الفصل الرابع - عشق ناضج وعشق مجنون
الفصل الرابع
"الحادثة كانت الخميس.. الجمعة الراجل قالنا العربية
محتاجة ايه وكان لازم تيجي استيراد من بورسعيد.. استنيته للأتنين لغاية يوم اجازته
وأخدته وروحنا بورسعيد ابتدا شغل فيها يوم التلات، اللي هو أول امبارح.. عايزة
الميكانيكي يسقط مكنة جديدة ويلينها ويغير الزيت وكمان السمكري يخلص شغله في يومين
اتنين ازاي؟!" حدثها وقد هدأت نبرته لتنظر هي له في حيرة ممزوجة بالتعجب
وأيضاً بداخلها لا تتقبل صراخه بها منذ ثوانٍ
"يعني ايه يسقط مكنة؟" سألته لينظر لها لتتعالى
ضحكته شيئاً فشيئاً ثم بدأت في الهدوء وهو يتفحص ملامحها المتعجبة
"يعني الموتور ده اسمه مكنة.. همّ الميكانيكية
بيقولوا عليه كده"
"آه.." همست ثم نظرت أمامها ثم تذكرت صراخه بها
لتلتفت له في إنزعاج وقد عادت تلك الثورة التي تثورها عند الغضب
"بس أنت ازاي تزعقلي بالأسلوب ده.. أنت يعني فاكر
عـ..."
"هشششش!!" كمم فمها بكف يده ولم يتضح من
ملامحها سوى عينتيها المتوسعتين في إندهاش "أنتي ايه!! لسانك ده ايه!! بزعق
عشان تفهمي الأول وتبطلي كلام.. ما هو مفيش حل غير إني أعلي صوتي أكتر من صوتك
عشان تسمعيني، عارف إنها زفت غلطتي بس أنا أهو مش ساكت وعمال أصلح في العربية..
اهدي بقا شوية!!" تحدث ثم زفر في راحة لأنه استطاع أن يقول كل ما أراده دون
أن تقاطعه أو تصرخ به
"طب هي يعني قدامها قد ايه؟"
"بتاع عشر أيام" أجابها بنبرة هادئة وهو لا
يصدق أنها أستطاعت أن تقول جملة واحدة دون صراخ
"ما هو يعني أنا مبستغناش عن العربية، بروح بيها
الشغل، وبروح أقضي بيها طلباتي.. ولما جامعة لينا تبتدي أنا اللي بوصلها.. دي ايدي
ورجلي وأنا مش هاقدر أقعد من غير عربية الفترة دي كلها، أنا ماليش دعوة.. أنت
تتـ..."
"ما كفاية بقا!!" نظر لها يرمقها في غضب واضطر
أن يتحدث بصوت مرتفع مرة أخرى لتنظر له بخوف فعادت نبرته للهدوء مرة أخرى
"أنا اهو معاكي.. هوديكي الشغل وأجيبك كل يوم ولو عايزة حاجة هجيبهالك"
"لا متشكرة.. مش عايزة حاجة من حد" رفضت
وملامحها فاضت بعزة النفس الشديدة
"مش قولتيلي انها غلطتي ولازم اتحمل مسئولية غلطي..
أظن إنك تقعدي من غير عربية ده غلطي واديني اهو بتحمل المسئولية"
"لا بس بردو مينفعش كل يوم تجيبني وتوديني وتجيبلي
طلباتي.. لو سمحت لما تبقا العربية تخلص ابقا بلغني.. ومتشكرة أوي لغاية كده"
ظل ناظراً لها لمدة طويلة يتفحص ملامحها حتى قد تعجبت هي نفسها من طريقته ووترتها
نظراته وعينتيه العسليتين شعرت وكأنما تلك النظرات تصعب عليها الأمر
"بقولك ايه، أنا مش عايز كلام كتير.." صاح
محذراً لتضيق هي ما بين حاجبيها "أنا عايز آكل.. تاكلي معايا؟!"
❈-❈-❈
"لا بقا كده كتير أوي.. اللي اسمها سمر دي هتخليني
أقتل حد النهاردة" صاح صهيب وهو يدلف لمكتب صديقه أكرم
"يادي النيلة على الصايع المؤدب اللي مش عارف يتعامل
ده"
"يا عم كل البنات بيحسوا على دمهم، إنما دي مقرفة
أوي بجد.. أنا مشوفتش كده" زفر متآففاً وهو يجلس على الكرسي أمام مكتبه
المتواضع
"أنا مش فاهمك يعني صراحة.. واحدة زي سمر دي تتبسطلك
يومين معاها وتشهيصلك ساعتين ويوم ما تسيبها مش هتندم حتى.. جت عليها يعني.. ما
أنت تعرف بنات يا صهيب قد كده، فرقت ايه سمر عنهم؟!" حدثه أكرم سائلاً
بإبتسامة
"فرقت إني مبخرجش مع بنات علشان أتسلى وأنت فاهم
كده.. لو لقيت البنت شخصيتها مش عجباني ومتنفعش ارتبط بيها ببعد عنها على طول.. مش
من باب التسلية والهزار.. وبعدين ما أنت وخطيبتك ياما خرجتوا معايا وفاهم كويس أنا
بتعامل ازاي"
"يااادي النيلة!! تعرف أنا لولا إني خاطب واحدة ممكن
تقلعني ملط وسط الشارع هي وأهلها كنت خلصتك وريحتك من سمر دي وكنت هنسيها إنها
عرفت اسم صهيب ده في يوم"
"يا عم أنا جايلك تشوفلي حل في الهبابة دي ولا جايلك
عشان أواسيك على جوازتك الوشيكة!.. وبعدين محدش قالك روح اختار واحدة أخوها ظابط
وابوها في امن الدولة.. أنت أهطل بردو" زفر مرة أخرى في ملل
"أهطل وحمار.. معرفش حبيتها امتى وازاي والله.. بس
مجنناني بنت الإيه"
"طيب يا أخويا سيبك من خطيبتك وركز معايا.. أخلص من
المقرفة دي ازاي؟" تنهد أكرم ثم نهض يتحرك في مكتبه الصغير
"بص.. أنت بعد الشغل تاخدها.. وتروحوا تقعدوا في أي
حتة بعيدة عن هنا علشان فاهم إنك بتهتم بالمظهر العام وانها زميلتك وكده.."
"لا لا.. العب غيرها" قاطعه قبل أن يُكمل آبياً
تماماً لذلك الإقتراح
"استنى بس.. تروح تقعد معاها وصدر وش خشب وجاوبها
بالقطارة لغاية ما تزهق منك مرة في التانية وبعدين مش هتكلمك أصلاً تاني وهتكره
إنها عرفتك في يوم"
"لا يا عم دي لازقة بغرا والسكة دي مش هتجيب
معاها" تمتم ونبرته رافضة تماماً
"جرب بس.. اللي زي سمر واخدة مقلب في نفسها علشان
عارفة إن الرجالة بتريل عليها.. قوم بس كده واستهدى بالله وقول يارب قويني على فعل
الخير وقوم خرجها وصدرلها الوش الخشب!" زفر صهيب بعمق وهو يتفحص ملامح وجهه
في حيرة
"ولو مفهمتش وفضلت لازقة؟"
"قولها اديني جربت ومنفعش وبيتك بيتك يا عسلية"
"ماشي.. لما نشوف!!" نهض متوجهاً ليدعوها
للخارج مثل ما أتفق هو وصديقه علّ هذه الخطة تبعده عنه تماماً
❈-❈-❈
"لا متقلقيش هي لسه معايا.. بس حاولي تخلصي بسرعة
وأول ما تروحي طمنيني عليكي" همس أمجد بهاتفه بعد أن استأذن بالذهاب
للحمام
"ماشي يا عمو.. شكراً بجد أوي" حدثته
لينا
"شكراً على ايه بس يا حبيبتي.. أهم حاجة تكوني
مبسوطة" ابتسمت لينا في امتنان لذلك الرجل
"ربنا يخليك بجد.. أنا هاروح أهو أكمل وناقصلي حاجات
بسيطة.. باي"
"باي"
أنهيا المكالمة بعدما أتفقت لينا معه أنها ستخرج بصحبة
رولا حتى تعد مفاجأة لوالدتها عند عودتها من السفر وعندما تأكدت أن أمجد من سيقلها
أتفقا على أن يُعلمها بقرب وصولها حتى تكون بالمنزل عند عودتها..
"مش قولتلك الراجل ده جميل.. مصدقتنيش في
الأول" حدثتها رولا وهي تتنهد بإبتسامة
"بجد إنسان محترم أوي"
"أوعدني يارب بواحد زيه كده طب والله بيفكرني
ببدر" المزيد من التنهدات والمزيد من الإفتنان إنهال من عينيها
"يا بنتي بدر ده مفيش زيه.. بس مش أي حد نشوفه كده
في الحقيقة يبقا هو بدر.. وبعدين ده راجل كبير وابنه أكبر مننا أصلاً.. شوفيلك
واحد صغير شوية.. ده من دور أبوكي يا بنتي"
"بس حلو" تنهدت مجدداً وتناست تماماً ما
تفعلاه
"طب بصي ناقصلنا كده البالونات وبعدين نرجع ونحب في
بدر للصبح" أخبرتها وهي تدفعها ليستكملا السير في ذلك السوق التجاري الشهير
"تصدقي أنتي رخمة.. عمالة تقولي بدر وبتاع وأنا
بتحايل عليكي نبدأ في الجزء التاني وأنتي اللي عمالة تتفرجي على مسلسلات"
صاحت رولا في حُزن
"هخلص بس المسلسل اللي ساحلني ده ونفوق بقا
للرواية"
"ماشي.. وأهو فرصة الكاتبة تخلص.. بتنزل في الأجزاء
الأخيرة خلاص"
"يالهوي.. وهي كل ده مخلصتش.. محتاجة مية سنة عشان
تكتب ولا ايه"
"ده كانت موقفاها بتاع تلت شهور.. كويس انها
كملتها"
"ده استهتار بجد.. ليه يعني كل ده.. يعلقونا
بالروايات وبعدين يوقفوها"
"معرفش يمكن عندها ظروف"
"يمكن" هزت كتفيها بعفوية ثم توجهتا للمحل
لشراء ما ينقصهما ودفعت لينا مقابلها "يالا كده تمام.. نروح بقا.. اطلبيلنا
أوبر على ما نخرج"
"ماشي" صاحت رولا التي تناولت هاتفها لطلب
سيارة حتى تقلهما بينما أكتظت يدي لينا بالمتعلقات التي تحملها وتوجهت حتى تغادر
مجمع التسوق ولكنها لمحت بعض المقاهي الشهيرة التي تعشق احداها
"ايه ده.. استني.. أنا عايزة فرابتشينو.. والنبي
والنبي قبل ما نمشي.. الغي الريكوست بسرعة" صاحت كالطفلة الصغيرة لتتنهد رولا
في ملل
"يا بنتي ما كنا ماشين"
"معلش معلش.. خمس دقايق مش هيحصل حاجة" عبست بملامحها
علّ صديقتها تملك القليل من الشفقة
"ماشي بس تعزميني على لاتيه كمان!!" صاحت رولا
رافعة احدى حاجبيها
"ماشي موافقة.. بس ادخلي وهاتيلنا احسن أنا مفيش في
ايدي مكان ونتحاسب لما تخرجي"
"أوك.."
توجهت رولا للداخل حتى تبتاع المشروبات لهما ووقفت في
الصف لطلب المشروبات لتبدأ لنا في الشعور بالملل لتأخر صديقتها عليها ولم تكترث
لأي شيء سوى أن تحصل على المشروب الذي تعشقه فتوجهت للداخل حاملة المتعلقات
بيديها
"معلش سوري" ابتسمت لأحد الجالسين على المقاعد
بالمقهى في اعتذار بعد أن ارتطمت به الحقائب التي تحملها "معلش آسفة"
أعتذرت مرة أخرى لأحدهما عندما كررت نفس فعلتها لتجد رولا آتية بطريقها قبل أن
تُكمل الطريق للداخل ليتوقفا بجانب احدى المناضد "ايه يا بنتي كل ده؟"
"كان زحمة أوي، اديكي شايفة اهو، معلش" حدثتها
رولا لتومأ لها لينا في تفهم "خدي الفرابيتشينو أهو" ناولتها اياه بينما
لم تستطع حمله
"طب خدي البالونات دي كده" ناولتها وبنفس الوقت
تحاول أن تحمل منها المشروب
"لا استني بس هتـ.." ولو تستطع رولا إكمال
جملتها ليسقط الكوب على منضدة جلس عليها اثنان وقد وقع المشروب بأكمله على قميص
الرجل الجالس الذي لم تلمح سوى ظهره لتعتصر لينا عيناها وأنقبضت ملامحها في إحراج
شديد من فعلتها ليلتفت لها الرجل الذي كاد أن يقتل من فعل به ذلك
"أنتي؟!" صرخ في دهشة لتنظر هي أمامها وقد
توسعت عيناها من رؤية صهيب لتبتلع رولا في خوف من القادم..
❈-❈-❈
"يعني عايز تفهمني إنك من يوم ما شوفتني وأنت معجب
بيا.. من يوم واحد بس شوفتني فيه؟!" تحدثت سائلة في استنكار وقد هدأت
نبرتها
"ايوة يا جيهان، واللي عرفته بعد كده عنك خلاني
أُعجب بيكي أكتر" ابتسم لها لترفع حاجبيها وابتسمت هي الأخرى في عدم تصديق
لتهُز رأسها في إنكار
"وايه بقا اللي عرفته خلاك تُعجب بيا؟!"
"كل حاجة.. لما هديت كده وفكرت لقيت إنك بتشديني
أكتر.. تربيتك لبنتك، تحملك المسئولية، حياتك العملية الناجحة، مع إن ست زيك جميلة
أوي كانت ممكن تتجوز من زمان لكن بالرغم من ده فضلتي بنتك على إن يكون جنبك راجل..
وتقريباً حياتنا شبه بعض أوي وأنتي بتفكري نفس تفكيري وده من ضمن الحاجات اللي
أكدتلي إننا هننجح بعض!" رمقها بالمزيد من الإعجاب وعسليتيه الصافيتين
ابتسمتا كما ابتسمت شفتيه وهو يتفحص ملامحها وكل شعور يتضح على وجهها بسبب كلماته
ونظرات إعجابه لها لتتنهد هي بعمق ونظرت له بجرأة وابتسامة وقورة
"أستاذ أمجد.. أظن حضرتك بتقول بنفسك إني فضلت بنتي
على إن يكون جنبي راجل، أو أكون ست متجوزة.. وحضرتك أظن على درجة كبيرة من الوعي
إن حياة ست لوحدها هي وبنتها في مجتمع زي اللي احنا فيه صعبة جداً.. إنك تربي بنت
كويسة وتعلمها وتبعد عنها أي حاجة تضرها، توفرلها حياة كريمة وفي نفس الوقت متخليش
المادة تأثر على العلاقة بينك وبين البنت بالذات إنها ملهاش أي أخوات أو قرايب..
طب أنا عديت بكل ده الحمد لله وربنا وقف جنبي.. تقدر تقولي ايه اللي هيخليني أقبل
واحد معجب بيا بعد ما فضلت سنين لوحدي؟!" سألته لتتوسع ابتسامته كاشفة عن
نصاعة أسنانه البيضاء ثم تحولت ملامحه للجدية
"زي ما قولتلك إننا ظروفنا متشابهة.. وإن دلوقتي
ابني صهيب ليه شغله وأصحابه وبكرة يتجوز ويستقل بحياته وكلها كام سنة هتعدي في لمح
البصر ونفس الموضوع هتحسي بيه مع لينا.. ممكن تتجوز وتبعد زي ما خالتها هاجرت مع
جوزها، أو ممكن تشتغل وتركز في شغلها خاصةً إنها شايفاكي قدوة وأنتي شاطرة جداً في
شغلك فمش بعيد تعمل زيك وتبني نفسها واحدة واحدة من الصفر زي ما أنتي عملتي..
ساعتها هتكوني طبعاً فخورة بيها وسعيدة جداً علشانها بس أنتي فين من كل ده؟!"
سألها بهدوء وجدية لتضيق هي ما بين حاجبيها وتغيرت ملامحها
"هل هتكوني الأم اللي مستنية بنتها تكلمها كل فين
وفين بعد ما تخلص يومها المشغول في دقيقتين تلاتة ولا الجدة اللي بتربي حفيدها
لوحدها ومستنية تشوف بنتها آخر النهار؟" تريث ليزداد الوجوم على ملامحها أكتر
ليتابع "أنا واحدة واحدة بدأت أحس بده.. ولسه كمان لما صهيب يتجوز هاحس
بالفراغ أكتر.. ده بس لما بيسهر شوية في شغله الوحدة والملل بيأثروا عليا أوي.. بس
دي سنة الحياة اللي مش هنقدر نوقفها أو نمشيها على مزاجنا.. دي طبيعة البشر.. وزي
ما أحنا أخدنا فرصتنا في اننا يكون لينا بيت وشغل وأولاد فلازم ندي نفس الفرصة
لأولادنا.. ولا أنتي شايفة ايه؟!" تنهدت وهي تنظر له متفاجئة بهذا الواقع
المؤلم الذي يتحدث عنه بمنتهى المنطقية لتجد نفسها تتفق معه
"بكل اللي أنتي عملتيه مظنش إنك أنانية وهتقفي قدام
سعادة بنتك لو اتشغلت عنك.. بس ساعتها مش هتحسي بالوحدة؟ مش هتحسي إنك خلاص عملتي
كل اللي أي أم ممكن تعمله وأكتر كمان ووفيتي بكل اللي عليكي تجاه بنتك بس هتسألي
نفسك أنا فين دلوقتي من كل ده؟ لما تبقي موظفة كبيرة وتلاقي نفسك في البيت من
الساعة أربعة العصر ومش لاقية حاجة تعمليها خصوصاً إنك مش قريبة من أصحاب ولا
قرايب.. تفتكري الحياة كده هتكون سهلة عليكي؟ الست المسئولة اللي كل يومها
التزامات هي اللي هتقعد للتلفزيون ولا هتفضل تتفرج على أفلام وهي بتاكل فشار..
تفتكري هتكوني الست دي؟" صدمها بالمزيد من التحليل الواقعي لمجريات الحياة
لتبتلع وشردت في تفكير بكل كلماته التي وقعت على مسامعها لتدهشها بتلك الأمور التي
لم يسبق لها وأن فكرت بها فقد أخذتها دوامة الحياة بعيداً عن كل تلك التوقعات ولم
تلق لها بالاً يوماً ما
"أنا كتير صهيب قاللي أتجوز بس فعلاً مكنتش لاقي
الست اللي ممكن تشدني.. وبعد سنين لقيتك، بكل ظروفك وعصبيتك وجمالك اللي مفيش حد
في الدنيا يختلف عليه لقيتني بتشد ليكي وطول الأسبوع اللي فات كل ما كنت بعرف عنك
حاجة صدفة من لينا كنت بتشدلك أكتر.. وأتمنى إن يبقا شعورنا ببعض متبادل ولو
وافقتي إننا نرتبط وبعدين نتجوز هاكون سعيد جداً بإختيارك ليا" ابتسم لها
لتنظر هي له في تعجب فلقد فاجئها كثيراً ولم يكن في حسبانها أبداً أن تتعرض لهذا
الموقف
"نتجوز!!" تمتمت في صدمة شديدة لسماعها لتلك
الكلمة التي نطق بها للتو
"آه نتجوز.. مظنش إن واحدة ذكية زيك وبتعرف تحكم على
الأمور وبتخاف على بنتها بالشكل ده وعرفت تربيها تربية كويسة جداً هترتبط براجل من
غير ما يكون فيه بينهم مسمى واضح.. وبردو مظنش اننا أطفال ومحتاجين فترة خطوبة
كبيرة نتعرف بيها على بعض.. أظن إنك هتقدري تحددي بسرعة شخصيتي وإن كنت مناسب ليكي
أو لأ بمنتهى السهولة" تحدث بالمزيد لترتبك هي أطثر بالمزيد من الأفكار
المصاحبة لمفاجئته اياها بتلك الطريقة
"عارف إن فاجئتك ولسه منعرفش بعض كويس.. بس قدامك
فرصة.. معاكي لغاية ما نخلص العربية تفكري، وأنا كل يوم هاكون معاكي ومستعد لأي
حاجة تحبي تعرفيها عني.. أتمنى تفكري في الموضوع زي ما بفكر فيه.. ولو حسيتي إن
الشعور متبادل أرجوكي عرفيني" ابتسم لها بوقار بينما هي لم تستطع التقاط
أنفاسها من تلك الدوامة التي عصفت برأسها مُخلفة على اثرها زوبعة من الأسئلة
والأفكار
"ناكل بقا؟!" توسعت ابتسامته وهو يومأ للطعام
أمامها لترمقه في سرعة وابتسمت بإقتضاب ولم تقدر على التحدث لتتخذ من الطعام درعاً
وسبباً لصمتها كي تستطيع مواكبة تلك الزوبعة بداخلها..
❈-❈-❈
"أنتي ايه؟ غبية!! مبتشوفيش قدامك؟" صاح
بها غاضباً وهو يُمسك بقميصه الأبيض يُبعده عن جسده لتنهض سمر بأحدى المحارم
الورقية
"معلش يا صهيب.. خلاص حصل خير!" أخذت تجفف ذلك
السائل من المشروب الذي تعلق بقميصه
"ايه غبية اللي أنت بتقولها دي؟! ما تتكلم
بأدب!" صرخت به هي الأخرى في غضب من كلمته
"طب فسريلي.. فسريلي لو أنتي مش غبية كنتي عملتي
كده؟!"
"لو سمحت.. لآخر مرة هقولك اتكلم بأدب!!" زجرته
بشدة وضيقت ما بين حاجبيها في إنزعاج لينظر لها بفيروزيتين ناريتين أحتد
غضبهما واخفض يد سمر التي تجفف قميصه في إنزعاج من لمستها
"أنا بتكلم بأدب غصباً عنك!! أنتي لو كان عندك شوية
عقل مكنتيش مسكتي الكوباية وأنت في وسط الناس وشايلة كل ده"
"لا كده بقا كتير" ألقت ما بيديها حتى ارتفعت
تلك البالونات لسقف المقهي "أنت بتتكلم بعدم احترام.. واللي حصل يعني ممكن
يحصل صُدفة لأي حد.. ومش كارثة يعني.. وعلى فكرة أنا كنت هعتذرلك بس أسلوبك ده
يخليني أحس إني معملتش حاجة غلط أصلاً.." صرخت به بغضب لاذع
"أنا فعلاً لغاية دلوقتي بتكلم بإحترام.. بس لو
حبيتي أوريكي عدم الإحترام يبقا أنتي اللي جنيتي على نفسك" أمسك بذراعها وهو
يتحدث بين أسنانه الملتحمة من شدة الغضب
"ايه ده ايه ده.. أنتي ازاي تمسكني كده أنت
اتجننت؟" تعالت أصواتهما لينهض من بالمقهى وحاولت كلاً من رولا وسمر تفريق
ذلك الشجار المحتد بجذب كل طرف منهما بعيداً عن الآخر وتلمست سمر كتفيه تقبض
عليهما بشدة ولم يكترث لها
"خلاص يا جماعة.. احنا اسفين يا أستاذ صهيب.. وميصحش
بردو تمسكها كده" تحدث رولا بعد أن جذبت لينا وخلصتها من مسكته على ذراعها
لتتعجب سمر بداخلها من أين تعرف تلك الفتاة اسمه
"وهي يعني يصح الأسلوب اللي بتتكلم بيه؟" تحدث
سائلاً لتتعالى أنفاسه في غضب
"معلش يا فندم بنتأسف لحضرتك على اللي حصل وياريت
تقبل منا اعتذار الـ cafe
والفاتورة اتسددت خلاص.."
"يا اخي بلا فاتورة بلا زفت.. كانت شورة هباب!! أنا
غلطان أصلاً إني جيت هنا" تحدث بغضب ليجمع أشياءه من على المنضدة
"استنى بس يا صهيب أنت رايح فين؟!" سألته سمر
في تعجب عندما رآته يستعد للمغادرة
"يا شيخة اسكتي بقا أنتي كمان.." أخبرها
متمتماً وهو ينظر لها في تقزز ثم التفت وغادرها لتتآفف هي وضربت الأرض بقدمها
إعتراضاً ولم تصدق أن أول مرة لهما سوياً تتعرض لهذا الموقف.. ولكنها لن تتقبل
الخسارة وستعوضه عن ذلك اليوم بأكمله!!
❈-❈-❈
"بني آدم حيوان!! شوفتي مسكني ازاي وسط
الناس؟!" تكلمت لينا وهي تتنفس في غضب شديد أثناء عودتها بصحبة رولا
"معلش بس يا لينا اهدي يا حبيبتي.. أهو موقف
وعدا"
"طب والله لأقول لعمو أمجد وأحكيله على كل
حاجة" شردت أمامها وصدرها يعلو ويهبط في إنزعاج مبالغ به
"يعني الراجل هيعمل ايه ماللي حصل حصل بقا وخلاص
وحتى مكنش موجود ومشفش حاجة من اللي حصل.. عديها بقا يا لي لي" حدثتها بنبرة
ملئها الملل من غضبها الذي لم يهدأ إلي الآن
"يعني ايه مكنش موجود؟ وتقصدي ايه بأنه مشافش حاجة
من اللي حصل؟ هاكدب عليه أنا مثلاً ولا أنتي مشوفتيش بعينك قلة أدبه؟!" نظرت
لها مستفسرة في دهشة لتزم رولا شفتيها
"طيب يا ستي ابقي كلميه واحكيله كل حاجة .. بس بعد
ما نخلص المفاجأة لمامتك"
"منه لله عصبني وأنا كنت مبسوطة إن ماما راجعة"
"معلش يا حبيبتي شوية وهتهدي وطنط هتفرح اوي بكل
اللي هتعمليه علشانها" أخذت لينا أنفاس غاضبة متلاحقة في شهيقاً وزفيراً
منزعج وحقاً لم يلق بملامحها الطفولية ذلك الغضب المرسوم عليها وأخذت تتذكر كل ما
حدث مرة أخرى
"صحيح مين دي اللي كانت قاعدة معاه؟" تسائلت
لينا لتهز رولا كتفيها بعدم المعرفة
"معرفش.. يمكن صاحبته ولا المُزة.. بس الصراحة جامدة
أوي" اجابتها رولا وتحدثت بفخر عنها لتهز لينا رأسها في تعييب واضح على كلمات
صديقتها
"جامدة ايه.. دي شبه فتيات الليل" تحدثت في
استهزاء
"هي صحيح لبسها over بس مزة اوي بصراحة
ولايقة عليه.. هما الاتنين ملونين وكيوت أوي مع بعض"
"جتهم نيلة هما الأتنين بلا قرف!!" أومأت في
تقزز عندما تذكرت كلاً منهما ثم غرقت في صمت شديد طوال الطريق..
❈-❈-❈
"طيب يا حبيبتي الحمد لله إنها اتبسطت بالمفاجأة
ورجعتلك بالسلامة.." ابتسم أمجد وهو يحدثها
"بس عاجبك اللي عمله صهيب ده يا عمو؟ ده خلى منظري
زفت وسط الناس!! أنا آسفة إني بكلم حضرتك متأخر بس بجد مش عارفة أحكي لمين ومش
عايزة أقول لجيجي عشان متضايقش اني خرجت من وراها" أخبرته في حزن
"معلش.. صهيب طول عمره عصبي.. حقك عليا يا ستي
وهاخليه يعتذرلك.. وبعدين مش اتفقنا إنك هتكلميني في أي وقت.. وبكرة كمان اجازة
وأنا قاعد سهران مواريش حاجة"
"شكراً يا عمو بجد.. بس لأ.. أنا مش عايزة أتكلم
معاه أبداً تاني بأسلوبه ده.. لا هو ولا اسمها ايه دي اللي كانت قاعدة معاه لابسة
من غير هدوم!!"
"ومين بقا دي؟" تعجب أمجد رافعاً حاجباه في
دهشة
"معرفش.. هو اللي يعرف.. بس أكيد اللي يعرف حد
بالمنظر ده أنا مش عايزة تكون ليا أي علاقة بيه" تحدثت في إنزعاج
"لا!! ازاي!! شكل كده الموضوع كبير أوي وأنا لازم
أسمع منه بقا"
"عمو والنبي بلاش تكلمه في حاجة.. أنا مش عايزة أعمل
مشاكل وكنت بدردش معاك عادي.." أخبرته بنبرة امتلئت بالقلق
"لا متقلقيش صهيب دماغه كبيرة وأنا وهو أصحاب من
زمان وأكيد لو فيه حاجة هيقولي"
"طيب ماشي بس متقولوش إنك عرفت مني"
"أمال أقوله عرفت منين يعني؟!" سألها في
استغراب
"قوله.. قوله أي حاجة.. إنك عديت مثلاً وشوفته..
أو.. أو رولا حاكيتلك أو ماما.. أي حد بس مش أنا!" ضحك في خفوت على طفوليتها
وبراءتها الشديدة دون أن يُسمعها ضحكته
"طيب بصي.. هقوله اني شوفت القميص المبقع ده وهو كده
هيحكيلي"
"فكرة حلوة اوي.. أنا معاك فيها!"
"ماشي يا لي لي.. أنا هاروح بقا أشوفه وأنتي لو
محتاجة أي حاجة كلميني في أي وقت.. اتفقنا؟"
"خلاص يا عمو اتفقنا.. تصبح على خير"
"وأنتي من أهله يا حبيبتي" ابتسمت وهي تنهي
المكالمة بينما لم تلاحظ جيهان خلفها التي استمعت لمكالمتها بأكملها لتفاجئها
بوجودها
"ممكن أفهم كنتي بتكلمي مين دلوقتي متأخر
كده؟!" سألتها في هدوء لتلتفت لينا لها وهي تبتلع في خوف من مواجهتها
لوالدتها..
يُتبع..