-->

الفصل العشرون - عشق ناضج وعشق مجنون



الفصل العشرون

"لسه بردو مش عايزة ترد؟" تسائل صهيب وهو ينظر لوالده بجدية ليومأ له أمجد بالإنكار "هيكونوا بس راحوا فين! يا ريتك يا بابا خلتني أنزل وراهم" حدثه بإنزعاج أتضح جيداً على ملامحه 
"صهيب، أكيد لينا مضايقة من اللي شافته، لما الدنيا تهدى كده هنعرف كل حاجة، وبعدين جيهان معاها و..." قاطعه وصول صوت إشعار وصل للتو على هاتفه فتوقف من تلقاء نفسه عن الحديث ليتفقد ماذا هناك علّ جيهان أرسلت شيئاً له 
"هي يا بابا ولا مين؟" سأله في تلهف 
"أنا أخدت لينا ونزلنا نتمشى شوية، متقلقش ساعة بالكتير وهنكون في البيت"
قرأ أمجد الرسالة ليحمحم ثم نظر نحو ابنه في تردد ولكنه أخفاه ولم يود أن يخبره أن جيهان للتو راسلته بل أراده أن يتعلم من ذلك الموقف 
"مش هي، ده عرض من اللي بيتبعت كل شوية" حدثه بثقة ليزفر صهيب في قلة حيلة "قوم نام دلوقتي، ولما الصبح يجي يحلها ربنا"
"لا يا بابا هنام ازاي بس وهمّ كده برا!"
"طب أطلع غير هدومك وفكر كده بهدوء هتحل الموقف ده ازاي وأنا كمان هفكر وربنا يسهلها إن شاء الله"
"إن شاء الله" همس له بعد أن زفر مجدداً وتوجه لغرفته بينما تابعه أمجد بعينيه حتى أختفى تماماً عن مرمى بصره.
  ❈-❈-❈

"يا ماما أنا، أنا مش عارفة أفكر ازاي ولا أعمل إيه!" همست لينا بنبرة لا تزال تحمل آثار البكاء بينما تركتها جيهان كي تعبر عن كل ما بداخلها دون أن تقاطعها "منين معجب بيا وبيهتم بيا ومنين فجأة أشوفه في الموقف ده معاها! أنا مش فاهمة أزاري يعمل كده وأنا موجودة!" هزت كتفيها بعفوية ثم عادت لتتجمع الدموع بعينتيها مرة أخرى
"لينا يا حبيبتي، ممكن أسألك سؤال؟" حدثتها والدتها سائلة في هدوء 
"أتفضلي يا ماما" 
"هو صهيب عمره كلمك عن البنت دي أو أنتي سألتيه عليها؟" 
"آه، أنا شوفتها معاه تلت مرات، مرةقبل ما تتجوزي أنتي وبابا أمجد، ومرة يوم الفرح، ومرة جت معاه البيت" لم تبد جيهان أية إنفعالات وظلت تستمع في هدوء
"طيب وقالك إيه عنها؟" 
"قاللي إنها لازقة وبتاع وهو بس بيعاملها كويس عشان سكرتيرة مديره ولا assistant بتاعته، حاجة كده" همهمت جيهان في تفهم 
"طيب قالك إن فيه ما بينهم حاجة أو مثلاً كان فيه بينهم علاقة زمان؟" 
"لأ، بالعكس ده قاللي إنه مش طايقها" 
"طيب بالراحة كده، لو صهيب بيعاملها كويس عشان زمايلهم يبقا أستحالة يعمل أي حاجة غلط وكل زمايلهم خارجين معاهم، ولو حتى بيلعب بديله معاها يبقا بردو مش هيعمل كده وأنتي موجودة، مش صح ولا إيه؟" سألتها بعدما أطنبت بتلك التفسيرات التي أرتطمت بشدة بعقلها لتشرد في حديث جيهان وهي تعيده بينها وبين نفسها 
"حبيبتي القرار ليكي في الأول وفي الآخر، عايزة نرجع البيت ماشي، عايزانا نفضل عند أمجد ماشي، ولو مش عايزة تكلمي صهيب تاني أنا مش هاخليه يجي جانبك، بس فكري بعقل وبهدوء وبعدين أنا معاكي في أي قرار تاخديه، أنا لا بدافع عنه ولا بقول إن كلامك كله صح وخلاص بقا بيخونك رسمي"
"بس يا ماما أنا شوفته بعنيا" صاحت مقاطعة في آسى 
"والله عارفة ومصدقاكي، يمكن يا ستي يكون ملعوب من البنت ما دام قالك إنها لازقاله وأضايقت لما قال إنك خطيبته، أقعدي كده فكري بهدوء خالص وخدي وقتك وأفتكري كل حاجة حصلت وأنا معاكي في أي قرار" 
تريثت لينا مجدداً وهي تشعر بأنها أصبحت مشتتة للغاية ولا تدري أتصدق عينيها؟ أم تصدق حديث والدتها؟ ولقد غادر خلفها مهرولاً، لقد تبعها، هي تتذكر ذلك. ولكن إذا كان يشعر بمشاعر نحو تلك الفتاة، لماذا توجه بصحبتها اليوم أمام جميع زملائه وأمامها وأخبر الجميع أنها خطيبته؟ 
"طيب، هو، هو أحنا فعلاً هنسيب البيت عند بابا أمجد؟" توسعت عسليتيها وهي تنظر لوالدتها في تساؤل 
"اللي لي لي تعوزه" ابتسمت لها بإقتضاب لتتريث لينا وهي تُفكر 
"ما هو مش هاينفع تبقوا لسه راجعين بقالكم كام يوم وتسيبيه، ميصحش بردو" همست لها ثم زفرت وقد حسمت قرارها "خلاص، نروح عند بابا أمجد، بس، بالله عليكي يا جي جي ماتخليي صهيب يقرب مني" أخبرتها في توسل لتجذبها جيهان إليها في عناق 
"متخافيش يا جزمة وراكي راجل!"
  ❈-❈-❈

توسد سريره واضعاً ساعده أسفل رأسه ليستند عليها وحدق بسقف الغرفة وهو شارداً بالتفكير، كيف عليه أن يصحح ذلك الوضع؟ كيف عليه أن يعتذر لها؟ والأهم، كيف عليه أن يبتعد عن سمر إلي الأبد؟! 
تجولت العديد من التساؤلات برأسه حتى أُرهق من كثرة التفكير، لا يُصدق أن تلك الفتاة قد تصل بها الجرأة إلي أن تقف أمامه دون بعض ملابسها، ولا يدري إلي متى ستظل تحاول التقرب منه بتلك الطريقة؟ لماذا هو؟ لقد كان هناك العديد من النساء والفتيات تستطيع مهاتفتهن حتى يساعدنها، لماذا هو إذن؟!
زفر في تأفف من تلك الفتاة ولقد أكتفى من هوسها الشديد به، عليه أن يقف لها كالحائط المنيع، عليه أن يوقفها شاءت أم آبت عند حدود لا تتعداها معه أبداً.
لن يكترث بعد الآن بأهميتها لدى مديره، لن يترك الفرصة مجدداً ليُصبح في وضع لا يليق معها، هي زميلته لا أكثر ولا أقل، سيعاملها بمنتهى الرسمية وسيصبح قاسياً معها للغاية! لربما يكون هذا الحل الوحيد!
وأما عمله فهو للتو قد حسم أمره، وحتى لو أنتهى الأمر بفصله الدائم من العمل لن يكترث، سيجد سواه، لن يتوقف العمل على مؤسسة واحدة طيلة حياته، سيجد غيره، يعلم أنه أتقن عمله، يعلم أنه ثابر وصبر وأجتهد ولك لكل مجتهد نصيب، هذا ما يُدركه جيداً ولن يذهب مجهوده سُدى!
وأما عن تلك العنيدة الصغيرة التي وقع في عشقها دون مقدمات، لابد أن تتم الخطوة القادمة معها في أسرع وقت، وستكون بمنتهى الجنون، على نفس القدر من ذلك الجنون الذي سلب عقله وأكد له أنه لم يُعجب بسواها!
أوصد عيناه أخذاً شهيقاً عميقاً ملئ به رئيتيه ثم أطلقه في هدوء ثم حاول أن يُهدأ من نفسه ليتمتم بعقله، ليس الصباح ببعيد!

  ❈-❈-❈


"أنا مرضتش أقوله إنكو هترجعوا، خليته كده يتعلم الأدب" تحدث أمجد لجيهان التي ابتسمت بإقتضاب على ما أخبرها به
"حرام عليك والله، كنت طمنه على الأقل"
"علشان تاني مرة ميروحش يزعل لينا"
"أنت بقيت بتحب لينا أكتر منه ولا إيه؟"
"عارفة يا جي جي الموضوع مش موضوع بحب حد أكتر من التاني، الموضوع كله إن صهيب غلط لما ادى الفرصة لسمر تقرب منه"
"معلش بردو الموقف حساس أكيد ودي معاه في الشغل، أنت تعرفها أو شوفتها؟" سألته ليومأ لها بالنفي
"صهيب بس هو اللي حكالي عنها مش أكتر"
"أنا قولت للينا تفكر كده بهدوء ويارب بس متعندش وخلاص، بس بردو موقف زي الزفت يعني"
"هيعدي إن شاء الله على خير" 
"لما هديت كده قالتلي مينفعش نسيب بيت بابا، وإننا لسه متجوزين، واضح إن بقا ليك خاطر كبير أوي عندها" نظرت له مضيقة عينيها بمزاح 
"حبيبتي لينا دي، وبعدين هتكون كمان مرات ابني، لازم ادلعها من دلوقتي" أخبرها في ثقة لترفع جيهان حاجبيها في إندهاش 
"مرات ابنك!" كررت كلمته في تهكم مازح "طب أفرض أنا موافقتش على جوازهم"
"لا، جي جي دي حبيبتي وهتوافق وأنا هاعرف أقنعها ازاي" 
"وهتقنعني ازاي بقا؟" رفعت احدى حاجبيها ثم عقدت ذراعيها ونظرت له في تحدي ليجذبها من ذراعها 
"تعالي وأنا هاقولك هاقنعك ازاي، هاقنعك بطريقة حلوة أوي ومش هتقدري تقولي لأ" أبتسمت له وهي تدرك ما يرمي إليه لتجده يقبلها لتشعر هي بشغفه الشديد تجاهها.
❈-❈-❈
"أنا آسف يا Mr عمرو بس أنا كنت محتاج من وقت حضرتك عشر دقايق!" تحدث صهيب لمديره 
"لا يا صهيب مفيهاش حاجة يا ابني، أنا دايماً فاتح باب مكتبي للكل، قولي بقا كنت عايزني في إيه؟" ابتسم له في رسمية وطيبة بآن واحد 
"بصراحة أنا كنت جاي لحضرتك بصفتك في مقام أخويا الكبير أو والدي لو تسمح طبعاً قبل ما تكون مديري، ده عشمي في حضرتك"
"طبعاً يا صهيب، أتفضل" حمحم صهيب وأبتسم في إرتباك ليُحمحم ولكنه بالنهاية يريد التخلص من ذلك الأمر حتى يتأكد من أنه بالعمل لن يتزعزع مكانه ولن تُأثر عليه سمر بأي شكل من الأشكال وحتى لو كان مديرهما سيستمع إلي سمر ويترك كلماته جانباً فسوف يترك العمل وقرر أن يقدم إستقالته في هدوء قبل أي شيء آخر! 
"حضرتك أنا كده حكيت كل حاجة حصلت من يوم ما أشتغلت في البنك، وتقدر تاخد القرار اللي حضرتك شايفه صح" زفر صهيب في راحة بعد أن أخبره بكل شيء عن سمر وعن طريقتها معه "وطبعاً حضرتك لو شايف إن أنا غلطان أو كلامي مش صح ممكن أقدم أستقالتي في أقرب وقت، بس أرجوك يا ريت كلامنا ميطلعش برا، أولاً علشان صورتها وسط الزملا، ثانياً علشان ماعملش شوشرة على الفاضي، وفي الأول وفي الآخر حضرتك خبرتك كبيرة وتقدر تتأكد من كلامي وأكيد حضرتك هتقولي إيه هو القرار المناسب، وبردو حضرتك سمعت مكالمتها ليا امبارح بالرغم من إن كان فيه أكتر من زميلة ممكن تساعدها بدالي"  شعر بالمزيد من الراحة بعد أن تحدث بالمزيد ولكنه بدأ يشعر بالإرتباك
"والله يا أبني الموضوع حساس، وللأسف مش هقدر أديك ردي دلوقتي" أخبره في هدوء بعد أن أخذ شهيقاً مطولاً
"اللي حضرتك تشوفه وأنا مستعد أعمل اللي تقوللي عليه"
"ماشي يا صهيب، أنا واثق إنك إنسان كويس ومجتهد وربنا يعمل اللي فيه الخير، سيبني كده كام يوم وربنا يسهلها وركز في شغلك"
"حاضر يا Mr. عمرو، وأنا مردتش أخد الموضوع للـ HR، ومتأكد إن حضرتك زي والدي ومش هتظلمني في حاجة، بعد أذنك" نهض ليومأ له في وقار ليبادله ثم ترك مكتبه وتوجه للخارج!
❈-❈-❈

"ميرسي أوي يا صهيب إنك ساعدتني إمبارح و.."
"لو سمحتي" قاطعها وهي للتو تدلف مكتبه لتتوقف عن أخذ الخطوات نحوه "أكتر من الشغل أنا مش هتعامل معاكي، وأول وآخر مرة تكلميني في أي حاجة شخصية" أخبرها بحزم شديد
"فيه إيه؟ أنت بتكلمني بالطريقة دي كده ليه؟ هو إيه اللي حصل؟" تصنعت البراءة 
"مفيش حاجة وأنا بكلمك عادي وبمنتهى الإحترام" نظر لها وقد بلغ منه الضيق والغضب منتهاهما "يا ترى فيه حاجة في الشغل عايزة تبلغيني بيها؟" سألها بمنتهى الرسمية
"لأ، مافيش بس أنا كنـ.."
"يبقا مالوش لزوم تكوني موجودة في مكتبي، وياريت شغلنا كله يكون بالإيميل، وأول وآخر مرة تدخلي المكتب وتقفلي الباب وراكي، أتفضلي بعد إذنك برا المكتب لأن ورايا شغل كتير" أخبرها بجدية ثم أعاد نظره لحاسوبه ليكمل عمله في هدوء لتشعر هي بالغيظ ورمقته وهي تتصنع البكاء ثم توجهت للخارج لتلتقي في طريقها بأكرم
"إيه يا بنتي مالك؟ قالبة وشك ليه؟" سألها أكرم بعفوية
"مافيش، بعد إذنك عديني"
"طيب طيب، Mr. عمرو كان بيدور عليكي على فكرة"
"أوك، هاروحله" أخبرته بإقتضاب ليدلف أكرم وأوصد باب مكتب صهيب خلفه 
"مالها الشعنونة دي؟"
"يا عم دي كفرتني"
"عموماً ابقى أحكي لي بعدين، أنا جاي أقولك إن فيه واحد تحت بيقول عايزك وقاعد من الصبح، معرفش أسمه مازن ومصمم يقابلك والأمن دخله بطلوع الروح" 
"مازن مين ده؟" عقد حاجباه بتعجب وهو ينظر له
"معرفش، أنا فاكرك تعرفه" رفع كتفاه ثم أخفضهما بعفوية
"يمكن لو شوفته أفتكره، هو فين؟!"
"دخلوه الـ breaking area"
"طيب هاروحله" أخبره صهيب ثم توجه حيث الغرفة المخصصة التي يقضي الجميع بها أوقات الراحة ليتعجب فهو لم ير هذا الرجل من قبل ولا يعرفه أبداً 
"صهيب!" صاح مازن في أستفسار ليومأ له صهيب
"هو حضرتك تعرفني؟" سأله في تعجب
"أنا مازن، خطيب ماهيتاب، صاحبة سمر زميلتك اللي هنا" مد يده ليُصافحه ليزفر صهيب في سأم وضيق عندما أستمع له وهو ينطق أسم سمر ولكنه لم يعلم بعد ما الذي يريده هذا الرجل منه! فلقد توقع أن سمر هي التي وراء كل ذلك.
❈-❈-❈

"أنا خلاص يا رولا مبقتش عارفة هو بيكدب ولا البنت هي اللي بتكدب! أنا حاسة إني تعبت من كتر التفكير" تحدثت لينا لصديقتها رولا بالهاتف 
"مش دي اللي أحنا شوفناها معاه مرتين، شكلها حربوقة أوي" 
"ماليش دعوة حربوقة ولا زفت، أنا ليا باللي شوفته" أخبرتها ونبرتها مليئة الإنزعاج 
"طب أهدي كده بس، هو متكلمش معاكي من ساعتها؟"
"حاول امبارح بس أنا أخدت تاكسي وروحت وبعدين نزلت مع ماما ورجعنا ولما صحيت لقيته راح الشغل، وأكيد زفتة دي معاه هناك" أحتدت نبرتها بالغيظ الشديد
"أوبا! لي لي بتغير يا بشر، أيوة بقا" ضحكت رولا ليزداد إنزعاج لينا 
"مش جاي يقول قدام الناس خطيبته! يبقى من حقي أغير ولا لأ"
"حقك يا ستي حقك" ساد الصمت بينهما لبرهة لتُكمل رولا "طب وأنتي دلوقتي هتعملي إيه، يعني حاسة إنك عايزة تتكلمي معاه وتتصالحوا ولا لأ"
"لا مش هاتكلم معاه ولا نتصالح غير لما يعتذري خمسمية مرة ويجبلي دليل إن سمر دي مفيش ما بينه وبينها حاجة، يا كده يا إما والله مش هابص في وشه تاني" صاحت بغضب 
"ماشي يا ستي بالراحة شوية، عندك حق!" 
"أقفلي دلوقتي علشان أنا لسه صاحية وهاقوم أفطر"
"مش زعلانة ومضايقة، بردو أكل مفيش فايدة" تعجبت صديقتها من قدرتها على تناول الطعام 
"هو يعني زعلي بسببه هيخليني أصوم ولا إيه! جته ستين نيلة" 
"طيب خلصي الفطار وكلميني عشان لقيتلك بقا حتة رواية إنما إيه، تحفة"
"ماشي، هاخلص وأكلمك، باي"
❈-❈-❈

"أنا متشكر أوي يا مازن، بس ازاي لينا هتعرف كل ده و.."
"ماهيتاب عندها إستعداد تروحلها لغاية البيت كمان وتحكيلها على كل حاجة" قاطعه لينظر بساعته "يعني ممكن دلوقتي أروح أوصلها لغاية بيتكم لو تحب" تنهد صهيب بقليل من الراحة 
"طيب ماشي، أنا كمان هاخد إذن وأروح معاك، ومتشكر مرة تانية" أخبره في إمتنان 
"متقولش شكراً ولاحاجة، أنا بجد مش فاهم اللي زي سمر دي ازاي بتعمل كل ده" هز رأسه في آسى 
"دي في الشغل وعلى الموبيل وفي كل حتة لما زهقت والله ووصلت الموضوع لمديري النهاردة ولو رسيت إني أسيب البنك أنا موافق بس تبعد عني وتسبني في حالي" 
"لا إن شاء الله هتعدي متقلقش، ومش هاتوصل لإنك تسيب الشغل ولا حاجة" 
"شكراً يا مازن، أنا هاطلع بس أخد الأذن وألم حاجتي وهجيلك، معاك عربية؟" سأله ليومأ له 
"آه معايا"
"تمام، هات رقمك طيب وأستناني في عربيتك على ما أنزل"
"تمام"
❈-❈-❈
"أنا حاسس إن ترقية صهيب مكنتش صح، ولا أنتي إيه رأيك؟" سأل عمرو وهو ينظر لسمر بإهتمام 
"لا يا Mr. عمرو صهيب شاطر جداً وحضرتك عارف ده"
"أصلي حاسه كده مش مظبوط، يعني، مش مناسب لمكانه الجديد" أطنب بالمزيد بينما حاول أن يقرأ ردة فعلها 
"لا ازاي، ده محترم وشاطر ومن زمان وهو عنده إستعداد يقعد ساعات أكتر علشان يخلص شغله، أنا شايفة إنه كويس جداً" أخبرته وهي تتعجب من أنه يحدثها عن صهيب 
"أصل بصراحة وصلتني أخبار عنه إن سمعته مش قد كده وناس شافوه كذا مرة مع بنت يعني مش كويسة وهنا من البنك" 
"بنت!" حمحمت في إرتباك "لا أنا عمري ما سمعت عنه حاجة زي دي" 
"وأنا مبحبش عك الشباب بتاع اليومين دول اللي بيخلط الشغل بمسائل شخصية، وهو مقضيها هزار وحاجات مكانها مش الشغل أبداً، ده أنا حتى أكتر من حد إشتكالي منه" 
"بس لأ يا Mr. عمرو أنا عمري ما سمعت حاجة زي دي وهو محترم وسمعته معروفة يعني من يوم ما جه إشتغل هنا" همهم عمرو ثم نهض ليتجول بمكتبه 
"بس أنا شايفه لعبي أوي، وكمان البنت اللي جابها الـ outing امبارح وبيقول إنها خطيبته دي شكلها صغيرة جداً في السن وده بيثبت إنه من الشباب اللي بيتسلى، بس متوصلش إنه يجبها يعني قدامي وقدام زمايله، وبعدين اللي بيخطب ولا بيتجوز كلنا بنعرف ده هنا في البنك وبنباركله كمان" 
"معلش بقا، علشان كان Outing وكده، وأكيد المرة الجاية مش هايجيب البنت دي تاني، وزي ما حضرتك بتقول أكيد مفيش ما بينهم خطوبة ولا حاجة، وممكن أخلى حد يحذره عن طريق الـ HR ويتكلموا معاه في الموضوع لو حضرتك تحب"
"ما أنتي لسه بتقولي outing وإنك عارفة إن سمعته تمام! وبعدين إيه اللي أكدلك إن البنت دي مش هتيجي معاه تاني؟" سألها لترتبك قليلاً وهي تعيد التفكير في تلك الكلمات التي غادرت شفتيها 
"ممم، علشان، زي ما حضرتك قولت إنه يعني أكيد، يعني بيتسلى أو يعرفها من أي حتة وفترة وهتعدي، ما دام البنت مش من الزمايل يبقا خلاص وهو أكيد لو عمل حاجة زي دي مع حد هنا هيتعرف" آتت كلمتها بنبرة مرتبكة لاحظها عمرو 
"عندك حق، بس تعرفي إمبارح أنا شوفته في حمام السيدات! عارفة مين كان معاه؟ أنتي يا سمر!!" أخبرها بمنتهى الهدوء ليشحب وجهها وأبتلعت في توتر ولم تدري بم عليها أن تخبره لتحمحم بمزيد من الإرتباك وهي تحاول التفكير مسرعاً بأي جملة مقنعة!
  
يُتبع..