الفصل التاسع عشر- عشق ناضج وعشق مجنون
الفصل التاسع عشر
أحتوى صهيب يد لينا بيده وهو يتوجه حيث الجميع وبالكاد أستطاع إقناعها بأن ما يفعله مقبول تماماً ولن يتركها بل هو يود أن يعلم الجميع أنهما بعلاقة وتغلب بالنهاية على عنادها وإنزعاجها المستمران ليتوج كل هذا بجُملة جعلتها تصمت رغماً عنها
"آه، أنا عايز الكل يعرف إني بحبك!" توردت وجنتيها وأبتسمت وأنعقد لسانها عن الكلمات فهي لا تستطيع أن تغضب أمام هذا الإعتراف الذي بالرغم من تسرع صُهيب به ولكنه كان إعتراف عن حقيقة مشاعره تجاهها.
تآكل سمر الغيظ الشديد وشعرت أنها كالبركان الثائر الذي كادت حممه أن تتناثر على كل المحيطين بها عندما رآت صهيب مُقبلاً هو وهي ومتشابكان الايدي هكذا، ولكنها بالرغم إبتسامتها التي تتصنعها حتى لا يلاحظ أحد إنزعاجها تحولت ملامحها لتكتسب حُمرة الغضب ولكنها لم تستطع كبح جماح نظراتها التي تتوجه إليهما.
"مبروك يا عم، إن شاء الله دايماً متجمعين في ترقياتك" حدثه أكرم ليصافحه عند وصوله
"الله يبارك فيك" حدثه صهيب لتتوالى بعد ذلك عبارات التهنئة عليه من الجميع الذين بادلهم بلباقة عبارات التهنئة وشكرهم عليها
"امال مين اللي معاك.. معرفتناش يعني!" تحدث أكرم بينما رمقته خطيبته بغضب ليهمس لها "والله حركة وهافهمك كل حاجة"
"لما نشوف" همست بإبتسامة زيفتها وهي تتحدث بين أسنانها المتلاحمة في غيظ
"الله يلعنك يا أكرم" غمغم ولم يستمع له أحد ليتوعده بداخله "أعرفكم يا جماعة، لينا خطيبتي" صاح بإبتسامة وهو يُعرفها للجميع لتقع لينا في الدهشة بينما أستمعت لعبارات المباركة والإبتسامات علت وجه الجميع
"إيه ده.. مبروك"
"أيوة كده بقا يا صهيب خللي الفرحة فرحتين، ترقية وخطوبة"
"ما شاء الله خطيبتك جميلة أوي، مبروك يا حبيبتي" تحدثت واحدة من الزملاء إليها وبارك لهما الجميع وتواترت في موالاة عبارت التهنئة من جديد التي أضطرت سمر أن تشترك بها لحفظ ماء الوجه ليس إلا، ولم تدع أفعال صهيب لها حلاً سوى أن تُسرع في خطتها التي بدأتها منذ أيام.
"مبروك" تحدثت سمر للينا وهي تصافها بإبتسامة طغى عليها الإنزعاج
"الله يبارك فيكي، عقبالك" بالكاد أجابتها ولكنها لم تنسى أبداً ما أخبرها به صهيب عنها
"غريبة يعني، محدش يعرف موضوع الخطوبة، ولا فيه حاجة على الفيسبوك مثلاً" أخبرتها سمر وهي لا تزال تُحافظ على إبتسامتها السخيفة
"لا.. أنا وصهيب مبنهتمش بالـ Social Media، وبعدين أنتي عارفة إننا كده كده في بيت واحد، ولا نسيتي يوم ما كنتي عنـ.."
"حبيبتي تشربي إيه؟! فرابيتشينو بردو؟" قاطعها صهيب فهو لا يريد من الجميع أن يظنون به شيء لحضور سمر لمنزله
"طب ما أنت عارف أهو" أبتسمت له ليومأ هو لها
"بس سيبك سمر قربت تطلع دخان من ودنها، حلوة الحركة اللي أنت عملتها دي" همس له أكرم
"على الله نخلص من زنها بقا علشان أنا قرفت حقيقي" همس له هو الآخر
"لا، ده إستحالة تبص في وشك تاني!"
"يا مسهل"
❈-❈-❈
"بصراحة يا مازن أنا مكنتش حابة إني أرتبط بالطريقة دي، يعني بحس كده ساعتها إن فيه حد بيبيع وبيشتري فيا ومجرد راجل جاي يدفع فيا فلوس علشان يبقا أسمي مراته" تنهدت بعد أن أخبرته بقليل من الإرتباك ولكنها تمسكت بقليل من الثقة فلقد أقترب منها بتلك الأيام الأخيرة كثيراً
"أنا معاكي إن فعلاً بتبقى بيعة وشروة بين ناس كتير" تريث لبرهة مضيقاً عيناه "بس أنا أستحالة كنت أكمل معاكي لو مكنتش أرتحتلك" أبتسم لها لتشعر بالإطمئنان فلقد لاحظ توتر ملامحها "للأسف يا ستي بلادنا بقت كده، راجل بيثبت إن راجل بفلوسه وست بتثبت إنها شاطرة وحلوة وأنثى بمعنى أصح باللي بيتدفع فيها، وكل ما الراجل يدفع أكتر يبقا أحسن وكل ما البنت يتدفع فيها تبقا أحسن من اللي حواليها، وهكذا.."
"مجتمع صعب أوي يا مازن، عادات وتقاليد هباب مبتخلصش"
"بس سيبك أنتي، أنا لو كنت أعرف إنك زي السكر كده كنت خليت الشبكة كلها سوليتير" أخبرها بغمزة وهو يتغزل بها لتبتسم هي
"بقا كده بردو!! لا يا عم مش عايزة سوليتير ولا غيره، كفايا أنت بس عليا"
"ياااه! يا دين الني! أخيراً، لا تقوليها تاني، حلوة أوي كفايا أنت عليا ولو سمحتي عايزها بنفس البصة" ضحكت بنبرة مرتفعة قليلاً "لا أستني الضحكة دي تجيبلنا بوليس الأداب، هدي اللعب شوية" وضعت يدها على فمها وهي تحاول أن تهدأ من ضحكتها
"معلش.. أنا ضحكتي over أوي أنا عارفة بس بحاول أظبطها والله" أخبرته بنبرة لا تزال تحمل أثار ضحكتها
"أظبطيها بس برا البيت، غنما بعد الجواز ياريت تزودي منها، هتبقا حلوة أوي دي، بالذات في أوقات كده يعني الضحكة دي ممكن تعمل عمايل سودا" غمز لها مرة أخرى وهو ينظر لها بعينيها لتشعر هي بالخجل وكست الحُمرة ملامحها ولكنها قررت أن تغادره لتهرب من ذلك الموقف
"بعد إذنك هروح التواليت"
"أتفضلي" أبتسم لها وهو يتابعها بعينيه إلي أن غابت عن نظره وظل يرمق جميع من حولهم بهذا المطعم الهادئ ليرى من على بُعد مجموعة كبيرة يبدو أنهم زملاء أو أصدقاء قد أجتمعوا لحدث ما ولكنه لم يكترث وظل منتظراً ماهيتاب حتى عودتها.
❈-❈-❈
مشت وهي لا تظن أنها بدأت في الشعور بالراحة الشديدة إليه، لم تكن تظن بيوم أن مازن ذلك الرجل الذي ود الإرتباط بها بتلك الطريقة التقليدية قد يكون على هذا القدر من المرح وكذلك التفهم.
شعرت بتقارب أفكارهم بشدة، يُعجبها به الكثير من الصفات، بل طريقة تحدثه نفسها قد جذبتها وشعرت أن كل هذا حدث في غضون أيام قليلة، للحظة ظنت أن ربما هذا تعويض إليها بعدما قطعت علاقتها بسمر إلي الأبد، فإقتراب مازن منها لم يكن لخطبة أو زواج فحسب؛ بل هو يستمع إليها، يكترث بمّ تشعر به، يناقشها بهدوء في كل الأمور ولأول مرة ترى نظرة من إنسان يجعلها تشعر وأنها تستحق كل ما هو أفضل بالحياة.
دفعت الباب لتدلف دورة المياة المُلحقة بذلك المطعم ثم دلفت منه غرفة أصغر لقضاء حاجتها لتستمع للباب يُدفع مرة أخرى فظنت أنها أحد النساء التي تستخدم الحمام مثلها ولكن ذلك الصوت الذي سمعته أدركت صاحبته جيداً لتلعن بداخلها! لماذا عليها رؤية سمر الآن وهي للتو كانت تُفكر بأنها تخلصت منها للأبد؟!
"صهيب أنا آسفة بس أنا يعني، أنا أتعرضت لموقف هباب، ممكن بس تجيلي الحمام" رفعت ماهيتاب حاجبيها في إندهاش وهي تحاول إستيعاب ما سمعته
"لأ، مش هاينفع، كل اللي موجودين مفيهومش حد قريب ليا زيك، معلش أنا آسفة بس ممكن تيجي" توسلته في إلحاح أمّا ماهيتاب لم تدري ما الذي تريد سمر فعله حقاً فتريثت لتستمع للمزيد.
أنهت سمر المكالمة لتبتسم في خبث شديد وجهزت أحدى الرسائل لترسلها على هاتف لينا، فلقد عرفت رقم هاتفها من المعلومات على موقع فيسبوك وقد حفظته بهاتفها، ولكن لا، لن تكون بمنتهى الغباء لترسل الرسالة من هاتفها، لقد إبتاعت العديد من الأرقام حتى تنشئ العديد من الحسابات مسبقاً، فهي على دراية تامة أنها لا تستطيع إنشاء كل تلك الحسابات مرة واحدة دون أرقام لتؤكدها!
"إيه يا سمر خير؟!" حمحم صهيب وهو يشعر بالإرتباك من وجوده بدورة المياة الخاصة بالنساء لترسل سمر الرسالة ثم وضعت الهاتف جانباً
"الـ skirt اتقطعت ومش عارفة أخرج ازاي، حتى بص!" لم تصدق حقاً ما سمعته ماهيتاب لتضع يدها لتغطي بها فمها ولم تتوقع أن سمر حقاً قد تتعرض لذلك الموقف وكادت أن تُغادر لتساعدها "مش عارفة أعمل إيه، حتى البليزر مش هنفع أربطه مكان القطعة، متعرفش حد معاه دباسة؟"
"دباسة إيه يا سمر اللي مع حد هنا، أكيد طبعاً مش هنلاقي"
"طيب أنا عندي فكرة، أمسك أنت بس الـ skirt وأنا هحاول أربطها في البليزر من فوق" زفر صهيب مجدداً وهو لا يُصدق أنه معها بذلك الموقف الغريب وتوجهت ماهيتاب لتفتح الباب ولكن ما حدث جعلها تتوقف تماماً عن الحركة!
❈-❈-❈
"تجارة English، يعني لسه بتدرسي"
"آه لسه رايحة سنة تانية أهو" إبتسمت لينا في لباقة وهي تتحدث لخطيبة أكرم
"لا لسه قدامك مشوار، ربنا معاكي ويعينك، بس تجارة مش صعبة شوية؟!" سألتها لتتجاذب معها أطراف الحديث
"صعبة بس أنا حباها يعني و.." وصل إشعار على هاتف لينا لتتوقف عن الحديث "ثانية بعد إذنك" أستأذنت منها بلباقة لترى أن هناك رسالة من رقم لا تعرفه فتوجهت لتقرأها بتلقائية
"أنا معرفكيش بس أنتي صعبانة عليا أوي، صهيب بيضحك عليكي، لو عايزة تتأكدي من كلامي روحي حمام الستات وهتشوفي بعينك"
"طيب معلش هاروح الـ WC دقيقة وهارجع" ارتبكت لينا من تلك الرسالة التي وصلت إليها ولكنها نهضت وتوجهت على الفور وما إن دلفت حتى وجدت سمر بصحبة صهيب
"معلش حاول تمسكهالي كده" همست وهي تقترب منه بجرأة شديدة ليزفر في حنق وأمسك لها تنورتها التي لا يدري كيف تمزقت ولكنه شعر بالحرج عندما سمع صوت الباب خلفه ليلتفت في تلقائية وهو لا يود لأحد أن يراه بذلك الموقف ولكن تلاقت عيناه بعيني لينا التي نظرت له بإحتقار شديد ثم ألتفت فوراً لتغادره دون تبادل لأي كلمات!
"لينا، أستني" صاح ليتجه نحوها بينما أوقفته سمر وهي تجذبه من ساعده
"أنت هتسبني كده"
"يا شيخة حلي عني بقا قرفتيني!"رمقها في غضب ثم جذب ساعده من يدها ليلحق بلينا ليحاول شرح الأمر لها!
❈-❈-❈
"أنا بجد مش مصدقة إن ممكن سمر تعمل كل ده" تحدثت ماهيتاب وهي شاردة في ذهول ليتلمس مازن يدها
"الإنسانة دي مريضة والله"
"مش فاهمة ليه مش عايزة تقبل إن صهيب مش حاسس بيها ولا معجب بيها، ازاي بس واحدة ترمي نفسها كده على واحد، ده أنا كنت خارجة أساعدها خلاص وقولت مش مهم إننا متخانقين ولو لقيت أي واحدة كده مكانها كنت هساعدها، بس يوصل بيها الدرجة إنها تفرق بالمنظر ده بين أتنين! أنا بجد مش مصدقة"
"طب هي شافتك، يعني لما خرجتي من الحمام ما أخدتش بالها منك؟"
"لأ، أنا كنت مصدومة ولما طلعت لقيتها بتبص في موبايلها ومشافتنيش"
"طيب بصي، علشان اللي حصل ده حرام، ممكن تحاولي توصلي لصهيب ده وتفهميه اللي حصل أو للبنت اللي كانت معاه"
"أنا، أنا معرفهوش، يعني كل اللي أعرفه إنه زميلها في البنك بس مش أكتر من كده وعمري ما كلمته ولا كلمت البنت اللي بيحبها دي، سمر بس هي اللي كانت بتحكيلي على كل حاجة" حدثته في توتر
"طيب قوليلي يا ستي، همّ بيشتغلوا في بنك إيه أو فرع إيه؟"
"بنك .... فرع التجمع شارع السبعين" أومأ لها مازن في تفهم
"طيب أنا بكرة هاروح وهحاول أوصله، بس متعرفيش صهيب شغال في إدارة إيه؟!"
"مش فاكرة، ممم، أظن، حاجة Analyst كده مش فاكرة المسمى الوظيفي بتاعه أوي" تريث مازن لبرهة وهو يُفكر قليلاً
"طيب هو عندك على الفيسبوك؟!" سألها لتومأ له بالإنكار
"بس أكيد عند سمر" أجابته وهي لا تدري ما الذي يريد الوصول إليه "أنت ليه بتسأل؟"
"هاتي إسمه وممكن نعرف المسمى الوظيفي من LinkedIn لو ليه حساب عليه، تعالي نجرب يمكن نلاقيه" نظرت له وكأنما شُل جسدها وأخذت تتفقده بنظرات لم يُدرك معناها "إيه يا بنتي فيه إيه؟!" تعجب سائلاً "لو مش حابة خلاص، بلاش LinkedIn" أبتسم لها في تعجب
"بجد يا مازن أنت إنسان كويس أوي، مكنتش أتصور إن حاجة زي دي تفرق معاك وإنك بجد تحاول تساعد حد كده" همست وهي تخبره في إمتنان وتقدير شديد
"يا ستي، أعمل الخير وأرميه للبحر، على الله بس نعرف نوصله أو نوصل للينا اللي بيحبها دي!"
"إن شاء الله هنوصلهم!"
❈-❈-❈
دلفت المنزل وعينيتيها لا تزالا تحملا أثر البكاء الشديد لتتعجب جيهان لملامحها وكذلك فعل أمجد ليهرولا نحوها ليعرف ما الذي حدث لتحدثها والدتها بنبرة مُهتمة
"إيه يا لينا يا حبيبتي مالك؟" سألتها في هدوء ولكنها لم تتوقف ولم تلتفت حتى إليها وتوجهت لغرفتها ثم أوصدت الباب ولم تشعر بالرغبة في التحدث لأحد.
"هو إيه اللي حصل؟" سألها أمجد لتومأ جيهان له بعدم المعرفة
"معرفش، دي كانت كويسة وقالت هتخرج هي وصهيب"
"ممم، يبقا شكله عك الدنيا معاها تاني"
"بس لأ، لينا مش بتعيط بالمنظر ده بالساهل أبداً، ممكن تتعصب أو تتخانق لكن منظرها ده مش طبيعي" أخبرته بقلق شديد
"طيب هحاول أكلم صهيب وأعرف إيه اللي حصل" أومأت له بينما أتجها سوياً ليهاتف أمجد صهيب ولم تستطع جيهان الإنتظار حتى يُخبرها أمجد بما عرفه فتوجهت معه هي الأخرى
"مش بيرد، تفتكـ.." لم يُكمل جُملته ليجدا باب المنزل يُفتح فعلما بوصول صهيب الذي نظر لكليهما في إرتباك
"لينا فين؟!" سألهما في هدوء لينظر أمجد لجيهان
"معلش يا جي جي سيبيني شوية مع صهيب" أخبرها لتومأ له في تفهم وتوجهت لتحاول مجدداً مع لينا.
"بابا لو سمحت أنا مش قادر أتكلم و.."
"لا هتتكلم، ممكن بقا أفهم أنت إيه حكايتك بالظبط، خناقات مع البنت وبعدين خروجات وبعدين ألاقيها راجعة بمنظرها ده، ممكن أفهم إيه اللي بيحصل وأنا نايم كده على وداني؟" نظر له أمجد بجدية ليزفر صهيب ولتوه أدرك أنه إلي الآن لم يُخبر والده بكل ما حدث بينه وبين لينا
"هاحكيلك يا بابا"
❈-❈-❈
صدح هاتفها بالرنين لتجد أنها رولا فلم تستطع الرد عليها لترفض المكالمة ولكنها لاحظت وصول رسالة أخرى فتفقدتها لتجد نفسها تبكي مرة أخرى وهي تقرأها
"صهيب مقضيها مع سمر من زمان، أبعدي عنه ده ميستاهلكيش"
أنفجرت بالمزيدمن البكاء لشعورها بأنها خُدعت تماماً بهذا الشخص ولم يكن عليها أن تتورط معه بأي نوع من العلاقات، لماذا تقبلته على كل حال؟ لماذا وافقت على تلك السخافة منذ البداية؟ هي لا تشعر تجاهه بأي شيء من الأساس!! إذن لماذاتبكي هكذا وذلك المشهد لا يغادر ذاكرتها عندما وجدته مع إمرأة شبه عارية بدورة المياة؟!
تعالى بُكائها لتدلف جيهان في نفس الوقت وهي تنظر إليها بقلق وحُزن أمومي فطري على حال إبنتها فتوجهت نحوها لتعانقها دون أن تتحدث إليها لتجد بُكاء لينا يشتد
"طلع كداب ووحش أوي يا ماما، يا ريتني ما عرفته" تحدثت بحرقة بين نحيبها لتُربت جيهان عليها
"أهدي بس يا حبيبتي وفهميني إيه اللي حصل لكل ده؟" همست لها في هدوء
"ده حيوان، أنا شوفته مع نفس البنت اللي دايماً بيكون معاها، كانت مش لابسة هدومها.. إنسان حقير" بكت مجدداً لتتعجب جيهان مما تستمع إليه "ماما أرجوكي أنا مش هاقدر أقعد معاه في بيت واحد، أرجوكي قومي روحيني، أنا مش هاجي هنا تاني"نهضت وهي تجفف دموعها ونظرت لوالدتها في توسل
"يا حبيبتي بس أستني، أنتي متأكدة من اللي أنتي شوفتيه"
"يا ماما ده أكيد حد من زمايله اللي كانوا قاعدين معانا، حتى بصي الرسايل اللي وصلتني" توجهت في هرجلة لتتناول هاتفها وتريه لجيهان التي تعجبت مما قرأته ولكن هناك شيئاً ليس بصائب، فلقد تحدثت مع صهيب وتأكدت من نواياه تجاه إبنتها، ولكن ما كل الذي تراه الآن؟ هل كذب على إبنتها حقاً أم هناك شيئاً آخر!
❈-❈-❈
"أنا مكنتش عايز أستعجل حاجة، بس مش فاهم ازاي ده حصل، كل حاجة حصلت بسرعة أوي وحسيت إني بتشدلها، مش بعيد أكون حبتها!!" تحدث صهيب شارداً بينما أمجد لا يزال يستمع إليه "أنا عارف إن تسرعي معاها ممكن يكون غلط بس فعلاً مش قادر أبعد عنها" تنهد أمجد وهو يرمقه بجدية
"يعني خلاص هي دي البنت اللي أنت عايزها وعايز ترتبط بيها؟"
"والله يا بابا عمري ما حسيت بكده غير معاها هي وبس" نظر لوالده بثقة شديدة ولكنه لا يزال مُرتبكاً مما حدث منذ ساعتان
"يبقا أول حاجة تبعد سمر دي عنك بأي طريقة"
"أقسم بالله حاولت مليون مرة وهي مفيش فايدة فيها أبداً"
"عاملها بطريقة ناشفة، أبعدها عنك، إن شالله حتى تروح تكلم مديرها"
"يا بابا أنا معنديش أي حاجة تثبت كلامي وبعدين أنا مش عايز أعمل مشاكل في الشغل"
"سمر دي هنتصرف فيها بعدين، أهم حاجة دلوقتي تقوم تفهمها وتعتذرلها"
"أنا مش عارف هعتذرلها ازي ولا هتقبل ازاي أصلاً"
"مش قولتلي إنك كنت مفهمها موضوع سمر ده؟" عقد حاجباه في إستفسار
"أيوة بس هي لما شافتني معاها نسيت كل حاجة ومشيت"
"قوم بس حاول معاها و.."أستمعا للباب الذي يوصد ليتوقف أمجد عن الحديث ونهض كليهما نحو الباب لينظرا لبعضهما البعض في إستغراب ففتح أمجد الباب ليرى كلاً من جيهان ولينا يتجها للأسفل بإستخدام المصعد!
يُتبع..
أحتوى صهيب يد لينا بيده وهو يتوجه حيث الجميع وبالكاد أستطاع إقناعها بأن ما يفعله مقبول تماماً ولن يتركها بل هو يود أن يعلم الجميع أنهما بعلاقة وتغلب بالنهاية على عنادها وإنزعاجها المستمران ليتوج كل هذا بجُملة جعلتها تصمت رغماً عنها
"آه، أنا عايز الكل يعرف إني بحبك!" توردت وجنتيها وأبتسمت وأنعقد لسانها عن الكلمات فهي لا تستطيع أن تغضب أمام هذا الإعتراف الذي بالرغم من تسرع صُهيب به ولكنه كان إعتراف عن حقيقة مشاعره تجاهها.
تآكل سمر الغيظ الشديد وشعرت أنها كالبركان الثائر الذي كادت حممه أن تتناثر على كل المحيطين بها عندما رآت صهيب مُقبلاً هو وهي ومتشابكان الايدي هكذا، ولكنها بالرغم إبتسامتها التي تتصنعها حتى لا يلاحظ أحد إنزعاجها تحولت ملامحها لتكتسب حُمرة الغضب ولكنها لم تستطع كبح جماح نظراتها التي تتوجه إليهما.
"مبروك يا عم، إن شاء الله دايماً متجمعين في ترقياتك" حدثه أكرم ليصافحه عند وصوله
"الله يبارك فيك" حدثه صهيب لتتوالى بعد ذلك عبارات التهنئة عليه من الجميع الذين بادلهم بلباقة عبارات التهنئة وشكرهم عليها
"امال مين اللي معاك.. معرفتناش يعني!" تحدث أكرم بينما رمقته خطيبته بغضب ليهمس لها "والله حركة وهافهمك كل حاجة"
"لما نشوف" همست بإبتسامة زيفتها وهي تتحدث بين أسنانها المتلاحمة في غيظ
"الله يلعنك يا أكرم" غمغم ولم يستمع له أحد ليتوعده بداخله "أعرفكم يا جماعة، لينا خطيبتي" صاح بإبتسامة وهو يُعرفها للجميع لتقع لينا في الدهشة بينما أستمعت لعبارات المباركة والإبتسامات علت وجه الجميع
"إيه ده.. مبروك"
"أيوة كده بقا يا صهيب خللي الفرحة فرحتين، ترقية وخطوبة"
"ما شاء الله خطيبتك جميلة أوي، مبروك يا حبيبتي" تحدثت واحدة من الزملاء إليها وبارك لهما الجميع وتواترت في موالاة عبارت التهنئة من جديد التي أضطرت سمر أن تشترك بها لحفظ ماء الوجه ليس إلا، ولم تدع أفعال صهيب لها حلاً سوى أن تُسرع في خطتها التي بدأتها منذ أيام.
"مبروك" تحدثت سمر للينا وهي تصافها بإبتسامة طغى عليها الإنزعاج
"الله يبارك فيكي، عقبالك" بالكاد أجابتها ولكنها لم تنسى أبداً ما أخبرها به صهيب عنها
"غريبة يعني، محدش يعرف موضوع الخطوبة، ولا فيه حاجة على الفيسبوك مثلاً" أخبرتها سمر وهي لا تزال تُحافظ على إبتسامتها السخيفة
"لا.. أنا وصهيب مبنهتمش بالـ Social Media، وبعدين أنتي عارفة إننا كده كده في بيت واحد، ولا نسيتي يوم ما كنتي عنـ.."
"حبيبتي تشربي إيه؟! فرابيتشينو بردو؟" قاطعها صهيب فهو لا يريد من الجميع أن يظنون به شيء لحضور سمر لمنزله
"طب ما أنت عارف أهو" أبتسمت له ليومأ هو لها
"بس سيبك سمر قربت تطلع دخان من ودنها، حلوة الحركة اللي أنت عملتها دي" همس له أكرم
"على الله نخلص من زنها بقا علشان أنا قرفت حقيقي" همس له هو الآخر
"لا، ده إستحالة تبص في وشك تاني!"
"يا مسهل"
❈-❈-❈
"بصراحة يا مازن أنا مكنتش حابة إني أرتبط بالطريقة دي، يعني بحس كده ساعتها إن فيه حد بيبيع وبيشتري فيا ومجرد راجل جاي يدفع فيا فلوس علشان يبقا أسمي مراته" تنهدت بعد أن أخبرته بقليل من الإرتباك ولكنها تمسكت بقليل من الثقة فلقد أقترب منها بتلك الأيام الأخيرة كثيراً
"أنا معاكي إن فعلاً بتبقى بيعة وشروة بين ناس كتير" تريث لبرهة مضيقاً عيناه "بس أنا أستحالة كنت أكمل معاكي لو مكنتش أرتحتلك" أبتسم لها لتشعر بالإطمئنان فلقد لاحظ توتر ملامحها "للأسف يا ستي بلادنا بقت كده، راجل بيثبت إن راجل بفلوسه وست بتثبت إنها شاطرة وحلوة وأنثى بمعنى أصح باللي بيتدفع فيها، وكل ما الراجل يدفع أكتر يبقا أحسن وكل ما البنت يتدفع فيها تبقا أحسن من اللي حواليها، وهكذا.."
"مجتمع صعب أوي يا مازن، عادات وتقاليد هباب مبتخلصش"
"بس سيبك أنتي، أنا لو كنت أعرف إنك زي السكر كده كنت خليت الشبكة كلها سوليتير" أخبرها بغمزة وهو يتغزل بها لتبتسم هي
"بقا كده بردو!! لا يا عم مش عايزة سوليتير ولا غيره، كفايا أنت بس عليا"
"ياااه! يا دين الني! أخيراً، لا تقوليها تاني، حلوة أوي كفايا أنت عليا ولو سمحتي عايزها بنفس البصة" ضحكت بنبرة مرتفعة قليلاً "لا أستني الضحكة دي تجيبلنا بوليس الأداب، هدي اللعب شوية" وضعت يدها على فمها وهي تحاول أن تهدأ من ضحكتها
"معلش.. أنا ضحكتي over أوي أنا عارفة بس بحاول أظبطها والله" أخبرته بنبرة لا تزال تحمل أثار ضحكتها
"أظبطيها بس برا البيت، غنما بعد الجواز ياريت تزودي منها، هتبقا حلوة أوي دي، بالذات في أوقات كده يعني الضحكة دي ممكن تعمل عمايل سودا" غمز لها مرة أخرى وهو ينظر لها بعينيها لتشعر هي بالخجل وكست الحُمرة ملامحها ولكنها قررت أن تغادره لتهرب من ذلك الموقف
"بعد إذنك هروح التواليت"
"أتفضلي" أبتسم لها وهو يتابعها بعينيه إلي أن غابت عن نظره وظل يرمق جميع من حولهم بهذا المطعم الهادئ ليرى من على بُعد مجموعة كبيرة يبدو أنهم زملاء أو أصدقاء قد أجتمعوا لحدث ما ولكنه لم يكترث وظل منتظراً ماهيتاب حتى عودتها.
❈-❈-❈
مشت وهي لا تظن أنها بدأت في الشعور بالراحة الشديدة إليه، لم تكن تظن بيوم أن مازن ذلك الرجل الذي ود الإرتباط بها بتلك الطريقة التقليدية قد يكون على هذا القدر من المرح وكذلك التفهم.
شعرت بتقارب أفكارهم بشدة، يُعجبها به الكثير من الصفات، بل طريقة تحدثه نفسها قد جذبتها وشعرت أن كل هذا حدث في غضون أيام قليلة، للحظة ظنت أن ربما هذا تعويض إليها بعدما قطعت علاقتها بسمر إلي الأبد، فإقتراب مازن منها لم يكن لخطبة أو زواج فحسب؛ بل هو يستمع إليها، يكترث بمّ تشعر به، يناقشها بهدوء في كل الأمور ولأول مرة ترى نظرة من إنسان يجعلها تشعر وأنها تستحق كل ما هو أفضل بالحياة.
دفعت الباب لتدلف دورة المياة المُلحقة بذلك المطعم ثم دلفت منه غرفة أصغر لقضاء حاجتها لتستمع للباب يُدفع مرة أخرى فظنت أنها أحد النساء التي تستخدم الحمام مثلها ولكن ذلك الصوت الذي سمعته أدركت صاحبته جيداً لتلعن بداخلها! لماذا عليها رؤية سمر الآن وهي للتو كانت تُفكر بأنها تخلصت منها للأبد؟!
"صهيب أنا آسفة بس أنا يعني، أنا أتعرضت لموقف هباب، ممكن بس تجيلي الحمام" رفعت ماهيتاب حاجبيها في إندهاش وهي تحاول إستيعاب ما سمعته
"لأ، مش هاينفع، كل اللي موجودين مفيهومش حد قريب ليا زيك، معلش أنا آسفة بس ممكن تيجي" توسلته في إلحاح أمّا ماهيتاب لم تدري ما الذي تريد سمر فعله حقاً فتريثت لتستمع للمزيد.
أنهت سمر المكالمة لتبتسم في خبث شديد وجهزت أحدى الرسائل لترسلها على هاتف لينا، فلقد عرفت رقم هاتفها من المعلومات على موقع فيسبوك وقد حفظته بهاتفها، ولكن لا، لن تكون بمنتهى الغباء لترسل الرسالة من هاتفها، لقد إبتاعت العديد من الأرقام حتى تنشئ العديد من الحسابات مسبقاً، فهي على دراية تامة أنها لا تستطيع إنشاء كل تلك الحسابات مرة واحدة دون أرقام لتؤكدها!
"إيه يا سمر خير؟!" حمحم صهيب وهو يشعر بالإرتباك من وجوده بدورة المياة الخاصة بالنساء لترسل سمر الرسالة ثم وضعت الهاتف جانباً
"الـ skirt اتقطعت ومش عارفة أخرج ازاي، حتى بص!" لم تصدق حقاً ما سمعته ماهيتاب لتضع يدها لتغطي بها فمها ولم تتوقع أن سمر حقاً قد تتعرض لذلك الموقف وكادت أن تُغادر لتساعدها "مش عارفة أعمل إيه، حتى البليزر مش هنفع أربطه مكان القطعة، متعرفش حد معاه دباسة؟"
"دباسة إيه يا سمر اللي مع حد هنا، أكيد طبعاً مش هنلاقي"
"طيب أنا عندي فكرة، أمسك أنت بس الـ skirt وأنا هحاول أربطها في البليزر من فوق" زفر صهيب مجدداً وهو لا يُصدق أنه معها بذلك الموقف الغريب وتوجهت ماهيتاب لتفتح الباب ولكن ما حدث جعلها تتوقف تماماً عن الحركة!
❈-❈-❈
"تجارة English، يعني لسه بتدرسي"
"آه لسه رايحة سنة تانية أهو" إبتسمت لينا في لباقة وهي تتحدث لخطيبة أكرم
"لا لسه قدامك مشوار، ربنا معاكي ويعينك، بس تجارة مش صعبة شوية؟!" سألتها لتتجاذب معها أطراف الحديث
"صعبة بس أنا حباها يعني و.." وصل إشعار على هاتف لينا لتتوقف عن الحديث "ثانية بعد إذنك" أستأذنت منها بلباقة لترى أن هناك رسالة من رقم لا تعرفه فتوجهت لتقرأها بتلقائية
"أنا معرفكيش بس أنتي صعبانة عليا أوي، صهيب بيضحك عليكي، لو عايزة تتأكدي من كلامي روحي حمام الستات وهتشوفي بعينك"
"طيب معلش هاروح الـ WC دقيقة وهارجع" ارتبكت لينا من تلك الرسالة التي وصلت إليها ولكنها نهضت وتوجهت على الفور وما إن دلفت حتى وجدت سمر بصحبة صهيب
"معلش حاول تمسكهالي كده" همست وهي تقترب منه بجرأة شديدة ليزفر في حنق وأمسك لها تنورتها التي لا يدري كيف تمزقت ولكنه شعر بالحرج عندما سمع صوت الباب خلفه ليلتفت في تلقائية وهو لا يود لأحد أن يراه بذلك الموقف ولكن تلاقت عيناه بعيني لينا التي نظرت له بإحتقار شديد ثم ألتفت فوراً لتغادره دون تبادل لأي كلمات!
"لينا، أستني" صاح ليتجه نحوها بينما أوقفته سمر وهي تجذبه من ساعده
"أنت هتسبني كده"
"يا شيخة حلي عني بقا قرفتيني!"رمقها في غضب ثم جذب ساعده من يدها ليلحق بلينا ليحاول شرح الأمر لها!
❈-❈-❈
"أنا بجد مش مصدقة إن ممكن سمر تعمل كل ده" تحدثت ماهيتاب وهي شاردة في ذهول ليتلمس مازن يدها
"الإنسانة دي مريضة والله"
"مش فاهمة ليه مش عايزة تقبل إن صهيب مش حاسس بيها ولا معجب بيها، ازاي بس واحدة ترمي نفسها كده على واحد، ده أنا كنت خارجة أساعدها خلاص وقولت مش مهم إننا متخانقين ولو لقيت أي واحدة كده مكانها كنت هساعدها، بس يوصل بيها الدرجة إنها تفرق بالمنظر ده بين أتنين! أنا بجد مش مصدقة"
"طب هي شافتك، يعني لما خرجتي من الحمام ما أخدتش بالها منك؟"
"لأ، أنا كنت مصدومة ولما طلعت لقيتها بتبص في موبايلها ومشافتنيش"
"طيب بصي، علشان اللي حصل ده حرام، ممكن تحاولي توصلي لصهيب ده وتفهميه اللي حصل أو للبنت اللي كانت معاه"
"أنا، أنا معرفهوش، يعني كل اللي أعرفه إنه زميلها في البنك بس مش أكتر من كده وعمري ما كلمته ولا كلمت البنت اللي بيحبها دي، سمر بس هي اللي كانت بتحكيلي على كل حاجة" حدثته في توتر
"طيب قوليلي يا ستي، همّ بيشتغلوا في بنك إيه أو فرع إيه؟"
"بنك .... فرع التجمع شارع السبعين" أومأ لها مازن في تفهم
"طيب أنا بكرة هاروح وهحاول أوصله، بس متعرفيش صهيب شغال في إدارة إيه؟!"
"مش فاكرة، ممم، أظن، حاجة Analyst كده مش فاكرة المسمى الوظيفي بتاعه أوي" تريث مازن لبرهة وهو يُفكر قليلاً
"طيب هو عندك على الفيسبوك؟!" سألها لتومأ له بالإنكار
"بس أكيد عند سمر" أجابته وهي لا تدري ما الذي يريد الوصول إليه "أنت ليه بتسأل؟"
"هاتي إسمه وممكن نعرف المسمى الوظيفي من LinkedIn لو ليه حساب عليه، تعالي نجرب يمكن نلاقيه" نظرت له وكأنما شُل جسدها وأخذت تتفقده بنظرات لم يُدرك معناها "إيه يا بنتي فيه إيه؟!" تعجب سائلاً "لو مش حابة خلاص، بلاش LinkedIn" أبتسم لها في تعجب
"بجد يا مازن أنت إنسان كويس أوي، مكنتش أتصور إن حاجة زي دي تفرق معاك وإنك بجد تحاول تساعد حد كده" همست وهي تخبره في إمتنان وتقدير شديد
"يا ستي، أعمل الخير وأرميه للبحر، على الله بس نعرف نوصله أو نوصل للينا اللي بيحبها دي!"
"إن شاء الله هنوصلهم!"
❈-❈-❈
دلفت المنزل وعينيتيها لا تزالا تحملا أثر البكاء الشديد لتتعجب جيهان لملامحها وكذلك فعل أمجد ليهرولا نحوها ليعرف ما الذي حدث لتحدثها والدتها بنبرة مُهتمة
"إيه يا لينا يا حبيبتي مالك؟" سألتها في هدوء ولكنها لم تتوقف ولم تلتفت حتى إليها وتوجهت لغرفتها ثم أوصدت الباب ولم تشعر بالرغبة في التحدث لأحد.
"هو إيه اللي حصل؟" سألها أمجد لتومأ جيهان له بعدم المعرفة
"معرفش، دي كانت كويسة وقالت هتخرج هي وصهيب"
"ممم، يبقا شكله عك الدنيا معاها تاني"
"بس لأ، لينا مش بتعيط بالمنظر ده بالساهل أبداً، ممكن تتعصب أو تتخانق لكن منظرها ده مش طبيعي" أخبرته بقلق شديد
"طيب هحاول أكلم صهيب وأعرف إيه اللي حصل" أومأت له بينما أتجها سوياً ليهاتف أمجد صهيب ولم تستطع جيهان الإنتظار حتى يُخبرها أمجد بما عرفه فتوجهت معه هي الأخرى
"مش بيرد، تفتكـ.." لم يُكمل جُملته ليجدا باب المنزل يُفتح فعلما بوصول صهيب الذي نظر لكليهما في إرتباك
"لينا فين؟!" سألهما في هدوء لينظر أمجد لجيهان
"معلش يا جي جي سيبيني شوية مع صهيب" أخبرها لتومأ له في تفهم وتوجهت لتحاول مجدداً مع لينا.
"بابا لو سمحت أنا مش قادر أتكلم و.."
"لا هتتكلم، ممكن بقا أفهم أنت إيه حكايتك بالظبط، خناقات مع البنت وبعدين خروجات وبعدين ألاقيها راجعة بمنظرها ده، ممكن أفهم إيه اللي بيحصل وأنا نايم كده على وداني؟" نظر له أمجد بجدية ليزفر صهيب ولتوه أدرك أنه إلي الآن لم يُخبر والده بكل ما حدث بينه وبين لينا
"هاحكيلك يا بابا"
❈-❈-❈
صدح هاتفها بالرنين لتجد أنها رولا فلم تستطع الرد عليها لترفض المكالمة ولكنها لاحظت وصول رسالة أخرى فتفقدتها لتجد نفسها تبكي مرة أخرى وهي تقرأها
"صهيب مقضيها مع سمر من زمان، أبعدي عنه ده ميستاهلكيش"
أنفجرت بالمزيدمن البكاء لشعورها بأنها خُدعت تماماً بهذا الشخص ولم يكن عليها أن تتورط معه بأي نوع من العلاقات، لماذا تقبلته على كل حال؟ لماذا وافقت على تلك السخافة منذ البداية؟ هي لا تشعر تجاهه بأي شيء من الأساس!! إذن لماذاتبكي هكذا وذلك المشهد لا يغادر ذاكرتها عندما وجدته مع إمرأة شبه عارية بدورة المياة؟!
تعالى بُكائها لتدلف جيهان في نفس الوقت وهي تنظر إليها بقلق وحُزن أمومي فطري على حال إبنتها فتوجهت نحوها لتعانقها دون أن تتحدث إليها لتجد بُكاء لينا يشتد
"طلع كداب ووحش أوي يا ماما، يا ريتني ما عرفته" تحدثت بحرقة بين نحيبها لتُربت جيهان عليها
"أهدي بس يا حبيبتي وفهميني إيه اللي حصل لكل ده؟" همست لها في هدوء
"ده حيوان، أنا شوفته مع نفس البنت اللي دايماً بيكون معاها، كانت مش لابسة هدومها.. إنسان حقير" بكت مجدداً لتتعجب جيهان مما تستمع إليه "ماما أرجوكي أنا مش هاقدر أقعد معاه في بيت واحد، أرجوكي قومي روحيني، أنا مش هاجي هنا تاني"نهضت وهي تجفف دموعها ونظرت لوالدتها في توسل
"يا حبيبتي بس أستني، أنتي متأكدة من اللي أنتي شوفتيه"
"يا ماما ده أكيد حد من زمايله اللي كانوا قاعدين معانا، حتى بصي الرسايل اللي وصلتني" توجهت في هرجلة لتتناول هاتفها وتريه لجيهان التي تعجبت مما قرأته ولكن هناك شيئاً ليس بصائب، فلقد تحدثت مع صهيب وتأكدت من نواياه تجاه إبنتها، ولكن ما كل الذي تراه الآن؟ هل كذب على إبنتها حقاً أم هناك شيئاً آخر!
❈-❈-❈
"أنا مكنتش عايز أستعجل حاجة، بس مش فاهم ازاي ده حصل، كل حاجة حصلت بسرعة أوي وحسيت إني بتشدلها، مش بعيد أكون حبتها!!" تحدث صهيب شارداً بينما أمجد لا يزال يستمع إليه "أنا عارف إن تسرعي معاها ممكن يكون غلط بس فعلاً مش قادر أبعد عنها" تنهد أمجد وهو يرمقه بجدية
"يعني خلاص هي دي البنت اللي أنت عايزها وعايز ترتبط بيها؟"
"والله يا بابا عمري ما حسيت بكده غير معاها هي وبس" نظر لوالده بثقة شديدة ولكنه لا يزال مُرتبكاً مما حدث منذ ساعتان
"يبقا أول حاجة تبعد سمر دي عنك بأي طريقة"
"أقسم بالله حاولت مليون مرة وهي مفيش فايدة فيها أبداً"
"عاملها بطريقة ناشفة، أبعدها عنك، إن شالله حتى تروح تكلم مديرها"
"يا بابا أنا معنديش أي حاجة تثبت كلامي وبعدين أنا مش عايز أعمل مشاكل في الشغل"
"سمر دي هنتصرف فيها بعدين، أهم حاجة دلوقتي تقوم تفهمها وتعتذرلها"
"أنا مش عارف هعتذرلها ازي ولا هتقبل ازاي أصلاً"
"مش قولتلي إنك كنت مفهمها موضوع سمر ده؟" عقد حاجباه في إستفسار
"أيوة بس هي لما شافتني معاها نسيت كل حاجة ومشيت"
"قوم بس حاول معاها و.."أستمعا للباب الذي يوصد ليتوقف أمجد عن الحديث ونهض كليهما نحو الباب لينظرا لبعضهما البعض في إستغراب ففتح أمجد الباب ليرى كلاً من جيهان ولينا يتجها للأسفل بإستخدام المصعد!
يُتبع..