الفصل السابع والعشرون - مملكة الذئاب Black
الفصل السابع والعشرون
أتى الصباح سريعا بنسماته الهادئه.... ومعه ظهرت الشمس على إستحياء لتعلن عن صباح يوما جديد....
كان ساب مازال يكمل عمله.... دون كلل أو تباطأ فقد إعتاد على ذلك..... وليس معنى ذلك أنه لا يشعر بإرهاق والإعياء الشديد بسبب العمل المتواصل...... ولكن كما قالها سابقا...... لقد إعتاد هذا.... إلا أن أصبح لا يشعر بشئ.... لا يشعر بالألم.... بالأرهاق.... لا يشعر بهم سوى عند سكونه.... عندما يتوقف جسده عن الحركه..... ويعطى كامل تركيزه لعقله.... بكل ما فيه من تخبطات.... لهذا يفضل العمل الكثير.... حتى لا يفكر بشئ.....
تنهد وهو ينظر حوله.... فوجد المكان يشع بنور الصباح الذى يساعده على رؤيه ما يفعله جيدا....
لهذا قرر التخلى عن تلك الشموع...لإنتشار الضوء بالمكان..... فقام بإطفائها.....
وتذكر كم كان يحب هذا الوقت من الصباح.... حين يعمل لهذا الوقت والجميع نيام إلا هو...... ثم نظر لخاتمه مبتسما...... وهو يتذكر الفتره التى مكثها
مع دوغلاس..... وظل يعلمه تلك الحرفه حتى أخذها منه بحلوها وقبحها..... فلم يعد يستطيع تغيير تلك العاده.... بل أصبحت جزء من عمله لا يستطيع التخلى عنها....
نظر لعدد الأسلحه التى قام بصنعها.... وتنفس بهدوء فقد أنهى ما يقارب ال العشرون سيف.... وهذا أمر جيدا..... مقارنه مع ما قام بصنعه خلال الشهر المنصرم....والذى لم يعمل به سوى أياما قليله.. وأوقات متقطعه......
كما لم ينسى جورج الذى من المؤكد يتسأل عن عدم وصول أموال الشهر المنصرم إلى الأن.... ولو كان يستطيع القدوم إلى هنا وأخذ المال بالقوه..... كما يفعل مع الأخرين لفعلها وأتى...... ولكن ما يوقفه أن الشخص الذى أعمل لديه هو الملك..... لهذا هو صامت إلى الأن......
كما كان يجب أن يحاول تعويض ما فاته الشهر المنصرم.... حتى يستطيع توفير أكبر قدر من المال من أجل أمه وأخواته......
ونظرا لما يصنعه شركائه بالعمل هنا باليوم الواحد من خمس إلى سبعه أسلحه حاده.... مع دراع أو إثنين....فهو قد أنجز خلال هذه الفتره القصيره....
لهذا قرر التوقف عن العمل...فهذه الكميه تكفى ليوما واحد....
بعد إنتهائه من إخماد نيران موقده... قام بتنظيف مكانه.... وإعاده كل شئ محله... ثم ذهب بإتجاه ديفيد وصغيرته الساقطين بنوما عميق.... وإقترب
من ديفيد وقام بهزه ليستفيق بهدوء حتى لا يوقظ الصغيره..... ليخبره بما يريد ويرحل قبل إستيقاظها... لأنه لو حدث وإستيقظت لن يستطيع الإفلات منها بسهوله......
وبالفعل إستيقظ ديفيد.... الذى وجد ساب أمامه ويتحدث بصوت هامس... وهو يشير للصغيره التى تقبع بأحضانه.....
ساب بصوت منخفض حتى لا تستيقظ الصغيره: سأطلب منك شيئا ما سيد ديفيد.... وأتمنى ألا ترفض فأنا ليس لدى أحد هنا غيرك....
فرمش ديفيد بعيناه لتتوضح له الرؤيه.... ثم سأله بصوت متعجبا به بحه من أثر نومه..... وهو يحاول أن يستفيق... ليفهم ما يقوله ساب: ماذا هناك ساب؟!.... هل حدث شئ؟!....
فأجابه ساب بالنفى قائلا: لا لم يحدث شئ؟!... ولكن يجب على الذهاب الأن.... فهناك صديقا قد أرسل إلى أحدهم قبل قليل.... ليخبرنى أنه يحتاجنى لأمر ضرورى..... لا يحتمل التأخير.... وأنا لا أستطيع الرفض... لأنه قدم لى الكثير من المساعدات بأوقات كثيره..... لهذا لم أستطع الرفض..... كما لا أستيطع أخذ ليلى معى...... لهذا أطلب منك أن تعيدها أنت للمنزل..... فهى تخشى منك لهذا ستستمع إلى ما تقوله....
ولو كنت أضمن سلامتها مع أحد الحرس.... لبعثتها معه ولكنى أعرفها جيدا قد تراوغ ثم تتركه وتهرب....
إرتفع حاجب ديفيد حين قال ساب أن الصغيره تخشى منه....ف لو رأى تبجحها معه أمس لما قال هذا الحديث..... وكاد يرفض هذا.... وهذا ما شعر به ساب.....
فقال ساب مسرعا: كما لا أستطيع إستئمان أحد غيرك عليها..... كما أقسم أنه لو لم يكن الأمر جدى لأخذتها معى.... ولكن لا أستطيع....أرجوك سيد ديفيد...
تنهد ديفيد وقد شعر أن الأمر جدى.... ولولا هذا ما ترجاه ساب..... فهو يعلم من المده القصيره التى تواجدوا بها معا.... أن ساب شخص لا يرجوا أحد....
فقال ديفيد بهدوء : حسنا ولكن سأخذ منك مقابل هذا المعروف..... ولكن ليس الأن.... أومأ له ساب مبتسما وهو يشكره ثم تركه راحلا...قبل إستيقاظ ليلى....
خرج ساب من البناء.... وقد كان المكان بالخارج فارغ سوى من بعض الحرس..... الذين يقومون بحمايه القصر....... ظن أن الوقت مازال مبكرا..... ومن المؤكد أن الملك مازال ساقطا بسباته..... لهذا قرر الذهاب لرؤيه صديق..... ثم الذهاب إلى مكتبه لمعرفه وقت مغادرتهم القصر....
وصل ساب أمام الإسطبل.... ولكنه قرر الإلتفات من الخلف حتى إذا حدث وكان أحدهم بالدخل لا يراه.... وصل للمكان المنشود..... وظل يبحث بأنظاره عن جرومز إلى أن وجده جالسا بركن ما.... فتقدم منه دون ملاحظت الملك الجالس بزاويه مغطاه لا يصل لها النور..... فلم يراه ساب....
إقترب ساب من جرومز إلى أن وقف أمامه وهو يضع يده بأريحيه على فرائه يدلكه له.... وهو يبتسم قائلا: كيف حالك جرومز أم أقول كيشان؟!.... زمجر الذئب بهدوء وعينان ناعسه مرهقه..... وكأن أحدهم قد قام بإيقاظه من نومه المريح..... كما لاحظ إرتخاء عضلات جسده تحت تمسيده لجسده....
فإبتسم ساب بإتساع وإستخدم كلتا يديه فى تدليك جسده.... فزمجر جرومز براحه لفعله...... وقام بالإقتراب منه بشده فإضطر ساب للجلوس أرضا أمامه..... فأصبح ظهره للملك الجالس يشاهد ما يحدث بهدوء...... دون إصدار أى صوت.....
كما تعالت ضحكات ساب وإرتفعت مما يفعله جرومز.... الذى بدأ بغرس رأسه بعنق ساب والذى إتضح أنه يتحسس منه بشده.... وعندما إستمع الملك لصوت ضحكات الصبى..... إرتفع حاجبه لصوت ضحكاته التى لا تدل على أنها ضحكات لرجل بالغ.....
ولكن هذا الشئ لم يثير الشك بداخله ولأول مره.... حيث برر هذا لأن الصبى مازال صغير.... كما أن بنيه جسده ضعيفه.....
كما أن هناك ما يدل على رجولته.... وهو عمله الجيد إلا أنه لم يرى غير هذا إلى الأن.... ولكن صوت ضحكات الصبى... جعل قلبه يرتعش سرورا عندما إستمع لها...... فإرتسمت إبتسامه هادئه على شفتاه....
وعند ساب الذى يحتضن جرومز الأن...... حتى لا يقترب من عنقه قائلا: حسنا أخبرنى ما الذى أزعجك... حتى تستيقظ بهذا الوقت من الصباح الباكر....
فزمجر لها جرومز بحزن..... وكأن هناك قوه أكبر منه أجبرته على هذا..... وبالفعل فهم ساب ما صدر من صديقه.... فسأله بتفكير: أهو حلما مزعج أم أن أحدهم قام بمدايقتك؟!....
وقبل أن يرد عليها جرومز مزمجرا كما يفعل..... ويترجم هو هذه الزمجره..... أكمل هو.... ولكن أظنه الإحتمال الأول..... لأنه مما رأيت أن الجميع هناك يخاف منك..... لهذا لا أظن أن أحدهم قد يحاول الإقتراب منك ولو على بعد عشر أمتار.....
وصمت منتظر إجابه جرومز... ولكن ما جعل الدهشه تعتلى وجهه أن جرومز إبتعد عنه مزمجرا بحزن..... وكأنه يخبره أنه ليس بهذا السوء الذى قاله عنه.....
فقال ساب مسرعا بإعتذار حين لاحظ إبتعد جرومز عنه.... وهو يقترب منه مجددا محتضنا إياه: أعتذر يا صديقى فمن المؤكد أن لديك أنت أيضا شخصا ما يعكر صفو أيامك.... كما يحدث معى ويجعلك لا تنام أمرا كما فعل هو معى.....
فإرتفع حاجب الملك حين علم من المقصود بهذا الحديث.... ولكن إرتفع حاجب الملك أكثر حين زمجر ذئبه موافق على حديث الصبى.... ولكن الملك مازال صامتا لا يتحدث أو يصدر صوتا.....
فتنهد ساب مكملا: فمثلا أنا يوجد من يثير غضبى بكل مره أراه..... وللأسف هو شخص أنت تعرفه جيدا....كما أن منصبه لا يسمح لى بقول ما أريد قوله..... وصدقا لا أعرف كيف تحبه أنت؟!....
ولكن أنا لا أراه سوى شخصا متعجرف.... ومتسلط يحب التحكم بكل شئ..... وكتله كبيره من البرود والغضب والحده معا..... وظل يكمل وقد شعر بالغضب يعود له مره أخرى.... فأرد وصفه بدقه شديده..... وهو يتذكر ملامحه حتى يكون وصفه
أكثر دقه..... والمثير للغضب أكثر هو حبه لإفراغ غضبه بك وحدك....فيقوم بترك الجميع ويبحث عنك ليعاقبك على شئ لم تفعله....وكأن ما يفعله من إثاره أعصابى يريح أعصابه هو.....
وليس هذا فقط بل هناك الكثير والكثير... فعندما ينظر إليك بتلك العينان..... وكأنه سيقوم بإلتهامك إن أطلت النظر إليها.... وكأنها محرمه على الجميع..... وليس هذا فقط بل يملك ذلك الحاجب اللعين الذى كلما رأى شيئا لا يعجبه يرتفع وحده..... إعتراضا على ما يراه......
أأخبرك أمرا أنا أظن أنه يعلم بعلاقتى بك.... بل متأكد من ذلك فنظراته يوم إلتقينا أنا وأنت بالساحه.... تدل على عدم تفاجئه بما يحدث.... بل كانت نظره مستمتعه..... وصدقا لقد تعجبت من هذا.... ف أنا كنت أظن أن هذا الجبل الجليدى لا يشعر كما نشعر نحن البشر......
كاد الملك أن يقوم بالرد عليه حتى يعلم الصبى بوجوده... إلا أنه توقف عن هذا....يريد أن يعلم أكثر عما يفكر به الصبى... الذى كان ومازال لغز بالنسبه له.... يريد معرفه مكنونه.....
توقف ساب عن الحديث.... وهو يراجع تصرفات جرومز معه منذ دخوله.... فنظر ساب بتركيز للذئب الذى يضع رأسه على قدمه ويظهر الإعياء الشديد.... فهو لا على ما يرام.... فرمش بعيناه بقوه.... وقال بتشتت وحزن ظهر جليا بصوته وهو يتفحصه : أعتذر منك على كثره أحاديثى التى ليست لها معنى.... وأنت بتلك الحاله المتعبه....صدقا أعتذر أننى لم أنتبه لما يحدث معك.... وظل ينظر أمامه بتفكير بعد فحصه..... وهو يقول... كما لا أعلم إن كان يوجد ما أريد من أعشاب لدى الحكيم لأصنع لك دواء من أجل تلك الحمى....
لم يضع وقت فقام بوضع رأسه أرضا بهدوء.... ثم هرول لمعمل الحكيم.... وهو يتمنى أن يجد ما يريد.... فهو يتذكر جيدا ما قرئه عن تلك الحمى.... التى تصيب عده أنواع من الحيوانات.... وكان منها الذئاب... والتى قد تسبب الوفاة.... إذا لم يتلقى المساعده الفوريه....كما أنه قام بصنع دواء من بعض الأعشاب... التى يظن أنها تخفف من تلك الحمى..... وقد نجحت الأعشاب التى أعدتها مسبقا... على كلبا كان يملك ذات الحمى....
وصل ساب لمعمل الحكيم وقام بطرقه بالبدايه ولكن لم يجب أحد عليه.... وكما توقع لم يكن الحكيم بالداخل.... كما كان الباب مغلق أيضا... وكان يعلم بهذا مسبقا..... لهذا قام بإخراج قطعه رفيعه من الحديد وقام بوضعها بقفل الباب.... وظل يحركها إلا أن فتح الباب.... فإبتسام لنجاحه بهذا..... فمنذ أن تم حبسه بهذا المعمل.... وخروج منه وهو يضع تلك الحديده معه.... حتى إذا تم حبسه بمكان ما بعد هذا...يستطيع الخروج منه بسهوله....
دلف ساب للدخل وهو يغلق الباب خلفه.... ثم ظل يبحث عما يريد.... فهو يتذكر خلال الشهر المنصرم الذى مكثه هنا.... ظل الحكيم يخبره عن أعماله.... وعن الأعشاب التى يقوم بإستخدامها للعلاج... وكيف يقوم بترتيبها بالرفوف.....
لذلك كان بحثه عما يريد سهلا... وبالفعل بعد القليل من الوقت وجد ما يريد.... أخذهم وظل يطحن به على عجله من أمره.... إلى أن إنتهى فقام بإعاده كل شئ مكانه سريعا.... وأخذ العلاج ليعود سريعا لجرومز....
وخلال ما يقوم به ساب.... إقترب إستيفان لذئبه وقام بتمسيد جسده... فشعر أن الحمى.... مازالت كما هى لم تنخفض..... فتذكر ما حدث منذ بضع ساعات...
فهو لم يذق طعم النوم منذ أمس... فعندما أنتهى من كافه الأعمال التى أمامه..... حتى لا تتوقف الأعمال بذهابه.... والتى لم ينتهى منها سوى عند الثالثه صباحا....
فقرر عدم الذهاب لفراشه ليستريح لبعض الوقت..... بل قام بتغير ملابسه..... وإتجه ل كيشان للإطمئنان عليه قبل سفره.... وحين ذهب وجد معالم التعب تنهال من نظرات ذئبه..... فعلم أنه مريض فإمتعض وجهه..... وفكر ما الذى كان سيحدث لو لم يأتى ليراه... عن طريق الصدفه.....
لابد أن يقوم بوضع بعض الحراس لتفقده دائما... ولكن من الذى سيوافق على هذا.... ف كيشان لا يحب تواجد أحد بجواره.... وقد يقتل من أمامه إذا قام بمدايقته عن طريق الخطأ.... فتنهد لهذا... ولكنه سيجد حلا لهذا.... ولكن حين يعود....
وإطمئن حين علم أدرك ما أصيب صغيره... فهو قد إعتاد على ذلك الأمر.... ف كيشان يصاب بالتعب والإرهاق الشديد..... بسبب تلك الحمى التى كانت تصيبه بصغره ولكن الحكيم أعطاه دواء فعالا لها..... لهذا ذهب لغرفته سريعا وجلبه.... فهو يحتفظ به فى غرفته لأجل هذه الأيام..... إقترب منه وهو يرى كم الألم المرتسم على وجهه صغيره.... الذى ينظر له الأن ويصدر أنين متعب.... يخبره بما يشعر من إرهاق....
وبالفعل أعطاه إستيفان الدواء ثم إبتعد عنه قليلا ليستريح ذئبه..... وقام بالجلوس بزاويه مستندا على الحائط الذى خلفه.... وهو يراقب حاله كيشان وبالفعل بمرور الوقت بدأ كيشان يأخذ أنفاسه بإنتظام..... ولكن مازال الإرهاق ظاهر جليا على ملامحه....فشعر أن الجرعه التى أخذها صغيره لم تكن كافيه...لأن مظاهر التعب مازالت باديه على وجهه....
وكاد إستيفان أن يذهب لتفقد جسد صغيره وهل ذهبت الحمى أم لا.... إلا أنه توقف حين وجد
الصبى أمام ذئبه....وظن أنه أصبح بخير حين ظل يزمجر للصبى بين أحاديثه...إلا أنه كان مخطأ....
تنهد إستيفان وهو يقول بحزن ظهر جليا بصوته وحاجبين معقودين: لايجب أن يصيبك هذا وأنت معى.... أعتذر عن إهمالى الشديد لك...... كما أعلم أننى تسببت لك بالكثير من الحرمان....حتى أننى حرمتك من أقل حقوقك.... سامحنى يا صغيرى على تملكى الشديد تجاهك.....ولكنك تعلم أنك أغلى ما أملك بتلك الحياة...
أصدر ذئبه زمجره حزينه.... وكأنه يخبره لا تقلق أنا بخير.... إلا أن إستيفان جلس أرضا.... وقام بإحتضانه بقوه يبث له بعض الأمان....
دخل ساب مسرعا حتى يسعف جرومز...فوجد الملك جالسا أرضا وهو يحتضن جسد صديقه بقوه...
فحمحم ساب بقوة حتى يلاحظ الملك وجوده...
وبالفعل نظر له الملك.... ومازال حاجبيه معقودين
فتحدث ساب سريعا وهو لا يضيع فرصه ويجلس بجوار الملك.... قائلا له: يجب أن نعالجه سريعا..... حتى لا ترتفع الحمى وعندها قد يصاب بالأذى.....
وكاد ساب يأخذ العلاج ليعطيه ل جرومز... إلا أن وجد يد الملك تمسك بيديه بقوة.... وهو يقول بحده: إذا حدث له مكروه بسبب دوائك.... لن أكتفى سوى ب قتل عائلتلك وكل من تحب أمام عينيك.... أفهمت....
لم يؤلم ساب قبضه الملك الحديده على يده... بل غصب بسبب تهديده له بعائلته..... ورغم هذا راعى شعوره..... فقد ظهر عليه معالم الحزن..... بسبب ما
أصاب جرومز..... لهذا لم يعلق.... وحاول إفلات يده من قبضته.... إلا أنه لم يستطع....
ف نظر له بثبات وقال: إترك يدى حتى أقوم بعملى... فترك الملك يده..... ولكن مازالت نظراته مثبته عليه... فقام ساب بأخذ جزء من الأعشاب التى قام بخلطها.... وفردها على يديه الإثنين...ثم قام بوضعها على أجزاء معينه من جسد جرومز.... وقام بتحريك يديه عليها بهدوء يدلكها..... حتى تصل للمكان المطلوب..... فالذئاب معرفه بجلدها السميك.... لهذا إختار ساب الأماكن التى يكون بها الجلد أقل سماكه حتى يكون مفعولها أسرع....
كما ظل ساب يدلك فراء الذئب لبعض الوقت...إلى أن أصدر همهمه دليل على إستراخائه وإستمتاعه بما يفعله ساب....فإبتسم ساب لهذا.....
كما ظل الملك يمسد على رأسه.....وهو ينظر لما يفعله ساب..... بينما شعر ساب وهو يمسد على جسده أن حرارته بدأت فى الإنخفاض.... لذلك هدأ جسده تدريجيا بمرور الوقت..... إلى أن سقط بنوما عميق....
ظلت نظرات ساب موجهه لوجه الذئب الذى غفى منذ قليل وهو يحدث نفسه بسخريه :كنت أظنها لعنه قد إنتهت منذ زمن مضى.... إلا أننى كنت مخطأ بهذا فها أنت تصاب بالمرض.... بعدما أصبحت مقربا منى...
أعتذر لما أصابك من ألم يا صديق....و أتمنى ألا يصيبك الأذى ما دمت حى ياصديقى...
قال الملك بصوت هادى حين تأكد من ذهاب صغيره بالنوم العميق: فالتنعم بالكثير من الراحه يا صغيرى ثم قام بتقبيل رأسه بحنان ووضعها أرضا
فتنهد ساب وهو يتحرك خلف الملك الذى يمشى بخطى متسعه..... كما تعجب من ملابسه فقد تخلى عن ملابسه الفاخره.... وإستبدلاها بأخرى أقل منها بكثير..... فهى ملابس للعامه....
ولكن لم يعلق بشئ فقط قام بملاحقته... حتى أصبح خلفه مباشر....وهم يتحركون للخروج من الإسطبل..... من خلال الباب الأمامى..... إلا أن الملك توقف أمام عربه.... وأمر ساب بالدخول إليها.... ودخل هو الأخر ولم يمر الكثير من الوقت..... وبدأت العربه بالتحرك....
أسند الملك رأسه للخلف مغمض العينين لعله يجد الراحه لبعض الوقت..... ولكن لاحظ ساب أن الحرس لم يقوموا بإيقاف العربه...عندما مروا من أمام البوابه لتفتيشها.... قبل خروجها كما يفعلون مع كل ما يخرج أو يدخل للقصر....فتسأل فى نفسه:هل يعلم الحرس بوجود الملك داخل العربه لهذا لم يقوموا بتفتيشها؟!.
هذا هو ما توصل له عقله ولم يجد إجابه غير هذا...
ولكن إذا كان الحرس على علم برحيله.....لابد أن السيد ديفيد يعلم بذهابه هو الأخر....إذا لماذا جعلنى أقوم بالكذب لأجله....
إلى هنا وتوقف عقله عن الإسترسال بالحديث....حتى لايقوم بقتل هذا الوقح وهى نائم الأن بسلام....فقرر ساب أن يحاول النوم هو الأخر.... حتى لا يحدث مشده كلاميه بينهم كما يحدث بكل لقاء بينهم....
مرت بضع ساعات لم يتحدث فيها أى منهم....ولكن تعرج الطريق ضايق الملك... مما جعله يفتح عيناه ينظر للطريق الذى يمرون عليه......فرأى أنه قد إقترب من حدود مملكته...و لم يعد يتبق سوى ساعه واحد للوصول إلى نصف المسافه التى سيقطعونها ذهابا....
لمكانهم المنشود....
فنظر للصبى ليرى ما الذى يفعله.... وجده قد ذهب بنوما عميق..... فإبتسم حين رأه متكورا على نفسه.... فقرر عدم إزعاجه إلى أن يصلوا لوجهتهم... فهو يحتاج إليه بكامل قوته....ظل يراقب تنفس الصبى ويدقق بملامح وجهه لأول مره بتمهل... بدون أن يقوم أحد بمقاطعته أو رؤيته وهو يفعل ذلك...ولكنه
تسأل: لماذا يقوم الصبى دائما بترك شعره منسدل على وجهه؟!...إبتسم بخفه حين تذكر محاولته الفاشله.... فى صباه لتغيير لون شعره... الذى كان يلفت جميع الأنظار إليه....
ظل هكذا ينظر للصبى بهدوء.... إلا أن نظر للأعلى وهو يمسد لحيته الخفيفه..... ولكنه توقف حين لاحظ شئ غريب وهو يعاود النظر لوجه الفتى
مره أخرى....وتسأل لماذا لا يملك هذا الصبى لحيه مثله.... أو حتى بعض الشعيرات القصيره......ألم يخبره مسبقا أنه تخطى العشرين عاما...إذا لابدا أن يكون قد بلغ منذ أعوام....بدون شعورا منه قام بمد يده ليلمس وجهه الصبى...
ولكن قبل وصوله لوجهه إهتزت العربه بقوه.... نتيجه لوجود ثغره بالطريق...
مما أدى إلى إختلال توازن الملك... الذى إرتد جسده للأمام بقوه...وكاد يسقط على ساب النائم...إلا أنه وضع يده على حافه العربه.... حتى يعود لإتزانه مره أخرى.... كما أن هذه الهزه قد أقلقت نوم ساب فقط ولكن لم توقظه.....
إلا أن للطريق رأى أخر.... وقبل أن يعود الملك لمكانه مره أخرى..... إصطدمت العربه مره أخرى بثغره أكبره من التى قبلها.....مما أدى إلى تشبسه بقوه حتى لا يسقط على الفتى.... الذى إستيقاظ الأن بفزع من نومه..... كان ساب لا يعلم متى سقط بالنوم.... ولكن ما جعل تنفسه يقف أن وجهه الملك..... كان يبعد عن وجهه بضع السنتيمرات فقط... مما جعلهم متقاربين بشده..... فرمش ساب بعينه.. وهو لا يعلم ماذا يحدث
وكيف أصبح الملك أمامه بهذا القرب....
إلا أن الملك إبتعد عنه بقوه وهو لا ينظر له...
وملامحه تدل على ضيقه الشديد..... فالفزع الذى رسم على وجهه ساب شتتده وسبب له الضيف .... كما جعله يشعر بالحرج الذى لم يشعر به مسبقا.... بسبب هذا التقارب الذى لم يقصده...
ولكن أنقذه من هذا الموقف توقف العربه فجاء.... فإستغل إستيفان هذا.... ونزل من العربه.... كل هذا وساب ينظر له بتعجب ودهشه..... وكذلك الكثير والكثير من الأسأله..... أهمها ما الذى كان يفعله الملك بهذا القرب الخطير منه؟!...
فهو لم يسمح لأحد بالأقتراب منه إلى هذا الحد الخطير...... حتى لا يلاحظ الإختلافات التى بينه وبين الرجال..... ومن أجل ذلك يقوم بتغطيه جزء كبير من وجهه بشعره المندسل عليه....
أخرجه من تفكير بعض الطرقات الحاده على العربه القابع داخلها.... فأدرك أن عليه النزول فأخذ أنفاسه ونزل.... وهو يغلق عيناه ويفتحها حتى تعتاد على الضوء..... ولكن فتحت عيناه على مصرعيه حين لاحظ الغابه العملاقه التى أمامه.... وأشجارها الشاهقه....
أجل مملكتهم تمتلك غابات.... ولكن بتلك العظمه فلا... كما لا يستطيع معرفه بدايتها من نهايتها.... كان ساب مبهورا بها.... فقد كانت الغابه حبه وملجئه فى الصغر.....
كان إستيفان يتابع نظرات الصبى المبهوره للغابه... ولكنه سأم الإنتظار.... فقال بحده: إذا إنتهيت من المشاهده فإتبعنى.....
وتركه راحلا داخل الغابه..... فتنبه ساب وهو يرى الملك قد تخطاه ودخل للغابه.... فأسرع هو الأخر ليلحق به.... تاركين العربه وسائقها يعودون أدراجهم من حيث أتوا....
ولا يعلم كلاهما ما ينتظرهم داخل هذه الغابه.....
#يتبع