-->

الفصل الثاني - جسارة الإنتقام

  



- الفصل الثاني -

 صاحت "هويدا" سائلة في صدمة هائلة بعدما أخبرها جاسر بكل ما أخبره والده "شرف الدين" في المشفى:

- أنت تقصد بنت هشام منصور؟

اجابها دون غروره المعتاد وتغيرت نبرته لتتحول للوقار والحب الشديدان الذي لطالما حدث به والدته التي تعشقها:

- أيوة يا أمي

صاحت بمزيدًا من الوجوم وادعت البُكاء كالمقهورة:

- يعني بعد كل تعبي ووقفتي جنبه يقولك يا بنت هشام منصور يا إما نتحرم من تعبنا وشقانا طول السنين اللي فاتت ديه..

تواترت دموعها الزائفة لتصرخ به في تساؤل:

- وأنت كنت فين، مقولتلوش لأ ليه، مرفضتش ليه؟

نظر لوالدته وهو يشعر بالغضب من أجلها ولكنه حاول أن يشرح لها موقفه فتكلم قائلًا:

- أهدي بس يا أمي.. ده سايب وصيته مع المحامي.. قانوناً مش هنعرف نعمل حاجة، واستحالة احجر على ابويا قصاد الناس..

 صرخت به من جديد بغضب جم بعد أن استمعت لتلك الكلمات التي لم تجدها سوى واهية:

- ايه الهدوء والبرود اللي أنت فيه ده، وأنت هتتجوزها بالسهولة دي خلاص يا ابني

ابتلعت مدعية مشقة البكاء همست بدموع زائفة:

- عايز تتجوز بنت الراجل اللي اغتـ..

نهض بسرعة ليدفن وجهها بصدره العريض ليوقفها عن كلماتها التي حفظها لسنوات عن ظهر قلب وو يتوعد "سيرين" ووالدها بداخله بأشد الإنتقام فلقد تحملا هو ووالدته الكثير ثم همس بقهر: 

- أنا مش هاتجوزها.. أنا هاكسرها هي وأبوها.. ابنك هايجبلك حقك لغاية عندك..

ابتسم بعدها إبتسامة خبيثة متخيلاً كل تلك الصور التي انفجرت بعقله عندما تتذوق "سيرين" إنتقامه الذي أجج صدره لسنوات لتسأله "هويدا" بعد أن فرقت عناقهما لتتلاقى تلك العيون الفيروزية خاصتها بعيناه التي تشابهها تماما:

- تقصد أيه؟

تناول نفسًا مطولًا ثم زفره في تريث شديد وتحدث بنبرة حملت التوعد والحماس للأمر وكذلك حملت نبرته التخفيف عن والدته من تلك الأحلام التي رسمها بمجرد فكرة الزواج من ابنة الرجل الذي اغتصب والدته يومًا ما وقال:

- أقصد فرصتي وجاتلي على طبق من دهب.. اللي عمله أبوها فيكي زمان في ثواني هطلعه على جتتها في أيام وليالي.. هاجيب حتة عيل منها بعد ما أكسرها صح وبعدين أرميها في الشارع.. إذا كانت بنت هشام فاكرة انها هي أو أبوها الوسخ ممكن يلوا دراعي فتبقى بتحلم.. مبقاش جاسر شرف الدين لو مخليتهاش تسف تراب الأرض.. 

أخذ ذلك العهد على نفسه أمامها مبتسماً بهدوء ثم أخذ يرسم خططه التي سيكسرها بها كما يدعي ويظن، سيجعلها تتمنى لو أنها تنازلت له على كل شيء منذ البداية، تلك التي تظن أنها ستليق بشرف حمل لقب زوجة "جاسر شرف الدين"..

 تلك المقززة التي لا تقابل مستواه بتاتاً، سيذيقها هذا العذاب الذي تحمله وحده طيلة سنوات كلما تذكرت والدته ما حدث لها من هشام منصور.. كلما تشاجر والده ووالدته بسبب هذا الوغد وتحمل ذلك الخوف وحده ودائماً ما كانت تخبأ والدته السبب عن أبيه..

سيجعلها تتحمل ذلك الآلم الذي انفجر بصدره عندما كان بالسادسة عشر، منذ ثماني عشر عاما يحمل نيران الإنتقام بداخله، نيران قلبه المتألم على والدته لم تهدأ، سيحرقها بنفس تلك النيران حتى تتوب وتترك له كل شيء وتتنازل عنه فقط مقابل أن تنجو بنفسها إذا استطاعت.. 

 تمتم لنفسه بعد أن هدأ تمامًا من تفكير عميق لمدة ساعات:

- إن ما خليتك تتمني الموت يا بنت الكلـ* مبقاش أنا!

صف سيارته أمام أحدى الفنادق التي تمتاز بالترف الصارخ وألقى بمفاتيحه للسائس بعد أن ترك منزل العائلة ودلف بالداخل لينحني له الجميع.. كان هو مالك كل شيء هنا.. وحش المعمار كما يُطلق عليه لن يرضى بأقل من ذلك، كان يوما عصيبا عليه وقرر أن يتناسى كل تفاصيله بتفريغ تلك الشحنة وزحام أفكاره بأحضان واحدة من عشيقاته التي يمرح معهن..

     

تحدثت في ضيق عاقدة ذراعيها ورفض تام لم يترك نبرتها:

- لو سمحتي يا دادة، فساتين مش هلبس، هي كلها نص ساعة هنكتب الكتاب قدام باباه وهنروح على بيتنا..

تحدثت في حنان لتحاول أن تقنعها: 

- يا حبيبتي يا بنتي ولو، برضو عروسة، هتروحي مع جوزك.. ازاي والبنات المفروض تـ..

قاطعت "منى" في حنق بالغ وهي تصرخ:

- يووه!! بردو هتقولولي بنات وزفت، أنا مش زي باقي البنات، وكان نفسي ابقا راجل.. ارتحتوا بقا، لو عاجبه عاجبه، مش عاجبه يغور في ستين داهية

استمع جميع من بالمنزل صوتها ليتوقف كلا من "رامز" و "مراد" صديقيها أمام باب غرفتها وطرق احدهما الباب وتريثا لوهلة ثم دخلا وتحدث "مراد" بنبرته الهادئة الحنونة قائلًا:

- معلش يا دادة منى.. ممكن تسبينا مع سيرين شوية

هزت "منى" رأسها في موافقة ولكن بحزن وقلة حيلة ثم تركت ثلاثتهم وغادرت الغرفة فتحدث "مراد" من جديد ليحاول أن يُقنعها بالأمر:

- فيه ايه بس يا سيري يا حبيبتي، مطلعة عنينا معاكي ليه، ده أنتي هتبقي حرم جاسر شرف الدين على سن ورمح وبعد..

قاطعته بإندفاعها وتسرعها المعتادان بلهجة حادة مبالغ بها لتوصد أمام مراد باب النقاش وصاحت به:

- جاسر شرف الدين.. جاسر شرف الدين!! زهقت من أسمه، كفاياكو بقى، ايه يعني هاتجوز ملاك، ده واحد سمعته وسخة، لما شفته في المستشفى مناخيره كانت في السما معرفش مطعنتز أوي كده عشان ايه، عشان معاه فلوس يعني يدوس على الناس، أنا متنيلة قابلة عشان حقي وحق ابويا وأمي اللي ضاعوا زمان.. مش عايزة رغي كتير وتوجعولي دماغي.. فاكرين ايه، هقوم أروح كوافير واتمنجه وأعمله قصة شعر وتاتو.. ده بعينه!

نظر كلًا من "رامز" و "مراد" لبعضهما البعض في تعجب من كلماتها عن حق والدها ووالدتها الذي تفوهت به ولكن تركا هذا جانبًا الآن وتحدث الأول دون أن يستفسر عن الذي قالته ومزح معها بنبرة مرحة:

- لسانك ده ايه، مقص، رغي رغي.. طالع ياكل نازل ياكل.. يا سيرين أنتي زي القمر ولو بس..

مرة أخرى اتبعت نهجها وإصرارها على عدم التحدث فيما لا تتقبله ثم قاطعته بحدة:

- بقولك أيه يا رامز أنت كمان أنا مش ناقصة وجع قلب.. وبعدين أنتوا المفوض أخواتي وأقرب أتنين ليا بعد بابا، فاهمني من أيام ما كنا عيال في المدرسة، ايه، اتفاجئتوا دلوقتي اني مش شبه البنات.. 

نظر صديقيها لها بحزن من أجلها بينما أردفت بصدق وآلم ولانت نبرتها في آسى:

- مش عارفين يعني اني اتمرمطت من ايد جارة لأيد قريبة لغاية ما بابا عرف دادة منى اللي عاملتني زي بنتها، متربتش والله على دلع البنات وسهوكتهم، شغل المحن والدلع ده مليش فيه، ولو سمحتم محدش يفتح معايا الموضوع ده تاني

 رآى كلاً منهما الدموع المتحجرة بعيناها ليأخذاها في عناق أخوي وتحدث "رامز" في مزاح ليحاول أن يغير من حالة الحزن تلك التي سيطرت عليها:

- أنتِ ست البنات وضافرك أغلى من مليون بنت.. متزعليش، أقولك، الواد ابن خالتي لسه جايبلي T-shirt ممضي من ميسي يا ستي، تحبي تلبسيه وتروحي بيه؟

أومأت بالنفي وهي تبتلع تلك الدموع ثم اجابت بإقتضاب:

- لا يا عم أنا كده حلوة..

 تكلم "مراد" رابتًا على رأسها في حنان أخوي:

- ماشي يا ست الحلوين

تنهدت وهي تنظر لكلاهما واستطاعت بسهولة السيطرة على انفعالها وحزنها وتغيرت نبرتها لتحدثهما بجدية وتحذير:

- بصوا وركزوا معايا، بابا مهما كان بيحبني هو راجل كبير، أنا سي زفت ده معرفوش، أنا ماليش حد غيركوا ولو بـ..

صاح "مراد"مقاطعًا اياها على الفور في تأكيد:

- أنتي هبلة يا سيري.. انتي اختنا

لم يلبث "رامز" سوى ثوانٍ لينضم له متحدثًا بجدية في البداية ثم أضاف بعضًا من مزاحه قائلًا: 

- على أساس أنتي كده بتوصيني على أختي.. أمشي انجري عشان نكتب كتابك في أم اليوم اللي مش فايت ده!

دوت قهقات ثلاثتهم بغرفتها لتنهض معهما ليتوجهوا للخارج فسبقتهما ليتمتم "مراد" متحدثًا بهمس إلي "رامز" فقال:

- بس أقسم بالله هتطلع عينه

رد عليه "مراد" متمتما هو الآخر:

- أنت هتقولي.. شُفت بعيني محدش قاللي..

ضيقت عينيها في غيظ من حديثهما الذي التقطته اذنيها لتصيح بكلاهما وهي تتقدم الطريق:

- سمعتكوا يا كلااب!" 

ما إن هبطت للأسفل حيث والدها المنتظر حتى أخبرته في استعجال:

- يالا يا بابا خلينا نخلص الله يخليك.. مش هناخد اليوم كله في كتب الكتاب

ابتسم والدها في دهشة ثم حدثها في تساؤل مازحًا:

- ايه يا حبيبتي مستعجلة اوي كده؟

أومأت في اشمئزاز من ذلك الظن الذي قرأته على وجهه ثم اجابته في رفض قاطع وتهكم:

- مستعجلة ايه ونيلة ايه، ورانا شغل وحياتك.. 

ضحك كلًا من صديقيها وكذلك والدها على قولها بينما تحدث "رامز" له:

- شوف يا بابا، تجيبها كده تجيلها كده، عمري ما شوفتك يا سيرين بتتكسفي..

تأتأت في ضيق من تصرفات الجميع اليوم ثم صاحت بنبرة افتقرت تمامًا للأنوثة وقالت:

- ما تفضوها سيرة بقا يا جدعان.. مكنش كتب كتاب مهبب

همس "مراد" لكلًا من صديقه ووالدها وهم يتبعوها لمرأب السيارات:

- بنتنا عربجي عربجي يعني مفيش كلام!! 


     

صدح صوت المأذون والجميع ينظر بنظرات تهنئة مقتضبة نظرا للظروف المحيطة ورقاد أبيه أمامهم على سريره بالمشفى ليقول:

- بارك الله لكما وبارك عليكما وجمع بينكما في خير..

بالرغم من وجود صديقيها ووالديهما ولكن كان كلا منهما بملكوته، وزحام من أفكار غريبة..

 لم تفكر "سيرين" من قبل بالزواج أبدًا والعشق وتلك المشاعر، ناهيًا عن تلك الطريقة التي انعقد بها قرانهما.. بين يوم وليلة وجدت نفسها تتزوج من "جاسر شرف الدين" الذي يرتعد الجميع منه، بالرغم من أنه مجرد وريث لأموال أبيه ولكن يعرف الجميع مدى دهاءه وذكاءه الشديدان، مجهوداته منذ أن كان شابا غيرت مكانة والده وأسم عائلته بالعالم كله، أضاف الكثير والكثير غير تشييد المباني العملاقة والضخمة لإستثمارتهم، لا يتوقف عن كسب المناقصات وعقد الصفقات، أرباح مجموعته التي تضاعفت فقط في ثلاث سنوات جعلت كل رجال الأعمال يهابون التعامل معه وأصبح الكل يحذره ويحترمه.

ولكن كل هذا لا تكترث له بعد أن أصبح زوجها، خاصة وأن كل تلك الصفات التي تُعد جيدة قد تلاشت تماما عند رؤيتها لمظهره الذي أزعجها كثيرا، تلك الطريقة المتكبرة التي يتعامل بها وغطرسته اللانهائية، يبدو وكأنه نُحت من جبل جليدي فليس هناك أية مشاعر تظهر عليه وهذا الأسلوب بالنسبة لها يُعد نفاق.. كرهت شخصيته، نفاقه كما تُسميه ورياءه وغروره، تبغض هؤلاء من يهتمون بمظاهرهم كثيرا وتشمئز منهم بمجرد رؤيتهم أو التعامل معهم..  

أما بالنسبة لسمعته فحدث ولا حرج، قد شاهدته من قبل بأحدى المناسبات التي نظمتها بإعتبارها شركة دعاية وإعلان، يتأبط ذراعه واحدة من تلك النساء اللاتي لا يلقن إلا بغلاف مجلات الموضة العالمية، قد قرأت كثيرا عن اخباره عندما صادفتها أكثر من مرة، سيتزوج تلك، وبعدها بأسبوعان هذه، بل سيرتبط بفلانة، شوهد مع علانة وكأنه يُغير نسائه كما يُغير بزاته الرسمية..

أما عن تفكيره وما يتخيله، لم يستطع سوى إرتقاب نكهة الإنتصار التي قارب أن يتذوقها فاحت رائحتها الشهية أمام أنفاسه، أقترب وقت الأخذ بالثأر، كان ينتظر تحكمه بكل شيء ليهد ذلك الأسطول الذي بناه "هشام منصور" ويساويه بالتراب ولكن لقد أعطاه أغلى ما عنده لينتقم منه على طريقته.

شرد قليلا بتفكيره العميق بمظهرها الذي لن يليق حتى بأن تقف بجانبه لإلتقاط صورة تجمعهما بهندامها المُهمَل وطريقتها الفظة، ود من طيات قلبه أن تكن من تلك الفتيات اللاتي يتباهين بجملاهن وأنوثتهن حتى يستطيع إذلالها أكثر ولكنه يستطيع أن يتعامل مع كل النساء، بارع في إذلالهن أسفل قدماه كما هو بارع في قضاء الوقت مع كل من تظن نفسها تليق بمقام رجل الأعمال الناجح الجذاب مثل براعته تمامًا في جعل أي إمرأة تظن أن علاقتهما ستستمر وسوف تدوم بالرغم من عدم إعطاءهن أية وعود.. ابتسم بداخله وهو يعلم أن فتاة مثلها لن تأخذ حتى وقتا طويلًا معه ليفعل كل ما أراده. 

 نبهه صوت "شرف الدين" المُتعب بعد أن غادر كلًا من "رامز" و "مراد" وقدما التهنئات بإقتضاب وأنشغلت "سيرين" بمكالمة هاتفية:

- مبروك يا ابني.. ريحت قلبي ربنا يريح قلبك.. والله العظيم ده حقهم و..

قاطعه مسرعًا في غير حاجة لسماع تلك الترهات:

- الله يبارك فيك يا بابا..

تحدث "هشام" بحنان أبوي وابتسامة دافئة بهمس:

- مش هاوصيك يا جاسر، أنا بعتبرك ابني البكري من زمان

استمع له وهو يحاول التحكم في السخرية الشديدة بداخله التي تدفعه للإبتسام:

"مش محتاج توصيني يا عمي.. 

بالرغم من تعقيبه السابق إلا أنه تمتم داخل نفسه في توعد متهكمًا:

- ده أنا هتوصى بيها اوي.. هشيلها في عينيا وانا ببهدلهالك، هنتقم من اللي عملته في أمي في بنتك، هطلعه عليها بس اتك على الصبر يا هشام يا منصور

صرخ بعقله مُفكرًا بينما حافظ على مظهره الهادئ الذي ماثل البرود الشديد وصورته المتغطرسة التي لطالما برع في رسمها أمام أعين الجميع وطغت على شخصيته أمام العالم بأكمله..

     

صاحت احدى الفتيات في غيظ وغل إلي والدتها في صدمة متسائلة:

- يعني ايه يا مامي اتجوز الحشرة ديه؟! وطنط هويدا ايه موافقة كده على الكلام ده ومدخلتش؟

أجابت "هناء" أخت "هويدا" ابنتها بزجر ثم شردت بتفكير:

- اهدي يا رزان يا حبيبتي مش كده، استحالة هويدا تعدي الموضوع على خير، ديه تطيق العمى ولا تطيق هشام منصور، استحالة تسيب ابنها يتجوز بنته، أكيد موضوع الجواز ده وراه حكاية

تعجبت "رزان" في إستغراب وسألتها:

- هي ايه حكايتها مع الراجل ده؟

تنهدت لتجيبها بنبرة غارقة في التفكير:

- اللي أعرفه إنه كان شريك شرف الدين زمان، فجأة فضوا الشراكة ما بينهم، وبعد ما كان هشام ماسك الدعاية سابهم، وشرف فضل مركز على شغل التصميم وفضل يبني ويكبر في شركة العقارات بتاعته وهويدا هي كانت مسئولة عن كل الحسابات.. بس حصل ايه بقا وتم ازاي معرفش تفاصيل

همهمت في تفهم ثم عادت لتسألها مرة أخرى قائلة:

- غريبة أوي.. بس تفتكري جاسر اتجوزها عشان بيحبها؟

التفتت لها في زجر وقليل من الغضب:

- بصي يا رزان يا حبيبتي، بطلي تفكري في ابن خالتك لأني عارفاه كويس، مينفعكيش ولا عمره هينفعك، غير انه تربية هويدا!!

هزت كتفيها بتلقائية وهي تتسائل في عدم فهم:

- ومالها يا مامي طنط هويدا؟

هنا نهرتها هناء واحتدت نبرتها الهادئة لتوقفها:

- مش كفاية بقا كلام كده في الموضوع ده!! اتفضلي على اوضتك وسيبيني دلوقتي!

تعجبت ابنتها لطريقتها تلك وصممت أن تعرف ماذا وراء طريقتها التي تغيرت فجأة بسبب حديثهما عن هذا الأمر وأقسمت بداخلها أنها لن تدع زواج من احببته وتعلقت بعشقه منذ الصبا أن يمر مرور الكرام دون أن تفعل شيئًا!


     

دلفا منزله فتركها وكأنها غير موجودة وتوجه للأعلى لينهال العسل الصافي من عيناها بينما أخذت تطالع ذلك المنزل العصري للغاية الذي صرخ كل ركن به بالأموال، كل قطعة منمقة بعناية، تلك الأرضية المصقولة بالخشب الذي يبدو وكأنما صُنع خصيصا بتلك الألوان الراقية لتناسب باقي تصميم المنزل.. اللوحات العصرية التي وضعت على الجدار، كل شيء لا يدل سوى على الترف المبالغ به فتمتمت داخلها: 

- أكيد مكلف أوي البيه، شكله دافع فيها كتير، يالا أهي كلها مظاهر..

قاطع استطلاعها خطواته الهادئة على الدرج الزجاجي الذي يبدو وكأنه مُعلق بالهواء، كرهته كثيرا منذ أن آتت، لم يعجبها العصرية المبالغ بها، وبرود وجمود كل التفاصيل بالمنزل.. 

ألقى نحوها بأحدى الفساتين فالتقتته بتلقائية وتفقدت ماهيته بينما هتف بها آمرًا:

- ألبسي ده

ارتفعا حاجبيها في دهشة من طريقته التي لم تتقبلها ثم اجابته بعفوية:

- لأ، أنا لابسه اهو ومش محتاجة حاجة.. 

ألقت الفستان على كرسي ذو مسندان بجانبها دون إكتراث فحدثها بغطرسة شديدة وقال:

- فيه مصور جي دلوقتي عشان صورتنا وخبر جوازنا، منظرك المقرف ده هيـ..

من جديد ارتفع حاجبيها في دهشة وهي لا تدري لماذا يُحدثها بتلك الطريقة فقاطعته غاضبة وبالطبع بنبرة لا تمت للأنوثة بصِلة، فتحدثت كرجل مثله تمامًا:

- لا بقولك ايه، تتكلم عدل احسنلك، منظر مين اللي مقرف! أنت اهبل ولا ايه؟ 

توجه نحوها ببرود فابتعدت عنه متقهقرة للخلف ليخلل أصابعه بكعكة شعرها الفوضوية ثم جذبها بقوة شديدة لم تستطع مواجهتها ودفعت جذبته ساقيها للتحرك لتجد نفسها أمام المرآة ولكنها لم تتألم حتى ليأتي صوته وكذلك صورته التي بدأت في كراهيتها بحق ليقول بإشمئزاز:

- معندكوش مرايات في بيتكم.. ده منظر يشوفه الناس.. قدامك عشر دقايق تغيري فيهـ..

نظرت له بالمرآة بتحدي وقاطعته ونبرتها متهكمة ولم يتضح على ملامحها ولو قليلًا من الإرتباك أو التوتر بما فعله وقالت:

- لما أنا مش منظر، إيه اللي ضربك علي ايدك يا جاسر بيه، تحب تطلقني دلوقتي بدل ما المنظر المقرف ده يتعب عينيك..

 أدار جسدها لتصبح مواجهة له في لمح البصر ونظرت له في صلابة بينما زجرها محذرًا وقال:

- بصي كده عشان أنا خُلقي ضيق وعصبيتي مش حلوة على اللي زيك، أنا مش عايز أتشاهد في جمال خلقتك المقرفة، هي صورة ولازم اللي تكون مراتي قدام الناس منظرها يليق بيا، والكلام الجاي ده تحطيه حلقة في ودنك عشان متشوفيش وشي التاني من أول ساعة لوحدنا، صوتك إن علتيه عليا تاني هكرهك في اليوم اللي اتولدتي فيه!

ارتفع حاجبها وقست ملامحها في خشونة ونظرت له بتعجب وجرأة لتتحول نبرته لصراخ زاجرًا: 

- فاهمة؟! 

أفزعتها نبرته الصارخة وذلك الثلج ينهال من زرقاويتيه ولكن لم يظهر ذلك على ملامحها لتقول بإستفزاز وابتسمت في سماجة:

- مش هغير يا جاسر بيه..

 كادت أن تغادره ليصدح صوته العميق ببرود لاذع ليوقف ساقيها عن أخذ الخطوات وهو يستفزها بسؤاله هو الآخر: 

- هتغيري ولا تحبي أغيرلك أنا بطريقتي؟! 

وقف منتصباً يضع يداه بجيوبه لتلتفت له على الفور لتصرخ به:

- أنت شخصية قذرة وقليل الأدب!

تطاير شرر الغضب من ذلك العسل الصافي بين جفنيها ليبتسم لها ابتسامة افزعتها ليقترب منها بهدوء وأمسك بالفستان راميها بنظرات تحمل كره شديد ليخرج يده الأخرى من جيبه فورا ودفعها لأقرب حائط فاستندت ناظرة له بتحدي وانهالت أنفاسها الغاضبة لينظر للأسفل بمنتهى الغرور فهي بالكاد تصل رأسها بمحاذاة صدره الرياضي العريض فتحدث بغيظ:

- برضو صوتك علي.. وحياة أمي لافرجك على طريقتك ديه.. أنا بعرف أربي حلو وهوريكي، بس يكون في علمك، أنتي في نظري متسويش في سوق الحريم، متفتكريش نفسك ست، أنا ملكات جمال بتبوس جزمتي عشان يقضوا ليلة معايا! مش هبص لواحدة بمنظرك المقرف ده.. 

انهالت أنفاسه المُحملة برائحة الدخان وعطره الرجولي على وجهها لتخترق أنفاسها حتى شعرت بالإختناق، نظرته الجامدة الباردة تغيرت لتتحول لرمقات مليئة بالإحتقار والتقزز منها ثم أردف بمزيد من ذلك الجليد الذي تحمله نبرته وقال في بتحذير من جديد: 

-هتطلعي تغيري ولا أجرجرك من شعرك وأغيرلك أنا؟ 

لم تعد تحتمل تلك الرائحة المُعبئة بأنفاسه لتصرخ به وتخلت عن أنوثتها تمامًا:

- أنا متربية أكتر منك يا زبالة يا أوسـ...

أوقفها بصفعة قاسية من يده لتشعر بغليان الدماء بوجهها ولم تظن أبدًا أن بيومًا ما رجل مثله قد يصل الأمر بأن يقوم بضربها لتقسو ملامحها بمزيدًا من الخشونة والغضب بينما همس هو  بهدوء تنافى مع صفعته القوية:

- المرة الجاية هقطعلك لسانك! 

صُدمت كليًا من طريقته ورفعت يدها لترد الصفعة ولكنه تفاداها بسهولة وثبت كفيها الاثنان بقبضته وارتطم ظهرها بالجدار خلفها مسبباً لها آلما بعظامها وقابل ذلك الإشتعال بعينيها ببرودة زرقاوتاه الجليديتان وهمس ليستفزها ولم يتخلى التحذير والتوعد عن نبرته: 

- واضح إنك لسه معرفتيش مين جاسر، بس جربي تعمليها تاني وبدل القلم اللي أخدتيه همرمط بكرامتك الأرض، سامعة!! 

نظرت له بتقزز ومقت وكراهية ولكنه لم يقرأ بعينيها سوى الصلابة والتحدي لصيح بها بغضب جارف وقد استطاعت أن تستفزه وأخرجته عن بروده المعهود ليدوي صوته العميق بمنزله الشاسع حولهما: 

- انجري غيري، قدامك عشر دقايق والاقيكي هنا عشان نخلص.. غوري نفذي اللي قولت عليه

اخترق صوته طبلة أذنها وأفلت يدها ثم ألقى الفستان على وجهها لتمسكه فابتعدت عنه لتصعد للأعلى ثم نظرت له باحتقار بطرف عيناها  وتمتمت بداخلها:

- يا ابن الحرامية يا وسـ*!! فاكرني كده خوفت من طريقتك، ده أنت أهبل باينك.. ده أنا هطلع عينك لغاية ما تطلقني بمزاجك يا ابن هويدا!

توعدت اياه بينها وبين نفسها ثم دلفت بأقرب غرفة قابلتها ولم تنظر حتى لأي تفاصيل فبالطبع سيكون كل شيء مبالغ به كباقي المنزل وبدلت ملابسها وارتدت الفستان الأبيض لتلاحظ رائحة عطره متعلقة به فتقززت في إشمئزاز ونظرت للفستان الذي التصق على جسدها لتشعر أنه يكشفها ويعريها بالكامل بالرغم من أكمامه التي تغطيها ولكنها شعرت بعدم الراحة في مثل هذا الرداء.. 

ألقت ملابسها على الأرض بفوضوية ثم حلت عقدة شعرها الأسود الذي يصل لمنتصف مؤخرتها الممتلئة فنظرت بالمرآة وتذكرت كلامه الذي جرحها كثيرا وهو يقول:

 - .. أنتي في نظري متسويش في سوق الحريم..

هزت رأسها بإنكار وتهكمت لتفكر بداخلها وهي ترمق نفسها بالمرآة: 

- ما هو عشان تعرف شوية أوسا* بيستعرضوا جسمهم بقذارة قدامك.. متعرفش يعني ايه واحدة محترمة ومش عايزة الرجالة تبحلقلها وتتخيل تفاصيل جسمها بشهوة وهيجان! 

حدقت بخصرها المرسوم وجسدها المشدود وتمايلت أمام المرآة لتستعرض مفاتنها بحُرية بعيدًا عن أعين الجميع وخاصةً عيناه الجليديتان لتهمس في ثقة:

- قال مسواش قال.. وعاملي فيها بيفهم في الستات، واحد أهطل باين عليه!! 

خللت شعرها مرة أخرى ثم  عقدته للخلف مجددا بفوضويتها المعهودة وارتدت حذائها الرياضي مرة أخرى ثم هبطت لينظر لها ببرود متفحصا اياها وأخبرها بإحتقار متقززًا: 

- ايه القرف اللي لابساه في رجلك ده.. ده أنتي مفيكيش ريحة الأنوثة.. حاجة تقرف! 

ردت على كلماته بنظرة تحدي وحاجب يرفض أن يتنازل من أجله وقالت بنبرة استفزته بسهولة:

- والله هو ده اللي عندي!

رمقها بمزيد من الإمتعاض ثم هتف آمرًا بغطرسة:

- اطلعي ورايا

تأففت بحنق وتسائلت في نفاذ صبر:

- آفف! عايز مني ايه؟  

نظر لها بعلو وعنجهية وهي تقف على درجات السُلم السفلى وهو على الدرجات العليا ليتهكم ببرود متكلمًا:

- وهاعوز من وشك المقرف ايه؟ نفذي اللي قولت عليه من سكات! 

عضت على شفتها الممتلئة بغضب تمنع نفسها من الحديث فتابعت عيناه تلك الطريقة التي تقضم شفتاها بها ليعقد حاجباه ثم رفعهما ليعود وجهه بسرعة لطبيعته الباردة وصاح بها:

- اخلصي..

 وج لها ظهره ثم استكمل للأعلى طريقه لتهمس في اعتراض:

- مش هنخلص بقا من القرف ده..

سمعها ثم ابتسم ساخرا وتوجه لأحدى الغرف ليشعل الأضواء لتأتي خلفه وهي تتعجب من مساحة الغرفة التي أمتلئت بملابس النساء.. تكاد تكون أكبر من غرفتها التي لطالما عاشت بها، فساتين بكل درجات الألوان، أحذية نسائية بكعوب مرتفعة لا تلائم إلا العاهرات، العديد والعديد من الملابس المُخجلة بألوان عديدة.

فاقت من شرودها على صوت ارتطام احدى الأدراج لتستدير وأخذت تضرب الأرض أسفلها بقدمها نافذا صبرها لتجده ينظر لها ثم اقترب منها ليضع حول عنقها عقدا ماسيا يصرخ بالفخامة فتيبس جسدها لقربه الشديد منها وشعرت بعدم الراحة لتنظر بعيناها للأعلى فلم تقابل عيناها إلا بروز عنقه المثير وعانقت رائحته الرجولية جسدها بأكمله، وشعرت كم هي ضئيلة الحجم أمامه وتخللها شعور غريب لم يُريحها أبدًا..

نظر لها ببرود يتطلع العقد الذي لائم عنقها كثيرا وكذلك ذلك الرداء ثم وضع يداه بجيباه بغطرسة وتفحص جسدها الملفوف لتكره تلك النظرات الوقحة التي تسقط من تلك الأبحر الجليدية بين جفناه لتصيح بحنق كي تزجره وتوقفه على النظر لها وبالطبع لم تتخل عن صلابتها المعهودة وخشونتها مثل الرجال لتقول:

- ايه.. بهلوان قدامك بتتفرج عليه

حدثها آمرًا ببرود:

- لفي!

شعرت بالإستفزاز الهائل بينما كادت أن تتحدث ليقاطعها قبل أن تبدأ قائلًا:

- ولا كلمة بدل ما ابهدلك 

رفعت حاجباها بدهشة بينما غمقت زرقة عيناه لينظر لها بغضب نظرة ازعجتها فالتفت لتواجهه بظهرها فاقترب منها حتى شعرت بذلك الدفء المنبعث من جسده ثم أحست بحركة أصابعه بشعرها ليفك وثاق شعرها في لمح البصر قبل أن تستطيع ايقافه ونظر له بإندهاش حتى شرد به ولكنه أفاق نفسه سريعا وآمرها ببرود بنبرة حملت اللذاعة:

- اقلعي الجزمة المعفنة دي والبسي تاني واحدة من اليمين في الصف الأول..

كادت أن تلتفت له لتجادله ولكنها تحكمت في أعصابها قدر ما استطاعت ومشت على مضض علها تنتهي من هذا اليوم السخيف ولكنها لم تره وهو تفحص مؤخرتها الممتلئة ليشعر بالرغبة والشهوة بدأت تنبعث بدماءه فجلست على أريكة جلدية وارتدت ما أخبرها به لتنهض وكادت أن تسقط فتماسكت بينما هو سحق أسنانه ليلجم جماح رغبته التي لا يعلم من أين آتت عندما برزت مؤخرتها أكثر بفعل الحذاء الذي ارتدته.

حدقت بالمرآة أمامها لتلاحظه يحدق بجسدها بأكمله وأقترب منها حتى كاد أن يلتصق بها ولاحظت أن عيناه كادت أن تكون كحلية اللون فارتعبت من ملامحه واستدارت لتقابله بعيناها الناريتان لتحدثه بزهو: 

- ايه.. عجبتك مش كده؟ بعد اللبس اللي خلاني زي أي واحدة رخيصة من اللي يليقوا بمقامك!

رفع عيناه لها لتعود زرقته الباردة مرة أخرى وطعنها في مقتل بكلماته الكاذبة التي فقط نطقها ليستفزها وقال:

- اللي أعرفهم جزمتهم أغلى من واحدة زيك.. وأنتي مهما لبستي ولا عملتي هتفضلي كده في نظري زيك زي الرجالة، مفيكيش ريحة أنوثة.." ابتسم بسخرية ثم أردف بغرور "قولتلك متسويش في سوق الحريم! ولو ببلاش حتى مش هلمسك!

تعالت أنفاسها في غضب لتستفزه بمنتهى البراعة وكلمته في ثقة هائلة:

- فاكر هسيبك تقربلي؟ ده أنا نار جهنم عندي أهون ألف مرة من لمسة واحد أوسـ* ستات الأرض لمسوه.. عارف.. أنت بكل اللي عندك وشكلك ده متملاش عيني، منظر على الفاضي.. زي حتة الدهب الفلصو، بتلمع من بعيد بس أول ما تقرب وتشوفها كويس تاخد بالك من الصدا اللي طافح عليها.. بس عشان أنا أعرف أميز بين الدهب اللي بجد والفلصو عرفتك من أول ما شوفتك في الاسانسير.. 

تبادلا النظرات الغاضبة، تمنى لو يصفعها حتى يدمي وجهها، ود أن يقطع ذلك اللسان حتى لا يستمع لمثل تلك الكلمات التي أصابت كبرياءه..

أصدر هاتفه اهتزازا وهي حتى لم يتحركا جفناها وهي تنظر له باحتقار وتحدي وقد بادلها هو نفس النظرات ومد يده لهاتفه ثم طالعه بنظرة عابرة وهمس أمام وجهها من بين أسنانه التي سحقها من كثرة الغضب:

- نجاكي من تحت ايدي الناس اللي جت.. بس وحياة أمي لا اربيكي

جذب خصرها بعنف بكف يده الذي بدا خصرها أصغر منه ثم دفعها بقسوة لتسير بجانبه بإجبار ولكنها صاحت في نهي ورفض لفعلته:

- متمدش ايدك عليـ..

قاطعها قبل أن تُكمل حديثها ولقد استطاعت أن تصل بغضبه لعنان السماء وصرخ بها:

- على أساس فاكرة نفسك بني آدمه عارفة تمشي بالكعب زي باقي الستات.. اتنيلي خليني أخلص من وشك العكر!!

وسارت رغما عنها بسبب إجباره إياها وكان الحذاء مؤلما للغاية كي تسير به، فهي لم تتعود على مثله بينما هبطا سويا لتجد رجلان بالأسفل وإمرأة تفوح منها رائحة العهر بملابسها المستفزة الفاضحة ومساحيق التجميل التي تسللت رائحتها لأنف سيرين من على بُعد وحاولت التحمل قد المستطاع حتى تنتهي من هذا اليوم..

تحدث احدى الرجلان برسمية ولباقه وهو ينظر له في رهبة واحترام:

- جاسر بيه.. ألف ألف مبروك

 قابله بإماءة مقتضبة بينما تحدثت المرأة بدلال مبالغ به يثير الغثيان ونبرة عاهرة محترفة وقالت: 

- مبروك با جاسر بيه

أثارت غثيانها عن حق من طريقتها المبتذلة فأومأ "جاسر" إليها فتحدثت لها هي الأخرى بكراهية ونظرات كارهة استطاعت "سيرين" تفسيرها بسهولة:

- مبروك يا مدام سيرين 

شعرت كذلك بنبرتها المليئة بالحقد لتنظر لها نظرة عابرة بإشمئزاز منها بينما أردفت المرأة: 

- تحبي حضرتك نعمل الـ make up هنا ولا فوق؟

تعجبت في إندهاش وخشنت ملامحها كالرجال وتكلمت في اعتراض:

- ايه ده Make up ايه، أنا مطلبتـ..

 قاطعها بالتصاق جسده بأكمله بجسدها ثم احاط خصرها بيداه المتملكتان ثم هبط بوجهه لمستوى أذنها ليهمس لها في تحذير شديد اللهجة: 

- لو معدتيش الساعتين الجايين على خير مش هيكفيني موتك، مش أنا اللي مراته تهزقه قدام الناس، خلينا ناخد الصورتين وبعدين هربيكي من اول وجديد عشان واضح انك ناقصة رباية ومتعلمتيش ازاي تعاملي جوزك قدام الناس!

لأول مرة ترتجف بسبب رجل، أنفاسه بجانب أذنها وترتها للغاية، أوقفت جسدها عن الحركة كالشلل، هي حتى شعرت بالاختناق ولم تجد الهواء لتتنفسه

أضاف بتظاهر لم يتانسب مع نظراته الكارهة:

- تمام يا حبيبتي!.. 

ادار جسدها رغما عنها ليلمس أسفل ذقنها مبتسما ابتسامة زائفة لتحدق بوجهه وعيناه التي اخبرتها أنه سيقتلها إن لم تطيعه فازدردت ببطئ ثم نظرت له بتحدي وابتسمت بأنوثة لأول مرة يراها على ملامحها لتهمس مستفزة اياه: 

- طبعاً يا حبيبي..

شرد بها لثوانٍ ثم فجأة لاحظ طولها يختلف لينظر لقدميها التي خلعت الحذاء منهما ثم ازاحته بقدمها على حذاءه والقته بعدم إكتراث لتُغضبه ثم توجهت لتلك العاهرة التي لا تعلم من أين آتى بها وأخبرتها:

- ياريت نعمل الـ Make up فوق..

أومأت تلك المرأة إليها وحدثتها برسمية مُجبرة بالرغم من ذلك الحقد الذي قرأته "سيرين" بعينيها:

- اتفضلي حضرتك

مشت "سيرين" أمامه بتمايل ليلاحقها بعيناه بإبتسامة ساخرة ليتمتم بداخله في توعد: 

- ماشية بوساخة قدام الرجالة، وبترمي جزمتك عليا!! ماشي!! إن ما خليتك تركعي تحت رجلي تطلبي الرحمة مبقاش أنا جاسر، يا حيلة أبوكي يا بنت الكلـ*..

جلس وأخذ يدخن احدى سجائره منتظرا اياها لتنتهي من وضع زينتها كي تظهر بتلك الصور التي والديهما أن يأخذاها كي يتم عن طريقها الإعلان عن زواجهما فمرت ساعة ثم ساعة أخرى وهو يحاول التحكم بأعصابه ليأتيه صوت المرأة التي بدت كمن تستنجد وفي احتياج للإنقاذ فصاحت ليسمعها: 

- الحقني يا جاسر بيه..

     

#يُتبع . . .