-->

الفصل الثالث والثلاثون - بنات حورية


الفصل الثالث والثلاثون 


لقد ذهب الجميع حتي والدته أتت واعتذرت واحتضنتها وقالت أنها ابنتها منذ اليوم وأن خوفها علي أولادها جعلها تتصرف بدون إدراك وبسوء نتج لعدة أيام .. وذهبت أيضاً وهو لم يأتي بعد هاتفته ليجيبها فوراً : دوروك أين أنت كل هذا ألم ينتهي عملك بعد ،، متي ستعود .
أخبرها وقد أيقن أن المواجهة أفضل : لقد أتيت ولكن ذهبت مجدداً .
قطبت جبينها مستفسرة : أتيت هل أتيت المنزل لم آراك .
ثم جحظت عينيها مدركة أنه قد يكون استمع لها لتتسائل بخفوت : هل سمعت ..
وقبل أن تكمل أجابها بألم : سمعتك يا هيا سمعتك .
فزعت وهي تخبره بخوف : أرجوك تعال للمنزل .. أرجوك تعال لا تخيفني عليك .
ضحك بخفوت قائلاً : أنتِ ملاك يا هيا ،، لقد اقتربت من المنزل يا حبيبتي لا تخافي .
بعد قليل كان يفتح باب المنزل ليدخل فوجدها تهرع إليه لتحتضنه بشدة فحملها برفق بإحدي يديه والأخري التي كانت تحمل باقة زهور حمراء كبيرة أغلق بها الباب ،، أنزلها برفق ليضع تلك الباقة بينهم فالتقتطها بعيون سعيدة .. استنشقت رائحتها ثم قبلت ذقنه المهذبة لتخبره بخجل : شكراً لك .
تنهد وهو يرمقها بابتسامة جذلة قبل أن يبتعد عنها للغرفة كما حال عينيه التي تهرب من عينيها ،، برائتها تقتله سماحها اللامحدود هذا ينحر قلبه .. تلكَ الابتسامة العذبة التي ترمقه بها دون ضغينة يشعر بها كسكين يعزز قسوة ما فعله بها في مذكرت ،، تبعته لتقف ناظرة للأرض بخجل وهو يغير ملابسه لتسأله برفق : هل أضع الطعام لك .
نظر لها ولوقفتها الأنثوية ترتدى قميص حريرى بأكمام من التل بدرجة سماوية هادئة قصير يثير رغبته بها .. كم رغب بتواجدها أمامه هكذا منذ أكثر من سنة .. كم رغب بأن يُقفل عليهم باب واحد .. كم رغب بأن تكون تلكَ الصغيرة زوجته ولكن ليس بتلكَ الظروف أبداً .. لم يرغب أن يسبب لها الألم أبداً .. لا يعرف كيف سألها بهدوء عكس العاصفة التي تعصف بداخله : هل أكلتي أنتِ .
أومأت بخجل من تفحصه الطويل لها : أنت تأخرت وأنا أكلت مع ماما وأخواتي وأكلت مع أهلك أيضاً .
قطب جبينه متسائلاً : أهلي !! .
أومأت مجدداً تخبره : أتت والدتك وأختك .. لقد اعتذرت والدتك لي وأنا أيضاً اعتذرت لها ،، أنا لست قليلة تربية صدقني لم أشأ أبداً أن أخرج تلكَ الكلمة من فمي والله لا أعرف كيف خرجت مني حتي .
لم يتحمل كلماتها كيف مازالت تدافع عن خطئها هكذا وهم المخطئين بحقها أساساً ،، اندفع لها يجزبها بخشونة مبتلعاً باقي حديثها بفاهه مستكشفاً ثغرها المتورد الصغير .. رفعها عن الأرض مسنداً جسدها علي الحائط خلفها لتتمسك هي بعنقه تاركة إياه يشعر بنفسه .. يشعر بذاته المتشتتة رغم حرارتها التي ارتفعت ارتباكاً فابتعد عنها قائلاً بعبث : اهدأى لكي لا ترتفع نبضات قلبك .
ضربته علي كتفه بخجل تعرف أنه يتحدث عما فعله بالمشفي ليضحك وهو يخبرها بمرح منزلاً إياها أرضاً : لو ستأكلين معي فضعي الطعام لو لا تعالي لتنيميني لأنني متعب جداً .
نفت قائلة : صدقاً لست جائعة ولكن سأحضر لك بعض الطعام لتأكل .
نفي هو الأخر ليجذبها للسرير مُجلساً إياها قبل أن يبتعد ناحية جاكيته ليخرج منه بعض الأوراق حتي جلس جوارها يناولها إياهم ،، نظرت لهم بتفحص تخبره من بين تفحصها : ما هذا .
راقب ملامحها وتغيرها المصدوم قبل أن تنهل السعادة من وجهها لترتمي بأحضانه وهي تعيد علي مسامعه : نهاية الاسبوع سنسافر باريس نهاية الاسبوع .
ابتسم لها وهو يسيطر علي جسدها بين ذراعيه ليومئ قائلاً : نعم وسنذهب لكل مكان أخر تودين الذهاب له .
ناولته التذاكر ليضعها جواره وهي تشكره : حقاً شكراً كم أود أن أذهب لهناك .
داعب خصلات شعرها وهو يجوب بعيناه ملامحها قائلاً : أعلم إنه أقل شئ أفعله لكِ .
قطبت حاجبيها لا تتذكر أنها أخبرته عن حلم سفرها لبلاد العالم من قبل ولكنه توقف قبل أن تسأله بعد سماعهم لجرس المنزل ليقل : لقد أتي انتظريني هنا .
همست له وهو يخرج : من آتي .
لم يبدو أنه سمعها وهو يغيب لبضع دقائق قليلة ويعود ،، نظرت له بتساؤل وللحقيبة المغلفة بين كفيه  ليضعها جوارها علي السرير ويجلس قائلاً بدفئ : هدية زواجك هيا افتحيها .
رفرف قلبها بسعادة وهي تفك الأشرطة عنها وتخرج محتواها لتفتح عينيها بصدمة للمرة الثانية وهي تتفحص بين كفيها كاميرا حديثة عالية الجودة .. باهظة الثمن هي تعلم ذلك لتهتف بتلعثم : هل .. هل  تمزح معي .
ضم ذراعيه لصدره متسائلاً : هل أعجبتكِ .
صرخت بحبور وهي تتفحصها : أعجبتني فقط إنها رائعة .
ابتسم متابعاً إياها منشغلة بكاميرتها وقراءة الكتيب القادم معها لتستكشف مزاياها ولم ترفع عين واحدة له حتي الأن ليضحك قليلاً بخفة متسائلاً : كان يوجد مشروع طعام منذ قليل .
رفعت نظرها له لتومئ واقفة : حاضر يا حبيبي سأجهزه لك .
سحبها من ذراعها له قائلاً بتأوه : ماذا قلتي ! .
أردفت بخجل بعد أن حاوط جذعها مداعباً أسفل خصرها بكلا كفيه وهي واقفة بين قدميه لتسري رعشة طفيفة بكامل جسدها : سأحضر الطعام .
تأوه مجدداً متسائلاً بانزعاج : ليس هذا ما أقصده يا هيا لقد قلتِ شيئاً أخر شيئاً أكثر حلاوة .
جذبها بغتتاً لتجلس علي قدميه فيرفع حاجبيه مطالباً : هيا قوليها مجدداً من هذا الموقع .
ابتسمت بحلاوة وهي تعض علي شفتيها وتخبره بخجل : ألا تعلم أنني أحبك .
كان يود سماعها مجدداً ولكن تبدلت سعادة عيناه بغيوم حزينة وهو يتسائل مداعباً وجنتها بحنان : حتي بعد ما فعلته بكِ .
تبدلت سماءها الصافية بسعادتها هي الأخري لغيوم متؤلمة مثله ،، لماذا يذكرها لقد سامحت الجميع وانتهي الأمر .. تريد نسيان تلكَ اللحظات وكم سعدت لأنه لم يفتح الموضوع منذ أن آتي وظنت أنه سيستمر بتهربه ولكنها لا تريده أن يفتح الموضوع تكراراً هكذا فهذا يؤلمها ،، هتفت بضيق بنبرة أشبه للبكاء : لماذا تفتح الموضوع ،، أليس كل ما تريده أن أسامحك وأنا سامحتك لماذا تذكرني .
فرغ ما في عقله أمامها بغير تصديق : نعم أودها بكل تأكيد ولكن مسامحتك تقتلني .. تعذبني .. أنتِ كيف هكذا .. كيف لا تصرخين بوجههي ،، كيف لا تتخذين موقفاً أنا أشعر بنفسي صغير جداً أمامك لماذا لا تفكري بأخذ حقك ،، لماذا لا تقولي كيف فعلت بي هذا .
تسابقت دموعها علي وجنتيها بقهر وهي تحاول الوقوف عن قدميه ولكنه أبي أن يتركها بخوف وكأنه يخاف أن تتخذ موقفاً بالفعل فهوي قلبه أسفل قدميه وهو يري بكائها الذي تفجر من مقلتيها دون توقف وهي تسأله : وهل سيتوقف عذابك لو صرخت بوجهك وعاتبتك .
أومأت له وهي تضرب صدره بغضب وكأنه ضغط علي ذر تحملها : لم أتخيل أن تضربني ،، لقد كنت خائفة وأسفة ونادمة ولم أتوقف عن البكاء أبداً ما إن خرجت من منزلكم لأنني لست هكذا .. لم أرفع صوتي علي ماما بحياتي لأسب والدتك لم أكن أقصد والله ،، وخفت .. خفت أيضاً من تفكيرك بي وخفت لأنني علمت حينها أنني جرحتك بأعز من تملك .. ولكن لم أتخيل أن تضربني .
شهقت وهي تضع وجهها بين كفيها وتعاتبه بصوت مكتوم : لقد أخبرتك أنني أسفة ولم تسمعني ،، لقد خفت منك للغاية ،، أساساً منذ أول يوم في زواجنا وأنا خائفة منك .. هذا الجانب منك أنا لم أكن أعلم به ولكن كنت أقول أنها أزمة وستنتهي .. انك تفعل هذا بدافع انتهاك حقكم هكذا .
أجابها مبهوتاً ببحة صوته المهزوزة مؤكداً لها : نعم نعم هذا ما حدث ،، أنا لست هكذا .
ضربت صدره مجدداً : ولكنك هكذا لم ترأف بصرختي بعد أن انتشر ألم رهيب بأذني واعتذرت لك وضربتني مجدداً ،، لم ترأف بارتخاء أعصابي ووقوعي تحت قدميك ورغبت بأن تضربني مجدداً ،، لماذا تجعلني أقول هذا الكلام ،، هل هذا ما تريد سماعه ،، لماذا لم تخاصمني لاسبوع أو حتي لشهر لماذا لتضربني .
صرخت به بالنهاية : أنت هكذا وأنا التي لم أكن أعلم .
انفجرت ببكاء وارتعاش بنهاية كلامها بعد أن جذب رأسها لصدره قائلاً وقد زاد عذابه ولم يقل بمقدار ذرة : توقفي ، اصمتي توقفي أنا أنا ..
ابتعدت عنه لتنهي هذا الأمر : لا لن أتوقف ألا تريد الاستماع .. استمع ولكن لتعلم أن كل ما أقوله هذا يؤلمني بقدرك .. وأنت تتحدث وتضربني أنا لم أكن أسمعك لقد كنت أغطي أذناي لو شعرت بي وقتها ولم تتركني لكنت رأيت الدماء التي غطت عنقي .
شهقت وهو يبعدها عنه ليقف قائلاً بصدمة وداخله يحترق : توقفي يا هيا لم أعد أريد الاستماع توقفي .
حاولت التحدث ولكنه صرخ مجروحاً وهو يلقي أباجورة النور بعنف وكل ما طالته يداه ألقاه مكسراً إياه لترجع هي علي السرير بخوف محاوطة نفسها وجسدها يرتعش ببكاء كان كحيواناً يتعذب بسبب أكله لاشقائه بسبب قلة الغذاء .. اقترب منها فجأة لتنتفض للخلف بخوف طبيعي من حالته ليتسمر مكانه ورمشت عيونه بعدم استيعاب ،، منذ دقائق كانت بين ذراعيه وهو الذي نبش بجرحهم هكذا .. مسح علي وجهه قبل أن يحتل المكان جوارها جاذباً جسدها لصدره قائلاً بأسفه : سامحيني ،، صدقيني أنا لست هكذا ،، ولكنها والدتي .
ابتعدت عنه لتخبره بصراخ : أعلم ولهذا سامحتك ولكنك التي تنبش بما حدث مجدداً .. ولتعلم لو أنك أخطأت بأهلي بكلمة واحدة لن أبقي معك لثانية ولهذا سامحتك لأني أعترف بخطئي والأن ماذا استفدت هل قل عذابك أم زاد عذابنا نحن الإثنان .
ابتعدت عنه لتخرج من الغرفة وتكورت علي الأريكة بالصالة بألم ،، لم تكن تفكر هكذا ومن البداية لم ترغب بالتفكير فيما فعله وأنها هانت عليه ليفعل بها كل هذا والأن كيف سيلتئم هذا الجرح الذى كانت تدفنه بأعماق عقلها الواعي والأن باتت ترغب بالإبتعاد قليلاً ليتوقف هذا الألم ولكن كان له رأي أخر وهو يذهب خلفها ليجلس أرضاً فتغلق عينيها عنه بقوة فأخبرها محاولاً استرجاعها : مجدداً شعرت كم أنا صغير أمامك كم أنا غبي لأفتح لكِ جرحاً هكذا ،، ماذا أفعل الأن لو أستطيع إعادة الزمن لنصف ساعة سأفعل .
همست برجاء ونشيج : فقط اتركني وحدى .
حاوط وجهها قائلاً برجاء : كله إلا هذا أرجوكي ،، هيا لا تتخذي موقفاً الأن والله أنا أسف ونادم لقد عاقبني الله بما حدث لكِ والله إنه عقاب لي أيضاً وعذاب لا تتخيلينه .
أومأت له بعيونها المغمضة قائلة بنبرة مقطوعة الأنفاس : أريد النوم .
لم تسمع له صوتاً بعد ذلك ولكنها شعرت به يذهب للحظات ثم عودته ليداعب وجهها برفق قائلاً : هيا اشربي بعض المياه .
كم هي شاكرة له لذلك فحلقها يؤلمها من البكاء  فتحت عينيها لتساعد يديه برفع الكوب لفاهها حتي ارتوت ومددت جسدها مجددا وأغمضت عينيها لتشعر بكفه التي تغللت لفروة رأسها بين خصلاتها واستسلمت لهذا الهدوء حتي نامت تاركة إياه يتلظى بعذابه طوال الليل جوارها وجل ما يهمه هو راحتها وأن النوم وجد طريقه لجفونها .


⬢ ⬢ ⬢ ⬢ ⬢ ⬢
في الصباح بعد أن جهو الفطور وأيقظها ،، غسلت وجهها وانضمت له بالشرفة حيث وضع طاولة مليئة بالأطعمة الشهية ولكن كلها يبدو وكأنه اشتراها من الأسفل لتضحك وهي تسأله : كنت أيقظني وأنا أجهزه الفطور .
حك عنقه بخجل ليخبرها : لا أجيد الطبخ وودت أن أفطر معكِ قبل أن أذهب للمشفي .
أعطته ابتسامة عذبة حُلوة وهي تسأله بما خطر لبالها متجاهلة ماحدث أمس : صحيح ماذا سيحدث بعملك حين نسافر .
تسائل بترقب بعد ما حدث أمس : مازلتِ تودين السفر .
زمت شفتيها كطفلة لتمازحه : لا تقل أني كنت أحلم لقد أحضرت لي كاميرا رائعة لا يعقل أن يكون حلماً .
ضحك ليخبرها : لا ليس حلماً ولكن فقط أخبريني بأحلامك وأنا سأنفذها فوراً .
قالت بحلاوة وهي تشرب مشروبها : أعتبرك مصباحي السحري إذن .
أومأ لها مجيباً : سمعاً وطاعة مولاتي .
ضحكت لتسأله مجدداً عن عمله فيجيبها : يوجد مشفي بباريس سأكون ضيفاً لديهم لبعض العمليات أثناء تواجدنا هناك .
أومأت له ليطلب منها برفق : تعالي جواري .
نهضت عن مقعدها لتجلس جواره علي الأريكة الصغيرة وهي تود التحدث معه بأمراً ما وانصت لها وهي تطلب منه : نحن بالعادة أقصد أنا وأخواتي نذهب بهذا الوقت للساحل ليومان و كنت أود أن أذهب معهن وماما ستأتي معنا أيضاً .. يومان فقط قبل سفرنا .
لانت ملامحه ببسمة متذكرة ببعض التفاصيل ولم تفهم هي شئ من ملامحه تلك وباتت غامضة لتنظر له بترقب ولكن ما لبث أن أتت موافقته : كما ترغبين يا روحي اذهبي معهن .
هتفت بسعادة : حقاً شكراً لك .
نظر لها بعبث وهو يخبرها بمكر : ولكن لموافقتي ضريبة .
ابتعدت قليلاً تسأله بترقب : ماذا تقصد .
رفع يديه أمام عينيها لتراقبهم قبل أن يحاوط خصرها مدغدغاً إياها لتصرخ ضاحكة متمددة لأسفل رغماً عنها متوسلة له وسط ضحكها : توقف لا أتحمل لا أتحمل توقف .
وهي تحاول إيقافه ضربت بقدميها علي الطاولة دون قصد ليقع كوبه متكسراً لأشلاء فصمت كلاهما علي الصوت وعضت هي شفتيها بتسلية قبل أن تنفجر ضاحكة مجدداً فوقف هو واضعاً قدميها علي الأريكة قائلاً بضحك : سألملمهم أنا لا تنزلي قدميك .
أومأت له وراقبته وهو ينظف فوضي الزجاج تلك مبتسمة بهدوء متناسية برغبتها ما حدث بالأمس وتدعو الله ألا يحدث شئ سئ مجدداً فطاقتها هكذا اكتفت بهذا الحمل .
 ⬢ ⬢ ⬢ ⬢ ⬢ ⬢
تذمرت بعد أن ألقي هذا الأمر علي مسامعها وقد كانت تجهز ثيابها بعد أن أقنعته لتذهب مع عائلتها للساحل يومان لتتأفف بطفولة وهي تمسد معدتها بحركة باتت تفعلها كثيراً وكأنها دائما تذكره أنها حامل بسببه وأنه يجب معاملتها معاملة أخرى لأنها حامل .. معاملة خاصة تتدلل بها هي أكثر من تدللها الطبيعي : لماذا لا يمكنني السباحة هناك يعني .
نظر راكان لرامته بتحذير : راما لا أريد نقاش أخبرتك حينما نسافر سوياً ستسبحين أمام عيني كما تشائين .
تأفتت مجدداً وهي تضع حاجاتها بالحقيبة الصغيرة : وهل عملك ينتهي لنذهب سوياً .
ترك عمله مقترباً منها بتساؤل : أتريدين أن نذهب سوياً .
لعبت بأزرار بيجامته موافقة : نعم بالطبع .
همهم مفكراً وهو يسألها جاذباً إياها لصدره وشوقه كلما يتقد لها لوعةً لتلكَ الجنية الصغيرة : إذاً أنذهب معاً ولا تذهبين مع عائلتك أم تبقين هناك وآتي قبل انتهاء اليومان .
راقب تبدد تزمرها بفرحة عارمة لتومئ له برغبة : نعم تعال تعال ولكن بنهاية اليومان فأنا أريد الذهاب مع ماما وأخواتي أيضاً .
همهم مجدداً بخشونة متسائلاً : وماذا سأحصل مقابلاً لذلك .
تذمرت قائلة : كل ما تريد أنتَ أساساً لا تفوت فرصة وتضعني تحت درسك .
ضحك علي تعبيرها مدهوشاً قبل أن يعض عنقها ببعض القوة لتصرخ وهي تسأله : أووف تؤلم لماا .
ضحك وهو يكرر فعلته لتحاول فك أسرها من يديه ولكن عبثاً : أضعك تحت درسي .
رفعت رأسها بألم هو لم يكن يؤلمها ولكنها هي التي كانت هشة لدرجة أن قرصة النملة تؤلمها وتزعجه بانزعاجها من تلكَ القرصة ليوم كامل ،، توسلته برفق : يا راكان يا بابا ياحبيبي لم أقصد .
ثم مطت شفتيها برجاء : اتركني أرجوك .
ابتعد عنها ضاحكاً متسائلاً بشغب مستلذاً : هل تحدثين أطفال أختك ؟ .
قرصت وجنتيه بعنف بمزاح وهي تهز وجهه بين كفيها وتخبره : لا أنتَ أفضل بكثير من أولاد أختي فأنتَ تستمع لكلامي .
فرت من أمامه بعد ذلك قبل أن يقبض عليها ويلقنها درساً كي لا تسخر منه هكذا مجدداً ولكنها باتت شقية للغاية بعد حملها وعِلتها أنه السبب فليحتمل كل ما تفعله ويستقبله بصدر رحب وهو لا يفعل إلا ذلك أساساً ولكن كم يرغب بها خارج الهالة الطفولية تلكً ولو قليلاً ،، غافلاً عن مواقف الحياة التي قد تزعزع تلكَ الطفولة وتزرع بداخلها أنثي جديدة ربما لم تستهويه حينها .
 ⬢ ⬢ ⬢ ⬢ ⬢ ⬢
_ وضعت وردة بيضاء أمامه علي مكتبه وهي تجمع ملامح الرقة كلها علي وجهها لتنال استعطافه فضحك وهو يلتقطها مستنشقاً إياها : شكراً يا عزيزتي أنا لدي زوجة رائعة تحضر لي الورود بأوقات الراحة بالعمل .
مطت شفتيها من لامبالاته باستياء لتداعب ذقنه بغيظ تسأله : العفو يا روح زوجتك كم ديم لدي أنا .
رفع حاجبه الأيسر بإثناء وهو يلتقط كفها ليقبله برفق كزوج منمق هادئ .. وهو أبعد ما يكون عن هاذان الصفتان فهو بربري متوحش و الأن يستلذ بتذللها له منذ أمس لكي يوافق علي ذهابها مع أهلها للساحل ولكن يبدو أن لعبتها انقلبت عليها .. تعللها الدائم بحملها وتهربها منه لتغيظه بات حجته لكي لا يدعها تذهب وهو يخبرها ' هل ممنوع علي الاقتراب منكِ ويصح السفر لمسافة طويلة كتلك .. لا يا بسكويتة هذا تعب عليكِ ' .. والسبب الرئيسي أنه لا يسمح أن تبات ليلتها خارج أحضانه فقد اعتاد وهو لا يغير عاداته أبداً .. تأففت وهي تسحب كفها من يديه لتضرب كتفه بتزمر : ديم يا روحي إنهم يومان فقط أُخبرك شئ يوم بليلة والليلة الأخري سأكون هنا .
نفي بهدوء قائلاً بجدية : ولما هذا العذاب من أجل يوم بليلة .
عضت شفتيها لتخبره : تعال معي إذن .
نفي مرة أخرى يباغتها : ماذا أفعل أنا وسط والدتك وأخواتك البنات .
صاحت مصدقة كلماته : هااا أنت قلت ماذا تفعل بيننا ،، دعني أنا أذهب إذاً .
لم يوافق وهو يحذرها بجدية : لا يا لورين كلامي نهائي .
صمتت مبتلعة غصة رفضه بحلقها لتومئ له وتترك مكتبه راحلة بعبوس ،، لماذا لن يستطيع النوم بدونها يعني .. جلست علي مكتبها تضرب خشبه بقدميها بضيق منتظرة ساعات العمل بالإنقضاء ، وما إن انقضت فرت من أمامه ترغب بالعودة بمفردها ولكن كالعادة وجدته أمامها ينتظرها بسيارته فركبت بصمت محكم عزفت عنه وهي تهتف بضيق : أنا من حقي أن أذهب لأهلي .
نظر لها بجانب عينيه قبل أن يهتف بهدوء : وهل منعتك عنهم ألم تقضي البارحة بأكمله معهم ولكن نوم ممنوع .
حاولت أن تهدأ وهي تسأله : لا أفهم لماذا ،، تخيل أنك مسافر لعمل هل ستمنعني حينها أن أبقي عند أهلي .
نظر لها مجدداً بطرف عينيه مستفزاً إياه بحركته تلك ويجيبها بروية : سأخذكِ معي .
باغتها رده ورغم عنها وعن الموقف كلمتيه دغدغت حواسها بحلاوة فسألته برفق : لماذا ستأخذني معك .
ابتسم بعبث وهو يجذب رأسها لصدره قائلاً : لأنني لا أستطيع الابتعاد عنكِ يا لورين بالنهار ألهي نفسي بالعمل عنكِ بصعوبة ما بالك بالليل وقضاءه بمفردي .
تنهدت زافرة نفسها مذكرة إياه : ولكنك استطعت فعل ذلك من قبل لأكثر من اسبوع ما الذي تغير الأن .
تأفف بضيق يسألها : لماذا تفتحين الموضوع ألم ننتهي منه ثم أنتِ كنتِ أمامي وجوارى لم تكنِ تباتين بغرفة حنين .
نهرها بالنهاية لتسأله مداعبة ذقنه : أخبرني كيف كانت ليلتك حينها .
ثم قسيت بأظافرها علي ذقنه قائلة : لأنني أشعر أنني سأكررها الليلة .
' آآآآه ' تأوهت وقد قرص خصرها بغتةً مفاجئاً إياها قبل أن يقول بتسلية محذرة : افعليها مجدداً وسأسحبك من قدميكِ لسريري علي الفور ولن تمنعني حنين عنكِ حينها .
ضربت صدره وهي تبتعد عنه قائلة بتذمر : ما هذا العنف أنا انثي رقيقة وحامل أيضاً لا يجب أن تفعل ذلك ولا يجب أن تتكلم هكذا .. ستخيف طفلك هكذا .
أخبرها بتذمر هو الأخر : تقصدين طفلتك أريد فتاة إن آتي صبي سأرجعه من حيث جاء .
ضحكت وقبل أن تجيبه صاحت : ديم توقف توقف .
أوقف السيارة قائلاً باستفسار قلق : ماذا حدث .
شاورت علي سوبر ماركت لتجيبه قبل أن تترجل من السيارة : سأحضر بسكويت من هذا السوبر ماركت تعال معي .
ترجل من السيارة يلاحقها .. أمسك كفها ودخل معها وهو يتحدث بصبر : الأنثي الرقيقة تقول توقف يا ديم يا حبيبي ولا تصيح مفزعه إياه هكذا بتوقف توقف .
ضحكت وهي تخبره : ديم لقد أصبحت خشناً أين ذهبت رومانسيتك .
أخبرها وهو يسير معها بعبث : سأريكي إياها بالمنزل يا بسكويتة ماذا سنشترى الأن .
أخبرته وهي تبحث عن موضع هذا البسكويت الذى تحبه : هل تتذكر أول يوم تقابلنا كنت خارجة من هذا السوبر ماركت حينها .. يبيعون نوع بسكويت أحبه للغاية بمربي البرتقال وفرماسيه الشيكولاتة .
صاحت بأخر حديثها : ها هو .
الأن علم لمَ أخذت سلة صغيرة ،، كانت علبة البسكوبت اسطوانية بحجم كف اليد ووجدها تملئ السلة بعلب كثيرة فسألها بدهشة : لما كل هذا لورين .
واحدة أساساً ستكفيها وتزيد فتعجب من هذا الكم الذى أحضرته والذى وصل لاثني وعشر علبة لتجيبه : أنا أحضره لأخواتي دائماً ولاسيل وحنين أيضاً ولعمو فهد ،، وأنا منذ زمن لم أتناوله وأشتهيه للغاية .
قرص أنفها مدابعاً برفق : حسناً أتريدين شئ أخر .
نفت قائلة : لا لنذهب .
تناول السلة منها وخرجا معاً بعد أن دفع ثمنهم ،، لم تنتظر وصولهم للمنزل وفتحت واحدة لتلتقط أول دائرة بسكويتة قاطمة إياها بتلذذ ثم أخرجت وحدة له قائلة بتأوه : تذوقها إنها شهية للغاية .
لا تعرف لما تذمر وهو يرفضها منها قائلاً بضيق : لورين اهدأى حتي نصل للمنزل هل هذا ممكن .
مطت شفتيها تسأله بتعجب : ما الأمر .
أخبرها بنيرانه المشتعلة : ستعلمين حين نصل ..
لا يعرف كيف احتمل بعد ذلك جلوسها مع أسيل حتي العشاء وتناولها لهذا البسكويت التي لم تتوقف عنه بتلذذ ملامحها أمامه هكذا وما إن أغلق الباب خلفهم حتي جذب خصرها لصدره متنهداً بلوعة فشهقت متفاجئة لتقول بإرهاق مصطنع : ديم توقف أنا مرهقة أريد النوم .
زمجر متشدقاً بضحك : أي نوم هذا والله لن يحدث تعذبينني منذ ساعات وتريدين النوم الأن .
أدار جسدها له ليرفعها من خصرها وهو يسير بها ناحية السرير لتسأله ببراءة : أنا أعذبك .
همهم علي برائتها المزيفة نافياً : لا أبداً أنا من أعذب نفسي .
اقترب ليقتنص من شفتيها ما يشبع جوعه ولكنها أبعدت وجهها عنه متمنعة : ديم أريد النوم أخبرتك .
أنزلها محاصراً إياها بين قدميه وشرعت يديه في فك أزرار منامتها برفق قائلاً بتسلية : وأنا أخبرتك لن يحدث .
أمسكت يديه تفكر وهي تسايره بحديثه : ولكن أنا لا أريد أنا أخاصمك .
جذبها لصدره بخشونة متسائلاً أمام شفتيها : ما الذى لا تريدينه يا بسكويتة .
أشاحت بوجهها ما إن لامس شفتيها ليزفر بحرارة فتخبره ببراءة : أخاصمك لأنكَ ترفض لي طلبي الوحيد منذ أن تزوجنا .
داعب عنقها بهمهمة ولكنها كانت تبعد وجهه بيديها عنه حتي وقعت علي السرير خلفها ووقع عليها لتتأوه برفق ضاحكة قائلة بصدق : إن لم توافق لن تمسني صدقاً .
رفع حاجبيه بتلاعب وهو يتحداها : أريني هذا .
كانت ملامحها متألمة أساساً من ثقله عليها فدفعته قائلة بألم : ديم ابتعد تؤلمني .
حاول اقتناص قبلته مجددا وهو يخبرها : العبي غيرها صغيرتي .
أبعدت وجهها فحطت شفتيه علي شعرها فرفع وجهه بضيق ولكن عينيها كانت مغمضة ووجهها منكمش بألم فتسائل منادياً بترقب : لورين .
همست بوهن وهي تمسد جانب معدتها : معدتي تؤلمني يا ديم لقد سقطت عليا بقوة .
ابتعد عنها فوراً دون تفكير فحاوطت هي معدتها بذراعيها فاخبرها وهو يمسد وجهها : اهدأى اهدأى سأخبر أسيل .
نزل عن السرير وما إن فتح الباب حتي سمع صوتها اللعوب : عزيزى لا تقلق أسيل عبثاً .
تجمد جسده بمكانه قبل أن يديره لها فوجدها بمقدمة الحمام .. جنية تلمع ليس بها ذرة تألم فأشعلت رغبته أكثر .. أخرجت لسانها له قبل أن تغلق باب الحمام مختبئة خلفه بضحك .. وجائتها قبضته يضرب الباب بها قائلاً : هل ستنامين بالداخل مثلاً ستخرجين بالنهاية .
نفت مخبرة إياه بتسلية : لا يا عزيزى أنا أنام هنا عادى .
جز علي أسنانه ليخبرها : لورين أخرجي توقفي عن لعب الأطفال هذا .
أجابته بتحدي : وافق أولاً ثم سأخرج .
غاب صوته عنها فوقع قلبها أسفل قدميها وقبل أن تري أي شئ تضعه خلف الباب كان يفتحه ويدخل بالفعل فهرعت داخل حوض الاستحمام بخوف ضاحك وهي تراه يلعب بالمفتاح بين يديه بتسلية ويقترب منها .. وضعت يديها علي كابس الماء تهدده بخوف : ديم سأفتحه إن اقتربت وسأحاول الهرب منك وأنا حامل يا حبيبي سأقع ونفقد طفلنا لذا اهدأ وابتعد يا روحي .
توقف مكانه يخبرها بجدية : لورين لا مفر مني اهدأى أنتِ وتعالي بقدميكِ أفضل يا جميلة .
ضربت بقدميها الأرضية الناعمة بغيظ منه فكانت ستسقط لتصرخ وهي تسيطر علي ذاتها مع صراخه باسمها فهتفت بخوف : أمسكني لأخرج .
مد ذراعه فأمسكته لتخرج من حوض الاستحمام متنفسة بارتياح لتلتفت له قائلة بعبث بعد أن هدأت : طبعاً أنت اشفقت علي ووافقت أليس كذلك .
عبثت بذقنه مقبلة جانب شفتيه برجاء : أرجوك أرجوك أرجوك .
التهم ثغرها غير تاركاً لها الفرصة للإعتراض مثبتاً رأسها بين كفيه .. وكأنه عاصفة هاجت عليها وهو يحملها عائداً للغرفة .. استسلمت فليس بيدها شئ أخر تفعله ولكنه قبل أن يكمل هجومه مجدداً أخبرها برفق : يُمكنك الذهاب .
ولم يترك لها مجالاً للتفاجئ بعد ذلك من موافقته وهو يريح شوقه لها ولوعته بها .
 ⬢ ⬢ ⬢ ⬢ ⬢ ⬢
أجابت راما علي تساؤله علي الهاتف : نعم يا حبيبي لقد وصلناا .
سألها راكان قلقاً : وهل أنتِ بخير لم تتعبي أو حدث شئ بالطريق .
نفت بجدية وسعادة وهي تقف بغرفتها أمام البحر : لا صدقني أنا بخير وأنتظرك بشدة .
أجابها مطمئناً : غداً مساءاً سأكون عندك انتبهي لنفسك .
استمعت لكلامه لتخبره : حاضر يا بابا لن أتشاقي لا تقلق ،، الجو هنا رائع لقد اشتقت للبحر بشدة .
ابتسم مذكراً إياها : حسناً يا جميلتي استمتعي ولا تنسي ما أخبرتك إياه .
قالت بصدق طفولي متذمرة : حاضر والله لن أنزل المياه بدونك .
استكان باله بقولها ليسألها : حسناً ماذا تفعلين الأن وأين أنتِ .
أجابته وهي تراقب حورية : أنا بغرفتي الأن غيرت ثيابي وأري ماما من الشرفة تضع الإفطار علي البحر بالأسفل سأنزل لها الأن .
سألها مجدداً : وأخواتك أين .
أجابته وهي تخرج من غرفتها : جيلان وهيا مع ماما بالأسفل ورسيل ذهبت لتتمشي قليلاً وسبأ ولورين سيلحقو بنا بعد قليل وأنا ذاهبة لماما الأن .
تنهد مجدداً باشتياق : تمام يا سكرتي هيا إلي اللقاء وانتبهي لنفسك .
أغلقت معه واتجهت لوالدتها تساعدهم باللعب مع الصغيرين محمد ومروان الجالسان بعرباتهم بتذمر .. هتفت حورية متسائلة لها : أخواتك أين .
أردفت راما : لم آراهم أظن ما زالو يبدلون ثيابهم .
ومن بعيد جرت لورين لهم قائلة وهي تحمل البسكويت بيديها : ها أنا جئت .
فتحت البسكويت ووضعت لكل واحدة بطبقها قطعتين وتركت باقي العلبة وهي تسمع حورية تنهرها : لورين تمهلي أنتِ حامل .
أومأت لها بتهذيب متذكرة ما حدث أمس بينها وبين المجنون زوجها وللأن لا تصدق كيف وافق هكذا بمنتهي السهولة : حاضر يا ماما .
 ⬢ ⬢ ⬢ ⬢ ⬢ ⬢
يكذبون عليه .. لا يفطنون أنه يعرف صدقهم من كذبهم ولو علي بعد أميال وهو الذي يحفظهم شخصاً شخصاً .. يحفظ من طيب القلب بهم ومن الخبيث الأفعي .. حقاً ذاق ذراعاً من تلكَ العائلة التي تُهَدِم أطفالها بدأ يشك أن حادثة أخته والدة مالك وزوجها كانت من تدبيرهم كي ينقذ جده عاره حين تزوجت بمن لا ترغبه .. لم يستطع حماية أخته الأولي والأن يحمي أخته الأخري بصعوبة فكيف يحمي عائلته هو من فكهم الشرس .. كيف يرد لهم الصاع صاعين وهما عائلته .. لها كل الحق رسيل بما تفعله فهو لو كان بمكانها لكان أطبق علي من يؤذيهم بفك من حديد منصهر مذيباً إياهم عن تلكَ الحياة ولكنها وللعجز والقهر والدته وجده .. أعدائه هم من وصاه ربه بطاعتهم ولو جاهدوه علي الكفر حتي .
لقد فتح عينيه متؤلماً من وجع عظامه أكثر من مرة بتلكَ المشفي وبكل مرة كم تمني لو يفتح عيناه علي زرقاويتاها الحبيبتان ولكنها ملكت من القسوة ما أحبط تمنيه هذا وأيقن أنها تظن أن ما بينهما انتهي بالفعل ولكن نجوم السماء أقرب لها من أن يتركها .. أخته تخبره أنها أتت ولكنه كان نائماً حينها .. ويعلم بكذبها .. لقد طلب من الطبيب أن يمنع عنه الزيارات لأن تلكَ رغبته دون علم أحد ،، فقط بيسان من كان يراها لأنه يعلم أنها لن تحتمل عدم رؤيته والإطمئنان عليه .. والأن هو جاهزاً بعد أن فكر جيداً ماذا يريد أن يفعل ،، فقط ليتعافي وسيفعل كل شئ بنفسه .
بعد خروجه من المشفي مستنداً علي كتفي أخيه الذى سيكون أول أهدافه بدلاً من العكاز الذى سيلازمه لبعض الأسابيع بسبب رد قدمهِ اليمني التي خلعت من مكانها .. بحث عن مكانها وعلم أنها سافرت صباح اليوم .. ابتسم بسخرية وإسلام زوج بيسان أخته يخبره هذا الأمر بالهاتف ليشكره قائلاً : أشكرك إسلام لقد أتعبتك معي .
نهره اسلام بحزم : ماذا تقول يا صهيب أنتَ أخي لا شكر بيننا ،، اعتني بنفسك جيداً وبيسان عندك لن تقصر بإذن الله .
همهم صهيب قائلاً بجدية : تعال لتأخذها بعد عملك ،، لا أريد لنفسيتها أن تضرر هي بالكاد تلتقط أنفاسها بوجود أخي هنا .. أساسا هو هنا هو وزوجته فتعال لتأخذها .
تنهد اسلام بجمود جسده موافقاً : حسناً سأتي .
أغلق معه مع دخول بيسان لتطمئن عليه فتخبره بمرح : ما هذا النشاط ظنن أنني سأجدك بسابع نومة .
ابتسم لها برفق وحاول نزع تيشرته بتأوه أضلع صدره لتساعده قائلة : لقد جئت بوقتي إذاُ ،، هل ستأخذ حماماً أم ستغير ثيابك فقط .
أخبرها بهدوء : ناوليني ثيابي فقط واخرجي يا عزيزتي .
شرعت تفتح الدولاب تسأله عن ملابسه وهي تمزح معه برفق : هل تطردني والله سأخذ علي خاطري هكذا .
زجرها برفق ليس له مزاج للمزاح : بيسان هيا يا عزيزي أعطيني الثياب وأخرجي .
تنهدت وهي تضعهم جواره وتخرج كما طلب ولم يوافق علي مساعدتها .. يوجد أخري كانت يجب أن تكون جواره الأن تساعده وتضعه داخل عينيها ولكن لا يعلم أين الخطأ بالأمر كي لا تكون متواجدة وأي قلب تمتلك .. وأين الحب والمودة بينهم .. حبها المتدفق من عينيها كيف اختفي هكذا لتحل محله تلكَ القسوة ببضع ساعات بعد فقدانهم طفلهم ولكن سيعيدها باللين أو بالقوة سيعيدها جواره ولتفتح فاهها بحرف حينها ولكن هي ستبقي للأخر حتي يستعيد عافيته لها .
خرج بعد أن بدل ثيابه بصعوبة مستنداً علي تلكَ العصا التي تساعد قدمه اليمني علي حمل جسده .. جلس مجاوراً لأخيه الذى ربت علي قدميه برفق حازم : نعم اخرج واجلس معنا هكذا رقدة السرير ليست جيدة .
تنهد صهيب قبل أن يبدأ حديثه المتؤلم بلمعان عينيه دموعاً من قهره رغماً عنه فتحدث أخيه بصدمة : ويلك ويلك تمهل ما الذى قد يبكي ابن ابي هكذا .
نظر صهيب له متسائلاً بمراراة : برأيك ماذا يا أخي .
جعد الأخر ملامحه السمراء الخشنة بتساؤل فأجابه صهيب بحرقة : مثلاً قتل والدتي وأختي الكبري لطفلي .. طفلي الذى لم يتعدي اسبوعين من عمره فقط .. جعلوني أدفنه بيدي تحت التراب أي قسوة يمتلكونها هؤلاء .
ثم نظر له مجيباً : ألم تسخر حين كنت تخرجني من المشفي بتساؤلك أين هي زوجتي ابنة مصر .. ما رأيك هل تبقي زوجتي معي بعد معرفتها بهذا .
اكفهرت ملامح الأخر والحديث لا يدخل عقله جيداً غير مستوعباً فيسأله : ما تتحدث بهِ خطير بالتأكيد زوجتك من تبخ تلكَ السموم بأذنيك .
قاطعه صهيب بحدة : لقد سمعتهم بنفسي يتفاخرون بما فعلو .
لم يكن ليخاطر ويخبره أن هناء هي من سمعتهم وهو أساساً متأكداً من حديثها فلن يدخلها بالأمر .. صمت أخيه لا يعرف ماذا يقول .. القتل هكذا أصبح صفة في عائلته فجأة .. من قبل كان يوافق حين يمش الأمر الشرف والعار ولكن الأن كيف تفعل والدته وأخته أمر كهذا .. قال أخيراً بعد صمت طويل : رغم ذلك أخي جبل ،، امسح دموعك تلك واستعد زوجتك وانجبو غيره وهو سينتظركم بالجنة .
تنهد صهيب ممدداً رأسه للخلف ليسأله : هل تظن أن رسيل معها حق بالموقف التي تتخذه .
باغته الأخر بعقليته المحدودة ليغلق صهيب عينيه قبل أن يغير الموضوع معه : المرأة لا تترك منزل زوجها مهما حدث .
غير صهيب حديثه قائلاً برفق قلق : ولكنني أخشي علي أطفالك يا أخي .
ارتعش عضم فك أخيه ولاحظ صهيب هذا وقد أوصل له بسهولة ما يجول بخاطرة فوضع صهيب كفه علي كف أخيه مناجياً إياه : انجو بعائلتك الصغيرة من هذا الوحل يا أخي أرجوك ،، هل تظن أن والدتي كنت أنا هدفها حين فعلت ذلك لا .. لو كنت أنا هدفها لما ذبحتني بهذا الشكل .. لديك زوجة صغيرة رائعة وأطفال يجب أن يتربو علي الخير لا هذا الشر المنتشر بعائلتهم .
نظر أخيه له بضياع .. هو يناشده التغيير الجذري الفكري قبل المادى وتغيير المكان .. عادات وتقاليد زُرعت بداخلهم كيف يستأصلها من داخله فجأةً هكذا فعاجله صهيب بسرعة : سأكون جوارك ومعك خطوة بخطوة هذه وصية أبي ألا نترك يد بعضنا أبداً ،، انتقل أنتَ وعائلتك لهنا واترك تلكَ البلدة المشئومة ،، أنتَ لست بفقير يا أخي أخرج من طوع جدي وكن كبير عائلتك وأمانهم ،، يمكنك إنشاء عمل خاص بك هنا ويمكنك تربية أولادك أفضل تربية هنا أيضاً .. يوجد هنا مدارس للبنات فقط وللبنين فقط .. حتي يوجد جامعات للبنات فقط لو رغبت هناء بتكميل علامها ،، هنا أيضاً يمكنك الإطمئنان علي عائلتك وربما أكثر من البلد حتي .. سأتركك تفكر بكل كلامي هذا وأرجو أن تفكر بعائلتك و توافق وصدقني كل همي هو الخوف عليك أنتَ وعائلتك ،، وستتأكد من هذا قريباً .
تركه ليدخل غرفته مجدداً ولم يلمح بيسان أبداً أمامه ففطن أنها بغرفة مالك ،، أغلق الباب خلفه وتناول أدويته قبل أن يمدد جسده علي السرير بسخرية .. لا جده ولا والدته ولا أخته المصون فكرو أن يتكرمو ويأتو ليطمئنوا عليه .. تأكدو أنه بخير ويتنفس فقط وكأنهم فعلو ماعليهم هكذا ولم يبرح أحداً منهم مكانه ولكن لا بأس .. لا يريد رؤيتهم أو قربهم ولكن عليه الذهاب بقدميه لهم في خطوته القادمة .
 ⬢ ⬢ ⬢ ⬢ ⬢ ⬢
بالمساء جلسن سبعتهن في تلكَ البرجولة الخشبية القائمة علي ذلك العشب الأخضر أمام البحر وصخوره .. يتحدثن بمواضيع عدة .. من موضوع لأخر والحديث لا ينتهي وتلكَ اللمة الرائعة تُسِر قلب كل واحدة منهن كما العادة رغم نقصها لرأس العائلة الأحن .. رغم تبدل حال كل واحدة منهن ورغم انشغال فكر كل واحدة بشئ ما ،، إلا أن كل هذا كان لابد أن يشغل حيزاً بعيداً فكرياً في العمق و منسياً أمام ذلك التجمع الجميل .
جلست هيا تنظر للبحر باشتياق فبعد أن تجوب العالم وتصور كل جزء به هذا هو عشقها الثالث .. أن تداعب المياه جسدها وتحملها هكذا برفق وكأنها تصبح ذرات متناثرة مع هدوئها بتناغم ولكن جيلان قطعت ذلك التأمل وهي تلكزها برفق لتخبرها بهمس : لا تجرئين علي النزول الأن .
توسعت عينيها ونظرت لها بتحذير صامته وهي تنظر ناحية حورية فوجدتها تنظر لهم فابتسمت لها بحب قبل أن تنظر لجيلان مجدداً بتوسل وتلتقط قطعة بسكويت لتدارى توترها ،، فسألت حورية بضحك مربك : علي ماذا تتعامسون أخبروني .
تناولت هيا قطعة بسكويت أخري تحشرها بفم جيلان قائلة بهدوء : لا شئ يا ماما تطلب جيلان أن أناولها البسكويت .
أبعدتها جيلان عنها بضحك ساعلة بشدة لتناولها رسيل كوب ماء فتقول جيلان : ستقتلينني بالبسكويت حسناً لن أخبر ماما فأنا لا أستغني عن حياتي .
همست هيا بغضب : جيلااااان .
ثم نظرت لوالدتها بترقب ،، لا تصدق ان جيلان هي من تسلمها هكذا وهي تقول بابتسامة متذمتة مصطنعة : نحن نمزح يا ماما لا تشغلي بالك .
كان جميعهن يبتسمن فعرفت حورية أن ما يدور هذا الجميع يعرفنه لتسأل بتخمين : همممم ماذا كنتم تحيكون وحدكم كل سنة هنا أخبروني .
نظرت هيا لهن جميعاً ليصمتن فصاحت حورية : ماذا هل سآكلكن أم سأغرقكن بالبحر مثلاً .
وضعت راما قدم علي أخري وهي تباشر حديثها : أنا سأخبركِ يا حوريتي الجميلة سر فتاتنا البرتقالية .
بعد ذلك كانت كرة مروان ومحمد الفومية الصغيرة تضرب وجه راما بقوة فصاحت بضيق : لما هذا الغباء .
صمتت هيا بعد أن نهرت حورية كلاهما : هيا .. راما .
وقفت راما مستعدة للهرب بوقاحة وهي تقول : لقد كانت هيا تنزل المياه بهذا الوقت كل سنة .
صاحت هيا باسمها وهي تقف لتُكمل راما بعد أن خرجت مستعدة للهرب : وجيلان كانت توافق وتداري عليها أيضاً .
شهقت جيلان بحرج في حين جرت هيا وراء راما وتركاها تواجه حورية وحدها ،، توقفت راما بتعب بسرعة متوسلة بطفولة : هيا توقفي أنا حامل بطفل راكان .
وقفت هيا بغضب تخبرها بغيظ : حقاً ولماذا تتعبين نفسك وتحملين بطفل راكان .
أخبرتها بتلقائية مجيبة : إنه طفلي أيضاً .
همهمت لتجيبها وهي تعود معها لمكان عائلتها : أخبري نفسك هذا إذاً .
قرصت راما وجه هيا برفق قائلة : أنا كنت أمزح لا تغضبي .
نفخت هيا بتذمر وهي تجلس جوار والدتها التي تؤنبهن بنظراتها لتقل بعقلانية : أنا أمامك ومعك وبخير أي أنه لا داعي أن نفكر بما حدث صحيح .
احتضنتها حورية بحنان مقبلة رأسها قائلة بتأكيد : أنتِ كبرتي الموضوع أساساً بخوفك أهم شئ عندى سلامتكن يا روحي .
أحتضنتها بقوة مقبلة وجنتها بشدة : أنتِ أعظم ماما بالعالم .
ثم ظلت بأحضانها مستمتعة بهذا الأمان الفطري وهي تُخرج لسانها لأخواتها مغيظة إياهن قبل أن تفتح حديث جانبي مع والدتها وانشغلت جيلان بإطعام صغيريها فالتفتت رسيل للورين متسائلة : حبيبتي كنت أود الحديث معك .
أومأت لورين منتبهة لتخبرها : حين أتيتي بعد ولادتي لدياب لم تكوني سعيدة حينها لقد شعرت بحزنك ولكنني أسفة حقاً لم أستطع سؤالك وكل تلكَ الأحداث التي حدثت بعد ذلك .
ابتسمت لورين لتخبرها : لا أنا بخير لا تُشغلي بالك بي .
عبست رسيل قائلة بجدية : لا تخبئي عني ،، أخبريني هل كان ديم من يحزنك .
أومأت تخبرها بصدق : كانت مشكلة صغيرة بيننا بشأن غيرته الزائدة ولكن تجاوزناها صدقيني أنا بخير .
تنهدت رسيل بابتسامة آلية لتتحدث لورين بترقب : وأنتِ ألن تعودي لصهيب والله حرام لابد أن يحتاجك بهذا الظرف لم أعهدكِ هكذا .
غامت عيناها بحزن مزعج لقلبها لتقول بما هي مقتنعة به : لا لا يحتاجني هو لديه عائلتة وأنا وعائلتة لسنا بكفة واحدة ولن نكون أبداً .
صمتت لورين وهي تنظر لوالدتها قائلة بعد ذلك : ماما ليست راضية عن ذلك أنتِ تعلمين .
همست رسيل بعذاب : وأنا وأنا وطفلي .. أنا أيضاً لست راضية عن تنازل زوحي عن حقه .
احتضنت كفها بين كفها تدعمها : حسناً اهدأي لو كان هذا يريحك فتعلمين أن كلنا معكِ .
نظرت كلاً منهم ببصرها لبعيد وصمتو حتي صاحت لورين بدهشة وهي تقف متجهة لحورية : ألم تكن هيا بحضنك الأن يا ماما أين ذهبت وراما ماذا تفعل مكانها هل تبدلون الأدوار أم ماذا وأنا أيضاً أريد دوري .
فتحت حورية ذراعها الأخر لها لتقبل رأسها الذي استقر علي صدرها وتقبل رأس راما المستكينة بالجهة الأخري وهي تدعو لهم راحة البال ،، قبل أن يُداهم جلستهم نعاس الصغيرين ببكاء فتحدثت جيلان : حسناً إنه موعد النوم تصبحون علي الخير .
وقفت سبأ معها قائلة : سأرافقك لا تعودى بهم وحدك .
ثم حملت مروان الذى رفرف بذراعيه لها قبل أن يستكين علي صدرها وهي تسير مع جيلان للشاليه الخاص بهم ،، في طريق عودتهم وأمام الشاليه كان المُعذب علي يديها يضرب أنوار سيارته مُعاكساً إياهم ،، رفعت سبأ حاجبيها بدهشة وتحدثت جيلان بدهشة عابثة : سفيان هذا صحيح ! .
تابعته بعينيها وهو يخرج من سيارته مُتجهاً له ولا تعرف من أين له الجرأة التي توسعت مقلتيها لها وهو يجذب خصرها له مقبلاً الصغير النائم علي صدرها متعمداً ملامستها فاشتعلت بحرج وهو يقول لجيلان : لن أكون سئيلاً عليكن سأخذ أختك قليلاً فقط وسأعيدها مجدداً .
ابتسمت جيلان بهدوء محيية إياه فقالت سبأ بارتباك : سأدخل مروان معها وسآتي .
أومأ لها فسبقتها جيلان وهتفت هي بجدية : اتركني كي أذهب .
قبل شفتيها بغتتةً بعمق لتضم الصغير بقوة وأعصابها ترتخي بمفاجأة حتي فرج عن ثغرها لتنهره بغيظ : الطفل بيدي ونحن بالشارع ماذا تفعل هل جننت .
كم تراقص قلبه من أعذارها التي لم يتدخلها أنه لا يحق له فعل هذا وتجاهل حديثها وهو يخبرها بشوق : اشتقت لكِ .
نظرت له ببلاهة وقبل أن تجيبه كانت جيلان تقبل عليهم ضاحكة : أعطني طفلي كي لا يقع واذهبا لأينما تشائون هيا .
ابتسم سفيان في حين قالت سبأ بخجل : كنت سأجلبه لكِ والله .
ابتسمت جيلان وهي تأخذه منها وتتركهم لتنظر سبأ لسفيان بترقب مما يريده .. وماذا يفعل هنا أساساً فأخبرها وهو يحملها بغتةً مجيباً عيناها المتسائلة : أول مرة رأيتك يا حورية قلبي كان هنا وكنتِ بين ذراعي هكذا ،، وبما أنكِ هنا فقلت لأستغل الفرصة وأعيد ذكري هذا اليوم ،، تعلمين حينها شعرت بكِ تُهدمين كل قواعدي عن الحياة ،، منذ هذا اليوم حتي الأن وفيروز عيناكي يُلازمني في صحوتي وفي منامي وفي خيالي وفي صورة هاتفي وفي محفظتي أيضاً .
جملته النهائية كانت بأسلوب درامي ممازحاً إياها فضحكت بخجل وهي تطالعه بهيام كم هو وسيييم ،، لا تصدق أنها تمتلك زوج بتلكَ الوسامة .. عارض أزياء لا تصدق أيضاً أنه كان هكذا بفترة من حياته والأن طاهٍ بعد أن كان رجل أعمال .. تنهدت بعمق بعد أن أنزلها لتكتشف أنها أمام باب الشاليه الخاص به فنظرت له وهو يفتح الباب متسائلاً : لما كل هذا التنهد .
ثم بترقب تسائل : بماذا تفكرين .
كم رغب بمعرفة بماذا تفكر ولكنها لم تريحه وهي تتسائل : ماذا نفعل هنا .
فتح الباب لتدخل ،، أضاء الأنوار ثم حملها مجدداً لتصرخ بخفة مخضوضة ،، سار بها حتي الأريكة التي أرقدها عليها بذلك اليوم ليضعها برفق هناك فتمددت تستند علي مرفقيها تنظر له بارتباك ومما يفعله بغرابة .. جلس جوارها وداعب وجهها وهو يخبرها : يومها وقفت أنظر لكِ وأنتِ فاقدة للوعي هنا علي الأريكة بقلب يخفق ،، وكأنني مشتاق لأري تلكَ الحورية تتحرك ،، لا أعلم لو ستصدقيني حتي أنا لا أصدق ولكن بهذا اليوم شعرت وكأنكِ نصفي الأخر ،، شعرت برغبة في عدم تركك بالذهاب .
اقترب بوجهه منها محاوطاً وجهها لتُغمض عينيها بانسياب خلاياها له وهي تشعر بجبينه يحط علي جبينها ويتحدث بتوسل : اسمحي لي لأُنسيكى كل ما حدث ونبدأ من الأن من جديد .
أومأت راغبة براحة معه ،، راحة من عذاب حبه وحبه فقط دون أي حواجز بينهم ،، صمت للحظات مدهوشاً من موافقتها ففتحت عينيها تتطلع لملامحه بشغف .. تنتظر خطوته القادمة التي فاجئتها وهو يعتدل جالساً ويجذبها لأحضانه كالغائب الذى عاد من السفر لأحضان والدته ثم رفع كفيها يقبلهم بأسف قائلاً : صدقيني أنا نادماً علي كل لحظة أضعتها بغابئي ولن تندمي أبداً علي تلكَ الفرصة .
همست بدفئ : أتمني ذلك .
داعب وجهها وذقنها وهو يتسائل : سامحتني أليس كذلك .
تنهدت لا تعرف حقاً ولكن كل ما تعرفه أنها ترغب بأن تكون معه وتحبه .. تنكر لو قالت أنها تخشي خذلانه لها مرة أخري ولكن تنكر أيضاً لو قالت أنها لا تصدقه ولا تصدق توبته لذا حدثته بصدق : أريد أن أكون معك فقط هذا ما أعرفه .
احتضنها مجدداً قبل أن يجذب رأسها لصدره مُتسائلاً بسعادة : ماذا تريدين أن تفعل الأن .
رفرفت بأهدابها غير مستوعبة سؤاله وقد أذابتها أحضانه ويدهِ المستقرة عند خصرها بتملك فأجابته بتساؤل : ماذا تقصد .
أخبرها عارضاً بحماس  : هل أحضر لنا طعاماً أم نخرج لنتعشي بالخارج ،، أم تريدين أن نذهب لمكان أخر ،، هل نشاهد فيلماً معاً ،، لو ترغبين بالنوم ننام وغداً نفعل ما تريدين .
فاجأها فهي ظنته سيكون متلهفاً ليحصل عليها مجدداً .. أن يفكر بما ترغب قبل أن يفكر برغباته هذا أسعدها للغاية ،، لو يبقي هكذا ،، لو يجعلها تدرك أنها ستكون دائماً ملكته وحبيبته .. نظرت له قائلة بخمول من تلكَ السعادة : حسناً لنشاهد فيلماً ونأكل شيئاً ما .
مد يده لها يخبرها : تعالي معي لأحضر شيئاً ما لنا . 
وضعت كفها بكفه وجعلته يقودها للمطبخ ،، جلست تراقبه بتكاسل ليخبرها وهو يُرفع أكمام قميصه :
اخلعي الحجاب لو أردتي .
شرعت يديها بفكه وهي تقول برفق : نسيت أني مازلت ارتديه اساسا .
راقبها حتي انساب شعرها حول وجهها ليخبرها بعشق وعسل عينيه : أنا أحب شعرك جداً يا سبأي .
كان تلقائي للغاية بطريقة اربكتها وهي تصمت بخجل مُكملة معه تلكَ الليلة .
 ⬢ ⬢ ⬢ ⬢ ⬢ ⬢
وضعت طفليها بالسرير ودثرتهم بغطاء خفيف قبل أن تسمع دقات علي الباب وخطوات تقترب منها فشهقت وهي تتبينه حائط بشري مقبلاً عليها .. بأعين رمادية وملامح تعشقها .. حبها الطفولي النقي الذي احتضن خصرها بعبث لتتسائل بشغف وأنوثة : ماذا تفعل هنا .
قبل ثغرها وجانبه وعنقها وفرق قبلاته بشغف مشتاقاً قبل أن يقول : ألحق سيدتي وطفلتي الهاربة .. استغنم لحظات فراغها لأنني أشتاق لها بجنون .
ضحكت بغنج تُخبره بصدق : وهل أنتَ تضيع الفرص لتشتاق ،، أنتَ بأي مكان تُسير حالك .
ضحك بقوة قبل أن يبتعد قليلاً لأطفاله مقبلاً إياهم برفق ثم يلتفت لها جاذباً إياها : دعيني أُرفه عن الأستاذة الأن . 
تركت نفسها له وهي تحاوط عنقه متسائلة : أنتَ هنا وسفيان هنا لم تعد تلكَ سفرة فتيات أبداً .
ضحك يخبرها بعبث : وهل أنا وسفيان فقط ،، إنه هجوم الإشتياق يا نجمة . 
تسائلت بعدم فهم : ماذا تقصد .
زفر لتضيعة هذا الوقت قائلاً : دعكِ منهم قبل أن يستيقظ واحد من هؤلاء الصغار فأرتكب جريمة الأن .
 ⬢ ⬢ ⬢ ⬢ ⬢ ⬢
واقفة علي البحر تُمني نفسها برؤيته فقط حتي الصباح وستغلغل لأعماقه لأن حورية سترفض بالتأكيد جنونها لنزوله الأن .. دائرة حمراء أصابت جسدها من بعيد وأخذت تتحرك علي جسدها وكأنها شعاع موجه لها هي فقط ،، نظرت لمحلها بترقب غاضب فظنت أن أحدهم يبعث معها ،، فوجدت علي صخرة مقابلة من بعيد للغاية شخصاً كما توقعت بيديه هذا الشئ الذى يوجه شعاعه ويحركه علي جسدها ،، أدارت جسدها بغضب وغيظ وهي تتجه لجلسة أخواتها مجدداً ولكن هاتفها تعال رنينه فأجابت علي دوروك المتصل بهدوء مفكرة أنه يتصل الأن بهذا الوقت الذي هناك من يُضايقها به : دوروك .
انزعجت وهذا النور الأحمر يصيب عينيها فوضعت يديها عليهم مع صوته : هل يُزعجك طالما تمنيت أن أفعل هذا ولكن لم يكن لي حق والأن يا سُكرتي أصبحت أراقبك بشغف أكثر من العادة لأنني أصبحت أعرفكِ جيداً .
نظرت له من بعيد قائلة بغير تصديق : ماذا تقول هل هذا أنت .
أجابها بتسلية : نعم تعالي لي .
ضحكت بغرابة وهي تتجه لحورية والبنات لتخبرهم قائلة له : ماذا تفعل هنا .
ثم أبعدت الهاتف عن أذنيها وهي تخبرهن : ماما أتي دوروك سأذهب لأراه إنه هناك .
أشارت لها علي مكانه وقد كان بعيداً فلم يرو إلا ظلام جسده ،، أومأت حورية برفق .. ممنونة له لأنه أتي بنفسه إليها فهي كانت ستزوره هو ووالدته كلاً علي حدا .
#يتبع