-->

الفصل السادس والثلاثون - بنات حورية


الفصل السادس والثلاثون


نسيم هادئ اشتهيه 
بين ذراعيك اهتويه 
ليلثم جرحي ويشفيه 
فأغدقني به ولا تستشويه 

تحتاج لشئ لا تعلم ماهيته ،، ثلاثة أيام مروا بعد حديثه ،، باتت هادئة أكثر وجامدة أكثر وأكثر ،، تنظر له وكأنه طوق نجاتها ولكن لا تعلم كيف وماذا تريد .. رغم جمودها إلا أنه خارجياً فقط وداخلياً مازال قلبها يحمل فُتاتاً ورماداً خامداً وكأنه يُنازع حرقة الاشتعال الذي كان عليه . 

وقفت أمامه صباحاً مُرهقة تسأله مُجدداً برجاء : 
هل يُمكن أن أذهب للعيادة . 

نظر لها بسخرية قليلاً مُتسائلاً بغيظ : طالما تستطيعين مداواة الغير لما لا نداوي أنفسنا ونُتابع حياتنا بطبيعية .. هااا لما لا .  

صرخ بالنهاية لتتوسع عينيها قليلاً من ظنه بها قبل أن تضحك بخفة وهي تجلس مثله مُتجاهلة إياه ومُتجاهلة الرد عليه _ يظنها تستطيع مداواة غيرها لتداوي نفسها أولاً قبل أن تفعل للأخرين _ هي فقط تمضي الوقت بالعيادة بين الكتب والأوراق وبعض المحاضرات التي تشاهدها علي جهازها _ ،، ليزمجر من غيظه بسببها وهو يزجرها آمراً بتحضير الفطور لتقف بهدوء منصاعة كحال باقي اليوم أيضاً باردة ومطيعة بشكل يُثير استفزازه فود لو يُهشم رأسها هذا .. فمنذ يومين مُنهارة والأن باردة كقطب شمالي . 

بنهاية اليوم وهي تستعد لنومها علي الأريكة أمرها بضيق غير قابلاً للنقاش : لن تنامي علي الأريكة مُجدداً انتظرك بغرفتنا . 

لم يترك لها مجالاً للرد وفوراً أولاها ظهره واتجه للغرفة ولكنها بقيت مكانها تحارب نعاسها فصرخ باسمها بعد وقت لتقف بهدوء متجهة له متسائلة : نعم . 

زجرها برفق : ألم أقل أنني أنتظرك . 

رفرفت بأهدابها لتسأله بلا تعابير : ماذا سأفعل يعني أنتَ نم وأنا حين أود النوم سآتي . 

ضغط أسنانه ليلقي عليها آمراً : حسناً طالما لا تشعرين بالنوم اذهبي واخرجي لي القمصان التي تريد الكي واكويها . 

نقلت نظرها بينه وبين خزانة ملابسه لتسأله بجدية : بهذا الوقت . 

أومأ باستفزاز لتخبره بضيق : ولكن أنتَ أساساً لا تخرج ولست بحاجة لهم .

رفع حاجبيه باستخفاف من حديثها لتخرج ثيابه بتنهد من خزانته وتجهز المكواة وطاولتها وأخذ هو يُتابعها تتحرك أمامه بشوق أكثر من ثلاثة شهور كثير بحق عليه ،، رغم عناءه وحده إلا أنه اشتاق لها ،، اشتاق لرؤيتها أمامه هكذا والأن بات يشتاق لرؤيتها أمامه علي طبيعتها وليس علي هذا الهدوء والانصياع لأوامرة والتي تتخذهم وسيلة لتنشغل عن أفكارها السوداء وأحزانها ،، قبل أن تبدأ طلب منها : حضري لي كوب قهوة قبل أن تبدأي . 

أومأت له وخرجت لتعدها له وعادت لتضعها جواره وتبدأ بقمصانه وكان يُحاور مسامرتها بأي حوار كل يضع ثواني لتومئ له فقط دون حديث حتي فاض به ليخبرها بضيق : أريني القمصان التي كويتهم . 

حملتهم واتجهت له ليأخذهم منها واضعاً إياهم جواره دون اهتمام قبل أن يجذبها من ذراعها لتجلس أمامه علي السرير ،، نظرت له بتساؤل ولاحظ جيداً توتر عينيها ليبتسم وهو يفك عقدة شعرها مقرباً وجهها له مُخبراً إياها : اشتقت لكِ يا طبيبة . 

ارتعش فكها من قربه ونبض قلبها بألم طفيف وكأنه حناناً محظوراً عليها في الوقت الراهن .. فرغماً عن احتياجها له و قبضة يديها المرتعشة وجدت عينيها تنغلق بتقهقر وملامحها تتجمد بتذمت وقبل أن يقترب أكثر أخبرته بحدة : لا . 

تحفزت خلايا صدره بغضب مُتسائلاً : لما لا . 

لا يعلم كيف ابتلع حديثها وهي تخبره : انا هنا حتي تقتنع أنت أننا لم نعد لبعضنا البعض وأن طلاقنا هو الحل الوحيد . 

صرخ لتنتفض مبتعدة وهو ينظر حوله حتي التقط كوب القهوة ليقذفه باتجاهها لم يصيبها بأذي ولكنه ارتطم بها مُلطخاً ثيابها قبل أن يسقط أرضاً متناثراً شظايا صغيرة كان يدفعها بقدمه عن طريقه وهو يخرج من الغرفة ،، لا تعلم أين ذهب ،، وقفت تخلع قمصيها القطني المبتل لتلتقط قميص من قمصانه وترتديه بعجلة ثم لملمت شظايا الكوب المتكسر ووضعتهم بسلة القمامة وقبل أن تقف من انحنائها للسلة دخل مجدداً بعاصفة وشعره مبتلاً يقطر ماءاً علي صدره مُتجهاً لها فوقفت بترقب تقول : أنا .. أنا .. 

دفعها علي الأريكة هاتفاً بحدة مُقتبساً من تلعثمها : أنا سأجعلك تعتدلين يا رسيل أقسم لكِ ستعتدلين  . 

هتفت بانفعال وعينيها متسعة وهي تراه يخلع تيشرته بعنف وصدره من تحته يعلو ويهبط بسرعة ، تعلم أنه دفعها بالكوب بعد أن سيطر علي يديه كي لا يصفعها ربما واستحضرت دموعها لعينيها رغماً منها علي حالتهم : لا تضربني صهيب لا تضربني  . 

ولا تعلم أنها تستمر باستفزازه ،، فاقترب كثور جريح وجرها من شعرها جراً إلي المطبخ حتي دفعها علي طاولة الحوض بحدة هاتفاً : 
اغسلي تلك الصحون الأن  .

صرخت بتأوه من شعرها الذي اقتلع في يديه ومن صدمتها بالرخام القاسي وتحدثت ببكاء متحسرة : 
ماذا تفعل تلك الصحون في الحوض إنها نظيفة يا صهيب . 

كانت صحون المطبخ كلها في الحوض لا تعرف متي وضعهم به حتي انتفضت أثر صراخه الآمر الشرس : 
ستغسليهم باشري فوراً  . 

باشرت بالفعل كانت ستبتسم قائلة يالكرمه وهي تراه جهز لها المياه التي ستغسل بها وما إن وضعت يديها بالمياه حتي صرخت : إنها ساخنة . 

بسخرية زجرها : جيد أصبحتي تشعرين مجدداً  . 

لم تعد تتحمل فرمت بإحدي الأطباق أرضاً فنزل متهشماً لأشلاء كروحها وهي تصرخ به قائلة : ومن قال لك أنني لا أشعر . 

اقترب منها بعنفوان فتراجعت بخوف فجز علي أسنانه أمامها : هل أكسر واحداً عي رأسك الأن  . 

احتضنت جسدها بارتجاف وهتفت بقوة أمام عينيه : 
 لن تستطيع فعلها  . 

تنحي جانباً ناظراً لها وللزجاج بشراسة ففهمت مايريده فاتجهت لأدوات التنظيف وشرعت تلملم أجزاء الطبق ثم وقفت أمام الصحون تكمل غسيلها بل تبدأ ورويداً رويداً بدأت تهدأ وهي تمسح عليهم بهدوء .. نظرت له بطرف عينيها.. يقف مترصداً لها فتحدثت : استظل واقفاً هكذا . 

" هل نزعج سيادتك رسيل هانم " هتف بسخرية لتزفر بحنق : اذهب وارتدي شيئاً  . 

" الجو حار يا عزيزتي حتي انظري " 
نظرت ووجدته يخلع بنطاله أيضاً حتي وقف بسرواله القصير الداخلي فقط أمامها فنظرت للصحون بتوتر متحاشية النظر له وهي تسيطر علي إرتجافها لن يجذبها إليه أبداً مهما فعل ولكنه أزاد الأمر عليها وهو يحتضنها من الخلف دافناً وجهه بعنقها وبين طيات شعرها يستنشق ما اشتاق لرائحته وملمسه بشدة حاولت ابعاده بالتملص منه فضعط علي جسدها أكثر يثبتها فهمست بتحشرج : ابتعد . 

همس هو الأخر : ششش اصمتي  . 

تركته تحاول التركيز فيما تفعله بينما هو مستكين بضمها حتي تجرأت يديه لأزرار قميصه التي ترتديه يفتحها واحداً تلو الأخر فهتفت بانفعال : ماذا تفعل  . 

بتلذذ أجابها هادئاً بنبرة تقول تجرأي واعترضي : 
أعري زوجتي . 

" صهيب أرجوك ابتـ .. " جعلها تصمت وهو ينزل القميص من علي جسدها بهدوء فشُلت كلها وهي تقف بين يديه بملابسها الداخلية فقط .. سار علي طول ذراعيه بكفهِ حتي إلتقطهم فاتحاً المياه ليغسلهم من الصابون ثم حملها برفق ينافي ثورته المشتعلة منذ قليل ويضاهي حنان العالم أجمع فخبئت رأسها في صدره بسخونة فظيعة تحتلها من الحرج فابتسم كاتماً ضحكاته مازلت تخجل وقد انجبت منه .. وعلي السرير وضعها بدفئ نازعاً ما تبقي علي جسدها هامساً في أذنيها بدفئ وهي فقط كالمتخدرة : 
ستعودين رسيل ستعودين من الليلة أعدك حبيبتي .

■■■

صباحاً كانت خجلة وكأنها ارتكبت ذنباً بالتغافل عن كل شئ وانسياقها خلف عاطفته التي انستها كل العالم وكل الأحزان وهو لم يقصر بجعلها تزداد حرجاً بتصرفاته .. كان بالخارج يجلس مع أخيه وزوجته وأطفالهم وهي كانت تحضر العصير للجميع . 

منذ الصباح وجدتهم يدقون باب المنزل وكأنه أخبرهم أن يأتون مُبكراً هكذا ليساعدوه بعدم دخولها في صدمة أخري بسبب ما حدث بينهم ،، كان يخاف أن تستيقظ نادمة وتعاتبه فهي أصبحت مُتقلبة الحالات والمشاعر !! وبالفعل هو من اتصل وعزمهم وعزم بيسان وزوجها أيضاً وطلب أن يأتي مالك بأغراضه فلابد أن يعود وهذا الوقت المُناسب لعودته . 

وضعت أكواب العصير علي الطاولة تبتسم لزوجة أخيه الحبابة والتي ساعدتها بهم وقبل أن تجلس جواره رن جرس المنزل فسارع أحد الصغار بفتح الباب وجلست هي جوار صهيب بترقب ليربت علي كفها بدفئ قائلاً : لا تقلقي . 

تابعت مالك وحركاته المتوترة بعينيها بينما تُسلم علي بيسان وزوجها ،، لقد سلم علي الجميع ما عداها هي وجلس جوار صهيب بعد ذلك ،، نظرت هي لصهيب بصدمة ،، هل عادت معه لنقطة البداية ! ،،  حاوط كفها المرتعش مُجدداً ليتحدث لمالك ضارباً رأسه بخفة ومعاتباً والذي كان يُلقي بطرف عينيه نحوها : ألن تسلم علي والدتك أيضاً . 

صمت وهو ينظر لملامح رسيل نظرة سريعة وبدت ملامحها له غير مفهومة وهو يسأل بخفوت عنها : هل تريدني أن أفعل . 

شهقت غير آبهة بكل من يجلس جوارها لتخبره بصدمة : بالطبع أريدك أنتَ ابني . 

ثم مدت يديها تسحبه لناحيتها فيفسح صهيب المكان لهم ،، احتضنته بشوق وفعل هو الأخر مُتسائلاً : 
ألن تتركينا مجدداً . 

ثم تابع جاعلاً قلبها يرتعش : يا ماما . 

نظرت لصهيب تعض علي شفتيها قبل أن تخبره بصدق ولسانها ينطق قاصداً إياه وصهيب وعينيها تحتضن عينين صهيب الحنونتين واللامعتين من جوابها : لا لن أفعل يا حبيبي . 

صاح مالك بحماس وهو يحتضنها أكثر ويقبل وجهها قبل أن يقف ليتجه لأولاد خاله ليلعب معهم ،، نظرت لصهيب وأمسكت كفه ليضغط علي كفها بقوة مسانداً لهاا لتتنهد بيقين ... 
يقين أنها تحتاجه وتحتاج لتلكَ العائلة الصغيرة
 _ صهيب ومالك _  . 
" صهيب " إنه هو بلسم جراحها .. فقط لتتقدم منه وتعطيه تلكَ الجراح ليضع مرهمه الشافي عليها . 

■■■

مُبكراً و بحلول نهاراً جديداً بعد "مرور أربعة أعوام ".. 

قبلت راما طفلتها صاحبة الثلاث زهوراً ونصف وقبلتها لارا كذلك وهي تحتضنها بوداع قبل أن تتعلق برقبة والدها الذي ترجل من السيارة حاملاً إياها صاعدا لصالة الباليه التي تدرب طفلته بها . 

تركها مع رفيقاتها ومعلمتهم ثم عاد لسيارته ليقل راما لمحل عملها ،، وأمام محلها كانت تترجل وهو كذلك ساعدها لتحمل كرسي صغيرتهم الأخري صاحبة العامين يارا ويبدو أنه أحب تلك النغمة ليكررها مجدداً .. راما .. فلارا .. فيارا . 
ابتسمت للفتاتين المساعدتين لها بالمحل وهي تضع طفلتها بمكان الألعاب المخصص لها ثم تلتفت لراكان الواقف بتمايل علي مكتبها لتُقبل وجنته برفق قائلة : هل تشرب شئ معي قبل الذهاب لعملك . 

نفي برفق وهو يُتابع حركات طفلته ويتطلع لأحوال المكان من حوله والذي أصبح بظرف أربع سنوات أكبر  وأكبر وهو فخور بهذا .. فمع الوقت فتحت تلكَ الصغيرة محلها الصغير ومع تطورها وشهرة أزيائها حتي الأن كبر محلها واستأجرت دورين كاملين من فوقه ليصبح معرض كبير .. لقد شقت طريق نجاحها والذي إزداد خصيصاً بعد تخرجها من نصف عام ،، وكيف لا تفعل وراءها هو كالجبال كوالدها الحبيب تماماً لم يتوقف دعمه لها حتى الأن .. هي تستطيع أن تنسب كل الفضل له ،، فلولاه بالفعل ما كانت حققت ما حققته بأربع سنوات فقط . 

لولا موافقته علي مشاركتها بعرض أزياء بالخارج وسفره معها بأطفالهم ما كانت لتسافر وما كانت لتصدر من أزيائها للخارج الأن سواء دول عربية أو أجنبية . 

لولا أنه يهتم بمواعيد دروس صغيرتهم لارا بعد اكتشافهم لتقليدها لهذا الفن أمام التلفاز .. لما كانت حقاً ستستطيع المواكبة بين ذهاب بها وعودة صباحاً وظهراً بين كم الطلبات المطلوبة منها بسبب عملها .  

لولا تلكَ الحديقة المصغرة بمعرضها ليارا والتي كانت فكرته هو حتي لا تكون الصغيرة مزعجة لوالدتها بالعمل لما خطرت لها هكذا فكرة . 

لولا أنه يُساعدها بكل شئ معنوياً وجسدياً داعماً إياها حتي الرمق الأخير منه لما أصبحت بنفس مكانتها الأن والتي لم تكن تتخيل أنها قد تحققها بأربع سنوات فقط . 
لذلك ولغير ذلك بكثيير هي ممنونة له وسعيدة بكونها تمتلك زوج مثله بنكهة أب حنون ومراعياً . 

داعب وجهها بعد أن نفي برأسه ليرد لها قبلتها قائلاً : لا سأذهب للعمل ،، لدى اليوم ميعاد مهم بميعاد خروج لارا تأخذينها أنتِ من الدرس . 

أومأت له ببسمة قائلة : حاضر سأفعل . 

تحرك مُقبلاً صغيرته التى تلعب ثم مسد علي كتف راما قبل أن يسير للخارج قائلاً بجدية : انتبهي علي نفسك . 

ابتسمت قائلة : وأنتَ أيضاً . 

وبحلول الظهيرة وقبل بدأ موعده كان يتصل بها مُذكراً إياها بلارا لتخبره بعبث وكأنها حزنت منه : وكيف أنساها يعني ،، أنا بالطريق لها ويارا معي ،، سآخذهم للمطعم القريب من درس لارا قبل العودة هل تستطيع أن تنضم لنا .

سمعت تنهيدته المُرتاحة وكأنه لا يثق بها ،، وبالتأكيد ظنها ستنسي طفلتهم !! لا تعلم لما بات منذ فترة طويلة يُعاملها هكذا .. جامداً أو مُتصنعاً لما كان يفعله وهو دعمها والاستمرار بدفعها للأمام .. لا تعلم هل ملّ أم تعب .. أحياناً تشعر أن كل ما يهمه طفلتيهم فقط وأنها أصبحت خارج حساباته وأحياناً أخري تكون العالم كله بالنسبة له وأحياناً تشعر به ينازع ليزيف أنه يهتم بها . 
كل تلكَ المشاعر كانت بتصرفات بسيطة منه لم يقفا لبعض موقفاً جدياً حتي الأن ،، لذا هي لا تعلم أساساً للمشكلة لا تعلم أساساً لتقلباته ولا تعلم إن كان ما تشعر بهِ صحيحاً أو لا وأن كل ذلك من ضغط عمله ليس إلا ؟ . 

سمعته يُجيبها وكأنه يذكرها بما قاله صباحاً بخشونة : لدي موعد يا راما لقد أخبرتك .

أومأت وكأنه يراها لتخبره برفق تود جذبه لها باهتمام فمهما فعل ستظل تحمل له امتنانا وحباً نقياً بسبب أفعاله معها : معي وقت حوالي ساعتين سألاعبهم بالحديقة قليلاً حتي تُنهي موعدك . 

همهم وهو ينظر لساعته مُجيباً : حسناً سأتصل بكِ . 

وبعد ساعة دخلت المطعم بطفلتيها يارا مُتعلقة برقبتها وكلتا قدميها يُحاوطان جسدها بينما لارا تسير جوارها وهي تتمسك بكفها ،، جلست علي طاولة بزاوية المحل لتضع يارا علي الأريكة وتجلس وما إن فعلت حتي عادت الصغيرة لتتسلق قدميها وتضع رأسها بين صدر والدتها وكفيها تتقب عن شعرها أسفل حجابها ! . 
نعم حجابها فراما ومنذ أن تحجبت هيا وهي باتت مبهورة بجمالها فيه ولحقتها بعد وقت ليس هين ولكن عن اقتناع وحب وكانت تلكَ معضلة يارا التي لا تنام إلا وهي تحتضن شعر والدتها الطويل الذي تعدي أردافها .. لذا الأن علمت أنها تريد النوم فأرادت أن تطعمها قبل أن تنام لتسأل لارا : لارا حبيبتي سأطلب طعاماً ليارا لأنها تريد النوم هل أطلب لكِ أيضاً أم تنتظرين بابا معي . 

لمعت عينين الصغيرة مُتسائلة : هل بابا قادم . 

أومأت راما مُبتسمة لتُجيبها لارا بحماس : حسناً سأكل مع يارا وسأكل مع بابا أيضاً . 

ضحكت راما بشدة مُداعبة وجنتها بحنان لتوافق قائلة : حسناً يا حبيبتي تعالي لأجلب لكم شئ سريعاً تأكلونه . 

أومأت الصغيرة وهي تنزل عن كرسيها لتقف مع راما بيارا المتعلقة بها ،، ذهبت معهم باتجاه خزانة زجاجية صغيرة بها مخبوزات طازجة لتشاور لارا علي ما تفضله فطلبت راما لها ما تريده وناولتها إياه لتقل لارا : سأعود للطاولة . 

ابتسمت راما وهي تتابعها حتي جلست قبل أن تطلب ليارا أيضاً شئ سهل مع عصير وتعود لتجلس جوار صغيرتها ،، ربتت علي شعر لارا قبل أن تبدأ بإطعام يارا المُتثائبة علي قدميها والتي لولا رغبتها بالنوم لما كانت سيطرت علي حماسها وشقاوتها باللعب بكل شئ حولها فهي علي عكس لارا تماماً شقية للغاية بينما يارا هادئة هدوء رزين كوالدها تماماً . 

من بعيد راقبهم راكان بعد أن دخل المطعم مُتجهاً لهم ،، ليقبل فجأةً وجه صغيرته من الخلف والتى كانت تعطيه ظهرها قبل أن تصرخ بساعدة وهي تتعلق برقبته تاركة طعامها ليجلس بها جوار راما مُتسائلاً : كيف كان الدرس . 

هزت رأسها برفق لتخبره : جميل لقد تعلمنا حركات جديدة . 

داعب وشعرها مرتباً إياه وهو يُخبرها بحماس : ستريني إياها بالمنزل إذاً . 

أومأت بعيون لامعة قبل أن تعود لكرسيها لتُكمل طعامها ،، التفت برأسه بعد ذلك لراما التي تتابعة متأهبة بملامحها ليسألها عن حالها وتجيبه ولكنه تسائل ماحياً تعابير الانتظار عن وجهها فمنذ دخوله من الباب وهي تنتظر أن ينظر لها ويتحدث معها : ألم تطلبي شئ . 

نفت برفق قائلة بصعوبة تشير برأسها ليارا النائمة بين ذراعيها : لا انتظرتك فقط أطعمت يارا لأنها كانت تريد النوم . 

همهم لها قبل أن ينظر للارا مُتسائلاً : ماذا ستأكلي يا جميلة غير هذا الكرواسون . 

ابتسمت لارا بوجنتيها فقط مع ضمها لشفتيها معاً دون أن تفتحهم لتظهر غمازاتها بهذا الشكل الجميل وأجابته بحماس : بيتزا . 

ضحك ليُخبر راما : كنتِ تقولي كلها تشبهك ها هي تحب الطعام السريع كوالدتها تمام . 

ابتسمت راما غير وهي تومئ ببساطة وتتابعه يرفع يديه ليطلب النادل ويُملي عليه ما رغبت به لارا لثلاثتهم ،، تابعته يتسامر مع لارا ويُداعبها لتسأله بهدوء : كيف كان موعد عملك . 

همهم دون النظر لها : جيد . 

تنهدت لتجذب انتباهه باسمه لينظر لها فتناوله يارا قائلة : سأذهب للحمام . 

ثم وقفت سائلة لارا : حبيبتى هل تودين دخول الحمام . 

أومأت لارا وذهبت معها ،، أدخلتها الحمام بعد أن غسلت لها يديها ووقفت هي تبلل وجهها برفق وتمسد علي صدرها حيث غصتها هُناك وأفكارها تعصف بداخلها لحد لم تعد تحتمله ،، لذا ولا بد من مواجهته لعلها أخطأت بشئ جعله بهذا البرود تجاهها ،، فهي لم تعد تشعر بهِ معها حتي لو كان بهذا القرب منها . 

■■■

عاد هو لعمله وأوصلت هي صغيرتيها للمنزل ،، وضعت يارا برفق بسريرها وأوصت الخالة مريم علي الإعتناء بها ثم ساعدت لارا بتبديل ثيابها وتركتها تغفو بسريرها هي أيضاً مُقبلة وجهها لتعود لعملها مرة أخري بعد ذلك . 

تفاجأت حين دخلت معرضها بتواجد عميلتها المميزة الدائمة منذ سنة ونصف تقريباً ،، طبيبة بعمر والدة راكان تُدعي فيروز ،، ابتسمت لها وهي تخبرها : 
أسفة لم أعلم بقدومك وإلا كنت تواجدت لمساعدتك . 

ابتسمت المرأة قائلة : لا بأس منذ قليل أتيت وحين أخبروني أنكِ قادمة انتظرتك . 

أومأت لها راما لتجلس طالبة لها شئ تشربه وسألتها بعد ذلك : بماذا أستطيع مساعدتك إذاً . 

كانت تقصد بالملابس ولكن السيدة فيروز أجابتها : كنت قريبة من هنا وقلت لأمر عليكِ وإن كنتِ متفرغة نتحدث ولكن آراكي حزينة ما بكِ يا راما  . 

لم يخطر لعقل راما شئ إلا أن تخبرها عن تدهور حالة والدة راكان الصحية لتُخبرها فيروز : حسناً أستطيع المساعدة بذلك أحضري لي أخر تحاليل وفحوصات قامت بها لأري وضعها . 

أومأت راما باهتمام لتُخبرها : قد يكونون مع راكان سأطلب منه أن يرسلهم لإيميلي الأن . 

أومأت فيروز قائلة : انتظرك . 

ابتسمت راما دون مرح واتصلت براكان الذي أجابها بقلق : هل أنتم بخير . 

همهمت تلاحقه بسرعة : نعم بخير أنا بالعمل ولارا ويارا بالمنزل ،، كنت أود أن أسألك عن شئ . 

تسائل عن ما تريد فتجيبه : تعلم لدي عميلة السيدة فيروز كنت قد أخبرتك عنها . 

همهم مُتذكراً لتتابع حديثها : هي طبيبة وكنت أتحدث معها علي وضع ماما الصحي وهي ترغب برؤية أخر تحاليل وفحوصات خاضت لها ،، هل ترسلهم لي لأريها إياهم لعلها تساعدنا بشئ . 

وافق قائلاً بلين : حسناً يا صغيرتي هل أرسلهم الأن . 

تفتح قلبها كما باقي يومها من ذلكَ اللقب ومن نبرته فقط لتجيبه بنعم وتغلق معه وتعود لفيروز مُشرقة الوجه لتخبرها السيدة بعبث : يبدو أن راكان ابني هو من كان يُزعجك أو أنه هو من أطار إزعاجك لدولة أخري . 

ابتسمت راما بخجل تخبرها : هو سيرسل الفحوصات الأن . 

أومأت لها فيروز قائلة وهي تقف : أنا لدي موعد مع مريض قريباً بالمشفي ،، أنتِ خذي بريدي ورقمي وأرسليهم لي فوراً وأنا سأطلع عليهم وأخبركِ بالوضع . 

وافقت راما لتأخذهم منها بعد أن سجلتهم بورقة ثم ودعتها مُتمسكة بتلكَ الورقة ،، مُتعجبة للحظات أنها لا تملك رقم تلكَ السيدة حتي الأن رغم أنها عميلة مهمة ودائمة إليهم .

■■■

" تعالي لهنا يا شقية ،، إن أمسكتك سآكلكِ " . 
صرخة ضاحكة بطفولة وأخري وأخري كانت تصدر من الصغيرة وهي تجوب تلكَ الحديقة فراراً من والدها .. صاحبة الفيروزتان والبشرة اللامعة تماماً كوالدتها التي التقطتها بين ذراعيها لترفعها عن الأرض وتتمسك الطفلة بها بحماية من والدها .

وقف ديم ينظر لكلتاهما أمامه نسختان متطابقتان تماماً ،، احداهما زوجته والأخري ابنته وكلتاهما روحه وكل شئ له ،، كما تمني تماما من الله أن يرزقه بفتاه وليس ولداً .. وكأن الله استجاب له لتقل حدة الغيرة من طرفه كثيراً فأصبحت هي تغار ولكن يروقها الأمر ليُدلل ابنته كما يشاء . 

وضع رأسه بين طيات ثياب معدتها يدغدغها بفاههِ بعبث فضحكت وأمسكتها لورين باحكام كي لا تقع منها قبل أن تلتف بها وتجري يها قليلاً منه ،، تلعب معهم حتي أمسك بكلتاهما . 

ضحكت لورين مع ضحكات الصغيرة وهو يحاوطهم معاً من الخلف وأخبرته بضحك : ستوقعنا يا ديم . 

التقط الصغيرة منها قائلاً برفق : حسناً هيا يا روح بابا وماما كفي لعباً ،، إنه موعد النوم لتحممك ماما وننام هيا . 

ثم أنزلها لتعدو إلي الداخل صاعدة لغرفتها قبل أن يلتفت ديم للورين مُحاصراً إياها بتشبك شغوف مُتسائلاً : إذاً كنتِ تقولين سأوقعكم ،، هاا قد ضمنا آمان الصغيرة هل تسمحين أن أوقعكِ أنتِ الأن . 

ضحكت مُتعلقة بعنقه لتسأله بتأنيب : ماذا هل تخاف علي لوجي ولا تخاف علي والدتها . 

شهق بتمثيل ليخبرها بصدمة وهو يرفعها حتي أصبح جوار إحدي حوائط المنزل المنزوية : كيف لا أفعل انا حياتي هي والدة لوجي يا روحي أنتِ . 

ضحكت وهو ينشر قبلاته علي عنقها لتخبره بجدية : 
لجين بانتظارنا هيا كي لا تبكي . 

همهم بضيق وهو يسير خلفها بثقل وفور دخولهم وجدو لجين بين أحضان فهد يقرأ لها من كتاب قصصها السحرية فابتسمت لورين قائلة : بابا ألا تتعبك هل آخذها وأنيمها أنا . 

نفي فهد كما حال لجين التي رفضت وهي تحتضن جدها لتضحك لورين بخفة عليهم ويقل ديم بإمتنان : تسلم يا غالي ونحن سننام أيضاً . 

ثم تناول كف لورين وهو يُخبرها بهمس : ونحن هيا لنتابع عملنا . 

■■■ 

واقفة بيارا بين ذراعيها تهدهدها برفق لتنام وهي تتابع أمامها راكان جالساً علي الأريكة ولارا أمامه تنظر للفيديو المسجل علي الشاشة الكبيرة لدرس الباليه وتقلد الحركات بطفولة وبعض المهارة وبين كل حركة وأخري تنظر لراكان ولها .. لداخل عينيهم مستمتعة ومتحمسة بنظرة السعادة والتشجيع منهم لها . 

نظرت لراكان وليارا بين ذراعيها مُتذكرة لحظة معرفتها بحملها والتي كانت لارا وقتها رضيعة بشهورها الأولي لقد انهارت حينها ببكاء ليسألها : 
أعلم أنه أمر صعب ولكن أنا معك يا صغيرتي . 

بكت أكثر وهي تخبره بطفولة متأملة : والله حرام مازلت أتذكر ألم الولادة الأولي لقد تألمت كثيراً ،،  كيف سأتحمل هذا الألم مرة أخري بهذه السرعة لم تمر نصف سنة حتي . 

ضحك حينها قائلاً وهو يداعب لارا النائمة جوارهم : انظري لها فقط ألا يهون التعب والألم بلحظة حين النظر لها . 

نظرت لها هادئة لتومئ له بصدق ،، لقد أحبت طفلتها بل عشقتها .. هي قطعة نزعت منها وتركت لها شعوراً كبيييراً بالفراغ للحظات احتله بعد ذلك شعوراً منتعشاً جديداً بأمومتها لها ، أخبرها حينها وهو يلثم وجهها مزيلاً أي شعور بالخوف عنها : سنتجاوز اللحظة القادمة أيضاً وحين تنظرين لأختها أو أخيها سيهون الألم أيضاً وأنا بجوارك دائماً وأبداً . 

خرجت من أفكارها علي صوت لارا الذي يناديها ورأت كيف تعلقت انظار راكان عليها مستفسراً سبب شرودها ،، انتبهت تالياً لسؤال لارا : ماما هل رأيتني . 

أومأت لها تخبرها بابتسامة مشجعة : نعم يا ملاكي رائع أكملي ،، سأضع يارا بسريرها وآتي مجدداً . 

وقف راكان مقبلاً لارا وهو يحملها ويطفئ التلفاز قائلاً : يكفي هكذا هيا للنوم . 

فتح باب غرفتها لينزلها أرضاً وهو يري راما تهدهد يارا التي بكت بمجرد تركها ليذهب لها قائلاً : اتركيها لي . 

ابتعدت منصاعة لرغبته وساعدت صغيرتها الأخري بتبديل ثياب رقص الباليه التي تعشقها لبيجامة نوم طفولية ثم وضعتها بسريرها لتغفو وجلست جوارها وأغلقت عينيها علي رأسها وهي تقرأ بعض الآيات حتي نامت كلتاهما . 
وبعد قليل شعرت بذراعي راكان حولها يحملانها لتتعلق بعنقه فيسألها : هل نمتي بالفعل أم تهربين مما سأسألكِ عنه . 

همهمت وحديثه لم يصلها يوضوح بتاتاً ليعرف أنها نامت بالفعل ،، وضعها بسريرهم ونام جوارها زافراً بغيظ .. فهي دائماً مُنهكة .. دائماً وقتها لطفلتيها وعملها .. دائماً هو محطتها الأخيرة .. دائماً تتقرب منه لأجل حاجتها فقط لأجل مشاعرها ومازال هو يُنازع بين إعطائها وحاجته ،، في ظنهِ أنها كانت تفكر منذ قليل بأشغال عملها ولم يفكر مطلقاً أنه هو من قطع لحظات انتباهها لطفلتها لتفكر به وبمعاملته القديمة التي أصبحت متقلبة وأصبحت تشتاق له بشدة ،، تشتاق رغم قربه ! .

■■■ 

بعد يومين وبيوم العطلة تواصلت السيدة فيروز مع راما لتخبرها عن حالة والدة راكان : أسفة عزيزتي لقد انشتغلت كثيراً ومنذ قليل اضطلعت علي التقارير التي أمامي الأن . 

نفت راما قائلة بإنصات : لا يهمك لم أنزعج أساساً شكراً لكِ ،، ما تقريرك إذاً . 

همهمت الأخري تقول بعملية : الدواء التي تأخذه صحيح وتقارير طبيبها صحيحة كذلك ولكن هناك دواء ناقص بعض الأطباء يفضلون اعطاءه مع تدهور الحالة هكذا والبعض الأخر لا يهتم ويسير وفق النهج التقليدي المعروف . 

قطبت راما حاجبيها وهي تخبرها : حسناً وماذا بعد . 

أخبرتها فيروز : استطيع ارساله لكِ لأنه أساساً نادراً ومُكلفاً أيضاً ولكن مفعوله أسرع لذا كنت أقصد أن البعض الأخر من الأطباء يشقون طريق العلاج الدائم البطئ خاصةً وأن مرض السكر مزمن وصعب الشفاء منه ،، ولكنه مهم في حالتها الصحية الحالية جداً يُسمي السولفانيل-أوريا (Sulfonylurea) ،، سأرسله لكِ أرسلي لي عنوان المنزل فقط . 

أومأت راما مبتسمة بإمتنان : شكراً لكِ هل سيفيد هذا الدواء حقاً . 

تنهدت فيروز تخبرها بنبرة غير كاذبة : تعلمين كما قلت صعب الشفاء من هذا المرض ولكن أضمن لكِ أنه سيحسن حالتها قليلاً . 

أومأت راما مجدداً تخبرها : حسناً أشكرك حقاً سأرسل لكِ عنوان المنزل وهل تخبريني طريقة تناول الدواء . 

أخبرتها فيروز وأغلقت معها الهاتف لتنزل راما مسرعة لمكتب راكان والذي كان يحضر اجتماعاً مُهماً علي شاشة جهازه ،، ما إن رآها حتي رفع كفهِ يوقفها مشاوراً علي نفسه وعلي حاسوبه ليوضح لها أنه يعمل فأعطته ابتسامة قبل أن تومئ وتخرج مجدداً ،، انتظرت وصول الدواء حتي استلمته من الشخص المرسل من السيدة فيروز وجائت لتحاسبه فأخبرها أن الطبيبة فيروز قالت أنها تتعامل معكِ وتتحاسبون فيما بعد . 
ابتسمت بقلب نقي وهي تخرج هاتفها مرسلة لها : أشكرك علي مساعدتك حقاً . 

ورسالة فيروز كانت كالتالي : الشكر لكِ عزيزتي ،، هدفنا واحد . 

لم ترهق راما نفسها بالتفكير وهي تصعد لوالدة راكان لتدخل غرفتها قائلة بحماس : صباح الخير يا عزيزتنا . 

اعتدلت الأخري مبتسمة : صباح النور كوجهك ،، تعالي يا ابنتي . 

ثم تسائلت : أين لارا ويارا لما لم يأتو معك . 

أجابت راما : يارا بالأسفل مع الخالة مريم ولارا مازالت نائمة . 

أومأت والدة راكان وسألتها حين رأت الدواء بين يديها : ما هذا . 

سارعت راما لتخبرها بحماس : لدي عميلة طبيبة وعرضت عليها فحوصاتك الطبية وأعطتني هذا الدواء قالت أنه سيحسن من صحتك قليلاً ،، راكان يعلم بالأمر ولكن لم أريه الدواء لأنه بإجتماع عمل منذ أن استيقظ ،، هل تأخذينه أم ننتظر .. 

وقبل أن تُكمل أجابتها الأخري مرهقة : أعطيني يا ابنتي ماذا قد يحدث أكثر من حالتي يعني أكاد أفقد جميع أصابع قدمي . 

تأذمت ملامح راما بحزن وهي تنظر لقدميها الملفوفة بشاش بعد أن خاضت عدة عمليات لقطع العديد من الإصبع ثم أخبرتها بدموع وهي تناولها الدواء : بإذن الله ستتحسني وتكوني أفضل . 

وقفت بعد أن ناولتها إياه قائلة : سأحضر لكِ يارا . 

خرجت راما من الغرفة لتمسد صدرها حزناً علي تلكَ المرأة المريضة منذ أن دخلت هذا المنزل وكلما تزداد حالتها مرضاً ،، داعية لها بالصحة وأن تتحسن ولو قليلاً علي هذا الدواء ،، ثم قادتها قدميها للأسفل لتحضر يارا وتصعد بها للأعلي لتلاعبها جدتها بمرح حتي أرهقت ونامت لتأخذها مجدداً للأسفل لراكان لعله يكون أنهي عمله . 

ومساءاً وعلي طاولة الطعام اجتمع الجميع هي وراكان وطفلتيهم وكذلك والدته ،، كان هدوءاً وبعض المرح يتسيد المكان قبل أن يفزع الجميع من حالتها حيث تشنجت بصدمة قبل أن تفقد وعيها واقعة أرضاً .

#يتبع