الفصل الأول - عزف الروح
الفصل الأول
كانت جالسة بمكتبها حين دخلت عليها السكرتيرة وهي تتحدث : اسيل هانم الطر ...
زفرت اسيل في ضيق واردفت بهدوء : ايوة ايوة الطرد المعتاد اللي بيبعته الشخص المجهول حطيه يا ريتاج علي المكتب .
اومأت ريتاج بهدوء وتقدمت ووضعت الطرد المغلف علي المكتب واردفت بإرتياب : عزام بيه بيقول لحضرتك الإجتماع هيبدأ بعد نص ساعه .
اسيل بجدية وهي تقلب في الملفات امامها : تمام ... اتفضلي علي شغلك.
خرجت ريتاج من المكتب ... بينما تنهدت اسيل وامسكت بالطرد ،، ازالت الشريط الملفوف حوله وفتحته لتجد وردة بيضاء بلونها المفضل كالعادة ولكن ما ميزها البرونز الذهبي الذي تناثر عليها ليضيف الي رونقها رونق خاص يدل علي زوق المرسل وهذا ما اثنت بهِ أسيل ان صاحب هذه الطرود لهُ زوق فريد و لمسة فنية يحب أن يضيفها لهداياه ليصبح ذات شخصية مميزة ،، استنشقت اسيل الوردة ووضعتها بمكانها مرة أخري ثم امسكت بالجواب المرافق لها لتقرأ محتواه " رقيقة انتِ في تعاملك جذابة في مظهرك قوية في شخصيتكساحرة في مشيتك ، معشوقك"
وضعت الجواب بمكانه ثم اقفلت الطرد ووضعته علي مكتبها ... ارجعت رأسها للوراء واغمضت عينيها وهي تفكر في هذا الشخص الذي يراسلها منذ اول يوم تخرجت فيه من جامعتها منذ حوالي سنة ... ولكنها ما لبست ان هزت برأسها وهمست بسخرية " جبان " ... هذه هي الفكرة التي كونتها عن صاحب الطرد المجهول لانه يخفي نفسه فلماذا لم يظهر الي الان الا اذا كان جبان .. نفضت تلك الافكار من رأسها وهبت واقفة بجزعها الممشوق بزيها الرسمي الوردي الهادئ المكون من " جيب وردية تصل لقبل ركبتيها بقليل وقميص ابيض وجاكيت وردي مع رباطة عنقها الوردية علي هيئة فيونكة .. مع قصة شعرها البني العملية المرفوعه " وأخذت بعض الملفات المهمة و خرجت من مكتبها متجهَ لغرفة الاجتماعات بخطواتها الواثقة وكلما تمر علي أحد الموظفين يحني رأسه لها احتراماً او يحييها بتهذيب .
كانت تسير وريتاج تسير ورائها نظراً لاهمية حضورها الاجتماع معها ... ضيقت اسيل عيناها من ارتباك ريتاج الملحوظ وتوقفت فجأه واستدارت لها ونظرت لها قاطبة حاجبيها واردفت بحدة : لو هتفضلي متوترة كدي كتير يبقي متحضريش الاجتماع أحسن .ريتاج وهي تومئ نافية : لا اسفة خلاص بس ده فهد نجم الدين يعني لو حصل حاجة غلط ...
توقفت حين اشارت لها اسيل بيدها ان تكف عن الكلام واردفت اسيل بحدة ممزوجة بالضيق : فهد نجم الدين علي نفسه انتي هنا موظفة في شركة عزام ولو انتي مش اد انك تتحملي اللقب ده فتستقيلي احسن ولو لاحظت توترك ده جوة هتكوني مطرودة .
طأطأت رأسها ثم التقت انفاسها ورفعت وجهها واردفت بثبات : حاضر .
ارتسمت علي وجه اسيل ابتسامة واردفت بهدوء : يلا بينا .
دخلت غرفة الاجتماع لتجد عزام رئيس الشركة والذي يكون والدها أيضاً يجلس مع السكرتير الخاص به فجلست مكانها وريتاج بجوارها .
نظرت في ساعتها فوجدت انه ما زال هناك عشر دقائق علي بدأ الاجتماع فاردفت بهدوء : خلينا نراجع الاوراق مش عايزة اي نقص .ضحك عزام واردف بهدوء مماثل : كل حاجة بتبقي تمام من تحت ايدك يا اسيل هانم .
لتبتسم هي بفخر علي اثناء والدها واخذت تراجع الاوراق مع ريتاج وسكرتير والدها وهي متشوقة للقاء فهد نجم الدين الذي يخشاه الجميع حتي والدها بسبب امواله الكثيرة نفوذه وعلاقاته العامة الداخلية والخارجية وهيبته التي يخشاها الجميع .
اعلنت الساعه عن الثانية مساءاً وحينها دخل فهد نجم الدين بمدير أعماله والسكرتير الخاص به الي غرفة الإجتماعات ... فوقف عزام وتبعته اسيل ومن في الغرفة الوقوف ... نظرت اسيل ناحية فهد نجم الدين للتفاجأ بشاب يظهر انه اوشك علي نهاية العشرينات شاب له قوام رياضي مع عضلاته التي اضافت عليه رونقاً مختلفاً متجسدة في الهيبة التي يخشاها الجميع مع بشرة برونزية وعيون سوداء حادة كالصقر جعلتها تقشعر منهم وملامح حادة وشعر اسود كثيف ولحية خفيفة سوداء .
عزام وهو يصافح فهد : مواعيدك مظبوطة يا فهد بيه .
فهد بهدوء ممزوج بالثقة : دايماً يا عزام بيه .
عزام وهو يومئ : اعرفك اسيل بنتي ودراعي اليمين هنا في الشركة .
نظر فهد لاسيل الذي مدت يدها له لتصافحه فمد يده هو الاخر أخذ يتفحصها من أعلي لاسفل ويرمقها بنظرات جرئية ازعجتها ولكنها اسيل عزام فقابلته بنظراتها الواثقة الحادة كأنثي النمر ... قطع عزام هذا التواصل البصري بينهم بتوتر .. وكانت هي ممتنة لوالدها لانها تكاد تجزم ان عيونه بها شئ مخيف .
عزام بتوتر : طيب اتفضلو اقعدو .
جلس الجميع بعد ان ترك فهد يد اسيل ولكن نظراته مازالت مثبتة عليها ....بدأ الاجتماع واخذو يتحدثون حول الشراكة التي ستخوضها الشركتان معاً .. ثم أخذو يتفحصو العقود حتي وقع نظر أسيل علي بعض الشروط التي لم تنال رضائها .اسيل بجدية : في شروط هنا غير منطقية بالمرة .
ليقطب فهد حاجبيه ويتحدث مدير أعماله : وايه هي الشروط دي .
اسيل وهي تشاور بقلمها : نسبة الارباح .. في الباند هنا نسبتكم اكبر واحنا مش هنوافق بده النسبة تبقي متساوية احنا منتجنا واثقين منو كويس غير ان الخامات اللي هتصدروها لينا احنا هنحط خامات مساوية ليها غير الآلات والمصانع والشغل اللي احنا هنعمله ... باند زي ده اللي حطه اكيد كان سكران او ميعرفش هو هيتعامل مع مين .
ثم تركت العقد و القلم واسندت ظهرها للوراء بينما تنحنح مدير أعمال فهد ونظر لفهد الذي كانت عيناه تلتهم اسيل كالصقر ... رمش فهد بعينيه وهو ينظر لاسيل فأخذها مدير أعماله كعلامة بموافقته فاردف مدير أعماله بتوتر : احنا موافقين ينفع نمضي العقد .
أسيل بتهكم وسخرية : أكيد انت مش هتستني مني امضي العقد ده .
نطق سكرتير فهد بجدية : فهد بيه مبيخلفش بكلمة اداها واكيد الشرط اللي طلبتوه هيتنفذ .
اسيل وهي تومئ : والله انا مسمعتش كلمة من فهد بيه بتاعك د ...
قاطعها وهو يضرب يده بحدة علي الطاولة الكبيرة واردف بنبرة تبعث الرعب في اي شخص : انا مسمحلكيش بالتهكم عليا او علي شركتي .
ارتجفت اوصال كل من في الاجتماع ما عداها وتدخل عزام ليحل الموقف فهو يخشي ان تعلق ابنته مع هذا الوحش الكاسر أو أن يضعها في رأسه فقط ... بينما كانت هي تنظر له بنظرات مشتعلة وواثقة .
عزام بهدوء وتوتر : الامور بالهدوء ... انا بعتذر عن اللي قالتو اسيل يا فهد بيه .
لتنظر هي لوالدها بملامح مدهوشة ثم تحولت ملامحها للضيق الشديد واردفت بهدوء بعد ان شبكت اصابعها امامها معاً علي الطاولة ليظهر طلاء اظافرها النبيذي القاتم : انا بقي مش متأسفة خالص ومش هنمضي علي العقد ده ،، لما العقد الجديد يجهز ابقو بلغونا عشان نحدد ميعاد تاني .
ثم نظرت في ساعتها واردفت وهي تنظر في عيني فهد بتحدي : عن اذنك يا فهد بيه بس وقت حضرتك خلص ... واحنا ورانا شغل .ثم هبت واقفة وأخذت مقتنياتها وأشارت لريتاج بعينيها لتلحقها وخرجت من غرفة الإجتماعات وعلي وجهها ملامح الانزعاج من هذا الاجتماع ... بينما هب هو واقفاً وهو يحاول السيطرة علي اعصابه وخرج من غرفة الاجتماعات غير آبه بعزام الذي يناديه ليحل سوء التفاهم هذا بينما تبعهُ مدير أعماله والسكرتير الخاص به بعد ان حدد موعد اخر لامضاء العقد مع عزام .
ما ان خرج من غرفة الإجتماعات حتي توقف متابعاً إياها وهي تبتعد عن ناظريه حتي دخلت مكتبها ... ثم التف لمدير أعماله واردف بغضب : انت مطرود .
تجهم وجه مدير أعماله علي الفور ولكن ليس بيده ان يناقشه حتي ،، فأومأ بخفوت وهو مطأطأ رأسه للأسفل .
ثم التف الي السكرتير الخاص به واردف بحدة: عايز كل حاجة عنها . ،، ليومئ سكرتيره بمعني نعم في صمت .
⬢ ⬢ ⬢ ⬢ ⬢ ⬢
_ هو فهد نجم الدين ذات الثمانية والعشرون من عمرة توفي والديه وهو في عمر الثامنة عشر في حادث سيارة وأصبح هو المسئول عن نفسه وعن أخيه الذي يصغره بخمس سنوات ،، صاحب اكبر إمبراطورية عملية في البلاد له نفوذ داخلية وخارجية وله علاقات عامة تصل لاكبر الحدود في العالم .... كل هذا لا شئ بجانب أمواله التي لا تعد ولا تحصر التي تجعل الجميع كالخاتم في يده ينفذون أوامره بدون تفكير ،، بجانب هيئته وجبروته الذي يتجنبه الجميع بسببهم ،، هو يتلاعب بالجميع كيفما يشاء .. كل شئ حوله يسير علي هواه .. واذا اراد اي شئ فسيأخذه حتماً.
_ هي أسيل عزام بنت رجل من أكبر رجال الأعمال في الدولة له نفوذ عالية كأي رجل أعمال ولكن لا تتعدي نفوذ فهد نجم الدين ... توفت والدتها وهي تلدها ،،كان لديها أخ يكبرها بكثير ولكنه توفي في حادثة شنيعه اثرت عليها ،، لديها أخت أكبر منها تدعي سلوي كانت لها بمثابة الام والاخت ،، أسيل عزام صاحبة الواحد والعشرين من العمر .. صاحبة الهيئة الجذابة بما تمتلكه من ملامح فاتنه ببشرة برونزية مائلة للبياض وفم كريزي صغير بعض الشئ وعيون بنيه مائلة للعسلي وشعر بني فاتح ،، هي تلك الفتاه الواثقة من نفسها .. المعتزة بكبريائها لا تآبه لأحد لا تسمع سوي صوت عقلها ... شامخة لا ترضي الذل ابداً أو التلاعب بها .. لا يهمها اصحاب النفوذ العالية تتعامل مع الجميع حسب معاملتهم ،، وفاة والدتها جعلتها مكسورة في هذه الحياه برغم وجود أختها ووالدها إلا أنها دائماً تشعر بالوحدة ،، رغم كل هذا لديها قلب طيب يمكن ان تعطي الحنان لاي أحد اذا اردات ،، منذ تخرجها اصبحت تعمل مع والدها في شركته واثني الجميع علي كفائتها وجائها الكثير من العرسان إلا انها ترفض فهي تخف ان تنجب طفل/ة ويحيي في هذه الحياه بدونها او بدون والده مثلها .
⬢ ⬢ ⬢ ⬢ ⬢ ⬢
ما إن خرج الجميع حتي فك عزام ربطة عنقه بعصبية و شرب كوب الماء الذي يقبع امامه علي الطاولة وهو يذدرد ريقه في توتر فهو يخشي علي ابنته من صاحب الجبروت والسلطة ، ثم قام متوجهاً لمكتب ابنته .
- انتي اتجننتي يا اسيل ايه اللي هببتيه ده في الاجتماع ،، اندفع عزام في ابنته قائلا بتهجم فور دخوله .
اسيل بنبرة حانقة : بابا لو سمحت كفاية انك اعتذرتلو انا مش عارفة ازاي عملت كدي أصلاً .
عزام بتجهم وملامح مقفهرة من التوتر والعصبية : اسيل انا خايف عليكي تعلقي مع فهد انتي مش ادو .
اندفعت اسيل في والدها بحنق شديد : بابا انت عارف اني ميهمنيش ولا عشرة زيو طالما انا علي حق ،، كنت عايزني اقبل بالشراكة دي ازاي و مش هيجينا نفع لو وافقنا علي شروطهم ،، مهو يا يغيرو الشرط يا مش لازم شراكة اصلاً .. تابعت حديثها بسخرية وهي تنطق اسمه : الشركة مش هتقف علي شراكة فهد نجم الدين يعني .
نظر لها بعصبية واردف بحدة : هتفضلي طول عمرك عنيدة ومبتسمعيش غير صوت عقلك ... ثم أخذ نفساً عميقاً وتحدث بهدوء قليلاً : حددو ميعاد ترني عشان نمضي العقد هيبقي الاسبوع الجاي ،، مش عايز اللي حصل يتكرر يا اسيل .
تنهدت بعمق واردفت بثبات : مفيش حاجة هتحصل بما انهم هيغيرو الشرط يا بابا .
نظر لها بنفاذ صبر واردف : ربنا يهديكي يا بنتي طالعه عنيدة شبه مامتك . ،، ثم خرج متجهاً لمكتبه .
بينما ترقرت هي الدموع بعينيها حين ذكر والدتها التي لم تعهدها قط الهذه الدرجة الحياه قاسية لكي لا تنعم برؤية والدتها وإحتضانها والشعور بدفئها ولو ليومٍ واحد .
⬢ ⬢ ⬢ ⬢ ⬢ ⬢
مساءاً كان جالساً علي مقعده الوثير المنجد بالاحمر القاتم مع اساسه البني الموجود بأحد جوانب غرفة مكتبه الفخمة بڤيلته التي قليلاً ان يقال عنها قصراً بمعني الكلمة من هيئتها الثرية والهالة التي تحيط بها فهي ڤيلا نجم الدين ... كان جالساً يتطلع بشرود للملف القابع بين قبضة يده وعلي وجهه ملامح خاليه من التعبير ،، تجعلك لا تعرف مايكمن خلف هذه الملامح الجذابة .. حين دق الباب بخبطة معينة هو يحفظها جيداً إبتسم وترك الملف من يده وقام واتجه بخطواته الرزينة ناحية الباب ليدير المقبض ويفتح الباب ،، وقف بطوله واضعاً يديه في جيوبه وهو يشاهد الابتسامة البلهاء التي ترتسم علي ملامح أخيه الواقف أمامه .
- ' قطعتك عن الشغل ' قالها الشاب الذي لا يختلف كثيراً في هئته الخارجية عن أخيه وهو يحك عنقه من الخلف بيده ويبتسم ببلاهه جعلت غمازات وجهه البرونزي تظهر .. هو يشبه أخيه في ملامحه الحادة بعض الشئ والذي ورثها كلاهما عن والدهم نجم الدين الذي كان يعرف بقسوته وجبروته في العمل ،، الإختلاف بينهما انه يمتلك عينيان بنيتان وشعر بني كثيف مع لحية خفيفة للغاية بنية اللون .
أخرج فهد يديه من جيبه وخرج بخطواته من المكتب ثم وضع يده فوق كتف أخيه واقاده للاريكة ليجلسوا سوياً وهو يردف بإبتسام : ازيك يا عمار .
عمار مبادلاً اياه : انا كويس ازيك انت .. كنت بتشتغل ولا ...
قاطعه فهد ضاحكاً : عايز ايه يا عمار .
حك مؤخرة عنقه و عبث بشعره وهو يردف بخفوت : مش هتجوزني بقي .
فهد بهدوء : احنا مش اكلمنا في الموضوع ده وقلتلك لما تعتمد علي نفسك الاول ولا عايز تتجوز واصرف عليكو انتو الاتنين .
هز رأسه بضجر واردف بإنزعاج : ما انا من ساعة ما اتخرجت وانا شغال معاك .. دا مش كفاية .
تحدث ببعض الحدة وهو يقلب عينيه : سنتين ... هما سنتين اللي اشتغلتهم وبتشتغل يوم وعشرة لأ وكل شوية طالع الساحل مع صحابي ،، مسافر باريس مع صحابي ،، كل اما اوكلك باي حاجة بتفشل بيها ،، هتتجوز وتشيل مسئولية ازاي ،، انت عارف يعني ايه جواز يعني مسئوليه بإستهتارك ده مش هتقدر عليها .
أنزل عمار رأسه ارضاً في خجل من أخيه فهو يعلم انه صادق في كل كلامه وهو يعلم مدي حب أخيه له ،، وارادته في جعله يعتمد علي نفسه فأردف بضياع وحزن : بس كدي هتضيع مني .
فهد بتنهد : بتحبها .
اومأ بحزن ،، فأردف فهد بجدية : هكلفك بمهمة ولو نفعت فيها هجوزهالك وده وعد ولو منجحتش مش هتجوزها لحد ما تبقي راجل يعتمد عليه .
تهللت أساريره واردف بسرعه : انشاء الله هنجح قولي ايه هي .
فهد وهو يقف ويضع يديه في جيوبه : هقلك بكري في الشركة عايزك الصبح بدري في الشركة عشان تروح الشهر العقاري مع السكرتير بتاعي .
عمار مستفهماً : هنروح الشهر العقاري ليه وبعدين وانا اروح ليه ما هو يروح وخلاص .
فهد بحدة مصطنعه : وتقولي عايز اتجوز .. ومشوار صغير زي ده مش عايز تعملو ،، عمار عشان تدير املاكك لازم تعاصر كل حاجة بتحصل حواليك قبل ما تقعد علي مكتبك وتحط رجل علي رجل وتدي أوامر ،،لازم تثق في كل اللي شاغلين تحت ايديك وتعرف كل حاجة ماشية برا مكتبك ازاي وبعد ما تطمن تقعد في مكتبك وتدي اوامرك براحتك فاهمني .
تنحنح عمر في حرج واردف متأسفاً : أسف فهمت هروح معاه .. بس ممكن اعرف هروح ليه .
التف فهد وسار مبتعداً عنه وهو يتحدث بثبات : انا تعبان عايز انام بكري تعرف في الشركة .
جري ورائه يلحقه واردف بحزن : طيب استني .. ثم تنحنح واردف : زعلان مني .
التف له فهد وابتسم بهدوء وعيناه تشع حنان لأخيه الاصغر واردف بجدية : مش زعلان يا عمار بس انت لازم تكبر شوية بقي انت مبقتش صغير .
ابتسم له عمار وأحتضن أخيه ليستمد منه الحنان الذي يحتاجه دائماً بعد فقدان والديه وهو في سن صغير واردف وهو يعتصر أخيه بين يديه ببكاء : انا أسف هكبر والله متزعلش مني .
بعثر له خصلات شعره واردف بحنان وهو يبعده عنه : متبقاش خرع زي البنات كدي يلا ،، انشف انت راجل ، وقلت مش زعلان انت هتخليني زعلان بالعافية .
ابتسم وهو يمسح دموعه واردف بطفولة : انا بحبك اوي .
ابتسم فهد مبادلاً أخيه وباغته بنفس الكلمة ثم اردف بجدية : يلا بقي تصبح علي خير وفوراً علي اوضتك وبكري الساعه تسعه تكون ادامي في المكتب .
اومأ عمار بهدوء لأخيه وصار مبتعداً عنه وصعد السلالم متوجهاً لغرفته ،، بينما وقف فهد يشاهده بحزن ،، هو يعرف ان أخيه يفتقر لحنان والديه وهو يعوضه بقدر كافٍ بشتي الطرق ويغمرهُ بحنان نابع من قلب الأخ وعاطفته ،، ولكنه ايضاً يقسي عليه احياناً ليعتمد علي نفسه ولكنه ينهار امامه باكياً فينسي فهد مهمة توجيهه للمسار الصحيح ويخفف عنه بحنانه .
⬢ ⬢ ⬢ ⬢ ⬢ ⬢
#يتبع
⬢ ⬢ ⬢ ⬢ ⬢ ⬢