-->

الفصل السابع عشر - عشق ناضج وعشق مجنون



الفصل السابع عشر

بعد ساعة دلفت ماهيتاب منزلها الذي تعيش به مع أُسرتها وبداخلها تشعر بالحُزن.. كم فرطت من نفسها، وقتها، حجبت مشاعرها وكتمتها في قلبها، أنتظرت وأنتظرت للكثير من الوقت علّ سمر في يوم تسألها عما بها.. علّها تكترث لها وتعطيها جزء ولو ضئيل من إهتمامها وإنتباهها لكل ما تمر هي به.. 
بالرغم من أن قرارها بإنهاء تلك الصداقة التي لا يُعطي فيها سوا طرف واحد متأخراً ولكنها شعرت بالتحرر.. شعرت بأنها ليس عليها تحمل تلك الأفكار المهووسة بعد الآن.. لم يعد عليها الإنتظار وحتى لو أصبحت بمفردها تماماً فهذا أفضل..
بنهاية الأمر ليس علينا تحمل علاقة تؤذينا لسنوات.. فنحن من نتأذى وحدنا ولا يشعر الطرف الآخر بنا.. وبالنهاية أيضاً جميعنا بشر وجميعنا نستحق الأفضل..
نستحق الإهتمام، الصبر، المشاركة، التعاطف، من يسمعنا ويُخبرنا بأنه بجانبنا مهما كانت الظروف وإلي أي مدى كان سيظل بجانبنا ولن يتركنا أبداً..
كادت أن تصل لغرفتها ولكن صوت والدتها أوقفها لتلتفت إليها بملامح حزينة فهي لا تزال مصممة على خطبيتها لشخص لا تعرفه بعد وهذا لم يخطر على بالها بيوم أن يتم زواجها وإرتباطها بشخص لا تعلم عنه شيئاً ولم تشعر له بالحب منذ الوهلة الأولى مثل ما تمنت دائماً..
"الولد قاعد برا وعايز يتكلم معاكي ومستنيكي.. أظن أنه كفاية يجي ويدخل بيتنا وأقوله بنتي مش موجودة.. أحترمي نفسك وعدي الليلة على خير أحسنلك.. سامعة ولا أعيد تاني؟!" حدثتها والدتها بنبرة جافة وعينتاها أطلقا تجاهها نظرات حازمة 
"حاضر يا ماما.." اجابتها بقلة حيلة فهي لم تعد تحتمل المزيد من النقاش والمجادلات التي لا نهاية لها مع أُسرتها بسبب حتمية زواجها فلقد قاربت السادسة والعشرون من عمرها وبالنسبة لعائلاتها هذا أمر فاضح لا يُقبل أبداً "هادخل بس أغسل وشي وأحط شنطتي وجوا وهاطلعله" أخبرتها ثم تركتها مسرعة وهي لم يعد بداخلها طاقة للمزيد من التحمل!
نظرت بمرآتها وقد تكونت الدموع بعينتيها فحاولت كتمها بمرارة خشية من أن يُفسد مظهرها ثم خللت شعرها بأصابعها في محاولة أن تُعدل منه قليلاً وأخذت شهيقاً ثم زفرته في هدوء وتوجهت مرة أخرى للخارج بأفكار ضبابية ومشوشة فهي بداخلها ترفض هذه الزيجة تماماً..
مشت نحو غرفة الإستقبال المهيئة بعناية ليسع أُسرتها إستقبال كل من هو غريب بمنزلهم وكأنما يُفضلون ذلك الشخص على جميع أفراد المنزل لتتهكم مُفكرة في تلك العادات التي لن يتوقفوا عنها أبداً..
دلفت لترى نفس ذلك الشخص الذي قد آتى من قبل ولكنه كان اليوم يرتدي ملابس غير رسمية وشعره الأسود قد أكتسب طولاً أكثر من المرة السابقة لتبتلع وتفقدته بإنزعاج وإمتعاض غير مبرران لتلاحظ أنها حتى لا تتذكر ملامحه ولكن ملامحه تحمل وسامة من نوع ما، لكنها بالنهاية تركت ذلك التفكير بعيداً..
"أزيك يا ماهيتاب عاملة إيه؟!" سألها بإبتسامة هادئة لتومأ له 
"الحمد لله"
"معلش جيت من غير ما أقولك كنت فاكرك موجودة.. بس بصراحة أنا كنت عايز أتكلم معاكي والمرة اللي فاتت تقريباً كنتي ساكتة ومش عايزة تتكلمي.. يا ترى الوقت مناسب ولا تحبي آجي مرة تانية؟" سألها لتحمحم وشعرت بقليل من الإرتباك فكيف سيحدثها وهو لا يعرف عنها شيء؟ بل؛ بمّ سيحدثها بالأساس؟!
"أتفضل.." أخبرته بإقتضاب 
"طيب ممكن تقعدي علشان ممكن كلامنا يطول شوية!" طلب منها ذلك بلباقة لتلاحظ هي أنها حتى لم تجلس بعد ففعلت ولكن على كرسي مقابل لكرسيه ولم تجلس بالقرب منه 
"بصي يا ماهيتاب.. أنا شخصية عملية أوي وكنت دايماً مآجل الجواز.. وعمري ما شوفت بنت وارتحت ليها غيرك.. لفيت كتير وكنت بتقدم لبنات بس مكنش بيحصل نصيب.. مش معنى إني أتقدمت لكذا حد هو هدف الجواز وخلاص.. أنا بردو محتاج أتعرف على الإنسانة اللي هتكون شريكة حياتي.. وأظن إن الخطوبة بتكون خطوة إن أي شاب وبنت يعرفوا بعض أكتر ويشوفوا هيتفاهموا في حياتهم وهيكون فيه ما بينهم تلاقي في الأفكار ولا لأ!" تريث قليلاً ليرى أنه حصل على إنتباهها 
"أنا حسيت إنك المرة اللي فاتت كنتي متاخدة وتفاصيل الجواز والإتفاقات بتاعت الأهل والعادات والتقاليد والعُرف والحاجات اللي مبتخلصش دي ومش عارف إيه لازمتها بصراحة، كل ده خدنا من بعض ومعرفتش أتكلم معاكي.. والوقت كمان كان ضيق.. بس أتمنى النهاردة نتكلم بشكل أحسن.. وأعتبري إنك أول مرة تشوفيني أو تعرفيني" نهض ليقترب منها بينما نظرت له بتعجب 
"أنا مازن" أبتسم لها ليقدم يده إليها ليصافحها لتبتسم له في إستغراب ورمقته بالمزيد من التعجب لتتوسع إبتسامته "تحبي تعرفي إيه عني؟!"
❈-❈-❈
"وصلتي لإيه بقا معاهم؟" سألها أمجد وهي تتوسد صدره على سريرهما وقد شعر كليهما بالإرهاق فهما لم ينما منذ الأمس
"قولت للينا تاخد وقتها وتفكر وفي نفس الوقت صُهيب خليته يهدى شوية واديته مفاتيح اللعب"
"اديتيله مفاتيح اللعب!!" تمتم في غير تصديق بينما أخفض نظره إليها "معنى كده إنك موافقة؟"
"بصراحة أنا لما روحت وأتكلمت معاه حسيته فعلاً معجب بيها بجد وواخد الموضوع من غير هزار.. بس هي مجنونة ولسانها فالت منها، بنتي وأنا عارفاها كويس"
"مش هتجيبه من برا يا حبيبتي!" أبتسم لها لترفع إحدى حاجبيها في إنزعاج 
"تقصد إيه يعني؟" سألته في تحفز 
"أقصد إنها عاملة زيك بالظبط"
"يا سلام!! وأنا لساني كده فالت مني ومجنونة زيها" نهضت لتجلس على السرير لتتحول إبتسامة أمجد لضحكة خافتة 
"يا حبيبتي أسوأ كمان"
"بقا كده يا أمجد!!" عبست ملامحها وهي تنظر له في حُزن 
"أنتو الأتنين اللي يكلمكم وميعرفكوش يقول يا إما شخصيتهم قوية يا مجانين.. بس بعد ما حد بيقرب منكم أوي بيعرف قد إيه إنكو حنينين وطيبين.. بس لسانكم طويل بقا نعمل ايه!" أمسك بيدها لتنظر هي له بقليل من الإنزعاج 
"لأ بس بجد كلامك ضايقني"
"مجنونة بس بموت فيكي.. لولا جنانك ده كنت رجعت في كلامي على فكرة!" رمقته بنظرة إستفسار فهم هو معناها جيداً "صدقيني والله.. جنانكوا ده أنتي ولينا بتحاولوا تدافعوا بيه عن نفسكم قدام أي حد غريب.. بس اللي يبص بين السطور بيشوف قد ايه أنتي وهي طيبين أوي، وعاقلين، وبتحبوا كل اللي حواليكوا.. بس مستنين تثقوا في اللي قدامكم!"
"وأنت شايف بقا إني واثقة فيك بعد كل ده؟!" لا يزال العبوس يحتل ملامحها ليتنهد أمجد وهو يقترب منها بعد أن جلس القرفصاء مثلها وأمسك بيدها الأخرى
"بصراحة بعد موضوع الصبح ده قولت إنك مبتثقيش فيا.. بس قولت مش مهم علشان أول موقف زي ده يحصل ما بيننا" زفرت جيهان في ضيق 
"يا حبيبي أنا مكنتش عايزة ثقة لينا أو صهيب يتهزوا فيا و.."
"حبيبتي أنا فاهم" قاطعها ثم تابع وهو ينظر لها في تفهم "بس زي ما قولتلك صهيب ولينا ولادنا أحنا الأتنين.. وأحنا الأتنين بردو المفروض نتحمل مسئوليتهم.. أنا عايزك تساعديني يا جيهان إني أقرب من لينا زي ما أنا قريب لصهيب.. أنا فاهم إن شخصياتهم مختلفة بس أنا متجوزتكيش علشان تخبي عليا حاجة ولا أنا أخبي عليكي حاجة" ابتسم لها إبتسامة تتسم بالوقار تعجبت لها جيهان
"أحنا شركا.. أنا وأنتي فتحنا شركة جديدة.. علشان متبقيش لوحدك ولا أنا كمان عايز أكون لوحدي.. عايز أحس بوجودك جانبي في كل كبيرة وصغيرة.. وأنتي كمان مش هاسيبك أبداً لوحدك في أي حاجة.. أنا عن نفسي لو كنت عرفت قبلك من لينا أو من صهيب كنت هاجي أحكيلك.. وكمان كنت متوقع منك ده.. بس خلاص الموضوع عدا وحصل خير.. مش هنعمل خناقة عليه" ابتسم لها مجدداً لتتنهد هي وهي تتفقد ملامحه بعسليتيها العاشقتان
"أنا آسفة.. بس صدقني كنت هاقولك لما كنت أتأكد من إحساس صهيب للينا" قبل كلتا يداها ثم رتفحص عسليتيها بعشق
"أنا مش بقول الكلام ده علشان تعتذريلي.. أنتي مغلطتيش في حاجة.. أنا بس عايز أنا وأنتي نكون كيان واحد.. يكون ما بيننا صراحة ومشاركة وثقة أكترمن كده.. وعارف وفاهم إن ده مش هيجي غير بالمواقف.. وبردو مقدر إنك كنتي قلقانة من نظرتي للينا أو مثلاً كنت ممكن أضايق من صهيب لو مجاش وصارحني الأول.. أنا مقدر كل حاجة.. وفاهم كل ده.. وواحدة وواحدة هنبني الثقة والصراحة ما بيننا.. ومتأكد إن اللي هيكون بيني وبينك أستحالة يطلع لأي مخلوق في الدنيا حتى لو ولادنا" أخبرها بهدوء شديد لتتوسع ابتسامتها وقد تغيبت كل الكلمات التي تستطيع الرد بها عليه من عقلها 
"طب بذمتك أرد وأقول إيه بعد الكلام الحلو والعاقل ده كله" تحولت ملامحه للجدية ونظر للسقف رافعاً عيناه لأعلى كمن يُفكر بأمرٍ ما 
"بقبل البوس والأحضان والدلع والحاجات الحلوة دي" صدحت ضحكتها لتقترب منه تجذبه إليها في عناق 
"بحبك"
"وأنا بعشقك"
❈-❈-❈
"أفندم عايز إيه؟!" رمقته لينا بإمتعاض بعد أن فتحت له باب الغرفة الذي طرق عليه 
"أنا آسف"
"على إيه ولا إيه؟!" نظرت له بإنزعاج 
"أنا أتسرعت.. متزعليش مني أرجوكي" حدثها بهدوء لتتنهد هي وتفقدته بحيرة 
"ماشي.." همست له ثم التفت وتركته وتوجهت لتجلس على سريرها مثل ما تفعل دائماً
"يعني خلاص مش زعلانة؟!" تقدم وهو يسألها لتتدعي الإنشغال بهاتفها 
"هاشوف الموضوع ده" أخبرته وعيناها لم تتركا شاشة هاتفها لتتوسع إبتسامة صهيب وقد شعر بقليل من الإستهزاء ولكنه ذكر نفسه بكلمات جيهان له اليوم 
"بتدلع وبتتقل.. إمسك نفسك وبلاش تتعصب" تحدث لنفسه ليقترب منها بجرأة ثم جلس أمامها على السرير لترفع هي عيناها عن هاتفها وهي ترمقه في إستغراب وتعجب 
"نخرج سوا بكرة؟!" أقترح سائلاً لتزم هي شفتيها في حنق 
"لا.. لسه فيه شوية زعل!! مش هاخرج!" أخبرته بحزم 
"طب أعمل إيه علشان الزعل يروح؟" حاول مجدداً أن يتبع نصيحة والدتها كما أخبرته وأبتسم لها هامساً بسؤاله لتتفقده هي بعينتين منزعجتان
"منين جايلي تقولي معجب بيكي ومنين مبتثقش فيا.. بتكلم عن رواية ولا بطل من الأبطال تفتكرني أعرف واحد تاني.. وعلى فكرة مش من حقك وأحنا لسه مفيش ما بيني وبينك حاجة يعني تديك الحق ده إنك تعترض أنا أعرف مين ومعرفش مين.. أنت عمرك ما عاملتني بثقة من يوم ما دخلت البيت ده.. وأنا مش هاقبل كده بقا!!" أخبرته بنبرة منفعلة 
"طيب.. هاثق فيكي حاضر" أخبرها بهدوء مجدداً لتنظر هي له في تحفز 
"ده مكنش طلب على فكرة.. أنا بقولك إن أسلوبك غلط ومش هاينفع معايا!" مزيداً من الغرور سيطر على نبرتها 
"أنا سابك تخبطي في الكلام علشان أنا اللي غلطان على فكرة.. فقولت بلاش نطول في الخناق والزعل"
"يا سلام!! لو مش عاجبك ممكن تـ.."
"بقولك إيه!! ما تحكيلي كده عن الروايات اللي أنتي بتقريها عشان أحفظ أسامي الأبطال ومعكش المرة الجاية" أبتسم لها إبتسامة أربكتها وقاطع نبرتها المحتدة كي لا يتشاجرا لتتنهد لينا ثم رمقته بجدية 
"هتسمع؟!"
"آه هاسمع"
"ومش هتعترض على حرف؟" أشارت له بسبابتها مُحذرة لتتوسع إبتسامته وهو يتفقد ملامحها الطفولية وتحفزها الشديد 
"مش هاعترض يا ستي.. يالا إحكيلي.." أخبرها في هدوء 
"بص.. الرواية من جزئين ولسه التالت هينزل"
"ما شاء الله.. تلت أجزاء.. يا ريتني ما سألت" تمتم لتضيق هي ما بين حاجبيها في إنزعاج 
"بتقول حاجة!!"
"أحكي أحكي"
"بطل الرواية أسمه بدر.. عنده خمسة وتلاتين سنة.. مراته ماتت من تمن سنين.. فيه بنت صاحبة أخوه في الجامعة جت علشـ.."
بالرغم من أنها لم تتوقف عن الثرثرة بتفاصيل تلك الرواية التي وجدها سخيفة للغاية ولكنه لأول مرة يجلس معها لساعات، يلاحظ ملامحها وإنفعالاتها التي لا تتوقف.. يرمق الحُزن بعينتيها تارة والخجل تارة عندما حدثته بتفاصيل جريئة نوعاً ما.. شعر بالإمتنان الشديد لجيهان التي أدرك أنه يتوجب عليه أن يُقدم لها شكراً من نوع خاص بعدما أخبرته بما تُحبه لينا وبإهتماماتها وكذلك كيف عليه أن يعتذر لها عما بدر منه..
ولكنه ترك كل ذلك جانباً فهو يريد أن يُقضي الوقت معها بأي شكل كان..
❈-❈-❈
جلست على سريرها وقد حفظت طريقة لينا في الحديث عن ظهر قلب.. علمت من هن صديقاتها وما هي إهتماماتها.. كما علمت أن صهيب ليس بقائمة أصدقائها بعد..
لن تستطيع المخاطرة وترسل له طلب صداقة الآن، فهما بالنهاية جالسان بمنزل واحد.. ربما هو يجلس معها الآن أو يُحدثها!! 
أغلقت حاسوبها بغيظ شديد وهي تحاول الإنتظار والتريث بكل ما أستطاعت من قوة.. عليها إرسال الطلب غداً.. عندما يكون أمام عينيها بالعمل.. 
أمّا عن لينا فهي تعرف كيف ستتصرف معها جيداً.. تعرف كيف ستجعلها تبدو في عينيه كعاهرة ولن يريد التحدث لها بعد اليوم.. ولكن أولاً عليها أن تُنشئ حساباً جديداً يعج بصور إحدى الشبان وتبدأ معه حديثاً من حساب آخر يحمل نفس تفاصيل حسابها.. لن يهم متى أُنشئ هذا الحساب ولكن ما يهم هو طريقة لينا في الحديث إليه.. عليها أن تبدو لينا نفسها وهي تتحدث حتى يُصدق الأمر فيما بعد..
تنهدت في راحة وهي تستعيد تفاصيل حديثها مع صديقتها رولا وكل ما أخبرتها به عن تلك الروايات السخيفة.. ودت فقط لو هناك المزيد من المعلومات ولكن يبدو أنها لا تحبذ إستخدام تطبيق الفيسبوك والماسنجر كثيراً..
لا يهم!! على كل حال لقد حصلت على الكثير من الصور والمعلومات ستجعلها تدمر علاقتهما ببعضهما البعض عاجلاً أم آجلاً.. مسألة وقت ليس إلا ولكنها ستفعلها!!
❈-❈-❈
"أظن الوقت أتأخر كده ولازم أمشي" أبتسم مازن وهو ينظر لها لتتعجب هي ورمقت الساعة لتجدها قاربت على منتصف الليل لتحمحم في توتر 
"ممم.. ماشي" همست في إرتباك فهي لم تتوقع أبداً أنهما سيستغرقا بالحديث طوال تلك الساعات 
"لو مش هضايقك ممكن أكلمك لما أروح؟!" سألها بإبتسامة بدأت في التعود عليها، لا بل بدأت تروقها إبتساماته لها لتومأ له بإقتضاب 
"أوك" 
"مع إني أنا اللي أتكلمت كتير أوي النهاردة وصدعتك.. بس المرة الجاية الدور عليكي!" ضيق عيناه ناظراً لها لتبتسم هي في إرتباك من نظرته تلك 
"مصدعتنيش ولا حاجة"
"أتبسطت أوي بكلامي معاكي يا ماهي.. ومبسوط إني هارتبط بإنسانة زيك!" لم تكن تتوقع كلماته لتشعر بالخجل ولا تدري ماذا عليها أن تُخبره لتعبث بإحدى خصلات شعرها "يالا تصبحي على خير.."
"وأنت من أهله" همست له وتوقفت مكانها ولا تدري ماذا تفعل فلقد إزداد إرتباكها 
"طيب مش البنات بتيجي توصل خطيبها للباب يعني بإعتبار ما سوف يكون!" أخبرها لتضحك هي بمزيد من الخجل
"ماشي أتفضل.." 
تركا سوياً غرفة الإستقبال وتوجها لباب المنزل لتتبعه هي وقد شعرت بمشاعر غريبة عليها للغاية ولأول مرة تشعر بها ليلتفت لها قبل مغادرته مخبراً إياها
"أستنيني بقا ومتناميش غير لما أكلمك"
"أوك" أومأت له بالموافقة ولا يزال الخجل يسيطر على ملامحها 
"سلام"
❈-❈-❈
"بس وأدينا بقا مستنين الجزء التالت.. بس شكله هيبقا أحلى من الجزئين اللي فاتوا!" أومأ لها صهيب الذي وصد عيناه بعد أن تثاءب لمرات ولم يشعر بغلبة النعاس الشديد عليه فتناول وسادة وضعها أسفل رأسه "صهيب.. أنت نمت؟!" سألته بنبرة صوت مرتفعة نوعاً ما ولم تحصل منه سوى على همهمات لم تستطع فهم شيء منها
"أنا غلطانة إني بحكيلك.. قوم نام في أوضتك بقا" أخبرته ولكنه بالحقيقة لم يستمع لها فلقد ذهب بالنوم لتزفر هي في حنق ثم أقتربت منه لتوقظه وتلمست ذراعه بعفوية شديدة "يا صهيب قوم" أقتربت بوجهها منه ليُصبح صوتها قريباً من أذنه ليفتح بالنهاية عيناه ناظراً لها بنُعاس ولكنه جذب يدها نحوه ليقربها منه أكثر..
"إيه ده أنت بتعمل إيه؟! شيل إيدك لو سمحت!" أخبرته بإنفعال ليبتسم هو لها ولم يتحدث بالمزيد.. فقط استمتع بقربها الشديد منه "بردو هنرجع لقلة الأدب.. على فكرة بقا أنا غلطانة.. وممكن أنده على ماما وبابا و.." توقفت من تلقاء نفسها لتشهق في مفاجأة مما فعله فلقد جذبها بشدة لتصبح أسفله في ثوان
"صهيب لو سمحت.. أمشي أطلع برا.." همست في توتر لتتوسع هو إبتسامته وهو يتفقد ملامحها القريبة منه وشعر بأنفاسها المُرتبكة وظل ينظر لها دون أن تغادر شفاهه أية كلمات..

يُتبع..