-->

الفصل السادس عشر - عشق ناضج وعشق مجنون



الفصل السادس عشر

"... وأنا يا جي جي مبقتش عارفة أعمل ايه.. دايماً متلخبطة ودايماً حاسة إني بتسرع وهو كمان بيعمل حركات بتجنني.. وعلى فكرة بقا أنا شايفة إن الوقت مش مناسب" تحدثت بإنفعال بينما ضمتها والدتها لصدرها ودمعت عينتاها
"طيب ممكن تهدي علشان نتكلم كلام ناس عاقلة!"
"اديني هديت أهو.. قوليلي بقا أنا بذمتك عملت ايه غلط؟ لا بس مش من يوم ما أنتو ما سافرتوا.. ده من يوم ما جيت آخد الموبيل بتاعك وهو مش طايقني وبيقول عليا ضغيرة وبيضايق مني.. وبعدين جاي يقولي مُعجب!! أنا كل ما بفتكر كل خناقتنا بقول استحالة أديله فرصة يقرب ولو سنتي واحد" تحدثت في إنفعال بعد أن نهضت وفرقت عناقهما وهي تجمع إبهامها وسبابتها لتُبين مقدار السنتيمتر لتضحك جيهان بخفوت ولم تبالغ حتى لا تجعلها تنفعل أكثر
"الواد عاجبك ولا مش عاجبك؟!" سألتها جيهان لتنظر لها لينا في صدمة بعينتين متوسعتين "أنجزي وجاوبيني علشان نشوف هنعمل ايه!" 
"معرفش.." اجابتها بعد صمت طال بينهما لتُحدق بها جيهان ثم ضيقت عيناها 
"طيب أنا أحسن حاجة أعملها دلوقتي أتفق أنا وصهيب نتقابل بعد شغله برا.. وأقنعه إن سمر بتحبه فعلاً" تصنعتالنهوض لتُمسك لينا بيدها تجذبها إليها 
"سمر!! فتاة الليل دي وأنا لأ؟!" نظرت لها بعنتين توسعتا من الإنفعال والدهشة 
"أعملك ايه.. ما أنتي اللي مصممة متقوليليش حاسة بإيه من ناحيته علشان ساعتها أعرف أتصرف.. أنا طبعاً معاكي إن مش وقته وأنتي عندك جامعتك وشغلك بس ممكن يكون فيه إعجاب وخطوبة ويستناكي لو حابب.. ده طبعاً في حالة إنه عاجب لينا هانم وداخل دماغها.. إنما لو مش عاجبك فسمر موجودة ومـ.."
"ايه يا ماما بقا!" صاحت بها في حُزن لتقاطعها بينما أبتسمت إليها جيهان ونظرت إليها في تحفز شديد 
"يعني عاجبك؟!" سألتها وهي تضيق عيناها لتتنهد لينا ثم شردت بعينتيها بعيداً لتجلس والدتها بجانبها 
"هو شكله حلو.."
"شكله!!" كررت كلمتها في إستغراب لتفيقها من حالة الشرود التي دخلت بها 
"أقصد يعني لما مبيكونش متعصب بيبقا لطيف.. يجي منه يعني"
"لي لي أنتي بتتقلي!! على ماما يا جزمة؟!" 
"الله بقا!! ما هو كل شوية كان يجي يتخانق معايا وينرفزني.. مش بسهولة كده لما يقولي أنا معجب بيكي خلاص بقا أعمل فرح وأوافق وهييه.. لازم يتربى شوية الأول!" 
"يبقا نمسك لساننا الفالت مننا ونخليه يجري ورانا بالمشوار.. مش نرد عليه الكلمة بكلمتها.. كلامي صح ولا ايه؟!" 
"صح بس.." تريثت لبرهة وهي تبتلع ثم حدقت بعينتي والدتها "بس دايماً يعصبني.. حيوان أوي معرفش ليه.. وأنا بقا مش هاسكتله وهارد عليه الكلمة بعشرة!!" 
"بصي أنا هاسيبك تهدي وهاقوم أشوف حوار صهيب ده" قربتها لتضمها إليها في عناق 
"بالله عليكي ما تقولي لعمو أمجد.." نظرت لها في توسل 
"حاضر يا ستي.. أما نشوف اللي بيحبوا في يومين دول آخرتهم ايه همّ كمان"
"يا سلام!!" صاحت لتنهض راكعة على سريرها ووضعت يداها بخصرها "ما أنتي أتجوزتي عمو أمجد في كام يوم أنتي كمان.. جت عليا!"
"أنتي يا بنت!! أنا كبيرة أنا وهو.. مفيش واحد فينا في الجامعة يا ست لينا!" نظرت لها بجدية 
"ماشي خلاص أنا آسفة" تمتمت وهي تنظر للأرضية "هو أنتي هتكلمي صهيب؟!" رفعت رأسها إليها مرة أخرى لتنظر لها جيها في عدم تصديق
"آه هكلمه!!" رفعت احدى حاجبيها في تحفز ولكن شفتاها لا تستطيع التوقف عن الإبتسام
"طب أول ما تكلميه تقوليلي قالك ايه!" رفعت نفس الحاجب مثلها
"وايه رأيك لو قولتله على كل حاجة أنتي قولتيها؟"سألتها بإستفزاز لتتوسع عينتا لينا في فزع
"لأ طبعاً... متقوليش.. أوعي يا ماما الله يخليكي"
"طيب يبقا نهدى كده لغاية ما أشوف هاتصرف ازاي"
"وكمان متقوليش لعمو أمجد" توسعت عينتاها في قلق
"مش هاقوله يا ستي"
"ماشي.."
"يالا روحي سلمي عليه كده بدل ما يستلمني وأقر وأعترفله بكل حاجة"
"لا لا تعترفيله ايه" تركت سريرها مهرولة للخارج "أنا هاروح أقعد معاه وأسلم عليه.." تركت الغرفة مسرعة لتبتسم جيهان خلفها وهي تمتم
"كبرتي يا لينا!!"
❈-❈-❈
"يعني بردو كلامك مش مقنع أبداً.. بتتعصب عليها ليه بالمنظر ده؟" سأله أمجد بينما لا يزال صهيب تعتريه ملامح الغضب الشديد
"بابا لو سمحت سيبني لما أهدى وبعدين هبقا أفهمك كل حاجة.. كمان مش عايز أتأخر على الشغل" لم يعطه إجابة واضحة وهو من يحاول معه منذ مغادرتهما لغرفة لينا أن يفهم ما الذي حدث بينهما وأخذ صهيب يجمع أشياءه ليستعد للمغادرة
تذكر أمجد مواجهته اليوم لصهيب ولم يستطع فهم أي شيء، هو حتى لم يعطه أسباباً.. كل كلماته لم تكن مقنعة بالشكل الكافي لتُحدث هذا العراك..
حاول التفكير بمنطقية أكثر، فصهيب ولينا منذ لقاءهما الأول وهما لا يتفقان، دائماً ما يتشاحنان بسبب وبدون.. لربما أستمرا هكذا حتى عند سفره هو وجيهان ولم يرد أياً منهما أن يُخبرهما بخلافتهما فقط كي لا يسببا لهما إزعاج!! ربما هذا هو الشيء المنطقي الوحيد الذي يستطيع أن يصل له..
ربما إطالة جيهان بالبقاء في غرفة لينا تعني أنهما تتحدثان الآن.. إذن لينا تقبل التحدث على عكس صهيب.. عليه أن يحاول معرفة الأمر منها ثم سيترك صهيب للنهاية حتى يهدأ ويستطيع التحدث معه وقتها..
"عمو.. حمد الله على سلامتك.." قاطعت لينا أفكاره عندما آتت إليه بإبتسامة بغرفة الجلوس
"الله يسلمك يا حبيبتي.. وحشتيني والله يا لينا"
"وحضرتك كمان.. أحكيلي بقا أتبسطوا؟" أشتعلت عينتاها بالحماس
"طبعاً اتبسطنا.. عقبالك يا حبيبتي" أخبرها بإبتسامة لتبادله "تعالي أقعدي معايا شوية.. ولا موحشتكيش للدرجادي؟" نظر له مازحاً لتقترب هي منه فوراً وجلست بمقعد بجانب الأريكة التي جلس عليها
"لا طبعاً وحشتني.. ازاي بتقول كده يا عمو"
"عمو ايه بقا.. مش حلوة منك بصراحة" أخبرها ليعتلي ملامحها الإستغراب وقبل أن يتفاقم تعجبها قرر أن يُنهي معاناتها "سيبك من عمو وقوليلي بقا يا بابا" ابتسم لها لتومأ له بالموافقة 
"حاضر يا بابا" ابتسمت له مجدداً ليعقد هو حاجباه في تساؤل 
"قوليلي بقا الواد صهيب مزعلك ليه؟" أرتبكت وطال صمتها وهي تحاول البحث عن أي سبب مقنع سوى الحقيقة 
"ده.. ده كان بس مضايق علشان.. علشان كنت معلية صوت التليفزيون طول الليل.. حضرتك عارف يعني إننا مبنبطلش خناق!" حاولت أن تبدو مقنعة قدر الإمكان لتزداد عقدة حاجباه ولم يقتنع لينظر لها بمكر مضيقاً عيناه 
"فيه بردو بنوتة تكدب على باباها؟!" سألها بنبرة امتلئت باللوم لترتبك لينا وابتلعت وهي لا تدري ماذا عليها أن تقول له "أحكيلي يالا ومتقلقيش.. لا صهيب ولا جيهان هيعرفوا إننا أتكلمنا مع بعض" شجعها قليلاً لترمقه هي في تردد "يالا بقا.. ولا مش واثقة إني مش هاقولهم؟" 
"لا واثقة بس.." حمحمت وهي تبعث احدى خصلاتها خلف أذنها "بس الله يخليك يا بابا ما تجيب سيرة لماما"
"خلاص أتفقنا.. كلام رجالة" غمز لها لتبتسم هي له ثم عادت لتتوسع عينتاها في قلق شديد
"ولا صهيب كمان متعرفهوش إني قولتلك حاجة.." 
"ولا هيعرف حرف من اللي هيتقال هنا.. أحكيلي بقا ايه اللي حصل"
❈-❈-❈
"بص كده.. ايه رأيك في المكان ده.. واخد كمان reviews حلوة أوي" تحدثت سمر إلي صهيب وأقتربت منه للمرة الآلف بمنتهى الجرأة ليتآفف صهيب بداخله 
"تمام شكله كويس" اجابها بإقتضاب 
"مالك كده.. شكلك مش متحمس يعني لفكرة الـ outing!!" أخبرته مُدعية العبوس لقلة إكتراثه بالأمر
"عادي يعني.. بصي يا سمر أنا أصلاً شخص مش إجتماعي" حاول أن يخبرها بأي شيء علّه يُثنيها عن فكرة الإحتفال بترقيته مع الزملاء جميعاً بالخارج بعد إنتهاء وقت العمل 
"غريبة.. بس يعني على الفيسبوك بشوفك بتخرج وبتتصور" لعن صهيب بداخله
"كل فين وفين وبتيجي صُدف يعني" ادعى المزيد من عدم الإكتراث لتشعر هي بالغيظ الشديد من معاملته إياها 
"طيب لو مش حابب يكون الـ Outing مع الكل ممكن بس أكرم وأنا والناس اللي بتحسهم قريبين منك" 
"ربنا يسهل.. أنا لسه عندي شغل كتير ومش عارف هاخلصه امتى" سلط تركيزه على حاسوبه أمامه علّها تتركه وتذهب فهو لم يعد يطيق وجودها بجانبه وقارب على فقد أعصابه منها ولم ينقذه سوى هاتفه الذي صدح بالرنين لترمق سمر هاتفه بسرعة لتجد أسم (جي جي) يظهر على هاتفه فتريثت وهي تتصنع بإنشغالها بهاتفها بينما وقع صهيب بالحيرة.. 
قلما تتصل به جيهان وبعد ما حدث صباح اليوم لن يكون من اللائق ألا يجيبها فحسم أمره وأجاب الهاتف بعد أن رمق سمر بإنزعاج شديد منها 
"آلو"
"كده بردو تمشي الصبح من غير ما تسلم عليا.. بس ملحوقة.. وحشتني أوي بقا"
"وأنتي كمان والله يا جي جي" استرقت سمر السمع جيداً لتعرف عماذا يتحدث وتصنعت بالمزيد من الإنشغال بهاتفها 
"طيب لما نشوف آخرة وحشتك دي ايه.. تتغدا معايا النهاردة بعد شغلك؟!"
"يا سلام.. غالي والطلب رخيص.. اختاري بس المكان وأنا تحت أمرك"
"تمام اتفقنا.. هبعتلك على الواتساب"
"أوك"
"يالا روح علشان معطلكش عن شغلك"
"تمام.. سلام"
"سلام يا حبيبي"
"بص كده المكان ده.. أحلى من الأول مش كده؟!" أقتربت منه بسرعة مرة أخرى لترى ما هذا الرقم وأستطاعت حفظهبسهولة فلقد كان الرقم سهلاً 
"سمر معلش .. أنا مش فاضي النهاردة وخليها يوم تاني.. وبعد إذنك علشان عندي شغل كتير ومش هايكون كويس بعد الترقية إني أتأخر في أي Task"
"أوك.." ابتسمت له بطريقتها المغرية التي يتقززمنها "نأجل الـ Outing مش مشكلة" أخبرته وهي تحاول أن تُخفي غيظها ثم توجهت للخارج ليزفر صهيب خلفها في راحة فلقد تخلص منها أخيراً ولكنه شعر بالقلق من إلتقائه بجيهان فهي ستحدثه عن لينا بالتأكيد.. هل يُخبرها بالحقيقة؟ وهذا ما يراه ويُرجحه حيث أنه لا يُحب أن يُخفي مشاعره ولا حتى قراراته.. أم يُعطي نفسه القليل من الوقت فقد يتوتر الأمر أكثر إذا تحدث معها؟!!
شعر بالمزيد من الحيرة ولم يدري حقاً ما عليه فعله ولكنه يعرف بقرارة نفسه أنه لن يُخفي الأمر لأكثر من هذا!!
❈-❈-❈
"مش معقول مكروتاني أوي من ساعة ما وصلنا!!" أخبرها أمجد في لوم لتقترب هي ثم قبلته قُبلة طويلة في عشق جارف وكأنها تعتذر له عن طريق تلك القبلة 
"معلش حقك عليا.. اديك شوفت كانوا ماسكين في بعض ازاي" نظرت له بإعتذار وكأنما تتآسف له بنظرات عيناها
"ويا ترى بقا كانوا ماسكين في بعض ليه؟!" ضيق عيناه سائلاً ثم أحاط خصرها بذراعيه 
"يعني.. خناقتهم العادية" ابتسمت له وهي تحاول أن تُخفي عليه أنها عرفت أدق التفاصيل من لينا 
"ممم.. أنتي بتخبي عليا يا جي جي ولا ايه؟!" ضيقت هي الأخرى عيناها ولم تستطع إخفاء تلك الإبتسامة على شفتيها "ولا عايزة تحلي كل حاجة بقا من غيري؟!" 
"طيب حقك عليا أنا آسفة.. بس ممكن تديني شوية وقت لغاية ما أشوف آخرتها معاهم ايه؟ وبعدين هتيجي تلاقيني بنفسي بحكيلك على كل حاجة!"
"وبعدين بقا.. كله كده مش عايز يقولي حاجة وبقيت عدو الكل" تنهد بعمق وهو ينظر لها 
"حبيبي مش عدو ولا حاجة.. تلاقيهم بس مكسوفين منك.. شوية وهيتفضحوا همّ الاتنين لو فيه حاجة.. اديهم بس وقتهم" تنهد مجدداً ثم ابتعد عنها وولاها ظهره متمتماً 
"واضح إن لينا حبيبتي هي الوحيدة اللي عندها أستعداد بقا تحكيلي على كل حاجة أكتر منك حتى.. أنا أستناها تصحى براحتها وأتكلم معاها أكتر!" 
"لينا!!" ابتسمت وهي تتمتم بإسم ابنتها في غير تصديق فهي لم تتوقع أن تنقض ما تواعدتا عليه بهذه السهولة "وحكيتلك ايه بقا لينا؟!" سألته ليلتفت ناظراً له بإبتسامة انتصار رافعاً احدى حاجباه في ثقة شديدة 
"كل حاجة.. من يوم الموبيل لغاية خناقة شهاب"
"مممم.. ماشي يا لينا حسابك معايا بعدين" تمتمت في حنق وأنزعجت ملامحها 
"لا بقا متعمليش حاجة وتزعليها.. أنا مبسوط إنها حكت لي على فكرة.. ولا مش عايزانا نكون أصحاب؟" نظر لها بلوم لتومأ هي بالإنكار 
"أكيد طبعاً مبسوطة إنكم أصحاب بس.."
"بس أنتي عليكي بقا صهيب أبو دماغ ناشفة ده لأنه مش عايز يقولي حرف" قاطعها ثم أقترب منها ممسكاً بكلتا يداها في دعم "جيهان أنا وأنتي مع بعض سوا في كل حاجة.. حتى لو كانت ايه.. ولينا وصهيب ولادنا أحنا الأتنين.. عمري ما هاسيبك أبداً لوحدك في أي حاجة وياريت أنتي كمان تفضلي جانبي ومعايا وتشاركيني في كل حاجة حتى لو كانت ايه.. أتفقنا؟!" 
سألها لينظر لها بتوسل وبنفس الوقت لمسته الداعمة على يدها جعلتها تهدأ تماماً لتومأ له بالموافقة وأبتسمت له تلك الإبتسامة التي تصيب قلبه بالإضطراب مباشرةً 
"أتفقنا.." أخبرته ليجذبها إليه معانقاً اياها 
"تفتكري فعلاً صهيب معجب بلينا؟!" سألها وهو يقوي من عناقه الجانبي لجسدها وقربها منه لتحيط هي خصره بذراعيها 
"مش عارفة.. أنا خايفة أوي.. لينا لسه عندها مذاكرة ومش عايزاها ترتبط بدري زي ما أنا ما عملت زمان.. بس في نفس الوقت صهيب إنسان كويس وأحترمت أوي فيه إنه مخباش عليها وقالها ده.. كمان أتفقت معاه إننا هنتغدا برا النهاردة أنا وهو بعد شغله ولو صارحني هاحترمه أكتر.. بس بردو مش استعجل شوية"
"أبو دماغ ناشفة شكله كده حبها بسرعة زي ما أبوه عمل.. عموماً مسألة وقت وأنا معاه ومعاها أياً كان إختيارهم.. متقلقيش يا حبيبتي" 
 ❈-❈-❈
أصدرت سمر صوتاً بأظافرها على مقود سيارتها التي أنتظرت بها بعد أن تبعت صهيب لذلك المطعم الشهير المقارب لمكان عملهما وبداخلها أنفجرت غيظاً فهي تود أن تعلم ماذا ستخبره زوجة أبيه.. فلقد طبعت رقمها الذي حفظته بسرعة بأحدى التطبيقات الهاتفية لتجد أسمها يظهر على الشاشة فعلمت أنها زوجة أبيه!
ولماذا سيتلاقيان خارج المنزل؟ لماذا لم تنتظره ليعود؟ وما ذلك الشيء المهم الذي يتحدثا به بعيداً عن المنزل؟!!
كان عليها الإنتظار أكثر حتى تخرج ماهيتاب التي جعلتها تدلف ورائهما لتسمع بأي أمرٍ سيتحدثا.. فكليهما لا يعلمان أن ماهيتاب صديقتها وبالطبع لن ترفض لها طلب كهذا!!
تفقدت الوقت مجدداً لتزفر في حنق من كثرة الإنتظار فلقد مكثا طوال ساعة ونصف بالداخل ولم تعد تطيق إنتظارهما أكثر من ذلك فلقد أصابها الملل وكذلك تحرقت شوقاً لتعلم عن ماذا يتحدثا!!
طالعت هاتفها الذي أصدر صوت احدى الإشعارات  لتجد ذلك المختص أرسل إليها البريد الإلكتروني الخاص بلينا وكذلك كلمة المرور الخاصة بحسابها على موقع فيسبوك ثم وجدته يتصل بها 
"ازيك يا آنسة سمر.. أنا بعتلك الإيميل والباسورد.. ممكن تدخلي دلوقتي حالاً عشان بس أسيب الأجهزة كلها داخلة في نفس الوقت على الحساب والغي أي إشعار يوصلها"
"طيب ثواني كده.. أقفل هاعمل sign in وهاكلمك تاني" أنهت المكالمة وتوجهت مسرعة لتسجل الدخول من هاتفها وكذلك من حاسوبها الخاص حتى تستطيع التجسس على كل شيء بمنتهى السهولة ثم أسرعت لتهاتفه مرة أخرى 
"آلو.. أنا كده خلاص دخلت.. متشكرة أوي" 
"تمام.. ولو حد ضايقك في أي حاجة تانية ياريت تعرفيني تحت أمرك في أي وقت" 
"أنا مكنتش عايزة والله أعمل كده.. بس البنت دي عايزة تبعد خطيبي عني.. أنت فاهم بقا زي ما حكيتلك" 
"لا متقلقيش إن شاء الله خير.. وهاستناكي بقا تعزميني على الخطوبة"
"أكيد أنت أول واحد هاعزمك.. طب معلش هاكلمك تاني.. داخلة على كمين بس"
"آه طبعاً أتفضلي" 
أنهت المكالمة بمنتهى السرعة ما إن رآت صهيب وجيهان يغادران سوياً وأحترقت غيظاً من رؤيتهما يضحكان هكذا لتمتعض ملامحها ثم أخذت تترقب خروج ماهيتاب لتعتدل بجلستها ثم وضعت حاسوبها وأعادت حاسوبها للمقعد الخلفي للسيارة وهي تتحرق لمعرفة لماذا تلاقيا..
دلفت ماهيتاب السيارة لترمقها سمر بزرقاوتيها وملامحها تحمل نظرات الإلحاح الشديد ثم أومأت لها لتتحدث لتتنهد ماهيتاب في ضيق ثم نظرت لها في عدم موافقة على ما تفعله بينما لم تكترث سمر لذلك 
"ها.. كانوا بيهببوا ايه دول؟!"
"سمر.. أرجوكي بطلي اللي أنتي بتعمليه ده.. أنا بس عشان معزتك عندي وافقت.. بس صدقيني الموضوع مش مستاهل.. شيليه بقا من دماغك أرجوكي"
"يوووه بقا.. أنتي جاية تديني تاني نصايح ومواعظ وحكم.. ما تقولي بقا يا ماهي" زفرت في قلة حيلة وتضررت من إخبارها ولكنها قررت أن تخبرها في النهاية علها تلاحظها أو تقترب منها لمرة واحدة بحياتها 
"صهيب مُعجب ببنتها.. شكله كمان بيحبها.. كانوا بيتكلموا بعيد عن البيت لأنه لسه مفاتحش باباه في الموضوع وكانوا بيتخانقوا الصبح علشان فاكرها تعرف واحد تاني!" رمت تلك الكلمات من شفتاها بالنهاية ثم شردت أمامها 
"واحد تاني.. أسمه ايه ده؟!" 
"مش عارفة.. بطل رواية كده اسمه شهاب باين ولا بدر"
"ممم.. وهي مامتها وافقت يعني إنه معجب بيها؟!"
"سمر أرجوكي بقا كفاية.. هو مش بيفكر فيكي يا حبيبتي.. ميستاهلكيش والله العظيم!! شيليه بقا من دماغك.. أنتي آلف واحد غيره يتمنوكي" تآففت سمر ثم نظرت لها بغضب 
"بقولك ايه بقا.. تصدقي إني غلطانة إني حكيتلك وجيبتك هنا النهاردة.. أول وآخر مرة ألجئلك في حاجة تانية!" 
"أنا مش بقولك كده علشان يوم ما تحتاجيني في حاجة متلاقينيش جنبك.. أنا كل اللي مضايقني إنك مصممة تفرطي في نفسك مع حد مش حاسس بيكي" 
"لو سمحتي ملكيش دعوة بالحوار ده بقا!" صرخت بها لتنظر لها ماهيتاب في عدم تصديق "كتر خيرك إنك ساعدتيني.. شكراً.. أكتر من كده مالكيش دعوة! متدخليش في اللي مالكيش فيه!" أكملت بنبرة حادة لتشعر ماهيتاب بالإهانة من طريقتها التي تتحدث لها بها 
"ماليش دعوة!!" تمتمت في غير تصديق "أنا بجد يا سمر غلطانة.. غلطانة أوي إني مهماً بيحصلك بتلاقيني جانبك.. كل مرة أقول معلش مشاكلي تستنى.. زعلي يستنى.. أياً كان اللي بمر بيه يستنى علشانك.. إنما أنتي مفيش فايدة فيكي!" رمقتها بنظرة جانبية في تآفف لتنظر لها ماهيتاب في لوم 
"يعني أنا سايبة كل اللي ورايا ومخلياكي أولوية في حياتي وجاية علشان أساعدك وفي الآخر تقوليلي ماليش دعوة ومتدخلش.. أنتي ازاي أنانية كده؟! أزاي قادرة تكوني طول عمرنا ده مع بعض بنفس الأنانية؟!" هزت رأسها في إنكار ودمعت عيناها 
"تعرفي إن خطوبتي اللي بالغصب خلاص قربت وأهلي مش عايزين يسيبوني أخرج لوحدي أبداً برا البيت وأنا أتحايلت عليهم وفضلت أترجاهم يسبوني أشوفك لغاية ما سمحولي وكل ده علشان خاطرك وأنتي في الآخر تقوليلي مالكيش دعوة!! تعرفي أنتي ايه عني؟ ده أنا خسيت خمستاشر كيلو وشكلي أتغير وأنتي حتى مفكرتيش تسأليني مالك ولا ايه اللي حصللي.. ده أنا ببقا مستنية منك تسأليني عن أي حاجة أو حتى تديني ربع الإهتمام اللي بديهولك بس عمرك ما فكرتي فيا أبداً.. وفي المقابل مستنياني أسمعك وقت ما تحبي وأسمع كلامك عن واحد مبيفكرش فيكي لأ وكمان أساعدك في الجنان اللي أنتي ماشية فيه ده ومكملة!" تلاحقت أنفاسها في إنفعال ورغماً عنها تواترت دموعها 
"أنا بجد مش هاسمح تاني أكون مجرد صندوقك الأسود اللي بيسمع وبيهتم وأنتي في المقابل مبتفكريش فيا.. أنا يا سمر مش عايزة أعرفك تاني.." نظرت لها بحُزن شديد ولكنها شعرت براحة عميقة لإخبارها ذلك "مش هافضل مستنية أكتر من كده إنك تحسيسيني إني صاحبتك فعلاً ده لو كنا أصحاب من الأساس.. مش هاستحمل أنانيتك أكتر من كده!" ترجلت من السيارة الخاصة بسمر ثم أضافت آخراً
"وآه.. نصيحة لوجه الله.. آخرة السكة اللي أنتي ماشية فيها دي مش كويسة.. أبعدي عنه لأنه مبيفكرش فيكي ولا هايفكر!!" أخبرتها ثم رمقتها للمرة الأخيرة ثم تركتها خلفها لتغادرها وقد أقسمت بداخلها أنها لن تُفرط في نفسها أكثر من هذا فهي بالنهاية تستحق الأفضل!!
 
يُتبع..