-->

الفصل السادس عشر - مملكة الذئاب Black


 

الفصل السادس عشر


نبدأ بسم الله....


إن الأمر معقد حين تراكم كل شئ بقلبها... فأصبح لا يوجد لها منفس لتخرج ما بداخلها... كما ليس لديها حق بالقبول أو الرفض..... فهى فتاة والفتيات لا يخترن.... بل يساقون نحو قدرهم دون إختيار....


وحين قرر القدر منحها فرصه لتختار كيف ستسير حياتها.... قررت أن تختار الأقوى الأشرس.... والأهم القادر على الإختيار فيما يخص حياته... لا الإنسياق وراء كل ما يلقى عليه من أومر ... ولهذا إختارت ساب لأنه سيكون الأفضل لحمايه ما تبقى من سابين بداخلها... وأخفت سابين لأنها لم تعد تصلح لهذه المطاحنات...


ولكنها لم تكن تظن أن ساب سيتمكن منها بكل هذا القدر...وأصبحت تشعر أن بداخلها شخصان نقيضان لبعضهم البعض.... أحدهما الأقوى و الأجدر بالقياده ولهذا هو المتحكم... والأخر الضعيف المنكسر الذى رأى ما لم يراه الأخر....


أصبحت ترى سابين بأقبح مكان داخلها... وكأنها بغرفه مغلقه لم ترى الشمس أبدا... كما أنها محاطه بجدران متسخه...وبابها مصنوع من حديد يمنعها من الخروج للخارج... حتى لا تنافس ساب بالحضور...


لهذا شعرت أن سابين قررت التخلى عنها...او أنها من قررت التخلى عنها لهذا أصبحت على ما هى عليه... لأنها لا تحمي سابين بل ليحيا ساب محلها ....شعرت أنها تختفى من شده تحولها ل رجل وخاصه أنها لا تظهر على سجيتها... 


حتى وإن كانت بمفردها....كما أنها لم تكن تنظر لأى مرأه أمامها حتى لا تشعر بوجود سابين حولها كلما نظرت لنفسها بالمرأه....وكل ما يربطها بها فقط هو جسدها الذى هو جسد فتاه لا أكثر.....


تحدثت بصوت ضعيف... لما أنت هنا اليوم... ألا يوجد لديك أشياء أهم من وجودك هنا.....أم أن هناك كلام عالق بجوفك لم تخبرنى به بعد... فأتيت تخبرنى إياه لتكمل مشوارك فى تحطيمى إلا أشلاء.... كانت تتحاشى النظر إليه وهى تتحدث....فهى لا تحب نظراته المحمله بالكره إتجاهاه...


كما أنه دائما ما يخبرها أنه يكره نفسه حين تنظر له... لأنها الصور الحقيقيه منه.... لهذا لم ترد أن تزعجه بنظرها إليه... حتى لا يزعجها هو بكلامه اللازع....


لم تتلقى منه أى إجابه... بل كان المكان هادى لا يسمع به سوى صوت أنفاسه وأنفاسها... كما كان ينظر لها منذ أن إختلى بها فى عقله... وللمره الأول يتمعن بذلك الجمال الخفى.... لفتاه ذات جسد ممشوق وشعر طويلا لامع... رغم عزلتها إلا أنها لا تعبر سوى عن الكمال....


وظل يتسائل لماذا لم تحاول أن تثور عليه لإخراج نفسها...لم تحاول ولو لمره فعلهامنذ أصبحا جسدا واحد....


تكلم وهو مازال ينظر إليها وللمره الأوله ليست نظرات محمله بالكره.... 


ساب بصوت يحمل من التعجب ما جعل سابين تصدم من طريقته بالحديث: لما أنتى هكذا ضعيفه لا تحاولين التمسك بذاتك هااا أخبرينى لما....


سابين وهى مازالت على وضعها لا تنظر إليه:أخبرتك سابقا لأننى السبب فى ظهورك...لهذا لا يحق لى التذمر على أفعالك نحوى.... فأنا من إخترت أن تتحكم أنت.... وما تعلمته من طفولتى البائسه أنه يجب على تحمل إختياراتى....


سابين&ساب


❈-❈-❈


حين خرج إستيفان من غرفة مكتبه.... أمر أحد الحرس بالذهاب إلى بناء الحدادين.... ويرى سير الأعمال وإن وجد أحدهما متكاسل لا يعمل أو ذهب دون إذن.... يأتى له بأسمائهم على الفور... كما لا يسمح بغير الحارس أن يجلب له هذه القائمه .....وإن إعترض أحد على هذا يخبره أن هذه أوامر الملك....


وبالفعل إنصرف الحارس على عجله من أمره.... وذهب لبناء الحدادين لتنفيذ أوامر الملك... ولكن قبل دلوفه للداخل تذكر أن قائمه أسماء العمال ليست بحوزته...بل بحوزت السيد ديفيد فهو المشرف علي هذا العمل....


لم يعلم ماذا يفعل أيذهب للملك لأخباره أن القائمه بحوزت السيد ديفيد وأنه قد يخبره بإنهاء هذا العمل...ولكنه تذكر أوامر الملك لهذا قرر الذهاب للسيد ديفيد وطلب القائمه منه...كما أن فكره الذهاب للسيد ديفيد أفضل بكثير من الذهاب للملك...


عاد أدراجه إلى مكتب الملك... لأن السيد ديفيد مازال هناك منذ الإعصار الذى سببه الملك منذ قليل...


وصل أمام الباب وطرقه منتظر الإذن بالدلوف....وبالفعل لم يمر الوقت وسمح له بالدخول....


الحارس بإحترام محنى الرأس وموجه كلامه للسيد ديفيد: سيدى لقد أمرنى الملك بالنظر إلى قائمه العالمين فى بناء الحداده...وإعلامه بما يحدث هناك من أعمال وإن حدث و تكاسل أحدهم بالعمل أو تغيب....لهذا إن سمحت سيدى أن تعطينى القائمه لأن الملك بإنتظارى...


حين إنتهى الحارس من كلامه... نظر ثلاثتهم لبعضهم البعض.... وكأن كلام الحارس الأن  يؤكد لهم ما قالوه منذ لحظات...


نهض ديفيد وهو يقول بهدواء: إذهب أنت وأنا سأقوم بإحصائهم وإعطاء التقرير للملك....


ولكن لم يذهب الحارس ونظر ل ديفيد وهو يبتلع ما بجوفه...وقال بخوف من رد فعل السيد ديفيد بعد سماع ما سيقوله :إن هذه هى أوامر الملك... كما أن سموه أمرنى أن أجلبها أنا له  ....


هنا إتسعت حدقتى ديفيد... وقام ماكس بهز رأسه على تلك المهزله....وكاد ديفيد يرد على الحارس... ولكن لفت نظرهم صوت ضحكات ألفين وهو يضرب كفا بكف...


مما أدى إلى إلتفات الأنظار له... صمت عن الضحك وقال للحارس بهدوأ:حسنا أيهاالحارس أنتظر أنت بالخارج والسيد ديفيد سيوافيك فى الحال... وبالفعل خرج الحارس منتظر خارجا.... وهو يلعن حظه لهذه الصدفه.... التى جعلت أنظار الملك تختاره دون غيره من الحرس لهذه المهمه.... كما يتمنى للمره الألف أن يمر هذا اليوم سريعا وبسلام...حتى يعود لبيته وأسرته....


حين خرج الحارس قال ماكس بإستهزاء: لم ينتظر لبعض الوقت حتى يقوم بهكذا أفعال....أنا لا أصدق ما يحدث... نظر ل ديفيد وألفين وهو يكمل... ماذا سنفعل الأن!!! وماذا سيحدث إذا كان هذا الصبى قد رحل وهذا ما أتوقعه...فليس هناك من يتم كسر قدامه ويكمل عمله وكأن شئ لم يحدث...


هنا لعن ديفيد بصوت مرتفع ووقعوا بصمت كئيب... لا يدركون ماذا سيفعلون لإبعاد هذا الفتى عن براثين صديقهم...


إلا أن تحدث ألفين بعد تفكير:حسنا أولا لنفعل كل ما يريد هو فنحن لا نريد إغضابه.... كما لا نريده أن يفكر بترويض الفتى... لأنه إذا عاندا أمامه هو من سيخسر..... قالها وهو ينظر لهم بتأكيد...فهز كلاهما رأسه على موافقته على ما قال....


فأكمل ألفين وهو ينظر أمامه بتركيز: ثانيا لا ننكر أن هذا الفتى ملفت للأنظار بتصرفاته التى لا تتوقع وجرأته الغير محدوده.... وإذا نظرنا جيدا فقد لفت إنتباهنا جميعا ولكن بدرجات متفاوته... مثلا أنت ديفيد فقد لفت نظرك له من سلاطه لسانه معك..... بأول لقاء وخاصه حين أدرك أنك من أصحاب الطبقات النبيله كما قلت.... أليس كذلك!! 


كما أنه أثار إستيائك ودهشتك ماكس جراء ما فعله  بالمكتب هذا اليوم.... كما أننى أحببت معرفه القليل عنه وخاصه حين تحدث مع إستيفان بتلك الطريقه يوم أمس..... لهذا يجب أن نحاول أن نرى الصبى بعينى إستيفان... حتى نتوقع أفعال إستيفان تجاه...


ثالثا والأهم يجب أن نجعل هذا الصبى يتعلم كيف يتحدث مع إستيفان.... وخاصه عدم الظهور أمامه كمنافس له... وجرائته بالتحديق بعيناه بتحدى.....فأنتم تعلمون أن أكثر ما يكره أن ينظر له أحدهم بعيناه...


قال ألفين مكملا وهو ينظر بإتجاه أصدقائه : ثم أن هناك سبب أظن أنه السبب الرئيسى وراء إهتمام إستيفان بهذا الفتى دون غيره...


إرتفع حاجب ماكس وقال بإستهزاء: وما هو هذا السبب أيها الذكى...


لم يرد ألفين على حديث ماكس وإنما أكمل بجديه....

منذ متى ونحن أصدقاء لهذا البارد الغبى!!؟..


هنا كان الدور على ديفيد فقام برفع إحدى حاجبيه... دليل على عدم قبول سؤال ألفين... الذى لا يراه سوى سؤال غبى فى غير محله الأن: ألا تعلم الإجابه حقا!!!.. 


إبتسم ألفين حين أدرك أنه لن يجبه أحد وقال:حسنا ألا نعرفه منذ نعومه أظافره.. 

إذا ف اليخبرنى أحدكم... هل رأيتم كل هذا الكم من المشاعر والإهتمام الظاهره على وجه إستيفان... منذ ذلك اليوم اللعين......ثم ألا تتذكرون كيف كان لا يستطيع إخفاء هذا الإهتمام بغضبه المعتاد حين كان وتقف أمامكم منذ قليل... إذا فاليخبرنى أحدكم هل رأيتموا هكذا منذ زمن بعيد؟!...


صمت كلاهما وقد إقتنعو بما قاله ألفين... إلا أن سأل ماكس:ولكن ما الذى نستطيع أن نفعله من أجله...


قال ألفين:نحن رأيناه بكل حالته بروده وغضبه وإستيائه وعناده إلا تلك... لم نراه يهتم لأحدهم  من قبل.... حتى نحن أصدقائه المقربون لا يظهر إهتمامه لنا إلا على شكل توبيخ أو مزاح...

ثم أكمل أرى أن إهتمامه بالفتى مبالغ لأنه يذكره بنفسه... ولكن الفتى لا يساعده بهذا بل يجعله يخرج أسوء ما فيه...لهذا يجب أن نستغل هذه الفرصه لمحاوله إصلاح حياة هذا البارد المتعجرف...وحمايه هذا الفتى من بطشه حين يغضبه....


فقال ماكس بتفكير: ولكن كيف سنفعل هذا.... ف إستيفان يغرقنا بالأعمال طوال اليوم متى سنستطيع أن نفعل كل هذا...


فقال ديفيد بحماس:وجدتها.. نتناوب فيما بيننا ونقوم بتقسيم اليوم حسب جدول أعمال كلا منا...ما رايكم؟!..


أوما كلا من ألفين وماكس بالموافقه على كلام ديفيد... فهذا هو الحل الوحيد المتاح أمامهم...


خرج ديفيد وتبعه كلا من ألفين وماكس ليذهبا لأعمالهم المتراكمه..... أخبر ديفيد الحارس أن يتبعه حتى يعطيه ما يريد..وبالفعل ذهب ديفيد لمكتبه لجلب قائمه بأسماء العاملين...فهو يعلم السبب جيداا وراء عدم إرسال إستيفان له وإرسال الحارس مكانه...حتى لا يقوم بالكذب عليه بشأن الفتى...


أمر ديفيد الحارس بأن يتبعه وحين وصلوا أمام بوابه الدخول... رأى شئ جعله يتوقف مكانه حتى أن الحارس إصطدم به من الخلف لتوقفه المفاجأ....


عاد الحارس خطوه للخلف...يمسح على وجهه من الإصدام... وكان ديفيد مازال يقف كتمثال رخامى من شده صدمته...


خرج من سكونه حين قال الحارس بتعجب: هل أنت بخير سيدى؟!..


إستدار ديفيد للحارس ولعن داخله وهو يغمض عيناه وزفر الهواء من رئته..... وهو يحاول أن يستوع عقله ما رأه الأن... ثم نظر للحارس وقال بصرامه:لحظه وأجدك أمامى... ومعك كلا من السيد ألفين والسيد ماكس أفهمت....


أوما الحارس براسه... ثم أسرع بخطاه لتنفيذ أمر سيده...وهو مازال يلعن حظه الذى أوقعه بتلك المهمه...


لم يمر الكثير من الوقت وحضر ماكس وألفين.... متعجيب من إرسال ديفيد لهم.... وهم قد كانوا معا منذ لحظات ما الذى حدث يا ترى ليطلبهم هكذا على وجه السرعه...


كان ديفيد مازال واقفا  بجوار الباب بمكان غير مرأى للكثيرون....و مازال على وضعه ينظر أمامه لهذا الفتى .. وهو يرى أن هذا الفتى سيتعبهم كثيرا بالمستقبل...


شعر بقدوم أصدقائه فإلتفت لهم... فكاد ماكس يسأله ماذا يحدث... إلا أن ديفيد أشار لإتجاه ما برأسه ويقول بتعجب ظهر وأضحا على صوته:أنظروا هناك...


وبالفعل نظر كلاهما مكان ما أشار ديفيد... إتسعت عينى ماكس مما يرى كما حدث ل ديفيد منذ قليلا...  وألفين كالعاده لا يظهر على وجهه أى مشاعر سوى إبتسامه هازئه مما يفعله هذا الفتى بنفسه....


حيث كان ساب يظهر على وجهه التعب والإرهاق... ولكن رغم هذا يعمل بسلاله.... وكأنه ليس مصاب بكسر عميق بإحدى قدميه....كما أنه يحمل قطع المعادن ويضعها بالموقد رغم ثقلها...ولكن إذا نظرت له جيدا لوجدته يعرج بخفه حتى لا يضغط على قدمه المصابه...


كما أن أمامه الكثير من السيوف... التى صنعت من المعدن الذى جلبه إستيفان صباح اليوم...وهذا يدل على أنه قام بصنعها جميعا اليوم...


هذا الفتى لا يصدق... كما كان كامل تركيزه على القطعه التى بيده وكأنه يهرب من ألمه بعمله...


قال ديفيد بحزم:يجب أن نوقف هذا المجنون وإلا أصبحت إصابه قدمه بالغه الخطوره...وكاد  يتحرك إتجاه...إلا أن يد ألفين أوقفته وهو مازال ينظر ل هذا الفتى بإبتسامه...


ألفين بهدوأ: قم بعمل ما جئته من أجله ديفيد... ولا تتدخل بلعبه القدر هذه... ونظر له نظره ذات مغزى...


أوما له ديفيد وقام بإخراج قائمته.... ونادى على الحارس الذى كان يقف على مسافه منهم.... وأعطاه القائمه وبالفعل قام الحارس بعمله.... وإحصاء الجميع ووجد أنه لا يوجد أحد متكاسل أو غائب عن العمل....


عاد الحارس لهم وقال بإحترام:سيدى بعد إنتهاء الملك من قرائه القائمه...سأجلبها لك بالمكتب الخاص بك...أوما له ديفيد بالموافقه...


كاد الحارس أن يرحل إلى أن أوقفه ألفين بسؤاله.... والذى جعل الحارس يتوقف مكانه... وألفين ينظر له بهدوأ... ومن يسمعه يظنه سؤال خرج منه عفويا:ولكن برأيك من تظن أنه يقوم بعمله على أكمل وجه أيها الحارس... ألا تتوقع أن يسألك الملك هذا السؤال؟!..


كان الحارس يقف وينظر إلى ألفين بغرابه من سؤاله فقال بإحترام:ولكن أنا لست سوى حارس فقط... فمن أنا ليسألنى الملك هذا السؤال؟!...


أجابه ألفين بسلاسه: إذا لماذا إختارك أنت دون غيرك لتلك المهمه... لا تقلل من شأن نفسك أيها الحارس...


إبتلع الحارس الضعيف ما بجوفه.... فهو أدرك أن من الممكن أن يسأله الملك هكذا سؤال... وهو لا يستطيع أن يخبره بعدم معرفته للأمر...


كما أنه ليس لديه المقدره على مواجهة غضب الملك....فإلتفت عائد ينظر للحدادين ليرى أفضلهم... ف لفت نظره الفتى الذى بالمقدمه...والذى يعمل بجد رغم رؤيه التعب الظاهر على وجهه...إلا أنه أكثرهم إنتاج للسيوف...كما أنه رأه يعمل من الصباح الباكر ولم يرتح إلى الأن...


خلال هذا نظر ألفين بإبتسامه متسعه... لظهر الحارس وهو يرى نظره ثابت على الفتى كما أرد هو....


إختفت إيتسامه ألفين حين إستدار الحارس بإبتسامه وقد وجد ما أرد بسهوله... 


أدى الحارس التحيه ورحل ذاهبا للملك الذى ينتظر الأخبار منه...ويتمنى ألا يكون قد تأخر عليه فهو يعلم كم يكره الملك التأخير....


بعد ذهاب الحارس نظر ماكس لألفين وقال: لما فعلت هذا أتعلم أن بما فعلته الأن...لا نعلم ما هو رد فعل إستيفان على ما سيسمعه من هذا الحارس... والذى أشفق عليه وأتمنى أن يعود سالما إلى أهله اليوم...


ثم أكمل ماكس بتفكير وهو ينظر ل ساب: ولكن ألا تظنون أن بقائه للعمل إلى الأن... رغم الكسر الذى بساقه جعله يخشى من إستيفان كالأخرين...وظل ليكمل عمله.... وإلا لما ظل مكانه بل كان ليرحل ليظهر تمرده وأنه لا يهتم بشئ...كما أننى  متيقن أن إستيفان قد قام بإرسال رسالته بوضوح للفتى....


فقال ألفين بإبتسامه:وأنت ديفيد ما رأيك بحديث ماكس هل تتفق معه!!...


فقال ديفيد بثقه:لا أظنه من ذلك النوع الذى تحدث عنه ماكس...فهو ذو شخصيه قويه يثبت ذاته رغم صغر سنه...


قال ألفين وهو مازال ينظر للفتى: أجل ديفيد أنت على حق كما أنه ليس من النوع الإنقيادى..... قبل أن تتكلم ماكس أنا رأيت نظرته ل إستيفان حين أمره بأن يتبعه...كان كارها للأوامر التى تلقاها من إستيفان... ولكنه حاول الهدوأ حين لاحظ وجودى...


وأكمل بثقه:أظن أنه يتحدى إستيفان بما يفعله الأن... ويخبره أن الكسر لم يؤثر به بل ويكمل عمله وكأن شئ لم يحدث... كم أنا متشوق لأرى ما الذى سيفعله إستيفان حين يعلم بما يفعله الفتى الأن...لأننى واثق كل الثقه أنه ظن كما ظننا نحن أن الفتى رحل ليعالج قدمه....


فقال ماكس وهو ينظر حوله: حسنا يكفينا حديث... وهيا فاليعد كل منا إلى رأس عمله.... حتى لا يقتلنا إستيفان بحجه عدم إتمام مهامنا....


وبالفعل إستدار ثلاثتهم ورحلا كلا منهم إلى عمله... 


❈-❈-❈


كانت السماء مائله للون الأوجاونى ف الشمس على وشك الذهاب بعيدا... كما كان الجو المحيط هادى تستمع لصوت مياه النهر المتلاحقه...وصوت الطيور وهى تتنقل من غضن لأخر ب سلاسه على الأشجار الشاهقه المحيطه بالمكان....


كان ليو يضع رأسه براحه وسكينه على قدم أمه الجالسه...والتى تنظر له بإبتسامه كبيره... 


فقد كان اليوم مميز بما للكلمه من معنى...حيث تحدثوا كثيرا... تحدثت ميلسيا عن طفولته وما كان سببه من مشاكل طريفه...كما أخبرها هو عن العم دوغلاس وكيف تعرف على ساب...  وهذا جعلها تضحك حتى البكاء من تصرفات هذا الفتى الذى لم تراه من قبل... كما تعجبت حين أخبارها بعلاقه ساب القويه والمترابطه بالعم دوغلاس.... وأنه يستمع ل كلامه بل ويأخذ برأيه فى أمور عده....


فهى تعرف العم دوغلاس منذ صباها.... فهو من الأشخاص الذين لا يأخذون بأراء الأخرين....لابد أن هذا الفتى مميز ليستمع له العم دوغلاس...


وأخبرها أيضا أنهم أصبحوا أصدقاء مقربون وكم يحب الجلوس معه والإستماع لحديثه.... إبتسمت ميلسيا لأن إبنها بدأ يعود لما كان عليه....وتظن أن الفضل لهذا ال ساب.... والذى لم يكف إبنها العزيز عن التحدث عنه...


لهذا طلبت من ليو أن يعرفها عليه حين عودتهم للقصر...وخاصه حين علمت أنه يعمل مع الحدادين الذين جلبهم الملك للقصر منذ أيام قليله....


ظلوا هكذا طوال اليوم يتحدثون ويضحكون بمرح... على مواقف جمعتهم وأخرى حدثت لهم مع غيرهم.... ولكن اللحظات الجميله لا تدوم.... لم يشعر كلاهم بكل هذا السلام الداخلى منذ زمن... كما لم يشعروا بمرور الوقت.... إلا عندما بدأ الليل يحتل السماء باللون الرمادى الباهت.... وظهر القمر ينير السماء بقوه...


أدرك ليو أن هذا هو وقت مصارحتها بالحقيقه...وكم كان يتمنى أن ينتهى اليوم كبدايته...ولكن ليس كل ما يتمناه المراء يدركه... وخاصه بعد إخبار أمه الحقيقه... لا يعرف كيف ستتقبل كلامه... كم يتمنى ألا يخبرها ولكن إن لم يفعل اليوم سيقتل على يد إبن خالته العزيز...


ميلسيا بإبتسامه حنونه وهى تضع يدها على رأسه: كم أتمنى ألا ينتهى هذا اليوم... لم أشعر بتلك السعاده منذ زمن... 


فقال لها ليو بإبتسامه محب: إذا أميرتى تأمر وأنا أنفز.... بالوقت الذى تريدين به الخروج أخبرينى فقد وأنا أقوم بتجهيز كل شئ كما فعلنا اليوم...


إتسعت إبتسامه ميلسيا كفتاة صغيرها أبتسمت لها أمها بحب بعد كره دام عمرا:حقا ليو سنفعلها مجددا...


كم ألمه كلامها ألهذه الدرجه هذه المرأة محطمه....وتنتظر أى شئ ليبهج قلبها حتى وإن كان بسيط ك الخروج لنزهه... كم أنا إبن سيئ لا يستحق أما مثلك....


قام ليو جالسا وهو يمسك يديها بكفه مقبلا إياهم بحب... وهو يؤكد لها أنه سيحاول قدر إستطاعته حتى يجعلها سعيده...ويلبى لها كل ما تريد...


ولكن لينتهى من تلك القصه ثم ليحدث ما يحدث... تنفس ليو بتوتر جعل ميلسيا تنظر له بريبه فقالت بخوف:ماذا بك صغيرى هل أنت بخير؟!...


نظر لها ليو وهو لم يعد يحتمل الكتمان داخله أكثر من ذلك...يريدها أن تعلم أنه يعلم الحقيقه... وأنه نادما على كل دقيقه أضاعه فى الإبتعاد عنها.... 


فقال بتوتر وهو يضم يديها بيده بقوه  ويحاول أن يجمع شتات ذاته حتى يكون ثابتا من  أجله وأجلها: أنا أعلم كل شئ أمى...


إنعقد حاجبى ميلسيا بعدم فهم وسألته:تعلم ماذا ليو أنا لا أفهم شئ....


حاول ليو أخذ أنفاسه وقد إلتمعت عيناه بالدموع... وهو يتذكر كل إهانه صدرت منه إتجاه تلك المرأة التى ضحت بالكثير من أجله....


ليو بصوت متحشر:أعلم ما حدث لك بالماضى...


ظلت أنظار ليو على أمه ليرى فعلها... والتى توقف العالم من حولها ولم تعد تسمع أى شئ... وبدأت عيناها بالإتساع تدريجيا... وإلتمعت الدموع بها وتوقف تنفسها.... وكذلك دقات قلبها توقفت... ثم عاد جسمها بضخ الدم بكامل أعضائه.... فأصبح تنفسها سريع.... وضربات قلبها عاليه.... وترمش بعينها بقوه حتى تبتعد الدموع التى تجمعت بها... حتى ترى إبنها جيدا....وعقلها يحاول ترجمه ما سمعه الأن...كل ما قد حلمت بفعله قد إنتهى للتو...


ثم توصلت أنه قام بالخروج معها اليوم ليودعها ويتركها ويرحل...وحينما توصلت لتلك الفكره...زاد إنهمار دموعها وعلت شهقاتها... كما أصبح جسدها يرتجف....ويخرج منها كلام غير مرتب...وكأنها قد إنفصلت عن الواقع...


ظلت ميسليا تردد بعصبيه مفرطه:ستتركنى ستتركنى كما فعلوا... سأظل وحيده ستتركنى كما تركتنى هى... جميعكم سترحلون وتتركونى....


إنصدم ليو مما يراه لم يكن يدرك أنها ستصل إلى تلك الحاله... حاول أن يهدأها ولكنها لم تسمع منه شئ وكأنها ليست معه.... ظلت هكذا تتكلم بكلام غير مفهوم وهو يضمها لصدره ويبكى خوفا عليها...كما لا يعلم ماذا يفعل حتى يهدأها....فهو أدرك أنها لا تسمع ما يقوله لها...


ولكنه ظل يردد بخوف من خسارتها... وبكاء قوى فحالتها هذه تخيفه فهو لأول مره يراها هكذا: أمى أرجوكى أرجوكى إهدئى... أنا معك ولن أترككى أنا أحبك أرجوكى... لا تتركينى أنتى أرجوكى...


هنا سكن جسدها مره واحده ظن أنها إستمعت له لهذا هدأت... ظل يمسد على ظهره ويحتضنها بقوه ويقول بصوت قوى رغم بكائه:لقد أقسمت أن أحميكى لا تخافى بعد اليوم.... لن أسمح لأحد أن يأذيكى حتى وإن كان أنا....أقسم أننى لن أترككى بل سأظل جوارك حتى مماتى... لم يتلقى منها أى رد كما إنها أصبحت ساكنه لا تتحرك وتنفسها بطيئ... 


فأبعدها عنده قليلا ليرى أهى بخير.. فوجدها غائبه عن الوعى...هنا تسارعت نبضات قلبه وهو يشعر بالخطر... فقام بإبعادها عنه برفق وهو يبكى بصوت مسموع...وقام مسرعا وذهب لفرسه وفك قيده بأيدى مرتعشه وأسرع به نحوها...قام بحملها بسهوله فجسدها ضعيف.... وقام بوضعها على الفرس فأصبحت نائمه عليه...ثم قفز خلفها وقام بجذبها إلى أحضانه...وأمسك لجام الفرس وأسرع للذهاب إلى القصر ليجعل الطبيب يراى ما بها....


وبعد القليل من الوقت الذى مره عليه كدهر... وصل إلى القصر وأمر الحرس بصوت حاد أن يرسلوا إلى طبيب القصر حالا...


وصل بها إلى غرفتها فقام بوضعها برفق... وظل يمسح دموعها العالقه بجفونها...ويردد أسفه وإعتزاره عما فعله...


دخل الطبيب سريعا وكان يحمل معه أدواته الطبيه... ولكن توقف حين أصبح بالقرب منها وتذكر مشهد مشابه لهذا الموقف... وكم يتمنى أن يكون ظنه خطأ وأن ما توصل له عقله من إستنتاج ليس صحيح... فإقترب منها وطلب من ليو الإبتعاد حتى يقوم بعمله...


وبعد أن قام بالكشف عليها ووجد أن كافه أعضائها سليمه... أغمض عيناه بأسف... ثم نظر للفتى الذى ينظر لأمه بخوف....كان يدرك أن هذه المره غير السابقات لها....فمما يراه تيقن أن سبب ما حدث لها هذه المره... أتت من الشخص الذى عاشت من أجله إبنها...


لا يعلم ماذا يخبر الصبى... أيقول له أنه لا يستطيع أن يعالج أمه لأن مرضها ليس جسديا... وإنما بقلبها الذى تحطم لأكثر من مره وأصبح ضعيفا...فلم يعد يتحمل أقل الأحزان..وللأسف كان هو من الشاهدين على حالتها تلك منذ البدايه.....


لا يعلم ماذا يخبره يعلم أنه أول مره يراها هكذا... لهذا هو مفزوع... هل يخبره أن أمه صاحبه قلب ضعيف... وعزيمه أضعف حين تشعر بالخطر... تجبر عقلها عن الإنفصال عن الواقع حتى لا تشعر بألم قلبها... 


كان رجلا كبير بالسن والشيب ظهر عليه ولكن يعطيه وقاره الخاص.... رجل تعلم من الحياة أكثر مما تعلم من كتبه التى لم تكن تفارقه يوما...تعلم أن الحياه قد تكون غير منصفه لبعض البشر... وخاصه إن كانوا أمثال ميلسيا صاحبه العزيمه الهاشه....


قام واقفا ينظر للصبى الذى يرتجف جسده خوفا... وعيناه مائله للإحمرار دليل على كثره بكائه....


إقترب منه وقال بهدوأ يناسبه: لا تخف يا فتى والدتك بخير لم يصيبها شئ... ولكن هى مرهقه وتحتاج بعض الراحه...لهذا يجب أن نتركها لتستريح بعض الوقت....


نظر لها ليو ثم قال له بحزن: إذا لما حدث لها هكذا إن كانت بخير....


قال الحكيم بصوت حنون:لكلا منها طريقته فى البحث عن الراحه... وهذه هى طريقتها فى البحث عن الراحه...تذهب بسبات عميق وحين ترتاح تعود مره أخرى بصحه جيده....


فقال ليو بأمل:إذا متى ستيتيقظ من سباتها؟!..


أجابه الحكيم بذات النبره الحنونه:لا أعلم يا صغيرى ولكن أتمنى أن تستيقظ سريعا...


أوما له ليو وهو يشعر بشئ سيئ وقال: إذا سأظل جوارها لكى ترانى بجوارها حين تستفيق...


أوما له الحكيم وهو يربت على كتفه وقال قبل خروجه:إذاشعرت بأى شئ أرسل لطلبى...


أوما له ليو بالموافقه.... وذهب يجلس بجوار أمه... على الفراش ويمسك يدها يقربها منه فمه ويقبلها.... وعيناه تذرف دموع صامته....


نظر له الحكيم بحزن وقام بإغلاق الغرفه بهدوأ... وذهب مباشرا إلى مكتب الملك...لم يمر الكثير من الوقت أصبح أمام غرفته....


طلب من الحارس أن يخبر الملك أن الحكيم يريده بأمر هام...أذن الملك له بالدخول....


الحكيم بهدوأ: أتعلم أين كنت قبل قدومى إليك أيها الملك العزيز ... 


تعجب الملك من طريقه الحكيم بالحديث فهو عادت لا يتحدث معه هكذا... 


الملك بصوت بارد أصبح جزء منه... مع القليل من الإحترام... لهذا الرجل الذى ساعده كلما إحتاجه: وكيف لى أن أعلم أيها الحكيم... فأنا بغرفتى ولم أخرج منها...


قال الحكيم وقد ظهر عليه الضيق:ميلسيا عادت لحالتها السابقه...لم يحتاج الحكيم أن يفسر حديثه أكثر من هذا...فقد فهم الملك ما أشار إليه....


لهذا وقف إستيفان بحده حتى عاد الكرسى للخلف بقوه  وقال بتعجب:ماذا تقول؟!..كيف هذا لقد كانت مع ليوناردوا فى نزهه...


قال الحكيم بحده:وهذا ما أتسال أنا عنه.... هل أخبرت الصبى بما حدث بالماضى إستفان والتر أوين...ألم أحزرك من فعل هذا سابقا...ولكن أنت كما أنت لم تتغير تأخذ رأيك من رأسك...


حسنا لقد كان يوما شاقا جدا عليه... فعقله مازال مشتت جراء ما سمعه من الحارس حين أتى له بالتقارير التى أرادها حيث كانت عكس توقعه.... وكذلك تلك المذكرات التى وجدها بغرفه مكتبه.... وجسده مازال مرهقا بسبب ما أحدثه من دمار بغرفه مكتبه... ولكن يبدوا أن هذا اليوم لا يريد أن ينتهى على خير...


فقال بحده حتى ظهرت بحته المميزه بوضوح من شده حدته : هى من فعلت ذلك بنفسها حين أمتنعت عن الأتيان بحقها...وإختارت الإنعزال عن العالم رغم أن ما حدث ليس ذنبها...هى من جعلته يشك بها...وأنا وانت ندرك جيدا أنها لن تخبره بما حدث حتى وإن كان أخر يوما بحياتها....


إقترب من الحكيم ووقف أمامه وهو يكمل بغضب إشتعل بعيناه... فأجبر الحكيم على إبعاد بصره عنه... وما لا تعلمه أيها العجوز أنه أرسل من يبحث وينبش عما حدث لها بالماضى وكاد يفلح بهذا...ولكن أنا منعت الرجل من إخباره بشئ....


  ولكن الصبى لم يعد صبى بل أصبح رجل يريد أن يعلم من هو...وعلم أننى من منعت المرسل من أخباره بما يعلم... أتعلم ماذا قال لى حين دخل مكتبى.... أخبرنى أنه يعلم أنها عاهره قالها بصوت يشوبه الغضب والحزن معا.... ميلسيا عاهره وليم أترى سخريه القدر...


إبتعد عنه وقام بإعطاه ظهره وهو يحاول أن يسيطر على صدمته من تلك الأحداث المتلاحقه...ثم أكمل بصوت بارد ك سقيع البرد: أخبرته لأن هذا حقه وليم أخبرته لأننى رأيته مشتت... رجل يريد الخلاص وكان خلاصه وراحته بيدى....لهذا أعطيته إياها ولست نادما على هذا...


عاد لكرسيه وجلس عليه وقام بجذب شعره بيداه بقوه وهو مغمض العينين....وهو لا يعلم ما الذى سيفعله الأن....يعلم أنه السبب فيما حدث ل خالته الحبيبه... ولكنه أرد أن تصلح الأمور بينها وبين إبنها بعد كل هذه الأعوام من العذاب والخوف.... ولكن للمره الأوله بحياته لم تنجح خطته...وهذا أسفر عنه سبات عميق لخالته ولا يعلم متى ستفيق منه...


نظر له الحكيم وقال بهدوأ:ماذا سنفعل الأن؟!.. كما أننى لم أخبر الصبى بحالتها حتى لا يصاب بالذعر...


قال إستيفان ببرود: إذا كنت أنت الحكيم ولا تعلم ماذا سنفعل...سأعلم أنا ماذا سنفعل أتمزح معى أم أنك قد أصبت بالخرف أيها العجوز...أنت هو الحكيم هنا وليم وليس أنا...


قال الحكيم برزانه وكأنه معتاد على طريقه الملك بالحديث : لا لم يصيبنى الخرف بعد... ولكن لابد أن ذاكرتك أنت قد أصيبت بالضعف... فأنت من ساعدتها بالمره الأخيره على الخروج من سباتها... لهذا يجب أن تفكر ماذا ستفعل؟!...ثم تركه وإستدار راحلا ل كتبه للبحث عن شئ قد يساعده بهذه المعضله...


حين خرج الحكيم ظهرت الكثير من المشاعر المتناقضه... على وجه إستيفان وكان أكثرها الحزن والتشتت... والغضب الذى زاد تجاه نفسه منذ الصباح وهو يرتكب الكثير من الحماقات...


قرر أن يذهب الأن إلى ميلسيا ثم يرى ماذا سيفعل تاليا... قام خارجا من غرفته وتوجه لغرفه ميلسيا...


قام بالدخول بدون أن يطرق الباب... وجد ليو ممسك بيدها يقبلها... ويبكى ك طفل صغير تركته أمه بمنتصف الطريق دون وداع...


حين نظر ليو للواقف أمامه ووجده إستفان... ترك يد أمه وأسرع إليه...وإحتضنه وظل يبكى فقام إستيفان بتركه يحتضنه كما يريد.... 


ليو بصوت مجهد:كل هذا حدث بسبب غبائى ليتنى  لم أصر على معرفه الحقيقه...أتمنى أن يعود الزمن للخلف و نظل على شجارنا المستمر ولا تقع بهذا  السبات اللعين... أرجوك إجعلها تستيقظ إستيفان.... إنها تحبك كثيرا وتستمع إليك دائما أرجوك...أرجوك أجلعلها تستفيق.... 


وأقسم لك أننى سأطيعك بكل ماتريد فقط إجلعها تستيقظ... أرجوك أرجوك... لن أسامح نفسى ماحيت على ما حدث لها بسببى...أنا لست سوى وغد حقير يهوى إذاء من يحب...أرجوك أستيفان أجعلها تفيق....أرجوك أرجوك....


قام إستيفان بإمساكه من كتفيه وجعله أمامه... فإقترب منه وإنحنى حتى يصبح فى نفس طول ليو.... حتى لم يعد يفصل بينهم سوى القليل... وقال بحده:أنظر إلى أيها المخنث جيدا... وإستمع إلى كلامى... لأننى لن أكرره مره أخرى....لم يرفع ليو عيناه إليه فرغم حبه الشديد ل إستيفان... إلا أنه يخاف عيناه بشده والتى تسحبك إلى جحيمها الخاص....


فقال إستيفان بحده أكبر:ليوناردوا.... لم يحتاج أن يكرر ندائه.... فقد قام ليو بالإذعان له... ونظر لعينى إستيفان..  بعينين أصابها الإرهاق والتعب والألم من كثره الدموع الذى زرفها....وحين ثبت إستيفان عيناه عليه بتركيز أصاب ليو قشعريه من قوه نظرات الواقف أمامه...فإرتجف جميع جسده...


لاحظ أستيفان إرتجاف ليو إلا أنه قال بقوه وثبات: أتعلم لم أخبرتك بالحقيقه... ليس لأنك أقسمت أنك لن تخرج من مكتبى إلا عندما أخبرك بما حدث... ولا عندما قمت بنعتها بالعاهره... شدد إستيفان على أخر كلمه قالها... دليل على أنه لم ينسى ما قاله ليو يومها...


أغمض ليو عيناه ومعها نزلت الكثير من الدموع....ثم أعاد فتحها... ونظر بإتجاه أمه وهى نائمه لا تحرك ساكنا على فراشها...بنظرات تحمل من الأسف والإعتزار ما يكفى ألف عاما وعاما....


عاد بنظره إلى إستيفان الذى أكمل بنفس ثباته... لم يتأثر بما يراه الأن من إنهيار ليو أمام عيناه:أخبرتك لأننى رأيتك رجل قد تحتمى به إمرأة يوما ما...ورأيت أن أكثر إمرأة تستحق تلك الحمايه هى أمك.... لهذا لا تجعلنى أندم على هذا وكن رجلا لها...لا طفلا يبكى كلما أصابه أمر ما...أفهمت!!..


أوما له ليو وقام بمسح عيناه وإبتعد عن إستيفان بمسافه قدمين....ثم إلتفت إستيفان للفراش الذى يحتوى خالته...وإقترب منها بهدوأ وجلس جوارها...ظل يمسح على وجنتها بهدوأ لبعض الوقت....


ثم إقترب منها... وقال بأذنها: أعلم أنك تسمعينى جيدا لهذا فالتعلمى... حينما تستيقظى سأحرص على تأديبك بيدى ميسليا على أفعالك الصبيانيه هذه...ولن أهتم لكونك خالتى القصير والتى لا يصل طولها لكتفى...ثم قام بتقبيل مقدمه رأسها بقوه وهو مغمض العينين...ثم إبتعد عنها....


كاد يخرج من الغرفه إلا أنه توقف وقال دون أن يستدير: إذا حدث أى شئ أخبرنى أنا بغرفتى لن أنام...كما لا تنسى ما قلته لك...أريدك رجلا يعتمد عليه... فمازالت الحياه ستعطيك دروسا أقسى من هذه بكثير... لهذا يجب أن تكون ندا لها حتى تستطيع الإستمرار بالعيش بها....وخرج مغلقا الباب خلفه بهدوأ....


كان ساب قد إنتهى من عمله...كم أن ألم قدمه أصبح منتشر بأغلب أجزاء جسده...لهذا قرر أن يذهب للحكيم حتى يعطيه دواء يريحه بعض الوقت....كما يرى أن قدمه تحركت مره أخرى من موضعها...


سأل أحد الحرس عن مكان تواجد الحكيم.... فأخبره أن يصعد إلى الطابق الثانى ثم يدخل يسار بيمين ثم سيجدها بأخر الممر....ظل ساب يردد داخله لم هؤلاء القوم يحبون كل هذه المظاهر... أناس مزيفون وأكثرهم تزيف هو ملكم الجليدى....


إستمر بالمشى بهدوأ حتى لا يضغط على قدمه المصابه....إلى أن وقف أمام السلم...  قال بنفسه كم أن صعود السلم مهمه مستحيله بوضعه هذا ولكنه مضطر..... كما يشعر أنه بدأ يفقد الإحساس بقدمه وهذا مؤشر سيئ... فمن الممكن أن يسبب هذا إصابه دائمه لقدمه وكل هذابسبب عناده المريض... صمت وحاول أن يتحامل على نفسه حتى إستطاع صعود السلم بمعجزه...  تنفس بقوه ولكن قرر الإستمرار بالمشى حتى وصل للمكان المنشود... 


حين وصل ساب وجد الباب المنشود.... ف قام بطرق الباب حتى سمع الإذن بالدخول...  فدلف للداخل وهو ينظر لكل هذه الكتب الملقاه أرضا... وهناك عجوزا يمسك بأكثر من خمسه كتب بيديه... ويضعها على منضده أمامه...


نظر وليم للقادم فوجده صبى ذو بنيه ضعيفه ووجه مرهق...ترك كتبه وإقترب منه وقال بتركيز:هل أنت بخير يا صغيرى؟!!...


أجابه ساب بصوت ظهر متعبا بوضوح: لا لست بخير إحدى قدمى مكسوره...وأريد دواء قوى يخفف من حده الألم... حتى أستطيع أن أقوم بفك الأربطه... وردها لمكانها مره أخرى... فقد تحركت من موضعها مره أخرى...


إتسعت عينى وليام لكل ما سمعه...فقال بحده للفتى الذى أمامه:أتمزح معى يا صغير... كيف قمت بردها وحدك دون مساعده... كما أنه من الممكن أن تخطأ وتقوم بفصلها من موضعها..... أجننت أنت!!...


كاد ساب أن يرد عليه إلا أن الحكيم وليم لم يعطه فرصه... بل جزبه بهدوأ وجعله يجلس على أحد الأسره بالغرفه بهدوأ حتى لا يزيد من ألمه.... وأمره بالتسطح عليه وبالفعل نفذ ساب كلامه بمساعده الحكيم ...فهو لم يعد لديه طاقه ليحرك إصبع واحد بجسده.....


ذهب الحكيم سريعا للداخل وجلب معه بعض الأدوات...وعاد جالسا أمامه... وقام بقص الأربطه ومعها ملابسه موضع الكسر...وأبعد قطع المعدن عنه بهدوأ حتى لا تتأذى قدمه أكثر...


ظل ينظر له بتعجب حقا مازال أمامه الكثير ليراه بهذا القصر....كيف قام فتى بسنه فعل هذا... كما وجد أن الصبى ليس بكاذب ف بالفعل من شكل قدمه المائله للون الأسود....وعظم قدمه المنتفخ والذى أصبح بغير موضعه... ليس إلا دليل على تحريكه لها أكثر من مره...


ولكن كيف له أن يفعل هذا فهو يدرك أن ألم كسر القدم لا يطاق... كما أنه أخبره أنها هكذا منذ الصباح فتعجب من قدره هذا الصبى على التحمل....


كان الملك ذاهبا بطريقه لغرفه الحكيم... ليخبره بأمر ما يتمنى أن يفلح فى مساعده  ميلسيا على الإستيقاظ.....


حين وصل أمام الغرفه وجده بابها مفتوح... فتعجب لهذا ف العجوز لا يترك بابه مفتوح...


دلف للداخل وكاد يتحدث... إلا أنه إستمع لصوت الحكيم يتكلم مع أحدهم....فإقترب دون أن يصدر صوت...وحين دلف للداخل أكثر ظهر التعجب عليه... وهو يرى الصبى الذى قام بكسر قدمه نائم على الفراش...ويظهر على وجهه الإرهاق الشديد ويأخذ أنفاسه بصعوبه...


نظر الحكيم وليم للصبى فوجده بين الوعى واللاوعى... فقال حتى يجذب إنتباه فهو لا يريده أن يغيب عن الوعى... فهذا خطر عليه فقد يقع بغيبوبه هو بغنى عنها: كم مره قمت بإعاده قدمك لمكانها أيها الشجاع؟!...


قال ساب وهو ينظر للأعلى ووجه متعرق ويأخذ أنفاسه بصعوبه: قمت بذلك أربع مرات على مدار اليوم... 



هنا إتسعت عينى إستيفان...ثم تجعد ما بين حاجبيه بغضب... هل هو مجنون حتى يترك نفسه كل هذا الوقت بدون علاج.....إذا ما توقعه بعد إستلامه للتقرير كان صحيح....قرر أن يعاقبه على هذا...ولكنه فضل الصمت حتى يقوم وليم بعمله...ثم بعدها له حديث طويل مع هذا الصغير الغبى...


كان صدمه الحكيم أكبر من صدمه الملك... حين علم بعدد المرات التى قام بها الفتى برد قدمه لمكانه...


فقال وليم بثبات وهو يدرك أن الفتى إستهلك كل طاقته ولم يتبق منها الكثير:حسنا أعلم أن الألم لم يعد يحتمل ولكن يا صغيرى أتتزر منك...فأنا لن أستطيع إعطائك مخدر...حتى لا تذهب بغيبوبه...لهذا أريد أن تحاول أن تتحمل لقليل من الوقت... وأعدك أن ترتاح قريبا... 


أوما له ساب وقال بخفوت: حسنا قم بما تراه مناسب....  


كان الملك ينظر بتركيز لما سيفعله وليم... إلا أن نظره تحول فجاء لوجه الصبى.... الناظر للأعلى بألم لا يحاول إخفائه.... بخلاف ما كان يفعله أمامه حين كسر قدمه...


فقال وليم بإبتسامه مشجعه:هذا ما أتوقعه منك أيها الشجاع...وقام من مكانه واقف أمام قدمه...وحرك قدمه بخفه مدروسه وسرعه حتى لا يجعله يتألم أكثر  فأصبحت مكانها....يعلم أن ما فعله مؤلم حتى الهلاك...ولكن هذا أفضل من تجزئته... لأنه لن يتحمل وقد يسقط فاقدا لوعيه وهذا ما لا يريده...


ومع حركته هذه إشتد إحمرار وجه ساب... وهو يعض على شفتاه بقوه حتى يمنع صوته من الخروج... وعيناه تلمع بالكثير من الدموع....وبرزت عروق رقبته بقوه....



وإستدار برأسه بقوه تجاه الباب من شده الألم الذى لم يعد يحتمل.... فتقابلت النظرات إحداهما تحمل ألم لا يطاق... والأخرى تحمل غضب كبير... لم تبتعد نظرات ساب عن الواقف أمامه...وخاصه حين تساقطت دموعه بسخاء أمام المسبب لهذا الألم...  ثم أغلق  عيناه بهدوأ ذاهبا بسبات عميق.....


يتبع