الفصل الثالث _ حب علي حافة المرض
الفصل الثالث " مفاجأة من الخيال "
صدمة أم مفاجأه أم خيال أم حلم يتجسد أمامها في هيئة تصميم عملت عليه لأيام والأن هو واقع علي أرض لا يقع بها إلا كل الواقع ،، دموعها كانت تغرق وجهها بصمت وهي تتجول معهُ بين طاولات المطعم الأنيق للغاية المطل علي بحر الاسكندرية من خلف زجاج يحتل حائط كامل من المطعم ... كل هذه التفاصيل الصغيرة من حولها ... كل المطعم حتي تصميمه الداخلي هي من عملت عليهم هي المصممة الوحيدة .. جلست بتلف أعصاب علي أحد الكراسي واضعة وجهها بين كفيها تتحرك بنشيج خفيف لا تصدق أن حلم دفنتهُ بداخلها واستعوضت رب كريم فيه يتحقق .. ولأنها إستعوضت الكريم تحقق بالفعل .. فصبراً جميلاً .
وهي من صبرت ونالت .. نالت الكثير بالفعل فالحمد والشكر لله وحده ♡ .
إستدار ليرمقها راغباً فلم يجدها بجواره فإلتف بقلق ليجدها جالسه بهذا الشكل ليدق قلبه بعنف بداخل صدره علي حالتها ليسرع لها محاولاً تلطيف الأمر : ايه يا رنيم اكيد الفرحة مش سيعاكي طبعاً .
رفعت وجهها لهُ قائلة بدموع : أنا .. أنا مش مصدقة .
جلس بجوارها و ترددت يديه ليدعمها مربتاً ولكنه حسم أمره بأنها سترفضها فحدثها برفق وهو ينحني لمستواها مبتسماً : من حقك اكيد متصدقيش بس دي الحقيقة وكمان دي حقيقة تفرح مش كدى ،، يعني لازم تبقي فرحانة مش بتعيطي يا بشمهندسة .
ابتسمت وفلتت من شفتيها ضحكة فرحة وهي تهمس : انا مصدومة وفرحانة بس برده مش قادرة اصدق انها .. انها ..
ولم تجد لفظ مناسب إذ كانت رنيم هشة وبريئة للغاية لم تتعرض لهكذا موقف مؤلم في حياتها فعفاها هو متحدثاً بمساندة : خلاص اللي فات مات ومن انهاردة انتِ مهندسة رسمي في شركتي ويلا عشان تشوفي باقي المطعم .
أومأت بفرحة ووقفت معهُ وقبل سيرهم إذ بصوت نائل يصيح بحماس من بعيد : أبـــو الكرم إزيك يا مان ايه المفاجأة الجميلة ديه .
إبتسم كرم وهو يستقبل صديقه بتحية حارة مماثلة متحدثاً : قولت أجي أشوف أخر التطورات بما إن الإفتتاح قرب .
كانت رنيم تتابع بصمت وحين سمعت كلمة إفتتاح شعرت بإنتعاش رهيب يتخلل ضلوعها حتي مس قلبها فضحك القلب بنبض قوي وإبتسمت الشفاه بفرحة عارمة وهي تري حلمها الذي كان يحلق فوقها أصبح بين يديها تتلمسهُ بشغف وراحة و بداية سبيل ..!!
وبين تحليقها في آفاق الحلم سمعت جملة الرجل الواقف مع كرم حيث تحدث نائل بخبث لم يخل من فضول لمعرفة من تلك الجميلة التي ترافق صديقه فهو لم يراها مسبقاً واكزاً كرم في كتفه : مين الجميلة مش هتعرفنا ولا ايه .
وبين تحليقها في آفاق الحلم سمعت جملة الرجل الواقف مع كرم حيث تحدث نائل بخبث لم يخل من فضول لمعرفة من تلك الجميلة التي ترافق صديقه فهو لم يراها مسبقاً واكزاً كرم في كتفه : مين الجميلة مش هتعرفنا ولا ايه .
كرم بجدية : المهندسة رنيم صاحبة ديزين المطعم بتاعك .
قطب نائل حاجبيهِ بدهشة متدحثاً بتردد وهو يعبر بيديهِ في الهواء : إزاي مش فاهم ونسمة و نص عقلي طار مني .. !
ضحكت رنيم بنبرة عالية نسبياً علي عبارتهِ المسرحية المازحة الذي ألقاها بغناء لينظر كرم لها بغضب لا يعرف لما إجتاحه من صوتها المرتفع لم تلاحظه هي ولكن نائل لاحظه وبتعمق أيضاً وراح ينظر لهُ وهو يشرح : لا التصميم لرنيم مش نسمة هفهمك الموضوع بعدين وانا جبت رنيم عشان تشوف المطعم .
مد نائل يديه ليصافحها غير متجاهلاً لفك صديقه الذي اشتد وهو ينظر ليدهُ الممتدة متحدثاً بعميلة وكأنه تحول : ليا الشرف صدقيني متعرفيش أنا نقيت تصميمك من بين كام تصميم كـ ...
صمت حين رآها تنظر ليدهِ الممتدة بإعتذار وتعابير وجهها كذلك : أسفة بس مبسلمش .
سحب يديهِ بإعجاب مبتسماً ومتابعاً بجدية وهو يطالع فك صديقه الذي تزين ببسمة لحظية هو فقط من لاحظها : ولا يهمك ،، بس إسمحيلي بقي أشكرك بطريقتي علي الديزين الفتاك ده .
ثم تركهم وإتجه لطاولة رصت عليها دعوات سيوزعها بمناسبة إفتتاح المطعم علي رجال أعمال ذوات الشأن ليلتقط واحدة ويقدمها لها متحدثاً : ديه دعوة الإفتتاح وهستناكي عشان تقصي شريط الإفتتاح .
توسعت عينيها متحدثة بجدية : انا ازاي حضرتك لازم اللي تقصه .
إبتسم بمحبة وتابع : الفضل الكبير يرجعلك يا انسة رنيم الفكرة فكرتك والتفاصيل كلها عجباني جداً وعلي فكرة انا كنت ناوي اصرف مكافأة للديزينر .
إبتسم بمحبة وتابع : الفضل الكبير يرجعلك يا انسة رنيم الفكرة فكرتك والتفاصيل كلها عجباني جداً وعلي فكرة انا كنت ناوي اصرف مكافأة للديزينر .
إبتسمت بخجل وتابع هو بمزاح : يعني ممكن نقدملك خدمة مجاني لمدة شهر مثلاً لو شرفتي مطعمنا في اي يوم .
ضحكت مرجعه رأسها للخلف ليظهر عنقها الأبيض بعروق خضراء خفيفة لتجحظ عيني كرم بغضب اسود وهو يلعن نفسه لانهُ لم يعطيها كوفيتها بينما تدارك نائل الموقف قائلاً بجدية : هستناكي بقي تيجي مع كرم ،، يلا يا كرم هوونا بقي عشان العمال هييجو يكملو شغلهم .
أومأ كرم بفك متزمت مشدود هاتفاً : أشوفك بعدين ،، يلا يا رنيم .
جفلت رنيم من حدة صوتهُ إذ خرجت نبرتهُ حادة وكأنهُ ينهرها وتبعتهُ بهدوء وفي الخارج فتح باب سيارته بعنف وإلتقط كوفيتها ليناولها إياها بحدة متحدثاً بنبرة آمرة جامدة : داري رقبتك .
جفلت رنيم من حدة صوتهُ إذ خرجت نبرتهُ حادة وكأنهُ ينهرها وتبعتهُ بهدوء وفي الخارج فتح باب سيارته بعنف وإلتقط كوفيتها ليناولها إياها بحدة متحدثاً بنبرة آمرة جامدة : داري رقبتك .
ثم أوقف تاكسي لها أمراً صاحب التاكسي كذلك : وصل الهانم علي المكان اللي هتقولك عليه .
ثم حدثها مزمجراً : إركبي .
ركبت وحاسب هو السواق وإنطلق التاكسي بها متجهاً لمنزلها حسب ما أملتهُ هي .. وضعت يديها علي رقبتها بارتعاش خفقاتها الغير منتظمة ولم تجد تفسير لحدته الغير مبررة تلك .
■■■
يومان مرو كسنتين علي رنيم وهي تنتظر بشغف هذا اليوم المبهج التي ستقص بهِ إفتتاح مطعم من تصميمها هي وحدها ،، لا تنكر كم شغلها وشغل تفكيرها هذا الكرم الغريب .. غيره كان ليداري عن حبيبته ويأمرها هي بترك العمل مع تعويض مادي ولكنه أثبت بموقفه أنه صاحب أخلاق ومبادئ وأنه يستحق منصبه بكل ثقة وفخر .
وقفت تضع لمساتها البسيطة علي وجهها لتزيينه وأخيراً تطلعت لهيئتها بفستانها الأسود اللامع الطويل ،، كان فستاناً برقبة وأكمام منفوشة ضيق قليلاً عند الصدر ويتسع مع نزوله بلمعان خلاب ،، رفعت شعرها الطويل في قصة جميلة للخلف وزينته بمشابك لامعة عديدة فزادته رونقاً ،، انتهت لتلتقط حقيبتها الصغيرة وتخرج لعائلتها هاتفة بسعادة وهي تدور : شكلي حلو .
ردت والدتها بفرح لسعادتها : زي القمر .
ضحكت بسرور وراحت ترتدي حذائها : طيب يلا عشان منتأخرش .
واتجهت مع عائلتها إلي المطعم وقلبها ينتفض بين ضلوعها من قمة السعادة ،، لقد عرض عليها كرم أن يأتي ليصطحبها ولكنها رفضت بأدب ممتنة وأخبرته أنها ستأتي مع عائلتها .
■■■
تجهز كرم هو الأخر بزي أنيق وراح يري والدته إن انتهت وفي الأسفل أصرت والدته - زهرة هانم - علي الركوب معه وليس مع والده فضيق كرم عينيه مترقباً لحديث والدته الذي يعرف جيداً والذي بدأ بقولها وهما في طريقهما للمطعم :
برده مش هتقولي ليه سبت نسمة بالشكل المفاجأ ده .
تنهد كرم بضيق مجيباً : ماما إنهاردة إفتتاح مطعم نائل تفتكري ده الوقت المناسب للكلام .
هتفت زهرة بحدة : وإمتي الوقت المناسب للكلام ما انت بقالك يومين مفيش علي لسانك غير مش وقته مش وقته .
تحدث بهدوء محاولاً السيطرة علي أعصابه فوالدته تفعل المستحيل لكي لا يدخل فرداً غريباً للعائلة ويتنعم بأموالها الطائلة :
أنا ونسمة مش متفقين مع بعض وسبنا بعض بكل هدوء ياريت متدخليش في حياتي أكتر من كدي يا ماما .
ضحكت بسخرية متحدثة : أنا المفروض أصدقك يا كرم أنا أكتر واحدة عارفة نسمة كويس يستحيل تسيبك بالسهولة ديه الموضوع ده في سر وأنا هعرفه .
حرك رأسه بسخرية هو الأخر : طبعاً ما إنتِ خلتيها نسخة منك بكلامك اللي عمالة تحفظهولها كل شوية لحد ما بقيت مش طايق نفسي .
" قصدك إيه يا كرم " هتفت بصدمة حادة من مهاجمته فأجابها :
ماما الله يخليكِ اقفلي علي الموضوع ده عشان زهقت .
نظرت زهرة للخارج بتفكير وهمست بصوت عالٍ جعل كرم يقلب عينيه بضجر : الموضوع ده أكيد في واحدة ست وأنا لازم أعرفها ،، داري عليها زي ما إنت عايز بقي يا كرم بيه .
■■■
قصت رنيم الشريط الأحمر بيديها المرتجفة وأعينها تخرج القلوب الفرحة ،، بعد ذلك ارتفع صوت التصفيق من حولها من كل مكان وكأنها هي نجمة الحفل بالفعل فقد كانت تتلقي التهنئة طوال الحفل كنائل بالظبط ،، نائل الذي اهتم بها جيداً فكان لا يفارقها أبداً حيث عرفها علي كل شخص مهم في هذا الإفتتاح كصاحبة هذا المكان في ديكوره وتصميمه من الألف للياء ،، في حين كانت هناك أعين حارقة ومترصدة بترقب .
الأعين الحارقة كانت عينين كرم الذي إمتدت يديه لسجائرة ينفسها بغضب لا يعرف لما يحتله وهو يراها تتفتل مع صديقه من هنا لهناك ورغم تحفظها مع الجميع إلا أنه يشعر أن داخله يتقلب علي نار حارقة يراقبهم بأعينه المتحفظة الشرسة منذ بداية الحفل لم تنزل عينيه من عليها وهذا ما لاحظته زهرة بكل وضوح فالأعين المترصدة كانت أعينها هي وهي تراقب ابنها بملامحه الفاضحة بغضب وتلك الفتاه بكره وحقد نابعين من شخصيتها الكريهة المادية بعقلية لن تصمت أبداً علي ما تراه الأن ولكن عليها التفكير بحذر كي لا تخسر شيئاً أبداً وليحصل ما تريد بدون أي ضرر يعود عليها هي فقط بالطبع وفي سرها تهمس :
هي ديه بقي يا كرم بيه اللي قلباك علينا كلنا .
#يتبع