارة، متنكرًا في أنه سيغادر ويتركها، لكنه عاد للخلف مرة أخرى. أدركت علياء أنها لا خيار لها سوى الركوب معه مرة أخرى، فصعدت إلى السيارة وقررت التزام الصمت حتى يصلوا إلى وجهتهم، خاصة بعدما تأكدت من اتجاههم نحو مدينة الساحل الشمالي.

لاحظت علياء أثناء سير السيارة وجود حملة مرور على الطريق، فقررت استغلال الفرصة للانتقام من نزار. صرخت فجأة وكأنها متألمة مما حدث، مما أثار انتباه رجال المرور. توقف نزار مرغما، واقترب الضابط من السيارة، وطلب تفتيشها، ثم سأل نزار عن رخصة القيادة وبطاقة الهوية. نظر إلى علياء بشك وسأل: 

ـ مين اللي معاك في العربية دي؟ وليه بتعيط؟

تنهد نزار بهدوء، ثم أجاب الضابط بجدية: 

ـ دي مراتي، وبتبكي بسبب مشكلة بينا.

نظر الضابط إلى علياء ثم إلى نزار، وسأل: 

ـ ممكن أشوف بطاقتك الشخصية ورخصة القيادة، لو سمحت.

أخرج نزار رخصة القيادة وبطاقة هويته وسلمها للضابط الذي فحصها بدقة. طلب الضابط من علياء بطاقتها الشخصية أيضًا للتأكد من العلاقة بينهما. ترددت علياء قليلًا قبل أن تسلم الباسورد للضابط تحت نظراته الحازمة. بعد التحقق من كل شيء والتأكد من صحة أقوال نزار، أشار الضابط للجنود بالسماح لهما بالمرور، فانطلق نزار بالسيارة بهدوء.

وصل نزار إلى الساحل الشمالي في الصباح الباكر، واتجه مباشرة إلى الفندق الذي كان قد حجز فيه جناحًا فاخرًا مسبقًا. بعد دخولهما إلى الفندق، توجهت علياء فورًا إلى الغرفة، وكانت تشعر بالنعاس الشديد، فما لبثت أن استسلمت لنوم عميق. نظر نزار إليها بغيظ، خاصة بعدما تأكد من شكوكه بأنها كانت تنوي إخبار الشرطي بأنها مخطو.فة. لكنه قرر تأجيل الحديث معها حتى المساء، فقد كان هو الآخر متعبًا ولم ينم جيدًا ليلة أمس.


كانت سمية تشعر بالقلق الشديد بسبب تأخر جسار ونزار، وحاولت الاتصال بهم لكن هواتفهم كانت مغلقة. حاول سليم تهدئتها، وأخبرها أن آسر سيحضر إليهم في الصباح ليخبرهم بما حدث. بالفعل، جاء آسر في الصباح وأخبرهم بما جرى، وأن جسار سيعود في المساء برفقة فاطيما ليقابلا أطفالهم، لكنه لم يكن يعلم بموعد عودة نزار. قررت سمية البقاء في الفيلا لرعاية فيروز وجاسر، خاصة أنها كانت تشعر ببعض التعب، ورفضت إخبار سليم حتى لا يقلق عليها. كما خططت لزيارة كِنان في المستشفى مساءً بعد عودة جسار وفاطيما.

استيقظ جسار من نومه ليجد الساعة تشير إلى ما بعد الثانية ظهرًا، وفاطيما نائمة بجواره. طلب وجبة طعام لهم من خدم الفندق، ثم أدار هاتفه ليجد اتصالات متعددة من عمته. اتصل بها ليطمئنها، وأخبرها بما حدث خلال الساعات الماضية، مؤكدًا عودتهم في المساء. كان همه الوحيد في تلك اللحظة هو التحدث مع فاطيما وإزالة الشقاق بينهما، ليعود الهدوء إلى حياتهما مرة أخرى.

شعرت فاطيما بالحركة وهي تستيقظ، وفتحت عينيها لتجد نفسها في غرفة فندق لا تعرفها. تذكرت الأحداث التي أدت بها إلى هنا، ونظرت إلى جسار الذي كان يجلس بجانبها. كانت عيناها تعبران عن عتاب وقلق على أطفالها، فهتفت بصوت هادئ: 

ـ جسار، أرجوك، عاوزة أرجع الفيلا. أنا قلقانة جدًا على الأولاد.

نظر إليها جسار باهتمام، يحاول تهدئتها والتفكير في الحل المناسب.

هتف جسار بهدوء وهو يضع وجهها بين يديه: 

ـ أهدي يا حبيبتي، اطمني الأولاد كويسين، أنا كلمت عمتو واطمنت عليهم. خلينا نتكلم سوا الأول، وبعدين هنرجع للفيلا، اتفقنا؟ 

نظرت فاطيما إليه، وبدأت تهدأ تدريجيًا تحت لمسة يديه الحانية وكلماته المطمئنة.

أومأت فاطيما برأسها موافقة، فأحضر جسار صينية الطعام وبدأوا بتناول الطعام قبل الخوض في أي حديث. كان جسار يطعمها بيديه برقة، وكأنه يطعم طفلته الصغيرة، مما جعل فاطيما تشعر بالدفء والحنان. بعد الانتهاء من الطعام، وقفت فاطيما وذهبت لتجلس على الأريكة، وجلس جوارها جسار، يمسد على شعرها بحنان. بدأ يتحدث بجدية، ونظر إليها بعينين لاهثتين، منتظرًا أن تستمع إليه بإنصات.

ـ اتعرفت على شمس بسبب الشغل وبس، وكانت العلاقة جدية من الأول. بس مع الوقت، بدأت تقرب مني بطريقة غريبة، فبدأت أشك فيها وطلبت من آسر يساعدني أعرف عنها أكتر. للأسف، معرفناش نكتشف حاجة في الأول. بعد كده، حسّيت إنها بتخطط لحاجة كبيرة أوي، أكتر من الشغل والشراكة. كنت مضطر أكمل في اللعبة دي علشان أعرف الحقيقة. لما كنت بقسى عليكي، كانت أصعب فترة عليا، وكنت بتخيل إني أحكيلك كل حاجة، بس كنت بخاف عليكي. مكنتش عايز أعرض حياتك للخطـ.ـر بسببى. يوم الحفلة كان أسوأ يوم عدّى عليا، بس كنت لازم أمثل علشان أعرف الحقيقة. فاطمة، قلبي مادقش لحد غيرك من زمان لحد دلوقتي، وأتمنى تصدقي كلامي.

كان جسار يحمل في نفسه سرًا ثقيلًا، وهو زواجه العرفي، لكنه كان يعلم أن إخبارها به لن يكون بالأمر السهل. نظر إليها بترقب وهو ينتظر ردها على كلماته الصادقة.

قالت له فاطيما بهدوء: 

ـ مصدقاك يا جسار، بس بلاش توجعني مرة تانية، لأنى لو اتوجعت هسيبك وهختفي من حياتك خالص.

تنهد جسار بعمق، ثم قال بجدية وهو يمسك بيدها: 

ـ أوعدك يا فاطيما، مش هخلي أي حاجة تانية تفرقنا، مهما كان التمن.

نظرت إليه فاطيما بتأثر، وهي تشعر بصدق نواياه ورغبته في الحفاظ على علاقتهما.

ابتسمت له فاطيما بهدوء، فاقترب منها جسار وقبّل جبينها برقة، ثم التهم شفتيها بقبلة عميقة، ليبتعد عنها بعد لحظات قليلة. نظرت إليه فاطمة بخجل، وهتفت بصوت خافت: 

ـ نرجع بقى للفيلا بجد، قلقانة على جاسر وفيروز.

نظر إليها جسار بابتسامة، وقال: 

ـ طيب يا حبيبتي، هنرجع دلوقتي.

بعد عودتهم إلى الفيللا، استقبلتهم سمية بابتسامة حانية. لاحظت الهدوء والانسجام بين جسار وفاطيما، فشعرت بالارتياح. ذهب جسار وفاطيما لرؤية الأطفال، وقضوا بعض الوقت معهم، ثم اجتمعوا في الأسفل مع عمتهم وسليم. قرروا جميعًا عدم التطرق إلى الأحداث السابقة، والتركيز على بناء مستقبل أفضل، بعيدًا عن الضغوطات والمشاكل التي واجهتهم.

❈-❈-❈

استيقظ نزار مساءً، ونظر إلى زوجته النائمة بجانبه. جلس يفكر في الأحداث التي مروا بها في الأيام الماضية، ويعلم جيدًا أنها لن تعترف بخطئها بسهولة، فهي غالبًا ما تنقلب عليه ويصبح هو المخطئ. لذلك، قرر أن يتعامل بجدية هذه المرة. فجأة، وجدها تتحرك في الفراش، فابتعد بهدوء واتجه إلى الشرفة التي تطل على الشاطئ مباشرة، حيث يمكنه التفكير بعمق.

تحركت في الفراش، وفتحت عينيها ببطء، وسيطر عليها شعور بالخوف وهي تتذكر أحداث الأمس. نظرت حولها، ووجدت زوجها يقف في الشرفة. على الرغم من رغبتها في التمرد عليه، إلا أن الجوع الشديد كان يسيطر عليها، ولا تستطيع التفكير جيدًا. اقتربت منه بهدوء مصطنع، وقالت: 

ـ نزار، أنا جعانه أوي، عاوزه أكل.

نظر إليها نزار، لكنه لم يعلق، مما زاد من توترها وقلقها.

اتجه نزار للداخل وطلب الطعام من خدمة الغرف. في هذه الأثناء، جلست علياء على طرف السرير، تراقبه بهدوء وحذر بسبب الغموض الذي أحاط به في تعامله معها. بعد قليل، أحضر العامل الطعام، فوضعه نزار في الخارج، ثم نادى على علياء لتحضر. نظرت علياء إلى الطعام بسعادة، وجلست تأكل متجاهلة إياه. في المقابل، جلس نزار أمامها يأكل في هدوء، وهو يشعر بالقلق تجاهها. بعد أن انتهت من طعامها، اتجهت سريعًا إلى الغرفة وأغلقت الباب خلفها، وشعرت بالسعادة لأنها ستتمكن أخيرًا من التفكير بعمق وهدوء.

كان الوقت يمر ببطء، بينما كان نزار يجلس في الخارج، يفكر في زوجته التي قد تصيبه بالجنون يومًا ما بسبب تصرفاتها غير المتوقعة. فجأة، قرر أن يذهب لرؤيتها، لكن ما رآه صدمه تمامًا. وجدها تقف وتجري في الغرفة أمامه مثل طفلة صغيرة تهرب من والدها، مما جعله يرفع حاجبه بتعجب شديد. حاول الاقتراب منها، لكنها هربت منه بسرعة، وهتفت بتحذير وهي تقف على الفراش وتشير له بعدم الاقتراب: 

ـ هصرخ واقول إنك خاطـ.ـفني! ممنوع تقرب يا دكتور.

نظر إليها بتعجب واقترب منها، متجاهلاً تحذيراتها، لتصرخ بصوت هادئ حتى لا تثير الشكوك حولهما. استطاع محاصرتها، فتحاولت التملص منه لكنها فشلت. اقترب منها أكثر وحملها بين يديه، وحاولت الهرب منه لكنها فشلت. التهم شفتيها بهدوء وكأنها تنسى الخطط التي كانت تعدها لتتمكن من الابتعاد عنه. ثم دفعتْه على الفراش لتخرج سريعاً، متجهةً إلى الشاطئ، وهي تتوعد بأخذ حقها بالطريقة المناسبة.

خرج نزار خلفها، فأشارت له بتحذير وهي تقترب من المياه، وهتفت بحذر: 

ـ ممنوع تقرب، يا دكتور. قولت لك، وإلا هتروح القسم هنا ومش هخرجك.

كانت تتراجع للخلف وتشعر ببرودة المياه، فالجو لا يزال مائلًا للبرودة. تجاهل حديثها، فبدأت تلقي عليه المياه الباردة ليتسنى لها الابتعاد عنه. لكنه استطاع الاقتراب منها ووضع وجهها بين يديه، وهتف بمكر: 

ـ اعترفي، إنك خايفة يا لولي هاه.

نظرت له بتوتر، لكن ما لفت انتباهها نداؤه لها باسم مختلف، فشعرت بأنه سيتمكن من السيطرة عليها. هتفت بصوت متحشرج: 

ـ هاه، لا، لا أنا مش خايفة. وبعدين، إيه الاسم ده اسمي علياء.

نظر لها بحب، بينما تشع الشمس عليهم بطريقة مميزة أثناء غروبها، مما يجعل لون عينيها يتغير بلون مختلف. تطاير شعرها مع الهواء، وكأن هناك سيمفونية خاصة تعزف لهم. هتف بحب: 

ـ كيف أشرح لكِ كيف أخبركِ أن صوتكِ يعيد ترتيب الفوضى في روحي؟ 

وأنني حين أراكِ، أجد أن عينيكِ تشبهان الطريق الذي يقودني إلى كل ما كنت أبحث عنه دون أن أدري. 

أنتِ الشيء الوحيد الذي كان ينقصني دومًا.

أقسمت في صمت أنها لن تستطيع التماسك أمامه أكثر من ذلك، وستنهار حصونها أمامه سريعًا. أرادت الفرار من أمامه، فتحدثت بخجل: 

ـ نزار، الجو برد ومفيش معانا هدوم، يا حبيبي، بلاش تبقى مجنون زيي. كفاية واحد فينا بس يبقى مجنون.

ابتسم على حديثها، ثم حملها وعادوا معًا للغرفة. كانت ترتجف بين يديه، ففتح الدولاب وأحضر لها بعض الملابس. نظرت له بتعجب، متسائلة من أحضر لهم الملابس ومتى، لكنها أرادت فقط تبديل ثيابها. بعد ذلك، ذهبت للحمام لتبديل ملابسها، وعادت بعد فترة وجيزة. ذهب نزار ليبدل ملابسه هو الآخر، وعاد إليها ليجدها تجلس على الأريكة في الغرفة، ويبدو كأنها تنتظره. اقترب منها وطلب لهم مشروبًا دافئًا ليتحدثوا معًا بهدوء شديد.

تحدث بهدوء بعد أن أحضر المشروب الدافئ لهم، وهو ينظر لها: 

ـ مش كفاية جنان بقى، ولا إيه!!

أشارت إلى نفسها بيدها، وتحدثت بمكر، محاولة إخفاء ابتسامتها: 

ـ أنا مجنونة، أنا.

ابتسم على حديثها، وأشار بيده إلى نفسه، وهتف بمرح: 

ـ لا، أنا المجنون يا لولي.

ألقت بنفسها في أحضانه، فأحاطها بذراعيه بحب وبدأ يمسد على شعرها بلطف. تحدثت بهدوء، وهي تضع يدها على وجهه: 

ـ لولي، إيه الاسم الجديد ده يا دكتور!!

تنهد بهدوء وأجابها بنظرة مليئة بالحب: 

ـ اسم جديد خاص بينا لوحدنا.

تناست كل ما كانت تنوي فعله معه، وبدلاً من ذلك ضمته بحب وهتفت بهدوء: 

ـ ممكن أفهم بقى إيه اللي حصل من وقت خروجنا من المطعم لحد دلوقتي!!

أردف بهدوء، وهو يبتسم لها ويتذكر ما حدث معهم: 

ـ لما طلبتي تتكلمي مع عمتي بصراحة، شكيت وحسيت إنك بتخططي لحاجة. قبلها، كنا اتفقنا مع آسر يحجز لينا في فندق، لكن جسار رفض يبعد علشان جاسر، وكمان فاطيما كانت هترفض حجز لينا. وكنا بنخطط نتحرك بالليل، لكن حسيت بحاجة هتحصل منك. اتكلمت مع عمتي لما رجعتي لفاطيما أوضتها، في الأول كانت رافضة تقولي، بس وعدتها إني مش هتكلم معاكي، وقالتلي على اللي هتعمليه بالليل. كنا مستنين تتحركوا، وطبعًا حاولت أمثل إني متعصب بسبب جنانكم علشان متشكوش في حاجة. وصلنا المطعم وخرجت أكلم آسر علشان يجهز في المكان المحدد. جسار وقف العربية علشان كل شيء يكون طبيعي، والباقي إنتي عارفاه. جسار خد فاطيما وراحوا فندق قريب، وأنا قررت أخطـ.ـفك بعيد عن الكل.

نظرت له وأردفت بتعجب: 

ـ يعني عربية جسار معطلتش زي ما قال، وضحك علينا.

أومأ برفض، لتنظر له بصدمة. توعدت بالانتـ.ـقام من جسار بعد عودتهم. هتفت بهدوء، وهي تنظر له بعيون باكية: 

ـ مش عاوز تعرف إيه اللي عشته الأسبوع اللي بعدته عنك!!

أبعد شعرها الذي سقط على وجهها، وتحدث بجدية وهو يضمها بحرارة: 

ـ لا يا علياء، أنا واثق فيكي تمامًا. غضبي كان بسبب تنازلك عن حقك، لكن خلاص، ننسى اللي فات وكفاية كلام عنه. خلينا نركز في اللحظات دي بس، ممكن!!

تنهدت بهدوء، وأومأت برأسها موافقة، فهي تستمتع بالشعور الدافئ الذي تشعر به مع زوجها. اتفقا على البقاء يومين إضافيين، يقضونهما في هدوء تام بعيدًا عن الضغوط والزحام، قبل العودة إلى لندن.

❈-❈-❈

عاد سليم إلى المنزل في المساء، وفرح بلقاء زوجته وجسار وفاطيما، بعد أن استقرت حياتهم من جديد. ذهب مع جسار إلى غرفة المكتب لمناقشة شؤون الشركة، بعد غياب طويل عنها. بينما بقيت سمية في الخارج مع فاطيما وأطفالها، يستمتعن بالوقت معًا.

أجابتها سمية بهدوء، وهي تنظر لها: 

ـ فاطيما أنا عندي ميعاد مع كِنان في المستشفى دلوقتي، ومش عاوز سليم أو حد يعرف. هقولهم رايحة أقابل صديقة ليا.

قالت فاطيما بقلق، وهي تنظر لعمتها باهتمام:

ـ طيب هاجي معاكي، وكده مش هيشكوا في حاجة.

بعد تردد قصير، وافقت سمية على اقتراح فاطيما. أخبرت جسار أنها ستخرج مع عمتها لمقابلة صديقة وستعود قريبًا، وغادرت بسرعة مع سمية قبل أن يعلق أحد. عند وصولهم للمستشفى، استقبلهم كِنان ودخلوا للطبيبة التي قامت بفحص دقيق أعقبه قلق واضح. بعد انتهاء الفحص، طلبت الطبيبة بعض التحاليل، وخرجت سمية مع الممرضة لإجرائها. 

جلست فاطمة تنتظر بقلق، وسألت الطبيبة بخوف: 

ـ فيه إيه يا دكتورة؟ إيه اللي مسبب القلق ده!!

يتبع...

إلى حين نشر الفصل الجديد للكاتبة فاطمة الزهراء، لا تنسى قراءة روايات و قصص كاملة أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية


رواياتنا الحصرية كاملة