الفصل الثاني - عطر الفهد
الفصل الثاني
الطبيب بعد أن رأى التحاليل و الأشعه : يؤسفني أن أخبركم أن هذه الصغيره الجميله مصابه بمتلازمة توريت .....
إيزابيلا بخفوت : ماذا ... هل صغيرتي مريضه ... لتصمت قليلا ثم تنهض من مقعدها و هي تهتف بغضب .... تباً .. فالتخبرني ما تلك اللعنه التي أصابت طفلتي ...
ألبرت بحزن و هو يحتضن إيزابيلا : هشششش ... إهدأي بيلا ... إهدأي حبيبتي ... لقد أثرتِ ذعر عِطر ....
نظرت إيزابيلا إلى عِطر لتجدها تنظر إليها و هي جالسه على الأريكه و عسليتيها يذرفان الدموع بصمت ... لتخطو إليها بخطوات سريعه تضمها إليها و تمسد شعرها بحنان ....
ألبرت بهدوء حاول به إخفاء حزنه و ضعفه : هيا دكتور .. أخبرنا كل شيء عن تلك المتلازمه و كيف نتعامل معها ...
ليبدأ الطبيب بسرد كل المعلومات عن تلك المتلازمه لتبهت ملامح كلاً من إيزابيلا و ألبرت .. بينما عطر كانت تلهو بلعبه أعطاها لها الطبيب ...
ألبرت بخفوت : هل هذا يعني عدم إستطاعة ملاكي أن تحيا حياه طبيعيه مثل أقرانها ....
الطبيب : لا .. لا ... هي سوف تحيا بطبيعيه لن تعيقها تلك المتلازمه في حياتها على الإطلاق ...
إيزابيلا ببريق أمل في عينيها : حقاً ... كيف هذا ...
الطبيب : إنها لا تأتيها نوبات تشنجات شديده .. صحيح ... فقط حركة عينيها و كتفيها ... و هذا من الممكن أن يتم تخفيفه بالأدويه ..... لن يؤثر على دراستها .. لن يؤثر على مستوى ذكائها ... و لا على حياتها الإجتماعيه و العاطفيه فيما بعد .. لكن لا ننسى أن تلك المتلازمه سببها الجينات الوراثيه ...
ألبرت بترقب : بمعنى ؟!
الطبيب و هو يتنهد : عندما يحين وقت زواجها ... يجب ان تعلم زوجها بهذا ... لأنه من الممكن عندما تنجب أن يكون المولود مصاب بهذه المتلازمه ...
إنتهى لقائهم مع الطبيب بعد كتابته لبعض الأدويه لعطر مع ضرورة متابعته المستمره لعِطر ليحمل ألبرت عِطر و يمسك بيد إيزابيلا التي تعلقت بذراعه و يتجه إلى سيارته لتتحدث عِطر بطفوليه ...
عِطر : أبي ألبرت .... هل أنا مريضه ؟!
ألبرت بإبتسامه لم تصل لعينيه : فقط قليلا ملاكي .. و لهذا سوف تتناولين أدويتك بإنتظام ...
إنتهى ألبرت من حديثه لينظر إلى إيزابيلا التي تسير بجانبه كأنها جسد بلا روح ... ليتآكله الحزن على أعز ما يملك ... فإيزابيلا و عِطر هما عائلته ... كل ما يملك في تلك الحياة .... ليزفر ألبرت الهواء عند وصولهم إلى سيارته .... ليصعدوا إلى السياره و يبدأ في القياده إلى دار الأيتام ... و عندما وصلوا ترجلت عِطر تركض إلى الحديقه لكي تلهو مع الأطفال بينما ألبرت و إيزابيلا توجهوا إلى سوزانا مديرة الدار ليقصوا لها ما حدث .......
سوزانا بحزن : يا الله .. تلك الفتاه المسكينه ...
ألبرت بغضب : ملاكي ليست مسكينه و لا تحتاج للشفقه .. هي سوف تحيا بطبيعيه و لن أدع حياتها تتأثر بتلك المتلازمه ...
إيزابيلا بحزن : و لكنها سوف تتأثر بالفعل ... إن لم تكن في طفولتها و مراهقتها ... سوف تتأثر عندما تنضج و تقع في الحب مع أحدهم ... هل حينها سوف يتقبل هذا الرجل حالتها .. هل سوف يغامر أن أطفاله يكونوا مصابين بتلك المتلازمه ... لا أظن ذلك ...
ألبرت بغضب : هذا الحديث سابق لأوانه إيزابيلا ... الآن ما يهمنا هو أن نعتني بملاكنا و لا نجعلها تشعر بأنها مختلفه عن أقرانها ...
سوزانا بتأييد لحديث ألبرت : هذا صحيح إيزابيلا .. هذا ما تحتاج إليه عِطر في الوقت الراهن ...
إيزابيلا بضعف : حسنا ... أنا بحاجه إلى الراحه أعذروني ...
سوزانا بعد أن ذهبت إيزابيلا : هي بحاجتك ألبرت ... و أنت ايضاً بحاجه إليها ...
ألبرت بحزن : أعلم هذا سيدتي ... أعلم ... عن إذنك ...
تركها ألبرت ليذهب إلى الجناح الخاص به هو و إيزابيلا في الدار ... ليستمع إلى صوت المياه آتي من الحمام ليعلم أن إيزابيلا بالداخل ... ينزع ثيابه من على جسده و يدلف إلى الحمام يجدها تقف تحت المياه و جسدها يهتز مع بكائها و هي تستند على الحائط التي تواجهها بوجهها ... ليقف خلفها و يحتضنها بحب ليستمع إلى صوت بكائها يتزايد و تشعر هي بذراعيه تشد على إحتضانها أكثر ...
ألبرت بحنان : بيلا ... صغيرتي .. إهدأي حبيبتي ... كل شيء سوف يكون بخير .. أنا أعدك ...
إيزابيلا ببكاء : ليس الجميع مثلك ألبرت ... لن يتقبلها رجل كما تقبلتني و أنت تعلم إنني عقيمه ... لا أستطيع الإنجاب ... ليس الجميع مثلك ...
ألبرت و هو يديرها لتصبح مواجهة له : أنظري إلي إيزابيلا ... إذا أحبها أحد كما أحبك .... عشقها كما أعشقك ... إذا كان قلبه يقرع الطبول في حضورها كما يفعل قلبي بحضورك ... إذا تملكت قلبه .. عقله و روحه كما تفعلين أنتِ ... بالطبع سوف يتقبلها كما هي .. لكن الآن ... يجب أن نجعلها تتقبل نفسها أولاً .. تتقبل حياتها مع تلك المتلازمه ...
إيزابيلا و هي تحتضنه : أحبك ألبرت ...
ألبرت و هو يقبل خصلاتها : و أنا أيضا أحبك بيلا ...
حملها ألبرت بعد أن جفف جسدها و جعلها ترتدي مأزر الحمام و فعل المثل لنفسه ... ليذهب و يستلقي على السرير و هي في حضنه يهمس لها بكلمات رقيقه و يداعب وجنتها بحنان حتى ذهبت إلى عالم الأحلام ... ليستمع إلى دقات صغيره على باب جناحهما يعلم من تكون صاحبتها ... ليضع رأس إيزابيلا بلطف على الوساده ثم ينهض ليرتدي بسرعه بنطال قطني و تيشرت و يذهب لكي يفتح الباب ليجد ملاكه كما يحب أن يدعوها تقف أمامه بمنامتها اللطيفه و هي تحمل دبها المحشو و شعرها الغجري الأسود الذي يصل إلى خصرها تنظر إليه بعسليتيها الواسعتين ليبتسم بحنان إليها ...
عِطر بإبتسامه طفوليه : هل يمكنني النوم هنا الليله أبي ...
ألبرت و هو ينحني لكي يحملها : بالطبع ملاكي .. و لكن قبل النوم .. يجب أن نتحدث قليلا ...
عِطر بحزن : سوف نتحدث عن مرضي ... صحيح ..
ألبرت و هو يجلس على الأريكه و هي بحضنه : لا تحزني ملاكي ... مرضك ليس خطيراً ... حسنا سوف أشرح الأمر لكي ..
عِطر بإنتباه شديد : و أنا منصته إليك أبي ...
بدأ ألبرت توضيح الأمر بطريقه بسيطه لكي تستطيع عِطر فهمه بسهوله و هذا ما حدث ... ليقوم بعد ذلك بمداعبتها و سرد قصه لها قبل النوم لتنام في حضنه و هو يمسد خصلاتها ...
ألبرت لنفسه و هو ينظر لعِطر بحنان : لن أسمح لأحد بأذيتك أو أن يكسر و يجرح قلبك ملاكي ... لن أسمح بذلك أبداً مهما كان هذا الشخص ....
مرت الأيام عليهم و عطر تحيا بطبيعيه مع مواظبة إيزابيلا و ألبرت على أدويتها و زيارة الطبيب الخاص بها .... و في إحدى الأيام طلبت سوزانا أن تأتي إيزابيلا إلى مكتبها لتدلف و أول ما وقعت عينيها عليه هو طفله صغيره ذو شعر أشقر بلون الذهب و عينان زرقاء كالسماء .... تجلس بعبوس و وجنتيها ممتلئه بدموعها التي لا تتوقف .....
سوزانا : إيزابيلا .. هذه تانيا سوف تقييم معنا منذ اليوم ... تانيا هذه إيزابيلا .. مشرفتك في الدار هنا ...
إيزابيلا بحنان و هي تجلس بجوار تانيا : مرحبا يا جميله ....
تانيا بخفوت و هي تنظر إليها : مرحبا ...
إيزابيلا : ما رأيك أن تستحمي و ترتدين ملابس نظيفه ثم نقوم بجوله في الدار لتتعرفي عليها و على أصدقائك هنا ...
تانيا بهدوء : حسناً سيدتي ...
إيزابيلا بإبتسامه : يمكنكي مناداتي بأمي ... حسناً ...
تانيا بدهشه : حقاً ... لكن .. لكن أنا أمي توفيت أمس ....
إيزابيلا و هي تحتضنها : لا تحزني صغيرتي ... نحن جميعا هنا من أجلك ...
تانيا : شكراً ... أمي ..
إيزابيلا بسعاده : حسناً ... سوف تقوم المربيه كاسندرا بمساعدتك في الإستحمام ريثما أتحدث مع السيده سوزانا ...
ذهبت تانيا مع المربيه بينما ظلت إيزابيلا مع سوزانا ......
سوزانا : تانيا أليكساندر لافروف ... فتاه من أصول روسيه ... توفيا والديها أمس في حادث سياره مروع ... هي في ال5 من عمرها و ليس لديها أحد يعتني بها ... لهذا سوف تظل معنا ... والديها تركا لها بعض من المال في البنك .. لكن هي لا تستطيع التصرف فيه قبل بلوغها ال 18 من عمرها ....
إيزابيلا : لا تقلقي سيدتي ... سوف أعتني بها جيدا ...
سوزانا بإبتسامه : هذا ما أرجوه منكِ إيزابيلا ...
خرجت إيزابيلا من مكتب المديره لتجد كاسندرا تجلس أمام المكتب و بجانبها تانيا ....
إيزابيلا بإبتسامه : شكرا لكِ كاسندرا ... ثم توجه نظرها إلى تانيا ... و الآن ما رأيك يا حلوه أن نتجول بالدار لتتعرفي عليها و أيضا على أصدقائك هنا ...
تانيا بإبتسامه بسيطه : حسناً أمي ...
لتقوم إيزابيلا بإمساك يد تانيا بسعاده و أخذت تتجول بها داخل الدار لتعرفها على أماكن اللعب ... الطعام .. الحمام ... قاعات المعيشه و الجلوس ...و اماكن غرف النوم و أخيرا الحديقه حيث تتواجد عِطر تلهو مع الأطفال و ما إن رأت إيزابيلا حتى ركضت إليها بمرح و سعاده ......
عِطر بسعاده : أمي ... من تكون تلك الفتاه ..
إيزابيلا بإبتسامه : هذه تانيا ... تانيا هذه عِطر ...
تانيا بإبتسامه : أهلا عِطر .. أسمكِ جميل ...
عِطر بخجل : شكرا لكِ ... و أنتي جميله أيضاً ...
إيزابيلا بإبتسامه : عِطر ... ما رأيك أن تأخذي تانيا للعب معكِ و مع أصدقائك لتتعرف عليكم جيداً ...
عِطر بسعاده و هي تمسك بيد تانيا : بالطبع ... هذا سيكون رائعاً ... هيا تانيا ...
ركضت عِطر و بجوارها تانيا لتجد إيزابيلا ألبرت يقف بجوارها و هو يبتسم ...
ألبرت بحنان : يبدو أنهما سوف يصبحان صديقتان ...
إيزابيلا بإبتسامه : و أنا ايضا أعتقد هذا ...
ألبرت : لكن من تكون تلك الفتاه ...
لتبدأ إيزابيلا بسرد ما أخبرتها به سوزانا ... ليتعاطف ألبرت مع تلك الصغيره و يعاملها بحنان و حب كما يعامل البقيه ... لكن عِطر و تانيا كان هناك ما يميز علاقتهما بإيزابيلا و ألبرت ... حيث كانا يدعوناهما بأبي و أمي ..... و الفتاتان أصبحتا صديقتان مقربتان ... لتمر الأيام و السنوات و يصبح عمر الفتيات في ال 18 من عمرهما .... و في تلك السنين ... كانا فهد و أوس قد بنيا إمبراطوريتهما الخاصه بعد أن دمجا شركاتهم المتخصصه في مجال هندسة الأجهزه الطبيه و هذا الجزء الذي يديره فهد و الجزء الخاص بشركات والده المدمجه معهم الخاصه بهندسة العقارات و المقاولات الذي يديره أوس .... لتصبح مجموعة شركات عالميه متفوقه في كلا المجالين و يطلق عليها مجموعة الفهد ... هذا بعد أن تفوقا في دراستهما و تخرجا في سن صغير من الجامعه كلا منهما في تخصصه .... ليصبح الآن فهد في ال 26 من عمره و أوس في ال 24 من عمره ....
سوزانا و هي تقف أمام عِطر و تانيا و بجانبهما ألبرت و إيزابيلا : يؤسفني أنه حان الوقت لتتركا الدار و تبدأ حياتكما خارجها ...
عِطر بحزن : لكن أين سوف نذهب ...
تانيا بحزن : لا تقلقي لدي بعض المال نستطيع إيجاد شقه صغيره و نبحث عن عمل ...
إيزابيلا بحزن : لا تعتقدا إننا سوف نترككما أنا و ألبرت .. لا ... نحن لدينا سكن بالفعل لكما و وجدنا لكما عملاً ... بالطبع هو عمل ليس كبير ... لكنه جيد ...
ألبرت : أجل و بالمال الذي معك تانيا تستطيعا الذهاب للجامعه ...
عِطر بإبتسامه : شكرا لكما ... لكن المال الخاص بتانيا ليس بكبير .... لذلك هي وحدها من سوف تذهب للجامعه ... أما أنا سوف أعمل و أوفر بعض المال للسنه الدراسيه القادمه ...
تانيا : لكن عِطر ... المال قد يكفينا أنا و أنتي .. لذلك لنذهب كلينا للدراسه و مال العمل نتركه لما نحتاجه من مصاريف خاصه ...
عِطر : لا تانيا هذا المال خاص بكِ و لن أقبل به أبدا .... و الآن أمي أخبرينا أين سوف نعمل ...
إيزابيلا : سوف تعملان بمجموعة شركات الفهد ...
تانيا : و ماذا سوف نعمل ...
ألبرت بحزن : العمل ليس شيء كبير ... لكن هذا ما أستطعنا تدبيره .. أنتي تانيا سوف تعملين مع السيد أوس كعاملة النظافه الخاصه بمكتبه فقط و المسؤله عن المطبخ الخاص بمكتبه ....
تانيا بإبتسامه حزينه : حسنا .. يبدو جيداً ... فنظافة مكتب واحد أفضل من نظافة مكاتب الشركه كلها ...
عِطر : و أنا ... ماذا سوف أعمل ..
إيزابيلا و الدموع في عينيها : مثل تانيا ... لكن أنتِ سوف تعملين لصالح مكتب السيد فهد ... الفهد بشخصه ....
أنهت إيزابيلا حديثها ... لتذهب مع ألبرت و معهما عِطر و تانيا حيث مكان سكنهما الجديد الذي قاما كلا من البرت و إيزابيلا بشرائه لهما ... حيث كان في منطقه ليست فقيره جدا و لا ثريه ... كانت منطقه للطبقه الوسطى لكن الشقه كانت صغيره و أثاثها ليس جيدا ... لكن لم تعترض الفتيات ليتركاهما ألبرت و إيزابيلا بعد بكاء طويل و وعد بمجيئهما للإطمئنان عليهما كل يوم بعد العمل ... و ها هما الفتيات يبدأن بمواجهة الحياة مفردهما ... ترى ما هو القادم ...
⬢ ⬢ ⬢ ⬢ ⬢ ⬢
#يتبع
بقلم
SilverAngel