الفصل الرابع - عطر الفهد
الفصل الرابع
دلفت عِطر إلى مكتب فهد لتقف منبهره مما ترى ... للتقدم و تضع القهوه و كوب الماء على المكتب و تقف تنظر حولها بإعجاب ... حيث كان المكتب أنيق و ذكوري مع لمحه من الفخامه و الرقي ....
رفع فهد وجهه عن الأوراق المنكب على دراستها ليجدها تقف أمامه تنظر حولها بإعجاب .. ليلتقط فنجان القهوه يرتشف منه ليجعد وجهه ...
فهد لنفسه : يا الله القهوه بسكر ...أنا أكرهها هكذا ...
عِطر بعد أن لاحظت عبوسه : سيد فهد ... هل القهوه لم تعجبك ...
فهد و قد عادت ملامحه للبرود : من أخبركِ أنني أحب القهوه هكذا ...
عِطر بتوتر : إنها الآنسه جينفير ... أخبرتني أنك تحب مذاقها ذو السكر الزياده ...
فهد : حسناً ....
قام فهد بإلتقاط سماعة الهاتف و طلب من جينيفر القدوم ... كانت عطر تقوم بتهدئة نفسها حتى لا تتوتر او تقلق ... فهي لا تريد أن تظهر أحد الأعراض عليها الآن و يقوم فهد بطردها .... أخذت تعد الأرقام بداخلها حتى هدأت تزامناً مع دخول جينيفر التي كانت تبتسم بطريقه خبيثه لاحظها فهد الذي تأكد من صحة ظنه بأن جينيفر كانت تريده ان يقوم بطرد عِطر أو معاقبتها ...
جينيفر : سيد فهد .. لقد طلبتني ... هل هناك شيء ...
فهد ببرود : أذهبِ للحسابات لتأخذي ما تبقى من حسابك .. أنتِ مطروده ...
جينيفر بصدمه : ماذا .. أنا لم أفعل شيء ...
فهد و هو يقف ليضرب المكتب بيده : لا تكذبي ... أنتِ تعلمين جيداً ما فعلتيه ... و هنا شركة الفهد لا ملهى ليلي لإحاكة مؤمرات العاهرات أمثالك .. هيا للخارج ...
ذهبت جينيفر و لكن قبل خروجها نظرت لعِطر بغضب و حقد ... كانت عِطر واقفه لا تفهم شيء مما حدث .. تنظر للباب الذي أغلقته جينسفر خلفها بشرود و هي تتسائل ما الذي حدث لتفيق من شرودها على صوت فهد ....
فهد ببرود : أنا أشرب قهوتي ساده عِطر ... إحضري لي فنجاناً آخر ...
إتسعت أعين عِطر بعد أن فهمت ما حاكته لها جينيفر .. لتتدارك نفسها ...
عِطر : حاضر سيدي ...
حملت الصينيه و وضعت عليها الفنجان و خرجت لتعد القهوه مرة أخرى .. لكن بالطريقه الصحيحه ... بعد خروجها قام فهد بطلب قسم الموارد البشريه ليأمرهم بإرسال أحداً ما ليحب مكان جينيفر و أن يبحثوا له عن سكرتير رجل هذه المره ... فهو لا يريد مشاكل تافهه مثل الذي حدث الآن .... عدة دقائق لتدلف عِطر بفنجان آخر من القهوه ليبدأ فهد بإرتشافه ... و قد نال إستحسانه ....
فهد ببرود : جيد عِطر ... و الآن أخبريني ... هل تكملين دراستك في الجامعه ...
عِطر بحزن : لا سيدي ... ليس هذا العام ... ربما العام المُقبل ...
فهد : إذا أردتِ ... أنت تعلمين أبي و أنا نتكفل بدفع مصاريف الجامعه لعدد من الأشخاص الذين يتركون دار الأيتام ...
عِطر بصوت خافت و هي تنظر للارض و تحاول منع دموعها : شكراً لك سيدي ... لكن سأنتظر للعام القادم ...
شعر فهد أنه قد جرحها و أحزنها بكلماته ... و لكنه لم يقصد هذا ... فما قاله صحيح ... هو و والده يساعدون الكثير من دور الأيتام و من يتخرج منها ...
فهد بجديه : عِطر إذا كنتِ بحاجه لأي شيء لا تترددي في إخباري ... حسناً ؟
عِطر بإبتسامه : شكراً لكَ سيدي ..
فهد : هناك إجتماع بعد ساعه في غرفة الإجتماعات ... إذهبِ هناك و أنظري إذا كان هناك شيئاً ناقصاً ....
عِطر : حاضر سيدي ...
خرجت عِطر و ذهبت كما أمرها فهد لتجد القاعه بحاجه قليلاً للنظافه ... لتفعل ذلك ثم تقف تنظر حولها لتشعر بأن هناك شيئٍ ناقص .. لتدرك عدم وجود أي أزهار في الغرفه ... خرجت من القاعه و ذهبت للإستقبال حيث ليليا و أخبرتها بطلب زهور الأوركيد البيضاء بسرعه ... لتفعل ليليا ... ثم تاخذها عِطر و تذهب لغرفة الإجتماعات و تقوم بوضعها في المزهريات الفارغه .... لتنظر حولها برضا و تستنشق الهواء بعمق حيث إنتشرت رائحة الأوركيد ... لتذهب إلى المطبخ مرة أخرى حيث لم يتبقى على الإجتماع إلا القليل من الوقت ...
⬢ ⬢ ⬢ ⬢ ⬢ ⬢
إرتدت تانيا زيها الذي أعطتها إياه صوفيا ... ثم قامت بتحضير القهوه سادة كما يحبها أوس ... لتطرق الباب و تدلف إلى الداخل بعد ان سمعت صوت أوس يأذن لها بالدخول ..... تتقدم بهدوء بينما الجالس على مقعده خلف المكتب كان يتفحصها بعيون صقر حاد حيث كان الزي الذي ترتديه يرسم جسدها تفصيلاً ....
وقفت أمامه لتضع الفنجان على المكتب و هي مدركه تماماً لنظراته التي أخجلتها و اغضبتها في ذات الوقت .... لتقف بعد ذلك تنظر حولها للمكتب الذي أعجبها
أوس و هو يرتشف القهوه : جيد ... بداية رائعه بإتقانك للقهوه ...
تانيا : شكراً لك سيدي ...
أوس : إستمعي إلي جيداً تانيا ... هناك الكثير من المنافسين لنا الذين سوف يفعلون أي شيء لمعرفة أسرار عملنا ... لذلك أنا أحذركِ ... إذا حاول أحدهم الإتصال بكِ و محادثتك و عرض المال أو أي شيء آخر عليكِ كي تفعلي ما يريد ... يجي أن تخبريني .. لكن إذا لم تفعلي ... لا تلومي إلا نفسك على ما سوف يحدث لكِ ....
تانيا بجمود و ثبات : لا تقلق سيد أوس .. أنا لا أسعى وراء المال ...
أوس : جيد .. يمكنكِ الذهاب ...
تانيا لنفسها بعد ما خرجت من المكتب و هي تنظر لصوفيا التي كانت تنظر لها بتقزز : هو حقير و انتِ حمقاء ... سوف أريكم من هي تانيا ... سوف تتعلمون الأدب على يداي ....
⬢ ⬢ ⬢ ⬢ ⬢ ⬢
حان موعد إجتماع فهد الذي أخبر عنه عِطر .... دخل إلى غرفة الإجتماعات ليقابله عطر الأوركيد المتواجد في المزهريات ... ليغمض عينيه و يستنشقه بحب فهو يعشق الاوركيد الأبيض ... يفتح عينيه و ينظر حوله ليجد مزهريتان في الغرفه واحده على طاولة الإجتماعات و الأخرى على الطاوله الصغيره المتواجده في الجانب و حولها مقعدين ... ليستغرب من هذا ... فهو في كل إجتماعاته لم يكن هناك أوركيد .... إستعاد بروده مرة أخرى و ذهب ليجلس على رأس الطاوله ....
بعد قليل دلفت عِطر إلى غرفة الإجتماعات و هي تجر عربه عليها المشروبات ... حيث كل عضو في الإجتماع كان يشرب القهوه بطريقه مختلفه عن الآخر .. و أيضاً هناك من يشرب الشاي أو العصير .... و كان هذا مدون بالملاحظه المعلقه على حائط المطبخ ... حيث كان مكتوب بها كل شيء مطلوب منها في هذا الإجتماع و المقابلات الأخرى ... بدأت بوضع المشروبات حسب الترتيب ... ثم وقفت بجانب فهد و وضعت فنجان القهوه الخاص به ....
فهد ببرود : شكراً عِطر ... يمكنكِ الذهاب ...
إنتهى الإجتماع .... ليذهب فهد إلى مكتبه .. كان يشعر بأنه مرهق ... فالإجتماع كان طويل مع الرجال الذين يعملون لديه في مناصب هامه ... فهناك صفقه مهمه هو على وشك عقدها مع إحدى الشركات الكبرى في هذا المجال .... التقط سماعة الهاتف و طلب المطبخ ... ثم طلب من عِطر أن تحضر له كوب من عصير البرتقال ... 5 دقائق مرت ليسمع دقات صغيره على باب الممتب علم منها أنها عِطر ... لقد عرف طريقة طرقها للباب من أول مره فعلت ذلك .... ليأذن لها بالدخول ... دلفت عِطر إلى المكتب ثم وضعت كوب العصير على الطاوله أمام فهد الذي كان يجلس بأريحيه على الأريكه التي بمكتبه و هو يرجع رأسه للخلف و مغمض عينيه ...
عِطر بصوتٍ هادئ : سيد فهد ... هل أنت بخير ...
فهد و هو يفتح عينيه : أجل ... إجلسي عِطر ... يجب أن أتحدث معكِ في شيئاً هام ...
جلست عطر على المقعد الذي بجانب الأريكه لتكون أنظار فهد عليها ...
فهد بجديه : أنتِ بالطبع تعلمين مع من تعملين ... تعلمين حجم مجموعتنا و ضخامتها ...
عِطر بتوتر تحاول إخفائه : بالطبع سيد فهد ...
فهد : جيد ... و بما إنكِ تعلمين ذلك ... فبالطبع تعلمي حجم المنافسه التي نواجهها ... و تعلمين خطورة تسريب أي معلومه أو ضياع أي ورقه من مكتبي هذا ...
عِطر و قد خمنت ما يلمح له فهد : لا تقلق سيد فهد ... أنا أجل تربيت في دار الأيتام و لست ثريه أو إبنه مدلله لأحدهم .. لكن الأموال لا تغريني ... مستحيل أن أعض يد إمتدت لي يوماً ما ... فكما قلت سابقاً .. أنت و والدك لكما فضل كبير على دار الأيتام التي نشأت بها ... و ها أنت الآن تكرمت على و قبلت عملي لديك ....
فهد : لم أكن أقصد هذا عِطر ... فأنا أثق بالسيده إيزابيلا و السيد ألبرت ... فأنا أعرفهما جيداً منذ سنين و أعلم جيداً من أنتِ بالنسبةِ لهما ... و بالطبع أثق في تربيتهم لكِ ...
عِطر و هي تبتلع غصتها التي تكونت من كلماته الأولى : إذا ما هو قصدك سيدي ....
فهد : المكتب مسؤليتك بعد ذهابي ... أنتي تعلمين أن نظافتك له و ترتيبه سوف تبدأ بعد رحيلي ... لذلك ... لا تجعلي أحداً يدلف إليه بعد رحيلي غيرك .... سوف يكون لديكِ مفتاح المكتب .. لا تتركيه في أي مكان ... و أيضاً المفتاح يتواجد مع السكرتاريه ... حسناً ؟ ...
عِطر : حسناً سيد فهد ...
فهد : جيد هذا هو مفتاح المكتب ...
أخذت عِطر المفتاح لتنظر إليه تجده مفتاح إلكتروني على شكل بطاقة الهويه الذي ترتديها ... لتنظر إلى فهد بإستغراب ...
فهد : ماذا هناك عِطر ...
عِطر بخجل : كيف يعمل هذا المفتاح سيدي ... تعلم .. في دار الأيتام لم تتواجد لدينا
مثل تلك الاشياء ...
فهد بإبتسامه : تعالي .. سوف أريكِ كيفية عمله ...
خرج فهد مع عِطر خارج المكتب و أغلق الباب ثم أخذ المفتاح منها و قام تعليمها طريقة عمله ... بعد أن تعلمت عطر كيفية إستخدامه ... ذهبت إلى المطبخ تجلس به تنتظر ذهاب فهد لتقوم بتنظيف المكتب و الذهاب إلى المنزل مع تانيا ...
⬢ ⬢ ⬢ ⬢ ⬢ ⬢
أنهى كلا من فهد و أوس عملهما ليذهبا و تبدأ عِطر و تانيا بتنظيف و ترتيب المكتب الذي تعمل به كل واحده منهما .... لينتهيا و يتقابلا أمام باب المبنى ليذهبن الى المنزل ....
تانيا : كيف حالك عِطر ... و كيف كان عملك ؟ ...
بدأت تانيا الحديث لتبدأ كل فتاه بإخبار الأخرى عما حدث معها و هما يسيران لموقف الحافلات ...
كانت تانيا جالسه تنظر من النافذه بشرود... تشعر بحزن شديد من كلمات أوس ... هي بحاجه للمال أجل لكن ... هي لا تخون ثقة أحد و أيضاً والدتها إيزابيلا و والدها ألبرت لم يقوما بتربيتها على ذلك ... هي تعلم أن المجتمع ينظر إليهم بأنهم يسعون وراء المال نظراً لنشأتهم في دار الأيتام حيث لم تكن لديهم أمكانيات العيش برفاهيه و لا يحصلون دائماً على ما يريدون ... لذلك هي قررت أن تكون قويه .. تدرس بجد و تعمل في تهصصها عندما تنتهي من دراستها و تصبح فتاه تفخر بنفسها و تجعل عِطر ... والديها اللذان توفيا ....إيزابيلا و ألبرت يفخروا بها ... إبتسمت بحزن عندما تذكرت أن عِطر لن تتمكن من الذهاب للجامعه هذا العام نظراً لعدم وجود المال الكافي و أيضاً هي لن تستطيع دراسة أي تخصص ...فيجب أن تختار شيء سهل تستطيع دراسته بسبب متلازمتها ....
أما عِطر شردت في حديث فهد معها عن مساعدته لها للذهاب إلى الجامعه و الدراسه ... فهي تريد الدراسه بشده لكن كرامتها ترفض ان تقبل مساعدته ... فهي تريد أن تبني نفسها و ألا تعتمد على أحد ... لذلك هي رفضت ... كانت تتسائل دائماً لماذا قامت عائلتها بالتخلي عنها هكذا ... لماذا تم وضعها أمام الدار و هي بعمر يومين ... كان الحزن يتمالك قلبها ....
عِطر بحزن و هي تنظر إلى تانيا : تانيا ... لماذا يحدث هذا معنا ... هل أخطأنا في شيء لكي نعاقب هكذا ؟!!! ... لماذا يسخرون منا و ينعتوننا بتلك الصفات و الألفاظ .. هل ذنبنا أننا تربينا في دار أيتام ....
تانيا و هي تحتضنها : لا حبيبتي ... ليس ذنبنا و لكنها إرادة الله ...
عِطر لنفسها و هي تغمض عينيها : يا الله ... قم بمساعدتي يا الله ...
⬢ ⬢ ⬢ ⬢ ⬢ ⬢
#يتبع
بقلم
SilverAngel