الفصل الثالث والعشرون - بنات حورية
الفصل الثالث والعشرون
حالة جود لم تكن خيرة أبداً ،، كاد يخبط رأسه في الحائط من شدة خوفه عليها وعلي أطفاله وقد قيل له أن ولادتها متعثرة بسوء للغاية ،، يقف وحده .. لم يكن ليغامر بخروج والدته من منزلها في وقت كهذا كذلك لم يخبر أحداً من شدة ارتباكه وهو يحملها ببجامتها خارجاً من المنزل بعد أن اخذ بعض الأغراض للطفلين كما وجهته جيلان .
بعد قليل أقبلت عليه سبأ وسفيان معها ،، بقلق من ملامحه المتالمة حدثته : ما بكَ جود هل جيلان بخير .
قال جود وقد قارب علي البكاء من شدة قلقه : قالو ولادتها متعثرة ادعي لها يا سبأ .
شهقت بذهول ،، أساساً ليس موعد ولادتها الأن ،، لقد صُدمت منذ ساعة تقريباً وسفيان يربت علي وجنتيها وشعرها ليوقظها .
لم تكن تعرف متي غفت أساساً ولكن حين نظرت للساعة وجدت أنه مرت ساعتين منذ غادر المنزل ،، نظرت له بتشوش قائلة : ماذا تريد .
قال بروية : اسمعيني بهدوء أختك جيلان تلد يجب ..
جلست بصدمة قائلة : هل تمزح بهذا الوقت .
قال بصدق : لا أمزح .
نظرت له بعمق تتبين صدقه من مزاحه ولكن متي عرفت هي من ملامحه شئ ،، بحثت عن هاتفها جوارها تريد التأكد مما يقوله فسحبه من يديها بغضب قائلاً وقد ألمه تصرفها بعدم تصديقه : لما أمزح بهكذا موضوع ،، أختك بالمشفي يا سبأ وتحتاجك .
خرجت معه غير مدركة كيف علم هو بهذا الخبر دوناً عن الجميع ولم تفكر في سؤاله وهي تفكر بجيلان فقط بعد أن أفاقت عيا من نومها وأخبرتها بالأمر قائلة : هيا جيلان تلد ،، سأذهب أنا وسفيان لهم بالمشفي .
هيا بذهول : سأتي معك .
نفت قائلة : ليس هناك وقت سأذهب الان ولكن لا تبقي هنا وحدك اتنزلى واخبرى أبي وأمي .
نزلت هيا معهم للمنزل وغادرو هم للمشفي وهي الأن تقف أمام غرفة العمليات بقلق يشابه قلق جود تماماً هامسة بدعاء أن يحفظهم الله ،، وسفيان كان يعزز من قوة جود ويسانده مخبراً إياه أن كل شى سيكون أفضل بإذن الله .
كان يستمع لصراخها هي فقط وأخيراً استمع لبكاء صغير ناعم خرج للحياة لتوه ولكن صراخ حبيبته لم ينقطع بعد ولم ينقطع ويهدأ حتي سمع بكاء أخر بعد خمود صوت البكاء الأول ليعلم أن توأميه في الداخل الأن .. دق قلبه بعنف وجف حلقه منتظراً أحداً يبلل ريقه ويطمأنه علي زوجته وأطفاله حتي خرجت الطبيبة المشرفة علي حالتها قائلة بتنهد وابتسامة : الحمد لله لقد انتهينا ،، مُبارك جائكَم ولدان .
ابتلع ريقه غير منكراً لرجفة جسده وتلك المشاعر الجديدة تسيطر عليه ،، ولكنه تدارك تلك المشاعر سائلاً بتلهف : جيلان زوجتي كيف هي .
أخبرته الطبيبة براحة : ستكون مرهقة قليلاً ولكنها بخير ،، ولكن بالطبع في حالة الولادة المبكرة تلك يجب وضع الطفلين بالحضانة حتي نطمئن عليهم ،، ولكن لا يوجد ما يبشر بالخطر لذا لا تقلق .
رحلت الطبيبة وبعد قليل خرجت ممرضتان يحملان الطفلان لتشهق سبأ ببكاء ،، كانا صغيرين للغاية جميلين بدرجة لا توصف ،، لم يستطع جود حمل أى منهما فقط لمس وجه أحدهما بحنان قبل أن تاخذهم الممرضات وترحل ،، ومن خلفهم خرجت جيلان متعرقة الوجه شاحبة .. لا تشعر بشئ مما يدور حولها .. أدخلوها غرفة واعتنو بها قبل أن يعلم جود منهم : هي نائمة الأن والطفلين بالحضانة ،، يمكنك الدخول لزوجتك إذا أردت .
وبالطبع دخل لها ممسكاً بكفيها مقبلاً كل إنش بوجهها وهو يتأكد من تنفسها المنتظم وكأنه لم يصدق كلام الطبيبة .. كانت بخير وهذا كل ما يهمه بعد تلك اللحظات العصيبة .. جلس جوارها وظل ممسكاً بكفيها حتي غفى من شدة إرهاقه .
بالخارج أخبرت سبأ سفيان : لنذهب ونرى مكان الطفلين .
أومأ موافقاً وذهب أمامها يسأل عنهم حتي تم إرشادهم لهم .. كان بهو الحضانة خلف الزجاج واسع وفارغ فوقفت سبأ متلمسة الزجاج هامسة بعاطفة : يا إلهى هل تراهم إنهم .. إنهم..
عجز لسانها عن التعبير حقاً فقد كانو كسحراً ولم تستفق من سحرهم إلا علي ذراعيه التي حاوطتت خصرها وهو يخبرها بهدوء متلذذاً بالموقف وقد تناسي للحظة ما بينهم : إنهم كالملائكة ،، عقبال أولادنا .
قطبت حاجبيها بشدة والفكرة تقف بمنتصف حلقها كغصة مريرة فدفعته برفق قائلة بحدة عكس تصرفها : لا تتجرأ وتلمسني مرة أخرى .
أعطته ظهرها مجدداً بألم وانسابت دمعة خفيفة من عينيها وهي تفكر بتلك اللحظات التي فكرت في طفل صغير .. ملاك يكون منه ولكن أى ملاك سيأتى بوجود سفيان ،، رفعت رأسها لها تخبره بعدم فهم : لا تحلم أنا لست حامل ،، هذا فضل من الله أنه لن يربطني بك بطفل .
رأت الألم بعينيه قبل أن تلين ملامحه بقهر عيونه الذي مزق داخلها وهي لا تعرف ما سببه ،، رفع لها كفه يعد علي أصابعه مجدداً ناوياً إخبارها أنه لن يطلقها وأن الله سيرزقهم بأطفال بعد أن ينال مسامحتها ولكن قبل إخراج الكلام من فمه دخلا والديها وأختها .
حماس هيا طغي علي المكان وهي تصيح بدهشة وعيونها تخرج قلوباً حين شاورت سبأ لها علي الطفلان ،، بينما حورية ودياب متمسمان ببعضهما يجربان مشاعر الجدودية المسيطرة عليهم .. نظرت حورية لوجه زوجها قائلة : مبروووك يا جدو .
ضحك دياب بدموع متأثراً قائلاً : يبارك بكِ يا حبيبتي .
ثم استطرد ممازحاً بصوت عالٍ فأضحك بناته وابتسم سفيان بهدوء ناظراً لهم : انظرو لتلك الجدة الجميلة .
نظر سفيان لهم بندم ورأى ضحكة سبأ التي لم تصل لعينيها ولكنها كانت من قلبها بكل تأكيد .. كيف له أن يفعل هذا بها .. كيف له أن يفرط برباط تلك الأسرة ويجرح أحداهن بهذا الشكل .. متي كان هكذا .. ندل وأناني ووغد كما شكلته الظروف .. تلك الصفات لم تكن جزءاً من شخصيته أبداً ،، ولكن هي تلك الظروف التي وضعت سبأ في حياته .. فتشتت .. أصبح كشريد ضال تاه عن طريقه .. ذلك الطريق الذى رسمه لذاته منذ زمن .. شاب طموح فقد والده بسن مبكر ورغم عدم تواجد أحداً جواره استطاع عمل اسم لنفسه ولذاته ببلاد غريبة .. فتاة رائعة كالطفلة دخلت حياته فملأت الفراغ الذى كان يعمها .. ملأت الجزء الطفولى الذي انطمس من شخصيته ولا ينكر أنها أحيته من جديد بعفويتها ولكنه أدرك وهو يراها بين ذراعي غيره يقبلها أن قلبه لم يدق لها يوماً لقد كانت العادة هي ما جعلت منها حبيبة .. قد كانت لميا هي السبب في كل شئ .. حبها السخي كان لا بد أن يقابله بمشاعر سخية هو الأخر ولكنه كان مخطأ لتوه عرف أنه كان أناني حين أعطي للميا مكانة لا يشعر بها فقد لتملأ فراغ بداخله متجاهلاً عن كونه يظلمها .. وكم كان أناني حين أعطي لسبأ مكانة ظناً منه أنه يلعب .. مكذباً كل مشاعره غافلاً عن كون سبأ لم تحتل فراغ واحد بل احتلته كله .. قلبه ،، كيانه ،، مسامه التي باتت تريد الشعور بها وملامستها .. وروحه ! .
كان ولا بد أن يعرف أن التشتت الذى يصيب روحه جوار سبأ .. ذلك القيد الذي قيد تفكيره وعقله وأخبره أن ينساق وراء ما يحدث دون تفكير .. أن يوافق علي تلك الوصية فيمتلك تلك التي تخرب داخله .. كان لا بد له مع كل ذلك أن يدرك أن هناكَ أمر خاطئ بمسيرة حياته .. كان لا بد أن يبتعد حتي يسيطر علي حواسه المخدرة بجوارها .. وبالفعل كانت مخدرة بسحرها الذي عرف أنه كان حباً يتغلغل دواخله ويتمسك بروحه وعقله وقلبه كالقيد .
كان ولا بد أن يعرف أن التشتت الذى يصيب روحه جوار سبأ .. ذلك القيد الذي قيد تفكيره وعقله وأخبره أن ينساق وراء ما يحدث دون تفكير .. أن يوافق علي تلك الوصية فيمتلك تلك التي تخرب داخله .. كان لا بد له مع كل ذلك أن يدرك أن هناكَ أمر خاطئ بمسيرة حياته .. كان لا بد أن يبتعد حتي يسيطر علي حواسه المخدرة بجوارها .. وبالفعل كانت مخدرة بسحرها الذي عرف أنه كان حباً يتغلغل دواخله ويتمسك بروحه وعقله وقلبه كالقيد .
...........................................
لم تنم طوال الليل ولم تنيمه أيضاً ،، كلما شعرت به حولها تستيقظ فتتململ بخوف محاولة إزاحة يده من عليها ليشعر بها فيتركها علي راحتها حتي تبتعد عنه وتهدأ وتعود للنوم فيقربها منه مجدداً مستغلاً تلك اللحظات التي تنام بهم بالفعل نائماً هو الأخر رغم جسده الذي يشتعل وقد علم بالفعل تلك المقولة التي تقول " لقد وقعنا بالفخ " .
لقد وقع عاشقاً بفخ طفلة صغيرة بهيئة أنثي تخاف قربه وكأنه الغول الذى سيخرج من أسفل سريرها وسيلتهمها وهي نائمة ... فتح عينيه صباحاً علي دق الباب .. فوجدها تتململ هي الأخرى وتتمطي بذراعيها كطفل صغير حتي اصطدمت بوجهه ،، فأخذت تتحسسه وعينيها تنغلق بعدم إدراج غير مستوعبة تواجد شئ بجوارها حتي فتحت عينيها ورأته مبتسماً ضد كفها المستكين علي وجهه فسحبت يديها بسرعة بعد أن أنزرها قلبها بأنه لربما ستثيره تلك الحركة وسيفهمها خطأ .. نظرت له مستفهمة ،، مترقبة لملامحه بخجل قبل أم يضحك هو بقوة مقبلاً جبينها مصبراً ذاته بعمق واقفاً متجهاً لباب الجناح .. وتبعته هي بفضول مراقبة إياه من فتحة الباب الصغيرة فلم يصلها صوت الباب .
راقبته يفتح باب الجناح ووجدت عاملة بالفندق أمامها ،، ناولته حقائبهم وهي تبتسم : أسفة علي إزعاجكم سيدى ،، لقد وصلت حقائبكم .
لاحظت تقطيبته مما زاد من وسامته فضغطت علي شفتبها بحنق وهي ترى تلك العاملة تراقب تعبيراته ،، سمعته يسألها : من أحضرهم .
سأل لأنه كان ينتظر حماه وحماته اليوم قبل سفره مع راما .. أجابته العاملة : لقد جلبها إحدى رجال دياب بيه ولقد أرسل رسالة معه أنه سيترككم علي راحتكم ولن يأتي اليوم ويراكم علي خير بعد شهر العسل .
أغلق الباب والتف لتلك المتلصصة مباغتاً إياها بمعرفته فشهقت مغلقة الباب وجرت للسرير مندسة تحت غطاءه مرة أخرى بخجل وحين دخل عليها ضحك بعدم تصديق .. تلك الطفلة ظنها ستختبئ بالحمام وليس تحت الغطاء في السرير كدعوة صريحة له .. آآه لو تعرف بما يفكر ستختفي من الوجود حينها بخوفها هذا .
رفع الغطاء عنها قائلاً بسخرية : هل أحضر لكِ الحليب يا صغيرتي .
نظرت له بإحراج شديد قبل أن يستطرد هو بتذكر : لا ينسون هل أطلب الينسون لكِ .
كم ستكون شاكرة إن فعلها فهذا الينسون يفعل السحر بأعصابها لعلها ترتخي قليلاً من تشنجها ،، أومأت له ببطئ فابتسم وهو يرفع السماعة طالباً : أريد الفطور وكوب ينسون على جناح ..
وضع السماعة ونظر لها مرة أخرى لتسأله بخفوت : هل .. هل تجلب لى حقيبتي أرجوك .
تسائل : لماذا .
قالت وهي تتلاعب بالغطاء : لست مرتاحة بذلك الثوب أريد تغييره .
التوت شفتيه محاولاً منع نفسه من الضحك قائلاً بتلاعب : ألن تأخذى إذني أولاً .
نظر له بدهشة غير مستوعبة قائلة بضيق : ليس علي أخذ إذنك ،، أنا أريد تغيير ثيابي .
حسناً ها قد بدأ المرح ،، هكذا فكر وقد علم أنه يجب أن يثير عصبيتها ووقاحتها كي يخرجها من شرنقة الخوف تلك ،، اقترب منها قائلاً : نعم أنا زوجك ويجب أخذ إذني بكل صغيرة وكبيرة تفعلينها .
ابعدته عنها واقفة متناسية خجلها لتقل بوقاحة : ولما أخذ إذنك بأى شئ أساساً أنا حرة وأستطيع فعل ما أريد .
ثم تركته متوجهة للخارج لتجلب حقيبتها ليتبعها قائلاً : هذا خطر يا صغيرتي ،، هل تقصينني من قراراتك هكذا منذ أول يوم بيننا .
نظرت له قائلة بغباء : هذا ليس أول يوم بيننا أعرفك منذ ما يقارب السنة .
حاوط خصرها من الخلف رافعاً إياها عن الأرض بانتشاء مستمتعاً بجسدها بين ذراعيه : حقاً أخبريني إذاً ماذا تعرفين عني .
توترت بخوف مجدداً من ذراعيه التي تحاوط خصرها ضاربة معدتها بإرتعاش وصل لقلبها فازدادت نبضاته بألم فتخبره قائلة : سأخبرك فيما بعد اتركني .
لا لقد عجبه الوضع هكذا ،، تحرك بها حتي جلس علي الأريكة ووضعها علي قدميه مكبلاً جسدها قائلاً بجدية : لا ،، أريد أن أعرف الأن .
نظرت لوجهه وإزدادت وتيرة تنفسها بشكل ملحوظ وهي تحاول أن تتحدث .. إلا أنها فشلت فماذا يريد أن يسمع عنه ،، عضت شفتيها متخبطة بإحراج وبدا جسدها بالتعرق من قربه فخشي عليها حقاً قائلاً بروية : راما حبيبتى انظرى لى .
نظرت له بعيون لامعة فأخبرها بلطف : هل تعلمين أننى أحبك .
تعلقت عيناها بعينيه بترقب ليمسك بكفها مقبلاً أصابعها ومتلاعباً بهم : أحب روحك الطفولية ،، وأحب عينيكِ الخضراء وأحب شعرك الكثيف هذا .
قربها له أكثر مشتماً إياه مكملاً : منذ أول نظرة لمحتك بها وقد شعر قلبي أنكِ المنشودة .. ألم تتسائلى أننى طلبتك للزواج بعد محادثة دامت بيننا عدة دقائق فقط .
تذكرت هامسة بطفولة : لقد كنت وقح .
ضحك مقبلاً وجنتها والتى كانت كالسكر فنظرت للأرض بخجل فقال هو : في الحقيقة لم أكن أعرف ماذا أنا بفاعل حينها كان جسدي منساق خلف روحى التى اندفعت لكِ ما إن رأتكِ .
كلامه يريحها ويهدأها ولكن أفعاله تعود وتسارع من نبضها الخائف .. تهدأ بحديثه فيقبلها فتتشنج مرة أخرى .. لاحظ هذا جيداً ليعرف أن طريقه طويل .. هو الذى أصر على أخذها ابنة التاسعة عشر عاماً وعليه أن يحتمل ويصبر .. طالبها قائلاً : حسناً أخبرينى أنتِ بماذا شعرتى حينها .
أخبرته بصدق : بالخوف ،، لقد خفت منكَ كثيراً .
أيدها متابعاً بعمق : كما أنتِ خائفة الأن أليس كذلك .
نظرت له محرجة ،، تخشي ألا يتقبلها هكذا فهمست متسائلة : هل مزعجاً ،، هل هذا .. أقصد أنتَ .. أقصد خوفي هل يضايقك .
ابتسم من مجرد تفكيرها به ،، وابتسامته كانت حنونة لأبعد الحدود .. ملس علي وجهها : ليس تماماً ،، أنا فقط خائف عليكِ ،، لا تخافي مني أنا راما أخبرتك أن تثقي ،، خوفك من علاقتنا لن أحاسبك عليه ولكن لا تشعريني أنكِ خائفة مني أنا .
أومأت خائفة رغماً عنها : حسناً لن أفعل ولكن أعطني وعداً .
أغلق عينيه لثوانٍ وكأنه يعرف طلبها قبل أن يتسائل : بماذا .
تلاعب بأصابعها بخجل ليتخلل بأصابعه كفيها مندثاً بينهم قائلاً : هيا أخبريني ،، لماذا أكل القط لسانك منذ أمس ،، لم تكوني هكذا قبل يومين فقط .
نظرت له ممتنة لفهمه ولكفه الداعم لها : لا أعرف أشعر أن هناك شئ تغير ،، أنتَ تربكني جداً ،، حسناً أنا أشعر بأن الكلام يقف بحلقي ولا يريد الخروج ،، أو ... أو لأنه أصبحنا زوج وزوجة بالفعل .. لست مستوعبة بعد أسفة .
تنهد بألم جسده وقد أرهقته تلك الشقية التي علي قدميه قائلاً بعتاب : نعم ولكن تلكَ ليست لعبة عريس وعروسة الذي يلعبها الصغار فلتدركي هذا ،، هيا أخبريني ماذا تريدين .
ورغم أنه يعلم ولكنه يود ان تتحدث هي ولكن بتلك اللكنة الشهية يريد ان ينقض عليها فسبحان من صبره بالفعل وهو يسمعها تتحدث : أريدك أن .. أن تعطيني وقتي لاتأقلم ،، يعني لو نظل كما كنا في الساابق لفترة حتي .. حتي .
قطب جبينه مانعاً ضحكة ساخرة ليسألها : كما كنا في السباق كيف .
للحظة فقط اندفعت بعض من كلمات هيا الساخرة التي كانت تقولها في جلساتهم هي وأخواتها معاً " راما تلك هبلة ،، إنها وقحة اللسان فقط ولكن يستطيع أى شخص استدراك ما يريد منها ،، مثلاً راكان غداً يجلسها أمامه كما الطفل ويسأل وهي تجيب " .
نظرت له للحظات ورأت نظرة عينيه الضاحكة بسخرية ،، فقال بجدية وهي تقف من علي قدميه ،، قد تكون راما طفلة خائفة منه ومن علاقتهم ولكنها ليست بضعيفة أبداً ،، نظر لها بعد أن وقفت بحدة واستمع لها : كما كنا راكان أنتَ تفهمني ،، أنا لست مستعدة بعد لأى من أفكارك وأنتَ تفهمني أيضاً ،، لقد أخبرتك أن نؤجل عرسنا وأنتَ لم توافق لذا ستتحمل حتي أتأقلم أنا .
تركته بغضب طفولى وأخذت تجر حقيبتها حتي الغرفة وأغلقت الباب خلفها بغضب كذلك وهو يتابعها متسمراً بدهشة قبل أن يفكر هل قالت كل هذا بجملة واحدة ،، تلكَ الصغيرة الفاسقة هل قصدت ما فهمه وأعلنت بهِ هكذا حتي ولو لم تقله صريحةً .. سبها ببذائة وهو يتجه للشرفة واقفاً أمام اندفاع الهواء الساقع بعد أن خلع تيشرته بعنف لعل نيرانه تهدأ ،، وقد علم أن أياماً سوداء من العذاب تنتظره مع تلكَ الفتاة .. نعم فتاة فيبدو أن طفلتة الصغيرة تتحول بمزاجها .
حسناً .. فاسقة وقحة تتحول بمزاجها وتوقعه بفخها هذا كثير عليه في يومين !! .
حسناً .. فاسقة وقحة تتحول بمزاجها وتوقعه بفخها هذا كثير عليه في يومين !! .
........................................
تسبح بهذا النادى المخصص لتمارين السباحة العالمية ،، تعشق الغوص بالأعماق مستكشفة كما تعشق كونها هشة .. خفيفة .. ورقيقة بين الخيوط الزرقاء التي تحاوطها ،، ورغم ارتدائها زيها الخاص بالسباحة ونضارة عينيها الصغيرة والبونيه الذي غطي شعرها إلا أنه عرفها علي الفور ما إن دَخل من باب القاعة الكبيرة فابتسم بحب مقرراً تدريبها ساحباً بعينيه المدربة التي كانت معها ،، في الحقيقة هي لا تحتاج لأى مدربين فقط وصلت للعالمية وانتهي الأمر ولكنها كعادة الأمر لا بد أن يكون هناك من يشرف عليها طالمة ما زالت سباقة في هذا المجال ممارسة مسابقات عالمية وغير مكتفية بمجرد هواية لنفسها ... اصطدمت به وهي تصعد محل مدربتها بعد أن تركتها تعد لها الوقت وغاصت في الأعماق تجوبها بأكملها بنفسٍ واسع ،، كانت تتنفس بقوة وهي تنظر له ببراءة عيونها .. ناظرة له بكل جمال الكون في نظرة عينيها بعد أن رفعت نظارتها قائلة رغم بنبضاتها التي انتعشت مرتفعة فخشيت أن تكون له مسموعة : أهلاً ،، كيف حالك أستاذى .
ابتسم بمراوغة شقية لتلك الفتاة التي تصر علي مناداته بأستاذى رغم أنه لا يكبرها إلا بخمس سنوات أو أقل ببضع شهور قائلاً : لسنا بالمدرسة يا حنين توقفي ،، سأسعد أكثر إن قلتى سليم دون ألقاب .
داعبت عنقها بيديها بخجل قائلة برقتها : لا لا يصح .
ضحك قائلاً : يصح يا جميلتي هيا إلي التمرين .
ثم رفع التايمر الذى أخذه من المدربة قائلاً : أريد وقت أقل من هذا هيا .
تنفست بعمق وخجل وهي تستمع لعده قبل أن تبدأ متحركة لأسفل .. ثوانٍ شعر بهم دقائق كثيرة وشعر أنه يريدها دائماً وأبداً أمام عينيه لذا حين خرجت مباشرةً وجدته خارج المسبح فنظرت له بتساؤل فأخبرها : ممتاز يا حنين والأن انتظرك بالكافيه غيرى ثيابك والحقي بي .
وانطلق من أمامها غير مستمعاً لتسائلها المستفسر ففكرت هي بماذا يريدها وخرجت تفعل ما قاله حتي كانت جالسة أمامه بتورد قائلة : هل هناك شئ ألم أكن جيدة بالادريب اليوم .
نفي قائلاً : ومن يجيده أكثر منكِ يا حنين ،، أنا فقط أود الحديث معك بأمر هام .
نظرت بترقب ليخبرها بصراحة : أريد موعد مع والدك لأخطبك .
شهقت بالبداية بصدمة ،، رباه هو من خفقت له نبضاتها _ سليم جاسر عز الدين نصار _ مدربها العزيز .. هل يبادلها شعورها أم أنه مجرد إعجاب فهمست بتساؤل : لماذا .. لماذا أنا .
أمسك بيديها مقرباً إياها من موضع قلبه قائلاً : لأن هذا دق لكِ أنتِ فقط يا حنيني .
............................................
الجميع ملتف حولهم ،، كانت تحتضن صغارها وجود يدعمها فمازالت مرهقة عدا راما التي سافرت ولم يخبروها بعد حتي لا تنقطع سفرتها مع راكان ،، عينيها تزرف دموعاً أمومية تنظر لهم تارة ولجود ووالدتها تارة أخرى لم يخرجهت من حالتها الهائمة غير أخواتها بحماسهن وخاصةً هيا : لا أصدق لقد أصبحت خالة ل ..
تابعت بعد أن تذكرت : صحيح ماذا ستُسموهما .
نظر جود لرفيقة قلبه قائلاً : لقد أتفقنا علي محمد و مروان .
ابتسم دياب بفخر قائلاً : أصبتم لا بد من تواجد اسم محمد بكل بيت .
قالت سبأ حينها : من محمد ومن مروان .
أخرجت رسيل قلم من حقيبتها وناولته لجود : اكتب علي الاساور الموضوعة علي يديهم .
أحذ القلم ونظر لزوجته التي أشارت بعينيها قائلة : ليكن هذا مروان وهذا محمد .
كتب بلطف مقبلاً كفي ولديه الصغار رغم أنه لم يظهر حنقه الطفولى حتي الان كونها جلبت التوأمين صبيان !! .
..........................................
في تمام الساعة التاسعة قبل ساعتين من الأن كان صهيب يتجهز للخروج من المنزل حين رن هاتف رسيل فالتقطه صهيب وخرج من الغرفة متجهاً لها حيث كانت تجهز الفطور وترص أطباقه علي الطاولة قائلاً : حبيبتي هاتفك يرن .
سألته ويديها مشغولة بترقب : من ؟ .
أجابها : إنها سبأ .
التقطت هاتفها وأخبرته : سأجيبها وأنتَ أجلس لتفطر وسأتي بعد قليل .
سأل وهي تذهب : هل أيقظتي مالك ليفطر .
نفت قائلة بتلقائية : لا حينما يستيقظ سأفطره لا تقلق .
قال حينها بعتب خفيف : ألن يشعر أنَّ هذا تصرفاً مقصوداً ،، أنا سأوقظه .
نظرت له قاطبة جبينها قائلة باستدراك : لم أكن أقصد أنا قلت لأتركه يستيقظ علي راحته .
قبل جبينها قائلاً : لا شك لدى بهذا وبكن سأوقظه ليفطر معي قبل أن أذهب .
تركها وذهب وهي اتجهت لمكان هادئ تعيد اتصال سبأ التي أخبرتها أن جيلان وضعت طفليها .. وبعد قلقها اطمأنت من سبأ أن جيلان وطفليها بخير ،، عادت لهم وقد وجدت مالك جالس بتذمر وأثار النعاس علي وجهه قائلاً بضيق ما إن رآها لصهيب :
لماذا أيقظتني هل يصعب علي رسيل عمل الفطور مرتين .
لماذا أيقظتني هل يصعب علي رسيل عمل الفطور مرتين .
هذا ما كان يناديها به .. إما رسيل مجردة وإما يخبر صهيب وسط حديثهم بلقب زوجتك ،، لم تحصل منه علي الإحترام النفسي حتي الأن رغم هدوءه وابتعاده عنها ،، رأت ملامح صهيب التي تشنجت بغلظة وكان في بداية نهره وتأديبه لتجيب هي بسرعة : لأن خالتك جيلان ولدت طفليها وسنذهب معاً للمشفي .
تفاجأ صهيب فانتبه لها : حقاً هل هما بخير .
أومأت مبتسمة بسرور : نعم بخير الحمد لله .
قبل جبينها مقرباً وجهها منه قائلاً : العقبي لنا بإذن الله يا طبيبتي .
قاطعهم مالك بغيظ : وأنا ما دخلى لا أريد الذهاب .
مجدداً استلمت رسيل الحديث : لأن والدك لديه عمل وسيذهب إليه وأنا سأذهب وحدى هكذا هل ستتركني أذهب وحدى .
جز الصغير أسنانه بضيق وشرع في تناول طعامه صامتاً مجبراً وداخله نزعة ترغب بحماية أي شخص خاصةً بعد فقدهِ العزيز لعائلته .
بعد ربع ساعة كانت تودع صهيب الذى أخبرها : سأنهي عملي سريعاً في الجامعة وأتي لكِعلي المشفي ،، وبما أننا ذاهبون للمشفي سأحجز موعد هناك لنطمئن عليكِ .
قطبت جبينها بمشاكسة : حبيبي أنا بخير .
نفي بصرامة مقبلاً إياها بشغف : أنتِ مرهقة ووجهك مصفر للغاية منذ أيام وأنا أريد الإطمئنان عليكِ يا بدرى .
استوعبت أنفاسها البطيئة بعد ذلك علي صدره بتمهل ثم قبلته هي قبلة بريئة صغيرة علي ذقنه قائلة : استودعك الله يا حبيبي .
ابتسم وحبها في الله يكبر في قلبه .. تلك الرسيل أصبحت بدر حياته ،، النور الذى تخلل له مرسلاً إياه لأدق طيات النعيم .
..........................................
في الثانية ظهراً وصل صهيب لغرفة جيلان بالمشفي ،، دق الباب ودخل ملقياً السلام علي هذا الجمع الكبير حاملاً بين يديه ورد ودبدوبين كبار بلون سماوى راقٍ لتبتسم جيلان بامتنان له : لماذا أتعبت نفسك لقد أحرجتنا والله .
قطب حاجبيه بمرح وهو يرى الطفلين ويداعبهم بقلب يخفق بشدة متمنياً قطعة من بدر حياته : لا يوجد حرج بيننا نحن عائلة .
أتته مكالمة بعد قليل ليستأذنهم خارجاً فخرج مالك معه ملتصقاً به ،، أنهي الاتصال والتفت له متسائلاً : ماذا يا بطل هل رأيت أولاد خالتك .
قال بحنان رغماً عنه وقد انبهر بعينيهم الرمادية المماثلة لعينين والدهم وشعرهم الأشقر المذهب كخليط من شعر جيلان وجود وبشرتهم البيضاء الناعمة : نعم لماذا تلك العائلة جميلة هكذا وأعينهم ملونة .
ثم تابع قائلاً بغيظ : ولكن أعين خالاتى الخضراء أفضل من الأعين الزرقاء التي تمتلكها زوجتك .
ضحك قائلاً : لقد قلت خالاتى وهذا إنجاز هل تشعر بهم هكذا حقاً .
نظف مالك حلقه بتوتر مخبراً إياه : يعاملونني جيداً .
قال بلطف : وهل كنت تظن العكس .
أومأ مالك فتابع صهيب : حسناً ورسيل .
هنا رفرف بعينيه بعيداً بجمود قائلاً : لن أقول كلمة أمي لأى امرأة حتي لو هي زوجتك .
تنهد صهيب بيأس : ليس هذا ما أقصده اللقب لا يهم يا حبيبي هل تراها تتذمر حينما تنعتها برسيل هكذا وكأنها تماثلك عمراً ،، أو تقول لي زوجتك دون احترام لها ،، أنا أقصد قلبك وما يشعر به يا حبيبى .
نظر للأرص بخجل قائلاً غير واعياً أنه يراها شيئاً كبيراً جداً لهذا ينعتها باسمها دون ألقاب فهو لا يراها والدته أو خالته ولكنها احتلت جزءاً من حياته فتعود عليها فقال بحرج : أنا لا أقصد أنني لا أحترمها .
وقف صهيب مكتفياً بهذا القدر حتى لا يتزمر مالك من محاصرته قائلاً : نحن نعرف هذا والأن هل تدخل وتنادى لى رسيل من الداخل حتى نذهب لموعدها مع الطبيبة .
قطب جبينه متسائلاً بقلق : لماذا هل هي مريضة .
أومأ له صهيب ليحثه على الدخول وبعد ثوانٍ كان يخرج بصحبتها قائلاً بهدوء : هل أستطيع أن آتى معكم .
قالت رسيل : بالطبع كما تريد .
حاوطها صهيب بذراعه واتجه لغرفة طبيبة نسائية أخذ موعد معها مسبقاً ،، قابلتهم بترحاب : أهلاً بكم تفضلو ،، إذا مدام رسيل مما تعانين .
قالت رسيل : أنا لا أشعر إلا بإرهاق جسدى ولكن ..
أكمل صهيب : ولكن وجهها مصفر على غير العادة و أصبحت تدوخ كثيراً هذه الأيام وتنام لفترات أطول أيضاً .
نظرت رسيل متفاجأة ،، هي ذاتها لم تكن تلقي بالاً ولك تكن تشعر بالأمر وجلاً كما يشعر هو ،، عينيها صرخت حباً له وهي تسمعه يتابع : أريد الإطمئنان فقط .
أومأت الطبيبة مبتسمة لهم : تفضلى معي .
تمددت رسيل علي السرير وفحصتها الطبيبة بعلامات وجه مرتخية تماماً قبل أن تخبرهم : مُبارك لكما زوجتك حامل بشهرها الأول .
هل قالت حامل .. أول ما خطر ببالها أن تنظر لمالك فراقبت ملامحه بتعاطف وقد قارب وجهه المحمر علي البكاء من تشنجه .. انتبهت لصهيب بعد ذلك وهو يقف أمامها مساعداً إياها علي النهوض مقبلاً جبهتها قائلاً بدون خجل : مُبارك لنا يا بدر حياتي .
ابتسمت له بفرح ،، نعم سعيدة فهي ستصبح أم لطفل ذُرع داخلها بحب لزوج صالح ،، قبضت علي يديه وهي تقف معه جالسين أمام الطبيبة مرة أخرى متلقين من التعليمات والتحذيرات كثيراً .. خرجت معه ناظرة لفرحة صهيب ولصدمة مالك متيقنة مما يفكر به .. متنهده بعمق فهو مازال لم يتقبلها ليتقبل طفلاً يشاركه صهيب أيضاً .
...............................................
بعد ساعاتٍ كثيرة تعدت اليوم تنهد راكان بتنفس شديد وهو يدخل للمنزل الذى استأجره في تلك البلدة بأسبانيا .. مدينة اشبيليه التي تتميز بأكثر المعالم العريقة والطبيعية في العالم .. كانت مفاجأة لها فهو يعلم أنها ستلتلهم العديد من التصميمات بتلك الأجواء .. ولكنها فتاة فظيعة حقاً .
فتح الباب علي وسعهِ ثم عاد لتلك الدبة القطبية التي نامت طوال الرحلة حتي الأن ،، لا يصدق نومها الثقيل لتلك الدرجة .. إذا لماذا لا تنيمه ليلاً من توترها .. حملها وأغلق السيارة ،، وضعها علي أول أريكة قابلته ثم خرج مدخلاً الحقائب ووقف أمامها أخيراً يتمعن بها ... رغم كل ما تذيقه إياه من عذاب إلا أن رؤيتها هكذا نائمة بآمان أمامه .. ملك يمينه تنعشه وتريحه بطريقة لا توصف .
اقترب منها ينزع عنها حذائها ثم معطفها وحينها استيقظت ببطئ تفتح عينيها بتمهل قائلة بعدم وعي : هيا أطفئى الأنوار .
نظر للسقف ضاحكاً بخشونة لتفتح عينيها باستغراب من تلك الضحكة فوجدته أمامها فاستوعبت قائلة بغفيان : راكان لماذا أصبحت الطائرة مريحة هكذا .
ضحك مجدداً مداعباً أنفها بأنفه مستغلاً غفوتها اللذيذة تلك قائلاً : لسنا بالطائرة يا دبه .
قطبت جبينها وأمرين يترددان بذهنها قبل أن تجلس باستيقاظ قائلة بهدوء ووقاحة معاً : أنا لست دبه ثم أين نحن .
جلس جوارها يجذبها لحضنه قائلاً : لقد وصلنا وجهتنا بالفعل ،، وأين نحن لتكتشفي بمفردك بما أنكِ أضعتي فرصة المعرفة منكِ ،، وبخصوص الدبة لقد ذهلتيني يا فتاة كيف تنامين أكثر من عشر ساعات كاملة متواصلة هكذا .
فركت عينيها دافعة بذاتها لأحضانه أكثر فقد كانت مريحة بحق قائلة بإرهاق : لأنني لم أنم جيداً أول أمس وظللت مستيقظة طوال الرحلة إلي أسبانيا والأن أخبرني بأى مدينة نحن .
قبل أنفها بمرح وهو يقف : ستكتشفي بنفسك والأن هيا لترى المنزل و ..
تذمرت بتعب قائلة : عظامى تؤلمني ما زلت أريد النوم لماذا أيقظتني أووف .
طمست مرحه حقاً بأعجوبة فحملها بخشونة وصعد بها لغرفتهم ،، ولقد كانت ستغفو حقاً إلا أنه أنزلها واقفة قائلاً : استحمي وغيرى ثيابك وأنا سأفعل المثل بحمام أخر ثم نرتاح قليلاً .
نظرت له بحب ثم قبلت وجنته متشكرة وهي تتجه للحمام فوقف هو متسمراً موقناً أنها لم تستيقظ بعد جيداً وإلا لكانت كتلة توتر سلبية منتشرة .. نزل بعد ذلك حاملاً الحقائب وصعد بها وأخذ ثياباً له وغادر من الغرفة حتي يترك لها راحتها .
.............................................
ساعدته بارتداء بدلته بصعوبة من مشاكسته ووقاحته .. لم تعد تستطيع ربط ربطة عنقه بسبب جذبه لها وتقبيلها مفسداً زينتها وقميصه .. فتتنهد بولع مماثلاً له ثم تعدل من قميصه والجيليه خاصته قبل أن تعاود لربطة العنق فيعاود تقبيلها لتلقيها علي السرير بحنق هامسة مأخوذة الأنفاس : لن أربطها ،، لا ترتدى ربطة عنق أساساً هكذا تبدو أفضل .
ثم تركته مغادرة لتعدل زينتها الخفيفة قبل أن يمسك كف يديها بكفه الرجولى الخشن نازلاً للأسفل حين دق جرس منزلهم معلناً وصول الضيوف ،، تركته في الطريق وهي تلمح حنين المتوترة أعلي السلالم : ديم سأذهب لحنين .
أومأ لها موافقاً وتركها ونزل هو يستقبل الضيوف مع فهد وأسيل والديه .
دعمت لورين حنين بتمسيد ظهرها بخفة قائلة بحنان : تحبيه أليس كذلك .
أومأت حنين برقة بخجل : نعم .
ابتسمت لورين بيقين : عيونك تلمع هذا واضح بشدة ،، أهلاً بكِ في سفينة الحب .
ضحكت حنين معها ثم أخبرتها لورين وهي تستمع لمناداة ديم : هيا نذهب .
حاوط ديم جسد أخته بأمان مخبراً الجميع أنها الأغلي علي قلبه وهو يدخل بها لجلستهم فتوقف المدعو بسليم لها بحبه مناولاً إياها باقة من الورود بيضاء اللون ببهاء فهمست برقة : شكراً لك .
ابتسم لها معرفاً إياها علي أهله : والدى جاسر عز الدين ووالدتي يارا وهذه أختي رفيف .
سلم عليها جاسر مرحباً : مرحباً بكِ يا بنيتي .
وحضنتها يارا بدفئ قائلة : أنا سأحتضنك ما شاء الله إنها نسخة منكِ مدام أسيل .
ابتسمت أسيل بمشاعر مضطربة ،، عينيها ممتلئة بالفخر علي تلك العائلة التي كونتها والأن أطفالها كبرو ويكونون عائلتهم الخاصة أيضاً .. تدعو فقط أن يكون الله معهم دائماً والخير حليفهم .
كانت لورين تتابعهم مضيقة حاجبيها بهدوء متعرفة علي تلك المرأة .. مصممة الأزياء المصرية المشهورة عالمياً وخاصة بفرنسا والتي عرفتها عن طريق راما فراما تحلم أن تسير طريقاً كطريقها .. ستسعد راما بشدة إن علمت أنها ستصبح ضمن العائلة حتي لو من بعيد ،، جلس ديم بعد ذلك وجواره لورين ممسكاً بكف يديها وواضعاً كفيهم معاً علي قدميها بتبجح أمام الجميع ،، ورغم نظرات تلك الرفيف لديم لكانت خجلة من تصرفه .
لعنت داخلها وهي تراقب تلك الرفيف تنظر لديم بانبهار مراهقة .. خاصةً لعنقه الذي رفضت وضع ربطة عنقه عليها فترك هو أزرار قميصة العلوية مفتوحة .. كانت تقبض علي يديه بكلتا يديها فتخبرها أنه متزوجاً وزوجته تجلس جواره هنا وما إن لاحظت رفيف أنها مراقبة حتي نظرت للأرض بخجل طفولى .. زفرت لورين بغيرة وهي تميل عليه قائلة : أريدك في الخارج قليلاً .
ثم وقفت خارجة متجهة للمطبخ بقلب يدق وجلاً وحنقاً .. وبات الهواء يخنقها حقاً من مجرد نظرات تلك الفتاة المراهقة التي لا تعني له شئ وهي واثقة إن كان لاحظها أساساً .. مفكرة أن لا بد وشعوره يكون أشد من هذا محرقاً قلبه حين يغار عليها .
ابتسمت له ما إن دخل خلفها قائلاً : ماذا يا حبيبتي .
اقتربت منه دافنة وجهها بعنقه متشممة رائحته الرجولية بعشق فحاوطها بتلذذ قائلاً بمشاكسة : هل اشتقت لي .
همهمت بهمس مقبلة عنقه ذائبة في حبه هذا الكائن الرجولى اسمر البشرة ليضحك قائلاً : هل تنتظرين قليلاً يا عاشقة حتي يذهب الضيوف .
ابتسمت بخجل ضاربة صدره بخفة قبل أن تبتعد عنه بوجهه محمر وهي تغلق أزرار قميصه وتربت علي صدره برتابة : هكذا أفضل .
ابتسم واعياً لما حدث وجذب ظهرها له بعد أن تركته متوجهة لأطباق الحلويات قائلة : ساعدني لنخرج الحلويات .
جذب ظهرها قائلاً بهيام فيها : تعرفين أنني لا أنظر لغيرك حتي ،، ولا أهتم لنظرات إحداهن .
تجمد جسدها وهي تستدير له قائلة : هل لاحظت .
قال بصدق : لم ألاحظ شئ ولكن قبضة يديكِ هي التي أخبرتني كل شئ .
بالفعل هي كانت تقبض علي يديه بحنق وبشدة، قالت بضيق : لن نتحدث بالأمر لأ تفكر بهِ حتي .
ضيق جبينه قائلاً بدفئ : وأتركك تفكرين بهِ وحدك حتي يأكلك الضيق .
نظرت لعينيه بتعلق طفولى في حنانه ليكمل هو : عيناى لا ترى غيرك يا ذهبية .
تعلقت بعنقه محتضنه إياه بشدة : أنا أحبك بشدة يا ديم .
ضمها له حتي كاد يسحقها متجاهلاً تأوهها بألم مسموع قائلاً : وأنا أذوب بعشقك يا ذهبية .
...........................................
دقت باب غرفته ودخلت تحمل بيديها كوب من الكاكاو الساخن بالحليب مع بعض فطائر الشيكولا التي حضرتهم للتو ،، لقد علمت من صهيب كم أنه يُحب الحلويات وإن دل هذا علي شئ فهو يدل علي حنان قلبه رغم قسوته.
طالعته يذاكر دروسه علي مكتبه الصغير ،، لا تعرف أى صبي هذا لا يفرح ويلهو بأجازته بل يحصل علي كتب السنة الدراسية القادمة ويذاكرها جيداً ،، رأته يراقبها بعينيه خلسةً بألم تراه في مقلتيه منذ علمهم بكونها حامل ،، وضعت الصينية من يديها علي المكتب هاتفة بمرح : حضرتهم خصيصاً لكَ ،، أرح عينيك قليلاً وتناول تلك الوجبة الخفيفة .
لم يجيبها متجاهلاً إياها لتخبره بحماس : هيا أنتظر رأيك .
أجابها وكأنه يؤنبها كونها تضع نفسها في تلك المواقف دائماً فيخرج من فاهه ما لا يرضيها ويعذب ضميره ولكنه يأبى القرب .. خائفاً .. مشتتاً : لم أخبركِ أن تصنعي لي شئ .
قالت بغلاظة طفولية : ما زلت أنتظر رأيك .
ثم رفرفرت بحزن مصطنع فتطلع إليها وكأنها طفلة وهو المسئول عنها قائلة : كنت آمل أن تعجبك .
ثم رفرفرت بحزن مصطنع فتطلع إليها وكأنها طفلة وهو المسئول عنها قائلة : كنت آمل أن تعجبك .
زفر بحنق وهو يتناول قطعة داسساً جزء كببر منها بفمه وورائها شرب من مشروبه قبل أن يتابع أكله بنهم متناسياً إياها وقد نالت وجبتها إعجابها ،، بل قلبه وهو المحب للحلويات ،، انتهي في ثوانٍ قائلاً بحرج وضيق متذكراً تواجدها بجواره : جيدة .
زمت شفتيها متنهدة قائلة بحنان : يوجد بعد هل أجلب لكَ المزيد .
ورغم إرادته وتحرك مقلتيه بتشوش كذب قائلاً : لا أريد ، هل يمكن أن تتركيني لأكمل مذاكرتي .
امتعضت من مجرد الفكرة قائلة : ما الذى تحبه بتلك المذاكرة ،، لماذا لا تستمتع بأجازتك ، ما رأيك لو خرجنا سوياً .
مجدداً كذب : لا أريد الخروج لأى مكان .
واجهته صيادة إياه : لماذا .
تأفف منزعجاً شارعاً برغبة في البكاء قائلاً وهو يتملص من كرسيه ويندس تحت فراشه : أغلق الأنوار معك أنا سأنام .
لن تتركه لقوقعته أبداً ،، رفعت عنه الغطاء ناهرة إياه بحدة : مالك إنهض .
تأفف بغيظ : اتركيني .
صرخت به : أنا قلت انهض هيا .
نظر لها بصدمة وهو يعتدل في سريره جالساً لتخبره بحدة : قم هيا أنا متعبة وأريدك أن تساعدني ببعض الأشياء .
خرج من الغرفة لتنهره : من الأدب أن تأخذ الأطباق للمطبخ بعد وجبتك ،، ليس أن تأكل وتنتظرني أن أخذهم وأغادر كما جلبتهم .
هي محقة ولكن هو لا يتقبل ولكنه ولد صالح ،، أخذ الصينيه بدون كلام واتجه للمطبخ أمامهاليس خوفاً ولكن احتراما لما يعرف أنها محقة به ولكن هو .. !! .
وضع الأطباق بالحوض قائلاً بهدوء : هل أغسلهم .
قالت بهدوء هي الأخرى بحزن : لا أنا سأفعل ،، ساعدني بتحضير الغداء فصهيب علي وصول .
قال ناظراً لها بتساؤل : ماذا أفعل .
شرعت في الطهو وهي تخبره : أحضر الخضروات للسلطة .
وقف أمام التلاجة قائلاً بفضول : ماذا أحضر تماماً .
بتلقائية أجابته عما تريده كما سار الأمر طوال مكوثهم بالمطبخ ،، وضع الخضروات علي الحوض وغسلهم جيداً واضعاً إياهم بطبق ثم وقف لا يعلم ماذا يفعل بعد ذلك فأخذت الطبق منه لتقطع الخضراوات قائلة : هل نعطي الجيران من معجنات الشوكولا .
رأت طمع بعينيه ولذة بفمه وهو يجيبها بخجل : علي راحتك .
شاورت له بالسكين علي سلة مغطاة قائلة : إنهم هناك انظر إن كانو بالكاد يكفونا علي العشاء والفطور غداً أم أنه سيفيض فنرسل لهم .
انطلق للسلة عادداً إياهم بعينيه قائلاً وكأنه يخبرها أنه يريدهم كلهم : بمعدل أن يأخذ كل واحد ثلاث علي العشاء وثلاث علي الفطور سيتبقي اثنان زيادة .
تنهدت بحزن مصطنع : حسناً لا بأس مرة أخرى نعطي الجيران .
وقف يراقبها بعد ذلك قائلاً بتوتر : هل يمكنني أخذ واحدة الأن .
نظرت له بحنان متنهدة : لقد صنعتها كلها من أجلك يا مالك ،، خذ ما تريد يا حبيبي .
حنان نبرتها تسرب لقلبه وجسده فأدفئه ولكنه ظل صامتاً وهو يقترب متناولاً واحدة وأخرى وقبل أن يلتقط الثالثة قالت بابتسامة : يكفي يا حبيبي حتي تستطيع الغداء وأيضاً ليس جيداً للصحة أن تتناول كل هذه الكمية في وقت واحد .
قطب جبينه قائلاً : لماذا .
قالت بدعاء : بعد الشر عنك حبيبي قد يختل توازن معين بالجسد وتصاب بالأمراض .
قال بحزن : بعد الشر عنا جميعاً .
ابتسمت بسعادة لقد قال جميعاً وهذا يشملها أيضاً ،، رن جرس المنزل ليجرى هو قائلاً : أنا سأفتح ثم سأحضر لكِ حجابك .
ضحكت من ذلك التقدم البسيط في نبرة صوته وبعد قليل وجدت هيا تدخل بحماس وبملامحها الرقيقة تحمل الفطائر المحلاه لمالك بيديها ،، فقالت مرحبة : أهلا حبيبتي .
ثم حدثت مالك : مالك ضع الفطائر بالثلاجة .
أومأ بهدوء وفعل ذلك بينما قالت هيا : أمي ترسل قبلاتها لكما ولمالك أكثر .
تضرجت وجنتي مالك حمرة وهو يخبرهم مستمعاً لرنين هاتف رسيل : هل أحضر الهاتف .
أومأت رسيل له وثوانٍ وكان يخبرها : إنهُ أبى .
ابتسمت له وهي تأخذ الهاتف من صهيب والذى أعلن لها بعد أن اطمأن عن أحوالهم أن والدته وأخته في طريقهم إليهم للمباركة علي الحمل .
ارتعشت شفتي رسيل بعد ان أغلقت الهاتف معه قائلة لهيا : إنهم أهل صهيب قادمون .
تبرمت هيا بشفتيها بغلاظة وحنق قائلة بعزم وهي تغمز لهت : يبدو أنني جئت بوقتي حقاً .. إذاً لأحدث سبأ أن تجهز لى حقيبة ملابسي وترسلها مع سفيان .
......................................
يتبع