-->

رواية جديدة ترنيمة حب الجزء الثاني من رواية قلوب ضائعة لفاطمة الزهراء - الفصل 34 - الإثنين 10/11/2025

 

قراءة رواية ترنيمة حب الجزء الثاني من روابة قلوب ضائعة كاملة

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى

رواية ترنيمة حب 

الجزء الثاني من رواية قلوب ضائعة

رواية جديدة قيد النشر

من قصص و روايات 

الكاتبة فاطمة الزهراء


الفصل الرابع والثلاثون 

تم النشر يوم الإثنين 

10/11/2025


منذ عرفتك وأنت لا تتوقف عن كونك

أفضل ما حدث في حياتي

محظوظه أنا لكوني أفهم معنى

وجود شخصٍ لا يتوقف عن حبي

مهما حدث ومهما كان


نظرت الطبيبة لفاطيما بهدوء، وكانت تعاملها بوداعة كونها طبيبة العائلة وصديقة مقربة، ثم قالت بتنهيدة: 

ـ خلينا نستنى نتائج الفحوصات الأول، ممكن شكوكي تكون مش صحيحة.

شعرت فاطيما بقلق شديد، فتدخل كِنان بجدية وهو ينظر للطبيبة: 

ـ قولي يا دكتورة، إيه اللي شاغل بالك؟ واطمني، محدش هيعرف حاجة دلوقتي.

ترددت الطبيبة لحظة قبل أن تتحدث، ثم تنهدت وقالت:

ـ أنا شاكة في وجود ورم على الرحم.

نظرت فاطيما للطبيبة بصدمة، بينما تحدث كِنان بهدوء محاولًا التخفيف من حدة الموقف: 

ـ يمكن يكون مجرد شك، مستحيل تكون الحالة متقدمة لدرجة الورم.

بعد انتهاء سمية من الفحوصات، عادت مع الممرضة ولاحظت نظرات الخوف على وجه فاطيما وقلق كِنان الواضح. سلمت الممرضة النتائج للطبيبة التي درستها بتركيز. أخذ كِنان الأوراق منها وأغمض عينيه في هدوء، مما زاد من خوف فاطيما. شعرت الطبيبة بأنها مضطرة لإخبارهم بالحقيقة رغم ترددها.

تحدثت سمية بهدوء لكسر الصمت: 

ـ فيه إيه يا دكتورة؟ الوضع مش كويس!!

ترددت الطبيبة لحظة قبل أن تتحدث بصراحة، ثم قالت بجدية: 

ـ للأسف، النتائج بتقول إن في ورم على الرحم، واحنا لازم نشيله في أقرب وقت ممكن.

نظرت سمية للطبيبة بهدوء، وغمرتها ذكريات الماضي عندما عانت والدتها من نفس المرض، لكن الأمور كانت أكثر تعقيدًا في ذلك الوقت. حاولت أن تظهر قوة أمامهم وسألت بقلق: 

ـ إيه هو نوع الورم بالضبط!!

فضلت الطبيبة عدم البوح بمخاوفها، واتجهت لاتباع الإجراءات الطبية الدقيقة. تحدثت بجدية وهي تعيد فحص النتائج: 

ـ أول خطوة هي أخذ عينة من الورم، وبناءً على النتائج هنقدر نحدد الإجراء اللي بعد كده. هكتبلك على أدوية لازم تاخديها لمدة يومين قبل العملية، وبعدها هناخد العينة ونبعتها للتحليل، وهنستنى النتيجة عشان نقدر نحدد الخطوة اللي بعد كده.

أومأت سمية برأسها بهدوء، لكنها كانت تشعر بضيق كبير بعد سماع الخبر. كتبت الطبيبة لها بعض الأدوية وحددت لها موعدًا بعد يومين لإجراء الجراحة، وطلبت منها الالتزام التام بالتعليمات. 

بعد خروج سمية وفاطيما برفقة كِنان،عاد كِِنان إلى الطبيبة وسألها بجدية: 

ـ يا دكتورة نادية، أنا عايز أعرف الحقيقة، إنتي شاكة إن الورم ده خبيث!!

ردت الطبيبة بهدوء وهي تنظر إلى كِنان: 

ـ للأسف يا دكتور كِنان، الشكوك عندي بتقول إن الورم ده خبيث بنسبة كبيرة، حوالي 60%. لكن أنا محتاجة أتأكد من حاجة مهمة. هل كان فيه تاريخ مرضي في العيلة، خاصة عند والدتها، لسرطان الرحم؟

رد كِنان بجدية وهو يستعرض الفحوصات مجددًا:

ـ هكلم فاطيما وأعرف منها، وبعدين أبلغك. مضطر أمشي دلوقتي، هنتقابل بكرة.

بعد مغادرة كِنان للعيادة، أرسل رسالة إلى فاطيما ليطلب منها التحدث معها في أقرب وقت، ثم توجه إلى منزله. في الوقت نفسه، وصلت سمية وفاطيما إلى المنزل، وطلبت سمية من فاطيما ألا تخبر أحدًا بما حدث في العيادة حتى يتأكدوا من التشخيص. وافقت فاطيما على مضض، مؤكدة على حفاظها للسر.

كان جسار وسليم ينتظران بقلق، خاصة مع تأخر سمية وفاطيما وعدم قدرتهم على الوصول إليهن بسبب إغلاق الهواتف. لكن عندما ظهرتا في الأفق، بذلا جهدًا لرسم ابتسامة على وجوههما لإخفاء القلق. سارع سليم إلى سمية وسألها باهتمام: 

ـ في إيه؟ ليه اتأخرتوا كده؟ وليه التليفونات بتاعتكم مقفولة؟

بذلت سمية جهدها لتظهر بشكل طبيعي، فأجابت سليم بهدوء: 

ـ موبايلي فصل، وفاطيما نسيت تاخد موبايلها معاها. آسفين يا حبيبي، أنا محتاجة ارتاح شوية، هشوفكم بعدين.

غادرت سمية من أمامهم بسرعة، فهي لم تكن في حالة جيدة تسمح لها بالمناقشة. نظر سليم وجسار بقلق إلى فاطيما، التي أضافت وهي تصعد إلى الأعلى: 

ـ أنا رايحة أطمن على جاسر وفيروز بقى، بعد إذنكم.

صعدت فاطيما إلى الأعلى بسرعة واتجهت لرؤية أطفالها، وفتحت هاتفها لتجد رسالة من كِنان، وقررت التحدث معه لاحقًا كي لا يلاحظ جسار شيئًا. في غرفة أخرى، بدلت سمية ملابسها وأخذت أدويتها، وحرصت على إخفاء الشرائط في دولاب ملابسها حتى لا ينتبه سليم لها. ثم اتجهت إلى الفراش، فكانت لا تزال تشعر بالألم، فأغمضت عينيها بسرعة كي لا تواجه سليم مرة أخرى.

توجه سليم لغرفة نومه ليجد سمية غارقة في النوم، فآثر تأجيل الحديث معها حتى الصباح. بينما صعد جسار إلى الأعلى ليجد فاطيما مازالت مع الأطفال، ولاحظ القلق ظاهرًا على وجهها، فازداد شكه في أنها تخفي عنه شيئًا. جلس بجانبها وسألها بهدوء: 

ـ في إيه يا فاطيما؟ حاسس إن في حاجة مضيقاكي أو إنكوا مخبين حاجة عني، عمتي وإنتي. قوليلي الحقيقة.

تحدثت بابتسامة مصطنعة وهي تحاول تجنب النظر إليه: 

ـ هاه هنخبي إيه يا حبيبي؟ قولتلك عمتي كانت بتقابل صاحبتها وروحت معاها، دي الحقيقة. هروح ارتاح بقى علشان تعبت النهارده، وجاسر مش بينام بالليل، هيتعبني زيادة.

ذهبت من أمامه سريعًا واتجهت لغرفتهم، وضعت جاسر في سريره وبدلت ملابسها. ظلت تنتظر الوقت المناسب لتتمكن من الاتصال بكِنان، لكن بسبب الإرهاق نامت سريعًا. إلا أن نومها كان مضطربًا بسبب استيقاظ جاسر عدة مرات خلال الليل.

في صباح اليوم التالي، استيقظ جسار ليجد فاطيما نائمة، فرفض أن يجعلها تستيقظ لأنه يعلم أنها لم تنم جيدًا. اتجه إلى الأسفل ليجد سليم في انتظاره، واتجهوا معًا إلى الشركة. كانت سمية تشعر بالإرهاق ورفضت الذهاب معهم، وجلست تنتظر فاطيما في الأسفل.

هبطت فيروز إلى الأسفل لتجد سمية تجلس وحدها، وجلست معها تنتظر والدتها. في الظهيرة، استيقظت فاطيما على صوت بكاء جاسر، فقامت بإطعامه ثم اتصلت بكنان. ما إن فتح هاتفه حتى أجابها، فتحدثت بلهفة معتذرة: 

ـ أسفة يا كِنان، معرفتش أتصل بيك بالليل بسبب وجود جسار. طمني، فيه جديد عن وضع عمتي؟

رد عليها بهدوء محاولًا تهدئتها: 

ـ اهدي يا فاطيما، الدكتورة بتحاول توصل لحاجة. عايزة تعرف لو في حد في العيلة كان عنده نفس الأعراض اللي عند عمتك، خصوصًا جدتك. واضح إنها شاكة في حاجة وبتحاول تتأكد.

أغمضت فاطيما عينيها وتذكرت أن جدها ووالدها أخبراها في السابق أن جدتها كانت تعاني من ورم في الرحم ولم يستطيعوا إنقاذها، فقد كان الطب في تلك الفترة ليس متطورًا مثل الآن. تحدثت بقلق: 'إنت عاوز تقول إيه؟ ممكن الورم يكون وراثي؟ عمتي وقتها مش هتتحمل.

ثم أكملت حديثها وهي تبكي: 

ـ اللي أعرفه إن جدتي كان عندها ورم، بس مقدروش ينقذوها وقتها. بابا قالي إنهم اكتشفوا الورم وكانت حامل، فاضطروا ينزلوا الجنين، لكن هي ما اتحملتش التعب.

بذل كِنان جهدًا لتهدئة فاطيما، فقال بجدية: 

ـ فاطيما، حاولي تهدي نفسك. الطب اتطور كتير عن زمان، واحنا هنعمل كل اللي نقدر عليه عشان عمتك. حتى لو احتاجنا نسافر برا مصر عشان نلاقي علاج مناسب، هنعمل كده. خلينا الأول نستنى نتيجة العينة ونعرف إيه اللي احنا هنواجهه بالظبط.

أنهى كِنان المكالمة وذهب ليخبر الطبيبة بالأحداث. في هذه الأثناء، حاولت فاطيما أن تظهر الهدوء، فنزلت إلى الطابق السفلي وهي تحمل جاسر، وابتسمت قائلة بمرح:

ًـ عمتو، أنا تعبت من حفيدك ده خلاص. كده مفيش أولاد تاني؟

أخذت سمية جاسر من فاطيما وقبلته بحنان على جبينه، ثم قالت بابتسامة: 

ـ حبيبي ده، فكري تزعليه بس، وقتها هتتعاقبي جامد.

تمكنت فاطيما من إدخال البهجة إلى قلب عمتها، فذهبا معًا إلى الحديقة وقضيا وقتًا ممتعًا يتجنبان فيه الحديث عن الأوجاع التي تخشاها سمية. في نفس الوقت، ذهب كِنان ليخبر الطبيبة بالأمر، فازدادت مخاوفها وقررت التحرك بسرعة لتفادي أي مضاعفات قد تلحق بسمية. لذا، قررت الطبيبة المضي قدمًا في إجراء الجراحة في الموعد المحدد مسبقًا دون أي تأخير.

❈-❈-❈

قضى نزار وعلياء يومًا هادئًا، لكن الضيق كان يخيم على قلب علياء بسبب مسامحتها لنزار. لم تستطع نسيان اللحظة التي تجاهلها فيها في المستشفى وتركها في موقف محرج. بينما كانوا يشاهدون التلفاز، خرجت علياء إلى الخارج لتقف أمام الشاطئ، يبدو عليها الحزن. لحقها نزار وجلس بجانبها على الرمال، فقالت باكية: 

ـ موجوعة منك يا نزار، صحيح سامحتك، لكن في قلبي جرح كبير.

قرر الاستماع إليها أولاً وبعد ذلك سيتحدث معها، لتكمل بدموع: 

ـ إنت سيبتني في أكتر وقت محتجالك فيه، لما كنا في المستشفى الكل كان جنبي بس مشيت، مفكرتش في حالتي ولا إحساسي هيكون إيه وقتها. مش قادرة أنسى نظرتك وكلامك ليا وإنت بتبعدني عنك.

تنهد نزار بعمق، وقرر أن يفتح قلبه لها، فقال بنبرة جادة وهو يحدق فيها: 

ـ هتسمعيني لحد النهاية من غير ما تقاطعيني؟

أومأت علياء برأسها موافقة، فتحدث نزار بنبرة هادئة وهو يمسح دموعها: 

ـ فكرة تنازلك عن المحضر جننتني، حسيت إنك بتلغي وجودي. إنتي مش عارفة أنا كانت حالتي إزاي الفترة دي، مكنتش قادر أنام وأفكار مش كويسة بتيجي في عقلي. متصورتش أبدًا إنك تتنازلي مهما كان التمن. علياء، أنا وصلت لمكانك بصعوبة، تخيلي لو كنت فشلت ألاقيكي، كان هيكون إيه الحل وقتها؟ كنت مقسوم نصين، بفكر في أختي وحالتها واختفائك. عارفة أنهم استغلوا فاطيما وجاسر علشان يوصلوا ليكي لأنهم عارفين قوة العلاقة بينا قد إيه. كنت حاسس بالعجز والخوف، ياترى لو مكنتش لاقيتك، كنت هقول لأولادنا إيه؟ هاه، كنت هكمل من غيرك إزاي؟

نظرت إليه بتفهم عميق لمشاعره، وقالت بجدية وهي تتذكر تلك الأيام العصيبة: 

ـ نزار، أنا مستحيل أفكر ألغي وجودك من حياتي لأنك كل حياتي. أنا اتنازلت علشان حالة كريم مش أكتر. إنت لو شوفته دلوقتي مش هتعرفه. أنا اللي غلطت لما نصحتني زمان ورفضت أسمعك، لأن وقتها كان تفكيري فيك إنت والأولاد بس. كنت بقول إني بعرف أكشف الشخص من أول مرة، لكن المرة دي فشلت. أنا اتنازلت لأن عاوزه أنسى، يا نزار. صدقني لو حالة كريم كانت كويسة، مستحيل كنت أتراجع عن حقي مهما كان التمن.

تحدث نزار بجدية وهو ينظر للشاطئ: 

ـ خلينا ننسى الفترة دي، لأن الكلام فيها مش هيوصلنا لحل. يلا ندخل جوه، الجو برد 

وقفت علياء ونظرت إليه بعينين غاضبتين، وقالت بمكر: 

ـ يعني مش عاوز تعترف إنك غلطان؟ كويس، نبدأ فترة العقاب يا دكتور.

نظر إليها بذهول، فركضت بعيدًا عنه سريعًا واتجهت إلى الداخل، وسرعان ما أغلقت باب الغرفة خلفها. لحق بها وطرق الباب بقوة، هاتفًا من خلفه: 

ـ افتحي يا مجنونة، هسيبك لوحدك.

لم ترد عليه، فاستسلم للجلوس على الأريكة خارج الغرفة. في حين ظلت علياء تتحرك في الغرفة، محاصرة في صراع داخلي بين قلبها وعقلها، كل طرف يدفعها في اتجاه مختلف. قلبها يدعوها للنسيان والاقتراب منه، بينما عقلها يأمرها بالتمرد والابتعاد. شعرت بالغضب تجاه نفسها، لكنها لم تستطع مقاومة نداء قلبها، فخرجت لتجده غارقًا في النوم على الأريكة. اقتربت منه بخطوات هادئة، ووضعت يدها على وجهه، هامسة بعشق: 

ـ كل مرة قلبي اللي بيحركني، أنا قلبي ملكك يا نزار لوحدك.

في اللحظات التي سبقت خروج علياء، قرر نزار التظاهر بالنوم، لأنه يعلم أنها ستأتي إليه لا محالة. ظل يستمع إلى همساتها بهدوء، حتى وجدت نفسها محاصرة بين ذراعيه. حاولت إخفاء وجهها بين كفيها، لكن نزار هتف بلهفة: 

ـ كنت عارف إنك هتيجي في النهاية.

دخل نزار الغرفة معها، وأغلق الباب خلفه بقدمه، معلنًا بداية حياة جديدة ومختلفة لهما. استيقظ نزار في الصباح الباكر وقرر أن يعد مفاجأة خاصة لها. بعد وقت قصير، استيقظت علياء لتجد نزار جالسًا بجانبها، يبتسم لها بصفاء. نظرت إليه بقلق وسألته: 

ـ بتخطط لإيه يا حبيبي!! الضحكة دي وراها حاجة، اعترف.

قال لها بجدية، وابتسامة مشرقة تزين وجهه: 

ـ فيه مفاجأة هتحبيها، يلا قومي، اليوم كله هيبقى برا.

ذهبت علياء لتبديل ملابسها، ثم توجهوا سوية نحو المرسى وصعدوا إلى يخت خاص. انطلق اليخت بهم عبر المياه، وغمرتها سعادة بالغة. مشت للأمام بينما كان نزار خلفها، واكتشفت طاولة مزينة بالطعام والعصير الطازج. أبعد لها نزار الكرسي لتجلس، وجلس مقابلًا لها، وتناولا الإفطار معًا. صعدت علياء إلى سطح اليخت، وأحاطت بها المياه من كل جانب، ووجدت نزار واقفًا في منتصف المسافة. نزلت إلى الأسفل لتقف أمامه، ونظرت إليه بنظرة ماكرة، مما دفعه لأن يسألها بحذر:

ـ بتخططي لإيه يا مجنونة؟

نظرت إليه بابتسامة، ومدت يدها لتأخذ يده، وفي لحظات قليلة وجد نفسه في وسط المياه معها. كانت متحمسة للسباحة، ورش الماء باتجاهه، فبدأت المعركة المائية بينهما. اقترب منها نزار، وأمسك بها ليغوصا معًا تحت سطح الماء، ثم عادا إلى السطح يلهثان. نظرت إليه بعشق، ووضعت ذراعيها حول عنقه، وطالت لحظاتهما في الماء. لم ينتبها للوقت حتى قال نزار بجدية: 

ًـ كفاية كده، هتتعبي، يلا بينا نرجع لليخت.

بدأت تشعر بالبرودة، ليصعدوا معًا إلى اليخت. اتجهوا إلى إحدى الغرف، وأحضر لها ملابس أخرى لترتديها، فاتجهت إلى الحمام. بينما بدل نزار ملابسه في الغرفة وخرج ليعد لها مشروبًا دافئًا. خرجت علياء تبحث عنه في الغرفة، ثم اتجهت للخارج لتجده قادمًا إليها وبيده كوب به مشروب دافئ. أخذت الكوب منه، وأحضر كوبًا آخر له، ليجلسا معًا يشاهدان منظر غروب الشمس. اقتربت منه ليضمها بقوة، وهتفت بهدوء وهي تستنشق الهواء: 

ـ تعرف يا نزار، في أوقات كتير بتمنى نكون لوحدنا، أنا وأنت بس، مش عاوزة حاجة تانية من الدنيا. وجودك معايا منسيني كل الناس والعالم ده كله. خلينا كده يا نزار، بعيد عن الكل.

مرر يده برفق على شعرها، وقال بصوت هادئ وهو يغمض عينيه: 

ـ أنا معاكي دايمًا يا حبيبتي، اطمني. مستحيل نبعد عن بعض مهما كان الثمن، إنتي كل حياتي.

نظرت له بحب، لتقبله على وجهه، وتتحدث بهدوء: 

ـ نزار، أنا جوعت، فيه أكل هنا ولا إيه؟

قال لها بجدية وهو ينهض ليستعدوا للعودة إلى الفندق: 

ًـ لا يا حبيبتي، هنرجع الفندق دلوقتي علشان نكمل المفاجأة.

وقفت بجانبه، وازدادت رغبتها في معرفة المفاجأة التي أعدها لها، فعاد باليخت إلى المرسى. توجهوا بعدها إلى الفندق، حيث طلب منها ارتداء فستان أحضره معه دون أن تلاحظ. خرجت من الغرفة لتقف أمامه، فأضاء وجهه بابتسامة حب، واتجه بها نحو الخارج. عند وصولهم إلى الشاطئ، وجدت طاولة مزينة بالشموع والزهور. نظرت إليه بعينين مليئتين بالحب، واقتربت منه تحتضنه. جلسا معًا على الطاولة، وتناولا العشاء في أجواء رومانسية حالمة، مع موسيقى هادئة كأنها وضعت حاجزًا بينهم وبين العالم الخارجي.

تحرك من مكانه ليقف أمامها، ورفعت عينيها تنظران إليه بدهشة، فوضع السلسلة حول رقبتها مجددًا. نظرت إليها بدموع، وكانت تتذكر كم بحثت عنها بلهفة بعد عودتها. أمسكت بها بيدها بقوة، ومرر نزار يده على وجنتيها لمسح دموعها، وقال بصوت هادئ: 

ـ اتفقنا إننا هننسى كل اللي فات، خلاص بقى مفيش دموع.

أومأت برأسها موافقة، واقتربت منه تحتضنه بقوة، فحملها نزار واتجه بها نحو غرفتهم ليكونا بمفردهما.

❈-❈-❈

كانت سمية تشعر ببعض الألم، لكنها حاولت عدم إظهار الأمر أمام جسار وسليم لكي لا يشكوا في شيء. وكانت فاطيما معها طوال الوقت، وتراودها الأفكار السيئة. أرادت إخبار زوجها بالحقيقة، لكنها تراجعت بسبب الوعد الذي قطعته لعمتها. لتتمنى أن يأتي الغد سريعًا كي ينتهي هذا الكابوس المزعج.


في صباح اليوم التالي، توجهت سمية برفقة فاطيما إلى المستشفى بعد مغادرة سليم وجسار إلى الشركة. طلبت فاطيما من المربية العناية بالأطفال حتى عودتها. عند وصولهم إلى المستشفى، وجدوا كِنان وزياد ينتظرونهم. التقت سمية بالطبيبة التي أمرت الممرضة بمساعدتها في تبديل ملابسها والتوجه إلى غرفة العمليات. في تلك اللحظات، حاولت الطبيبة طمأنة فاطيما التي كانت تملأها مشاعر الخوف والقلق، ولا تعرف كيف تتصرف. شعرت فاطيما بثقل المسؤولية وخشيت من أي مكروه قد يحدث وهي بمفردها، فهي بحاجة إلى وجود شخص بجانبها.

استأذن زياد من فاطيما ليذهب لرؤية أحد المرضى، ووعدها بالعودة إليها بعد قليل. في تلك الأثناء، دخل كِنان مع الطبيبة إلى غرفة العمليات، وجلست فاطيما في الخارج تنتظر بقلق. بدأت الدموع تنهمر من عينيها بصمت، وفجأة وجدت نفسها تفتح هاتفها وترسل رسالة إلى نزار تطلب منه العودة بأسرع ما يمكن لأنها تحتاج إليه بشدة. بعد إرسال الرسالة، أغلقت هاتفها وجلست تنظر إلى الساعة بترقب، لكن صدمتها كانت كبيرة عندما رأت جسار يقف أمامها، ووجهه يعكس الحزن والضيق.

على الرغم من الغضب الذي يكنّه لها بسبب إخفائها الحقيقة، إلا أن رؤيته لزوجته في هذه الحالة جعلته يؤجل أي نقاش أو عتاب لوقت لاحق. الآن، الأولوية هي الاطمئنان على صحة عمته، وبعد ذلك سيكون هناك حديث مطول بينهما.

في هذا الوقت، خرج كِنان من الغرفة ليجد جسار أمامه، فهتف بجدية: 

ـ محتاجين متبرع فصيلته A- بسرعة، مفيش وقت.

نظرت فاطيما بقلق إلى جسار وكنان، ثم تقدمت بثبات وقالت بهدوء:

ـ أنا هتبرع لعمتي يا دكتور.


يتبع...

إلى حين نشر الفصل الجديد للكاتبة فاطمة الزهراء، لا تنسى قراءة روايات و قصص كاملة أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية


رواياتنا الحصرية كاملة